الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الخامس

 

 

٢٢٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال

٩ / ١

أوّل قتال علي تأويل القرآن

٢٢١٨ ـ الأمالى للطوسى عن بكير بن عبد الله الطويل وعمّار بن أبى معاوية عن أبى عثمان البجلى مؤذّن بنى أفصي : سمعت عليّاً  ¼ يقول يوم الجمل : ³ وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ  ²  (١) ، ثمّ حلف ـ حين قرأها ـ أنّه ما قوتل أهلها منذ نزلت حتي اليوم .

قال بكير : فسألت عنها أبا جعفر  ¼ ، فقال : صدق الشيخ ، هكذا قال علىّ  ¼ ، وهكذا كان(٢) .

٢٢١٩ ـ الأمالى للمفيد عن أبى عثمان مؤذّن بنى أفصي : سمعت علىّ بن


(١) التوبة : ١٢ .
(٢) الأمالى للطوسى : ١٣١ / ٢٠٧ ، بشارة المصطفي : ٢٦٧ وراجع تفسير العيّاشى : ٢ / ٧٨ / ٢٣ .

 ٢٢٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / أوّل قتال علي تأويل القرآن

أبى طالب  ¼ حين خرج طلحة والزبير لقتاله يقول : عذيرى من طلحة والزبير ; بايعانى طائعَين غير مكرهين ، ثمّ نكثا بيعتى من غير حدث ، ثمّ تلا هذه الآية : ³ وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ  ²  (١) .

٢٢٢٠ ـ قرب الإسناد عن حنّان بن سدير : سمعت أبا عبد الله  ¼ يقول : دخل علىَّ اُناس من أهل البصرة فسألونى عن طلحة والزبير ، فقلت لهم : كانا من أئمّة الكفر ; إنّ عليّاً  ¼ يوم البصرة لمّا صفّ الخيول ، قال لأصحابه : لا تعجلوا علي القوم حتي اُعذر فيما بينى وبين الله عزّ وجلّ وبينهم .

فقام إليهم فقال : يا أهل البصرة ! هل تجدون علىَّ جوراً فى حكم ؟ قالوا : لا .

قال : فحيفاً فى قسم ؟ قالوا : لا . قال : فرغبة فى دنيا أخذتُها لى ولأهل بيتى دونكم ، فنقمتم علىَّ فنكثتم بيعتى ؟ قالوا : لا . قال : فأقمتُ فيكم الحدود وعطّلتها عن غيركم ؟ قالوا : لا . قال : فما بالُ بيعتى تُنكث وبيعة غيرى لا تنكثُ ؟ ! إنّى ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف .

ثمّ ثني إلي صاحبه فقال : إنّ الله تبارك وتعالي يقول فى كتابه : ³ وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ  ²  .

فقال أمير المؤمنين  ¼ : والذى فلق الحبّة وبرأ النسمة واصطفي محمّداً بالنبوّة إنّهم لأصحاب هذه الآية ، وما قوتلوا منذ نزلت(٢) .


(١) الأمالى للمفيد : ٧٣ / ٧ ، تفسير العيّاشى : ٢ / ٧٩ / ٢٨ عن أبى عثمان مولي بنى قصىّ وراجع ص ٧٨ / ٢٥ .
(٢) قرب الإسناد : ٩٦ / ٣٢٧ ، تفسير العيّاشى : ٢ / ٧٧ / ٢٣ .

 ٢٢٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / دعاء الإمام قبل القتال

٩ / ٢

دعاء الإمام قبل القتال

٢٢٢١ ـ الإمام الصادق  ¼ : لمّا توافق الناس يوم الجمل ، خرج علىّ صلوات الله عليه حتي وقف بين الصفّين ، ثمّ رفع يده نحو السماء ، ثمّ قال : يا خير من أفضت إليه القلوب ، ودُعى بالألسن ، يا حسن البلايا ، يا جزيل العطاء ، احكم بيننا وبين قومنا بالحقّ ، وأنت خير الحاكمين(١) .

٢٢٢٢ ـ الجمل : لمّا رأي أمير المؤمنين  ¼ ما قدم عليه القوم من العناد واستحلّوه من سفك الدم الحرام ، رفع يديه إلي السماء وقال : اللهمّ اليك شخصت الأبصار ، وبسطت الأيدى ، وأفضت القلوب ، وتقرّبت إليك بالأعمال ، ³ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ  ²  (٢) (٣) .

٢٢٢٣ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ فى دعائه يوم الجمل ـ : اللهمّ إنّى أحمدك ـ وأنت للحمد أهل ـ علي حسن صنعك إلىّ ، وتعطّفك علىّ ، وعلي ما وصلتنى به من نورك ، وتداركتنى به من رحمتك ، وأسبغت علىّ من نعمتك ، فقد اصطنعتَ عندى ـ يا مولاى ـ ما يحقّ لك به جهدى وشكرى ; لحسن عفوك ، وبلائك القديم عندى ، وتظاهر نعمائك علىّ ، وتتابع أياديك لدىّ ، لم أبلغ إحراز حظّى ، ولا صلاح نفسى ، ولكنّك يا مولاى بدأتنى أوّلاً بإحسانك فهديتنى لدينك ، وعرّفتنى نفسك ، وثبّتّنى فى اُمورى كلّها بالكفاية والصنع لى ، فصرفت عنّى جهد البلاء ، ومنعت منّى محذور الأشياء ، فلستُ أذكر منك إلاّ جميلا ، ولم أرَ منك إلاّ


(١) شرح الأخبار : ١ / ٣٨٧ / ٣٢٨ .
(٢) الأعراف : ٨٩ .
(٣) الجمل : ٣٤١ .

 ٢٢٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / دعاء الإمام قبل القتال

تفضيلا .

يا إلهى كم من بلاء وجهد صرفتَه عنى ، وأريتنيه فى غيرى ، فكم من نعمة أقررت بها عينى ، وكم من صنيعة شريفة لك عندى .

إلهى أنت الذى تجيب عند الاضطرار دعوتى ، وأنت الذى تنفّس عند الغموم كُربتى ، وأنت الذى تأخذ لى من الأعداء بظُلامتى ، فما وجدتك ولا أجدك بعيداً منى حين اُريدك ، ولا مُنقبضاً عنى حين أسألك ، ولا معرضاً عنّى حين أدعوك ، فأنت إلهى ، أجد صنيعك عندى محموداً ، وحسن بلائك عندى موجوداً ، وجميع أفعالك عندى جميلا ، يحمدك لسانى وعقلى وجوارحى وجميع ما أقَلّت الأرض منّى .

يا مولاى أسألك بنورك الذى اشتققتَه من عظمتك ، وعظمتك التى اشتققتها من مشيّتك ، وأسألك باسمك الذى علا أن تَمّن علىّ بواجب شكرى نعمتك .

ربّ ما أحرصنى علي ما زهّدتنى فيه وحثثتنى عليه ! إن لم تُعنّى علي دنياى بزهد ، وعلي آخرتى بتقواى ، هلكتُ .

ربّى ، دعتنى دواعى الدنيا ; من حرث النساء والبنين ، فأجبتُها سريعاً ، وركنتُ إليها طائعاً . ودعتنى دواعى الآخرة من الزهد والاجتهاد فكَبَوت لها ، ولم اُسارع إليها مسارعتى إلي الحطام الهامد ، والهشيم البائد ، والسراب الذاهب عن قليل .

ربّ خوّفتَنى وشوّقتَنى واحتجبتَ(١) علىّ فما خفتُك حقّ خوفك ، وأخاف أن أكون قد تثبّطتُ عن السعى لك ، وتهاونت بشىء من احتجابك . اللهمّ فاجعل فى


(١) كذا ، وفى بحار الأنوار نقلاً عن المصدر : "احتججتَ" وهو أنسب .

 ٢٢٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / تحريض الإمام أصحابه علي القتال

هذه الدنيا سعيى لك وفى طاعتك ، واملأ قلبى خوفك ، وحوّل تثبيطى وتهاونى وتفريطى وكلّ ما أخافه من نفسى فَرَقاً(١) منك ، وصبراً علي طاعتك ، وعملاً به ، يا ذا الجلال والاكرام .

واجعل جُنّتى من الخطايا حصينة ، وحسناتى مضاعفة ; فإنّك تضاعف لمن تشاء .

