٥ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة
وفيه فصول: الفصل الأوّل :عصيان الجيش الفصل الثانى :تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان الفصل الثالث :شكوي الإمام من عصيان أصحابه الفصل الرابع :هرب عدّة من أصحاب الإمام إلي معاوية الفصل الخامس :محايدة عدّة من أصحاب الإمام الفصل السادس :استشهاد مالك الأشتر الفصل السابع :احتلال مصر الفصل الثامن :هجمات عمّال معاوية الفصل التاسع :تمنّى الاستشهاد الفصل العاشر :آخر خطبة خطبها الإمام بحث في جذور التخاذل ٦ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة
٧ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الأوّل : عصيان الجيش
١ / ١ العزم علي قتال معاوية بعد الفراغ من الخوارج ٢٧٥٠ ـ تاريخ الطبرى عن أبى الدرداء : كان علىّ لمّا فرغ من أهل النهروان حمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : إنّ الله قد أحسن بكم ، وأعزّ نصركم ، فتوجّهوا من فَوْركم هذا إلي عدوّكم . قالوا : يا أمير المؤمنين ، نفدت نبالنا ، وكلّت سيوفنا ، ونصلت أسنّة رماحنا ، وعاد أكثرها قصداً ، فارجع إلي مصرنا ، فلنستعدّ بأحسن عدّتنا ، ولعلّ أمير المؤمنين يزيد فى عدّتنا عدّة مَن هلك منّا ; فإنّه أوفي لنا علي عدوّنا . وكان الذى تولّي ذلك الكلام الأشعث بن قيس . فأقبل حتي نزل النُّخَيلة(١) ، فأمر الناس أن يلزموا عسكرهم ، ويوطّنوا علي ٨ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الأوّل : عصيان الجيش / العزم علي قتال معاوية بعد الفراغ من الخوارج
الجهاد أنفسهم ، وأن يُقلّوا زيارة نسائهم وأبنائهم حتي يسيروا إلي عدوّهم . فأقاموا فيه أيّاماً ، ثمّ تسلّلوا من معسكرهم ، فدخلوا إلاّ رجالاً من وجوه الناس قليلاً ، وتُرك العسكر خالياً ، فلمّا رأي ذلك دخل الكوفة ، وانكسر عليه رأيُه فى المسير(١) . ٢٧٥١ ـ الغارات عن طارق بن شهاب : إنّ عليّاً ¼ انصرف من حرب النهروان حتي إذا كان فى بعض الطريق نادي فى الناس فاجتمعوا ، فحمد الله وأثني عليه ، ورغّبهم فى الجهاد ، ودعاهم إلي المسير إلي الشام من وجهه ذلك ، فأبوا وشكوا البرد والجراحات ، وكان أهل النهروان قد أكثروا الجراحات فى الناس . فقال : إنّ عدوّكم يألمون كما تألمون ، ويجدون البرد كما تجدون . فأعيوه وأبوا ، فلمّا رأي كراهيتهم رجع إلي الكوفة وأقام بها أيّاماً ، وتفرّق عنه ناس كثير من أصحابه ; فمنهم مَنْ أقام يري رأى الخوارج ، ومنهم مَنْ أقام شاكّاً فى أمره(٢) . ٢٧٥٢ ـ تاريخ الطبرى عن زيد بن وهب : إنّ عليّاً قال للناس ـ وهو أوّل كلام قاله لهم بعد النهر ـ : أيّها الناس ، استعدّوا إلي عدوّ فى جهاده القربة إلي الله ، ودرك الوسيلة عنده . حَياري فى الحقّ ، جفاة عن الكتاب ، نُكْب(٣) عن الدين ، يَعْمَهون فى الطغيان ، (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٨٩ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٨ ، مروج الذهب : ٢ / ٤١٨ وفيه إلي "النُّخَيلة" ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٧٠ ، شرح نهج البلاغة : ٢ / ١٩٢ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٧ عن عيسي بن دآب وكلّها نحوه . ٩ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الأوّل : عصيان الجيش / العزم علي قتال معاوية بعد الفراغ من الخوارج
ويُعْكَسون فى غمرة الضلال ، فـ ³ أَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ ² (١) وتوكّلوا علي الله ، وكفي بالله وكيلاً ، وكفي بالله نصيراً . قال : فلا هم نفروا ولا تيسّروا ، فتركهم أيّاماً حتي إذا أيِس من أن يفعلوا ، دعا رؤساءهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذى يُنظِرهم(٢) ؟ فمنهم المعتلّ ، ومنهم المكرَه ، وأقلّهم من نشط ، فقام فيهم خطيباً فقال : عبادَ الله ! ما لكم إذا أمرتكم أن تنفروا اثّاقلتم إلي الأرض ! أ رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ، وبالذلّ والهوان من العزّ ! أ وَكلّما ندبتكم إلي الجهاد دارت أعينكم كأنّكم من الموت فى سَكرة ، وكأنّ قلوبكم مألوسة(٣) فأنتم لا تعقلون ! وكأنّ أبصاركم كُمْه فأنتم لا تبصرون . لله أنتم ! ما أنتم إلاّ اُسود الشَّري فى الدَّعة ، وثعالب روّاغة حين تُدعون إلي البأس ، ما أنتم لى بثقة سَجِيس الليالى(٤) ، ما أنتم برَكب يُصال بكم ، ولا ذى عزّ يُعتصم إليه . لعمر الله ، لبئس حُشّاش الحرب أنتم ! إنّكم تُكادون ولا تكيدون ، ويُتنقّص أطرافكم ولا تتحاشون ، ولا يُنام عنكم وأنتم فى غفلة ساهون ، إنّ أخا الحرب اليقظانُ ذو عقل ، وبات لذلٍّ مَن وادَعَ ، وغلب المتجادلون ، والمغلوب مقهور ومسلوب . ثمّ قال : أمّا بعد ; فإنّ لى عليكم حقّاً ; وإنّ لكم علىَّ حقّاً ، فأمّا حقّكم علىَّ (١) الأنفال : ٦٠ . ١٠ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الأوّل : عصيان الجيش / ذمّ الإمام أصحابه لمّا كرهوا المسير إلي الشام
