٢٤٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد
٥ / ١ ٥ / ١ ـ ١ ٢٩٤٨ ـ أنساب الأشراف ـ فى ذكر ما جري بعد اغتيال الإمام ¼ ـ : أمّا ابن ملجم فاُخذ واُدخل علي علىّ ، فقال : أطيبوا طعامه وألينوا فراشه ، فإن أعِش فأنا ولىّ دمى ; فإمّا عفوت وإمّا اقتصصت ، وإن أمُت فألحِقوه بى ³ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ² (١) (٢) . (١) البقرة : ١٩٠ . ٢٥٠ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / أمر الإمام بالإحسان إلي قاتله / أطيبوا طعامه وألينوا فراشه
٢٩٤٩ ـ الإمام الباقر ¼ : إنّ علىّ بن أبى طالب ¼ خرج يُوقظ الناس لصلاة الصبح ، فضربه عبد الرحمن بن ملجم بالسيف علي اُمّ رأسه ، فوقع علي ركبتيه وأخذه فالتزمه حتي أخذه الناس وحُمل علىّ حتي أفاق ، ثمّ قال للحسن والحسين ¤ : احبسوا هذا الأسير وأطعموه واسقوه وأحسِنوا أساره ، فإن عشتُ فأنا أولي بما صُنع بى ; إن شئت استقدتُ وإن شئت عفوت وإن شئت صالحت ، وإن مُتّ فذلك إليكم ، فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثّلوا به(١) . ٢٩٥٠ ـ الإمام علىّ ـ لمّا اُتى بابن الملجم أسيراً عنده ـ : إنّه أسير ; فأحسِنوا نزله ، وأكرموا مثواه ; فإن بقيت قتلت أو عفوت ، وإن متّ فاقتلوه قتلتى ³ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ² (٢) (٣) . ٢٩٥١ ـ مقتل أمير المؤمنين عن عامر الشعبى : لمّا ضُرب علىّ تلك الضربة قال : ما فعل ضاربى ؟ قالوا : قد أخذناه . قال : أطعموه من طعامى ، واسقوه من شرابى ; فإن أنا عشتُ رأيت فيه رأيى ، وإن أنا متّ فاضربوه ضربة لا تزيدوه عليها(٤) . ٢٩٥٢ ـ المستدرك علي الصحيحين عن الشعبى : لمّا ضرب ابن ملجم عليّاً تلك (١) قرب الإسناد : ١٤٣ / ٥١٥ عن أبى البخترى عن الإمام الصادق ¼ ، الجعفريّات : ٥٣ نحوه ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣١٢ ، روضة الواعظين : ١٥٣ ; السنن الكبري : ٨ / ٣١٧ / ١٦٧٥٩ عن إبراهيم بن محمّد وفى الثلاثة الأخيرة من "أطعموه . . ." ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٥٧ عن أنس بن عياض نحوه وكلاهما عن الإمام الصادق عنه ¤ . ٢٥١ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / أمر الإمام بالإحسان إلي قاتله / إيّاكم والمُثلة
الضربة أوصي به علىّ فقال : قد ضربنى فأحسنوا إليه وألينوا له فراشه ; فإن أعِش فهَضْم(١) أو قصاص ، وأن أمُت فعالجوه ; فانّى مخاصمه عند ربّى عزّ وجلّ(٢) . ٢٩٥٣ ـ الفتوح : كان علىّ (ع) يفتقده ويقول لمن فى منزله : أرسلتم إلي أسيركم طعاماً ؟(٣) . ٢٩٥٤ ـ بحار الأنوار عن لوط بن يحيي عن أشياخه : اُغمى عليه ساعة طويلة وأفاق ـ وكذلك كان رسول الله ½ يُغمي عليه ساعة طويلة ويفيق اُخري ; لأنّه ½ كان مسموماً ـ فلمّا أفاق ناوله الحسن ¼ قَعْباً(٤) من لبن ، فشرب منه قليلاً ثمّ نحّاه عن فيه وقال : احملوه إلي أسيركم ، ثمّ قال للحسن ¼ : بحقّى عليك يا بُنىّ إلاّ ما طيّبتم مطعمه ومشربه ، وارفقوا به إلي حين موتى ، وتُطعمه ممّا تأكل وتسقيه ممّا تشرب حتي تكون أكرم منه ، فعند ذلك حملوا إليه اللبن وأخبروه بما قال أمير المؤمنين ¼ فى حقّه(٥) . ٥ / ١ ـ ٢ ٢٩٥٥ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من وصيّته للحسن والحسين ¤ لمّا ضربه ابن ملجم لعنه الله ـ : يا بنى عبد المطّلب ، لا اُلفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً ، (١) يُقال : هضَم له من حقّه : ترك له منه شيئاً عن طيب نفس (تاج العروس : ١٧ / ٧٦٠) . ٢٥٢ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / أمر الإمام بالإحسان إلي قاتله / ألم اُحسن إليك ؟ !
