الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد السابع

 

 

٢٧٥ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد

٦ / ١

التجهيز والدفن

٢٩٨٨ ـ فرحة الغرى عن اُمّ كلثوم بنت علىّ  ¼ : آخر عهد أبى إلي أخوىّ    ¤ أن قال : يا بَنىّ إن أنا متّ فغسّلانى ، ثمّ نشّفانى بالبردة التى نشّفتم بها رسول الله  ½ وفاطمة    £ ، ثمّ حنّطانى وسجّيانى علي سريرى ، ثمّ انتظِرا حتي إذا ارتفع لكما مقدّم السرير فاحملا مؤخرّه ، قالت : فخرجت اُشيِّع جنازة أبى ، حتي إذا كنّا بظهر الغرىّ رَكَز(١) المقدّمُ فوضعنا المؤخر ، ثمّ برز الحسن بالبردة التى نشّف بها رسول الله وفاطمة فنشّف بها أمير المؤمنين  ¼ ثمّ أخذ المعول فضرب ضربة فانشق القبر عن ضريح ، فإذا هو بساجة مكتوب عليها : بسم الله الرحمن الرحيم هذا قبر ادّخره نوح النبىّ لعلىّ وصىّ محمّد قبل الطوفان بسبعمائة عام .


(١) رَكزَ : ثبت بالأرض (انظر مجمع البحرين : ٢ / ٧٢٨) .

 ٢٧٦ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / التجهيز والدفن

قالت اُمّ كلثوم : فانشقّ القبر ، فلا أدرى أغار سيّدى فى الأرض أم اُسرى به إلي السماء ؟ إذ سمعت ناطقاً لنا بالتعزية : أحسن الله لكم العزاء فى سيّدكم وحجّة الله علي خلقه(١) .

٢٩٨٩ ـ الإمام الصادق  ¼ : لمّا اُصيب أمير المؤمنين  ¼ قال للحسن والحسين صلوات الله عليهما : غسّلانى وكفّنانى وحنّطانى واحملانى علي سريرى ، واحملا مؤخّره تُكفيان مقدّمه ، فإنّكما تنتهيان إلي قبر محفور ، ولحد ملحود ، ولِبْن موضوع ، فالحدانى وأشرجا اللِّبن علىَّ ، وارفعا لِبنَةً ممّا يلى رأسى فانظرا ما تسمعان . فأخذا اللِّبنَة من عند الرأس بعدما أشرجا عليه اللِّبْن ، فإذا ليس فى القبر شىء وإذا هاتف يهتف : أمير المؤمنين  ¼ كان عبداً صالحاً فألحقه الله بنبيّه ، وكذلك يفعل بالأوصياء بعد الأنبياء ، حتي لو أنّ نبيّاً مات فى المشرق ومات وصيّه فى المغرب لألحق الله الوصىّ بالنبىّ(٢) .

٢٩٩٠ ـ فضائل الصحابة عن هارون بن سعد : كان عند علىّ مسك فوصّي أن يحنّط به ، وقال : فضل من حنوط رسول الله  ½ (٣) .

٢٩٩١ ـ الإمام الصادق  ¼ : لمّا غسّل أمير المؤمنين  ¼ نودوا من جانب البيت : إن أخذتم مقدّم السرير كُفيتم مؤخّره ، وإن أخذتم مؤخّره كفيتم مقدّمه(٤) .


(١) فرحة الغرى : ٣٤ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢١٦ / ١٧ وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٣٤٨ .
(٢) تهذيب الأحكام : ٦ / ١٠٦ / ١٨٧ ، فرحة الغرى : ٣٠ كلاهما عن سعد الإسكاف .
(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٥٩ / ٩٤٣ ، المستدرك علي الصحيحين : ١ / ٥١٥ / ١٣٣٧ عن أبى وائل ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٦٣ ، اُسد الغابة : ٤ / ١١٥ / ٣٧٨٩ نحوه ، الرياض النضرة : ٣ / ٢٣٧ عن هارون بن سعيد .
(٤) الكافى : ١ / ٤٥٧ / ٩ ، فرحة الغرى : ٣١ كلاهما عن علىّ بن محمّد رفعه ، خصائص الأئمّة    ¥ : ٦٤ .

 ٢٧٧ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / التجهيز والدفن

٢٩٩٢ ـ العدد القويّة : ولمّا توفّى  ¼ غسّله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ، وقيل : محمّد ابن الحنفية ، وقيل : إنّه لم يُغسّل لأنّه سيّد الشهداء .

قيل : كُفّن فى ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ، وكان عنده من بقايا حنوط رسول الله  ½ ، فحنّطوه بها ، وصلّي عليه ولده الحسن  ¼ ، وكبّر عليه خمساً ، وقيل : ستّاً ، وقيل : سبعاً(١) .

٢٩٩٣ ـ الإرشاد عن حبّان بن علىّ العنزى عن موليً لعلىّ  ¼ : لمّا حضرَت أمير المؤمنين  ¼ الوفاة قال للحسن والحسين    ¤ : إذا أنا مُتّ فاحملانى علي سريرى ، ثمّ أخرجانى واحملا مؤخّر السرير ; فإنّكما تُكْفيان مقدّمه ، ثمّ ائتيا بى الغريّين(٢) ; فإنّكما ستَريان صخرةً بيضاء تلمع نوراً ، فاحتفِرا فيها ; فإنّكما تجدان فيها ساجةً ، فادفنانى فيها .

قال : فلمّا مات أخرجناه وجعلنا نحمل مؤخّر السرير ونُكفى مقدّمه ، وجعلنا نسمع دويّاً وحفيفاً حتي أتينا الغريّين ، فإذا صخرةٌ بيضاء تلمع نوراً ، فاحتفرنا فإذا ساجةٌ مكتوب عليها : "ممّا أدخر نوحٌ لعلىّ بن أبى طالب" . فدفنّاه فيها ، وانصرفنا ونحن مسرورون بإكرام الله لأمير المؤمنين  ¼ ، فلحَقَنا قومٌ من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه ، فأخبرناهم بما جري وبإكرام الله أمير المؤمنين  ¼ فقالوا : نحبّ أن نعاين من أمره ما عاينتم . فقلنا لهم : إنّ الموضع قد عُفّى أثره بوصية منه  ¼ ، فمضوا وعادوا إلينا فقالوا : إنّهم احتفروا فلم يجدوا شيئاً(٣) .


(١) العدد القويّة : ٢٤٢ / ٢١ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٥٤ / ٥٦ وراجع جواهر المطالب : ٢ / ١٠٩ .
(٢) الغريّان : طِربالان وهما بناءان كالصومعتين بظاهر الكوفة ، قرب قبر علىّ بن أبى طالب (معجم البلدان : ٤ / ١٩٦) .
(٣) الإرشاد : ١ / ٢٣ ، إعلام الوري : ١ / ٣٩٣ ، فرحة الغرى : ٣٦ عن حسّان بن علىّ القسرى عن مولي لعلىّ  ¼ ، روضة الواعظين : ١٥٢ وراجع الخرائج والجرائح : ١ / ٢٣٤ / ٧٨ .

