٢٢٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال
٩ / ١ ٢٢١٨ ـ الأمالى للطوسى عن بكير بن عبد الله الطويل وعمّار بن أبى معاوية عن أبى عثمان البجلى مؤذّن بنى أفصي : سمعت عليّاً ¼ يقول يوم الجمل : ³ وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ² (١) ، ثمّ حلف ـ حين قرأها ـ أنّه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتي اليوم . قال بكير : فسألت عنها أبا جعفر ¼ ، فقال : صدق الشيخ ، هكذا قال علىّ ¼ ، وهكذا كان(٢) . ٢٢١٩ ـ الأمالى للمفيد عن أبى عثمان مؤذّن بنى أفصي : سمعت علىّ بن (١) التوبة : ١٢ . ٢٢٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / أوّل قتال علي تأويل القرآن
أبى طالب ¼ حين خرج طلحة والزبير لقتاله يقول : عذيرى من طلحة والزبير ; بايعانى طائعَين غير مكرهين ، ثمّ نكثا بيعتى من غير حدث ، ثمّ تلا هذه الآية : ³ وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ² (١) . ٢٢٢٠ ـ قرب الإسناد عن حنّان بن سدير : سمعت أبا عبد الله ¼ يقول : دخل علىَّ اُناس من أهل البصرة فسألونى عن طلحة والزبير ، فقلت لهم : كانا من أئمّة الكفر ; إنّ عليّاً ¼ يوم البصرة لمّا صفّ الخيول ، قال لأصحابه : لا تعجلوا علي القوم حتي اُعذر فيما بينى وبين الله عزّ وجلّ وبينهم . فقام إليهم فقال : يا أهل البصرة ! هل تجدون علىَّ جوراً فى حكم ؟ قالوا : لا . قال : فحيفاً فى قسم ؟ قالوا : لا . قال : فرغبة فى دنيا أخذتُها لى ولأهل بيتى دونكم ، فنقمتم علىَّ فنكثتم بيعتى ؟ قالوا : لا . قال : فأقمتُ فيكم الحدود وعطّلتها عن غيركم ؟ قالوا : لا . قال : فما بالُ بيعتى تُنكث وبيعة غيرى لا تنكثُ ؟ ! إنّى ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف . ثمّ ثني إلي صاحبه فقال : إنّ الله تبارك وتعالي يقول فى كتابه : ³ وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ² . فقال أمير المؤمنين ¼ : والذى فلق الحبّة وبرأ النسمة واصطفي محمّداً بالنبوّة إنّهم لأصحاب هذه الآية ، وما قوتلوا منذ نزلت(٢) . (١) الأمالى للمفيد : ٧٣ / ٧ ، تفسير العيّاشى : ٢ / ٧٩ / ٢٨ عن أبى عثمان مولي بنى قصىّ وراجع ص ٧٨ / ٢٥ . ٢٢٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / دعاء الإمام قبل القتال
٩ / ٢ ٢٢٢١ ـ الإمام الصادق ¼ : لمّا توافق الناس يوم الجمل ، خرج علىّ صلوات الله عليه حتي وقف بين الصفّين ، ثمّ رفع يده نحو السماء ، ثمّ قال : يا خير من أفضت إليه القلوب ، ودُعى بالألسن ، يا حسن البلايا ، يا جزيل العطاء ، احكم بيننا وبين قومنا بالحقّ ، وأنت خير الحاكمين(١) . ٢٢٢٢ ـ الجمل : لمّا رأي أمير المؤمنين ¼ ما قدم عليه القوم من العناد واستحلّوه من سفك الدم الحرام ، رفع يديه إلي السماء وقال : اللهمّ اليك شخصت الأبصار ، وبسطت الأيدى ، وأفضت القلوب ، وتقرّبت إليك بالأعمال ، ³ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ² (٢) (٣) . ٢٢٢٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى دعائه يوم الجمل ـ : اللهمّ إنّى أحمدك ـ وأنت للحمد أهل ـ علي حسن صنعك إلىّ ، وتعطّفك علىّ ، وعلي ما وصلتنى به من نورك ، وتداركتنى به من رحمتك ، وأسبغت علىّ من نعمتك ، فقد اصطنعتَ عندى ـ يا مولاى ـ ما يحقّ لك به جهدى وشكرى ; لحسن عفوك ، وبلائك القديم عندى ، وتظاهر نعمائك علىّ ، وتتابع أياديك لدىّ ، لم أبلغ إحراز حظّى ، ولا صلاح نفسى ، ولكنّك يا مولاى بدأتنى أوّلاً بإحسانك فهديتنى لدينك ، وعرّفتنى نفسك ، وثبّتّنى فى اُمورى كلّها بالكفاية والصنع لى ، فصرفت عنّى جهد البلاء ، ومنعت منّى محذور الأشياء ، فلستُ أذكر منك إلاّ جميلا ، ولم أرَ منك إلاّ (١) شرح الأخبار : ١ / ٣٨٧ / ٣٢٨ . ٢٢٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / دعاء الإمام قبل القتال
تفضيلا . يا إلهى كم من بلاء وجهد صرفتَه عنى ، وأريتنيه فى غيرى ، فكم من نعمة أقررت بها عينى ، وكم من صنيعة شريفة لك عندى . إلهى أنت الذى تجيب عند الاضطرار دعوتى ، وأنت الذى تنفّس عند الغموم كُربتى ، وأنت الذى تأخذ لى من الأعداء بظُلامتى ، فما وجدتك ولا أجدك بعيداً منى حين اُريدك ، ولا مُنقبضاً عنى حين أسألك ، ولا معرضاً عنّى حين أدعوك ، فأنت إلهى ، أجد صنيعك عندى محموداً ، وحسن بلائك عندى موجوداً ، وجميع أفعالك عندى جميلا ، يحمدك لسانى وعقلى وجوارحى وجميع ما أقَلّت الأرض منّى . يا مولاى أسألك بنورك الذى اشتققتَه من عظمتك ، وعظمتك التى اشتققتها من مشيّتك ، وأسألك باسمك الذى علا أن تَمّن علىّ بواجب شكرى نعمتك . ربّ ما أحرصنى علي ما زهّدتنى فيه وحثثتنى عليه ! إن لم تُعنّى علي دنياى بزهد ، وعلي آخرتى بتقواى ، هلكتُ . ربّى ، دعتنى دواعى الدنيا ; من حرث النساء والبنين ، فأجبتُها سريعاً ، وركنتُ إليها طائعاً . ودعتنى دواعى الآخرة من الزهد والاجتهاد فكَبَوت لها ، ولم اُسارع إليها مسارعتى إلي الحطام الهامد ، والهشيم البائد ، والسراب الذاهب عن قليل . ربّ خوّفتَنى وشوّقتَنى واحتجبتَ(١) علىّ فما خفتُك حقّ خوفك ، وأخاف أن أكون قد تثبّطتُ عن السعى لك ، وتهاونت بشىء من احتجابك . اللهمّ فاجعل فى (١) كذا ، وفى بحار الأنوار نقلاً عن المصدر : "احتججتَ" وهو أنسب . ٢٢٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / تحريض الإمام أصحابه علي القتال
هذه الدنيا سعيى لك وفى طاعتك ، واملأ قلبى خوفك ، وحوّل تثبيطى وتهاونى وتفريطى وكلّ ما أخافه من نفسى فَرَقاً(١) منك ، وصبراً علي طاعتك ، وعملاً به ، يا ذا الجلال والاكرام . واجعل جُنّتى من الخطايا حصينة ، وحسناتى مضاعفة ; فإنّك تضاعف لمن تشاء . اللهمّ اجعل درجاتى فى الجنان رفيعة ، وأعوذ بك ربّى من رفيع المطعم والمشرب ، وأعوذ بك من شرّ ما أعلم ومن شرّ ما لا أعلم ، وأعوذ بك من الفواحش كلّها ; ما ظهر منها وما بطن ، وأعوذ بك ربّى أن أشترى الجهلَ بالعلم كما اشتري غيرى ، أو السَّفهَ بالحلم ، أو الجزعَ بالصبر ، أو الضلالةَ بالهدي ، أو الكفرَ بالإيمان . يا ربّ مُنَّ علىّ بذلك ; فإنّك تتولّي الصالحين ، ولا تُضيع أجر المحسنين ، والحمد لله ربّ العالمين(٢) . ٩ / ٣ تحريض الإمام أصحابه علي القتال ٢٢٢٤ ـ الجمل : إنّ أمير المؤمنين ¼ أنظرهم [أصحاب الجمل] ثلاثة أيّام ; ليكفّوا ويرعَوا ، فلمّا علم إصرارهم علي الخلاف قام فى أصحابه فقال : عباد الله ! انهدّوا إلي هؤلاء القوم منشرحةً صدورُكم ، فإنّهم نكثوا بيعتى ، وقتلوا شيعتى ، ونكّلوا بعاملى ، وأخرجوه من البصرة بعد أن آلموه بالضرب المبرّح ، والعقوبة الشديدة ، وهو شيخ من وجوه الأنصار والفضلاء ، ولم يرعَوا له (١) الفَرَق : الخوف والفزع (النهاية : ٣ / ٤٣٨) . ٢٢٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / تحريض الإمام أصحابه علي القتال
حرمة ، وقتلوا السبابجة رجالاً صالحين ، وقتلوا حكيم بن جبلة ظلماً وعدواناً ; لغضبه لله ، ثمّ تتبّعوا شيعتى بعد أن هربوا منهم وأخذوهم فى كلّ غائطة(١) ، وتحت كلّ رابية ، يضربون أعناقهم صبراً ، ما لهم ³ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ² (٢) ! ! فانهدّوا إليهم عبادَ الله ، وكونوا اُسوداً عليهم ; فإنّهم شِرار ، ومساعدوهم علي الباطل شِرار ، فالقوهم صابرين محتسبين موطّنين أنفسكم ، إنّكم مُنازِلون ومقاتلون ، قد وطّنتم أنفسكم علي الضرب والطعن ومنازلة الأقران . فأىّ امرئ أحسّ من نفسه رباطة جأش عند الفزع وشجاعة عند اللقاء ورأي من أخيه فشلاً ووهناً ، فليذبّ عنه كما يذبّ عن نفسه ; فلو شاء الله لَجعلَه مثله(٣) . ٢٢٢٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من خطبته يوم الجمل ـ : أيّها الناس ! إنّى أتيت هؤلاء القوم ، ودعوتُهم ، واحتججتُ عليهم ، فدعَونى إلي أن أصبر للجِلاد ، وأبرز للطِّعان ، فلاُِمّهم الهَبَل ! وقد كنتُ وما اُهدّد بالحرب ، ولا اُرهّب بالضرب ، أنصف القارَةَ من راماها(٤) ، فلغيرى فليُبرقوا وليُرعدوا ; فأنا أبو الحسن الذى فَلَلتُ(٥) حدّهم ، وفرّقت جماعتهم ، وبذلك القلب ألقي عدوّى ، وأنا علي ما وعدنى ربّى من النصر والتأييد والظفر ، وإنّى لعلي يقين من ربّى ، وغير شبهة من أمرى . أيّها الناس ! إنّ الموت لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب ، ليس عن الموت محيص ، ومن لم يَمُت يُقتل ، وإنّ أفضل الموت القتل . والذى نفسى بيده ، لاَلف (١) الغائط : المتّسع من الأرض مع طمأنينة (لسان العرب : ٧ / ٣٦٤) . ٢٢٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / السكينة العلويّة فى الحرب
ضربة بالسيف أهون علىَّ من ميتة علي فراش . واعجباً لطلحة ! ألّبَ(١) الناس علي ابن عفّان ، حتي إذا قُتل أعطانى صفقته بيمينه طائعاً ، ثمّ نكث بيعتى ، اللهمّ خُذه ولا تمهله . وإنّ الزبير نكث بيعتى ، وقطع رحمى ، وظاهَر علىَّ عدوّى ، فاكفِنيه اليوم بما شئت(٢) . ٩ / ٤ ٢٢٢٦ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : لمّا نزلنا البصرة ـ وعسكرنا بها ـ وصففنا صفوفنا ، دفع أبى علىّ ¼ إلىّ اللواءَ ، وقال : لا تحدثنّ شيئاً حتي يحدث فيكم . ثمّ نام ، فنالنا نبل القوم ، فأفزعتُه ، ففزع وهو يمسح عينيه من النوم ، وأصحاب الجمل يصيحون : يا ثارات عثمان ! فبرز ¼ وليس عليه إلاّ قميص واحد ، ثمّ قال : تقدّم باللواء ! فتقدّمتُ وقلتُ : يا أبتِ أ فى مثل هذا اليوم بقميص واحد ؟ ! فقال ¼ : أحرز أمراً أجلُه(٣) ، والله قاتلت مع النبىّ ½ وأنا حاسر(٤) أكثر ممّا قاتلت وأنا دارع (٥) . ٢٢٢٧ ـ مروج الذهب : قد كان أصحاب الجمل حملوا علي ميمنة علىّ وميسرته ، (١) من التأليب : التحريض (لسان العرب : ١ / ٢١٦) . ٢٣٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / السكينة العلويّة فى الحرب