تقولون : قُتل أمير المؤمنين . ألا لا تقتلُنّ بى إلاّ قاتلى . انظروا إذا أنا مُتّ من ضربته هذه فاضربوه ضربةً بضربة ، ولا تمثّلوا بالرجل ; فإنّى سمعت رسول الله ½ يقول : إيّاكم والمُثلة ولو بالكلب العقور !(١) ٢٩٥٦ ـ الاستيعاب : لمّا اُخذ [ابن ملجم] قال علىّ (ع) : اجلِسوه ; فإن متّ فاقتلوه ، ولا تُمثّلوا به ، وإن لم أمُت فالأمر إلىّ فى العفو أو القصاص(٢) . ٥ / ١ ـ ٣ ٢٩٥٧ ـ تاريخ الطبرى عن إسماعيل بن راشد : قال علىٌّ : علىَّ بالرجل [ابن ملجم] ، فاُدخل عليه ، ثمّ قال : أى عدوّ الله ، أ لم اُحسن إليك ؟ ! قال : بلي ، قال : فما حملك علي هذا ؟ قال : شحذته أربعين صباحاً ، وسألت الله أن يقتل به شرّ خلقه ، فقال ¼ : لا أراك إلاّ مقتولاً به ، ولا أراك إلاّ من شرّ خلقه(٣) . ٥ / ٢ ٢٩٥٨ ـ تاريخ الطبرى عن إسماعيل بن راشد : إنّ الناس دخلوا علي الحسن (١) نهج البلاغة : الكتاب ٤٧ ، روضة الواعظين : ١٥٢ ; تاريخ الطبرى : ٥ / ١٤٨ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٥ ، المعجم الكبير : ١ / ١٠٠ / ١٦٨ ، تهذيب الآثار (مسند علىّ بن أبى طالب) : ٧٥ / ١٣٧ وفيه إلي "بالرجل" ، المناقب للخوارزمى : ٣٨٦ / ٤٠١ والثلاثة الأخيرة عن إسماعيل بن راشد ، الرياض النضرة : ٣ / ٢٣٨ . ٢٥٣ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / زيارة الطبيب
فزعين لِما حدث من أمر علىّ ، فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يديه إذ نادته اُمّ كلثوم بنت علىّ وهى تبكى : أى عدوّ الله ! لا بأس علي أبى ، والله مخزيك ، قال : فعلي من تبكين ؟ والله لقد اشتريته بألف ، وسممته بألف ، ولو كانت هذه الضربة علي جميع أهل المصر ما بقى منهم أحد(١) . ٥ / ٣ ٢٩٥٩ ـ مقاتل الطالبيّين عن عمر بن تميم وعمرو بن أبى بكار : إنّ عليّاً لمّا ضُرب جُمع له أطبّاء الكوفة ; فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هانئ السكونى ، وكان متطبّباً صاحب كرسىّ يعالج الجراحات ، وكان من الأربعين غلاماً الذين كان خالد بن الوليد أصابهم فى عين التمر فسباهم ، وإن أثيراً لمّا نظر إلي جرح أمير المؤمنين ¼ دعا برئة شاة حارّة واستخرج عرقاً منها ، فأدخله فى الجرح ثمّ استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، اعهد عهدك ; فإنّ عدوّ الله قد وصلت ضربته إلي اُمّ رأسك(٢) . (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٤٦ ، المعجم الكبير :١ / ٩٩ / ١٦٨ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٦ ، مقاتل الطالبيّين : ٤٩ عن عبد الله بن محمّد الأزدى ; الإرشاد : ١ / ٢١ كلاهما نحوه وراجع الطبقات الكبري : ٣ / ٣٧ واُسد الغابة : ٤ / ١١٣ / ٣٧٨٩ والكامل للمبرّد : ٣ / ١١١٩ وتاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٥٩ . اختلفوا هل ضربه فى الصلاة أو قبل الدخول فيها ؟ وهل استخلف من أتمّ بهم الصلاة أو هو أتمّها ؟ والأكثر أنّه استخلف جعدة بن هبيرة فصلّي بهم تلك الصلاة (راجع الاستيعاب : ٣ / ٢١٩ / ١٨٧٥ والرياض النضرة : ٣ / ٢٣٦) . ٢٥٤ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
٥ / ٤ ٢٩٦٠ ـ تاريخ دمشق عن عقبة بن أبى الصهباء : لمّا ضرب ابن ملجم عليّاً دخل عليه الحسن وهو باك ، فقال له : ما يُبكيك يا بُنىّ ؟ قال : وما لى لا أبكى وأنت فى أوّل يوم من الآخرة ، وآخر يوم من الدنيا ؟ فقال : يا بُنىّ احفظ أربعاً وأربعاً لا يضرّك ما عملت معهنّ ، قال : وما هنّ يا أبة ؟ قال : إنّ أغني الغني العقل ، وأكبر الفقر الحمق ، وأوحش الوحشة العجب ، وأكرم الحسب الكرم وحسن الخُلق . قال : قلت : يا أبة هذه الأربع ، فأعطنى الأربع الاُخر ، قال : إيّاك ومصادقة الأحمق ; فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك ، وإيّاك ومصادقة الكذّاب ; فإنّه يقرّب إليك البعيد ويبعّد عليك القريب ، وإيّاك ومصادقة البخيل ; فإنّه يقعد عنك أحوج ما يكون إليه ، وإيّاك ومصادقة الفاجر ; فإنّه يبيعك بالتافه(١) . ٢٩٦١ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من وصيّة له للحسن والحسين ¤ لمّا ضربه ابن ملجم لعنه الله ـ : اُوصيكما بتقوي الله ، وألاّ تبغيا الدنيا وإن بغتكما ، ولا تأسفا علي شىء منها زُوِى عنكما ، وقولا بالحقّ ، واعملا للأجر ، وكونا للظالم خصماً ، وللمظلوم عوناً . اُوصيكما وجميع ولدى وأهلى ومن بلغه كتابى بتقوي الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم ; فإنّى سمعت جدّكما ½ يقول : صلاح ذات البين أفضل من ٢٥٥ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
