١٠٣ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال
٨ / ١ ٢٤٦٥ ـ تاريخ الطبرى عن زيد بن وهب الجهنى : إنّ عليّاً خرج إليهم غداة الأربعاء فاستقبلهم فقال : اللهمّ ! ربّ السقف المرفوع المحفوظ المكفوف ، الذى جعلته مَغيضاً(١) للّيل والنهار ، وجعلت فيه مجري الشمس والقمر ومنازل النجوم ، وجعلت سكّانه سِبطاً(٢) من الملائكة ، لا يسأمون العبادة . وربّ هذه الأرض التى جعلتها قراراً للأنام والهوامّ والأنعام ، وما لا يُحصي ممّا لا يُري وممّا يُري من خلقك العظيم . وربّ الفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس ، وربّ السحاب المسخَّر بين السماء والأرض ، وربّ البحر المسجور المحيط بالعالم ، (١) غاضَه : أى نَقَصَهُ (لسان العرب : ٧ / ٢٠١) . ١٠٤ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / دعاءُ الإمام قبل القتال
وربّ الجبال الرواسى التى جعلتها للأرض أوتاداً ، وللخلق متاعاً ; إن أظهرتنا علي عدوّنا فجنّبنا البغى ، وسدّدنا للحقّ ، وإن أظهرتهم علينا فارزقنى الشهادة ، واعصم بقيّة أصحابى من الفتنة(١) . وزاد فى البداية والنهاية : ثمّ تقدّم علىّ وهو فى القلب فى أهل المدينة ، وعلي ميمنته يومئذ عبد الله بن بديل ، وعلي الميسرة عبد الله بن عبّاس ، وعلي القرّاء عمّار ابن ياسر وقيس بن سعد ، والناس علي راياتهم فزحف بهم إلي القوم(٢) . ٢٤٦٦ ـ الإمام علىّ ¼ ـ يوم صفّين ـ : اللهمّ إليك رُفعت الأبصار ، وبُسطت الأيدى ، ونُقلت الأقدام ، ودعت الألسن ، وأفضت القلوب ، وتحوكم إليك فى الأعمال ، فاحكم بيننا وبينهم بالحقّ وأنت خير الفاتحين . اللهمّ إنّا نشكو إليك غيبة نبيّنا وقلّة عددنا وكثرة عدوّنا وتشتّت أهوائنا وشدّة الزمان وظهور الفتن . أعنّا عليهم بفتح تعجّله ، ونصر تُعزّ به سلطان الحقّ وتظهره(٣) . ٢٤٦٧ ـ عنه ¼ ـ فى دعائه عند ابتداء القتال يوم صفّين لمّا زحفوا باللواء ـ : بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلىّ العظيم ، اللهمّ إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ، يا الله يا رحمن يا رحيم ، يا أحد يا صمد يا إله محمّد ، إليك نقلت الأقدام ، وأفضت (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٤ ; نهج البلاغة : الخطبة ١٧١ وليس فيه من "و ربّ الفلك" إلي "بالعالم" ، مهج الدعوات : ١٣٣ عن يعقوب بن شعيب ، المصباح للكفعمى : ٤٠٣ كلاهما عن الإمام الصادق عنه ¥ ، وقعة صفّين : ٢٣٢ ، بحار الأنوار : ٩٤ / ٢٤١ . ١٠٥ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / الأمر بالقتال
