الصفحة الرئيسية

المكتبة المختصة

فهرس المجلد الثامن

 

 

٣٥٣ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه

٧ / ١

أبو الأسود الدُّؤَلىّ

٣٨٨٥ ـ ربيع الأبرار : سأل زياد بن أبيه أبا الأسود عن حبّ علىّ فقال : إنّ حبّ علىّ يزداد فى قلبى حِدّة ، كما يزداد حبّ معاوية فى قلبك ; فإنّى اُريد الله والدار الآخرة بحبّى عليّاً ، وتريد الدنيا بزينتها بحبّك معاوية ، ومثلى ومثلك كما قال إخوة مذحج :

خليلان مختلفٌ شأْنُنااُريد العلاء ويهوى اليَمَنْ
اُحبّ دماء بنى مالك وراقَ المُعلّي(١) بياض اللَّبَن(٢)

٣٨٨٦ ـ الاستيعاب ـ فى رثاء أمير المؤمنين  ¼ ـ : وقال أبو الأسود الدؤلى


(١) فى المصدر : "العلي" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى تاج العروس : ١٩ / ٦٩٨ .
(٢) ربيع الأبرار : ٣ / ٤٧٩ .

 ٣٥٤ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / أبو الأسود الدُّؤَليّ

وأكثرهم يرويها لاُمّ الهيثم بنت العريان النخعيّة :

ألا يا عين ويحك أسعديناأ لا تبكى أمير المؤمنينا
تُبكّى اُمّ كلثوم عليهبعبرتها وقد رأت اليقينا
ألا قل للخوارج حيث كانوافلا قرّت عيون الشامتينا
أ فى شهر الصيام فجعتمونابخير الناس طرّاً أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا وذلّلها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها ومن قرأ المثانى والمئينا
فكلّ مناقب الخيرات فيهِ وحبّ رسول ربّ العالمينا
لقد علمت قريشٌ حيث كانتبأنّك خيرها حسباً ودينا
وإذا استقبلتَ وجه أبى حسينرأيت البدر فوق الناظرينا
وكنّا قبل مقتله بخيرنري مولي رسول الله فينا
يقيم الحقّ لا يرتاب فيهِ ويعدل فى العدا والأقربينا
وليس بكاتم علماً لديهِ ولم يُخلق من المتجبّرينا
كأنّ الناس إذ فقدوا عليّاًنعامٌ حارَ فى بلد سنينا
فلا تشمت معاوية بن صخرفإن بقيّة الخلفاء فينا(١)

راجع :القسم السادس عشر / أبو الأسود الدُّؤلى .

القسم الثامن / بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام .


(١) الاستيعاب : ٣ / ٢٢٣ / ١٨٧٥ ، اُسد الغابة : ٤ / ١١٦ / ٣٧٨٩ وفيه "بعضهم يرويها" بدل "أكثرهم يرويها" وراجع مروج الذهب : ٢ / ٤٢٨ .


إرجاعات 
١٣ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِيّ
٢٧٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام عليّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / في رثاء الإمام

 ٣٥٥ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / الأحنَفُ بنُ قَيس

٧ / ٢

الأحنَفُ بنُ قَيس

٣٨٨٧ ـ تنبيـه الخـواطـر عـن الأحنـف بن قيـس ـ لمّا سأله معاوية عن أمير المؤمنين  ¼ ـ : كان آخذاً بثلاث تاركاً لثلاث : آخذاً بقلوب الرجال إذا حَدّث ، حسن الاستماع إذا حُدّث ، أيسر الأمرين عليه إذا خولف ، تاركاً للمراء ، تاركاً لمقارنة اللئيم ، تاركاً لما يعتذر منه(١) .

راجع : القسم السادس عشر / الأحنف بن قيس .

٧ / ٣

اُمُّ الخَيْرِ

٣٨٨٨ ـ بلاغات النساء عن الشعبى : كتب معاوية إلي واليه بالكوفة : أن أوفد علىَّ اُمّ الخير بنت الحريش بن سراقة البارقيّة رحلةً محمودة الصحبة غير مذمومة العاقبة . . . فلمّا قدمت علي معاوية أنزلها مع الحرم ثلاثاً ثمّ أذن لها فى اليوم الرابع وجمع لها الناس ، فدخلت عليه فقالت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ! فقال : وعليكِ السلام وبالرغم ـ والله ـ منكِ دعوتنى بهذا الاسم ، فقالت : مَهْ يا هذا! فإنّ بديهة السلطان مدحضة لما يحبّ علمه . قال(٢) : صدقت يا خالة ، وكيف رأيت مسيرك ؟ قالت : لم أزل فى عافية وسلامة حتي اُوفدت إلي ملك جزل وعطاء بذل ، فأنا فى عيش أنيق عند ملك رفيق ، فقال معاوية : بحسن نيّتى ظفرت بكم وأعنت عليكم !


(١) تنبيه الخواطر : ٢ / ١٤ .
(٢) فى المصدر : "قالت" ، والصحيح ما أثبتناه .


إرجاعات 
٤٧ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / الأحْنَفُ بنُ قَيْس

 ٣٥٦ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / اُمُّ الخَيْرِ

قالت : مَهْ يا هذا ! لك والله من دحض المقال ما تردى عاقبته .

قال : ليس لهذا أردناك .

قالت : إنّما أجرى فى ميدانك إذا أجريتَ شيئاً أجريتُه ، فاسأل عمّا بدا لك .

قال : كيف كان كلامك يوم قتل عمّار بن ياسر ؟

قالت : لم أكن والله رويته قبل ، ولا زوّرته(١) بعد ، وإنّما كانت كلمات نفثهنّ لسانى حين الصدمة ، فإن شئت أن اُحدث لك مقالاً غير ذلك فعلت .

قال : لا أشاء ذلك .