عامّة الصلاة والصيام . اللهَ اللهَ فى الأيتام ; فلا تغبّوا(١) أفواههم ، ولا يضيعوا بحضرتكم . واللهَ اللهَ فى جيرانكم ; فإنّهم وصيّة نبيّكم . ما زال يوصى بهم حتي ظننّا أنّه سيورّثهم . واللهَ اللهَ فى القرآن ، لا يسبقكم بالعمل به غيركم . واللهَ اللهَ فى الصلاة ; فإنّها عمود دينكم . واللهَ اللهَ فى بيت ربّكم ، لا تُخلوه ما بقيتم ; فإنّه إن تُرك لم تُناظَروا . واللهَ اللهَ فى الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم فى سبيل الله . وعليكم بالتواصل والتباذل ، وإيّاكم والتدابر والتقاطع . لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فيولّي عليكم شراركم ، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم . ثمّ قال : يا بنى عبد المطّلب ، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً ، تقولون : قُتل أمير المؤمنين . ألا لا تقتلنّ بى إلاّ قاتلى . انظروا إذا أنا مِتّ من ضربته هذه ، فاضربوه ضربة بضربة ، ولا تمثّلوا بالرجل ; فإنّى سمعت رسول الله ½ يقول : إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور(٢) . ٢٩٦٢ ـ الكافى عن عبد الرحمن بن الحجّاج : بعث إلى أبو الحسن موسي ¼ (١) أى لا تُجيعوهم بأن تُطعموهم يوماً وتتركوهم يوماً (بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٥٧) . ٢٥٦ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
بوصيّة أمير المؤمنين ¼ وهى : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصي به علىّ بن أبى طالب ، أوصي أنّه يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدي ودين الحقّ ليظهره علي الدين كلّه ولو كره المشركون ، صلّي الله عليه وآله . ثمّ إنّ صلاتى ونُسُكى ومحياىَ ومماتى لله ربّ العالمين لا شريك له ، وبذلك اُمرت وأنا من المسلمين . ثمّ إنّى اُوصيك يا حسن وجميع أهل بيتى وولدى ومن بلغه كتابى بتقوي الله ربّكم ولا تموتُنّ إلاّ وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ، فإنّى سمعت رسول الله ½ يقول : "صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام" وأنّ المُبيرة الحالقة للدين فساد ذات البَيْن ، ولا قوّة إلاّ بالله العلىّ العظيم ، انظروا ذوى أرحامكم فصلوهم يهوّن الله عليكم الحساب . اللهَ اللهَ فى الأيتام ; فلا تغبّوا أفواههم ، ولا يضيعوا بحضرتكم ; فقد سمعت رسول الله ½ يقول : من عال يتيماً حتي يستغنى أوجب الله عزّ وجلّ له بذلك الجنّة ، كما أوجب لآكل مال اليتيم النار . اللهَ اللهَ فى القرآن ; فلا يسبقكم إلي العمل به أحدٌ غيركم . اللهَ اللهَ فى جيرانكم ; فإنّ النبىّ ½ أوصي بهم ، وما زال رسول الله ½ يوصى بهم حتي ظننّا أنّه سيورّثهم . اللهَ اللهَ فى بيت ربّكم ; فلا يخلو منكم ما بقيتم ; فإنّه إن تُرك لم تُناظَروا ، وأدني ما يرجع به مَن أمَّهُ أن يُغفر له ما سلف . اللهَ اللهَ فى الصلاة ; فإنّها خير العمل ، إنّها عمود دينكم . اللهَ اللهَ فى الزكاة ; فإنّها تُطفئ غضب ربّكم . ٢٥٧ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
اللهَ اللهَ فى شهر رمضان ; فإنّ صيامه جُنّة من النار . اللهَ اللهَ فى الفقراء والمساكين ; فشاركوهم فى معايشكم . اللهَ اللهَ فى الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ; فإنّما يجاهد رجلان : إمام هدي ، أو مطيع له مقتد بهداه . اللهَ اللهَ فى ذرّية نبيّكم ; فلا يُظلَمُنّ بحضرتكم وبين ظهرانيكم وأنتم تقدرون علي الدفع عنهم . اللهَ اللهَ فى أصحاب نبيّكم الذين لم يُحدِثوا حدثاً ولم يُؤووا مُحدِثاً ; فإنّ رسول الله ½ أوصي بهم ، ولعن المحدِثَ منهم ومن غيرهم ، والمؤوى للمحدث . اللهَ اللهَ فى النساء وفيما ملكت أيمانكم ; فإنّ آخر ما تكلّم به نبيّكم ¼ أن قال : اُوصيكم بالضعيفين : النساء ، وما ملكت أيمانُكم . الصلاةَ الصلاةَ الصلاةَ ، لا تخافوا فى الله لومة لائم ، يكفِكم الله مَن آذاكم وبغي عليكم ، قولوا للناس حُسناً كما أمركم الله عزّ وجلّ ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فيولّى الله أمرَكم شرارَكم ثمّ تدعون فلا يُستجاب لكم عليهم ، وعليكم يا بَنىّ بالتواصل والتباذل والتبارّ ، وإيّاكم والتقاطع والتدابر والتفرّق ، ³ وَتَعَاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَي الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ² (١) ، حفظكم الله من أهل بيت ، وحفظ فيكم نبيّكم ، أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته(٢) . (١) المائدة : ٢ . ٢٥٨ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