 ٢٧٨ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / خطبة الإمام الحسن بعد أبيه

٦ / ٢

خطبة الإمام الحسن بعد أبيه

٢٩٩٤ ـ تاريخ الطبرى عن خالد بن جابر : سمعت الحسن يقول ـ لمّا قُتل علىّ  ¼ وقد قام خطيباً ، فقال ـ : لقد قتلتم الليلة رجلاً فى ليلة فيها نزل القرآن ، وفيها رُفع عيسي بن مريم  ¼ ، وفيها قتل يوشع بن نون فتي موسي    ¤ .

والله ما سبقه أحد كان قبله ، ولا يُدركه أحد يكون بعده ، والله إن كان رسول الله  ½ ليبعثه فى السريّة وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، والله ما ترك صفراء ولا بيضاء إلاّ ثمانمائة ـ أو سبعمائة ـ أرصدها لخادمه(١) .

٢٩٩٥ ـ خصائص أمير المؤمنين عن هبيرة بن يريم : خرج إلينا الحسن بن علىّ وعليه عمامة سوداء ، فقال : لقد كان فيكم بالأمس رجل ما سبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون .

وإنّ رسول الله  ½ قال فيه : لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّه اللهُ ورسولُه ، ويقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، ثمّ لا تردّ رايته حتي يفتح الله عليه . ما ترك ديناراً ولا دره ماً إلاّ سبعمائة درهم أخذها من عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله(٢) .

راجع :(٣) من الاغتيال إلي الاستشهاد / تاريخ شهادته .


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٧ ، مقتل أمير المؤمنين : ٩٥ / ٨٨ عن جابر وفيه إلي "فتي موسي" ; روضة الواعظين : ١٥٤ عن حبيب بن عمرو نحوه .
(٢)
(٣) (٢) خصائص أمير المؤمنين للنسائى : ٦٨ / ٢٢ ، مسند ابن حنبل : ١ / ٤٢٦ / ١٧٢٠ ، فضائل الصحابة لابن حنبل : ١ / ٥٤٨ / ٩٢٢ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٧٨ كلّها عن عمرو بن حبشى وص ٥٧٩ ، صحيح ابن حبّان : ١٥ / ٣٨٣ / ٦٩٣٦ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٨٨ / ٤٨٠٢ عن عمر بن علىّ عن الإمام زين العابدين  ¼ ، المعجم الكبير : ٣ / ٧٩ / ٢٧١٩ ـ ٢٧٢٤ ، المصنّف لابن أبى شيبة : ٧ / ٥٠٢ / ٤٢ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٣٨ ، مروج الذهب : ٢ / ٤٢٦ كلّها نحوه وراجع الفتوح : ٤ / ٢٨٢ .


إرجاعات 
٢٦٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام عليّ / الفصل الخامس : من الاغتيال إلى الاستشهاد / تاريخ شهادته

 ٢٧٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام

٦ / ٣

فى رثاء الإمام

٢٩٩٦ ـ الإمام الحسن  ¼ :

أين من كان لعلم الــمصطفي فى الناس بابا
أين من كان إذا ماقحط الناس سحابا
أين من كان إذا نودىَ فى الحربِ استجابا
أين من كان دعاهمستجاباً ومُجابا

وله  ¼ :

خلّ العيون وما أردنَ من البكاء علي علىِّ
لا تقبلن من الخلِىِّ فليس قلبك بالخلىِّ
للهِ أنتَ إذا الرحال تضعضعت وسط الندىِّ
فرّجت غمّته ولم تركن إلي فشل وعىِّ

وله  ¼ :

خذل الله خاذليه ولا أغــمدَ عن قاتليه سيف الفناءِ(١)

٢٩٩٧ ـ الكامل للمبرّد عن أبى الأسود الدؤلى ـ فى رثاء الإمام علىّ  ¼ ـ :

ألا أبلغ معاوية بن حرب فلا قرّت عيون الشامتينا
أ فى شهر الصيام فجعتمونا بخير الناس طُرّاً أجمعينا !

(١) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣١٣ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٤١ .

 ٢٨٠ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام

قتلتم خير من ركب المطايا ورحّلها ومن ركب السفينا
ومَن لبس النعال ومن حذاها ومن قرأ المثانىَ والمُبينا
إذا استقبلتَ وجه أبى حسين رأيت البدر راعَ الناظرينا
لقد علمت قريش حيث كانت بأنّك خيرها حسباً ودِينا(١)

٢٩٩٨ ـ الكامل للمبرّد عن أبى زبيد الطائى ـ يرثى علىّ بن أبى طالب  ¼ ـ :

إنّ الكرام علي ما كان من خُلق رهط امرئ خاره للدين مختارُ
طبٍّ بصير بأضغان الرجال ولم يُعدل بحبر رسول الله أحبارُ
وقطرة قطرت إذ حان موعدها وكلّ شىء له وقتٌ ومقدارُ
حتي تنصّلها فى مسجد طهر علي إمام هديً إِنْ معشر جاروا
حُمّت ليدخل جنّات أبو حسن واُوجبت بعده للقاتل النارُ(٢)

٢٩٩٩ ـ الإمام الصادق  ¼ : لمّا قُتِل أمير المؤمنين  ¼ قال صعصعة بن صوحان :

ألا من لى بنشرك يا اُخيّا ومن لى أن أبثّك ما أريّا
طوتك خطوب دهر قد تولّي كذاك خطوبه نشراً وطيّا
وكانت فى حياتك لى عظاتٌ وأنت اليوم أوعظ منك حيّا(٣)

٣٠٠٠ ـ المناقب لابن شهر آشوب عن أبى صالح : لمّا قتل علىّ بن أبى طالب قال


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٨ ، مروج الذهب : ٢ / ٤٢٨ وفيه "النور فوق" بدل "البدر راع" ، المعجم الكبير : ١ / ١٠٣ وليس فيه البيت الخامس وفيه "خيسها" بدل "رحّلها" ، أنساب الأشراف : ٣ / ٢٦٥ وليس فيه البيت الثانى والخامس ، الفصول المهمّة : ١٣٨ ; روضة الواعظين : ١٥٣ وفيه "أكرمهم" بدل "رحّلها" وراجع اُسد الغابة : ٤ / ١١٦ / ٣٧٨٩ ووفيات الأئمّة : ٧٥ .
(٢) الكامل للمبرّد : ٣ / ١١٢٣ .
(٣) روضة الواعظين : ١٥٣ .

 ٢٨١ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام

ابن عبّاس : هذا [اليوم](١) نقص الفقه والعلم من أرض المدينة .

ثمّ قال : إن نقصان الأرض نقصان علمائها وخيار أهلها ، إنّ الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ، ولكنّه يقبض العلم بقبض العلماء ، حتي إذا لم يبق عالم اتّخذ الناس رؤساء جهّالاً ، فيُسألوا فيُفتوا بغير علم ، فيضلّوا وأضلّوا(٢) .