ثمّ التفت إلي أصحابه فقال : أيّكم حفظ كلام اُمّ الخير ؟

قال رجل من القوم : أنا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظى سورة الحمد ، قال : هاتِه .

قال : نعم ، كأنى بها يا أمير المؤمنين وعليها برد زبيدى كثيف الحاشية ، وهى علي جمل أرمك(٢) وقد اُحيط حول ها حواء وبيدها سوط منتشر الضفر ، وهى كالفحل يهدر فى شقشقته ، تقول : ³ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ  ²  (٣) ، إنّ الله قد أوضح الحقّ ، وأبان الدليل ، ونوّر السبيل ، ورفع العلم ، فلم يدعكم فى عمياء مبهمة ، ولا سوداء مدلهمّة ، فإلي أين تريدون رحمكم الله ؟ أ فراراً عن أمير المؤمنين ، أم فراراً من الزحف ، أم رغبةً عن الإسلام ، أم ارتداداً عن الحقّ ؟ أ ما سمعتم الله عزّ وجلّ يقول : ³ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ


(١) التَّزوير : إصلاح الكلام وتهيئته (لسان العرب : ٤ / ٣٣٧) . تريد أنّها قالته ارتجالاً .
(٢) مِن الرُّمكة : لون الرماد ، وقيل : حُمرةٌ يخلطها سواد (لسان العرب : ١٠ / ٤٣٤) .
(٣) الحجّ : ١ .

 ٣٥٧ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / اُمُّ الخَيْرِ

وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ  ²  (١) .

ثمّ رفعت رأسها إلي السماء وهى تقول : "اللهمّ قد عيل الصبر ، وضعف اليقين ، وانتشر الرعب ، وبيدك يا ربّ أزمّة القلوب ، فاجمع إليه الكلمة علي التقوي ، وألّف القلوب علي الهدي ، واردد الحقّ إلي أهله" هلمّوا ـ رحمكم الله! ـ إلي الإمام العادل ، والوصىّ الوفىّ ، والصدّيق الأكبر ، إنّها إحَن(٢) بدريّة ، وأحقاد جاهليّة ، وضغائن اُحديّة ، وثب بها معاوية حين الغفلة ، ليدرك بها ثارات بنى عبد شمس .

ثمّ قالت : ³ قَاتِلُوا أَئـِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ  ²  (٣) ، صبراً ، معشر الأنصار والمهاجرين ، قاتلوا علي بصيرة من ربّكم ، وثبات من دينكم ، وكأنى بكم غداً لقد لقيتم أهل الشام كحُمُر مستنفرة ، لا تدرى أين يسلك بها من فجاج الأرض ، باعوا الآخرة بالدنيا ، واشتروا الضلالة بالهدي ، وباعوا البصيرة بالعمي ، عمّا قليل ليصبحنّ نادمين ، حتي تحلّ بهم الندامة ، فيطلبون الإقالة . إنّه والله مَن ضلّ عن الحقّ وقع فى الباطل ، ومَن لم يسكن الجنّة نزل النار .

أيّها الناس ! إنّ الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها ، واستبطأوا مدّة الآخرة فسعوا لها . والله أيّها الناس ! لولا أن تبطل الحقوق ، وتعطّل الحدود ، ويظهر الظالمون وتقوي كلمة الشيطان لما اخترنا ورود المنايا علي خفض العيش وطيبه ، فإلي أين تريدون رحمكم الله عن ابن عمّ رسول الله  ½ وزوج ابنته ، وأبى ابنيه ؟ خُلق من طينته ، وتفرّع من نبعته ، وخصّه بسرّه ، وجعله باب مدينته


(١) محمّد : ٣١ .
(٢) جمع إحْنة ; الحقد فى الصدر (لسان العرب : ١٣ / ٨) .
(٣) التوبة : ١٢ .

 ٣٥٨ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / اُمُّ سِنان

وعلم المسلمين ، وأبان ببغضه المنافقين ، فلم يزَل كذلك يؤيّده الله عزّ وجلّ بمعونته ، ويمضى علي سنن استقامته ، لا يعرج لراحة الدأب .

هاهو مفلق الهام ومكسّر الأصنام ، إذ صلّي والناس مشركون ، وأطاع والناس مرتابون ، فلم يزل كذلك حتي قتل مبارزى بدر ، وأفني أهل اُحد ، وفرّق جمع هوازن ، فيا لها من وقائع زرعت فى قلوب قوم نفاقاً وردّة وشقاقاً ! قد اجتهدت فى القول ، وبالغت فى النصيحة ، وبالله التوفيق وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

فقال معاوية : والله يا اُمّ الخير ، ما أردتِ بهذا الكلام إلاّ قتلى ، والله لو قتلتك ما حرجت فى ذلك .

قالت : والله ما يسوؤنى يابن هند! أن يُجرى الله ذلك علي يدى من يسعدنى الله بشقائه(١) .

٧ / ٤

اُمُّ سِنان

٣٨٨٩ ـ العقد الفريد عن سعيد بن أبى حذافة : حبس مروان بن الحكم ـ وهو والى المدينة ـ غلاماً من بنى ليث فى جناية جناها ، فأتته جدّة الغلام اُمّ أبيه ، وهى اُمّ سنانبنت خيثمة بن خرشة المذحجيّة ، فكلّمته فى الغلام ، فأغلظ مروان ، فخرجت إلي معاوية ، فدخلت عليه فانتسبت ، فعرفها ، فقال لها : مرحباً يابنة خيثمة ، ما أقدمك أرضنا وقد عهدتك تشتميننا وتحضّين علينا عدوّنا ؟ . . . فكيف قولك :


(١) بلاغات النساء : ٥٥ ، العقد الفريد : ١ / ٣٤٣ ، صبح الأعشي : ١ / ٢٤٨ .