٢٩٦٣ ـ الإمام علىّ ¼ : الحمد لله حقّ قدره متّبعين أمره ، وأحمده كما أحبّ ، ولا إله إلاّ الله الواحد الأحد الصمد كما انتسب . أيّها الناس ! كلّ امرئ لاق فى فراره ما منه يفرُّ ، والأجل مساق النفس إليه ، والهرب منه موافاته ، كم اطّردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر ، فأبي الله عزّ ذكره إلاّ إخفاءه ، هيهات علمٌ مكنون . أمّا وصيّتى فأن لا تُشركوا بالله جلّ ثناؤه شيئاً ، ومحمّداً ½ فلا تُضيّعوا سنّته ، أقيموا هذين العمودين ، وأوقدوا هذين المصباحين ، وخلاكم ذمّ(١) ما لم تشردوا ، حُمِّل كلُّ امرئ مجهوده ، وخفّف عن الجهلة ، ربٌّ رحيم ، وإمامٌ عليم ، ودينٌ قويم . أنا بالأمس صاحبكم وأنا اليوم عبرةٌ لكم ، وغداً مفارقكم ، إن تثبت الوطأة فى هذه المزلّة فذاك المراد ، وإن تدحض القدم ، فإنّا كنّا فى أفياء أغصان وذري رياح ، وتحت ظلّ غمامة اضمحلّ فى الجوّ متلفّقها ، وعفا فى الأرض محطّها ، وإنّما كنت جاراً جاوركم بدنى أيّاماً وستعقبون منّى جثّة خلاء ، ساكنة بعد حركة ، وكاظمة بعد نطق ، ليعظكم هُدوّى وخفوت إطراقى وسكون أطرافى ; فانّه أوعظ لكم من الناطق البليغ ، ودّعتكم وداع مرصد للتلاقى ، غداً ترون (١) يقال : افعَل ذلك وخَلاكَ ذَمٌّ ; أى أعذِرت وسَقَط عنك الذَّمُّ (النهاية : ٢ / ٧٦) . ٢٥٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
أيّامى ، ويكشف الله عزّ وجلّ عن سرائرى ، وتعرفونى بعد خلوّ مكانى ، وقيام غيرى مقامى ، إن أبقَ فأنا ولىُّ دمى ، وإن أفنَ فالفناء ميعادى ، وإن أعفُ فالعفو لى قربة ، ولكم حسنة ، فاعفوا واصفحوا ، ³ أَ لاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ² (١) . فيا لها حسرة علي كلّ ذى غفلة أن يكون عمره عليه حجّة أو تؤدّيه أيّامه إلي شِقوة ، جعلَنا الله وإيّاكم ممّن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة ، أو تحلّ به بعد الموت نقمة ; فإنّما نحن له وبه . ثمّ أقبل علي الحسن ¼ فقال : يا بُنىّ ضربة مكان ضربة ولا تأثم(٢) . ٢٩٦٤ ـ عنه ¼ : وصيّتى لكم : أن لا تشركوا بالله شيئاً ، ومحمّد ½ فلا تُضيّعوا سنّته ، أقيموا هذين العمودين ، وأوقدوا هذين المصباحين ، وخلاكم ذمّ ! أنا بالأمس صاحبكم ، واليوم عبرة لكم ، وغداً مفارقكم ، إن أبقَ فأنا ولىّ دمى ، وإن أفنَ فالفناء ميعادى ، وإن أعفُ فالعفو لى قربة ، وهو لكم حسنة ، فاعفوا ³ أَ لاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ² . والله ما فجأنى من الموت وارد كرهته ، ولا طالع أنكرته ، وما كنت إلاّ كقارب وَرَد ، وطالب وَجَد ³ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلاَْبْرَارِ ² (٣) (٤) . ٢٩٦٥ ـ الإمام الحسن ¼ : لمّا حضرت أبى الوفاة أقبل يوصى فقال : هذا ما (١) النور : ٢٢ . ٢٦٠ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
أوصي به علىّ بن أبى طالب أخو محمّد رسول الله وابن عمّه ووصيّه وصاحبه . وأوّل وصيّتى أنّى أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسوله وخيرته ، اختاره بعلمه ، وارتضاه لخيرته ، وأنّ الله باعث مَن فى القبور ، وسائل الناس عن أعمالهم ، وعالم بما فى الصدور . ثمّ إنّى اُوصيك يا حسن ـ وكفي بك وصيّاً ـ بما أوصانى به رسول الله ½ ، فإذا كان ذلك يا بُنىَّ فالزم بيتك ، وابْكِ علي خطيئتك ، ولا تكُن الدنيا أكبر همّك . واُوصيك يا بُنىَّ بالصلاة عند وقتها ، والزكاة فى أهلها عند محلّها ، والصمت عند الشبهة ، والاقتصاد فى العمل ، والعدل فى الرضا والغضب ، وحسن الجوار ، وإكرام الضيف ، ورحمة المجهود وأصحاب البلاء ، وصلة الرحم ، وحبّ المساكين ومجالستهم ، والتواضع ; فإنّه من أفضل العبادة ، وقصر الأمل ، وذكر الموت ، والزهد فى الدنيا ; فإنّك رهن موت ، وغرض بلاء ، وطريح سقم . واُوصيك بخشية الله فى سرّ أمرك وعلانيته ، وأنهاك عن التسرّع بالقول والفعل ، وإذا عرض شىء من أمر الآخرة فابدأ به ، وإذا عرض شىء من أمر الدنيا فتأنّه حتي تصيب رشدك فيه . وإيّاك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء ; فإنّ قرين السوء يغيّر جليسه . وكن لله يا بنىّ عاملاً ، وعن الخنا زجوراً ، وبالمعروف آمراً ، وعن المنكر ناهياً ، وواخِ الإخوان فى الله ، وأحِبّ الصالح لصلاحه ، ودارِ الفاسق عن دينك ، وأبغضه بقلبك ، وزايله بأعمالك لئلاّ تكون مثله . وإيّاك والجلوس فى الطرقات ، ودعِ المماراة ومجاراة من لا عقل له ولا علم . واقتصد يا بنىَّ فى معيشتك ، واقتصد فى عبادتك ، وعليك فيها بالأمر الدائم الذى تُطيقه . والزم الصمت تسلم ، وقدّم لنفسك تغنم ، وتعلّم الخير تعلم ، وكن لله ذاكراً ٢٦١ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