القلوب ، وشخصت الأبصار ، ومدّت الأعناق ، وطلبت الحوائج ، ورفعت الأيدى ، اللهمّ افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين . ثمّ قال : لا إله إلاّ الله والله أكبر ـ ثلاثاً ـ (١) . ٨ / ٢ ٢٤٦٨ ـ الأخبار الطوال : لما انسلخ المحرّم بعث علىّ مُنادِياً ، فنادَي فى عسكر معاوية عند غروب الشمس : إنّا أمسكنا لتنصرم الأشهر الحرم ، وقد تصرّمت ، وَإنّا نَنْبِذُ إليكم علي سواء ، إنّ الله لا يُحبُّ الخائنين(٢) . ٢٤٦٩ ـ تاريخ الطبرى عن جعفر بن حذيفة : مكث الناس حتي إذا دنا انسلاخ المحرّم أمر علىّ مرثد بن الحارث الجشمى ، فنادي أهل الشام ـ عند غروب الشمس ـ : ألا إنّ أمير المؤمنين يقول لكم : إنّى قد استدمتكم لتراجعوا الحقّ وتنيبوا إليه ، واحتججت عليكم بكتاب الله عزّ وجلّ ، فدعوتكم إليه ، فلم تناهوا عن طغيان ، ولم تجيبوا إلي حقّ ، وإنّى قد نبذت إليكم علي سواء ، إنّ الله لا يحبُّ الخائنين . ففزع أهل الشام إلي اُمرائهم ورؤسائهم ، وخرج معاوية وعمرو بن العاص فى الناس يكتّبان الكتائب ويعبّيان الناس ، وأوقدوا النيران ، وبات علىّ ليلته كلّها (١) مهج الدعوات : ١٢٧ ، وقعة صفّين : ٤٧٧ عن جابر بن عُمير الأنصارى ; شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢١١ ، ينابيع المودّة : ٢ / ١١ وزاد فيها "اللهمّ إنّا نشكو إليك غيبة نبيّنا وكثرة عدوّنا وتشتّت أهوائنا" قبل "اللهمّ افتح" وراجع كتاب سليم بن قيس : ٢ / ٩٠٢ / ٥٩ . ١٠٦ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / تحريض الإمام أصحابه علي القتال
يعبّى الناس ، ويكتّب الكتائب ، ويدور فى الناس يحرّضهم(١) . ٨ / ٣ تحريض الإمام أصحابه علي القتال ٢٤٧٠ ـ تاريخ دمشق عن ابن عبّاس : عقم النساء أن يأتين بمثل أمير المؤمنين علىّ ابن أبى طالب ، والله ما رأيت ولا سمعت رئيساً يوزن به ، لرأيته ـ يوم صفّين ـ وعلي رأسه عمامة قد أرخي طرفيها كأنّ عينيه سراجا سليط وهو يقف علي شرذمة يحضّهم حتي انتهي إلىَّ وأنا فى كنف من الناس فقال : معاشر المسلمين ! استشعروا الخَشية ، وغضّوا الأصوات ، وتجَلبَبوا السكينة ، واعملوا الأسنّة ، وأقلقوا السيوف قبل السلّة ، واطعنوا الرخر(٢) ، ونافِحوا بالظُّبا ، وصِلُوا السيوف بالخُطا ، والنبال بالرماح ، فإنّكم بعين الله ومع ابن عمّ نبيّه ½ . عاودوا الكَرّ ، واستحيوا من الفرّ ; فإنّه عارٌ باق فى الأعقاب والأعناق ، ونار يوم الحساب ، وطِيبوا عن أنفسكم أنفساً ، وامشوا إلي الموت أسححاً(٣) ، وعليكم بهذا السواد الأعظم ، والرواق المطيّب ، فاضربوا ثَبَجَه(٤) ; فإنّ الشيطان (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٧٠ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٨٧ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٦٠ وليس فيهما من "ففزع . . ." وكلّها نحوه ; وقعة صفّين : ٢٠٣ عن عمر بن سعد . ١٠٧ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / تحريض الإمام أصحابه علي القتال