فالنصيحة لكم ما صحبتكم ، وتوفير فيئكم عليكم ، وتعليمكم كيما لا تجهلوا ، وتأديبكم كى تعلّموا ، وأمّا حقّى عليكم فالوفاء بالبيعة ، والنصح لى فى الغيب والمشهد ، والإجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم ، فإن يُرِد الله بكم خيراً انتزعتم عمّا أكره ، وتَراجعوا إلي ما اُحبّ ، تنالوا ما تطلبون ، وتُدركوا ما تأملون(١) . ١ / ٢ ذمّ الإمام أصحابه لمّا كرهوا المسير إلي الشام ٢٧٥٣ ـ الغارات عن قيس بن السكن : سمعت عليّاً ¼ يقول ونحن بمَسكِن(٢) : يا معشر المهاجرين ! ³ ادْخُلُوا الاَْرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ ² (٣) . فتلكّؤوا ، وقالوا : البرد شديد ، وكان غزاتهم فى البرد . فقال ¼ : إنّ القوم يجدون البرد كما تجدون . قال : فلم يفعلوا وأبوا ، فلمّا رأي ذلك منهم قال : اُفٍّ لكم ! إنّها سُنّة جرت عليكم(٤) . ٢٧٥٤ ـ شرح نهج البلاغة عن أبى ودّاك : لمّا كره القوم المسير إلي الشام عقيب (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٩٠ ، أنساب الأشراف : ٣ / ١٥٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٠٨ ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٧٠ ; الغارات : ١ / ٣٣ كلّها نحوه . إرجاعات
١١٦ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثامن : هجمات عمّال معاوية / غارة سفيان بن عوف
١١ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الأوّل : عصيان الجيش / ذمّ الإمام أصحابه لمّا كرهوا المسير إلي الشام
واقعة النهروان أقبل بهم أمير المؤمنين ، فأنزلهم النُّخَيلة ، وأمر الناس أن يلزموا معسكرهم ويوطّنوا علي الجهاد أنفسهم ، وأن يُقِلّوا زيارة النساء وأبنائهم حتي يسير بهم إلي عدوّهم ، وكان ذلك هو الرأى لو فعلوه ، لكنّهم لم يفعلوا ، واقبلوا يتسلّلون ويدخلون الكوفة ، فتركوه ¼ وما معه من الناس إلاّ رجال من وجوههم قليل ، وبقى المعسكر خالياً ، فلا مَن دخل الكوفة خرج إليه ، ولا من أقام معه صبر ، فلمّا رأي ذلك دخل الكوفة . قال نصر بن مزاحم : فخطب الناسَ بالكوفة ، وهى أوّل خطبة خطبها بعد قدومه من حرب الخوارج ، فقال : أيّها الناس ! استعدّوا لقتال عدوّ فى جهادهم القربة إلي الله عزّ وجلّ ، ودرك الوسيلة عنده ; قوم حَياري عن الحقّ لا يبصرونه موزَعِين(١) بالجور والظلم لا يعدلون به ، جفاة عن الكتاب ، نُكْب عن الدين ، يعمهون(٢) فى الطغيان ، ويتسكّعون فى غمرة الضلال ، فاعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل وتوكّلوا علي الله ، وكفي بالله وكيلاً . قال : فلم ينفروا ولم يَنشَروا(٣) ، فتركهم أيّاماً ، ثمّ خطبهم فقال(٤) : اُفٍّ لكم ! لقد سئمت عتابكم ! أ رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضاً ، وبالذلّ من العزّ خلفاً ؟ إذا دعوتكم إلي جهاد عدوّكم دارت أعينكم ، كأنّكم من الموت فى غمرة ، ومن الذهول فى سكرة . يُرتَج عليكم حِوارى فتعمهون ، فكأنّ قلوبكم مألوسة ، فأنتم (١) مُوْزَع به : أى مولَع به ، وقد اُوزع بالشىء : إذا اعتاده ، وأكثر منه (النهاية : ٥ / ١٨١) . ١٢ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الأوّل : عصيان الجيش / ذمّ الإمام أصحابه لمّا كرهوا المسير إلي الشام
لا تعقلون ، ما أنتم لى بثقة سجيس الليالى ، وما أنتم بركن يُمال بكم ، ولا زوافر(١) عزّ يُفتقر إليكم . ما أنتم إلاّ كإبل ضلّ رعاتها ، فكلّما جُمعت من جانب انتشرت من آخر . لبئس ـ لعمر الله ـ سَعْر نار الحرب أنتم ! تُكادون ولا تكيدون ، وتُنْتَقص أطرافكم فلا تمتعضون ، لا يُنام عنكم وأنتم فى غفلة ساهون ، غُلب والله المتخاذلون ! وايم الله إنّى لأظنّ بكم أن لو حَمِس الوغي ، واستحرّ الموت ، قد انفرجتم عن ابن أبى طالب انفراج الرأس . والله إنّ امرأً يمكّن عدوّه من نفسه يعرُق لحمه ، ويهشِم عظمه ، ويفرى جلده ، لعظيم عجَزُه ، ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره . أنت فكن ذاك إن شئت ; فأمّا أنا فو الله دون أن اُعطى ذلك ضربٌ بالمشرفيّة تطير منه فراش الهام ، وتطيح السواعد والأقدام ، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء . أيّها الناس ، إنّ عليكم حقّاً ، ولكم علىَّ حقٌّ ; فأمّا حقّكم علىَّ فالنصيحة لكم ، وتوفير فيئكم عليكم ، وتعليمكم كيلا تجهلوا ، وتأديبكم كيما تعلموا . وأمّا حقّى عليكم فالوفاء بالبيعة ، والنصيحة فى المشهد والمغيب ، والإجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم . أنتم اُسود الشري فى الدَّعة ، وثعالب روّاغة حين البأس . إنّ أخا الحرب اليقظان . ألا إنّ المغلوب مقهور ومسلوب(٢) . (١) زوافر : جمع زافرة ، وزافرة الرجل : أنصاره وخاصّته (النهاية : ٢ / ٣٠٤) . ١٣ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان
٢ / ١ ٢٧٥٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كلام له فى أصحابه ـ : أما والذى نفسى بيده ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ; ليس لأنّهم أولي بالحقّ منكم ، ولكن لإسراعهم إلي باطل صاحبهم ، وإبطائكم عن حقّى . ولقد أصبحت الاُمم تخاف ظلم رعاتها ، وأصبحتُ أخاف ظلم رعيّتى . استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تسمعوا ، ودعوتكم سرّاً وجهراً فلم تستجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا ، أشهود كغيّاب ، وعبيد كأرباب ! أتلو عليكم الحِكَم فتنفرون منها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها ، وأحثّكم علي جهاد أهل البغى فما آتى علي آخر قولى حتي أراكم متفرّقين أيادى سبأ(١) ، ١٤ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من غلبة أهل الشام
ترجعون إلي مجالسكم ، وتتخادعون عن مواعظكم ، اُقوّمكم غُدوةً ، وترجعون إلىّ عشيّةً ، كظهر الحَنِيّة(١) ، عَجَز المقوِّم ، وأعضلَ المُقوَّم . أيّها القوم الشاهدة أبدانُهم ، الغائبة عنهم عقولُهم ، المختلفة أهواؤهم ، المُبتلَي بهم اُمراؤهم ، صاحبكم يُطيع الله وأنتم تعصونه ، وصاحب أهل الشام يعصى الله وهم يطيعونه ، لوددت والله أنّ معاوية صارفنى بكم صرف الدينار بالدرهم ; فأخذ منّى عشرة منكم ، وأعطانى رجلاً منهم ! يا أهل الكوفة ! مُنيت منكم بثلاث واثنتين : صُمٌّ ذوو أسماع ، وبكمٌ ذوو كلام ، وعُمىٌ ذوو أبصار ، لا أحرار صدق عند اللقاء ، ولا إخوان ثقة عند البلاء ! تَرِبت أيديكم ! يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها ! كلّما جُمعت من جانب تفرّقت من آخر ، والله لكأنّى بكم فيما إخالُكم(٢) أن لو حَمِس الوغي ، وحمى الضراب ، قد انفرجتم عن ابن أبى طالب انفراج المرأة عن قُبُلِها(٣) ، وإنّى لعلي بيّنة من ربّى ، ومنهاج من نبيّى ، وإنّى لعلي الطريق الواضح أَلقُطُه لَقْطاً(٤) . ٢٧٥٦ ـ عنه ¼ ـ فى استنفار الناس إلي أهل الشام ـ : أ لا ترون يا معاشر أهل الكوفة ، والله لقد ضربتكم بالدرّة التى أعظ بها السفهاء ، فما أراكم تنتهون ، ولقد ضربتكم بالسياط التى اُقيم بها الحدود ، فما أراكم ترعوون ، فما بقى إلاّ سيفى ، وإنّى لأعلم الذى يقوّمكم بإذن الله ، ولكنّى لا اُحبّ أن ألى تلك منكم . (١) الحَنِيّة : القوس (لسان العرب : ١٤ / ٢٠٣) . ١٥ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من غلبة أهل الشام
والعجب منكم ومن أهل الشام ، أنّ أميرهم يعصى الله وهم يُطيعونه ، وأنّ أميركم يطيع الله وأنتم تعصونه ! إن قلت لكم : انفروا إلي عدوّكم ، قلتم : القرّ يمنعنا ! أ فترَون عدوّكم لا يجدون القرّ كما تجدونه ؟ ولكنّكم أشبهتم قوماً قال لهم رسول الله ½ : انفروا فى سبيل الله ، فقال كبراؤهم : لا تنفروا فى الحرّ ، فقال الله لنبيّه : ³ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ² (١) . والله لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفى هذا علي أن يبغضنى ما أبغضنى ، ولو صببت الدنيا بحذافيرها علي الكافر ما أحبّنى ، وذلك أنّه قضي ما قضي علي لسان النبىّ الاُمّى أنّه لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك كافر ، وقد خاب من حمل ظلماً وافتري . يا معاشر أهل الكوفة ! والله لتصبرُنّ علي قتال عدوّكم ، أو ليسلّطن الله عليكم قوماً أنتم أولي بالحقّ منهم ، فليعذِّبُنّكم ، وليعذِّبَنّهم الله بأيديكم أو بما شاء من عنده ، أ فمِن قتلة بالسيف تحيدون إلي موتة علي الفراش ؟ ! فاشهدوا أنّى سمعت رسول الله ½ يقول : موتةٌ علي الفراش أشدُّ من ضربة ألف سيف(٢) . ٢٧٥٧ ـ الإرشاد ـ من كلامه ¼ فى استبطاء من قعد عن نصرته ـ : ما أظنّ هؤلاء القوم ـ يعنى أهل الشام ـ إلاّ ظاهرين عليكم ، فقالوا له : بماذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : أري اُمورهم قد علت ونيرانكم قد خَبتْ ، وأراهم جادّين وأراكم وانين ، وأراهم مجتمعين وأراكم متفرّقين ، وأراهم لصاحبهم مطيعين وأراكم لى عاصين . (١) التوبة : ٨١ . ١٦ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من جهنّم الدنيا
أمَ والله لئن ظهروا عليكم لتجدنّهم أرباب سوء من بعدى لكم ، لكأنّى أنظر إليهم وقد شاركوكم فى بلادكم ، وحملوا إلي بلادهم فيئكم ، وكأنّى أنظر إليكم تَكِشّون(١) كشيش الضِّباب ; لا تأخذون حقّاً ولا تمنعون لله حرمة ، وكأنّى أنظر إليهم يقتلون صالحيكم ، ويُخيفون قرّاءكم ، ويحرمونكم ويحجبونكم ، ويُدنون الناس دونكم ، فلو قد رأيتم الحرمان والأثَرة ، ووقع السيف ، ونزول الخوف ، لقد ندمتم وخسرتم علي تفريطكم فى جهادهم ، وتذاكرتم ما أنتم فيه اليوم من الخَفْض(٢) والعافية حين لا ينفعكم التَّذكار(٣) . ٢ / ٢ ٢٧٥٨ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى كلامه مع أهل الكوفة ـ : أيّها الناس ! إنّى استنفرتكم لجهاد هؤلاء القوم [أى أهل الشام] فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تُجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا ، شهود كالغُيَّب ، أتلو عليكم الحكمة فتُعرضون عنها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها ، كأنّكم حُمُر مستنفرة فرّت من قَسْوَرة(٤) ، وأحثّكم علي جهاد أهل الجور فما آتى علي آخر قولى حتي أراكم متفرّقين أيادى سبأ ، ترجعون إلي مجالسكم تتربّعون حِلَقاً ، تضربون الأمثال وتناشدون (١) الكَشيش : الصوت يشوبه خَوَر مثل الخشخشة وكشيش الافعي : صوتها من جلدها لا من فمها . يقرّع ¼ أصحابه بالجبن والفشل ويقول لهم لكأنّي انظر إليكم واصواتكم غمغمة بينكم من الهلع الذى قد اعتراكم فهى أشبه شىء بأصوات الضباب المجتمعة (شرح نهج البلاغة : ٧ / ٣٠٤) . ١٧ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من جهنّم الدنيا