 ٣٥٩ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / اُمُّ سِنان

عزب الرقاد فمقلتى لا ترقدُ والليل يصدر بالهموم ويوردُ
يا آل مذحج لا مقامَ فشمّرواإنّ العدوّ لآل أحمد يقصدُ
هذا علىّ كالهلال تحفّهُ وسط السماء من الكواكب أسعدُ
خير الخلائق وابن عمّ محمّدإن يهدكم بالنور منه تهتدوا
ما زال مُذ شهد الحروب مظفّراً والنصر فوق لوائه ما يُفقدُ

قالت : كان ذلك يا أمير المؤمنين ، وأرجو أن تكون لنا خلفاً بعده . فقال رجل من جلسائه : كيف يا أمير المؤمنين وهى القائلة :

إمّا هلكتَ أبا الحسين فلم تزلبالحقّ تُعرف هادياً مهديّا
فاذهب عليك صلاة ربّك ما دعتفوق الغصون حمامةٌ قمريّا
قد كنت بعد محمّد خلفاً كماأوصي إليك بنا فكنت وفيّا
فاليوم لا خلف يؤمّل بعدهُهيهات نأمل بعده إنسيّا

قالت : يا أمير المؤمنين ! لسان نطق ، وقول صدق ، ولئن تحقّق فيك ما ظننّا فحظّك الأوفر ، والله ما ورّثك الشنآن فى قلوب المسلمين إلاّ هؤلاء ، فادحض مقالتهم ، وأبعد منزلتهم ، فإنّك إن فعلت ذلك تزدد من الله قُرباً ، ومن المؤمنين حبّاً . قال : وإنّك لتقولين ذلك ؟

قالت : سبحان الله ! والله ما مثلك مدح بباطل ، ولا اعتذر إليه بكذب ، وإنّك لتعلمذلك من رأينا ، وضمير قلوبنا ، كان والله علىّ أحبّ إلينا منك ، وأنت أحبّ إلينا من غيرك ، قال : ممّن ؟ قالت : من مروان بن الحكم وسعيد بن العاصى(١) .


(١) العقد الفريد : ١ / ٣٣٩ ، بلاغات النساء : ٩٢ عن سعيد بن حذافة .

 ٣٦٠ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / الحُصَيْنُ بن المُنْذِر

٧ / ٥

الحُصَيْنُ بن المُنْذِر

٣٨٩٠ ـ الإمامة والسياسة ـ فى ذكر اختلاف أصحاب الإمام  ¼ فى استمرار القتال فى صفّين ـ : ثمّ قام الحصين بن المنذر ، وكان أحدث القوم سنّاً ، فقال :

أيّها الناس ! إنّما بُنى هذا الدين علي التسليم ; فلا تدفعوه بالقياس ، ولا تهدموه بالشبهة ، وإنّا والله لو أنّا لا نقبل من الاُمور إلاّ ما نعرف لأصبح الحقّ فى الدنيا قليلا ، ولو تُركنا وما نهوي لأصبح الباطل فى أيدينا كثيراً ، وإنّ لنا راعياً قد حمدنا وِرده وصدره ، وهو المأمون علي ما قال وفعل ، فإن قال : لا ، قلنا : لا ، وإن قال : نعم ، قلنا : نعم(١) .

٧ / ٦

خالِدُ بن مُعَمَّر

٣٨٩١ ـ الصواعق المحرقة : قال معاوية لخالد بن معمّر : لِمَ أحببت عليّاً علينا ؟ قال : علي ثلاث خصال : علي حلمه إذا غضب ، وعلي صدقه إذا قال ، وعلي عدله إذا حكم(٢) .

٧ / ٧

دارِمِيَّةُ الحَجُونية

٣٨٩٢ ـ العقد الفريد عن أبى سهل التميمى : حجّ معاوية فسأل عن امرأة من بنى


(١) الإمامة والسياسة : ١ / ١٤٠ ، الأخبار الطوال : ١٨٩ وفيه من "إنّ لنا . . ." ; وقعة صفّين : ٤٨٥ كلاهما نحوه وفيهما "الحضين" بدل "الحصين" .
(٢) الصواعق المحرقة : ١٣٢ ، الفصول المهمّة : ١٢٧ ; الأمالى للطوسى : ٥٩٤ / ١٢٢٩ ، تنبيه الخواطر : ٢ / ٧٥ ، كشف الغمّة : ٢ / ٣٦ وفى الثلاثة الأخيرة "ولى" بدل "حكم" .

 ٣٦١ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / دارِمِيَّةُ الحَجُونية

كنانة كانت تنزل بالحَجُون(١) يقال لها : دارمية الحَجونية . . . فبعث إليها فجىء بها . . . أ تدرين لِم بعثت إليك ؟ قالت : لا يعلم الغيب إلاّ الله . قال : بعثت إليك لأسألك : علامَ أحببتِ عليّاً وأبغضتِنى ، وواليتِه وعاديتِنى ؟ قالت : أ وتُعْفينى يا أمير المؤمنين ؟ قال : لا اُعفيك .

قالت : أمّا إذ أبيت ; فإنّى أحببتُ عليّاً علي عدله فى الرعيّة ، وقَسْمه بالسويّة ، وأبغضتك علي قتالك مَن هو أولي منك بالأمر ، وطِلبتك ما ليس لك بحقّ ، وواليتُ عليّاً علي ما عقد له رسول الله  ½ من الولاء ، وحبّه المساكين ، وإعظامه لأهل الدين ، وعاديتك علي سفكك الدماء ، وجورك فى القضاء ، وحكمك بالهوي . . . .

قال لها : يا هذه ! هل رأيتِ عليّاً ؟

قالت : إى والله .

قال : فكيف رأيتِه ؟

قالت : رأيته والله لم يفتنه المُلك الذى فتنك ، ولم تشغله النعمة التى شغلتك .

