٢٩٣ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة
١ / ١ وصفت النصوص التاريخيّة والحديثية مثيرى حرب النهروان بخمس صفات، هى: ١ ـ المارقون أوّل من نعتهم بهذا الاسم هو رسول الله ½ ، وذلك أنّه كان يري بالبصيرة الإلهيّة بأنّ هذه الفئة بسبب تطرّفها الدينى تمرق من الدين بسرعة بحيث لا يبقي عليها أىّ أثر من الآثار الحقيقيّة للدين; فقال فى هذا المجال: "يمرقون من الدين(١) مروق السهم من الرميّة; فينظر الرامى إلي سهمه، إلي نصله، إلي رصافه، فيتماري ٢٩٤ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / أسماء مسعّرى الحرب / الحروريّة
فى الفوقة هل علق بها من الدم شيء"(١). ٢ ـ الحروريّة أمّا سبب تسميتهم بالحروريّة فقد أورد المبرّد فى كتابه "الكامل" ما يلى: وكان سبب تسميتهم الحروريّة أنّ عليّاً رضوان الله عليه لمّا ناظرهم ـ بعد مناظرة ابن عبّاس إيّاهم ـ كان فيما قال لهم: "ألا تعلمون أنّ هؤلاء القوم لمّا رفعوا المصاحف قلتُ لكم: إنّ هذه مكيدة ووهن، وأنّهم لو قصدوا إلي حكم المصاحف لم يأتونى(٢). ثم سألونى التحكيم، أفعلمتم أنّه ما كان منكم أحد أكره لذلك منّي؟ قالوا: اللهمّ نعم ... فرجع معه منهم ألفان من حَروُراء، وقد كانوا تجمّعوا بها. فقال لهم علىّ: ما نسمّيكم؟ ثمّ قال: أنتم الحروريّة; لاجتماعكم بحروراء"(٣). ٣ ـ الشُراة وهذا الاسم يحمل معنيين متضادّين: أ ـ مأخوذ من "شَرَي" بمعني "غضب" وقيل فى معناه: سُمّوا بذلك لأنَّهم غضبوا ولَجّوا(٤). (١) صحيح البخارى : ٦ / ٢٥٤٠ / ٦٥٣٢ ، صحيح مسلم : ٢ / ٧٤٣ / ١٤٧ كلاهما عن أبى سعيد ، سنن أبى داود : ٤ / ٢٤٣ / ٤٧٦٥ عن أبى سعيد وأنس بن مالك ، مسند ابن حنبل : ٤ / ١٢١ / ١١٥٧٩ عن أبى سعيد ومالك وكلاهما نحوه . ٢٩٥ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / أسماء مسعّرى الحرب / الخوارج
ب ـ مأخوذ من "شَرَي" بمعني "باع" . وكان الخوارج يعتبرون أنفسهم "شُراة" بهذا المعني ، بزعمهم أنّهم شروا دنياهم بالآخرة ، وأنّهم مصداق للآية الكريمة: ³ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ² (١) (٢). وقال علىّ ¼ فى ردّ هذه التصوّر الجاهل : بل إنّهم مصداق لهذه الآية: ³ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالاَْخْسَرِينَ أَعْمَالاً ± الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ² (٣) . ٤ ـ الخوارج وهذا الاسم من الأسماء المعروفة لمثيرى حرب النهروان ، وسمُّوا بهذا الاسم لخروجهم عن طاعة الإمام علىّ ¼ وتمرّدهم علي حكمه(٤) . ٥ ـ البُغاة البُغاة: مشتق من البغى بمعني التعدّى والظلم والفساد. فعندما سُئِل علىّ ¼ عن أصحاب النهروان هل هم مشركون أم منافقون؟ سمّاهم بغاة. ولهذه التسمية جذر قرآنى حيث يقول البارى تعالي: ³ وَإِن طَـائـِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَي الاُْخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِىءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ² (٥). (١) البقرة : ٢٠٧ . ٢٩٦ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / إخبار النبىّ عن خصائصهم ومصيرهم