علي كلّ حال ، وارحم من أهلك الصغير ، ووقّر منهم الكبير ، ولا تأكلنّ طعاماً حتي تصّدّق منه قبل أكله . وعليك بالصوم ; فإنّه زكاة البدن وجُنّة لأهله ، وجاهد نفسك ، واحذر جليسك ، واجتنب عدوّك ، وعليك بمجالس الذكر ، وأكثر من الدعاء ; فإنّى لم آلُك يا بنىَّ نصحاً ، وهذا فراقُ بينى وبينك . واُوصيك بأخيك محمّد خيراً ; فإنّه شقيقك وابن أبيك ، وقد تعلم حبّى له . وأمّا أخوك الحسين فهو ابن اُمّك ، ولا أزيد الوصاة بذلك ، والله الخليفة عليكم ، وإيّاه أسأل أن يصلحكم ، وأن يكفّ الطغاة البغاة عنكم ، والصبرَ الصبرَ حتي يتولّي الله الأمر ، ولا قوّة إلاّ بالله العلىّ العظيم(١) . ٢٩٦٦ ـ تاريخ الطبرى : نظر [علىّ ¼ ] إلي محمّد ابن الحنفيّة ، فقال : هل حفظت ما أوصيت به أخويك ؟ قال : نعم ، قال : فإنّى اُوصيك بمثله ، واُوصيك بتوقير أخويك ; لعظيم حقّهما عليك ، فاتّبع أمرهما ، ولا تقطع أمراً دونهما . ثمّ قال : اُوصيكما به ; فإنّه شقيقكما ، وابن أبيكما ، وقد علمتما أنّ أباكما كان يحبّه . وقال للحسن : اُوصيك أى بنىَّ بتقوي الله ، وإقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة عند محلّها ، وحسن الوضوء ; فإنّه لا صلاة إلاّ بطهور ، ولا تُقبل صلاة من مانع زكاة ، واُوصيك بغفر الذنب ، وكظم الغيظ ، وصلة الرحم ، والحلم عند الجهل ، والتفقّه فى الدين ، والتثبّت فى الأمر ، والتعاهد للقرآن ، وحُسن الجوار ، والأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، واجتناب الفواحش(٢) . (١) الأمالى للمفيد : ٢٢٠/١ ، الأمالى للطوسى : ٧ / ٨ كلاهما عن الفجيع العقيلى ; الفصول المهمّة : ١٣٣ . ٢٦٢ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / وصايا الإمام
٢٩٦٧ ـ الإمام الباقر ¼ : لمّا احتضر أمير المؤمنين ¼ جمع بنيه : حسناً وحسيناً وابن الحنفيّة والأصاغر من ولده ، فوصّاهم وكان فى آخر وصيّته : يا بَنىّ ، عاشروا الناس عِشرةً إن غبتم حنّوا إليكم ، وإن فُقدتم بكَوا عليكم . يا بَنىّ ، إنّ القلوب جنود مجنّدة ، تتلاحظ بالمودّة ، وتتناجى بها ، وكذلك هى فى البغض ، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه ، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه(١) . ٢٩٦٨ ـ الإمام الكاظم ¼ ـ فى بيان وصيّة أمير المؤمنين ¼ ـ : هذا ما قضي به علىّ بن أبى طالب فى أمواله هذه الغد من يوم قدم مَسكِن(٢) ابتغاء وجه الله والدار الآخرة والله المستعان علي كلّ حال ، ولا يحلّ لامرئ مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول فى شىء قضيته من مالى ولا يخالف فيه أمرى من قريب أو بعيد . أمّا بعد ، فإنّ ولائدى اللاّئى أطوف عليهنّ السبعة عشر منهنّ اُمّهات أولاد معهنّ أولادهنّ ، ومنهنّ حبالي ومنهنّ من لا ولد له ، فقضاى فيهنّ إن حدث بى حدث أنّه من كان منهنّ ليس لها ولد وليست بحبلي فهى عتيق لوجه الله عزّ وجلّ ليس لأحد عليهنّ سبيل ، ومن كان منهنّ لها ولد أو حُبلي فتمسك علي ولدها وهى من حظّه ، فإن مات ولدها وهى حيّة فهى عتيق ليس لأحد عليها سبيل ، (١) الأمالى للطوسى : ٥٩٥ / ١٢٣٢ عن جابر بن يزيد ، تنبيه الخواطر : ٢ / ٧٥ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٤٧ / ٥٠ وص ٢٥٣ / ٥٥ وراجع نهج البلاغة : الحكمة ١٠ وعيون الحكم والمواعظ : ٢٤٢ / ٤٦٠٦ . ٢٦٣ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / عيادة الإمام
هذا ما قضي به علىّ فى ماله الغد من يوم قدم مسكن ، شهد أبو سمر بن أبرهة ، وصعصعة بن صوحان ، ويزيد بن قيس ، وهيّاج بن أبى هيّاج ، وكتب علىّ بن أبى طالب بيده لعشر خلَون من جمادي الاُولي سنة سبع وثلاثين(١) . ٢٩٦٩ ـ الإمام علىّ ¼ : قاتِلوا أهل الشام مع كلّ إمام بعدى (٢) . ٥ / ٥ ٢٩٧٠ ـ اُسد الغابة عن عمرو ذى مرّ : لمّا اُصيب علىّ بالضربة دخلتُ عليه وقد عصب رأسه . قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، أرِنى ضربتك ، قال : فحلّها ، فقلت : خدشٌ وليس بشىء ، قال : إنّى مفارقكم ، فبكت اُمّ كلثوم من وراء الحجاب ، فقال لها : اسكتى ! فلو ترَين ما أري لما بكيت ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين ، ماذا تري ؟ قال : هذه الملائكة وفود والنبيّون ، وهذا محمّد ½ يقول : يا علىّ ، أبشِر ، فما تصير إليه خير ممّا أنت فيه(٣) . ٢٩٧١ ـ الأمالى للمفيد عن الأصبغ بن نباتة : لمّا ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين علىّ ابن أبى طالب ¼ غدونا عليه نفر من أصحابنا ، أنا والحارث وسويد بن غفلة وجماعة معنا ، فقعدنا علي الباب فسمعنا البكاء فبكينا ، فخرج إلينا الحسن بن علىّ ¤ فقال : يقول لكم أمير المؤمنين : انصرفوا إلي منازلكم . (١) الكافى : ٧ / ٥٠ / ٧ عن عبد الرحمن بن الحجّاج . ٢٦٤ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / عيادة الإمام