قال : فهل سمعت كلامه ؟

قالت : نعم والله ، فكان يجلو القلب من العمي ، كما يجلو الزيت صدأ الطست .

قال : صدقت ، فهل لك من حاجة ؟

قالت : أ وَتفعل إذا سألتك ؟

قال : نعم .


(١) جبل بأعلي مكّة عنده مدافن أهلها (معجم البلدان : ٢ / ٢٢٥) .

 ٣٦٢ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / الرَّبيعُ بن خُثَيم

قالت : تعطينى مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها .

قال : تصنعين بها ماذا ؟

قالت : أغذوا بألبانها الصغار ، وأستحيى بها الكبار ، وأكتسب بها المكارم ، وأصلح بها بين العشائر .

قال : فإن أعطيتك ذلك ، فهل أحلّ عندك محلّ علىّ بن أبى طالب ؟

قالت : ماء ولا كصَدّاء ، ومرعي ولا كالسعدان ، وفتي ولا كَمالك(١) ، يا سبحان الله ! أ وَدونه ؟ !

فأنشأ معاوية يقول :

إذا لم أعُدْ بالحلم منّى عليكمُفمن ذا الذى بعدى يؤمّل للحِلمِ
خذيها هنيئاً واذكرى فعل ماجدجزاكِ علي حرب العداوة بالسِّلمِ

ثمّ قال : أما والله لو كان علىّ حيّاً ما أعطاك منها شيئاً . قالت : لا والله ، ولا وَبْرة واحدة من مال المسلمين(٢) .

٧ / ٨

الرَّبيعُ بن خُثَيم

٣٨٩٣ ـ فضائل الصحابة عن منذر عن الربيع بن خثيم (٣) ـ وذكروا عنده عليّاً  ¼


(١) صَدّاء : رَكِيَّة لم يكن عندهم ماء أعذب من مائها . والسَّعدان : أخثر العشب لبناً ، وهو من أنجع المراعى فى المال . ومالك هو ابن نويرة (مجمع الأمثال : ٣ / ٢٦٧ / ٣٨٤٢ وص ٢٦٥ وج ٢ / ٤٥٠ / ٢٧٦٢) وهذه أمثال ثلاثة تضرب للشىء يفضل علي أشباهه .
(٢) العقد الفريد : ١ / ٣٤٢ ، بلاغات النساء : ١٠٥ عن أبى إسحاق المقدمى نحوه .
(٣) فى المصدر "خيثم" والصحيح ما أثبتناه .

 ٣٦٣ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / زَيدُ بن صُوحان

فقال ـ : ما رأيتُ أحداً [ من ](١) مبغضيه أشدّ له بغضاً ، ولا محبّيه أشدّ له حُبّاً ، ولم أرَهم يجدون عليه فى حكمه ، والله عزّ وجلّ يقول : ³ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا  ²  (٢) (٣) .

٧ / ٩

زَيدُ بن صُوحان

٣٨٩٤ ـ الإمام الصادق  ¼ : لمّا صرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل ، جاء أمير المؤمنين  ¼ حتي جلس عند رأسه فقال : رحمك الله يا زيد ، قد كنت خفيف المؤونة عظيم المعونة .

قال : فرفع زيد رأسه إليه وقال : وأنت فجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين ، فوَ الله ما علمتك إلاّ بالله عليماً ، وفى اُمّ الكتاب عليّاً حكيماً ، وأنّ الله فى صدرك لعظيم .

والله ما قاتلت معك علي جهالة ، ولكنّى سمعت اُمّ سلمة زوج النبىّ  ½ تقول : سمعت رسول الله  ½ يقول : "من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله" فكرهت والله أن أخذلك فيخذلنى الله(٤) .

٧ / ١٠

سودَةُ الهَمْدانيَّة

٣٨٩٥ ـ بلاغات النساء عن محمّد بن عبيد الله : استأذنتْ سَودة بنت عمارة بن


(١) ما بين المعقوفين إضافة يقتضيها السياق .
(٢) البقرة : ٢٦٩ .
(٣) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٥٧٥ / ٩٧٣ .
(٤) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٤ / ١١٩ ، الاختصاص : ٧٩ كلاهما عن عبد الله بن سنان .

 ٣٦٤ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / سودَةُ الهَمْدانيَّة

الأسك الهمدانيّة علي معاوية بن أبى سفيان فأذِن لها ، فلمّا دخلت عليه قال : هِيه يا بنت الأسك ! أ لست القائلة يوم صفّين :

شمّر كفعل أبيك يابن عمارةيوم الطعان وملتقي الأقرانِ
وانصر عليّاً والحسين ورهطهُ واقصد لهند وابنها بهوانِ
إنّ الإمام أخو النبىّ محمّدعلم الهدي ومنارة الإيمانِ
فقِهِ الحتوفَ وَسِر أمام لوائهِقدماً بأبيض صارم وسنانِ

قالت : إى والله ، ما مثلى مَن رغب عن الحقّ أو اعتذر بالكذب .

قال لها : فما حملك علي ذلك ؟ قالت : حبّ علىّ  ¼ واتّباع الحقّ .

قال : فوَ الله ما أري عليك من أثر علىّ شيئاً . قالت : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة ما مضي وتذكار ما قد نُسى !