الأشعار ، وتجسّسون الأخبار ، حتي إذا تفرّقتم تسألون عن الأسعار ، جَهلةً من غير علم ، وغَفلةً من غير ورع ، وتتبُّعاً فى غير خوف ، نسيتم الحرب والاستعداد لها ، فأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها ، شغلتموها بالأعاليل والأباطيل . فالعجب كلَّ العجب ! وما لى لا أعجب من اجتماع قوم علي باطلهم ، وتخاذلكم عن حقّكم ! يا أهل الكوفة ! أنتم كاُمّ مجالِد ، حملت فأملَصَت(١) ، فمات قيِّمُها ، وطال تأيّمها ، وورثها أبعدُها . والذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّ من ورائكم للأعور الأدبر ، جهنّم الدنيا ، لا يُبقى ولا يذر ، ومن بعده النهّاس الفرّاس الجَموع المَنوع ، ثمّ لَيتوارثنّكم من بنى اُميّة عدّة ، ما الآخر بأرأف بكم من الأوّل ، ما خلا رجلاً واحداً(٢) ، بلاءٌ قضاه الله علي هذه الاُمّة لا محالة كائن ، يقتلون خياركم ، ويستعبدون أراذلكم ، ويستخرجون كنوزكم وذخائركم من جوف حِجالكم(٣) ، نقمةً بما ضيّعتم من اُموركم ، وصلاح أنفسكم ودينكم . يا أهل الكوفة ! اُخبركم بما يكون قبل أن يكون ; لتكونوا منه علي حذر ، ولتُنذروا به من اتّعظ واعتبر : كأنّى بكم تقولون : إنّ عليّاً يكذب ، كما قالت قريش لنبيّها ½ وسيّدها نبىّ الرحمة محمّد بن عبد الله حبيب الله ، فيا ويلكم ! (١) إملاص المرأة الجنين : هو أن تُزلِق الجنين قبل وقت الولادة . وكلّ ما زلق من اليد فقد مَلِص (النهاية : ٤ / ٣٥٦) . ١٨ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من جهنّم الدنيا
أفعلي من أكذب ؟ ! أ عَلي الله ؟ فأنا أوّل من عبده ووحّده ، أم علي رسوله ؟ فأنا أوّل من آمن به وصدّقه ونصره ! كلاّ ، ولكنّها لهجة خَدعة كنتم عنها أغبياء . والذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ³ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ² (١) وذلك إذا صيّركم إليها جهلُكم ، ولا ينفعكم عندها علمكم . فقبحاً لكم يا أشباه الرجال ولا رجال ، حُلوم(٢) الأطفال ، وعقول ربّات الحِجال ، أمَ والله أيّها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عنهم عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، ما أعزّ الله نصر من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، ولا قرّت عين من آواكم ، كلامكم يوهى الصمّ الصلاب ، وفعلكم يُطمِع فيكم عدوَّكم المرتاب . يا ويحكم ! ! أىّ دار بعد داركم تمنعون ! ومع أىّ إمام بعدى تقاتلون ! المغرور ـ والله ـ من غررتموه ، من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب ، أصبحتُ لا أطمع فى نصركم ، ولا اُصدّق قولكم ، فرّق الله بينى وبينكم ، وأعقبنى بكم من هو خير لى منكم ، وأعقبكم من هو شرّ لكم منّى . إمامكم يُطيع الله وأنتم تعصونه ، وإمام أهل الشام يعصى الله وهم يُطيعونه ، والله لوددت أنّ معاوية صارفنى بكم صرف الدينار بالدرهم ، فأخذ منّى عشرة منكم وأعطانى واحداً منهم . والله لوددت أنّى لم أعرفكم ولم تعرفونى ; فإنّها معرفة جرّت ندماً . لقد وَرَيتم صدرى غيظاً ، وأفسدتم علىَّ أمرى بالخذلان والعصيان ، حتي لقد قالت قريش : إنّ عليّاً رجل شجاع لكن لا علم له بالحروب ، لله دَرُّهم ! هل كان فيهم أحد أطول (١) ص : ٨٨ . ١٩ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من جهنّم الدنيا
لها مِراساً منّى ! وأشدّ لها مقاساة ! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ، ثمّ ها أَنا ذا قد ذرّفت(١) علي الستّين ، لكن لا أمر لمن لا يُطاع . أمَ والله ، لوددت أن ربّى قد أخرجنى من بين أظهركم إلي رضوانه ، وإنّ المنيّة لترصدنى ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها ـ وترك يده علي رأسه ولحيته ـ عهدٌ عهده إلىّ النبىّ الاُمّىّ ، وقد خاب من افتري ، ونجا من اتّقي وصدَّق بالحسني . يا أهل الكوفة ! دعوتكم إلي جهاد هؤلاء ليلاً ونهاراً وسرّاً وإعلاناً ، وقلت لكم : اغزوهم ; فإنّه ما غُزى قوم فى عُقر دارهم إلاّ ذلّوا ، فتواكلتم وتخاذلتم ، وثقل عليكم قولى ، واستصعب عليكم أمرى ، واتّخذتموه وراءكم ظهريّاً ، حتي شُنّت عليكم الغارات ، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تُمَسِّيكم وتُصبّحكم ، كما فُعل بأهل المَثُلات(٢) من قبلكم ، حيث أخبر الله تعالي عن الجبابرة والعتاة الطغاة ، والمستضعفين الغواة ، فى قوله تعالي : ³ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰ لِكُم بَلاَءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ² (٣) .أمَ والذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لقد حلّ بكم الذى توعَدون . عاتبتكم يا أهل الكوفة بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم ، وأدّبتكم بالدُّرَّة فلم تستقيموا ، وعاقبتكم بالسوط الذى يُقام به الحدود فلم ترعووا ، ولقد علمت أنّ الذى يصلحكم هو السيف ، وما كنت متحرّياً صلاحكم بفساد نفسى ، ولكن سيسلَّط عليكم من بعدى سلطان صعب ، لا يُوقّر كبيركم ، ولا يرحم صغيركم ، (١) أى زِدتُ عليها (النهاية : ٢ / ١٥٩) . ٢٠ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من جهنّم الدنيا