اللهمّ اجعل درجاتى فى الجنان رفيعة ، وأعوذ بك ربّى من رفيع المطعم والمشرب ، وأعوذ بك من شرّ ما أعلم ومن شرّ ما لا أعلم ، وأعوذ بك من الفواحش كلّها ; ما ظهر منها وما بطن ، وأعوذ بك ربّى أن أشترى الجهلَ بالعلم كما اشتري غيرى ، أو السَّفهَ بالحلم ، أو الجزعَ بالصبر ، أو الضلالةَ بالهدي ، أو الكفرَ بالإيمان . يا ربّ مُنَّ علىّ بذلك ; فإنّك تتولّي الصالحين ، ولا تُضيع أجر المحسنين ، والحمد لله ربّ العالمين(٢) .

٩ / ٣

تحريض الإمام أصحابه علي القتال

٢٢٢٤ ـ الجمل : إنّ أمير المؤمنين  ¼ أنظرهم [أصحاب الجمل] ثلاثة أيّام ; ليكفّوا ويرعَوا ، فلمّا علم إصرارهم علي الخلاف قام فى أصحابه فقال :

عباد الله ! انهدّوا إلي هؤلاء القوم منشرحةً صدورُكم ، فإنّهم نكثوا بيعتى ، وقتلوا شيعتى ، ونكّلوا بعاملى ، وأخرجوه من البصرة بعد أن آلموه بالضرب المبرّح ، والعقوبة الشديدة ، وهو شيخ من وجوه الأنصار والفضلاء ، ولم يرعَوا له


(١) الفَرَق : الخوف والفزع (النهاية : ٣ / ٤٣٨) .
(٢) مهج الدعوات : ١٢٥ ، بحار الأنوار : ٩٤ / ٢٣٤ / ٩ .

 ٢٢٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / تحريض الإمام أصحابه علي القتال

حرمة ، وقتلوا السبابجة رجالاً صالحين ، وقتلوا حكيم بن جبلة ظلماً وعدواناً ; لغضبه لله ، ثمّ تتبّعوا شيعتى بعد أن هربوا منهم وأخذوهم فى كلّ غائطة(١) ، وتحت كلّ رابية ، يضربون أعناقهم صبراً ، ما لهم ³ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ  ²  (٢) ! !

فانهدّوا إليهم عبادَ الله ، وكونوا اُسوداً عليهم ; فإنّهم شِرار ، ومساعدوهم علي الباطل شِرار ، فالقوهم صابرين محتسبين موطّنين أنفسكم ، إنّكم مُنازِلون ومقاتلون ، قد وطّنتم أنفسكم علي الضرب والطعن ومنازلة الأقران . فأىّ امرئ أحسّ من نفسه رباطة جأش عند الفزع وشجاعة عند اللقاء ورأي من أخيه فشلاً ووهناً ، فليذبّ عنه كما يذبّ عن نفسه ; فلو شاء الله لَجعلَه مثله(٣) .

٢٢٢٥ ـ الإمام علىّ  ¼ ـ من خطبته يوم الجمل ـ : أيّها الناس ! إنّى أتيت هؤلاء القوم ، ودعوتُهم ، واحتججتُ عليهم ، فدعَونى إلي أن أصبر للجِلاد ، وأبرز للطِّعان ، فلاُِمّهم الهَبَل ! وقد كنتُ وما اُهدّد بالحرب ، ولا اُرهّب بالضرب ، أنصف القارَةَ من راماها(٤) ، فلغيرى فليُبرقوا وليُرعدوا ; فأنا أبو الحسن الذى فَلَلتُ(٥) حدّهم ، وفرّقت جماعتهم ، وبذلك القلب ألقي عدوّى ، وأنا علي ما وعدنى ربّى من النصر والتأييد والظفر ، وإنّى لعلي يقين من ربّى ، وغير شبهة من أمرى .

أيّها الناس ! إنّ الموت لا يفوته المقيم ، ولا يعجزه الهارب ، ليس عن الموت محيص ، ومن لم يَمُت يُقتل ، وإنّ أفضل الموت القتل . والذى نفسى بيده ، لاَلف


(١) الغائط : المتّسع من الأرض مع طمأنينة (لسان العرب : ٧ / ٣٦٤) .
(٢) التوبة : ٣٠ .
(٣) الجمل : ٣٣٤ ، الإرشاد : ١ / ٢٥٢ نحوه ، بحار الأنوار : ٣٢ / ١٧١ / ١٣١ .
(٤) القارَة : قبيلة من بنى الهون بن خزيمة ، سُمّوا قارَة لاجتماعهم والتفافهم ، ويوصفون بالرمى ، وفى المثل : أنصفَ القارَة مَن راماها (النهاية : ٤ / ١٢٠) .
(٥) فلَّه فانفَلّ أى كسره فانكسر (لسان العرب : ١١ / ٥٣١) .

 ٢٢٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / السكينة العلويّة فى الحرب

ضربة بالسيف أهون علىَّ من ميتة علي فراش .

واعجباً لطلحة ! ألّبَ(١) الناس علي ابن عفّان ، حتي إذا قُتل أعطانى صفقته بيمينه طائعاً ، ثمّ نكث بيعتى ، اللهمّ خُذه ولا تمهله . وإنّ الزبير نكث بيعتى ، وقطع رحمى ، وظاهَر علىَّ عدوّى ، فاكفِنيه اليوم بما شئت(٢) .

٩ / ٤

السكينة العلويّة فى الحرب

٢٢٢٦ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : لمّا نزلنا البصرة ـ وعسكرنا بها ـ وصففنا صفوفنا ، دفع أبى علىّ  ¼ إلىّ اللواءَ ، وقال : لا تحدثنّ شيئاً حتي يحدث فيكم . ثمّ نام ، فنالنا نبل القوم ، فأفزعتُه ، ففزع وهو يمسح عينيه من النوم ، وأصحاب الجمل يصيحون : يا ثارات عثمان !

فبرز  ¼ وليس عليه إلاّ قميص واحد ، ثمّ قال : تقدّم باللواء ! فتقدّمتُ وقلتُ : يا أبتِ أ فى مثل هذا اليوم بقميص واحد ؟ !

فقال  ¼ : أحرز أمراً أجلُه(٣) ، والله قاتلت مع النبىّ  ½ وأنا حاسر(٤) أكثر ممّا قاتلت وأنا دارع (٥) .

٢٢٢٧ ـ مروج الذهب : قد كان أصحاب الجمل حملوا علي ميمنة علىّ وميسرته ،


(١) من التأليب : التحريض (لسان العرب : ١ / ٢١٦) .
(٢) الكافى : ٥ / ٥٣ / ٤ عن ابن محبوب رفعه ، الأمالى للطوسى : ١٦٩ / ٢٨٤ عن إسماعيل بن رجاء الزبيدى نحوه وراجع نهج البلاغة : الخطبة ١٧٤ .
(٣) أحرَزَ أمراً أجلُه : يقال : هذا أصدق مثل ضربته العرب (مجمع الأمثال : ١ / ٣٨٢ / ١١٥٥) .
(٤) الحاسر : خلاف الدارع ، وهو من لا مغفر له ولا درع ولا بيضة علي رأسه (تاج العروس : ٦ / ٢٧٤) .
(٥) الجمل : ٣٥٥ .

 ٢٣٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / السكينة العلويّة فى الحرب

فكشفوها ، فأتاه بعض ولد عقيل وعلىّ يخفق نعاساً علي قربوس سرجه ، فقال له : يا عمّ ، قد بلغت ميمنتك وميسرتك حيث تري ، وأنت تخفق نعاساً ؟ ! قال : اسكت يابن أخى ، فإنّ لعمّك يوماً لا يَعدُوه ، والله ما يبالى عمّك وقع علي الموت أو وقع الموت عليه !(١)

٢٢٢٨ ـ دعائم الإسلام : روينا عن علىّ  ¼ أنّه أعطي الراية يوم الجمل لمحمّد ابن الحنفيّة ، فقدّمه بين يديه ، وجعل الحسن فى الميمنة ، وجعل الحسين فى الميسرة ، ووقف خلف الراية علي بغلة رسول الله  ½ .