قال : هيهات ما مثل مقام أخيك يُنسي ، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك قالت : صدق فوك ، لم يكن أخى ذميم المقام ، ولا خفىّ المكان ، كان والله كقول الخنساء :

وإنّ صخراً لتأتمّ الهداة بهِكأنّه علَمٌ فى رأسه نارُ

قال : صدقت ، لقد كان كذلك ، فقالت : مات الرأس وبتر الذنب ، وبالله أسأل أمير المؤمنين إعفائى ممّا استعفيتُ منه . قال : قد فعلت ، فما حاجتك ؟

قالت : إنّك أصبحت للناس سيّداً ، ولأمرهم متقلّداً ، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقّنا ، ولا يزال يقدم علينا من ينوء بعزّك ، ويبطش بسلطانك ، فيحصدنا حصد السنبل ، ويدوسنا دوس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسلبنا الجليلة ، هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك ، فقتل رجالى ، وأخذ مالى ، يقول

 ٣٦٥ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / سودَةُ الهَمْدانيَّة

لى : فُوهى بما استعصم الله منه والجأ إليه فيه ، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعة ، فإمّا عزلته عنّا فشكرناك ، وإمّا لا فعرّفناك .

فقال معاوية : أ تهدّدينى بقومك ؟ ! لقد هممت أن أحملك علي قَتَب(١) أشرس ، فأردّك إليه ، ينفذ فيك حكمه ، فأطرقت تبكى ثمّ أنشأت تقول :

صلّي الإله علي جسم تضمّنهُقبرٌ فأصبح فيه العدل مدفونا
قد حالف الحقَّ لا يبغى به بدلاًفصار بالحقّ والإيمان مقرونا

قال لها : ومَن ذلك ؟

قالت : علىّ بن أبى طالب  ¼ .

قال : وما صنع بكِ حتي صار عندك كذلك ؟

قالت : قدمت عليه فى رجل ولاّه صدقتنا قدم علينا من قبله ، فكان بينى وبينه ما بين الغثّ والسمين ، فأتيت عليّاً  ¼ لأشكو إليه ما صنع فوجدته قائماً يصلّى ، فلمّا نظر إلىّ انفتل من صلاته ، ثمّ قال لى برأفة وتعطّف : أ لكِ حاجة ؟ فأخبرته الخبر ، فبكي ، ثمّ قال : اللهمّ إنّك أنت الشاهد علىَّ وعليهم ، إنّى لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك ، ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجواب فكتب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بيّنة من ربّكم ، فأوفوا الكيل والميزان بالقسط(٢) ، ³ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الاَْرْضِ مُفْسِدِينَ  ²  (٣) ، ³ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ  ²  (٤) . إذا قرأت كتابى فاحتفظ


(١) القَتَب : رَحل صغير علي قَدر السنام (الصحاح : ١ / ١٩٨) .
(٢) مضمون الآية ٨٥ من سورة الأعراف .
(٣) الشعراء : ١٨٣ .
(٤) هود : ٨٦ .

 ٣٦٦ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / صَعصَعَةُ بن صُوحَان

بما فى يديك من عملنا حتي يقدم عليك مَن يقبضه منك ، والسلام .

فأخذته منه ، والله ما ختمه بطين ولا خزمه بخزام ، فقرأته ، فقال لها معاوية : لقد لمّظَكم(١) ابن أبى طالب الجرأة علي السلطان فبطيئاً ما تُفطمون .

ثمّ قال : اكتبوا لها بردّ مالها والعدل عليها . قالت : إلىّ خاصّ أم لقومى عامّ ؟ قال : ما أنتِ وقومكِ ؟

قالت : هى والله إذن الفحشاء واللؤم ، إن لم يكن عدلا شاملا وإلاّ فأنا كسائر قومى . قال : اكتبوا لها ولقومها(٢) .

٧ / ١١

صَعصَعَةُ بن صُوحَان

٣٨٩٦ ـ تاريخ اليعقوبى ـ فى ذكر بيعة الناس لأمير المؤمنين  ¼ ـ : . . . وقام صعصعة بن صوحان فقال : والله يا أمير المؤمنين ، لقد زيّنتَ الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، ولَهى إليك أحوج منك إليها(٣) .

٣٨٩٧ ـ المناقب للكوفى عن عبد الملك بن عمير : سئل صعصعة بن صوحان : كيف كان علىّ ؟ قال : لم يقل مستزيداً له فواتَه ولا مستقصراً(٤) ، إنّه جمع الحلم ،


(١) التَّلَمُّظ : التذوّق ، ولَمَظَ الماءَ : ذاقَه بطرف لسانه ، ولمَّظ فلاناً لُماظَةً : أى شيئاً يتلمّظه (لسان العرب : ٧ / ٤٦١ و٤٦٢) .
(٢) بلاغات النساء : ٤٧ ، العقد الفريد : ١ / ٣٣٥ ، الفتوح : ٣ / ٥٩ وراجع الفصول المهمّة : ١٢٧ وتاريخ دمشق : ٤٢ / ٥٨٧ .
(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٩ .
(٤) كذا فى المصدر .

 ٣٦٧ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / صَعصَعَةُ بن صُوحَان

والسلم ، والعلم ، والقرابة القريبة ، والهجرة القديمة ، والبلاء العظيم فى الإسلام(١) .

٣٨٩٨ ـ شرح نهج البلاغة : قال صعصعة بن صوحان وغيره من شيعته وأصحابه : كان [علىّ  ¼ ] فينا كأحدنا ; لين جانب ، وشدّة تواضع ، وسهولة قياد ، وكنّا نهابه مهابة الأسير المربوط للسيّاف الواقف علي رأسه(٢) .

٣٨٩٩ ـ تذكرة الخواصّ عن عمرو بن يحيي عن صعصعة بن صوحان : أنّه مرّ علي المغيرة بن شعبة فقال له : من أين أقبلت ؟ فقال : من عند الولىّ التقىّ الجواد الحيىّ(٣) الحليم الوفىّ الكريم الحفىّ ، المانع بسيفه ، الجواد بكفّه ، الورى زَنْده(٤) ، الكثير رفده ، الذى هو من ضئضئ(٥) أشراف أمجاد ليوث أنجاد ، ليس بإقعاد(٦) ولا أنكاد ، ليس فى أمره ولا فى قوله فَنَد ، ليس بالطايش النزق ،و لا بالرايث المَذِق(٧) ، كريم الأبناء ، شريف الآباء ، حسن البلاء ، ثاقب السناء ، مجرّب مشهور ، وشجاع مذكور ، زاهد فى الدنيا ، راغب فى الاُخري .