٣٠٠١ ـ بحار الأنوار عن لوط بن يحيي عن أشياخه : لمّا اُلحد أمير المؤمنين  ¼ وقف صعصعة بن صوحان العبدى علي القبر ، ووضع إحدي يديه علي فؤاده والاُخري قد أخذ بها التراب ويضرب به رأسه ، ثمّ قال : بأبى أنت واُمّى يا أمير المؤمنين ، ثمّ قال :

هنيئاً لك يا أبا الحسن ! فلقد طاب مولدك ، وقوى صبرك ، وعظم جهادك ، وظفرت برأيك ، وربحت تجارتك ، وقدمت علي خالقك ، فتلقّاك الله ببشارته ، وحفّتك ملائكته ، واستقررت فى جوار المصطفي ، فأكرمك الله بجواره ، ولحقت بدرجة أخيك المصطفي ، وشربت بكأسه الأوفي ، فاسأل الله أن يمنّ علينا باقتفائنا أثرك والعمل بسيرتك ، والموالاه لأوليائك ، والمعاداة لأعدائك ، وأن يحشرنا فى زمرة أوليائك ، فقد نلت ما لم ينله أحد ، وأدركت ما لم يدركه أحد ، وجاهدت فى سبيل ربّك بين يدى أخيك المصطفي حقّ جهاده ، وقمت بدين الله حقّ القيام ، حتي أقمت السنن ، وأبرت الفتن واستقام الإسلام ، وانتظم الإيمان ، فعليك منّى أفضل الصلاة والسلام .


(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .
(٢) المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣٠٨ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٣٦ / ٤٥ .

 ٢٨٢ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام

بك اشتدّ ظهر المؤمنين ، واتّضحت أعلام السُّبُل ، واُقيمت السنن ، وما جُمع لأحد مناقبك وخصالك ، سبقت إلي إجابة النبىّ  ½ مقدِماً مؤثراً ، وسارعت إلي نصرته ، ووقيته بنفسك ، ورميت سيفك ذا الفقار فى مواطن الخوف والحذر ، قصم الله بك كلّ جبّار عنيد ، ودلّ(١) بكّ كلّ ذى بأس شديد ، وهدم بك حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والردي ، وقتل بك أهل الضلال من العِدي ، فهنيئاً لك يا أمير المؤمنين ، كنت أقرب الناس من رسول الله  ½ قرباً ، وأوّلهم سلماً ، وأكثرهم علماً وفهماً ، فهنيئاً لك يا أبا الحسن ، لقد شرّف الله مقامك ، وكنت أقرب الناس إلي رسول الله  ½ نسباً ، وأوّلهم إسلاماً ، وأوفاهم يقيناً ، وأشدّهم قلباً ، وأبذلهم لنفسه مجاهداً ، وأعظمهم فى الخير نصيباً ; فلا حرمنا الله أجرك ، ولا أذلّنا بعدك ، فوَ الله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشرّ ، وإنّ يومك هذا مفتاح كلّ شرّ ومغلاق كلّ خير ، ولو أنّ الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنهم آثروا الدنيا علي الآخرة .

ثمّ بكي بكاء شديداً وأبكي كلّ من كان معه ، وعدلوا إلي الحسن والحسين ومحمّد وجعفر والعبّاس ويحيي وعون وعبد الله    ¥ ، فعزّوهم فى أبيهم صلوات الله عليه ، وانصرف الناس ، ورجع أولاد أمير المؤمنين  ¼ وشيعتهم إلي الكوفة(٢) .

٣٠٠٢ ـ الكافى عن اُسيد بن صفوان : لمّا كان اليوم الذى قبض فيه أمير المؤمنين  ¼ ارتُجّ الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبىّ  ½ ، وجاء رجل باكياً وهو مسرع مسترجع وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوّة ، حتي


(١) كذا فى المصدر ، والظاهر أنّها بالمعجمة .
(٢) بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٩٥ .

 ٢٨٣ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام

وقف علي باب البيت الذى فيه أمير المؤمنين  ¼ فقال :

رحمك الله يا أبا الحسن ! كنت أوّل القوم إسلاماً ، وأخلصهم إيماناً ، وأشدّهم يقيناً ، وأخوفهم لله ، وأعظمهم عناء ، وأحوطهم علي رسول الله  ½ ، وآمنهم علي أصحابه ، وأفضلهم مناقب ، وأكرمهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم من رسول الله  ½ ، وأشبههم به هدياً وخلقاً وسمتاً وفعلاً ، وأشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه ، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيراً . قويت حين ضعف أصحابه ، وبرزت حين استكانوا ، ونهضت حين وهنوا ، ولزمت منهاج رسول الله  ½ إذ همّ أصحابه ، وكنت خليفته حقّاً ، لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين ، وغيظ الكافرين ، وكره الحاسدين ، وصغر الفاسقين .

فقمتَ بالأمر حين فشلوا ، ونطقت حين تتعتعوا ، ومضيت بنور الله إذ وقفوا ، فاتّبعوك فهُدوا ، وكنت أخفضهم صوتاً ، وأعلاهم قنوتاً ، وأقلّهم كلاماً ، وأصوبهم نطقاً ، وأكبرهم رأياً ، وأشجعهم قلباً ، وأشدّهم يقيناً ، وأحسنهم عملاً ، وأعرفهم بالاُمور . كنت والله يعسوباً للدين ، أوّلاً وآخراً : الأوّل حين تفرّق الناس ، والآخر حين فشلوا ، كنت للمؤمنين أباً رحيماً ، إذ صاروا عليك عيالاً ، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا ، وحفظت ما أضاعوا ، ورعيت ما أهملوا ، وشمّرت إذ(١) اجتمعوا ، وعلوت إذ هلعوا ، وصبرت إذ أسرعوا ، وأدركت أوتار ما طلبوا ، ونالوا بك ما لم يحتسبوا .

كنت علي الكافرين عذاباً صبّاً ونهباً ، وللمؤمنين عمداً وحصناً ، فطرتَ والله


(١) فى المصدر : "إذا" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى بقيّة المصادر .

 ٢٨٤ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام

بنعمائها وفزت بحبائها ، وأحرزت سوابقها ، وذهبت بفضائلها ، لم تفلل حجّتك ، ولم يزُغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ، ولم تجبن نفسك ولم تخُر .