قال ابن الحنفيّة : فدنا منّا القوم ، ورشقونا بالنبل وقتلوا رجلاً ، فالتفتُّ إلي أمير المؤمنين فرأيته نائماً قد استثقل نوماً ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، علي مثل هذه الحال تنام ! قد نضحونا بالنبل وقتلوا منّا رجلاً وقد هلك الناس ! ! فقال : لا أراك إلاّ تحنّ حنين العذراء ، الراية راية رسول الله  ½ ، فأخذها وهزّها ، وكانت الريح فى وجوهنا ، فانقلبت عليهم ، فحسر عن ذراعيه وشدّ عليهم ، فضرب بسيفه حتي صُبغ كُمّ قبائه وانحني سيفه(٢) .

٢٢٢٩ ـ الإمامة والسياسة ـ فى ذكر علىّ  ¼ يوم الجمل ـ : فشقّ علىّ فى عسكر القوم يطعن ويقتل ، ثمّ خرج وهو يقول : الماء ، الماء . فأتاه رجل بإداوة(٣) فيها عسل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، أمّا الماء فإنّه لا يصلح لك فى هذا المقام ، ولكن اُذوّقك هذا العسل . فقال : هاتِ ، فحسا منه حسوة ، ثمّ قال : إنّ عسلك لطائفى ! قال الرجل : لعجباً منك ـ والله يا أمير المؤمنين ـ لمعرفتك الطائفى من غيره فى


(١) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٥ .
(٢) دعائم الإسلام : ١ / ٣٩٣ .
(٣) الإداوة : إناء صغير من جلد يُتّخذ للماء كالسطيحة ونحوها (النهاية : ١ / ٣٣) .

 ٢٣١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / لبس الدرع البتراء

هذا اليوم ، وقد بلغت القلوب الحناجر ! ! فقال له علىّ : إنّه والله يابن أخى ما ملأ صدر عمّك شىء قطّ ، ولا هابه شىء(١) .

راجع : وقعة صفّين / اشتداد القتال / طمأنينة الإمام فى ساحة القتال .

٩ / ٥

لبس الدرع البتراء

٢٢٣٠ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : دعا [علىٌّ  ¼ ] بدرعه البَتْراء ولم يلبسها بعد النبىّ  ½ إلاّ يومئذ ، فكان بين كتفيه منها وَهن . فجاء أمير المؤمنين  ¼ وفى يده شِسع نعل ، فقال له ابن عبّاس : ما تريد بهذا الشِّسع يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أربط بها ما قد تهى(٢) من هذا الدرع من خلفى . فقال ابن عبّاس : أ فى مثل هذا اليوم تلبس مثل هذا ! فقال  ¼ : ولِمَ ؟ قال : أخاف عليك . فقال : لا تخَف أن أوتي من ورائى ، والله يابن عبّاس ما ولّيت فى زحف قطّ(٣) .

راجع : القسم العاشر / الخصائص الحربيّة / كانت درعه بلا ظهر .

٩ / ٦

صاحب راية الحرب

٢٢٣١ ـ الجمل عن محمّد بن عبد الله عن عمرو بن دينار : قال أمير المؤمنين  ¼ لابنه محمّد : خذ الراية وامضِ ـ وعلىّ  ¼ خلفه ـ فناداه يا أبا القاسم ! فقال :


(١) الإمامة والسياسة : ١ / ٩٦ ، جواهر المطالب : ٢ / ٣٤ نحوه .
(٢) كلُّ ما استرخي رِباطُه فقد وَهَي . وقد وَهَي الثوبُ يَهى وَهياً : إذا بَلى وتخرّق (لسان العرب : ١٥ / ٤١٧) .
(٣) الجمل : ٣٥٥ .


إرجاعات 
١٤٩ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل التاسع : اشتداد القتال / طمأنينة الإمام في ساحة القتال
٤٢٨ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الخامس : الخصائص الحربيّة / كانت درعه بلا ظهر

 ٢٣٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / صاحب راية الحرب

لبّيك يا أبة . فقال : يا بنىّ لا يستفزّك ما تري ; قد حملتُ الراية وأنا أصغر منك فما استفزّنى عدوّى ، وذلك أنّنى لم ألقَ أحداً إلاّ حدّثتنى نفسى بقتله ، فحدِّث نفسك ـ بعون الله ـ بظهورك عليهم ، ولا يخذلك ضعف النفس باليقين ; فإنّ ذلك أشدّ الخذلان .

قال فقلت : يا أبةِ أرجو أن أكون كما تحبّ إن شاء الله . قال : فالزم رايتك ، فإذا اختلطت الصفوف قف فى مكانك وبين أصحابك ، فإن لم ترَ أصحابك فسيرونك . قال : والله إنّى لفى وسط أصحابى فصاروا كلّهم خلفى وما بينى وبين القوم أحد يردّهم عنّى ، وأنا اُريد أن أتقدّم فى وجوه القوم ، فما شعرت إلاّ بأبى من خلفى قد جرّد سيفه وهو يقول : لا تقدّم حتي أكون أمامك . فتقدّم  ¼ بين يدىّ يهرول ومعه طائفة من أصحابه ، فضربوا الذين فى وجهى حتي أنهضوهم ولحقتهم بالراية ، فوقفوا وقفةً ، واختلط الناسُ ، وركدت السيوف ساعة ، فنظرتُ إلي أبى يفرّج الناس يميناً وشمالا ويسوقهم أمامه ، فأردتُ أن أجول فكرهت خلافه(١) .

٢٢٣٢ ـ مروج الذهب : جاء ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت إلي علىّ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لا تنكس اليوم رأس محمّد ، واردد إليه الراية ! فدعا به ، وردّ عليه الراية ، وقال :

اِطعنهمُ طَعنَ أبيكَ تُحمَدِلا خَيرَ فى الحَربِ إذا لَم تُوقَدِ

بالمَشرَفىِّ والقَنا المُسردِ(٢)


(١) الجمل : ٣٦٨ .
(٢) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٦ ; وقعة الجمل لضامن بن شدقم : ١٤٣ وراجع شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٤٣ والمناقب للخوارزمى : ١٨٧ والمناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٥٥ والصراط المستقيم : ٢ / ٢٦٧ وبحار الأنوار : ٣٢ / ١٧٥ وج ٤٢ / ٩٩ .

 ٢٣٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / اشتداد القتال

٩ / ٧

اشتداد القتال

٢٢٣٣ ـ تاريخ الطبرى عن القعقاع : ما رأيت شيئاً أشبه بشىء من قتال القلب يوم الجمل بقتال صفّين ، لقد رأيتنا ندافعهم بأسنّتنا ونتّكئ علي أزجّتنا(١) ، وهم مثل ذلك ، حتي لو أنّ الرجال مشت عليها لاستقلّت بهم(٢) .

٢٢٣٤ ـ البداية والنهاية : قال [علىّ  ¼ ] لابنه محمّد ابن الحنفيّة : ويحك ! تقدّم بالراية . فلم يستطِع ، فأخذها علىّ من يده ، فتقدّم بها ، وجعلت الحربُ تأخذ وتعطى ; فتارة لأهل البصرة ، وتارة لأهل الكوفة ، وقُتل خلق كثير وجمّ غفير ولم تُرَ وقعة أكثر من قطع الأيدى والأرجل فيها من هذه الوقعة(٣) .

٢٢٣٥ ـ الإمامة والسياسة : اقتتل القوم قتالاً شديداً ، فهزمت يمن البصرة يمن علىّ ، وهزمت ربيعة البصرة ربيعة علىّ . . . ثمّ تقدّم علىّ فنظر إلي أصحابه يُهزمون ويُقتلون ، فلمّا نظر إلي ذلك صاح بابنه محمّد ـ ومعه الراية ـ : أن اقتحم ! فأبطأ وثبت ، فأتي علىّ من خلفه فضربه بين كتفيه ، وأخذ الراية من يده ، ثمّ حمل فدخل عسكرهم ، وإنّ الميمنتين والميسرتين تضطربان ، فى إحداهما عمّار ، وفى الاُخري عبد الله بن عبّاس ، ومحمّد بن أبى بكر .

قال : فشقّ علىّ فى عسكر القوم يطعن ويقتل ، ثمّ خرج . . . ثمّ أعطي الراية لابنه وقال : هكذا فاصنع . فتقدم محمّد بالراية ومعه الأنصار ، حتي انتهي إلي


(١) الزُّجّ : الحديدة التى تُركّب فى أسفل الرمح ، والسنان يُركّب عاليتَه والجمع أزجاج وأزِجّة (لسان العرب : ٢ / ٢٨٥) .
(٢) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٣٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٨ وراجع العقد الفريد : ٣ / ٣٢٥ .
(٣) البداية والنهاية : ٧ / ٢٤٣ .