فانصرف القوم غيرى ، واشتدّ البكاء من منزله فبكيتُ فخرج الحسن ¼ فقال : أ لم أقل لكم انصرفوا . فقلت : لا والله يابن رسول الله ، ما تُتابعنى نفسى ، ولا تحملنى رجلى أن أنصرف حتي أري أمير المؤمنين صلوات الله عليه . قال : فتلبّث ، فدخل ، ولم يلبث أن خرج فقال لى : ادخل ، فدخلتُ علي أمير المؤمنين ¼ فإذا هو مستند ، معصوب الرأس بعمامة صفراء ، قد نزف وأصفرّ وجهه ، ما أدرى وجهه أصفر أم العمامة ، فأكببت عليه فقبّلته وبكيت ، فقال لى : لا تبكِ يا أصبغ ; فإنّها والله الجنّة ، فقلت له : جُعلت فداك ، إنّى أعلم والله أنّك تصير إلي الجنّة ، وإنّما أبكى لفقدانى إيّاك يا أمير المؤمنين(١) . ٢٩٧٢ ـ بحار الأنوار عن محمّد ابن الحنفيّة : بتنا ليلة عشرين من شهر رمضان مع أبى وقد نزل السمّ إلي قدميه ، وكان يُصلّى تلك الليلة من جلوس ، ولم يزَل يوصينا بوصاياه ويُعزّينا عن نفسه ويخبرنا بأمره وتبيانه إلي حين طلوع الفجر ، فلّما أصبح استأذن الناس عليه ، فأذن لهم بالدخول ، فدخلوا عليه وأقبلوا يسلّمون عليه ، وهو يرد عليهم السلام ، ثمّ قال : أيّها الناس اسألونى قبل أن تفقدونى ، وخفّفوا سؤالكم لمصيبة إمامكم ، قال : فبكي الناس عند ذلك بكاء شديداً ، وأشفقوا أن يسألوه تخفيفاً عنه ، فقام إليه حجر بن عدىّ الطائى وقال :
(١) الأمالى للمفيد : ٣٥١ / ٣ ، الأمالى للطوسى : ١٢٣ / ١٩١ . ٢٦٥ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / كلمات الإمام قُبيل موته
فلمّا بصر به وسمع شعره قال له : كيف لى بك إذا دُعيت إلي البراءة منّى ، فما عساك أن تقول ؟ فقال : والله يا أمير المؤمنين ، لو قُطّعت بالسيف إرباً إرباً ، واُضرم لى النار واُلقيت فيها لآثرت ذلك علي البراءة منك ، فقال : وُفّقت لكلّ خير يا حجر ، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك(١) . ٥ / ٦ ٢٩٧٣ ـ الإمام علىّ ¼ ـ من كلامه قُبيل موته ـ : والله ، ما فجأنى من الموت وارد كرهته ، ولا طالع أنكرته ، وما كنت إلاّ كقارب وَرَد ، وطالب وَجَد ³ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلاَْبْرَارِ ² (٢) (٣) . ٢٩٧٤ ـ العدد القويّة عن الواقدى : آخر كلمة قالها أمير المؤمنين ¼ : يا بَنىّ إذا مُتّ فالحقوا بى ابن ملجم ـ لعنه الله ـ اُخاصمه عند ربّ العالمين ، ثمّ قرأ : ³ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ± وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ² (٤) الآية(٥) . ٢٩٧٥ ـ الإمام الكاظم ¼ ـ فى ذكر شهادة الإمام علىّ ¼ ـ : ثمّ لم يزَل يقول : (١) بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٩٠ . ٢٦٦ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / لقاء المحبوب
"لا إله إلاّ الله ، لا إله إلاّ الله" حتي قُبض صلوات الله عليه ورحمته(١) . ٥ / ٧ ٢٩٧٦ ـ الأمالى للصدوق عن حبيب بن عمرو : دخلت علي أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ¼ فى مرضه الذى قُبض فيه فحلّ عن جراحته ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما جرحك هذا بشىء وما بك من بأس ، فقال لى : يا حبيب ، أنا والله مفارقكم الساعة . قال : فبكيت عند ذلك وبكت اُمّ كلثوم وكانت قاعدة عنده ، فقال لها : ما يُبكيك يا بُنيّة ؟ فقالت : ذكرت يا أبة إنّك تفارقنا الساعة فبكيت ، فقال لها : يا بنيّة لا تبكين ، فوَ الله لو ترين ما يري أبوك ما بكيت . قال حبيب : فقلت له : وما الذى تري يا أمير المؤمنين ؟ فقال : يا حبيب ، أري ملائكة السماوات والنبيّين بعضهم فى أثر بعض وقوفاً إلي أن يتلقّونى ، وهذا أخى محمّد رسول الله ½ جالس عندى يقول : أقدم ; فإنّ أمامَك خير لك ممّا أنت فيه . قال : فما خرجت من عنده حتي تُوفّى ¼ (٢) . ٢٩٧٧ ـ ربيع الأبرار عن أسماء بنت عُميس : أنا لعندَ علىّ بن أبى طالب ¼ بعدما ضربه ابن ملجم ، إذ شهق شهقةً ، ثمّ اُغمى عليه ، ثمّ أفاق فقال : مرحباً ، مرحباً ، الحمد لله الذى صدقنا وعده ، وأورثنا الجنّة ، فقيل له : ما تري ؟ قال : هذا رسول الله ، وأخى جعفر ، وعمّى حمزة ، وأبواب السماء مفتّحة ، والملائكة (١) الكافى : ٧ / ٥٢ / ٧ عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، من لا يحضره الفقيه : ٤ / ١٩١ / ٥٤٣٣ عن سليم بن قيس ، تهذيب الأحكام : ٩ / ١٧٨ / ٧١٤ ، الغيبة للطوسى : ١٩٥ / ١٥٧ كلاهما عن جابر عن الإمام الباقر ¼ وعن سليم بن قيس . ٢٦٧ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / لقاء المحبوب