راكب صعبه ، ومفرش ذراعيه ، قد قدّم للوثبة يداً ، وأخّر للنُّكوص رجلاً ، فصمداً صمداً حتي يتجلّي لكم عمود الدين ³ وَأَنتُمُ الاَْعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ² (١) (٢) . ٢٤٧١ ـ الكافى عن مالك بن أعين : حرّض أمير المؤمنين صلوات الله عليه الناس بصفّين فقال : إنّ الله عزّ وجلّ دلّكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، وتشفى بكم علي الخير : والإيمان بالله والجهاد فى سبيل الله ، وجعل ثوابه مغفرة للذنب ، ومساكن طيّبة فى جنّات عدن ، وقال عزّ وجلّ : ³ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ² (٣) . فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص ، فقدّموا الدارع وأخّروا الحاسر ، وعضّوا علي النواجذ ; فإنّه أنبي للسيوف عن الهام(٤) ، والتووا علي أطراف الرماح ; فإنّه أموَرُ(٥) للأسنّة ، وغضّوا الأبصار ; فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب ، وأميتوا الأصوات ; فإنّه أطرد للفشل وأولي بالوقار ، ولا تميلوا براياتكم ، ولا تزيلوها ، ولا تجعلوها إلاّ مع شجعانكم ; فإنّ المانع للذمار ، والصابر عند نزول الحقائق ، هم أهل الحفاظ . . . (١) محمّد : ٣٥ . ١٠٨ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم الأوّل من القتال
واعلموا أنّ أهل الحفاظ هم الذين يحفّون براياتهم ويكتنفونها ويصيرون حفافيها ووراءها وأمامها ، ولا يضيعونها ; لا يتأخّرون عنها فيسلّموها ، ولا يتقدّمون عليها فيفردوها . رحم الله امرأً واسي أخاه بنفسه ، ولم يكلّ قرنه إلي أخيه فيجتمع قرنه وقرن أخيه ، فيكتسب بذلك اللائمة ، ويأتى بدناءة ، وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين ؟ ! وهذا ممسك يده قد خلّي قرنه علي أخيه هارباً منه ينظر إليه ، وهذا فمن يفعله يمقته الله ، فلا تعرضوا لمقت الله عزّ وجلّ فإنّما ممرّكم إلي الله ، وقد قال الله عزّ وجلّ : ³ لَن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ² (١) . وايمُ الله ، لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة ، فاستعينوا بالصبر والصدق ; فإنّما ينزل النصر بعد الصبر ، فجاهدوا فى الله حقّ جهاده ولا قوّة إلاّ بالله(٢) . ٨ / ٤ ٢٤٧٢ ـ تاريخ الطبرى عن القاسم مولي يزيد بن معاوية : يخرج أهل العراق أحد عشر صفّاً ، فخرجوا أوّل يوم من صفّين فاقتتلوا ، وعلي من خرج يومئذ من أهل الكوفة الأشتر ، وعلي أهل الشام حبيب بن مسلمة ، وذلك يوم الأربعاء ، فاقتتلوا (١) الأحزاب : ١٦ . ١٠٩ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم الثانى من القتال
قتالاً شديداً جلّ النهار ، ثمّ تراجعوا وقد انتصف بعضهم من بعض(١) . ٢٤٧٣ ـ مروج الذهب : وأصبح علىّ يوم الأربعاء ـ وكان أوّل يوم من صفر ـ فعبّأ الجيش ، وأخرج الأشتر أمام الناس ، وأخرج إليه معاوية ـ وقد تصافّ أهل الشام وأهل العراق ـ حبيب بن مسلمة الفهرى ، وكان بينهم قتال شديد سائر يومهم ، وأسفرت عن قتلي من الفريقين جميعاً ، وانصرفوا(٢) . ٨ / ٥ ٢٤٧٤ ـ تاريخ الطبرى عن القاسم مولي يزيد بن معاوية ـ فى ذكر أحداث اليوم الثانى من الحرب ـ : خرج هاشم بن عتبة فى خيل ورجال حسن عددها وعدّتها ، وخرج إليه أبو الأعور ، فاقتتلوا يومهم ذلك ، يحمل الخيل علي الخيل ، والرجال علي الرجال ، ثمّ انصرفوا وقد كان القوم صبر بعضهم لبعض(٣) . ٢٤٧٥ ـ مروج الذهب : فلمّا كان يوم الخميس ـ وهو اليوم الثانى ـ أخرج علىّ هاشم ابن عتبة بن أبى وقّاص الزهرى المرقال وهو ابن أخى سعد بن أبى وقّاص ، وإنّما سمّى المرقال ; لأنّه كان يُرقل(٤) فى الحرب ، وكان أعور ذهبت عينه يوم اليرموك وكان من شيعة علىّ . . . فأخرج إليه معاوية أبا الأعور (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٧١ ; وقعة صفّين : ٢١٤ وفيهما "صفر" بدل "صفّين" . ١١٠ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم الثالث من القتال
السلَمى وهو سفيان بن عوف وكان من شيعة معاوية والمنحرفين عن علىّ ، فكانت بينهم الحرب سجالاً ، وانصرفوا فى آخر يومهم عن قتلي كثير(١) . ٨ / ٦ ٢٤٧٦ ـ تاريخ الطبرى عن القاسم مولي يزيد بن معاوية : خرج اليوم الثالث عمّار بن ياسر ، وخرج إليه عمرو بن العاص ، فاقتتل الناس كأشدّ القتال ، وأخذ عمّار يقول : يا أهل العراق !أ تريدون أن تنظروا إلي من عادي الله ورسوله وجاهدهما ، وبغي علي المسلمين ، وظاهر المشركين ، فلمّا رأي الله عزّ وجلّ يعزّ دينه ويظهر رسوله أتي النبىّ ½ فأسلم ، وهو فيما نري راهب غير راغب ؟ ثمّ قبض الله عزّ وجلّ رسوله ½ ! فو الله ، إن زال بعده معروفاً بعداوة المسلم ، وهوادة المجرم . فاثبتوا له وقاتلوه فإنّه يطفئ نور الله ، ويظاهر أعداء الله عزّ وجلّ . فكان مع عمّار زياد بن النضر علي الخيل ، فأمره أن يحمل فى الخيل ، فحمل ، وقاتله الناس وصبروا له ، وشدّ عمّار فى الرجال ، فأزال عمرو بن العاص عن موقفه(٢) . ٢٤٧٧ ـ الأخبار الطوال : خرج يوماً آخر عمّار بن ياسر فى خيل من أهل العراق ، فخرج إليه عمرو بن العاص فى ذلك ، ومعه شُقّة سوداء علي قناة . فقال الناس : هذا لواء عقده رسول الله ½ . (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٨٧ . ١١١ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم الرابع من القتال
فقال علىّ ¢ : أنا مخبركم بقصّة هذا اللواء : هذا لواء عقده رسول الله ½ ، وقال : مَن يأخذه بحقّه ؟ فقال عمرو : وما حقّه يا رسول الله ؟ فقال : لا تفرّ به من كافر ، ولا تقاتل به مسلماً . فقد فرّ به من الكافرين فى حياة رسول الله ½ ، وقد قاتل به المسلمين اليوم . فاقتتل عمرو وعمّار ذلك اليوم كلّه(١) . ٨ / ٧ ٢٤٧٨ ـ تاريخ الطبرى عن القاسم مولي يزيد بن معاوية ـ فى ذكر أحداث اليوم الرابع من الحرب ـ : خرج محمّد بن علىّ وعبيد الله بن عمر فى جمعين عظيمين ، فاقتتلوا كأشدّ القتال . ثمّ إنّ عبيد الله بن عمر أرسل إلي ابن الحنفيّة : أن اخرج إلىَّ . فقال : نعم . ثمّ خرج يمشى ، فبصر به أمير المؤمنين فقال : من هذان المتبارزان ؟ فقيل : ابن الحنفيّة ، وعبيد الله بن عمر ، فحرّك دابّته ثمّ نادي محمّداً ، فوقف له . فقال : أمسك دابّتى ، فأمسكها ، ثمّ مشي إليه علىّ فقال : أبرز لك ، هلمّ إلىَّ . فقال : ليست لى فى مبارزتك حاجة ، فقال : بلي ، فقال : لا . (١) الأخبار الطوال : ١٧٤ ; وقعة صفّين : ٢١٥ عن يونس بن الأرقم عن شيخ من بكر بن وائل نحوه . ١١٢ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم الرابع من القتال
فرجع ابن عمر . فأخذ ابن الحنفيّة يقول لأبيه : يا أبتِ ! لِمَ منعتنى من مبارزته ؟ فو الله ، لو تركتنى لرجوتُ أن أقتله . فقال : لو بارزتَه لرجوتُ أن تقتله ، وما كنت آمن أن يقتلك(١) . ٢٤٧٩ ـ وقعة صفّين عن عمر بن سعد : إنّ عبيد الله بن عمر تقدّم فى اليوم الرابع ، ولم يترك فارساً مذكوراً ، وجمع من استطاع . فقال له معاوية : إنّك تلقي أفاعى أهل العراق فارفق واتّئد . فلقيه الأشتر أمام الخيل مُزبداً ـ وكان الأشتر إذا أراد القتال أزبد ـ . . . وشدّ علي الخيل خيل الشام فردّها ، فاستحيي عبيد الله فبرز أمام الخيل ـ وكان فارساً شجاعاً ـ . . . فحمل عليه الأشتر فطعنه ، واشتدّ الأمر ، وانصرف القوم وللأشتر الفضل ، فغمّ ذلك معاوية(٢) . ٢٤٨٠ ـ الفتوح ـ فى ذكر وقائع صفّين ـ : خرج الأشتر . . . فخرج إليه عبيد الله بن عمر ابن الخطّاب . . . ثمّ دنا الأشتر وليس يعرفه . فقال له : من أنت أيّها الفارس ؟ ! فإنّى لا اُبارز إلاّ كفؤاً . قال : أنا مالك بن الحارث النخعى . قال : فصمت عبيد الله بن عمر ساعة ثمّ قال : يا مالك ! والله لو علمتُ أنّك الداعى إلي البراز لما خرجتُ إليك ، فإن رأيتَ أن أرجع عنك فعلت منعماً . فقال الأشتر : أ لا تخاف العار أن ترجع عنّى وأنا رجل من اليمن وأنت فتي من قريش ؟ ! (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٢ ، الأخبار الطوال : ١٧٤ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٧١ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٦٢ كلاهما نحوه ; وقعة صفّين : ٢٢١ عن عمرو بن شَمِر . ١١٣ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم الخامس من القتال
فقال : لا والله ما أخاف العار إذا رجعتُ عن مثلك . فقال له الأشتر : فارجع إذاً ولا تخرج إلاّ إلي من تعرفه(١) . ٨ / ٨ ٢٤٨١ ـ وقعة صفّين عن الزهرى ـ فى ذكر أحداث اليوم الخامس من الحرب ـ : خرج فى ذلك اليوم شمر بن أبرهة بن الصباح الحميرى ، فلحق بعلىّ ¼ فى ناس من قرّاء أهل الشام ، ففتّ ذلك فى عضد معاوية وعمرو بن العاص . وقال عمرو : يا معاوية ! إنّك تريد أن تقاتل بأهل الشام رجلاً له من محمّد ½ قرابة قريبة ، ورحم ماسّة ، وقدم فى الإسلام لا يعتدّ أحد بمثله ، ونجدة(٢) فى الحرب لم تكن لأحد من أصحاب محمّد ½ ، وإنّه قد سار إليك بأصحاب محمّد ½ المعدودين ، وفرسانهم وقرّائهم وأشرافهم وقدمائهم فى الإسلام ، ولهم فى النفوس مهابة . فبادر بأهل الشام مخاشن الوعر ، ومضايق الغَيض ، واحملهم علي الجهد ، وأْتِهم من باب الطمع قبل أن ترفّههم فيحدث عندهم طول المقام مللاً ، فيظهر فيهم كآبة الخذلان . ومهما نسيت فلا تنس أنّك علي باطل . فلمّا قال عمرو لمعاوية ذلك زوّق معاوية خطبة ، وأمر بالمنبر فاُخرج ، ثمّ أمر أجناد أهل الشام فحضروا خطبته ، فحمد الله وأثني عليه ثمّ قال : أيّها الناس ! أعيرونا أنفسكم وجماجمكم ، لا تفشلوا ولا تخاذلوا ، فإنّ اليوم (١) الفتوح : ٣ / ٤٥ . ١١٤ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم السادس من القتال
يوم خطار ، ويوم حقيقة وحفاظ ، فإنّكم علي حقّ وبأيديكم حجّة ، وإنّما تقاتلون من نكث البيعة ، وسفك الدم الحرام ، فليس له فى السماء عاذر . ثمّ صعد عمرو بن العاص مرقاتين من المنبر ، فحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس ! قدّموا المستلئمة ، وأخّروا الحاسر ، وأعيروا جماجمكم ساعة ; فقد بلغ الحقّ مقطعه ، وإنّما هو ظالم ومظلوم(١) . ٢٤٨٢ ـ تاريخ الطبرى : فلمّا كان اليوم الخامس خرج عبد الله بن عبّاس والوليد بن عقبة فاقتتلوا قتالاً شديداً ، ودنا ابن عبّاس من الوليد بن عقبة ، فأخذ الوليد يسبّ بنى عبد المطّلب ، وأخذ يقول : يابن عبّاس ! قطّعتم أرحامكم ، وقتلتم إمامكم ، فكيف رأيتم صنع الله بكم ؟ ! لم تُعطَوا ما طلبتم ، ولم تُدركوا ما أمّلتم ، واللهُ إن شاء مهلككم وناصر عليكم . فأرسل إليه ابن عبّاس : أن ابرز لى ، فأبي . وقاتل ابن عبّاس يومئذ قتالاً شديداً ، وغشي الناس بنفسه(٢) . ٨ / ٩ ٢٤٨٣ ـ تاريخ الطبرى : خرج قيس بن سعد الأنصارى ، وابن ذى الكلاع الحميرى فاقتتلوا قتالاً شديداً ، ثمّ انصرفا . وذلك فى اليوم السادس(٣) . (١) وقعة صفّين : ٢٢٢ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٤٦٣ / ٤٠٢ ; شرح نهج البلاغة : ٥ / ١٨٠ . ١١٥ - المجلد السادس / القسم السادس : حروب الإمام علىّ فى أيّام الإمارة / الحرب الثانية : وقعة صفّين / الفصل الثامن : القتال / اليوم السابع من القتال
٢٤٨٤ ـ مروج الذهب : أخرج علىّ فى اليوم السادس ـ وهو يوم الإثنين ـ سعيد بن قيس الهمدانى ، وهو سيّد همدان يومئذ ، فأخرج إليه معاوية ذا الكَلاَع ، وكانت [الحرب] بينهما إلي آخر النهار ، وأسفرت عن قتلي ، وانصرف الفريقان جميعاً(١) . ٨ / ١٠ ٢٤٨٥ ـ تاريخ الطبرى ـ فى ذكر أحداث اليوم السابع من الحرب ـ : خرج الأشتر ، وعاد إليه حبيب بن مسلمة اليومَ السابع ، فاقتتلا قتالاً شديداً ، ثمّ انصرفا عند الظهر ، وكلّ غير غالب . وذلك يوم الثلاثاء(٢) . ٢٤٨٦ ـ مروج الذهب : وأخرج علىّ فى اليوم السابع ـ وهو يوم الثلاثاء ـ الأشتر فى النخع وغيرهم ، فأخرج إليه معاوية حبيب بن مسلمة الفهرى ، فكانت الحرب بينهم سجالاً ، وصبر كلا الفريقين وتكافؤوا وتواقفوا للموت ثمّ انصرف الفريقان وأسفرت عن قتلي منهما ، والجراح فى أهل الشام أعمّ(٣) . (١) مروج الذهب : ٢ / ٣٨٩ . |