فكشفوها ، فأتاه بعض ولد عقيل وعلىّ يخفق نعاساً علي قربوس سرجه ، فقال له : يا عمّ ، قد بلغت ميمنتك وميسرتك حيث تري ، وأنت تخفق نعاساً ؟ ! قال : اسكت يابن أخى ، فإنّ لعمّك يوماً لا يَعدُوه ، والله ما يبالى عمّك وقع علي الموت أو وقع الموت عليه !(١) ٢٢٢٨ ـ دعائم الإسلام : روينا عن علىّ ¼ أنّه أعطي الراية يوم الجمل لمحمّد ابن الحنفيّة ، فقدّمه بين يديه ، وجعل الحسن فى الميمنة ، وجعل الحسين فى الميسرة ، ووقف خلف الراية علي بغلة رسول الله ½ . قال ابن الحنفيّة : فدنا منّا القوم ، ورشقونا بالنبل وقتلوا رجلاً ، فالتفتُّ إلي أمير المؤمنين فرأيته نائماً قد استثقل نوماً ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، علي مثل هذه الحال تنام ! قد نضحونا بالنبل وقتلوا منّا رجلاً وقد هلك الناس ! ! فقال : لا أراك إلاّ تحنّ حنين العذراء ، الراية راية رسول الله ½ ، فأخذها وهزّها ، وكانت الريح فى وجوهنا ، فانقلبت عليهم ، فحسر عن ذراعيه وشدّ عليهم ، فضرب بسيفه حتي صُبغ كُمّ قبائه وانحني سيفه(٢) . ٢٢٢٩ ـ الإمامة والسياسة ـ فى ذكر علىّ ¼ يوم الجمل ـ : فشقّ علىّ فى عسكر القوم يطعن ويقتل ، ثمّ خرج وهو يقول : الماء ، الماء . فأتاه رجل بإداوة(٣) فيها عسل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، أمّا الماء فإنّه لا يصلح لك فى هذا المقام ، ولكن اُذوّقك هذا العسل . فقال : هاتِ ، فحسا منه حسوة ، ثمّ قال : إنّ عسلك لطائفى ! قال الرجل : لعجباً منك ـ والله يا أمير المؤمنين ـ لمعرفتك الطائفى من غيره فى (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٥ . ٢٣١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / لبس الدرع البتراء
هذا اليوم ، وقد بلغت القلوب الحناجر ! ! فقال له علىّ : إنّه والله يابن أخى ما ملأ صدر عمّك شىء قطّ ، ولا هابه شىء(١) . ٩ / ٥ ٢٢٣٠ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : دعا [علىٌّ ¼ ] بدرعه البَتْراء ولم يلبسها بعد النبىّ ½ إلاّ يومئذ ، فكان بين كتفيه منها وَهن . فجاء أمير المؤمنين ¼ وفى يده شِسع نعل ، فقال له ابن عبّاس : ما تريد بهذا الشِّسع يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أربط بها ما قد تهى(٢) من هذا الدرع من خلفى . فقال ابن عبّاس : أ فى مثل هذا اليوم تلبس مثل هذا ! فقال ¼ : ولِمَ ؟ قال : أخاف عليك . فقال : لا تخَف أن أوتي من ورائى ، والله يابن عبّاس ما ولّيت فى زحف قطّ(٣) . ٩ / ٦ ٢٢٣١ ـ الجمل عن محمّد بن عبد الله عن عمرو بن دينار : قال أمير المؤمنين ¼ لابنه محمّد : خذ الراية وامضِ ـ وعلىّ ¼ خلفه ـ فناداه يا أبا القاسم ! فقال : (١) الإمامة والسياسة : ١ / ٩٦ ، جواهر المطالب : ٢ / ٣٤ نحوه . إرجاعات
١٤٩ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل التاسع : اشتداد القتال / طمأنينة الإمام في ساحة القتال
٤٢٨ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الخامس : الخصائص الحربيّة / كانت درعه بلا ظهر
٢٣٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / صاحب راية الحرب
لبّيك يا أبة . فقال : يا بنىّ لا يستفزّك ما تري ; قد حملتُ الراية وأنا أصغر منك فما استفزّنى عدوّى ، وذلك أنّنى لم ألقَ أحداً إلاّ حدّثتنى نفسى بقتله ، فحدِّث نفسك ـ بعون الله ـ بظهورك عليهم ، ولا يخذلك ضعف النفس باليقين ; فإنّ ذلك أشدّ الخذلان . قال فقلت : يا أبةِ أرجو أن أكون كما تحبّ إن شاء الله . قال : فالزم رايتك ، فإذا اختلطت الصفوف قف فى مكانك وبين أصحابك ، فإن لم ترَ أصحابك فسيرونك . قال : والله إنّى لفى وسط أصحابى فصاروا كلّهم خلفى وما بينى وبين القوم أحد يردّهم عنّى ، وأنا اُريد أن أتقدّم فى وجوه القوم ، فما شعرت إلاّ بأبى من خلفى قد جرّد سيفه وهو يقول : لا تقدّم حتي أكون أمامك . فتقدّم ¼ بين يدىّ يهرول ومعه طائفة من أصحابه ، فضربوا الذين فى وجهى حتي أنهضوهم ولحقتهم بالراية ، فوقفوا وقفةً ، واختلط الناسُ ، وركدت السيوف ساعة ، فنظرتُ إلي أبى يفرّج الناس يميناً وشمالا ويسوقهم أمامه ، فأردتُ أن أجول فكرهت خلافه(١) . ٢٢٣٢ ـ مروج الذهب : جاء ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت إلي علىّ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لا تنكس اليوم رأس محمّد ، واردد إليه الراية ! فدعا به ، وردّ عليه الراية ، وقال :
بالمَشرَفىِّ والقَنا المُسردِ(٢) (١) الجمل : ٣٦٨ . ٢٣٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / اشتداد القتال