فقال المغيرة بن شعبة : هذه صفات أمير المؤمنين علىّ  ¼ (٨) .

٣٩٠٠ ـ الاختصاص عن مسمع بن عبد الله البصرى عن رجل : لمّا بعث علىّ بن


(١) المناقب للكوفى : ٢ / ٦٧ / ٥٥٠ .
(٢) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥ ; بحار الأنوار : ٤١ / ١٤٧ .
(٣) فى المصدر : "الحى" وهو تصحيف .
(٤) الزَّنْد : العود الأعلي الذى يقتدح به النار . وإنّه لوارى الزَّند ووريّه : يكون ذلك فى الكرم وغيره من الخصال المحمودة (لسان العرب : ٣ / ١٩٥) .
(٥) الضئضئ : هو الأصل والمعدن (لسان العرب : ١ / ١١٠) .
(٦) الإقعاد : قلّة الآباء والأجداد ; وهو مذموم (لسان العرب : ٣ / ٣٦٢) .
(٧) الرايث : من الرَّيث ; الإبطاء . ورجلٌ مَذِق : مَلُول (لسان العرب : ٢ / ١٥٧ وج ١٠ / ٣٤٠) .
(٨) تذكرة الخواصّ : ١١٨ .

 ٣٦٨ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / ضِرَارُ بن ضَمْرَة

أبى طالب صلوات الله عليه صعصعة بن صوحان إلي الخوارج قالوا له : أرأيت لو كان علىّ معنا فى موضعنا أ تكون معه ؟ قال : نعم ، قالوا : فأنت إذاً مقلّد عليّاً دينَك ، ارجع فلا ديَن لك!

فقال لهم صعصعة : ويلكم ! أ لا اُقلّد من قلّد الله فأحسن التقليد ، فاضطلع بأمر الله صدّيقاً لم يزل ؟ أ وَلم يكن رسول الله  ½ إذا اشتدّت الحرب قدّمه فى لهواتها فيطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بحدِّه ، مكدوداً فى ذات الله . . . .

فأنّي تصرفون ؟ وأين تذهبون ؟ وإلي من ترغبون ؟ وعمّن تصدفون ؟ عن القمر الباهر ، والسراج الزاهر ، وصراط الله المستقيم ، وحسان الأعدِّ المقيم(١) .

قاتلكم الله ، أنّي تؤفكون ؟ أ فى الصدّيق الأكبر والغرض الأقصي ترمون ، طاشت عقولكم ، وغارت حلومكم ، وشاهت وجوهكم ، لقد علوتم القلّة من الجبل ، وباعدتم العلّة(٢) من النهل ، أ تستهدفون أمير المؤمنين صلوات الله عليه ووصىّ رسول الله  ½ ؟ لقد سوّلت لكم أنفسكم خسراناً مبيناً ، فبعداً وسحقاً للكفرة الظالمين ، عدل بكم عن القصد الشيطانُ ، وعمي لكم عن واضح المحجّة الحرمان(٣) .

راجع : القسم الثامن / بعد الاستشهاد / فى رثاء الإمام .

٧ / ١٢

ضِرَارُ بن ضَمْرَة

٣٩٠١ ـ مروج الذهب : دخل ضرار بن ضمرة ; وكان من خواصّ علىّ علي


(١) فى بعض النسخ : "و سبيل الله المقيم" .
(٢) من العَلّ : الشربة الثانية (لسان العرب : ١١ / ٤٦٧) .
(٣) الاختصاص : ١٢١ ، بحار الأنوار : ٣٣ / ٤٠٢ / ٦٢٤ .


إرجاعات 
٢٧٩ - المجلد السابع / القسم الثامن : استشهاد الإمام عليّ / الفصل السادس : بعد الاستشهاد / في رثاء الإمام

 ٣٦٩ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / ضِرَارُ بن ضَمْرَة

معاوية وافداً ، فقال له : صف لى عليّاً . قال : اعفنى يا أمير المؤمنين . قال معاوية : لابدّ من ذلك . فقال : أمّا إذا كان لابدّ من ذلك فإنّه كان والله بعيد المدي ، شديد القوي ، يقول فصلاً ، ويحكم عدلاً ، يتفجّر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يعجبه من الطعام ما خشن ، ومن اللباس ما قصر .

وكان والله يجيبنا إذا دعوناه ، ويعطينا إذا سألناه ، وكنّا والله ـ علي تقريبه لنا وقربه منّا لا نكلّمه هيبة له ، ولا نبتدئه لعظمه فى نفوسنا ، يبسم عن ثغر كاللؤلؤ المنظوم ، يعظّم أهل الدين ، ويرحم المساكين ، ويطعم فى المسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة ، يكسو العريان ، وينصر اللهفان ، ويستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل وظلمته .

وكأنّى به وقد أرخي الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وهو فى محرابه قابض علي لحيته ، يتململ تململ السَّلِيم(١) ، ويبكى بكاء الحزين ، ويقول : "يا دنيا غرّى غيرى ، إلىّ تعرّضت أم إلىّ تشوّفت ؟ هيهات هيهات ! لا حان حينُك ، قد أبنتك ثلاثاً لا رجعة لى فيك ، عمرك قصير ، وعيشك حقير ، وخطرك يسير ، آه من قلّة الزاد وبُعد السفر ووحشة الطريق .

فقال له معاوية : زدنى شيئاً من كلامه ، فقال ضرار : كان يقول : أعجب ما فى الإنسان قلبه . . . فقال له معاوية : زدنى كلّما وعيته من كلامه ، قال : هيهات أن آتى علي جميع ما سمعته منه(٢) .