ينزلون يسلّمون علىَّ ويبشّرون ، وهذه فاطمة قد طاف بها وصائفها من الحور ، وهذه منازلى فى الجنّة ، لمثل هذا فليعمل العاملون(١) . ٢٩٧٨ ـ بحار الأنوار عن محمّد ابن الحنفية : لما كانت ليلة إحدي وعشرين وأظلم الليل ـ وهى الليلة الثانية من الكائنة ـ جمع أبى أولاده وأهل بيته وودّعهم . . . ثمّ عرضنا عليه المأكول والمشروب فأبي أن يشرب فنظرنا إلي شفتيه وهما يختلجان بذكر الله تعالي ، وجعل جبينه يرشح عرقاً وهو يمسحه بيده ، قلت : يا أبتِ أراك تمسح جبينك فقال : يا بُنىّ ، إنّى سمعت جدّك(٢) رسول الله ½ يقول : إنّ المؤمن إذا نزل به الموت ودنت وفاته عرق جبينه وصار كاللؤلؤ الرطب وسكن أنينه ، ثمّ قال : يا أبا عبد الله ويا عون ، ثمّ نادي أولاده كلّهم بأسمائهم صغيراً وكبيراً واحداً بعد واحد ، وجعل يودّعهم ويقول : الله خليفتى عليكم ، أستودعكم الله وهم يبكون ، فقال له الحسن ¼ : يا أبه ، ما دعاك إلي هذا ؟ فقال له : يا بُنىّ إنّى رأيت جدّك رسول الله ½ فى منامى قبل هذه الكائنة بليلة ، فشكوت إليه ما أنا فيه من التذلّل والأذي من هذه الاُمّة ، فقال لى : ادعُ عليهم ، فقلت : اللهمّ أبدلْهم بى شرّاً منّى وأبدلنى بهم خيراً منهم ، فقال لى : قد استجاب الله دُعاك ، سينقلك إلينا بعد ثلاث ، وقد مضت الثلاث ، يا أبا محمّد اُوصيك ـ ويا أبا عبد الله ـ خيراً ، فأنتما منّى وأنا منكما . . . ثمّ قال : يا أبا محمّد ويا أبا عبد الله كأنّى بكما وقد خرجت عليكما من بعدى الفتن من ههنا ، فاصبرا حتي يحكم الله وهو خير الحاكمين . ثمّ قال : يا أبا عبد الله أنت شهيد هذه الاُمّة ; فعليك بتقوي الله والصبر علي ٢٦٨ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / بكاء الأرض
بلائه ، ثمّ اُغمى عليه ساعة ، وأفاق وقال : هذا رسول الله ½ وعمّى حمزة وأخى جعفر وأصحاب رسول الله ½ وكلّهم يقولون : عجِّل قدومك علينا فإنّا إليك مشتاقون ، ثمّ أدار عينيه فى أهل بيته كلّهم وقال : أستودعكم الله جميعا سدّدكم الله جميعاً حفظكم الله جميعاً ، خليفتى عليكم الله وكفي بالله خليفة . ثمّ قال : وعليكم السلام يا رسلَ ربّى . ثمّ قال : ³ لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ² (١) ³ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّ الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ² (٢) وعرق جبينه وهو يذكر الله كثيراً ، وما زال يذكر الله كثيراً ويتشهّد الشهادتين . ثمّ استقبل القبلة وغمّض عينيه ومدّ رجليه ويديه وقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، ثمّ قضي نحبه ¼ . وكانت وفاته فى ليلة إحدي وعشرين من شهر رمضان ، وكانت ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة(٣) . ٥ / ٨ ٢٩٧٩ ـ المستدرك علي الصحيحين عن أسماء الأنصاريّة : ما رفع حجر بإيلياء(٤) (١) الصافّات : ٦١ . ٢٦٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / تاريخ شهادته
ليلة قتل علىّ إلاّ ووجد تحته دم عبيط(١) . ٢٩٨٠ ـ المستدرك علي الصحيحين عن ابن شهاب : قدمتُ دمشق وأنا اُريد الغزو ، فأتيتُ عبد الملك لاُسلّم عليه ، فوجدته فى قبّة علي فرش بقرب القائم وتحته سماطان ، فسلّمت ثمّ جلست ، فقال لى : يابن شهاب ، أ تعلم ما كان فى بيت المقدس صباح قتل علىّ بن أبى طالب ؟ فقلت : نعم ، فقال : هلمّ ، فقمتُ من وراء الناس حتي أتيت خلف القبّة ، فحوّل إلىّ وجهه فاحنا علىَّ فقال ما كان ؟ فقلت لم يرفع حجر من بيت المقدّس إلاّ وجد تحته دم ، فقال : لم يبقَ أحد يعلم هذا غيرى وغيرك ، لا يسمعنّ منك أحد ، فما حدّثتُ به حتي توفّى(٢) . ٥ / ٩ كان اغتيال الإمام ¼ علي يد ابن ملجم علي المشهور فى فجر اليوم التاسع عشر(٣) من شهر رمضان . وكانت شهادته ¼ فى ليلة الجمعة(٤) الحادى (١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٥٥ / ٤٦٩٤ ، فرائد السمطين : ١ / ٣٨٩ / ٣٢٦ ; المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٣٤٦ نحوه عن أبى حمزة عن الإمام الصادق ¼ وعن سعيد بن المسيّب . ٢٧٠ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / تاريخ شهادته
والعشرين(١) من شهر رمضان سنة (٤٠ هـ )(٢) ، والذى يصادف ليلة نزول القرآن(٣) . وهناك أقوال اُخر حول تاريخ اغتياله وهى : اليوم السابع عشر(٤) ، والحادى (١) الكافى : ١ / ٤٥٢ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ١٧٨ / ٧١٤ ، من لا يحضره الفقيه : ٤ / ١٩١ / ٥٤٣٣ ، الإرشاد : ١ / ٩ ، إثبات الوصيّة : ١٦٥ ، تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٢ ، إعلام الوري : ١ / ٣٠٩ ، روضة الواعظين : ١٤٧ ; المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٥٤ / ٤٦٨٨ ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٥٧ / ٩٣٩ ، مروج الذهب : ٢ / ٤٢٦ ، مقتل أمير المؤمنين : ٥٩ / ٤٠ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٨٧ ، مقاتل الطالبيّين : ٥٤ ، المناقب للخوارزمى : ٣٩٦ / ٤١٦ . ٢٧١ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / تاريخ شهادته