ولا يُكرِم عالمكم ، ولا يقسم الفىء بالسويّة بينكم ، وليضربنّكم ، ويُذلّنّكم ، ويُجمّرنّكم(١) فى المغازى ، ويقطعنّ سبيلكم ، وليحجبنّكم علي بابه ، حتي يأكل قويُّكم ضعيفَكم ، ثمّ لا يبعد الله إلاّ من ظلم منكم ، ولقلّما أدبر شىء ثمّ أقبل ، وإنّى لأظنّكم فى فترة ، وما علىَّ إلاّ النصح لكم . يا أهل الكوفة ! مُنِيت منكم بثلاث واثنتين : صُمّ ذوو أسماع ، وبُكم ذوو ألسن ، وعُمى ذوو أبصار ، لا إخوان صدق عند اللقاء ، ولا إخوان ثقة عند البلاء . اللهمّ إنّى قد مللتهم وملّونى ، وسئمتهم وسئمونى . اللهمّ لا تُرضِ عنهم أميراً ، ولا تُرضِهم عن أمير ، وأمِثْ قلوبهم كما يُماث الملح فى الماء . أمَ والله ، لو أجد بُدّاً من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت ، ولقد عاتبتكم فى رشدكم حتي لقد سئمت الحياة ، كلّ ذلك تراجعون بالهزء من القول فراراً من الحقّ ، وإلحاداً إلي الباطل الذى لا يُعِزّ الله بأهله الدين ، وإنّى لأعلم أنّكم لا تَزيدوننى غير تخسير ، كلّما أمرتكم بجهاد عدوّكم اثّاقلتم إلي الأرض ، وسألتمونى التأخير دفاع ذى الدَّين المَطُول . إن قلت لكم فى القيظ : سيروا ، قلتم : الحرّ شديد ، وإن قلت لكم فى البرد : سيروا ، قلتم : القرّ شديد ، كلّ ذلك فراراً عن الجنّة . إذا كنتم عن الحرّ والبرد تعجزون ، فأنتم عن حرارة السيف أعجز وأعجز ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون . (١) تجمير الجيش : جمعهم فى الثغور ، وحبسهم عن العود إلي أهلهم (النهاية : ١ / ٢٩٢) . ٢١ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من جهنّم الدنيا
يا أهل الكوفة ! قد أتانى الصريخ يخبرنى أنّ أخا غامد قد نزل الأنبار(١) علي أهلها ليلاً فى أربعة آلاف ، فأغار عليهم كما يُغار علي الروم والخزَر ، فقتل بها عاملى ابن حسّان وقتل معه رجالاً صالحين ذوى فضل وعبادة ونجدة ، بوّأ الله لهم جنّات النعيم ، وأنّه أباحها ، ولقد بلغنى أنّ العُصبة من أهل الشام كانوا يدخلون علي المرأة المسلمة والاُخري المعاهدة فيهتكون سترها ، ويأخذون القناع من رأسها ، والخُرْصَ(٢) من أُذُنها ، والأوضاح(٣) من يديها ورجليها وعَضُديها ، والخلخال والمئزر من سُوقِها ، فما تمتنع إلاّ بالاسترجاع والنداء : يا لَلمسلمين ، فلا يُغيثها مغيثٌ ، ولا ينصرها ناصر . فلو أنّ مؤمناً مات من دون هذا أسفاً ما كان عندى ملوماً ، بل كان عندى بارّاً محسناً . وا عجباً كلّ العجب ، من تضافر هؤلاء القوم علي باطلهم ، وفشلكم عن حقّكم ! قد صرتم غرضاً يُرمي ولا ترمون ، وتُغْزَون ولا تَغزون ، ويُعصي الله وترضَون ، تَرِبت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها ، كلّما اجتمعت من جانب تفرّقت من جانب(٤) . (١) الأنبار : مدينة صغيرة كانت عامرة أيّام الساسانيّين ، وآثارها غرب بغداد علي بُعد ستين كيلو متراً مشهودة . وسبب تسميتها بالأنبار هو أنّها كانت مركزاً لخزن الحنطة والشعير والتبن للجيوش، وإلاّ فإنّ الإيرانيّين كانوا يسمّونها "فيروز شاپور" . فتحت علي يد خالد بن الوليد عام (١٢ هـ ) وقد اتّخذها السفّاح ـ أوّل خلفاء بنى العبّاس ـ مقرّاً له مدّة من الزمان . ٢٢ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من الذلّ الشامل
٢ / ٣ ٢٧٥٩ ـ الغارات عن جندب بن عبد الله الوائلى : كان علىّ ¼ يقول : أما إنّكم ستلقون بعدى ثلاثاً : ذلاًّ شاملاً ، وسيفاً قاتلاً ، وأثَرة(١) يتّخذها الظالمون عليكم سُنّة ، فستذكرونى عند تلك الحالات ، فتمنّون لو رأيتمونى ونصرتمونى وأهرقتم دماءكم دون دمى ، فلا يُبعد الله إلاّ من ظلم . وكان جندب بعد ذلك إذا رأي شيئاً يكرهه ، قال : لا يُبعد الله إلاّ من ظلم(٢) . ٢ / ٤ ٢٧٦٠ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كلام له ينصح فيه أصحابه ـ : لو تعلمون ما أعلم ممّا طُوِى عنكم غيبُه ، إذاً لخرجتم إلي الصُّعُدات ، تبكون علي أعمالكم ، وتلتدمون علي أنفسكم ، ولتركتم أموالكم لا حارس لها ولا خالف عليها ، ولهمّتْ كلَّ امرئ منكم نفسُه ، لا يلتفت إلي غيرها ، ولكنّكم نسيتم ما ذُكِّرتم ، وأمِنتم ما حُذّرتم ، فتاه عنكم رأيكم ، وتشتّت عليكم أمركم . ولوددت أنّ الله فرّق بينى وبينكم ، (١) الأثَرَة : الاسم من آثر : إذا أعطي ، أراد أنّه يُستأثر عليكم ، فيُفَضّل غيرُكم فى نصيبه من الفىء (النهاية : ١ / ٢٢) . ٢٣ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من سلطة غلام ثقيف