٩ / ٧ ٢٢٣٣ ـ تاريخ الطبرى عن القعقاع : ما رأيت شيئاً أشبه بشىء من قتال القلب يوم الجمل بقتال صفّين ، لقد رأيتنا ندافعهم بأسنّتنا ونتّكئ علي أزجّتنا(١) ، وهم مثل ذلك ، حتي لو أنّ الرجال مشت عليها لاستقلّت بهم(٢) . ٢٢٣٤ ـ البداية والنهاية : قال [علىّ ¼ ] لابنه محمّد ابن الحنفيّة : ويحك ! تقدّم بالراية . فلم يستطِع ، فأخذها علىّ من يده ، فتقدّم بها ، وجعلت الحربُ تأخذ وتعطى ; فتارة لأهل البصرة ، وتارة لأهل الكوفة ، وقُتل خلق كثير وجمّ غفير ولم تُرَ وقعة أكثر من قطع الأيدى والأرجل فيها من هذه الوقعة(٣) . ٢٢٣٥ ـ الإمامة والسياسة : اقتتل القوم قتالاً شديداً ، فهزمت يمن البصرة يمن علىّ ، وهزمت ربيعة البصرة ربيعة علىّ . . . ثمّ تقدّم علىّ فنظر إلي أصحابه يُهزمون ويُقتلون ، فلمّا نظر إلي ذلك صاح بابنه محمّد ـ ومعه الراية ـ : أن اقتحم ! فأبطأ وثبت ، فأتي علىّ من خلفه فضربه بين كتفيه ، وأخذ الراية من يده ، ثمّ حمل فدخل عسكرهم ، وإنّ الميمنتين والميسرتين تضطربان ، فى إحداهما عمّار ، وفى الاُخري عبد الله بن عبّاس ، ومحمّد بن أبى بكر . قال : فشقّ علىّ فى عسكر القوم يطعن ويقتل ، ثمّ خرج . . . ثمّ أعطي الراية لابنه وقال : هكذا فاصنع . فتقدم محمّد بالراية ومعه الأنصار ، حتي انتهي إلي (١) الزُّجّ : الحديدة التى تُركّب فى أسفل الرمح ، والسنان يُركّب عاليتَه والجمع أزجاج وأزِجّة (لسان العرب : ٢ / ٢٨٥) . ٢٣٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه
الجمل والهودج وهزم ما يليه ، فاقتتل الناس ذلك اليوم قتالاً شديداً ، حتي كانت الواقعة والضرب علي الركب(١) . ٢٢٣٦ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : التقينا وقد عجّل أصحاب الجمل وزحفوا علينا ، فصاح أبى ¼ : امضِ . فمضيت بين يديه أقطو(٢) بالراية قَطواً . وتقدّم سرعان أصحابنا ، فلاذ أصحاب الجمل ، ونشب القتال ، واختلفت السيوف ، وأبى بين كتفىَّ يقول : يا بنىَّ تقدّم ! ولستُ أجد متقدَّماً ، وهو يقول : تقدّم . فقلت : ما أجد متقدَّماً إلاّ علي الأسِنّة ! ! فغضب أبى ¼ وقال : أقول لك : تقدّم ، فتقول : علي الأسنّة ! ! ثِق يا بنىَّ ، وتقدّم بين يدىّ علي الأسنّة ! ! وتناول الراية منّى ، وتقدّم يهرول بها ، فأخذتنى حِدّة ، فلحقتُه وقلت : أعطِنى الراية . فقال لى : خذها . وقد عرفت ما وصف لى(٣) . ٩ / ٨ ٢٢٣٧ ـ الفتوح : قاتل محمّد ابن الحنفيّة ساعة بالراية ثمّ رجع ، وضرب علىّ ¢ بيده إلي سيفه فاستلّه ، ثمّ حمل علي القوم ، فضرب فيهم يميناً وشمالا ، ثمّ رجع وقد انحني سيفه فجعل يسوّيه بركبته ، فقال له أصحابه : نحن نكفيك ذلك يا (١) الإمامة والسياسة : ١ / ٩٦ . ٢٣٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه
أمير المؤمنين ! فلم يُجِب أحداً حتي سوّاه ، ثمّ حمل ثانية حتي اختلط بهم ، فجعل يضرب فيهم قدماً قدماً حتي انحني سيفه ، ثمّ رجع إلي أصحابه ، ووقف يسوّى السيف بركبته وهو يقول : والله ما اُريد بذلك إلاّ وجه الله والدار الآخرة ! ثمّ التفت إلي ابنه محمّد ابن الحنفيّة وقال : هكذا اصنع يا بنى(١) . ٢٢٣٨ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : زحف علىّ ¼ نحو الجمل بنفسه فى كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار ، وحوله بنوه حسن وحسين ومحمّد ¥ ، ودفع الراية إلي محمّد ، وقال : أقدم بها حتي تركزها فى عين الجمل ، ولا تقفنّ دونه . فتقدّم محمّد ، فرشقته السهام ، فقال لأصحابه : رويداً ، حتي تنفد سهامهم ، فلم يبقَ لهم إلاّ رشقة أو رشقتان . فأنفذ علىّ ¼ (٢) إليه يستحثّه ، ويأمره بالمناجزة ، فلمّا أبطأ عليه جاء بنفسه من خلفه ، فوضع يده اليسري علي منكبه الأيمن وقال له : أقدِم ، لا اُمّ لك ! فكان محمّد إذا ذكر ذلك بعدُ يبكى ، ويقول : لَكأنّى أجد ريح نفسه فى قفاى ، والله لا أنسي أبداً . ثمّ أدركت عليّاً ¼ رقّة علي ولده ، فتناول الراية منه بيده اليسري وذو الفقار مشهور فى يمني يديه ، ثمّ حمل فغاص فى عسكر الجمل ، ثمّ رجع وقد انحني سيفه ، فأقامه بركبته . فقال له أصحابه وبنوه والأشتر وعمّار : نحن نكفيك يا (١) الفتوح : ٢ / ٤٧٤ ، المناقب للخوارزمى : ١٨٧ نحوه وراجع شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥٧ . ٢٣٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه
أمير المؤمنين ! فلم يجِب أحداً منهم ، ولا ردّ إليهم بصره ، وظلّ يَنحِطُ(١) ويزأر زئير الأسد ، حتي فَرِقَ مَن حوله ، وتبادروه ، وإنّه لطامح ببصره نحو عسكر البصرة ، لا يبصر من حوله ، ولا يردّ حواراً . ثمّ دفع الراية إلي ابنه محمّد ، ثمّ حمل حملة ثانية وحده ، فدخل وسطهم فضربهم بالسيف قُدُماً قُدُماً ، والرجال تفرّ من بين يديه ، وتنحاز عنه يمنة ويسرة ، حتي خضب الأرض بدماء القتلي ، ثمّ رجع وقد انحني سيفه ، فأقامه بركبته ، فاعصوصب(٢) به أصحابه ، وناشدوه الله فى نفسه وفى الإسلام ، وقالوا : إنّك إن تُصَب يذهب الدين ! فأمسك ونحن نكفيك . فقال : والله ، ما اُريد بما ترون إلاّ وجه الله والدار الآخرة . ثمّ قال لمحمّد ابنه : هكذا تصنع يابن الحنفيّة . فقال الناس : مَن الذى يستطيع ما تستطيعه يا أمير المؤمنين ! !(٣) ٢٢٣٩ ـ المصنّف عن الأعمش عن رجل قد سمّاه : كنت أري عليّاً يحمل فيضرب بسيفه حتي ينثنى ، ثمّ يرجع فيقول : لا تلومونى ولوموا هذا . ثمّ يعود فيقوِّمه(٤) . ٢٢٤٠ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : خرج عبد الله بن خلف الخزاعى ـ وهو رئيس البصرة ، وأكثر أهلها مالاً وضياعاً ـ فطلب البراز ، وسأل ألاّ يخرج إليه إلاّ علىّ ¼ ، وارتجز فقال :