 ٢٣٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه

الجمل والهودج وهزم ما يليه ، فاقتتل الناس ذلك اليوم قتالاً شديداً ، حتي كانت الواقعة والضرب علي الركب(١) .

٢٢٣٦ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : التقينا وقد عجّل أصحاب الجمل وزحفوا علينا ، فصاح أبى  ¼ : امضِ . فمضيت بين يديه أقطو(٢) بالراية قَطواً .

وتقدّم سرعان أصحابنا ، فلاذ أصحاب الجمل ، ونشب القتال ، واختلفت السيوف ، وأبى بين كتفىَّ يقول : يا بنىَّ تقدّم ! ولستُ أجد متقدَّماً ، وهو يقول : تقدّم . فقلت : ما أجد متقدَّماً إلاّ علي الأسِنّة ! !

فغضب أبى  ¼ وقال : أقول لك : تقدّم ، فتقول : علي الأسنّة ! ! ثِق يا بنىَّ ، وتقدّم بين يدىّ علي الأسنّة ! !

وتناول الراية منّى ، وتقدّم يهرول بها ، فأخذتنى حِدّة ، فلحقتُه وقلت : أعطِنى الراية . فقال لى : خذها . وقد عرفت ما وصف لى(٣) .

٩ / ٨

مقاتلة الإمام بنفسه

٢٢٣٧ ـ الفتوح : قاتل محمّد ابن الحنفيّة ساعة بالراية ثمّ رجع ، وضرب علىّ   ¢ بيده إلي سيفه فاستلّه ، ثمّ حمل علي القوم ، فضرب فيهم يميناً وشمالا ، ثمّ رجع وقد انحني سيفه فجعل يسوّيه بركبته ، فقال له أصحابه : نحن نكفيك ذلك يا


(١) الإمامة والسياسة : ١ / ٩٦ .
(٢) القَطْوُ : مقارَبة الخَطْو مع النشاط ، يقال منه : قطا فى مِشيته يَقطو (لسان العرب : ١٥ / ١٩٠) .
(٣) الجمل : ٣٦٠ وراجع تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٤ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٣٩ والبداية والنهاية : ٧ / ٢٤٣ والأخبار الطوال : ١٤٩ ومروج الذهب : ٢ / ٣٧٥ .

 ٢٣٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه

أمير المؤمنين ! فلم يُجِب أحداً حتي سوّاه ، ثمّ حمل ثانية حتي اختلط بهم ، فجعل يضرب فيهم قدماً قدماً حتي انحني سيفه ، ثمّ رجع إلي أصحابه ، ووقف يسوّى السيف بركبته وهو يقول : والله ما اُريد بذلك إلاّ وجه الله والدار الآخرة !

ثمّ التفت إلي ابنه محمّد ابن الحنفيّة وقال : هكذا اصنع يا بنى(١) .

٢٢٣٨ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : زحف علىّ  ¼ نحو الجمل بنفسه فى كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار ، وحوله بنوه حسن وحسين ومحمّد    ¥ ، ودفع الراية إلي محمّد ، وقال : أقدم بها حتي تركزها فى عين الجمل ، ولا تقفنّ دونه .

فتقدّم محمّد ، فرشقته السهام ، فقال لأصحابه : رويداً ، حتي تنفد سهامهم ، فلم يبقَ لهم إلاّ رشقة أو رشقتان . فأنفذ علىّ  ¼ (٢) إليه يستحثّه ، ويأمره بالمناجزة ، فلمّا أبطأ عليه جاء بنفسه من خلفه ، فوضع يده اليسري علي منكبه الأيمن وقال له : أقدِم ، لا اُمّ لك !

فكان محمّد إذا ذكر ذلك بعدُ يبكى ، ويقول : لَكأنّى أجد ريح نفسه فى قفاى ، والله لا أنسي أبداً .

ثمّ أدركت عليّاً  ¼ رقّة علي ولده ، فتناول الراية منه بيده اليسري وذو الفقار مشهور فى يمني يديه ، ثمّ حمل فغاص فى عسكر الجمل ، ثمّ رجع وقد انحني سيفه ، فأقامه بركبته . فقال له أصحابه وبنوه والأشتر وعمّار : نحن نكفيك يا


(١) الفتوح : ٢ / ٤٧٤ ، المناقب للخوارزمى : ١٨٧ نحوه وراجع شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥٧ .
(٢) فى الطبعة المعتمدة : "فأنفذا إليه علىّ  ¼ إليه" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى طبعة دار الرشاد (١ / ٨٥) .

 ٢٣٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه

أمير المؤمنين ! فلم يجِب أحداً منهم ، ولا ردّ إليهم بصره ، وظلّ يَنحِطُ(١) ويزأر زئير الأسد ، حتي فَرِقَ مَن حوله ، وتبادروه ، وإنّه لطامح ببصره نحو عسكر البصرة ، لا يبصر من حوله ، ولا يردّ حواراً .

ثمّ دفع الراية إلي ابنه محمّد ، ثمّ حمل حملة ثانية وحده ، فدخل وسطهم فضربهم بالسيف قُدُماً قُدُماً ، والرجال تفرّ من بين يديه ، وتنحاز عنه يمنة ويسرة ، حتي خضب الأرض بدماء القتلي ، ثمّ رجع وقد انحني سيفه ، فأقامه بركبته ، فاعصوصب(٢) به أصحابه ، وناشدوه الله فى نفسه وفى الإسلام ، وقالوا : إنّك إن تُصَب يذهب الدين ! فأمسك ونحن نكفيك .

فقال : والله ، ما اُريد بما ترون إلاّ وجه الله والدار الآخرة . ثمّ قال لمحمّد ابنه : هكذا تصنع يابن الحنفيّة . فقال الناس : مَن الذى يستطيع ما تستطيعه يا أمير المؤمنين ! !(٣)

٢٢٣٩ ـ المصنّف عن الأعمش عن رجل قد سمّاه : كنت أري عليّاً يحمل فيضرب بسيفه حتي ينثنى ، ثمّ يرجع فيقول : لا تلومونى ولوموا هذا . ثمّ يعود فيقوِّمه(٤) .

٢٢٤٠ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : خرج عبد الله بن خلف الخزاعى ـ وهو رئيس البصرة ، وأكثر أهلها مالاً وضياعاً ـ فطلب البراز ، وسأل ألاّ يخرج إليه إلاّ علىّ  ¼ ، وارتجز فقال :

أبا تراب ادنُ مِنّى فِتْرا فَإنّنى دان إليك شِبْرا

(١) النحْط : شبه الزَّفير (لسان العرب : ٧ / ٤١٢) .
(٢) اعصَوْصبوا : اجتمعوا وصاروا عِصابةً واحدة (النهاية : ٣ / ٢٤٦) .
(٣) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥٧ وراجع الفتوح : ٢ / ٤٧٣ .
(٤) المصنّف لابن أبى شيبة : ٨ / ٧٠٦ / ٢ ، العقد الفريد : ٣ / ٣٢٤ .

 ٢٣٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الإمام بنفسه

وإنّ فى صَدرى عليك غِمرا

فخرج إليه علىّ  ¼ ، فلم يُمهله أن ضربه ففلق هامته(١) .

٢٢٤١ ـ الفتوح : انفرق علىّ يريد أصحابه ، فصاح به صائح من ورائه ، فالتفتَ وإذا بعبد الله بن خلف الخزاعى وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة ، فلمّا رآه علىّ عرفه ، فناداه : ما تشاء يابن خلف ؟

قال : هل لك فى المبارزة ؟

قال علىّ : ما أكره ذلك ، ولكن ويحك يابن خلف ما راحتك فى القتل وقد علمتَ من أنا ! !

فقال عبد الله بن خلف : دعنى من مدحك يابن أبى طالب ، وادنُ منّى لتري أيّنا يقتل صاحبه ! ثمّ أنشد شعراً ، فأجابه علىّ عليه ، والتقوا للضرب ، فبادره عبد الله بن خلف بضربة دفعها علىّ بحَجَفَته(٢) ، ثمّ انحرف عنه علىّ فضربه ضربة رمي بيمينه ، ثمّ ضربه اُخري فأطار قحف رأسه(٣) .