كنت كالجبل لا تحرّكه العواصف ، وكنت كما قال : آمن الناس فى صحبتك وذات يدك ، وكنت كما قال : ضعيفاً فى بدنك ، قويّاً فى أمر الله ، متواضعاً فى نفسك ، عظيماً عند الله ، كبيراً فى الأرض ، جليلاً عند المؤمنين ، لم يكن لأحد فيك مهمز ، ولا لقائل فيك مغمز ، ولا لأحد فيك مطمع ، ولا لأحد عندك هوادة ، الضعيف الذليل عندك قوىّ عزيز حتي تأخذ له بحقّه ، والقوىّ العزيز عندك ضعيف ذليل حتي تأخذ منه الحقّ ، والقريب والبعيد عندك فى ذلك سواء ، شأنك الحقّ والصدق والرفق ، وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم ، ورأيك علم وعزم فيما فعلت ، وقد نهج السبيل ، وسهل العسير واُطفئت النيران ، واعتدل بك الدين ، وقوى بك الإسلام ، فظهر أمر الله ولو كره الكافرون ، وثبت بك الإسلام والمؤمنون ، وسبقت سبقاً بعيداً ، وأتعبت مَن بعدك تعباً شديداً ، فجللت عن البكاء ، وعظمت رزيّتك فى السماء ، وهدّت مصيبتك الأنام ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاه ، وسلّمنا لله أمره ، فوَ الله لن يُصاب المسلمون بمثلك أبداً . كنت للمؤمنين كهفاً وحصناً ، وقُنّة(١) راسياً ، وعلي الكافرين غلظة وغيظاً ، فألحقك الله بنبيّه ، ولا أحرمنا أجرك ، ولا أضلّنا بعدك . وسكت القوم حتي انقضي كلامه وبكي وبكي أصحاب رسول الله  ½ ، ثمّ طلبوه فلم يصادفوه(٢) .


(١) القُنّة : أعلي الجبل ، وهو علي الاستعارة (مجمع البحرين : ٣ / ١٥١٨) .
(٢) الكافى : ١ / ٤٥٤ / ٤ ، كمال الدين : ٣٨٨ / ٣ ، الأمالى للصدوق : ٣١٢ / ٣٦٣ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٣٠٣ / ٤ وج ١٠٠ / ٣٥٤ / ١ .

 ٢٨٥ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / موقف عائشة من قتل الإمام

٦ / ٤

موقف عائشة من قتل الإمام

٣٠٠٣ ـ مقاتل الطالبيّين عن أبى البخترى : لمّا أن جاء عائشة قتل علىّ  ¼ سجدت(١) .

٣٠٠٤ ـ الاستيعاب عن عائشة ـ لمّا بلغها قتل علىّ  ¼ ـ : لتصنع العرب ما شاءت ; فليس أحد ينهاها(٢) .

٣٠٠٥ ـ تاريخ الطبرى : لمّا انتهي إلي عائشة قتل علىّ   ¢ قالت :

فألقت عصاها واستقرّت بها النوي كما قرّ عيناً بالإياب المسافرُ

فمن قتله ؟ فقيل : رجل من مراد ، فقالت :

فإن يكُ نائياً فلقد نعاهُ غلام ليس فى فيه الترابُ

فقالت زينب ابنة أبى سلمة : أ لعلىّ تقولين هذا ؟ فقالت : إنّى أنسي ، فإذا نسيت فذكّرونى(٣) .

٦ / ٥

كلام معاوية لمّا جىء بنعى الإمام

٣٠٠٦ ـ تاريخ دمشق عن المغيرة : لمّا جىء معاوية بنعى علىّ وهو قائل مع


(١) مقاتل الطالبيّين : ٥٥ ; الجمل : ١٥٩ وفيه "خرّت ساجدةً شكراً علي ما بلغها من قتله" .
(٢) الاستيعاب : ٣ / ٢١٨ / ١٨٧٥ ، ذخائر العقبي : ٢٠١ ، الرياض النضرة : ٣ / ٢٣٧ .
(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٥٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٨ ، مقاتل الطالبيّين : ٥٥ ، الطبقات الكبري : ٣ / ٤٠ ، أنساب الأشراف : ٣ / ٢٦٣ وفيهما إلي "المسافر" ، جواهر المطالب : ٢ / ١٠٤ ; الجمل : ١٥٩ نحوه ، الشافى : ٤ / ٣٥٥ ، بحار الأنوار : ٣٢٠ / ٣٤٠ / ٣١٨ ـ ٣٢٦ وراجع الأخبار الموفّقيّات : ١٣١ / ٥٩ .

 ٢٨٦ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / قصاص ابن ملجم

امرأته بنت قرظة فى يوم صائف قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ماذا فقدوا من العلم والحلم والفضل والفقه ! فقالت امرأته : أنت بالأمس تطعن فى عينيه وتسترجع اليوم عليه ؟ ! قال : ويلكِ ! لا تدرين ماذا فقدوا من علمه وفضله وسوابقه(١) .

٦ / ٦

قصاص ابن ملجم

٣٠٠٧ ـ تهذيب الأحكام عن أبى مطر : لمّا ضرب ابنُ ملجم الفاسق ـ لعنه الله ـ أمير المؤمنين  ¼ قال له الحسن  ¼ : أقتلُهُ ؟ قال : لا ، ولكن احبسه ; فإذا متّ فاقتلوه ، وإذا مُتّ فادفنونى فى هذا الظهر فى قبر أخوىَّ هود وصالح    ¤ (٢) .

٣٠٠٨ ـ فضائل الصحابة عن الحسن بن كثير عن أبيه : قلت : يا أمير المؤمنين ، خلّ بيننا وبين مراد ; فلا تقوم لهم زاعبة(٣) أو راعية أبداً ، قال : لا ، ولكن احبسوا الرجل ، فإن أنا متّ فاقتلوه ، وإن أعِش فالجروح قصاص(٤) .

٣٠٠٩ ـ مقاتل الطالبيّين عن عبد الله بن محمّد الأزدى : اُدخل ابن ملجم لعنه الله علي علىّ ، ودخلتُ عليه فيمن دخل ، فسمعت عليّاً يقول : ³ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ  ²  (٥) إن


(١) تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٨٣ ، مقتل أمير المؤمنين : ١٠٥ / ٩٤ وفيه "الخير" بدل "الحلم" ، المناقب للخوارزمى : ٣٩١ / ٤٠٨ نحوه .
(٢) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٣ / ٦٦ ، فرحة الغرى : ٣٨ .
(٣) زَعَبَ البعيرُ بحملهِ : مَرّ به مُثقلاً (لسان العرب : ١ / ٤٤٩) وفى تاريخ دمشق : "راعية أو راغية" ، والراغية : الناقة (انظر لسان العرب : ١٤ / ٣٣٠) .
(٤) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٦٠ / ٩٤٤ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٥٥ وراجع البداية والنهاية : ٨ / ١٣ .
(٥) المائدة : ٤٥ .

 ٢٨٧ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / قصاص ابن ملجم

أنا متّ فاقتلوه كما قتلنى ، وإن سلمت رأيت فيه رأيى(١) .

٣٠١٠ ـ الإرشاد : جاء الناس إلي أمير المؤمنين  ¼ فقالوا له : يا أمير المؤمنين مُرْنا بأمرك فى عدوّ الله ; فلقد أهلك الاُمّة وأفسد الملّة ! فقال لهم أمير المؤمنين  ¼ : إن عشتُ رأيتُ فيه رأيى ، وإن هلكتُ فاصنعوا به ما يُصنع بقاتل النبىّ ، اقتلوه ثمّ حرّقوه بعد ذلك بالنار(٢) .