وألحقنى بمن هو أحقّ بى منكم . قومٌ والله ميامين الرأى ، مراجيح الحِلْم ، مقاويل بالحقّ ، متاريك للبغى ، مضَوا قُدُماً علي الطريقة ، وأوجفوا علي المحجّة ، فظفروا بالعقبي الدائمّة ، والكرامة الباردة . أما والله ، ليُسلَّطَنّ عليكم غلامُ ثقيف الذيّال الميّال ، يأكل خَضِرتكم ، ويُذيب شحمتكم ، إيه أبا وذَحة(١) !(٢) (١) إليك موجز ما ذكره ابن أبى الحديد فى شرح الخطبة : الصُّعُدات : جمع الصعيد ; وهو التراب . الالتدام : ضرْبُ النساء صدورهنّ فى النياحة . أوجَفوا : أسرعوا . غلام ثقيف : الحجّاج بن يوسف . الذيّال : التائه من ذال ; أى تبختر وجرّ ذيله علي الأرض . الميّال : الظالم . يأكل خضرتكم : يستأصل أموالكم . إيه : كلمة يُستزاد بها من الفعل . الوَذحة : الخنفساء (شرح نهج البلاغة : ٧ / ٢٧٨) . ٢٤ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثانى : تحذير الإمام أصحابه من عاقبة العصيان / التحذير من سلطة غلام ثقيف
٢٥ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه
٣ / ١ ٢٧٦١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى خطبة خطبها عند علمه بغزوة النعمان بن بشير لعين التمر ـ : مُنِيت بمن لا يُطيع إذا أمرت ، ولا يُجيب إذا دعوت ، لا أبا لكم ! ما تنتظرون بنصركم ربّكم ؟ أ ما دينٌ يجمعكم ، ولا حميّةَ تُحمِشُكم ! أقوم فيكم مستصرخاً ، واُناديكم متغوّثاً ، فلا تسمعون لى قولاً ، ولا تُطيعون لى أمراً ، حتي تَكشَّفُ الاُمورُ عن عواقب المساءة ; فما يُدرَك بكم ثار ، ولا يُبلَغ بكم مرام . دعوتكم إلي نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسَرّ ، وتثاقلتم تثاقل النِّضْوِ الأدبَر ، ثمّ خرج إلىّ منكم جُنيدٌ متذائب ضعيف(١) ، ³ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَي ٢٦ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / منيت بمن لا يطيع
الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ² (١) (٢) .٢٧٦٢ ـ عنه ¼ ـ فى ذمّ العاصين من أصحابه ـ : أحمد الله علي ما قضي من أمر ، وقدّر من فعل ، وعلي ابتلائى بكم أيّتها الفرقة التى إذا أمرتُ لم تُطِع ، وإذا دعوتُ لم تُجِب . إن اُمهلتم خضتم ، وإن حوربتم خُرتم . وإن اجتمع الناس علي إمام طعنتم . وإن اُجئتم إلي مشاقّة نكصتم . لا أبا لغيركم ! ما تنتظرون بنصركم والجهادِ علي حقّكم ؟ الموتَ أو الذلَّ لكم ؟ فو الله لئن جاء يومى ـ وليَأتَينّى ـ ليُفرِّقنّ بينى وبينكم وأنا لِصحبتكم قال ، وبكم غير كثير . لله أنتم ! أ ما دين يجمعكم ؟ ولا حميّة تشحذكم(٣) ؟ أ وليس عجباً أنّ معاوية يدعو الجفاة الطَّغام(٤) فيتبعونه علي غير معونة ولا عطاء . وأنا أدعوكم ـ وأنتم تريكة الإسلام وبقيّة الناس ـ إلي المعونة أو طائفة من العطاء فتَفَرَّقون عنّى ، وتختلفون علىّ ؟ ! إنّه لا يخرج إليكم من أمرى رضيً فترضَونه ، ولا سخط فتجتمعون عليه ، وإنّ أحبَّ ما أنا لاق إلىّ الموت . قد دارستكم الكتاب ، وفاتحتكم الحِجاج ، وعرّفتكم ما أنكرتم ، وسوَّغتكم ما مجَجتم ، لو كان الأعمي يلحظ ، أو النائم يستيقظ . وأقرِب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية ، ومؤدّبهم ابن النابغة !(٥) (١) الأنفال : ٦ . ٢٧ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / منيت بشرار خلق الله
٣ / ٢ ٢٧٦٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ لمّا تثاقل الناس عن المسير إلي جيش معاوية ـ : يا أهل الكوفة ! كلّما سمعتم بمَنْسِر(١) من مَناسر أهل الشام أظلّكم وأغلق بابه انجحر كلّ امرئ منكم فى بيته انجحار الضبّ فى جُحْره ، والضبع فى وجارها ! المغرور من غررتموه ، ولَمَن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب . لا أحرار عند النداء ، ولا إخوان ثقة عند النجاء(٢) ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون . ماذا مُنِيت به منكم ! عُمىٌ لا تبصرون ، وبُكمٌ لا تنطقون ، وصُمٌّ لا تستمعون ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون(٣) . ٢٧٦٤ ـ عنه ¼ : أمّا بعدُ يا أهل الكوفة ! أ كلّما أقبل مَنْسِر من مَناسر أهل الشام أغلق كلّ امرئ بابه ، وانجحر فى بيته انجحار الضبّ ، والضبع الذليل فى وجاره ؟ اُفٍّ لكم ! لقد لقيت منكم ، يوماً اُناجيكم ، ويوماً اُناديكم ; فلا إخوان عند النجاء ، ولا أحرار عند النداء(٤) . ٢٧٦٥ ـ عنه ¼ ـ لمّا بلغه إغارة أصحاب معاوية علي الأنبار ، فخرج بنفسه ماشياً حتي أتي النُّخَيلة فأدركه الناس ، وقالوا : يا أمير المؤمنين ، نحن نكفيكهم فقال ـ : ما تكفوننى أنفسكم ، فكيف تكفوننى غيركم ؟ إن كانت الرعايا قبلى (١) المَنسِر : القِطعة من الجيش تَمُرّ قُدّام الجيش الكبير (النهاية : ٥ / ٤٧) . ٢٨ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / لا غناء فى كثرة عددكم