وممّا ينبغى الالتفات إليه فى هذا المضمار أنّ الأسماء الثلاثة الاُول خاصّة بأصحاب النهروان، أمّا لفظتى: "الخوارج" و"البُغاة" فلا تختصّان بهم، وإنّما تشملان الناكثين والقاسطين أيضاً، وكلّ من يتمرّد علي الإمام العادل. ١ / ٢ إخبار النبىّ عن خصائصهم ومصيرهم ٢٦٢٧ ـ رسول الله ½ ـ فى الحروريّة ـ : يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرَّمِيَّة(١)(٢) . ٢٦٢٨ ـ عنه ½ : إنَّ أقواماً يتعمّقونَ فى الدِّين ، يمرقونَ كما يمرقُ السَّهمُ مِن الرَّمِيَّة(٣) . ٢٦٢٩ ـ صحيح البخارى عن أبى سلمة وعطاء بن يسار : إنّهما أتيا أبا سعيد الخدرى فسألاه عن الحَرُورِيّة : أ سمعت النبىّ ½ ؟ قال : لا أدرى ما الحروريّة ؟ سمعت النبىّ ½ يقول : يخرج فى هذه الاُمّة ـ ولم يقل منها ـ قوم تحقرون صلاتكم ، مع صلاتهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم ، يمرقون (١) الرَّمِيّة : الصيد الذى ترميه فتقصده وينفذ فيه سهمك . وقيل : هى كلّ دابّة مرميّة (النهاية : ٢ / ٢٦٨) . ٢٩٧ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / إخبار النبىّ عن خصائصهم ومصيرهم
من الدين مروق السهم من الرَّمِيّة فينظر الرامى إلي سهمه ، إلي نَصْله ، إلي رِصافِهِ(١) ، فيتماري(٢) فى الفُوْقَة(٣) ، هل علق بها من الدم شىء(٤)(٥) . ٢٦٣٠ ـ صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدرى : إنّ النبىّ ½ ذكر قوماً يكونون فى اُمّته يخرجون فى فرقة من الناس ، سيماهم التحالُق ، هم شرّ الخلق ـ أو من أشرّ الخلق ـ يقتلهم أدني الطائفتين إلي الحقّ(٦) . ٢٦٣١ ـ صحيح مسلم عن أبى ذرّ : قال رسول الله ½ : إنّ بعدى من اُمّتى ـ أو سيكون بعدى من اُمّتى ـ قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمِيّة ، ثمّ لا يعودون فيه . هم شرّ الخلق والخليقة (٧) (٨) . (١) الرِّصاف : عَقَبٌ يُلوي علي مدخل النصل فيه (النهاية : ٢ / ٢٢٧) . ٢٩٨ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / إخبار النبىّ عن خصائصهم ومصيرهم
٢٦٣٢ ـ رسول الله ½ : تمرق مارقة فى فُرقة من الناس ، فَيَلى قتلهم أوْلَي الطائفتين(١) بالحقّ(٢) . ٢٦٣٣ ـ عنه ½ : تكون فى اُمّتى فرقتان ; فتخرج من بينهما مارقة ، يلى قتلهم أولاهم بالحقّ(٣) . ٢٦٣٤ ـ عنه ½ : إنّ فرقة تخرج عند اختلاف الناس ، تقتلهم أقرب الطائفتين بالحقّ(٤) . ٢٦٣٥ ـ سنن أبى داود عن أبى سعيد الخدرى وأنس بن مالك عن رسول الله ½ : سيكون فى اُمّتى اختلاف وفرقة ، قوم يُحسنون القيل ويُسيؤون الفعل ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرَّميَّة ، لا يرجعون حتي يرتدّ علي فُوْقِهِ ، هم شرّ الخلق والخليقة ، طوبي لمن قتلهم وقتلوه ، يَدعون إلي كتاب الله وليسوا منه فى شىء ، من قاتلهم كان أولي بالله منهم . قالوا : (١) المقصود من الطائفتين هما الطائفتان المتحاربتان فى صفّين . ٢٩٩ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / إخبار النبىّ عن خصائصهم ومصيرهم
يا رسول الله ما سيماهم ؟ قال : التحليق(١) . ٢٦٣٦ ـ رسول الله ½ : يأتى فى آخر الزمان قومٌ حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البريّة ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميّة ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ; فإنّ فى قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة(٢) . ٢٦٣٧ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أنس : إنّ النبىّ ½ قال : سيكون فى اُمّتى اختلاف وفرقة ، وسيجىء