(١) النحْط : شبه الزَّفير (لسان العرب : ٧ / ٤١٢) . ٢٣٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه
وإنّ فى صَدرى عليك غِمرا فخرج إليه علىّ ¼ ، فلم يُمهله أن ضربه ففلق هامته(١) . ٢٢٤١ ـ الفتوح : انفرق علىّ يريد أصحابه ، فصاح به صائح من ورائه ، فالتفتَ وإذا بعبد الله بن خلف الخزاعى وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة ، فلمّا رآه علىّ عرفه ، فناداه : ما تشاء يابن خلف ؟ قال : هل لك فى المبارزة ؟ قال علىّ : ما أكره ذلك ، ولكن ويحك يابن خلف ما راحتك فى القتل وقد علمتَ من أنا ! ! فقال عبد الله بن خلف : دعنى من مدحك يابن أبى طالب ، وادنُ منّى لتري أيّنا يقتل صاحبه ! ثمّ أنشد شعراً ، فأجابه علىّ عليه ، والتقوا للضرب ، فبادره عبد الله بن خلف بضربة دفعها علىّ بحَجَفَته(٢) ، ثمّ انحرف عنه علىّ فضربه ضربة رمي بيمينه ، ثمّ ضربه اُخري فأطار قحف رأسه(٣) . ٢٢٤٢ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : تناول عبد الله بن أبزي خطام الجمل ، وكان كلّ من أراد الجدّ فى الحرب وقاتل قتالَ مستميت يتقدّم إلي الجمل فيأخذ بخطامه ، ثمّ شدّ علي عسكر علىّ ¼ وقال : (١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٦١ . ٢٣٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة عمّار
فشدّ عليه علىّ أمير المؤمنين ¼ بالرمح ، فطعنه ، فقتله وقال : قد رأيتَ أبا حسن ، فكيف رأيتَه ! وترك الرمح فيه(١) . ٩ / ٩ ٢٢٤٣ ـ الفتوح : خرج محمّد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر حتي وقفا قدّام الجمل . قال : وتبعهما الأشتر ووقف معهما . قال : فقال رجل من أصحاب الجمل : من أنتم أيها الرهط ؟ قالوا : نحن ممّن لا تُنكرونه ! وأعلنوا بأسمائهم ، ودعوا بأسمائهم ، ودعوا إلي البراز ، فخرج عثمان الضبّى وهو ينشد شعراً ، فخرج إليه عمّار بن ياسر فأجابه علي شعره ، ثمّ حمل عليه عمّار فقتله(٢) . ٢٢٤٤ ـ الفتوح : خرج عمرو بن يثربى ـ من أصحاب الجمل ـ حتي وقف بين الصفّين قريباً من الجمل ، ثمّ دعا إلي البراز وسأل النزال ، فخرج إليه علباء بن الهيثم من أصحاب علىّ ¢ ، فشدّ عليه عمرو فقتله . ثمّ طلب المبارزة ، فلم يخرج إليه أحد ، فجعل يجول فى ميدان الحرب وهو يرتجز ويقول شعراً ، ثمّ جال وطلب البراز ، فتحاماه الناس واتّقوا بأسه ، قال : فبَدَر إليه عمّار بن ياسر وهو يُجاوبه علي شعره ، والتقوا بضربتين ، فبادره عمّار بضربة فأرداه عن فرسه ، ثمّ نزل إليه عمّار سريعاً فأخذ برجله وجعل يجره حتي ألقاه بين يدى علىّ ¢ . (١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥٦ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٤٨ وتاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٩ . ٢٣٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة عمّار
فقال علىّ : اضرب عنقه . فقال عمرو : يا أمير المؤمنين ، استبقِنى حتي أقتل لك منهم كما قتلتُ منكم . فقال علىّ : يا عدوّ الله ! أ بَعدَ ثلاثة من خيار أصحابى أستبقيك(١) ! ! لا كان ذلك أبداً . قال : فأدننى حتي اُكلّمك فى اُذنك بشىء . فقال علىّ : أنت رجل متمرّد ، وقد أخبرنى رسول الله ½ بكلّ متمرد علىّ ، وأنت أحدُهم . فقال عمرو بن يثربى : أما والله لو وصلتُ إليك لقطعتُ اُذنك ـ أو قال : أنفك ـ قال : فقدّمه علىّ فضرب عنقه(٢) . ٢٢٤٥ ـ تاريخ الطبرى عن داود بن أبى هند عن شيخ من بنى ضبّة : ارتجز يومئذ ابن يثربىّ :
وابن لصوحانُ علي دين علىّ وقال : من يبارز ؟ فبرز له رجل ، فقتله ، ثمّ برز له آخر فقتله . وارتجز وقال :
فبرز له عمّار بن ياسر ، وإنّه لأضعف من بارزه ، وإنّ الناس ليسترجعون حين قام عمّار ، وأنا أقول لعمّار ـ مِن ضعفه ـ : هذا والله لاحقٌ بأصحابه ! وكان قضيفاً(٣) ، حمش(٤) الساقين ، وعليه سيفٌ حمائلُه تشفّ عنه قريب من إبطه ، فضربه(٥) ابن يثربى بسيفه ، فنَشَب فى حَجَفَته ، وضربه عمّار وأوهطه(٦) ، ورمي (١) فى المصدر : "استبقيتك" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى شرح نهج البلاغة . ٢٤٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الأشتر وابن الزبير
أصحاب علىّ ابنَ يثربى بالحجارة حتي أثخنوه وارتثّوه(١) (٢) . ٩ / ١٠ ٢٢٤٦ ـ الجمل : لاذ بالجمل عبد الله بن الزبير وتناول خطامه بيده ، فقالت عائشة : من هذا الذى أخذ بخطام جملى ؟ قال : أنا عبد الله ابن اُختك . فقالت : وا ثكلَ أسماء ! ثمّ برز الأشتر إليه ، فخلّي الخطام من يده وأقبل نحوه ، فقام مقامه فى الخطام عبد أسود ، واصطرع عبد الله والأشتر ، فسقطا إلي الأرض ، فجعل ابن الزبير يقول ـ وقد أخذ الأشتر بعنقه ـ : اقتلونى ومالكاً ، واقتلوا مالكاً معى ! قال الأشتر : فما سرّنى إلاّ قوله "مالك" ; لو قال "الأشتر" لقتلونى . وو الله لقد عجبت من حمق عبد الله ; إذ ينادى بقتله وقتلى ، وما كان ينفعه الموت إن قتلتُ وقتل معى ، ولم تلِد امرأة من النخع غيرى ! ! فأفرجتُ عنه ، فانهزم وبه ضربة مثخنة فى جانب وجهه(٣) . (١) ارتُثّ فلان : إذا ضُرب فى الحرب فاُثخن وحُمل وبه رمق ثمّ مات (لسان العرب : ٢ / ١٥١) . ٢٤١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / قتل طلحة بيد مروان