٢٢٤٢ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى مخنف : تناول عبد الله بن أبزي خطام الجمل ، وكان كلّ من أراد الجدّ فى الحرب وقاتل قتالَ مستميت يتقدّم إلي الجمل فيأخذ بخطامه ، ثمّ شدّ علي عسكر علىّ  ¼ وقال :


(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٦١ .
(٢) الحَجَف : ضرب من التِّرسة ، واحدتها حَجَفة . ويقال للتُّرس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب (لسان العرب : ٩ / ٣٩) .
(٣) الفتوح : ٢ / ٤٧٨ ، المناقب للخوارزمى : ١٨٨ ; كشف اليقين : ١٨٩ / ١٩١ ، كشف الغمّة : ١ / ٢٤٢ وفيهما "ابن أبى خلف الخزاعى" وكلّها نحوه وراجع شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٦١ .

 ٢٣٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة عمّار

أضرِبُهُم ولا أري أبا حَسَن ها إنّ هذا حَزَنٌ مِن الحَزَن

فشدّ عليه علىّ أمير المؤمنين  ¼ بالرمح ، فطعنه ، فقتله وقال : قد رأيتَ أبا حسن ، فكيف رأيتَه ! وترك الرمح فيه(١) .

٩ / ٩

مقاتلة عمّار

٢٢٤٣ ـ الفتوح : خرج محمّد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر حتي وقفا قدّام الجمل . قال : وتبعهما الأشتر ووقف معهما .

قال : فقال رجل من أصحاب الجمل : من أنتم أيها الرهط ؟ قالوا : نحن ممّن لا تُنكرونه ! وأعلنوا بأسمائهم ، ودعوا بأسمائهم ، ودعوا إلي البراز ، فخرج عثمان الضبّى وهو ينشد شعراً ، فخرج إليه عمّار بن ياسر فأجابه علي شعره ، ثمّ حمل عليه عمّار فقتله(٢) .

٢٢٤٤ ـ الفتوح : خرج عمرو بن يثربى ـ من أصحاب الجمل ـ حتي وقف بين الصفّين قريباً من الجمل ، ثمّ دعا إلي البراز وسأل النزال ، فخرج إليه علباء بن الهيثم من أصحاب علىّ   ¢ ، فشدّ عليه عمرو فقتله . ثمّ طلب المبارزة ، فلم يخرج إليه أحد ، فجعل يجول فى ميدان الحرب وهو يرتجز ويقول شعراً ، ثمّ جال وطلب البراز ، فتحاماه الناس واتّقوا بأسه ، قال : فبَدَر إليه عمّار بن ياسر وهو يُجاوبه علي شعره ، والتقوا بضربتين ، فبادره عمّار بضربة فأرداه عن فرسه ، ثمّ نزل إليه عمّار سريعاً فأخذ برجله وجعل يجره حتي ألقاه بين يدى علىّ   ¢ .


(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥٦ وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ١٤٨ وتاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٩ .
(٢) الفتوح : ٢ / ٤٧٦ .

 ٢٣٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة عمّار

فقال علىّ : اضرب عنقه . فقال عمرو : يا أمير المؤمنين ، استبقِنى حتي أقتل لك منهم كما قتلتُ منكم . فقال علىّ : يا عدوّ الله ! أ بَعدَ ثلاثة من خيار أصحابى أستبقيك(١) ! ! لا كان ذلك أبداً . قال : فأدننى حتي اُكلّمك فى اُذنك بشىء . فقال علىّ : أنت رجل متمرّد ، وقد أخبرنى رسول الله  ½ بكلّ متمرد علىّ ، وأنت أحدُهم . فقال عمرو بن يثربى : أما والله لو وصلتُ إليك لقطعتُ اُذنك ـ أو قال : أنفك ـ قال : فقدّمه علىّ فضرب عنقه(٢) .

٢٢٤٥ ـ تاريخ الطبرى عن داود بن أبى هند عن شيخ من بنى ضبّة : ارتجز يومئذ ابن يثربىّ :

أنا لمن أنكرنى ابنُ يَثربى قَاتِلُ علباءَ وهندِ الجَمَلى

وابن لصوحانُ علي دين علىّ

وقال : من يبارز ؟ فبرز له رجل ، فقتله ، ثمّ برز له آخر فقتله . وارتجز وقال :

أقتُلهم وقَد أري عَليّا ولَو أشا أوجَرتُه عَمريّا

فبرز له عمّار بن ياسر ، وإنّه لأضعف من بارزه ، وإنّ الناس ليسترجعون حين قام عمّار ، وأنا أقول لعمّار ـ مِن ضعفه ـ : هذا والله لاحقٌ بأصحابه ! وكان قضيفاً(٣) ، حمش(٤) الساقين ، وعليه سيفٌ حمائلُه تشفّ عنه قريب من إبطه ، فضربه(٥) ابن يثربى بسيفه ، فنَشَب فى حَجَفَته ، وضربه عمّار وأوهطه(٦) ، ورمي


(١) فى المصدر : "استبقيتك" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى شرح نهج البلاغة .
(٢) الفتوح : ٢ / ٤٧٧ ، شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥٩ نحوه .
(٣) القَضِيف : الدقيق العظم القليل اللحم (لسان العرب : ٩ / ٢٨٤) .
(٤) حَمْشُ الساقين : دقيقهما (لسان العرب : ٦ / ٢٨٨) .
(٥) فى المصدر : "فيضربه" ، وهو تصحيف .
(٦) وَهَطَه : ضربه ، وقيل : طعنه (لسان العرب : ٧ / ٤٣٤) .

 ٢٤٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مقاتلة الأشتر وابن الزبير

أصحاب علىّ ابنَ يثربى بالحجارة حتي أثخنوه وارتثّوه(١) (٢) .

٩ / ١٠

مقاتلة الأشتر وابن الزبير

٢٢٤٦ ـ الجمل : لاذ بالجمل عبد الله بن الزبير وتناول خطامه بيده ، فقالت عائشة : من هذا الذى أخذ بخطام جملى ؟ قال : أنا عبد الله ابن اُختك . فقالت : وا ثكلَ أسماء !

ثمّ برز الأشتر إليه ، فخلّي الخطام من يده وأقبل نحوه ، فقام مقامه فى الخطام عبد أسود ، واصطرع عبد الله والأشتر ، فسقطا إلي الأرض ، فجعل ابن الزبير يقول ـ وقد أخذ الأشتر بعنقه ـ : اقتلونى ومالكاً ، واقتلوا مالكاً معى !

قال الأشتر : فما سرّنى إلاّ قوله "مالك" ; لو قال "الأشتر" لقتلونى . وو الله لقد عجبت من حمق عبد الله ; إذ ينادى بقتله وقتلى ، وما كان ينفعه الموت إن قتلتُ وقتل معى ، ولم تلِد امرأة من النخع غيرى ! ! فأفرجتُ عنه ، فانهزم وبه ضربة مثخنة فى جانب وجهه(٣) .


(١) ارتُثّ فلان : إذا ضُرب فى الحرب فاُثخن وحُمل وبه رمق ثمّ مات (لسان العرب : ٢ / ١٥١) .
(٢) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٣٠ وص ٥١٧ عن عطيّة بن بلال ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٠ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٤٣ ، الفتوح : ٢ / ٤٧٧ وليس فيهما الرجز وكلّها نحوه ; المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٥٦ وفيه الرجز فقط وراجع الجمل : ٣٤٥ .
(٣) الجمل : ٣٥٠ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٩ عن عبد الله بن الزبير وص ٥٣٠ عن الشعبى ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٣ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٤٤ كلّها نحوه وراجع أنساب الأشراف : ٣ / ٣٩ وشرح نهج البلاغة : ١ / ٢٦٢ ومروج الذهب : ٢ / ٣٧٦ والإمامة والسياسة : ١ / ٩٦ والبداية والنهاية : ٨ / ٣٣٦ .

 ٢٤١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / قتل طلحة بيد مروان

٢٢٤٧ ـ المصنّف عن عبد الله بن عبيد بن عمير : إنّ الأشتر وابن الزبير التقيا ، فقال ابن الزبير : فما ضربته ضربة حتي ضربنى خمساً أو ستّاً ـ قال : ثمّ قال : ـ و ألقانى برجلى(١) .