قوم يُعجبونكم وتُعجبهم أنفسهم ، الذين يقتلونهم أولي بالله منهم ، يُحسنون القيل ويُسيؤون الفعل ، ويدعون إلي الله وليسوا من الله فى شىء ، فاذا لقيتموهم فأنِيْمُوهم(٣) . قالوا : يا رسول الله ، أنْعِتهم لنا . قال : آيتهم الحلق والتسبيت . يعنى استئصال التقصير ، قال : والتسبيت استئصال الشعر(٤) . ٢٦٣٨ ـ مسند ابن حنبل عن سعيد بن جهمان : كنّا نقاتل الخوارج وفينا عبد الله بن أبى أوفي وقد لحق له غلام بالخوارج ، وهم من ذلك الشطّ ونحن من ذا الشطّ ، (١) سنن أبى داود : ٤ / ٢٤٣ / ٤٧٦٥ ، مسند ابن حنبل : ٤ / ٤٤٦ / ١٣٣٣٧ وزاد فيه "يحقر أحدهم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم" بعد "تراقيهم" ، السنن الكبري : ٨ / ٢٩٧ / ١٦٧٠٣ ، المستدرك علي الصحيحين : ٢ / ١٦١ / ٢٦٤٩ نحوه ; إعلام الوري :١ / ٩٢ كلاهما عن أنس بن مالك . ٣٠٠ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / روايات عائشة فيهم
فناديناه : أبا فيروز ، أبا فيروز ! ويحك ! هذا مولاك عبد الله بن أبى أوفي ، قال : نِعم الرجل هو لو هاجر ! قال : ما يقول عدوّ الله ؟ قال : قلنا : يقول : نِعم الرجل لو هاجر ! قال : فقال : أ هجرة بعد هجرتى مع رسول الله ½ ؟ ثمّ قال : سمعت رسول الله ½ يقول : طوبي لمن قتلهم وقتلوه(١) . ٢٦٣٩ ـ صحيح البخارى عن يسير بن عمرو : قلت لسهل بن حنيف : هل سمعت النبىّ ½ يقول فى الخوارج شيئاً ؟ قال : سمعته يقول ـ وأهوي بيده قِبَل العراق ـ : يخرج منه قوم يقرؤون القرآن ، لا يُجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمِيّة(٢) . ٢٦٤٠ ـ شرح نهج البلاغة : قد تظافرت الأخبار ـ حتي بلغت حدّ التواتر ـ بما وعد الله تعالي قاتلى الخوارج من الثواب علي لسان رسوله ½ (٣) . ١ / ٣ ٢٦٤١ ـ السنّة عن أبى سعيد الرقاشى : دخلت علي عائشة فقالت : ما بالُ (١) مسند ابن حنبل : ٧ / ٥٤ / ١٩١٧٠ وص ١٠٦ / ١٩٤٣١ ، السنّة لابن أحمد بن حنبل : ٢٧٩ / ١٤٤٧ ، الطبقات الكبري : ٤ / ٣٠١ والثلاثة الأخيرة عن سعيد بن جمهان ، السنّة لابن أبى عاصم : ٤٢٤ / ٩٠٦ عن أبى حفص وكلّها نحوه . ٣٠١ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / روايات عائشة فيهم
أبى الحسن يقتل أصحابه القُرّاء ؟ ! قال : قلت : يا اُمّ المؤمنين ، إنّا وجدنا فى القتلي ذا الثُّدَيَّة . قال : فشهقتْ أو تنفّستْ ثمّ قالت : كاتمُ الشهادة مع شاهدِ الزور ، سمعت رسول الله ½ يقول : يقتل هذه العصابة خير اُمّتى(١) . ٢٦٤٢ ـ شرح نهج البلاغة عن مسروق : إنّ عائشة قالت له لمّا عرفتْ أنّ عليّاً ¼ قتل ذا الثُّدَيّة : لعن الله عمرو بن العاص ! فإنّه كتب إلىَّ يخبرنى أنّه قتله بالإسكندريّة ، ألا إنّه ليس يمنعنى ما فى نفسى أن أقول ما سمعته من رسول الله ½ ، يقول : يقتله خير اُمّتى من بعدى(٢) . ٢٦٤٣ ـ شرح نهج البلاغة عن مسروق : قالت لى عائشة : إنّك من وُلدى ، ومن أحبّهم إلىَّ ، فهل عندك علم من المخدَج ؟ فقلت : نعم ، قتله علىّ بن أبى طالب علي نهر يقال لأعلاه : تامرّا ، ولأسفله : النهروان ، بين لَخاقيق(٣) وطَرفاء . قالت : ابغِنى علي ذلك بيّنة ، فأقمت رجالاً شهدوا عندها بذلك . فقلت لها : سألتكِ بصاحب القبر ، ما الذى سمعت من رسول الله ½ فيهم ؟ فقالت : نعم ، سمعته يقول : إنّهم شرّ الخلق والخليقة ، يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم عند الله وسيلة(٤) . (١) السنّة لابن أبى عاصم : ٥٨٥ / ١٣٢٧ ، المعجم الأوسط : ٧ / ٢١٠ / ٧٢٩٥ . ٣٠٢ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / المارقون من وجهة نظر الإمام