والعشرون(١) من شهر رمضان . كما ذُكرت أقوال اُخر حول تاريخ شهادته وهى : اليوم الثالث والعشرون(٢) ، والتاسع عشر (٣) ، والسابع عشر(٤) ، والسابع والعشرون(٥) من شهر رمضان سنة (٤٠ هـ ) . ويوجد هناك اختلاف أيضاً بين المؤرّخين حول سنّ الإمام ¼ حين شهادته ; فقد ذكر أكثر المؤرّخين والمحدّثين من الفريقين أنّ عمره الشريف كان (٦٣ سنة)(٦) بيد أنّه توجد أقوال اُخر فى هذا المضمار ، وهى : (٥٨ سنة)(٧) (١) الكافى : ٧ / ٥٢ / ٧ ، الغيبة للطوسى : ١٩٥ / ١٥٧ ، إثبات الوصيّة : ١٦٤ ; تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٨٦ و٥٨٧ ، الكامل للمبرّد : ٣ / ١١١٨ ، المناقب للخوارزمى : ٣٩٢ / ٤١١ . ٢٧٢ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / تاريخ شهادته
٢٩٨١ ـ الكافى : قتل ¼ فى شهر رمضان لتسع بقين منه ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة ، وهو ابن ثلاث وستّين سنة(٣) . ٢٩٨٢ ـ الإرشاد : كانت وفاة أمير المؤمنين ¼ قبيل الفجر من ليلة الجمعة ليلة إحدي وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلاً بالسيف ، قتله ابن ملجم المرادى ـ لعنه الله ـ فى مسجد الكوفة ، وقد خرج ¼ يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وقد كان ارتصده من أوّل الليل لذلك ، فلمّا مرّ به فى المسجد وهو مستخف بأمره مماكر بإظهار النوم فى جملة النيّام ثار إليه فضربه علي اُمّ رأسه بالسيف وكان مسموماً ، فمكث يوم تسعة عشر وليلة عشرين ويومها وليلة إحدي وعشرين إلي نحو الثلث الأوّل من الليل ، ثمّ قضي نحبه ¼ شهيداً ، ولقى ربّه تعالي مظلوماً(٤) . ٢٩٨٣ ـ تاريخ اليعقوبى ـ بعد ذكر إصابة الإمام ¼ بالسيف ـ فى خبر : أقام يومين ومات ليلة الجمعة أوّل ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان سنة (٤٠) ، ومن شهور العجم فى كانون الآخر ، وهو ابن ثلاث وستّين سنة ، وغسّله الحسن ابنه بيده ، وصلّي عليه وكبّر عليه سبعاً ، وقال : أما إنّه لا يكبّر علي أحد بعده ، ودُفن بالكوفة فى موضع يُقال له الغرى(٥) . (١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥١ ; إثبات الوصيّة : ١٦٥ . ٢٧٣ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / تاريخ شهادته
٢٩٨٤ ـ المستدرك علي الصحيحين عن الحريث بن مخشي : إنّ عليّاً قتل صبيحة إحدي وعشرين من رمضان ، قال : فسمعت الحسن بن علىّ يقول وهو يخطب وذكر مناقب علىّ فقال : قُتِل ليلة اُنزل القرآن ، وليلة اُسرى بعيسي ، وليلة قُبِض موسي . قال : وصلّي عليه الحسن بن علىّ ¤ (١) . ٢٩٨٥ ـ الإمام الباقر ¼ : لمّا قبض أمير المؤمنين ¼ قام الحسن بن علىّ ¼ فى مسجد الكوفة ، فحمد الله وأثني عليه وصلّي علي النبىّ ½ ثمّ قال : أيها الناس إنّه قد قُبِض فى هذه الليلة رجل ما سبقه الأوّلون ، ولا يُدركه الآخرون ، إنّه كان لصاحب راية رسول الله ½ ; عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل ، لا ينثنى حتي يفتح الله له . والله ما ترك بيضاء ولا حمراء إلاّ سبعمائة درهم فضلت عن عطائه ، أراد أن يشترى بها خادماً لأهله . والله لقد قُبض فى الليلة التى فيها قُبض وصىّ موسي يوشع بن نون ، والليلة التى عُرِج فيها بعيسي ابن مريم ، والليلة التى نزل فيها القرآن(٢) . ٢٩٨٦ ـ الإمام الحسن ¼ : قتل علىّ ليلة نزل القرآن(٣) . (١) المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٥٤ / ٤٦٨٨ ، الدرّ المنثور : ٢ / ٢٢٦ عن الحريث بن مخشبى ; المناقب للكوفى : ٢ / ٥٨٧ / ١٠٩٨ عن حريث بن المخش وفيهما إلي "موسي" . ٢٧٤ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلي الاستشهاد / تاريخ شهادته
٢٩٨٧ ـ المناقب لابن شهر آشوب : قُبِض [علىّ ¼ ] قتيلاً فى مسجد الكوفة وقت التنوير ليلة الجمعة ، لتسعة عشر مضين من شهر رمضان ، علي يدى عبد الرحمن بن ملجم المرادى ، وقد عاونه وردان بن مجالد من تيم الرباب ، وشبيب بن بجرة ، والأشعث بن قيس ، وقطام بنت الأخضر ، فضربه سيفاً علي رأسه مسموماً(١) . (١) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣٠٧ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ١٩٩ / ١ . |
||||||||