راجع :(٣) القسم العاشر / الخصائصه العمليّة / قصص من عبادته .


(١) السَّلِيم : اللديغ . يقال : سَلَمَتْهُ الحيّة ; أى لدَغَتْه (لسان العرب : ١٢ / ٢٩٢) .
(٢)
(٣) (٢) مروج الذهب : ٢ / ٤٣٣ ، الاستيعاب : ٣ / ٢٠٩ / ١٨٧٥ عن رجل من همدان ، حلية الأولياء : ١ / ٨٤ ، تذكرة الخواصّ : ١١٨ ، تاريخ دمشق : ٢٤ / ٤٠١ والثلاثة الأخيرة عن أبى صالح وص ٤٠٢ عن محمّد بن غسّان ، مقتل أمير المؤمنين : ١٠٠ / ٩٣ عن أبى عمرو الأسدى وفيه "عن رجل من كنانة" بدل "ضرار بن ضمرة" ; خصائص الأئمّة (ع) : ٧٠ كلّها نحوه وراجع نهج البلاغة : الحكمة ٧٧ والمناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١٠٣ .


إرجاعات 
٢٠٤ - المجلد التاسع / القسم العاشر : خصائص الإمام عليّ / الفصل الثالث : الخصائص العمليّة / إمام العابدين / قصص من عبادته

 ٣٧٠ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / عَبدُ الرَّحْمنِ بن حَسّان

٧ / ١٣

عَبدُ الرَّحْمنِ بن حَسّان

٣٩٠٢ ـ الكامل فى التاريخ ـ فى ذكر مقتل حجر بن عدىّ وأصحابه ـ : قال [معاوية ]لعبد الرحمن بن حسّان : يا أخا ربيعة ، ما تقول فى علىّ ؟ قال : دعنى ولا تسألنى فهو خير لك . قال : والله لا أدَعك . قال : أشهد أنّه كان من الذاكرين الله تعالي كثيراً ، من الآمرين بالحقّ ، والقائمين بالقسط ، والعافين عن الناس .

قال : فما قولك فى عثمان ؟ قال : هو أوّل من فتح أبواب الظلم ، وأغلق أبواب الحقّ .

قال : قتلت نفسك ! قال : بل إيّاك قتلت ، ولا ربيعة بالوادى ; يعنى ليشفعوا فيه . فردّه معاوية إلي زياد ، وأمره أن يقتله شرّ قتلة ، فدفنه حيّاً(١) .

٧ / ١٤

عَبِيدَةُ السَّلمانى (٢)

٣٩٠٣ ـ فضائل الصحابة عن عبيدة السلمانى : صحبت عبد الله بن مسعود سنة ثمّ


(١) الكامل فى التاريخ : ٢ / ٤٩٨ ، تاريخ الطبرى : ٥ / ٢٧٦ ، الأغانى : ١٧ / ١٥٦ نحوه .
(٢) هو عبيدة بن عمرو السلمانى الفقيه المرادى الكوفى . قال العجلى : كوفى ، تابعى ، ثقة ، جاهلى ، أسلم قبل وفاة النبىّ  ½ بسنتين ولم يره . وكان من أصحاب علىّ  ¼ وعبد الله بن مسعود . قال ابن نمير وغير واحد : مات سنة (٧٢ هـ ) (راجع تهذيب التهذيب : ٤ / ٥٤ / ٥١٨٢ والاستيعاب : ٣ / ١٤٣ / ١٧٧٣) .

 ٣٧١ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / قَنبَر

صحبت عليّاً ، فكان فضل علىّ علي عبد الله فى العلم كفضل المهاجر علي الأعرابى(١) .

٧ / ١٥

قَنبَر

٣٩٠٤ ـ رجال الكشّى : سئل قنبر : مولي من أنت ؟ فقال : أنا مولي من ضرب بسيفين ، وطعن برمحين ، وصلّي القبلتين ، وبايع البيعتين ، وهاجر الهجرتين ، ولم يكفر بالله طرفة عين .

أنا مولي صالح المؤمنين ، ووارث النبيّين ، وخير الوصيّين ، وأكبر المسلمين ، ويعسوب المؤمنين ، ونور المجاهدين ، ورئيس البكّائين ، وزين العابدين ، وسراج الماضين ، وضوء القائمين ، وأفضل القانتين ، ولسان رسول ربّ العالمين ، وأوّل المؤمنين من آل ياسين .

المؤيّد بجبريل الأمين ، والمنصور بميكائيل المتين ، والمحمود عند أهل السماوات أجمعين ، سيّد المسلمين والسابقين ، وقاتل الناكثين والقاسطين ، والمحامى عن حـرم المسلمين ، والمجاهـد أعـداءه الناصبين ، ومطفى نيران الموقدين ، وأفخر من مشي من قريش أجمعين ، وأوّل من حارب واستجاب لله ، أمير المؤمنين ، ووصىّ نبيّه فى العالمين ، وأمينه علي المخلوقين ، وخليفة من بعث إليهم أجمعين ، سيّد المسلمين والسابقين ، وقاتل الناكثين والقاسطين ، ومبيد المشركين ، وسهمٌ مِن مرامى الله علي المنافقين ، ولسان كلمة العابدين .

ناصر دين الله ، وولىّ الله ، ولسان كلمة الله ، وناصره فى أرضه ، وعيبة علمه ،


(١) فضائل الصحابة لابن حنبل : ١ / ٥٤١ / ٩٠٤ .

 ٣٧٢ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / قَنبَر

وكهف دينه ، إمام الأبرار ، من رضى عنه العلىّ الجبّار .