١ / ٤ ٢٦٤٤ ـ الإمام الحسين عن الإمام علىّ ¤ : أنّه سئل عن أهل النهروان(١) أ مشركين كانوا ؟ قال : من الشرك فرّوا ، فقيل : يا أمير المؤمنين ، منافقين كانوا ؟ قال : المنافقون لا يذكرون الله إلاّ قليلاً ، فقيل له : فما هم ؟ قال : قوم بغَوا علينا ، فنصرَنا الله عليهم(٢) . ٢٦٤٥ ـ الفتوح عن حبيب بن عاصم الأزدى ـ للإمام علىّ ¼ ـ : يا أمير المؤمنين ، هؤلاء الذين نقاتلهم ، أ كفّارٌ هم ؟ فقال علىّ : من الكفر هربوا ، وفيه وقعوا . قال : أ فمنافقون ؟ فقال علىّ : إنّ المنافقين لا يذكرون الله إلاّ قليلاً . قال : فما هم يا أمير المؤمنين حتي اُقاتلهم علي (١) نهروان : هى كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقى ، حدّها الأعلي متّصل ببغداد ، وفيها عدّة بلاد متوسّطة ، وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ مع الخوارج مشهورة (معجم البلدان : ٥ / ٣٢٤) . ٣٠٣ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / المارقون من وجهة نظر الإمام
بصيرة ويقين ؟ فقال علىّ : هم قوم مرقوا من دين الإسلام ، كما مرق السهم من الرمِيّة ; يقرؤون القرآن فلا يتجاوز تراقيهم ، فطوبي لمن قتلهم أو قتلوه(١) . ٢٦٤٦ ـ المستدرك علي الصحيحين عن عامر بن واثلة : سمعت عليّاً ¢ قام فقال : سلونى قبل أن تفقدونى ، ولن تسألوا بعدى مثلى . فقام ابن الكوّاء فقال :مَن ³ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ² (٢) ؟ قال : منافقو قريش قال : فمَن ³ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ² ؟(٣) قال : منهم أهل حَرَوْراء(٤) (٥) . ٢٦٤٧ ـ الكامل للمبرّد : إنّ عليّاً ¢ تُلى بحضرته : ³ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالاَْخْسَرِينَ أَعْمَالاً ± الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ² (٦) فقال علىّ : أهل حَرَوْراء منهم(٧) . (١) الفتوح : ٤ / ٢٧٢ . ٣٠٤ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / المارقون من وجهة نظر الإمام
٢٦٤٨ ـ نهج البلاغة : سمع علىٌّ ¼ رجلا من الحروريّة يتهجّد ويقرأ ، فقال : نوم علي يقين خير من صلاة فى شكّ(١) . ٢٦٤٩ ـ إرشاد القلوب : إنّه [عليّاً ¼ ] خرج ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجّهاً إلي داره وقد مضي ربع من الليل ومعه كميل بن زياد ـ وكان من خيار شيعته ومحبّيه ـ فوصل فى الطريق إلي باب رجل يتلو القرآن فى ذلك الوقت ، ويقرأ قوله تعالي : ³ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائـِمًا يَحْذَرُ الاَْخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاَْلْبَابِ ² (٢) ، بصوت شجىّ حزين ، فاستحسن ذلك كميل فى باطنه ، وأعجبه حال الرجل من غير أن يقول شيئاً ، فالتفت إليه ¼ وقال : يا كميل ، لا تعجبك طنطنة الرجل ، إنّه من أهل النار وساُنبّئك فيما بعد ، فتحيّر كميل لمشافهته له علي ما فى باطنه ، وشهادته للرجل بالنار مع كونه فى هذا الأمر ، وفى تلك الحالة الحسنة ظاهراً فى ذلك الوقت ، فسكت كميل متعجّباً متفكّراً فى ذلك الأمر . ومضي مدّة متطاولة