٣٠١١ ـ مسند ابن حنبل عن أبى تحيي : لمّا ضرب ابن ملجم عليّاً   ¢ الضربة قال علىّ : افعلوا به ما أراد رسول الله  ½ أن يفعل برجل أراد قتله ، فقال : اقتلوه ثمّ حرّقوه(٣) .

٣٠١٢ ـ تاريخ اليعقوبى : اجتمع الناس ، فبايعوا الحسن بن علىّ ، وخرج الحسن ابن علىّ إلي المسجد الجامع ، فخطب خطبة له طويلة ، ودعا بعبد الرحمن بن ملجم ، فقال عبد الرحمن : ما الذى أمرك به أبوك ؟ قال : أمرنى أن لا أقتل غير قاتله ، وأن اُشبع بطنك ، وأنعم وطاءك ، فإن عاش أقتصّ أو أعفو ، وإن مات اُلحقنّك به .

فقال ابن ملجم : إن كان أبوك ليقول الحقّ ويقضى به فى حال الغضب والرضا ،


(١) مقاتل الطالبيّين : ٤٩ ، المعجم الكبير : ١ / ٩٩ / ١٦٨ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ١٤٦ ، المناقب للخوارزمى : ٣٨٣ / ٤٠١ والثلاثة الأخيرة عن محمّد ابن الحنفيّة ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٥ نحوه ; الإرشاد : ١ / ٢١ ، إعلام الوري : ١ / ٣٩١ ، روضة الواعظين : ١٥٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣١٢ نحوه .
(٢) الإرشاد : ١ / ٢١ ، إعلام الوري : ١ / ٣٩١ ، روضة الواعظين : ١٥٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣١٢ نحوه وفيه من "إن عشت . . ." .
(٣) مسند ابن حنبل : ١ / ٢٠٠ / ٧١٣ ، تاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٦٠ / ٩٠٦٥ ، المستدرك علي الصحيحين : ٣ / ١٥٥ / ٤٦٩٢ عن أبى يحيي ، تهذيب الآثار (مسند علىّ بن أبى طالب) : ٧٠ / ٦ كلاهما نحوه .

 ٢٨٨ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / قصاص ابن ملجم

فضربه الحسن بالسيف ، فالتقاه بيده فنَدَرَتْ(١) ، وقتله(٢) .

٣٠١٣ ـ الإرشاد : لمّا قضي أمير المؤمنين  ¼ وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن  ¼ وأمر أن يؤتي بابن ملجم ، فجىء به ، فلمّا وقف بين يديه قال له : يا عدوّ الله ! ! قتلت أمير المؤمنين ، وأعظمت الفساد فى الدين . ثمّ أمر به فضُربت عنقه ، واستوهبت اُمّ الهيثم بنت الأسود النخعيّة جيفتَه منه لتتولّي إحراقها ، فوهبها لها ، فأحرقتها بالنار(٣) .

٣٠١٤ ـ تاريخ الطبرى : وقد كان علىٌّ نهي الحسن عن المُثلة ، وقال : يا بنى عبد المطّلب ، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين ، تقولون : قُتل أمير المؤمنين ، قُتل أمير المؤمنين ! ألا لا يُقتلنّ إلاّ قاتلى . انظر يا حسن ; إن أنا متّ من ضربته هذه فاضربه ضربةً بضربة ، ولا تُمثّل بالرجل ; فإنّى سمعت رسول الله  ½ يقول : إيّاكم والمُثلة ولو أنّها بالكلب العقور .

فلمّا قُبض  ¼ بعث الحسن إلي ابن ملجم ، فقال للحسن : هل لك فى خصلة ؟ إنّى والله ما أعطيت الله عهداً إلاّ وفيت به ، إنّى كنت قد أعطيت الله عهداً عند الحطيم أن أقتل عليّاً ومعاوية أو أموت دونهما ، فإن شئت خلّيت بينى وبينه ، ولك الله علىَّ إن لم أقتله ـ أو قتلته ثمّ بقيت ـ أن آتيك حتي أضع يدى فى يدك . فقال له الحسن : أما والله حتي تعاين النار فلا . ثمّ قدّمه فقتله ، ثمّ أخذه الناس


(١) نَدَرَتْ : سَقَطت ووَقَعت (النهاية : ٥ / ٣٥) .
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٤ .
(٣) الإرشاد : ١ / ٢٢ عن أبى مخنف وإسماعيل بن راشد وأبى هشام الرفاعى وأبى عمرو الثقفى وغيرهم ، روضة الواعظين : ١٥٠ ، المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٣١٣ ، إعلام الوري : ١ / ٣٩١ كلاهما نحوه ; الفصول المهمّة : ١٣٤ وراجع مقاتل الطالبيّين : ٥٤ .

 ٢٨٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / مكان قبر الإمام

فأدرجوه فى بوارى ، ثمّ أحرقوه بالنار(١) .

٦ / ٧

مكان قبر الإمام

٣٠١٥ ـ الإمام الباقر  ¼ : كان فى وصيّة أمير المؤمنين  ¼ : أن أخرجونى إلي الظَّهْر فإذا تصوّبت أقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنونى ، وهو أول طور سَيناء ، ففعلوا ذلك(٢) .

٣٠١٦ ـ الإمام الصادق  ¼ : كان أمير المؤمنين علىّ يأتى النجف ويقول : وادى السلام ومجمع أرواح المؤمنين ونِعمَ المضجع للمؤمن هذا المكان . وكان يقول : اللهمّ اجعل قبرى بها(٣) .

٣٠١٧ ـ فرحة الغرى عن أحمد بن حباب : نظر أمير المؤمنين إلي ظهر الكوفة فقال : ما أحسن ظهرك ، وأطيب قعرك ! اللهمّ اجعل قبرى بها(٤) .

٣٠١٨ ـ تهذيب الأحكام عن أبى طالب : سألت الحسن بن علىّ    ¤ : أين دفنتم أمير المؤمنين ؟ قال : علي شفير الجرف ، ومررنا به ليلاً علي مسجد الأشعث ، وقال : ادفنونى فى قبر أخى هود  ¼ (٥) .


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ١٤٨ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٣٥ و٤٣٦ ، المعجم الكبير : ١ / ١٠٠ / ١٦٨ نحوه ، تهذيب الآثار (مسند علىّ بن أبى طالب) : ٧٥ / ١٣٧ كلاهما عن إسماعيل بن راشد وليس فيهما قول النبىّ  ½ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٣١ وليس فيه صدره نحوه .
(٢) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٤ / ٦٩ ، فرحة الغرى : ٥٠ كلاهما عن الثمالى ، جامع الأخبار : ٧٣ / ٩٤ .
(٣) تاريخ دمشق : ١ / ٢١٣ عن محمّد بن مسلم .
(٤) فرحة الغرى : ٣١ ، إرشاد القلوب : ٤٣٩ .
(٥) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٤ / ٦٧ ، جامع الأخبار : ٧٢ / ٩٢ ، فرحة الغرى : ٣٨ وزاد فى آخره "و صالح" ; مقاتل الطالبيّين : ٥٤ عن الحسن بن علىّ الخلال عن جدّه نحوه وفيه "حتي خرجنا به إلي الظهر بجنب الغرى" بدل "قال : ادفنونى . . ." .