لتشكو حيف رُعاتها ، وإنّنى اليوم لأشكو حيف رعيّتى ، كأنّنى المقود وهم القادة ، أو الموزوع وهم الوَزَعة(١)(٢) . ٣ / ٣ ٢٧٦٦ ـ نهج البلاغة : من كلام له ¼ وقد جمع الناس وحضّهم علي الجهاد فسكتوا مليّاً ، فقال : ما بالكم أ مخرَسون أنتم ؟ فقال قوم منهم : يا أمير المؤمنين ، إن سرت سرنا معك . فقال ¼ : ما بالُكم ! لا سُدّدتم لرشد ، ولا هُديتم لقصد ! أ فى مثل هذا ينبغى لى أن أخرج ؟ ! وإنّما يخرج فى مثل هذا رجل ممّن أرضاه من شجعانكم وذوى بأسكم ، ولا ينبغى لى أن أدع الجند ، والمصر ، وبيت المال ، وجباية الأرض ، والقضاء بين المسلمين ، والنظر فى حقوق المطالبين ، ثمّ أخرج فى كتيبة أتبع اُخري ، أتقلقل تقلقل القِدْح فى الجفير(٣) الفارغ ، وإنّما أنا قطب الرَّحا ; تدور علىَّ وأنا بمكانى ، فإذا فارقتُه استحار مدارُها ، واضطرب ثِفالها(٤) . هذا لعمر الله الرأى السوء . والله لولا رجائى الشهادة عند لقائى العدو ـ ولو قد حُمّ(٥) لى لقاؤه ـ لقرّبت ركابى ثمّ شخصت عنكم ، فلا أطلبكم ما اختلف جنوب وشمال ، طعّانين عيّابين (١) الوَزَعة : جمع وازع ; وهو الذى يكفّ الناس ويحبس أوّلهم علي آخرهم (النهاية : ٥ / ١٨٠) . ٢٩ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / لبئس حُشّاش الحرب أنتم
حيّادين روّاغين . إنّه لا غَناء فى كثرة عددكم مع قلّة اجتماع قلوبكم ، لقد حملتُكم علي الطريق الواضح التى لا يهلك عليها إلاّ هالك ; من استقام فإلي الجنّة ، ومن زلّ فإلي النار !(١) ٣ / ٤ ٢٧٦٧ ـ الإمام علىّ ¼ ـ بعد سماعه لأمر الحكمين ـ : لبئس حُشّاش نار الحرب أنتم ! اُفٍّ لكم ! لقد لقيت منكم بَرَحاً ، يوماً اُناديكم ، ويوماً اُناجيكم ; فلا أحرار صدق عند النداء ، ولا إخوان ثقة عند النَّجاء(٢) . ٢٧٦٨ ـ عنه ¼ : لعمر الله ، لبئس حُشّاش الحرب أنتم ! إنّكم تُكادون ولا تكيدون ، ويُتنقّص أطرافكم ولا تتحاشون ، ولا يُنام عنكم وأنتم فى غفلة ساهون ، إنّ أخا الحرب اليقظان ذو عقل ، وبات لذلٍّ من وادع ، وغلب المتجادلون ، والمغلوب مقهور ومسلوب(٣) . ٣ / ٥ ٢٧٦٩ ـ الإمام علىّ ¼ : أيّتها النفوس المختلفة والقلوب المتشتّتة ، الشاهدة (١) نهج البلاغة : الخطبة ١١٩ . ٣٠ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / ما لى أراكم عن الله ذاهبين ؟
أبدانُهم ، والغائبة عنهم عقولهم ، أظأركم(١) علي الحقّ وأنتم تنفرون عنه نفور المعزي من وَعْوَعة الأسد ، هيهات أن أطلع بكم سَرار(٢) العدل ، أو اُقيم اعوجاج الحقّ . اللهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن الذى كان منّا منافسة فى سلطان ، ولا التماس شىء من فضول الحطام ، ولكن لنردّ المعالم من دينك ، ونُظهِر الإصلاح فى بلادك ; فيأمن المظلومون من عبادك ، وتُقام المعطّلة من حدودك . اللهم إنّى أوّل من أناب ، وسمع وأجاب ، لم يسبقنى إلاّ رسول الله ½ بالصلاة ، وقد علمتم أنّه لا ينبغى أن يكون الوالى علي الفروج ، والدماء ، والمغانم ، والأحكام ، وإمامة المسلمين البخيلَ ; فتكون فى أموالهم نَهْمَته ، ولا الجاهل ; فيُضلّهم بجهله ، ولا الجافى ; فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف للدُّوَل(٣) ; فيتّخذ قوماً دون قوم ، ولا المرتشى فى الحكم ; فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع ، ولا المُعطِّل للسُّنَّة ; فيُهلِك الاُمّة(٤) . ٣ / ٦ ٢٧٧٠ ـ الإمام علىّ ¼ : أيّها الناس ! غير المغفول عنهم ، والتاركون ، المأخوذُ منهم . ما لى أراكم عن الله ذاهبين ، وإلي غيره راغبين ؟ كأنّكم نَعَم أراح بها سائم (١) أى أعطفكم (النهاية : ٣ / ١٥٤) . ٣١ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / ما بالكم ؟ ما دواؤكم ؟
إلي مرعي وَبىٍّ ومشرب دَوىّ . وإنّما هى كالمعلوفة للمُدي لا تعرف ماذا يراد بها ! إذا اُحسِن إليها تحسب يومها دهرها ، وشبعها أمرها . والله لو شئت أن اُخبِر كلّ رجل منكم بمخرجه ومَوْلجه وجميع شأنه لفعلت ، ولكن أخاف أن تكفروا فِىَّ برسول الله ½ . ألا وإنّى مُفضيه إلي الخاصّة ممّن يؤمَن ذلك منه . والذى بعثه بالحقّ واصطفاه علي الخلق ما أنطق إلاّ صادقاً . وقد عهد إلىّ بذلك كلّه ، وبِمَهْلِكِ من يَهلِك ، ومنجي من ينجو ، ومآل هذا الأمر . وما أبقي شيئاً يمرّ علي رأسى إلاّ أفرغه فى أُذُنى وأفضي به إلىّ . أيّها الناس ! إنّى والله ما أحثّكم علي طاعة إلاّ وأسبقكم إليها ، ولا أنهاكم عن معصية إلاّ وأتناهي قبلكم عنها(١)(٢) . ٣ / ٧ ٢٧٧١ ـ أنساب الأشراف : لمّا استنفر علىّ أهل الكوفة فتثاقلوا وتباطؤوا ، عاتبهم ووبّخهم ، فلمّا تبيّن منهم العجز ، وخشى منهم التمام علي الخذلان ، جمع أشراف أهل الكوفة ودعا شيعته الذين يثق بمناصحتهم وطاعتهم فقال : الحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، أمّا بعد ; أيّها (١) قال ابن أبى الحديد : التاركون : أى يتركون الواجبات . المأخوذ منهم : معني الأخذ منهم : انتقاص أعمارهم وانتقاض قواهم . المرعي الوبىّ : ذو الوباء والمرض . الدوىّ : ذو الداء . المُدي : جمع مُدْية ; وهى السكّين . ومعني تكفروا فى فىّ برسول الله أى تفضلّونى عليه (شرح نهج البلاغة : ١٠ / ١١ وص ١٢) . ٣٢ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / لو كان لى بعدد أهل بدر