إلي أن آل حال الخوارج إلي ما آل ، وقاتلهم أمير المؤمنين ¼ ، وكانوا يحفظون القرآن كما اُنزل ، والتفت أمير المؤمنين إلي كميل بن زياد وهو واقف بين يديه والسيف فى يده يقطر دماً ، ورؤوس اُولئك الكفرة الفجرة محلّقة علي الأرض ، فوضع رأس السيف من رأس تلك الرؤوس ، وقال : يا كميل ³ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائـِمًا ² أى هو ذلك الشخص الذى (١) نهج البلاغة : الحكمة ٩٧ ، خصائص الائمّة ¥ : ٩٥ وراجع عيون الحكم والمواعظ : ٤٩٧ / ٩١٦٣ وغرر الحكم : ٩٩٥٨ وكنز العمّال : ٣ / ٨٠٠ / ٨٨٠١ . ٣٠٥ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / مباهات الإمام بقتالهم
كان يقرأ فى تلك الليلة فأعجبك حاله . فقبّل كميل مقدّم قدميه واستغفر الله(١) . ٢٦٥٠ ـ الإمام علىّ ¼ : إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا فى الإسلام علي ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج والشبهة والتأويل(٢) . ١ / ٥ ٢٦٥١ ـ الإمام علىّ ¼ : قال رسول الله ½ : . . . يا علىّ ! أنت منّى وأنا منك ، يا علىّ ! لولا أنت لَما قوتل أهل النهر ، فقلت : يا رسول الله ! ومن أهل النهر ؟ قال : قوم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميّة(٣) . ٢٦٥٢ ـ عنه ¼ : أنا فقأت عين الفتنة(٤) . ٢٦٥٣ ـ عنه ¼ : أمّا بعد حمد الله والثناء عليه ، أيّها الناس ! فإنّى فقأت عين الفتنة ، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيرى بعد أن ماج غَيْهَبُها ، واشتدّ كَلَبُها(٥) (٦) . (١) إرشاد القلوب : ٢٢٦ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٣٩٩ / ٦٢٠ . ٣٠٦ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / نهى الإمام عن قتالهم بعده
٢٦٥٤ ـ عنه ¼ : أنا فقأت عين الفتنة ، ولولا أنا ما قوتل أهل النهروان ، وأهل الجمل ، ولولا أنّى أخشي أن تتركوا العمل لأخبرتكم بالذى قضي الله عزّ وجلّ علي لسان نبيّكم ½ لمن قاتلهم مبصراً لضلالهم عارفاً بالهدي الذى نحن عليه(١) . ٢٦٥٥ ـ الغارات عن زرّ بن حبيش : خطب علىّ ¼ بالنهروان . . . فحمد الله وأثني عليه ثمّ قال : أيّها الناس ! أمّا بعد ; أنا فقأت عين الفتنة ، ولم يكن أحد ليجترئ عليها غيرى . . . ولو لم أكُ فيكم ما قوتل أصحاب الجمل ، وأهل النهروان . وايم الله ، لولا أن تنكلوا ، وتَدَعوا العمل ، لحدّثتكم بما قضي الله علي لسان نبيّكم ½ لمن قاتلهم مبصراً لضلالتهم ، عارفاً للهدي الذى نحن عليه(٢) . ١ / ٦ ٢٦٥٦ ـ نهج البلاغة : قال ¼ : لا تُقاتلوا الخوارج بعدى ; فليس مَن طلب الحقّ فأخطأه كمَنْ طَلَبَ الباطلَ فأدركه . قال الشريف الرضى : يعنى معاوية وأصحابه(٣) . (١) خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٣٢٤ / ١٨٨ ، السنّة لابن أحمد بن حنبل : ٢٧٣ / ١٤٢١ ، حلية الأولياء : ٤ / ١٨٦ ; الغارات : ١ / ١٦ كلّها عن زرّ بن حبيش . ٣٠٧ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم
٢٦٥٧ ـ الإمام الباقر ¼ : ذُكرت الحرورية عند علىّ ¼ قال : إن خرجوا مع جماعة أو علي إمام عادل فقاتلوهم ، وإن خرجوا علي إمام جائر فلا تقاتلوهم ; فإنّ لهم فى ذلك مقالا(١) . ٢٦٥٨ ـ عبد الله بن الحارث عن رجل من بنى نضير بن معاوية : كنّا عند علىّ فذكروا أهل النهر ، فسبّهم رجل فقال علىّ : لا تسبّوهم ، ولكن إن خرجوا علي إمام عادل فقاتلوهم ، وإن خرجوا علي إمام جائر فلا تقاتلوهم ; فإنّ لهم بذلك مقالاً (٢) . ١ / ٧ انبثق الخوارج من قلب فئة كانت تسكن الكوفة وتعرف باسم "القراء". وجاءت نشأتهم فى ظل مشاعر جيّاشة استفحلت فى الأيّام الأخيرة من معركة صفّين، ولم تأتِ من نوازع قائمة علي التفكير والتعقّل. كان زمام قيادتهم (١) علل الشرائع : ٦٠٣ / ٧١ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ١٤٥ / ٢٥٢ كلاهما عن السكونى عن الإمام الصادق ¼ وفيه "علي إمام عادل أو جماعة" بدل "مع جماعة أو علي إمام عادل" . ٣٠٨ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم / حرقوص بن زهير
العسكريّة بيد شبث بن ربعى، فيما كان زمام زعامتهم الدينيّة والفكريّة بيد عبد الله ابن الكوّاء. وفى أعقاب تقلّص حدّة المشاعر، ومن بعد المناظرات والاحتجاجات التى أجراها معهم الإمام علىّ ¼ وعبد الله بن عبّاس، انشقَّ هذان الشخصان عن الخوارج وعادا إلي جيش الإمام علىّ ¼ ، وكانا فى عداد جيشه عند اضطرام معركة النهروان، وتولّي شبث بن ربعى قيادة ميسرة جيش الإمام. وأخذ بزمام قيادة الخوارج فيما بعد أفراد من عامّة الناس ومن مجاهيلهم، ولا تتوفّر بين أيدينا معلومات عنهم. وقد وردت أسماء أشخاص مثل شريح بن أوفي، وزيد بن الحصين، وحمزة بن سنان فى عداد الشخصيّات البارزة للخوارج، ولكن لا تتوفّر لدينا معلومات عن حياتهم وسيرتهم. ١ / ٧ ـ ١ كان حرقوص من الصحابة(١) ، ولكنّه خاو من الاعتقاد الراسخ . وقد ذكرنا كلمته البذيئة النابية لرسول الله ½ فى غزوة حنين ، إذ قال له : اعدِلْ يا محمّد ! وكذلك جواب النبىّ ½ له(٢) . أمره عمر بن الخطّاب بقمع التمرّد الذى قام به (١) تاريخ الطبرى : ٤ / ٧٦ ، اُسد الغابة : ١ / ٧١٤ / ١١٢٧ وج ٢ / ٢١٤ / ١٥٤١ وفيه "اسمه الآخر : ذو الخُوَيصرة ، وذو الثدية" ، الإصابة : ٢ / ٤٤ / ١٦٦٦ وفيه "عدّ هذين اسمين لشخصين" . ولمزيد الاطّلاع علي مختلف الأقوال فى هذه المسألة راجع فتح البارى : ١٢ / ٢٩٢ . ٣٠٩ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم / حرقوص بن زهير
الهرمزان فى خوزستان ، فنجح فى مهمّته(١) . وشارك فى الثورة علي عثمان . وهمّ أصحاب الجمل بقتله ، لكنّه استطاع الفرار من أيديهم(٢) . كان فى عداد أصحاب الإمام أمير المؤمنين ¼ أيّام خلافته ، لكنّه انخدع بمكيدة عمرو بن العاص فى صفّين ، ووقف بوجه الإمام ¼ ، وقام بدور مهمّ فى فرض التحكيم ، بما كان يحمله من أرضيّة فكريّة وروحيّة منحرفة كما أشرنا إلي ذلك سلفاً . وكان عنصراً مؤثّراً أيضاً فى تنظيم الخوارج لحرب الإمام ¼ . كما كان متشدّداً فى عدائه له وحقده عليه(٣) . وهو وإن رفض الإمارة علي أصحاب النهروان ، لكنّه كان علي رجّالتهم فى تلك المعركة(٤) . ثمّ قتله الإمام ¼ فيها(٥) . وكان رسول الله ½ قد أخبر بهلاكه فى النهروان ، وعن كيفيّة ذلك . وبعد معركة النهروان قال الإمام ¼ : اطلبوه ، فلم يجدوه ، فقال ¼ مؤكّداً : ارجِعوا ، فو الله ما كَذبتُ ولا كُذِّبتُ مرّتين أو ثلاثاً ثمّ وجدوه فى خربة(٦) . فهذا التأكيد دليل علي حقّانيّة الإمام ¼ من جهة ، وعلي انحراف الخوارج وضلالهم الثابت من جهة اُخري ، وهو خطوة لتثبيت قلوب أصحاب الإمام ¼ (١) اُسد الغابة : ١ / ٧١٤ / ١١٢٧ ، الإصابة : ٢ / ٤٤ / ١٦٦٦ ، تاريخ الطبرى : ٤ / ٧٦ . ٣١٠ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم / حرقوص بن زهير