 ٢٩٠ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / مكان قبر الإمام

٣٠١٩ ـ الإرشاد عن جابر بن يزيد : سألت أبا جعفر محمّد بن علىّ الباقر  ¼ : أين دُفِن أمير المؤمنين  ¼ قال : دفن بناحية الغريّين ، ودُفن قبل طلوع الفجر ، ودخل قبره الحسن والحسين ومحمّد بنو علىّ  ¼ وعبد الله بن جعفر   ¢ (١) .

٣٠٢٠ ـ فرحة الغرى عن أبى بصير : سألت أبا جعفر  ¼ عن قبر أمير المؤمنين  ¼ ; فإنّ الناس قد اختلفوا فيه ، قال : إنّ أمير المؤمنين  ¼ دُفن مع أبيه نوح فى قبره ، قلت : جعلت فداك من تولّي دفنه ؟ فقال : رسول الله  ½ مع الكرام الكاتبين بالروح والريحان(٢) .

٣٠٢١ ـ تهذيب الأحكام عن أبى بصير : قلت لأبى عبد الله  ¼ : أين دُفن أمير المؤمنين  ¼ قال : دُفن فى قبر أبيه نوح  ¼ قلت : وأين قبر نوح ؟ الناس يقولون : إنّه فى المسجد ، قال : لا ، ذاك فى ظهر الكوفة(٣) .

٣٠٢٢ ـ الإمام الصادق  ¼ : لمّا قُبض أمير المؤمنين  ¼ أخرجه الحسن والحسين ورجلان آخران ، حتي إذا خرجوا من الكوفة تركوها عن أيمانهم ، ثمّ أخذوا فى الجبّانة حتي مرّوا به إلي الغرىّ ، فدفنوه وسوّوا قبره فانصرفوا(٤) .

٣٠٢٣ ـ فرحة الغرى عن عبد الرحيم القصير : سألت أبا جعفر  ¼ عن قبر


(١) الإرشاد : ١ / ٢٤ ، إعلام الوري : ١ / ٣٩٣ ، فرحة الغرى : ٥١ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٢٠ / ٢٦ .
(٢) فرحة الغرى : ٤٨ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢١٨ / ٢٢ .
(٣) تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٤ / ٦٨ ، جامع الأخبار : ٧٣ / ٩٣ ، فرحة الغرى : ٧٠ وص ٦٤ .
(٤) الكافى : ١ / ٤٥٨ / ١١ ، فرحة الغرى : ٩٠ كلاهما عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا .

 ٢٩١ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / مكان قبر الإمام

أمير المؤمنين  ¼ فقال : أمير المؤمنين  ¼ مدفون فى قبر نوح . قال : قلت : ومن نوح ؟ قال : نوح النبىّ  ¼ . قلت : كيف صار هكذا ؟ فقال : إنّ أمير المؤمنين صدّيق ، هيّأ الله له مضجعه فى مضجع صدّيق .

يا عبد الرحيم ، إنّ رسول الله  ½ أخبرنا بموته وبالموضع الذى دُفن فيه ، وأنزل الله عزّ وجلّ له حنوطاً من عنده مع حنوط أخيه رسول الله  ½ وأخبره أنّ الملائكة تنزله قبره ، فلمّا قُبض  ¼ كان فيما أوصي به ابنيه الحسن والحسين    ¤ إذ قال لهما :

إذا مُتّ فغسّلانى وحنّطانى واحملانى بالليل سرّاً ، واحملا يا بَنىَّ بمؤخّر السرير واتبعاه ، فإذا وُضع فضعا ، وادفنانى فى القبر الذى يوضع السرير عليه ، وادفنانى مع مَن يعينكما علي دفنى فى الليل ، وسوِّياه(١) .

٣٠٢٤ ـ فرحة الغرى عن أبى بكر بن عياش : سألت أبا حصين والأعمش وغيرهم فقلت : أخبركم أحد أنّه صلّي علي أمير المؤمنين  ¼ أو شهد دفنه ؟ قالوا : لا ، فسألت أباك محمّد بن السائب فقال : اُخرج به ليلاً ، وخرج به الحسن والحسين    ¤ ومحمّد ابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدّة من أهل بيته ، فدُفِن فى ظهر الكوفة ، فقلت لأبيك : لِمَ فعل به ذلك ؟ قال : مخافة أن ينبشه الخوارج وغيرهم(٢) .

٣٠٢٥ ـ تاريخ اليعقوبى : دُفن بالكوفة فى موضع يقال له : الغَرِىّ(٣) .


(١) فرحة الغرى : ٤٩ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢١٩ / ٢٣ .
(٢) فرحة الغرى : ١٢٤ ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٢٢ / ٣٠ ; مقتل أمير المؤمنين : ٧٩ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٣ .

 ٢٩٢ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / إخفاء قبر الإمام

٦ / ٨

إخفاء قبر الإمام

٣٠٢٦ ـ الإمام الصادق  ¼ : إنّ أمير المؤمنين  ¼ أمر ابنه الحسن أن يحفر له أربعة قبور فى أربعة مواضع : فى المسجد ، وفى الرحبة ، وفى الغرىّ ، وفى دار جعدة ابن هبيرة ، وإنّما أراد بهذا أن لا يعلم أحد من أعدائه موضع قبره  ¼ (١) .

٣٠٢٧ ـ إرشاد القلوب : لمّا قُبِض وغسّل وكفّن اُخرج إلي مسجد الكوفة أربع توابيت فصُلّى عليها ، ثمّ اُدخل تابوت إلي البيت والثلاثة الباقية منها ما بعث إلي جهة بيت الله الحرام ، ومنها ما حمل إلي مدينة الرسول ، ومنها ما نقل إلي البيت المقدّس ، وفعل ذلك لإخفائه  ¼ (٢) .

راجع : بعد الاستشهاد / ظهور قبر الإمام .

٦ / ٩

ظهور قبر الإمام

٣٠٢٨ ـ من لا يحضره الفقيه عن صفوان عن الإمام الصادق  ¼ : سار وأنا معه فى القادسيّة(٣) حتي أشرف علي النجف . . . ثمّ قال  ¼ : اعدل بنا ، قال : فعدلت به فلم يزل سائراً حتي أتي الغرىّ ، فوقف علي القبر فساق السلام من آدم علي نبىّ


(١) فرحة الغرى : ٣٢ عن محمّد بن الحسن الجعفرى قال : وجدت فى كتاب أبى وحدّثتنى اُمىّ عن اُمّها ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢١٤ / ١٥ وج ١٠٠ / ٢٥٠ / ٤٤ .
(٢) إرشاد القلوب : ٤٣٥ .
(٣) القَادِسيَّة : مدينة بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً ، وبينها وبين العذيب أربعة أميال ، وقعت عندها الحرب المعروفة بين المسلمين والفرس (راجع معجم البلدان : ٤ / ٢٩١) .