٢٢٤٧ ـ المصنّف عن عبد الله بن عبيد بن عمير : إنّ الأشتر وابن الزبير التقيا ، فقال ابن الزبير : فما ضربته ضربة حتي ضربنى خمساً أو ستّاً ـ قال : ثمّ قال : ـ و ألقانى برجلى(١) . ثمّ قال : والله لولا قرابتك من رسول الله ½ ما تركت منك عضواً مع صاحبه !(٢) ٢٢٤٨ ـ تاريخ دمشق عن زهير بن قيس : دخلت مع ابن الزبير الحمّامَ ، فإذا فى رأسه ضربة لو صُبّ فيها قارورة من دهن لاستقرّت . قال : تدرى من ضربنى هذه ؟ ! قلتُ : لا . قال : ضربَنيها ابن عمّك الأشتر(٣) . ٩ / ١١ ٢٢٤٩ ـ الفتوح : جعل طلحة ينادى بأعلي صوته : عباد الله ! الصبر الصبر ! إنّ بعد الصبر النصر والأجر . فنظر إليه مروان بن الحكم ، فقال لغلام له : ويلك يا غلام ! والله إنّى لأعلم أنّه ما حرّض علي قتل عثمان يوم الدار أحد كتحريض طلحة ولا قتله سواه ! ولكن استرنى فأنت حرّ ; فستره الغلام . ورمي مروان بسهم مسموم لطلحة بن عبيد الله ، فأصابه به ، فسقط طلحة لما به وقد غُمى عليه . ثمّ أفاق ، فنظر إلي الدم يسيل منه فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، أظنّ والله أنّنا عُنينا بهذه الآية من كتاب الله عزّ وجلّ إذ يقول : ³ وَاتَّقُوا (١) كذا فى المصدر ، وفى العقد الفريد وجواهر المطالب : "ثمّ أخذ برجلى فألقانى فى الخندق" . ٢٤٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / استمرار الحرب بقيادة عائشة
فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَـلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ² (١) (٢) .٢٢٥٠ ـ الجمل عن ابن أبى عون : سمعت مروان بن الحكم يقول : لمّا كان يوم الجمل قلت : والله لاُدركنّ ثار عثمان ! فرميتُ طلحة بسهم فقطعت نساه ، وكان كلّما سُدّ الموضع غلب الدم وألمه ، فقال لغلامه : دَعه فهو سهم أرسله الله إلىّ . ثمّ قال له : ويلك ! اطلب لى موضعاً أحترز فيه ، فلم يجد له مكاناً ، فاحتمله عبيد الله بن معمّر فأدخله بيت أعرابيّة ، ثمّ ذهب فصبر هنيّة ورجع ، فوجده قد مات(٣) . ٩ / ١٢ ٢٢٥١ ـ تاريخ الطبرى عن محمّد وطلحة : كان القتال الأوّل يستحرّ إلي انتصاف النهار ، واُصيب فيه طلحة ، وذهب فيه الزبير ، فلمّا أووا إلي عائشة وأبي أهل الكوفة إلاّ القتال ولم يريدوا إلاّ عائشة ، ذَمَرتهم(٤) عائشة . فاقتتلوا حتي تنادوا فتحاجزوا ، فرجعوا بعد الظهر فاقتتلوا ، وذلك يوم الخميس فى جمادي الآخرة ، فاقتتلوا صدر النهار مع طلحة والزبير ، وفى وسطه (١) الأنفال : ٢٥ . ٢٤٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / قصّة رجل مصطلم الاُذن
مع عائشة(١) . ٢٢٥٢ ـ تاريخ الطبرى عن الشعبى : حملت ميمنة أمير المؤمنين علي ميسرة أهل البصرة فاقتتلوا ولاذ الناس بعائشة ، أكثرهم ضبّة والأزد . وكان قتالهم من ارتفاع النهار إلي قريب من العصر ، ويقال : إلي أن زالت الشمس ، ثمّ انهزموا(٢) . ٩ / ١٣ ٢٢٥٣ ـ مروج الذهب : ذكر المدائنى أنّه رأي بالبصرة رجلا مصطلم(٣) الاُذن ، فسأله عن قصّته ، فذكر أنّه خرج يوم الجمل ينظر إلي القتلي ، فنظر إلي رجل منهم يخفض رأسه ويرفعه وهو يقول :
فقلت : سبحان الله ! أ تقول هذا عند الموت ! قل : لا إله إلاّ الله ! ! فقال : يابن اللخناء ، إيّاى تأمر بالجزع عند الموت ! ! فولّيت عنه متعجّباً منه ، فصاح بى ادنُ منّى ولقّنّى الشهادة ، فصِرتُ إليه ، فلمّا قربت منه استدنانى ، ثمّ التقم اُذنى فذهب بها ، فجعلت ألعنه وأدعو عليه . فقال : إذا صرتَ إلي اُمّك فقالت : من فعل هذا بك ؟ فقل : عمير بن الأهلب الضبّى ، مخدوع المرأة التى أرادت أن تكون (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٤ وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٣٨ . إرجاعات
١٨٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / استبصار أبي بكرة لمّا رأى عائشة تأمر وتنهى
٢٤٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه
أمير المؤمنين(١) . ٩ / ١٤ ٢٢٥٤ ـ الأخبار الطوال : لمّا رأي علىّ لوث(٢) أهل البصرة بالجمل ، وأنّهم كلّما كشفوا عنه عادوا فلاثوا به ، قال لعمّار وسعيد بن قيس وقيس بن سعد بن عبادة والأشتر وابن بديل ومحمّد بن أبى بكر وأشباههم من حماة أصحابه : إنّ هؤلاء لا يزالون يقاتلون ما دام هذا الجمل نصب أعينهم ، ولو قد عُقر فسقط لم تثبت له ثابتة . فقصدوا بذوى الجدّ من أصحابه قصد الجمل حتي كشفوا أهل البصرة عنه ، وأفضي إليه رجل من مراد الكوفة يقال له : أعين بن ضبيعة ، فكشف عرقوبه(٣) بالسيف ، فسقط وله رغاء ، فغرق فى القتلي(٤) . ٢٢٥٥ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : ثمّ تقدّم [أبي] بين يدىّ وجرّد سيفه وجعل يضرب به ، ورأيته وقد ضرب رجلاً فأبان زنده ، ثمّ قال : الزم رايتك يا بنىّ ، فإنّ هذا استكفاء . فرمقتُ لصوت أبى ولحظته فإذا هو يورد السيف ويصدره ولا أري فيه دماً ; وإذا هو يسرع إصداره فيسبق الدم . وأحدقنا بالجمل ، وصار القتال حوله ، واضطربنا أشدّ اضطراب رآه راء حتي (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٩ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٢٣ ، أنساب الأشراف : ٣ / ٦٠ نحوه وكلاهما عن أبى رجاء وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٤ . ٢٤٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه
ظننت أنّه القتل . فصاح أبى ¼ : يابن أبى بكر اقطع البِطان ! فقطعه ، وألقي الهودج ; فكأنّ ـ والله ـ الحرب جمرة صبّ عليها الماء(١) . ٢٢٥٦ ـ مروج الذهب : بعث [علىّ ¼ ] إلي ولده محمّد ابن الحنفيّة ـ وكان صاحب رايته ـ : احمل علي القوم . فأبطأ محمّد بحملته ، وكان بإزائه قوم من الرماة ينتظر نفاد سهامهم ، فأتاه علىّ فقال : هلاّ حملتَ ! فقال : لا أجد متقدّماً إلاّ علي سهم أو سنان ، وإنّى منتظر نفاد سهامهم وأحمل . فقال له احمل بين الأسِنّة ; فإنّ للموت عليك جُنّة . فحمل محمّد ، فشكّ بين الرماح والنشاب ، فوقف ، فأتاه علىّ فضربه بقائم سيفه وقال : أدركك عِرقٌ من اُمّك ! وأخذ الراية وحمل ، وحمل الناس معه ، فما كان القوم إلاّ كرماد اشتدّت به الريح فى يوم عاصف(٢) . ٢٢٥٧ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : نظرت إلي أبى يفرج الناس يميناً وشمالاً ، ويسوقهم أمامه . . . حتي انتهي إلي الجمل وحوله أربعة آلاف مقاتل من بنى ضبّة والأزد وتميم وغيرهم ، فصاح : اقطعوا البِطان ! فأسرع محمّد بن أبى بكر فقطعه ، واطّلع علي الهودج ، فقالت عائشة : من أنت ؟ فقال : أبغض أهلك إليك . قالت : ابن الخثعميّة ؟ قال : نعم ، ولم تكن دون اُمّهاتك . (١) الجمل : ٣٦٠ وراجع ص ٣٧٤ و٣٧٥ ومروج الذهب : ٢ / ٣٧٥ . ٢٤٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه
قالت : لعمرى ، بل هى شريفة ، دَع عنك هذا ، الحمد لله الذى سلّمك . قال : قد كان ذلك ما تكرهين . قالت : يا أخى لو كرهته ما قلتُ ما قلت ! قال : كنتِ تحبّين الظفر وأنّى قتلت . قالت : قد كنت اُحبّ ذلك ، لكن لمّا صرنا إلي ما صرنا إليه أحببتُ سلامتك ; لقرابتى منك ، فاكفف ولا تعقّب الاُمور ، وخذ الظاهر ولا تكن لومة ولا عذلة ، فإنّ أباك لم يكن لومة ولا عذلة . وجاء علىّ ¼ فقرع الهودج برمحه ، وقال : يا شقيراء ، أ بهذا أوصاك رسول الله ½ ؟ ! قالت : يابن أبى طالب قد ملكتَ فأسجِح(١) . وجاءها عمّار فقال لها : يا اُمّاه ! كيف رأيت ضرب بنيك اليوم دون دينهم بالسيف ؟ فصمتت ولم تجِبه . وجاءها مالك الأشتر وقال لها : الحمد لله الذى نصر وليّه ، وكبت عدوّه ، ³ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِـلُ إِنَّ الْبَاطِـلَ كَانَ زَهُوقًا ² (٢) فكيف رأيتِ صنع الله بك يا عائشة ؟ فقالت : من أنت ثكلتك اُمّك ؟ فقال : أنا ابنكِ الأشتر . (١) أى قدَرْت فسهّل وأحسن العفو ، وهو مثل سائر (النهاية : ٢ / ٣٤٢) . ٢٤٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه
قالت : كذبت لستُ باُمّك . قال : بلي ، وإن كرهتِ . فقالت : أنت الذى أردت أن تثكل اُختى أسماء ابنها ؟ فقال : المعذرة إلي الله ثمّ إليكِ ، والله إنّى لولا كنت طاوياً ثلاثةً لأرحتك منه ، وأنشأ يقول ، بعد الصلاة علي الرسول :
فبكت وقالت : فخرتُم وغلبتُم ، ³ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا ² (١) . ونادي أمير المؤمنين ¼ محمّداً فقال : سَلها : هل وصل إليها شىء من الرماح والسهام . فسألها ، فقالت : نعم ، وصل إلىّ سهم خدش رأسى وسلمتُ منه ، يحكم الله بينى وبينكم . فقال محمّد : والله ، ليحكمنّ الله عليكِ يوم القيامة ، ما كان بينكِ وبين أمير المؤمنين ¼ حتي تخرجى عليه وتؤلّبى الناس علي قتاله ، وتنبذى كتاب الله وراء ظهرك ! ! فقالت : دعنا يا محمّد ! وقل لصاحبك يحرسنى . قال : والهودج كالقنفذ من النبل ، فرجعت إلي أمير المؤمنين ¼ فأخبرته بما جري بينى وبينها ، وما قلت وما قالت . فقال ¼ : هى امرأة ، والنساء ضعاف العقول ،تولَّ أمرها ، واحملها إلي دار بنى خلف حتي ننظر فى أمرها . فحملتها إلي (١) الأحزاب : ٣٨ . ٢٤٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مدّة الحرب