الذين كان قد شقّ عليهم قتال اُناس يتظاهرون بالزهد والعبادة . وهكذا أصحر الإمام ¼ بحقّه وثبات خُطاه هو وأصحابه مراراً فى معركة النهروان . ٢٦٥٩ ـ الإرشاد : لمّا قسّم رسول الله ½ غنائم حنين ، أقبل رجل طوال آدَم أجنأ (١) ، بين عينيه أثر السجود ، فسلّم ولم يخصّ النبىّ ½ ، ثمّ قال : قد رأيتك وما صنعت فى هذه الغنائم . قال : وكيف رأيت ؟ قال : لم أرَك عدلت ! فغضب رسول الله ½ وقال : ويلك ! إذا لم يكن العدل عندى فعند مَن يكون ؟ ! فقال المسلمون : أ لا نقتله ؟ فقال : دعوه ; سيكون له أتباع يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ، يقتلهم الله علي يد أحبّ الخلق إليه من بعدى . فقتله أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ فيمن قتل يوم النهروان من الخوارج (٢) . ٢٦٦٠ ـ صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله : أتي رجل رسولَ الله ½ بالجِعْرانة منصرَفَه من حنين وفى ثوب بلال فضّةٌ ، ورسول الله ½ يقبض منها ، يُعطى الناس ، فقال : يا محمّد ! اعدل . قال : ويلك ! ومن يعدل إذا لم أكُن أعدل ؟ قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل . فقال عمر بن الخطّاب : دعنى يا رسول الله فأقتل هذا المنافق . فقال : معاذ الله أن يتحدّث الناس أنّى أقتل أصحابى ، إنّ هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرميّة(٣) . (١) الاُدمة : السُّمرة . وأجنأ : أى أحدب الظهر (لسان العرب : ١٢ / ١١ وج ١ / ٥٠) . ٣١١ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم / حرقوص بن زهير
٢٦٦١ ـ السنّة عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أتاه رجل ـ يعنى النبىّ ½ ـ وهو يقسم تبراً يوم حنين ، فقال : يا محمّد ! اعدل ، فقال : ويحك ! إن لم أعدل عند من يُلتمس العدل ؟ ثمّ قال : يوشك أن يأتى قوم مثل هذا يسألون كتاب الله وهم أعداؤه ، يقرؤون كتاب الله ، محلّقة رؤوسهم ، إذا خرجوا فاضربوا أعناقهم(١) . ٢٦٦٢ ـ صحيح البخارى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن : إنّ أبا سعيد الخدرى قال : بينما نحن عند رسول الله ½ وهو يقسم قَسْماً ، أتاه ذو الخويصرة ـ وهو رجل من بنى تميم ـ فقال : يا رسول الله ! اعدل ، فقال : ويلك ! ومن يعدل إذا لم أعدل ؟ قد خِبت وخسرت إن لم أكُن أعدل . فقال عمر : يا رسول الله ، ائذن لى فيه فأضرب عنقه ؟ فقال : دعْه ; فإنّ له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة . ينظر إلي نصله فلا يوجد فيه شىء ، ثمّ ينظر إلي رِصافه فما يوجد فيه شىء ، ثمّ ينظر إلي نضيّه ـ وهو قِدْحه(٢) ـ فلا يوجد فيه شىء ، ثمّ ينظر إلي قذذه(٣) فلا يوجد فيه شىء ، قد سبق الفرث والدم . آيتهم رجل أسود ، إحدي عضديه مثل ثدى المرأة ، أو مثل البضعة تدردر ، ويخرجون علي حين فرقة من الناس . (١) السنّة لابن أبى عاصم : ٤٤٦ / ٩٤٤ ، المستدرك علي الصحيحين : ٢ / ١٥٩ / ٢٦٤٤ نحوه ، كنز العمّال : ١١ / ٣١٦ / ٣١٦١٠ نقلاً عن ابن جرير . ٣١٢ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم / حرقوص بن زهير