ثمّ قال : والله لولا قرابتك من رسول الله  ½ ما تركت منك عضواً مع صاحبه !(٢)

٢٢٤٨ ـ تاريخ دمشق عن زهير بن قيس : دخلت مع ابن الزبير الحمّامَ ، فإذا فى رأسه ضربة لو صُبّ فيها قارورة من دهن لاستقرّت .

قال : تدرى من ضربنى هذه ؟ ! قلتُ : لا . قال : ضربَنيها ابن عمّك الأشتر(٣) .

٩ / ١١

قتل طلحة بيد مروان

٢٢٤٩ ـ الفتوح : جعل طلحة ينادى بأعلي صوته : عباد الله ! الصبر الصبر ! إنّ بعد الصبر النصر والأجر . فنظر إليه مروان بن الحكم ، فقال لغلام له : ويلك يا غلام ! والله إنّى لأعلم أنّه ما حرّض علي قتل عثمان يوم الدار أحد كتحريض طلحة ولا قتله سواه ! ولكن استرنى فأنت حرّ ; فستره الغلام .

ورمي مروان بسهم مسموم لطلحة بن عبيد الله ، فأصابه به ، فسقط طلحة لما به وقد غُمى عليه . ثمّ أفاق ، فنظر إلي الدم يسيل منه فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، أظنّ والله أنّنا عُنينا بهذه الآية من كتاب الله عزّ وجلّ إذ يقول : ³ وَاتَّقُوا


(١) كذا فى المصدر ، وفى العقد الفريد وجواهر المطالب : "ثمّ أخذ برجلى فألقانى فى الخندق" .
(٢) المصنّف لابن أبى شيبة : ٨ / ٧٠٧ / ١٠ وج ٧ / ٢٦٠ / ٧١ ، جواهر المطالب : ٢ / ٢٢ ، العقد الفريد : ١ / ١١٢ وج ٣ / ٣٢٤ ، النجوم الزاهرة : ١ / ١٠٥ ; الكني والألقاب : ٢ / ٣٠ نحوه .
(٣) تاريخ دمشق : ٥٦ / ٣٨٣ ، النجوم الزاهرة : ١ / ١٠٥ ; الكني والألقاب : ٢ / ٣٠ .

 ٢٤٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / استمرار الحرب بقيادة عائشة

فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَـلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ  ²  (١) (٢) .

٢٢٥٠ ـ الجمل عن ابن أبى عون : سمعت مروان بن الحكم يقول : لمّا كان يوم الجمل قلت : والله لاُدركنّ ثار عثمان ! فرميتُ طلحة بسهم فقطعت نساه ، وكان كلّما سُدّ الموضع غلب الدم وألمه ، فقال لغلامه : دَعه فهو سهم أرسله الله إلىّ .

ثمّ قال له : ويلك ! اطلب لى موضعاً أحترز فيه ، فلم يجد له مكاناً ، فاحتمله عبيد الله بن معمّر فأدخله بيت أعرابيّة ، ثمّ ذهب فصبر هنيّة ورجع ، فوجده قد مات(٣) .

٩ / ١٢

استمرار الحرب بقيادة عائشة

٢٢٥١ ـ تاريخ الطبرى عن محمّد وطلحة : كان القتال الأوّل يستحرّ إلي انتصاف النهار ، واُصيب فيه طلحة ، وذهب فيه الزبير ، فلمّا أووا إلي عائشة وأبي أهل الكوفة إلاّ القتال ولم يريدوا إلاّ عائشة ، ذَمَرتهم(٤) عائشة .

فاقتتلوا حتي تنادوا فتحاجزوا ، فرجعوا بعد الظهر فاقتتلوا ، وذلك يوم الخميس فى جمادي الآخرة ، فاقتتلوا صدر النهار مع طلحة والزبير ، وفى وسطه


(١) الأنفال : ٢٥ .
(٢) الفتوح : ٢ / ٤٧٨ .
(٣) الجمل : ٣٨٩ وراجع شرح الأخبار : ١ / ٤٠٣ / ٣٥٢ والطبقات الكبري : ٣ / ٢٢٣ والمعجم الكبير : ١ / ١١٣ / ٢٠١ وأنساب الأشراف : ٣ / ٤٣ وتاريخ المدينة : ٤ / ١١٧٠ وتاريخ الإسلام للذهبى : ٣ / ٤٨٦ وص ٥٢٨ وتاريخ الطبرى : ٤ / ٥٠٩ والكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٣٧ .
(٤) الذَّمْر : اللوم والحضّ معاً (لسان العرب : ٤ / ٣١١) .

 ٢٤٣ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / قصّة رجل مصطلم الاُذن

مع عائشة(١) .

٢٢٥٢ ـ تاريخ الطبرى عن الشعبى : حملت ميمنة أمير المؤمنين علي ميسرة أهل البصرة فاقتتلوا ولاذ الناس بعائشة ، أكثرهم ضبّة والأزد . وكان قتالهم من ارتفاع النهار إلي قريب من العصر ، ويقال : إلي أن زالت الشمس ، ثمّ انهزموا(٢) .

راجع : احتلال البصرة / استبصار أبى بكرة لمّا رأي عائشة تأمر وتنهي .

٩ / ١٣

قصّة رجل مصطلم الاُذن

٢٢٥٣ ـ مروج الذهب : ذكر المدائنى أنّه رأي بالبصرة رجلا مصطلم(٣) الاُذن ، فسأله عن قصّته ، فذكر أنّه خرج يوم الجمل ينظر إلي القتلي ، فنظر إلي رجل منهم يخفض رأسه ويرفعه وهو يقول :

لقد أورَدَتنا حومةَ الموت اُمُّنافلَم تَنصرِف إلاّ ونحنُ رواءُ
أطَعنا بَنى تَيم لشقوةِ جدّنا وما تَيمُ إلاّ أعبدٌ وإماءُ

فقلت : سبحان الله ! أ تقول هذا عند الموت ! قل : لا إله إلاّ الله ! ! فقال : يابن اللخناء ، إيّاى تأمر بالجزع عند الموت ! ! فولّيت عنه متعجّباً منه ، فصاح بى ادنُ منّى ولقّنّى الشهادة ، فصِرتُ إليه ، فلمّا قربت منه استدنانى ، ثمّ التقم اُذنى فذهب بها ، فجعلت ألعنه وأدعو عليه . فقال : إذا صرتَ إلي اُمّك فقالت : من فعل هذا بك ؟ فقل : عمير بن الأهلب الضبّى ، مخدوع المرأة التى أرادت أن تكون


(١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٤ وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٣٨ .
(٢) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٢ .
(٣) الاصْطِلام : الاستئصال ، وهو افتعال من الصَّلم : وهو القطع المستأصل (مجمع البحرين : ٢ / ١٠٤٦) .


إرجاعات 
١٨٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل السادس : احتلال البصرة / استبصار أبي بكرة لمّا رأى عائشة تأمر وتنهى

 ٢٤٤ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه

أمير المؤمنين(١) .

٩ / ١٤

عقر الجمل وتفرّق أصحابه

٢٢٥٤ ـ الأخبار الطوال : لمّا رأي علىّ لوث(٢) أهل البصرة بالجمل ، وأنّهم كلّما كشفوا عنه عادوا فلاثوا به ، قال لعمّار وسعيد بن قيس وقيس بن سعد بن عبادة والأشتر وابن بديل ومحمّد بن أبى بكر وأشباههم من حماة أصحابه : إنّ هؤلاء لا يزالون يقاتلون ما دام هذا الجمل نصب أعينهم ، ولو قد عُقر فسقط لم تثبت له ثابتة .

فقصدوا بذوى الجدّ من أصحابه قصد الجمل حتي كشفوا أهل البصرة عنه ، وأفضي إليه رجل من مراد الكوفة يقال له : أعين بن ضبيعة ، فكشف عرقوبه(٣) بالسيف ، فسقط وله رغاء ، فغرق فى القتلي(٤) .

٢٢٥٥ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : ثمّ تقدّم [أبي] بين يدىّ وجرّد سيفه وجعل يضرب به ، ورأيته وقد ضرب رجلاً فأبان زنده ، ثمّ قال : الزم رايتك يا بنىّ ، فإنّ هذا استكفاء . فرمقتُ لصوت أبى ولحظته فإذا هو يورد السيف ويصدره ولا أري فيه دماً ; وإذا هو يسرع إصداره فيسبق الدم .