الموضع ، وإنّ لسانها لا يفتر عن السبّ لى ولعلىّ ¼ والترحّم علي أصحاب الجمل(١) . ٢٢٥٨ ـ الجمل : لمّا تفرّق الناس عن الجمل أشفق أمير المؤمنين ¼ أن يعود إليه فتعود الحرب ، فقال : عَرقِبوا(٢) الجمل . فتبادر إليه أصحاب أمير المؤمنين ¼ فعرقبوه ، ووقع لجنبه ، وصاحت عائشة صيحة أسمعت من فى العسكرين(٣) . ٢٢٥٩ ـ تاريخ الطبرى عن ميسرة أبى جميلة : إنّ محمّد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر أتيا عائشة وقد عُقر الجمل ، فقطعا غُرضة(٤) الرحل ، واحتملا الهودج فنحّياه ، حتي أمرهما علىّ فيه أمره بعد ، قال : أدخلاها البصرة . فأدخلاها دار عبد الله بن خلف الخزاعى(٥) . ٩ / ١٥ ٢٢٦٠ ـ تاريخ اليعقوبى : كانت الحرب أربع ساعات من النهار . فروي بعضهم أنّه (١) الجمل : ٣٦٨ وراجع الأمالى للمفيد : ٢٤ / ٨ والمناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٦١ وتاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٩ وص ٥٣٣ والأخبار الطوال : ١٥١ ونهاية الأرب : ٢ / ٧٨ . ٢٤٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلى
قتل فى ذلك اليوم نيّف وثلاثون ألفاً(١) . ٢٢٦١ ـ أنساب الأشراف : كانت الحرب من الظهر إلي غروب الشمس(٢) . ٢٢٦٢ ـ تاريخ الطبرى عن عوانة : اقتتلوا يوم الجمل يوماً إلي الليل ، فقال بعضهم :
٩ / ١٦ كلام الإمام عند تطوافه علي القتلي ٢٢٦٣ ـ الإرشاد : ومن كلامه [عليٍّ] ¼ عند تطوافه علي قتلي الجمل : هذه قريش ، جَدَعت أنفى ، وشفيتُ نفسى ، لقد تقدّمت إليكم اُحذّركم عضّ السيوف ، وكنتم أحداثاً لا علم لكم بما ترون ، ولكنّه الحين ، وسوء المصرع ، فأعوذ بالله من سوء المصرع . ثمّ مرّ علي معبد بن المقداد فقال : رحم الله أبا هذا ، أما إنّه لو كان حيّاً لكان رأيه أحسن من رأى هذا . فقال عمّار بن ياسر : الحمد لله الذى أوقعه وجعل خدّه الأسفل ، إنّا والله ـ يا أمير المؤمنين ـ ما نبالى من عَنَدَ عن الحقّ من ولد ووالد . فقال أمير المؤمنين : (١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٨٣ . إرجاعات
٢٤٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / استمرار الحرب بقيادة عائشة
٢٥٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلى
رحمك الله وجزاك عن الحقّ خيراً . قال : ومرّ بعبد الله بن ربيعة بن درّاج ـ وهو فى القتلي ـ فقال : هذا البائس ، ما كان أخرجه ; أ دينٌ أخرجه ، أم نصرٌ لعثمان ؟ ! والله ما كان رأى عثمان فيه ولا فى أبيه بحسن . ثمّ مرّ بمعبد بن زهير بن أبى اُميّة فقال : لو كانت الفتنة برأس الثريّا لتناولها هذا الغلام ، والله ما كان فيها بذى نحيزة (١) ، ولقد أخبرنى من أدركه وإنّه ليُولول فَرَقاً من السيف . ثمّ مرّ بمسلم بن قرظة فقال : البرّ أخرج هذا ! والله ، لقد كلّمنى أن اُكلّم له عثمان فى شىء كان يدّعيه قبله بمكّة ، فأعطاه عثمان وقال : لولا أنت ما أعطيته ، إنّ هذا ـ ما علمت ـ بئس أخو العشيرة ; ثمّ جاء المشوم للحين ينصر عثمان . ثمّ مرّ بعبد الله بن حميد بن زهير فقال : هذا أيضاً ممّن أوضع فى قتالنا ، زعم يطلب الله بذلك ، ولقد كتب إلىّ كتباً يؤذى فيها عثمان ، فأعطاه شيئاً ، فرضى عنه . ومرّ بعبد الله بن حكيم بن حزام فقال : هذا خالف أباه فى الخروج ، وأبوه حيث لم ينصرنا قد أحسن فى بيعته لنا ، وإن كان قد كَفّ وجلس حيث شكّ فى القتال ، وما ألوم اليوم من كفّ عنّا وعن غيرنا ، ولكن المليم الذى يقاتلنا ! ثمّ مرّ بعبد الله بن المغيرة بن الأخنس فقال : أمّا هذا فقُتل أبوه يوم قتل عثمان فى الدار ، فخرج مغضباً لمقتل أبيه ، وهو غلام حدث حُيّن لقتله . ثمّ مرّ بعبد الله بن أبى عثمان بن الأخنس بن شريق ، فقال : أمّا هذا فإنّى أنظر ٢٥١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلى
إليه وقد أخذ القوم السيوف هارباً يعدو من الصفّ ، فنَهنهتُ(١) عنه ، فلم يسمع من نهنهتُ حتي قتله . وكان هذا ممّا خفى علي فتيان قريش ، أغمار(٢) لا علم لهم بالحرب ، خدعوا واستزلّوا ، فلمّا وقفوا وقعوا فقتلوا . ثمّ مشي قليلاً فمرّ بكعب بن سور(٣) فقال : هذا الذى خرج علينا فى عنقه المصحف ، يزعم أنّه ناصر اُمّه ، يدعو الناس إلي ما فيه وهو لا يعلم ما فيه ، ثمّ استفتح وخاب كلّ جبّار عنيد(٤) . أما إنّه دعا الله أن يقتلنى ، فقتله الله . أجلسوا كعب بن سور . فاُجلس ، فقال أمير المؤمنين : يا كعب ، قد وجدتُ ما وعدنى ربّى حقّاً ، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّاً ؟ ثمّ قال : أضجعوا كعباً . ومرّ علي طلحة بن عبيد الله فقال : هذا الناكث بيعتى ، والمنشئ الفتنة فى الاُمّة ، والمجلب علىَّ ، الداعى إلي قتلى وقتل عترتى ، أجلسوا طلحة . فاُجلس ، فقال أمير المؤمنين : يا طلحة بن عبيد الله ، قد وجدتُ ما وعدنى ربّى حقّاً ، فهل وجدتَ ما وعد ربّك حقّاً ؟ ثمّ قال : أضجعوا طلحة ، وسار . فقال له بعض من كان معه : يا أمير المؤمنين ، أ تُكلّم كعباً وطلحة بعد قتلهما ؟ قال : أمَ والله ، إنّهما لقد سمعا كلامى كما سمع أهل القليب(٥) كلام رسول الله ½ (١) نهنهتَ : إذا صحتَ به لتكفّه (مجمع البحرين : ٣ / ١٨٤١) . ٢٥٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلي يوم بدر(١) . |
||||||||||||||||||||||