قال أبو سعيد : فأشهد أنّى سمعت هذا الحديث من رسول الله ½ ، وأشهد أنّ علىّ بن أبى طالب قاتلهم وأنا معه ، فأمر بذلك الرجل فالتُمِس ، فاُتى به حتي نظرت إليه علي نعت النبىّ ½ الذى نعته(١) . ٢٦٦٣ ـ الكامل للمبرّد : يُروي أنّ رجلاً أسود شديد بياض الثياب وقف علي رسول الله ½ وهو يقسم غنائم خيبر ـ ولم تكن إلاّ لمن شهد الحديبية ـ فأقبل ذلك الأسود علي رسول الله ½ ، فقال : ما عدلتَ منذ اليوم ! فغضب رسول الله ½ حتي رؤى الغضب فى وجهه ، فقال عمر بن الخطّاب : أ لا أقتله يا رسول الله ؟ فقال : إنّه سيكون لهذا ولأصحابه نبأ . قال أبو العباس : وفى حديث آخر : إنّ رسول الله ½ قال له : ويحك ! فمن يعدل إذا لم أعدل ؟ ثمّ قال لأبى بكر : اقتله ، فمضي ثمّ رجع ، فقال : يا رسول الله ، رأيته راكعاً . ثمّ قال لعمر : اقتله ، فمضي ثمّ رجع ، فقال : يا رسول الله ، رأيته ساجداً . ثمّ قال لعلىّ : اقتله ، فمضي ثمّ رجع ، فقال : يا رسول الله ، لم أرَه(٢) . ٢٦٦٤ ـ مسند أبى يعلي عن أنس بن مالك : كان رجل علي عهد رسول الله ½ يغزو مع رسول الله ½ ، فإذا رجع وحطّ عن راحلته ، عمد إلي مسجد الرسول ، فجعل (١) صحيح البخارى : ٣/١٣٢١/٣٤١٤ ، صحيح مسلم : ٢ / ٧٤٤ / ١٤٨ ، اُسد الغابة : ٢/٢١٤/١٥٤١ كلاهما عن أبى سلمة والضحّاك ، مسند ابن حنبل : ٢ / ٦٨٠ / ٧٠٥٩ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ٤ / ١٣٩ كلاهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه . ٣١٣ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم / عبد الله بن وهب
يُصلّى فيه فيطيل الصلاة ، حتي جعل بعض أصحاب النبىّ ½ يرون أنّ له فضلا عليهم . فمرّ يوماً ورسول الله ½ قاعد فى أصحابه . فقال له بعض أصحابه : يا نبى الله ، هذا ذاك الرجل ـ فإمّا أرسل إليه نبى الله ½ ، وإمّا جاء من قبل نفسه ـ فلمّا رآه رسول الله ½ مقبلا قال : والذى نفسى بيده إنّ بين عينيه سفعة(١) من الشيطان . فلمّا وقف علي المجلس قال له رسول الله ½ : أ قلت فى نفسك حين وقفت علي المجلس : ليس فى القوم خيرٌ منّى ؟ . قال : نعم !(٢) ١ / ٧ ـ ٢ تولّي قيادة الخوارج فى فتنة النهروان . وليس فى أيدينا معلومات تُذكَر عن ماضيه . علماً أنّه لم يَقُم بالأمر فى بداية تبلور التيّار الخارجى ; فقد كان ابن الكوّاء أمير الصلاة ، وشَبَث بن رِبعىّ أمير الحرب(٣) . ثمّ انفصلا عن الخوارج فيما بعد(٤) ، ممّا دفعهم إلي البحث عن قائد جديد لهم . وكان المرشّحون للقيادة : هم زيد بن حُصَين ، وحرقوص بن زُهير ، وحمزة بن سِنان ، وشُريح بن أوفي ، بَيْد أنّهم رفضوا ذلك ، فتأمّر عبد الله بن وهب عليهم(٥) . ونظّمهم من أجل الحرب ، ودعاهم إليها فى خُطَبه الحماسيّة ، وحذّرهم من التحدّث إلي الإمام (١) أى علامة (النهاية : ٢ / ٣٧٥) . ٣١٤ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثالثة : وقعة النهروان / الفصل الأوّل : نظرة عامّة / هويّة رؤسائهم / عبد الله بن وهب
أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ ، والاستماع إلي خُطَبِهِ(١) . وتدلّ بعض النصوص التاريخيّة علي أنّه لم يكن ثابت العقيدة فى طريقه الذى كان قد اختاره لنفسه(٢) . ونقل المؤرّخون أنّه دعا الإمام عليّاً ¼ إلي البِراز بكلّ وقاحة وصلافة ، ولكنّه قُتل فى اللحظات الاُولي التى واجه فيها ليث الوغي الذى لا نِدّ له(٣) . (١) صحيح مسلم : ٢ / ٧٤٨ / ١٥٦ ، سنن أبى داود : ٤ / ٢٤٥ / ٤٧٦٨ ، السنن الكبري : ٨ / ٢٩٥ / ١٦٧٠٠ ; العمدة : ٤٦٤ / ٩٧٢ . |