وأحدقنا بالجمل ، وصار القتال حوله ، واضطربنا أشدّ اضطراب رآه راء حتي


(١) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٩ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٢٣ ، أنساب الأشراف : ٣ / ٦٠ نحوه وكلاهما عن أبى رجاء وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٤ .
(٢) لاث بالشىء : إذا أطاف به ، وفلان يلوث بى : أى يلوذ بى (لسان العرب : ٢ / ١٨٧) .
(٣) العُرقوب : هو الوَتَر الذى خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع (النهاية : ٣ / ٢٢١) .
(٤) الأخبار الطوال : ١٥٠ .

 ٢٤٥ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه

ظننت أنّه القتل . فصاح أبى  ¼ : يابن أبى بكر اقطع البِطان ! فقطعه ، وألقي الهودج ; فكأنّ ـ والله ـ الحرب جمرة صبّ عليها الماء(١) .

٢٢٥٦ ـ مروج الذهب : بعث [علىّ  ¼ ] إلي ولده محمّد ابن الحنفيّة ـ وكان صاحب رايته ـ : احمل علي القوم . فأبطأ محمّد بحملته ، وكان بإزائه قوم من الرماة ينتظر نفاد سهامهم ، فأتاه علىّ فقال : هلاّ حملتَ !

فقال : لا أجد متقدّماً إلاّ علي سهم أو سنان ، وإنّى منتظر نفاد سهامهم وأحمل .

فقال له احمل بين الأسِنّة ; فإنّ للموت عليك جُنّة .

فحمل محمّد ، فشكّ بين الرماح والنشاب ، فوقف ، فأتاه علىّ فضربه بقائم سيفه وقال : أدركك عِرقٌ من اُمّك ! وأخذ الراية وحمل ، وحمل الناس معه ، فما كان القوم إلاّ كرماد اشتدّت به الريح فى يوم عاصف(٢) .

٢٢٥٧ ـ الجمل عن محمّد ابن الحنفيّة : نظرت إلي أبى يفرج الناس يميناً وشمالاً ، ويسوقهم أمامه . . . حتي انتهي إلي الجمل وحوله أربعة آلاف مقاتل من بنى ضبّة والأزد وتميم وغيرهم ، فصاح : اقطعوا البِطان ! فأسرع محمّد بن أبى بكر فقطعه ، واطّلع علي الهودج ، فقالت عائشة : من أنت ؟

فقال : أبغض أهلك إليك .

قالت : ابن الخثعميّة ؟

قال : نعم ، ولم تكن دون اُمّهاتك .


(١) الجمل : ٣٦٠ وراجع ص ٣٧٤ و٣٧٥ ومروج الذهب : ٢ / ٣٧٥ .
(٢) مروج الذهب : ٢ / ٣٧٥ .

 ٢٤٦ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه

قالت : لعمرى ، بل هى شريفة ، دَع عنك هذا ، الحمد لله الذى سلّمك .

قال : قد كان ذلك ما تكرهين .

قالت : يا أخى لو كرهته ما قلتُ ما قلت !

قال : كنتِ تحبّين الظفر وأنّى قتلت .

قالت : قد كنت اُحبّ ذلك ، لكن لمّا صرنا إلي ما صرنا إليه أحببتُ سلامتك ; لقرابتى منك ، فاكفف ولا تعقّب الاُمور ، وخذ الظاهر ولا تكن لومة ولا عذلة ، فإنّ أباك لم يكن لومة ولا عذلة .

وجاء علىّ  ¼ فقرع الهودج برمحه ، وقال : يا شقيراء ، أ بهذا أوصاك رسول الله  ½ ؟ !

قالت : يابن أبى طالب قد ملكتَ فأسجِح(١) .

وجاءها عمّار فقال لها : يا اُمّاه ! كيف رأيت ضرب بنيك اليوم دون دينهم بالسيف ؟ فصمتت ولم تجِبه .

وجاءها مالك الأشتر وقال لها : الحمد لله الذى نصر وليّه ، وكبت عدوّه ، ³ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِـلُ إِنَّ الْبَاطِـلَ كَانَ زَهُوقًا  ²  (٢) فكيف رأيتِ صنع الله بك يا عائشة ؟

فقالت : من أنت ثكلتك اُمّك ؟

فقال : أنا ابنكِ الأشتر .


(١) أى قدَرْت فسهّل وأحسن العفو ، وهو مثل سائر (النهاية : ٢ / ٣٤٢) .
(٢) الإسراء : ٨١ .

 ٢٤٧ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / عقر الجمل وتفرّق أصحابه

قالت : كذبت لستُ باُمّك .

قال : بلي ، وإن كرهتِ .

فقالت : أنت الذى أردت أن تثكل اُختى أسماء ابنها ؟

فقال : المعذرة إلي الله ثمّ إليكِ ، والله إنّى لولا كنت طاوياً ثلاثةً لأرحتك منه ، وأنشأ يقول ، بعد الصلاة علي الرسول :

أ عائشُ لولا أنّنى كنتُ طاوياً ثلاثاً لَغادَرتِ ابن اختكِ هالكا
غَداةَ يُنادى والرماحُ تَنوشهُ بآخرِ صوت اُقتلونى ومالِكا

فبكت وقالت : فخرتُم وغلبتُم ، ³ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا  ²  (١) .

ونادي أمير المؤمنين  ¼ محمّداً فقال : سَلها : هل وصل إليها شىء من الرماح والسهام . فسألها ، فقالت : نعم ، وصل إلىّ سهم خدش رأسى وسلمتُ منه ، يحكم الله بينى وبينكم .

فقال محمّد : والله ، ليحكمنّ الله عليكِ يوم القيامة ، ما كان بينكِ وبين أمير المؤمنين  ¼ حتي تخرجى عليه وتؤلّبى الناس علي قتاله ، وتنبذى كتاب الله وراء ظهرك ! !

فقالت : دعنا يا محمّد ! وقل لصاحبك يحرسنى .

قال : والهودج كالقنفذ من النبل ، فرجعت إلي أمير المؤمنين  ¼ فأخبرته بما جري بينى وبينها ، وما قلت وما قالت . فقال  ¼ : هى امرأة ، والنساء ضعاف العقول ،تولَّ أمرها ، واحملها إلي دار بنى خلف حتي ننظر فى أمرها . فحملتها إلي


(١) الأحزاب : ٣٨ .

 ٢٤٨ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / مدّة الحرب

الموضع ، وإنّ لسانها لا يفتر عن السبّ لى ولعلىّ  ¼ والترحّم علي أصحاب الجمل(١) .

٢٢٥٨ ـ الجمل : لمّا تفرّق الناس عن الجمل أشفق أمير المؤمنين  ¼ أن يعود إليه فتعود الحرب ، فقال : عَرقِبوا(٢) الجمل . فتبادر إليه أصحاب أمير المؤمنين  ¼ فعرقبوه ، ووقع لجنبه ، وصاحت عائشة صيحة أسمعت من فى العسكرين(٣) .

٢٢٥٩ ـ تاريخ الطبرى عن ميسرة أبى جميلة : إنّ محمّد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر أتيا عائشة وقد عُقر الجمل ، فقطعا غُرضة(٤) الرحل ، واحتملا الهودج فنحّياه ، حتي أمرهما علىّ فيه أمره بعد ، قال : أدخلاها البصرة . فأدخلاها دار عبد الله بن خلف الخزاعى(٥) .

٩ / ١٥

مدّة الحرب

٢٢٦٠ ـ تاريخ اليعقوبى : كانت الحرب أربع ساعات من النهار . فروي بعضهم أنّه


(١) الجمل : ٣٦٨ وراجع الأمالى للمفيد : ٢٤ / ٨ والمناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ١٦١ وتاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٩ وص ٥٣٣ والأخبار الطوال : ١٥١ ونهاية الأرب : ٢ / ٧٨ .
(٢) تعرقبها : تقطع عرقوبها ، والعرقوب هو الوتر الذى خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع (النهاية : ٣ / ٢٢١) .
(٣) الجمل : ٣٥٠ ; تاريخ الطبرى : ٤ / ٥١٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٣ كلاهما نحوه وراجع مروج الذهب : ٢ / ٣٧٦ والأخبار الطوال : ١٥٠ وشرح نهج البلاغة : ١ / ٢٦٢ والإمامة والسياسة : ١ / ٩٨ .
(٤) الغَرْض : حزام الرحل ، والغُرضة كالغَرْض (لسان العرب : ٧ / ١٩٣) .
(٥) تاريخ الطبرى : ٤ / ٥٣٣ وراجع الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٤٦ والبداية والنهاية : ٧ / ٢٤٥ والفتوح : ٢ / ٤٨٥ .