إرجاعات 
٢٩٢ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام عليّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / إخفاء قبر الإمام

 ٢٩٣ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / ظهور قبر الإمام

نبىّ    ¥ وأنا أسوق السلام معه حتي وصل السلام إلي النبىّ  ½ ، ثمّ خرّ علي القبر فسلّم عليه وعلا نحيبه ، ثمّ قام فصلّي أربع ركعات ـ وفى خبر آخر : ستّ ركعاتـ وصلّيت معه ، وقلت له : يابن رسول الله ما هذا القبر ؟ قال : هذا القبر قبر جدّى علىّ بن أبى طالب  ¼ (١) .

٣٠٢٩ ـ فرحة الغرى عن صفوان الجمّال : خرجت مع الصادق  ¼ من المدينة اُريد الكوفة ، فلمّا جزنا باب الحيرة(٢) قال : يا صفوان . قلت : لبّيك يابن رسول الله . قال : تُخرج المطايا إلي القائم وجُدَّ الطريق إلي الغرىّ .

قال صفوان : فلمّا صرنا إلي قائم الغرىّ أخرج رِشاءً(٣) معه دقيقاً قد عُمل من الكِنبار(٤) ، ثمّ تبعّد من القائم مغرباً خطيً كثيرةً ، ثمّ مدّ ذلك الرِّشاء حتي انتهي إلي آخره فوقف ، ثمّ ضرب بيده إلي الأرض فأخرج منها كفّاً من تراب فشمّه مليّاً ، ثمّ أقبل يمشى حتي وقف علي موضع القبر الآن ، ثمّ ضرب بيده المباركة إلي التربة ، فقبض منها قبضةً ، ثمّ شهق شهقة حتي ظننت أنّه فارق الدنيا ، فلمّا أفاق قال : هاهنا والله مشهد أمير المؤمنين  ¼ ، ثمّ خطّ تخطيطاً ، فقلت : يابن رسول الله ، ما منع الأبرار من أهل بيته من إظهار مشهده ؟ قال : حذراً من بنى مروان والخوارج أن تحتال فى أذاه(٥) .


(١) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٥٨٦ / ٣١٩٥ ، كامل الزيارات : ٨٤ / ٨٣ ، فرحة الغرى : ٩٩ .
(٢) الحِيْرَة : مدينة جاهليّة كثيرة الأنهار ، وهى عن الكوفة علي نحو فرسخ ، وكانت منازل آل النعمان بن المنذر (تقويم البلدان : ٢٩٩) .
(٣) الرِّشاء : الحبل (لسان العرب : ١٤ / ٣٢٢) .
(٤) الكِنبار : حَبْلُ النارَجِيلِ ، وهو نخيل الهند تُتّخذ من ليفه حبال للسفن (لسان العرب : ٥ / ١٥٣) .
(٥) فرحة الغرى : ٩٢ ، بحار الأنوار : ١٠٠ / ٢٣٥ / ١ .

 ٢٩٤ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / ظهور قبر الإمام

٣٠٣٠ ـ الكافى عن صفوان الجمّال : كنت أنا وعامر وعبد الله بن جذاعة الأزدى عند أبى عبد الله  ¼ قال : فقال له عامر : جعلت فداك إنّ الناس يزعمون أنّ أمير المؤمنين  ¼ دُفِن بالرحبة(١) ؟ قال : لا ، قال : فأين دفن ؟ قال : إنّه لمّا مات احتمله الحسن  ¼ فأتي به ظهر الكوفة قريباً من النجف يسرة عن الغرىّ يمنة عن الحيرة ، فدفنه بين ذَكَوات(٢) بيض .

فلمّا كان بعد ذهبت إلي الموضع فتوهّمت موضعاً منه ، ثمّ أتيته فأخبرته فقال لى : أصبت رحمك الله ـ ثلاث مرّات ـ(٣) .

٣٠٣١ ـ الكافى عن عبد الله بن سنان : أتانى عمر بن يزيد فقال لى : اركب ، فركبتُ معه ، فمضينا حتي أتينا منزل حفص الكناسى ، فاستخرجته فركب معنا ، ثمّ مضينا حتي أتينا الغرىّ فانتهينا إلي قبر ، فقال : انزلوا هذا قبر أمير المؤمنين  ¼ ، فقلنا من أين علمت ؟ فقال : أتيته مع أبى عبد الله  ¼ حيث كان بالحيرة غير مرّة ، وخبّرنى أنّه قبره(٤) .

٣٠٣٢ ـ الإرشاد : تولّي غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين    ¤ بأمره ، وحملاه


(١) الرُّحْبَة : قرية بحذاء القادسية علي مرحلة من الكوفة (معجم البلدان : ٣ / ٣٣) .
(٢) فى المصدر : "زكوات" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى نسخة مرآة العقول . قال المجلسى : كذا فى أكثر نسخ الحديث ، ولعلّه أراد التلال الصغيرة التى كانت محيطة بقبره صلوات الله عليه ، شبّهها ـ لضيائها وتوقّدها عند شروق الشمس عليها ، لاشتمالها علي الوصيات البيض والدرارى ـ بالجمرة الملتهبة ، إذ الذكوة هى الجمرة الملتهبة كما ذكره اللغويوّن (مراة العقول : ٥/٣٠٥) .
(٣) الكافى : ١ / ٤٥٦ / ٥ ، كامل الزيارات : ٨١ / ٧٧ ، فرحة الغرى : ٦٢ وفيه "خزاعة" بدل "جذاعة" .
(٤) الكافى : ١ / ٤٥٦ / ٦ ، كامل الزيارات : ٨٢ / ٧٩ ، فرحة الغرى : ٦٣ .

 ٢٩٥ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / ظهور قبر الإمام

إلي الغرىّ من نجف الكوفة ، فدفناه هناك وعفيا موضع قبره بوصيّة كانت منه إليهما فى ذلك ; لما كان يعلمه  ¼ من دولة بنى اُميّة من بعده ، واعتقادهم فى عداوته ، وما ينتهون إليه بسوء النيّات فيه من قبيح الفعال والمقال بما تمكّنوا من ذلك ، فلم يزل قبره  ¼ مخفيً حتي دلّ عليه الصادق جعفر بن محمّد    ¤ فى الدولة العبّاسيّة ، وزاره عند وروده إلي أبى جعفر [المنصور] ـ وهو بالحيرة ـ فعرفته الشيعة واستأنفوا إذ ذاك زيارته عليه السلام وعلي ذرّيّته الطاهرين ، وكان سنّه  ¼ يوم وفاته ثلاثاً وستّين سنة(١) .