الناس ! فإنّكم دعوتمونى إلي هذه البيعة فلم أردّكم عنها ، ثمّ بايعتمونى علي الإمارة ولم أسألكم إيّاها ، فتوثّب علىَّ متوثّبون ، كفي الله مؤونتهم ، وصرعهم لخدودهم ، وأتعس جدودهم ، وجعل دائرة السوء عليهم . وبقيت طائفة تُحدِث فى الإسلام أحداثاً ; تعمل بالهوي ، وتحكم بغير الحقّ ، ليست بأهل لما ادّعت ، وهم إذا قيل لهم : تقدّموا قدماً ، تقدّموا ، وإذا قيل لهم : أقبِلوا أقبَلوا ، لا يعرفون الحقّ كمعرفتهم الباطل ، ولا يُبطلون كإبطالهم الحقّ . أما إنّى قد سئمت من عتابكم وخطابكم ، فبيّنوا لى ما أنتم فاعلون ; فإن كنتم شاخصين معى إلي عدوّى فهو ما أطلب وأحبّ ، وإن كنتم غير فاعلين فاكشفوا لى عن أمركم أري رأيى . فو الله لئن لم تخرجوا معى بأجمعكم إلي عدوّكم فتقاتلوهم حتي يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين لأدعونّ الله عليكم ، ثمّ لأسيرنّ إلي عدوّكم ولو لم يكن معى إلاّ عشرة . أ أجلافُ أهل الشام وأعرابها أصبر علي نصرة الضلال ، وأشدّ اجتماعاً علي الباطل منكم علي هداكم وحقّكم ؟ ما بالكم ؟ ما دواؤكم ؟ إنّ القوم أمثالكم لا يُنشَرون إن قتلوا إلي يوم القيامة(١) . ٣ / ٨ ٢٧٧٢ ـ الإمام علىّ ¼ : اتّقوا الله عبادَ الله وتحاثّوا علي الجهاد مع إمامكم ; فلو كان لى منكم عصابة بعدد أهل بدر ; إذا أمرتهم أطاعونى ، وإذا استنهضتهم نهضوا معى ، لاستغنيت بهم عن كثير منكم ، وأسرعت النهوض إلي حرب معاوية ٣٣ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / وددت أنّ لى بكلّ عشرة منكم رجلاً من أهل الشام
وأصحابه ; فإنّه الجهاد المفروض(١) . ٣ / ٩ وددت أنّ لى بكلّ عشرة منكم رجلاً من أهل الشام ٢٧٧٣ ـ الإمام علىّ ¼ : وددت والله أنّ لى بكلّ عشرة منكم رجلاً من أهل الشام وأنّى صرفتكم كما يُصرَف الذهب ، ولوددت أنّى لقيتهم علي بصيرتى فأراحنى الله من مقاساتكم ومداراتكم كما يُداري البِكارُ العَمِدة(٢) والثياب المنهرئة كلّما خِيطت من جانب تهتّكت من جانب(٣) . ٢٧٧٤ ـ عنه ¼ ـ من كلام له فى أصحابه ـ : أيّها القوم الشاهدة أبدانُهم ، الغائبة عنهم عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، المُبتلي بهم اُمراؤهم . صاحبكم يُطيع الله وأنتم تعصونه ، وصاحب أهل الشام يعصى الله وهم يُطيعونه ، لوددت والله أنّ معاوية صارفنى بكم صرف الدينار بالدرهم ; فأخذ منّى عشرة منكم ، وأعطانى رجلاً منهم !(٤) ٣ / ١٠ بلغنى أنّكم تقولون : "علىّ يكذب" ٢٧٧٥ ـ الإمام علىّ ¼ : أمّا بعدُ يا أهل العراق ، فإنّما أنتم كالمرأة الحامل ; (١) الإرشاد : ١ / ٢٦٣ ، الاحتجاج : ١ / ٤٠٨ / ٨٨ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ٣٩٠ / ٣٦٠ . ٣٤ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / لا أري إصلاحكم بإفساد نفسي
حملتْ ، فلمّا أتمّت أمْلَصت ومات قيّمها ، وطال تأيّمها ، وورثها أبعدُها ، أما والله ما أتيتكم اختياراً ، ولكن جئت إليكم سَوْقاً . ولقد بلغنى أنّكم تقولون : علىّ يكذب ! قاتلكم الله تعالي ! فعلي من أكذب ؟ أ علي الله ؟ فأنا أوّل من آمن به ، أم علي نبيّه ؟ فأنا أوّل من صدّقه ، كلاّ والله ، لكنّها لهجةٌ غبتم عنها ، ولم تكونوا من أهلها ، وَيلُمِّهِ(١) كيلاً بغير ثمن ! لو كان له وعاء ، ³ ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ² (٢) (٣) . ٣ / ١١ ٢٧٧٦ ـ الإمام علىّ ¼ ـ فى توبيخ بعض أصحابه ـ : إنّكم والله لكثيرٌ فى الباحات ، قليلٌ تحت الرايات ، وإنّى لعالمٌ بما يُصلحكم ويقيم أوَدَكم(٤) ، ولكنّى لا أري إصلاحكم بإفساد نفسى(٥) . ٢٧٧٧ ـ الإمام الصادق ¼ : كان أمير المؤمنين علىُّ بن أبى طالب صلوات الله عليه يقول للناس بالكوفة : يا أهل الكوفة ، أ ترونى لا أعلم ما يُصلحكم ؟ ! بلي ، (١) رجلٌ وَيْلُمِّه : أى داه . ويقال للمستجاد : ويلُمِّه ; أى ويلٌ لأمّه كقولهم : لابَ لك يريدون : لا أبَ لك (تاج العروس : ١٥ / ٧٨٩) . ٣٥ - المجلد السابع / القسم السابع : أيّام المحنة / الفصل الثالث : شكوي الإمام من عصيان أصحابه / لا أري إصلاحكم بإفساد نفسي
ولكنّى أكره أن اُصلحكم بفساد نفسى(١) . ٢٧٧٨ ـ الإمام علىّ ¼ : أيّها الناس ! إنّى قد بثثت لكم المواعظ التى وعظ الأنبياء بها اُممهم ، وأدّيت إليكم ما أدّت الأوصياء إلي مَنْ بعدَهم ، وأدّبتكم بسوطى فلم تستقيموا ، وحدوتكم بالزواجر فلم تستوسقوا(٢) . لله أنتم ! أ تتوقّعون إماماً غيرى يطأ بكم الطريق ، ويُرشدكم السبيل ؟(٣) ٢٧٧٩ ـ عنه ¼ : ولقد علمت أنّ الذى يُصلحكم هو السَّيف ، وما كنت متحرِّياً صلاحكم بفساد نفسى ، ولكن سيُسلَّط عليكم من بعدى سلطانٌ صعبٌ(٤). ٢٧٨٠ ـ عنه ¼ : قد عاتبتكم بدرَّتى التى اُعاتب بها أهلى فلم تبالوا ، وضربتكم بسوطى الذى اُقيم به حدود ربِّى فلم ترعووا(٥) ، أ تريدون أن أضربكم بسيفى؟! أما إنّى أعلم الذى تريدون ويُقيم أوَدَكم ، ولكن لا أشترى صلاحكم بفساد نفسى ، بل يسلِّط الله عليكم قوماً فينتقم لى منكم ! فلا دنياً استمتعتم بها ، ولا آخرة صرتم إليها ، فبُعداً وسُحقاً لأصحاب السَّعير !(٦) ٢٧٨١ ـ عيون الحكم والمواعظ : قيل له [عليٍّ] ¼ : إنّ أهل العراق لا يُصلحهم إلاّ السيف! فقال : إن لم يصلحهم إلاّ فسادى فلا أصلحهم الله !(٧) (١) الأمالى للمفيد : ٢٠٧ / ٤٠ عن هشام . |