 ٢٤٩ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلى

قتل فى ذلك اليوم نيّف وثلاثون ألفاً(١) .

٢٢٦١ ـ أنساب الأشراف : كانت الحرب من الظهر إلي غروب الشمس(٢) .

٢٢٦٢ ـ تاريخ الطبرى عن عوانة : اقتتلوا يوم الجمل يوماً إلي الليل ، فقال بعضهم :

شَفَي السيفُ مِن زيد وهند نُفوسَناشِفاءً ومِن عَينَى عدىِّ بنِ حاتَمِ
صَبرنا لَهم يوماً إلي الليل كلّهبصُمّ القَنا والمُرهفات الصوارم(٣)

راجع : استمرار الحرب بقيادة عائشة .

٩ / ١٦

كلام الإمام عند تطوافه علي القتلي

٢٢٦٣ ـ الإرشاد : ومن كلامه [عليٍّ]  ¼ عند تطوافه علي قتلي الجمل : هذه قريش ، جَدَعت أنفى ، وشفيتُ نفسى ، لقد تقدّمت إليكم اُحذّركم عضّ السيوف ، وكنتم أحداثاً لا علم لكم بما ترون ، ولكنّه الحين ، وسوء المصرع ، فأعوذ بالله من سوء المصرع .

ثمّ مرّ علي معبد بن المقداد فقال : رحم الله أبا هذا ، أما إنّه لو كان حيّاً لكان رأيه أحسن من رأى هذا .

فقال عمّار بن ياسر : الحمد لله الذى أوقعه وجعل خدّه الأسفل ، إنّا والله ـ يا أمير المؤمنين ـ ما نبالى من عَنَدَ عن الحقّ من ولد ووالد . فقال أمير المؤمنين :


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٨٣ .
(٢) أنساب الأشراف : ٣ / ٣٨ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٣ / ٥٣١ .


إرجاعات 
٢٤٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام عليّ في أيّام الإمارة / الحرب الاُولى : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / استمرار الحرب بقيادة عائشة

 ٢٥٠ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلى

رحمك الله وجزاك عن الحقّ خيراً .

قال : ومرّ بعبد الله بن ربيعة بن درّاج ـ وهو فى القتلي ـ فقال : هذا البائس ، ما كان أخرجه ; أ دينٌ أخرجه ، أم نصرٌ لعثمان ؟ ! والله ما كان رأى عثمان فيه ولا فى أبيه بحسن .

ثمّ مرّ بمعبد بن زهير بن أبى اُميّة فقال : لو كانت الفتنة برأس الثريّا لتناولها هذا الغلام ، والله ما كان فيها بذى نحيزة (١) ، ولقد أخبرنى من أدركه وإنّه ليُولول فَرَقاً من السيف .

ثمّ مرّ بمسلم بن قرظة فقال : البرّ أخرج هذا ! والله ، لقد كلّمنى أن اُكلّم له عثمان فى شىء كان يدّعيه قبله بمكّة ، فأعطاه عثمان وقال : لولا أنت ما أعطيته ، إنّ هذا ـ ما علمت ـ بئس أخو العشيرة ; ثمّ جاء المشوم للحين ينصر عثمان .

ثمّ مرّ بعبد الله بن حميد بن زهير فقال : هذا أيضاً ممّن أوضع فى قتالنا ، زعم يطلب الله بذلك ، ولقد كتب إلىّ كتباً يؤذى فيها عثمان ، فأعطاه شيئاً ، فرضى عنه .

ومرّ بعبد الله بن حكيم بن حزام فقال : هذا خالف أباه فى الخروج ، وأبوه حيث لم ينصرنا قد أحسن فى بيعته لنا ، وإن كان قد كَفّ وجلس حيث شكّ فى القتال ، وما ألوم اليوم من كفّ عنّا وعن غيرنا ، ولكن المليم الذى يقاتلنا !

ثمّ مرّ بعبد الله بن المغيرة بن الأخنس فقال : أمّا هذا فقُتل أبوه يوم قتل عثمان فى الدار ، فخرج مغضباً لمقتل أبيه ، وهو غلام حدث حُيّن لقتله .

ثمّ مرّ بعبد الله بن أبى عثمان بن الأخنس بن شريق ، فقال : أمّا هذا فإنّى أنظر


(١) النحيزة : الطبيعة (مجمع البحرين : ٣ / ١٧٥٩) .

 ٢٥١ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلى

إليه وقد أخذ القوم السيوف هارباً يعدو من الصفّ ، فنَهنهتُ(١) عنه ، فلم يسمع من نهنهتُ حتي قتله . وكان هذا ممّا خفى علي فتيان قريش ، أغمار(٢) لا علم لهم بالحرب ، خدعوا واستزلّوا ، فلمّا وقفوا وقعوا فقتلوا .

ثمّ مشي قليلاً فمرّ بكعب بن سور(٣) فقال : هذا الذى خرج علينا فى عنقه المصحف ، يزعم أنّه ناصر اُمّه ، يدعو الناس إلي ما فيه وهو لا يعلم ما فيه ، ثمّ استفتح وخاب كلّ جبّار عنيد(٤) . أما إنّه دعا الله أن يقتلنى ، فقتله الله . أجلسوا كعب بن سور . فاُجلس ، فقال أمير المؤمنين : يا كعب ، قد وجدتُ ما وعدنى ربّى حقّاً ، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّاً ؟ ثمّ قال : أضجعوا كعباً .

ومرّ علي طلحة بن عبيد الله فقال : هذا الناكث بيعتى ، والمنشئ الفتنة فى الاُمّة ، والمجلب علىَّ ، الداعى إلي قتلى وقتل عترتى ، أجلسوا طلحة . فاُجلس ، فقال أمير المؤمنين : يا طلحة بن عبيد الله ، قد وجدتُ ما وعدنى ربّى حقّاً ، فهل وجدتَ ما وعد ربّك حقّاً ؟ ثمّ قال : أضجعوا طلحة ، وسار .

فقال له بعض من كان معه : يا أمير المؤمنين ، أ تُكلّم كعباً وطلحة بعد قتلهما ؟

قال : أمَ والله ، إنّهما لقد سمعا كلامى كما سمع أهل القليب(٥) كلام رسول الله  ½


(١) نهنهتَ : إذا صحتَ به لتكفّه (مجمع البحرين : ٣ / ١٨٤١) .
(٢) أغمار : جمع غمر : الذى لم يجرّب الاُمور (المحيط فى اللغة : ٥ / ٨١) .
(٣) كعب بن سور من بنى لقيط ، قتل يوم الجمل ، كان يخرج بين الصفّين معه المصحف يدعو إلي ما فيه ، فجاءه سهم غرب فقتله ، ولاّه عمر بن الخطّاب قضاء البصرة بعد أبى مريم ( الجرح والتعديل : ٧ / ١٦٢ / ٩١٢ ) .
(٤) إشارة للآية ١٥ من سورة إبراهيم .
(٥) القليب : البئر التى لم تُطوَ (النهاية : ٤ / ٩٨) وأشار  ¼ إلي كلام رسول الله  ½ فى غزوة بدر مع قتلي قريش الذين طُرحوا فى البئر (راجع السيرة النبوية لابن هشام : ٢ / ٢٩٢) .

 ٢٥٢ - المجلد الخامس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الاُولي : وقعة الجمل / الفصل التاسع : القتال / كلام الإمام عند تطوافه علي القتلي

يوم بدر(١) .


(١) الإرشاد : ١ / ٢٥٤ ، الجمل : ٣٩١ نحوه مع تقديم وتأخير ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٢٠٧ / ١٦٣ وراجع تصحيح الاعتقاد : ٩٣ والشافى : ٤ / ٣٤٤ والاحتجاج : ١ / ٣٨١ / ٧٣ و٧٤ وشرح نهج البلاغة : ١ / ٢٤٨ .