٣٠٣٣ ـ الإرشاد عن عبد الله بن خازم : خرجنا يوماً مع الرشيد من الكوفة نتصيّد ، فصرنا إلي ناحية الغريّين والثويّة(٢) ، فرأينا ظِباءً فأرسلنا عليها الصقورة والكلاب ، فجاولتها ساعةً ثمّ لجأت الظِباء إلي أكَمَة(٣) فسقطت عليها فسقطت الصقورة ناحيةً ورجعت الكلاب ، فعجب الرشيد من ذلك ، ثمّ إنّ الظباء هبطت من الأكمة فهطبت الصقورة والكلاب ، فرجعت الظباء إلي الأكمة فتراجعت عنها الكلاب والصقورة ، ففعلت ذلك ثلاثاً ، فقال الرشيد : اركضوا ; فمن لقيتموه فأتونى به ، فأتيناه بشيخ من بنى أسد ، فقال له هارون : أخبرنى ما هذه الأكَمة ؟ قال : إن جعلت لى الأمان أخبرتك . قال : لك عهد الله وميثاقه أن لا أهيجك ولا اُؤذيك .

قال : حدّثنى أبى عن آبائى أنّهم كانوا يقولون : إنّ فى هذه الأكَمة قبر علىّ بن


(١) الإرشاد : ١ / ١٠ ، إعلام الوري : ١ / ٣١٢ نحوه إلي "بالحيرة" .
(٢) الثَّوِيّة : موضع قريب من الكوفة ، وقيل بالكوفة (معجم البلدان : ٢ / ٨٧) .
(٣) الأكَمة : الرابِيَة ; وهى ما ارتفع من الأرض (النهاية : ١ / ٥٩ وج ٢ / ١٩٢) .

 ٢٩٦ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / ظهور قبر الإمام

أبى طالب  ¼ ، جعله الله حرماً لا يأوى إليه شىء إلاّ أمن . فنزل هارون فدعا بماء وتوضّأ وصلّي عند الأكَمة وتمرّغ عليها وجعل يبكى ، ثمّ انصرفنا(١) .


(١) الإرشاد : ١ / ٢٦ ، إرشاد القلوب : ٤٣٥ ، فرحة الغرى : ١١٩ كلاهما عن عبد الله بن حازم ، الخرائج والجرائح : ١ / ٢٣٤ / ٧٨ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ٤٢ / ٢٢٤ / ٣٣ .

 ٢٩٧ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / بحث حول موضع قبر الإمام

قال العلاّمة المجلسى © : اعلم أنّه كان فى بعض الأزمان بين المخالفين اختلاف فى موضع قبره الشريف  ¼ ; فذهب جماعة من المخالفين إلي أنّه دُفن فى رحبة مسجد الكوفة ، وقيل : إنّه دفن فى قصر الإمارة ، وقيل : إنّه أخرجه معه الحسن  ¼ وحمله معه إلي المدينة ودفنه بالبقيع ، وكان بعض جهلة الشيعة يزورونه بمشهد فى الكرخ ، وقد أجمعت الشيعة علي أنّه  ¼ مدفون بالغرىّ فى الموضع المعروف عند الخاصّ والعامّ ، وهو عندهم من المتواترات ، رووه خلفاً عن سلف إلي أئمّة الدين صلوات الله عليهم أجمعين ، وكان السبب فى هذا الاختلاف إخفاء قبره  ¼ خوفاً من الخوارج والمنافقين ، وكان لا يعرف ذلك إلاّ خاصّ الخاصّ من الشيعة ، إلي أن ورد الصادق  ¼ الحيرة فى زمن السفّاح فأظهره لشيعته ، ومن هذا اليوم إلي الآن يزوره كافّة الشيعة فى هذا المكان ، وقد كتب عبد الكريم بن أحمد ابن طاووس كتاباً فى تعيين موضع قبره  ¼ وردّ أقوال المخالفين وسمّاه فرحة الغرىّ ، وذكر فيه أخباراً متواترة فرّقناها علي الأبواب .

وقال عبد الحميد بن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة(١) : قال أبو الفرج الأصفهانى : حدّثنى أحمد بن عيسي ، عن الحسين بن نصر ، عن زيد بن المعدّل ،


(١) شرح نهج البلاغة : ٦ / ١٢٢ .

 ٢٩٨ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام علىّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / بحث حول موضع قبر الإمام

عن يحيي بن شعيب ، عن أبى مخنف ، عن فضل بن جريح ، عن الأسود الكندى والأجلح قالا : توفّى علىّ  ¼ وهو ابن أربع وستّين سنة فى عام أربعين من الهجرة ليلة الأحد لإحدي وعشرين ليلة مضت فى شهر رمضان ، وولى غسله ابنه الحسن  ¼ وعبد الله بن العبّاس ، وكفّن فى ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ، وصلّي عليه ابنه الحسن ، فكبر عليه خمس تكبيرات ، ودفن فى الرحبة ممّا يلى أبواب كندة عند صلاة الصبح ، هذه رواية أبى مخنف .

قال أبو الفرج : وحدّثنى أحمد بن سعيد عن يحيي بن الحسن العلوى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبى عمير ، عن الحسن بن علىّ الخلال ، عن جدّه قال : قلت للحسين بن علىّ    ¤ : أين دفنتم أمير المؤمنين  ¼ ؟ قال : خرجنا به ليلاً من منزله حتي مررنا به علي منزل الأشعث حتي خرجنا به إلي الظَّهر بجنب الغرىّ ، قلت : وهذه الرواية هى الحقّ ، وعليها العمل ، وقد قلنا فيما تقدّم أن أبناء الناس أعرف بقبور آبائهم من غيرهم من الأجانب ، وهذا القبر الذى بالغرىّ هو الذى كان بنو علىّ يزورونه قديماً وحديثاً ويقولون : هذا قبر أبينا ، لا يشكّ أحد فى ذلك من الشيعة ولا من غيرهم، أعنى بنى علىّ من ظهر الحسن والحسين وغيرهما من سلالته المتقدّمين منهم والمتأخّرين ما زاروا ولا وقفوا إلاّ علي هذا القبر بعينه . وقد روي أبو الفرج علىّ بن عبد الرحمن الجوزى عن أبى الغنائم قال : مات بالكوفة ثلاثمائة صحابى، ليس قبر أحد منهم معروفاً إلاّ قبر أمير المؤمنين  ¼ ، وهو القبر الذى تزوره الناس الآن ، جاء جعفر بن محمّد وأبوه محمّد بن علىّ بن الحسين    ¥ فزاراه ولم يكن إذ ذاك قبر ظاهر ، وإنّما كان به شُيوخ(١) أيضاً ، حتي جاء محمّد بن زيد الداعى صاحب الديلم فأظهر القبّة(٢) .


(١) من الأشجار الشَّيْخ ; وهى شجرة يقال لها : شجرة الشيوخ (لسان العرب : ٣ / ٣٢) .
(٢) بحار الأنوار : ٤٢ / ٣٣٧ .