سمح ، سخىّ ، حيىّ(١) ، بهلول ، سنحنحى(٢) ، زكى ، مطهّر ، أبطحى ، باذل ، جرىّ ، همام ، صابر(٣) ، صوّام ، مهدىّ ، مقدام ، قاطع الأصلاب ، مفرّق الأحزاب ، عالى الرقاب ، أربطهم عناناً ، وأثبتهم جناناً ، وأشدّهم شكيمة(٤) ، بازل(٥) ، باسل ، صنديد ، هِزَبْر ، ضرغام ، حازم ، عزام ، حصيف ، خطيب ، محجاج ، كريم الأصل ، شريف الفضل ، فاضل القبيلة ، نقىّ العشيرة ، زكىّ الركانة(٦) ، مؤدّى الأمانة .

من بنى هاشم ، وابن عمّ النبىّ  ½ والإمام ، مهدىّ الرشاد ، مجانب الفساد ، الأشعث الحاتم ، البطل الجماجم ، والليث المزاحم ، بدرى ، مكّى ، حنفى ، روحانى ، شعشعانى . من الجبال شواهقها ، ومن الهضاب رؤوسها ، ومن العرب سيّدها ، ومن الوغاء ليثها .

البطل الهمام ، والليث المقدام ، والبدر التمام ، محكّ المؤمنين ، ووارث المشعرين ، وأبو السبطين الحسن والحسين ، واللهِ أمير المؤمنين حقّاً حقّاً علىّ ابن أبى طالب عليه من الله الصلوات الزكيّة والبركات السنيّة(٧) .

راجع : القسم السادس عشر / قنبر .


(١) فى المصدر : "حىّ" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى الاختصاص .
(٢) أى لا ينام الليل ; فهو متيقّظ أبداً (النهاية : ٢ / ٤٠٧) .
(٣) فى المصدر : "همام الصابر" ، والصحيح ما أثبتناه كما فى الاختصاص .
(٤) الشَّكِيمة : قوّة القلب ، وشديد الشَّكيمة : إذا كان شديد النفس أنِفاً أبيّاً (لسان العرب : ١٢ / ٣٢٤) .
(٥) أى مستجمع الشباب ، مستكمل القوّة (لسان العرب : ١١ / ٥٣) .
(٦) مِن ركُن : إذا كان ساكناً وقوراً (لسان العرب : ١٣ / ١٨٦) .
(٧) رجال الكشّى : ١ / ٢٨٨ / ١٢٩ ، الاختصاص : ٧٣ وفيه إلي "البطل الجماجم" .


إرجاعات 
٢٥١ - المجلد الثاني عشر / القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله / قَنْبَرٌ مَولى أميرِ المُؤمنين

 ٣٧٣ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / مالِكٌ الأشتَر

٧ / ١٦

مالِكٌ الأشتَر

٣٩٠٥ ـ تاريخ اليعقوبى ـ فى ذكر بيعة الناس لأمير المؤمنين  ¼ ـ : . . . ثمّ قام مالك بن الحارث الأشتر فقال : أيّها الناس ! هذا وصىّ الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء ، العظيم البلاء ، الحسن الغناء ، الذى شهد له كتاب الله بالإيمان ورسوله بجنّة الرضوان ، من كملت فيه الفضائل ، ولم يشكّ فى سابقته وعلمه وفضله الأواخر ولا الأوائل(١) .

٣٩٠٦ ـ وقعة صفّين عن أدهم : إنّ الأشتر قام يخطب الناس بقُناصرين(٢) ، وهو يومئذ علي فرس أدهم مثل حلك الغراب ، فقال : . . . معنا ابن عمّ نبيّنا ، وسيف من سيوف الله علىّ بن أبى طالب ، صلّي مع رسول الله  ½ لم يسبقه بالصلاة ذكر حتي كان شيخاً ، لم يكن له صبوة ولا نبوة ولا هفوة ، فقيه فى دين الله ، عالم بحدود الله ، ذو رأى أصيل ، وصبر جميل ، وعفاف قديم(٣) .

٣٩٠٧ ـ شرح نهج البلاغة ـ فى ذكر ما قاله الأشتر بعد خطبة الإمام علىّ  ¼ بذى قار عند سيره للبصرة ، ودعائه علي طلحة والزبير ـ : الحمد لله الذى منّ علينا فأفضل ، وأحسن إلينا فأجمل ، قد سمعنا كلامك يا أمير المؤمنين ، ولقد أصبت ووفّقت ، وأنت ابن عمّ نبيّنا وصهره ووصيّه ، وأوّل مصدِّق به ، ومصلّ معه ، شهدتَ مشاهده كلّها ، فكان لك الفضل فيها علي جميع الاُمّة ، فمن اتّبعك أصاب


(١) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ١٧٩ .
(٢) موضع بالشام (تاج العروس : ٧ / ٤٢١) .
(٣) وقعة صفّين : ٢٣٨ ; شرح نهج البلاغة : ٥ / ١٩٠ وزاد فيه "و لا سقطة" بعد "و لا هفوة" .

 ٣٧٤ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / نُعَيمُ بن دُجَاجَة

حظّه ، واستبشر بفَلَجه(١) ، ومن عصاك ورغب عنك ، فإلي اُمّه الهاوية !

لعمرى يا أمير المؤمنين ! ما أمرُ طلحة والزبير وعائشة علينا بمُخيل ، ولقد دخل الرجلان فيما دخلا فيه ، وفارقا علي غير حدث أحدثت ، ولا جور صنعت ، فإن زعما أنّهما يطلبان بدم عثمان فليُقِيدا من أنفسهما ; فإنّهما أوّل من ألّب عليه وأغري الناس بدمه ، واُشهد الله لئن لم يدخلا فيما خرجا منه لَنُلحقنّهما بعثمان ; فإنّ سيوفنا فى عواتقنا ، وقلوبنا فى صدورنا ، ونحن اليوم كما كنّا أمس(٢) .

٧ / ١٧

نُعَيمُ بن دُجَاجَة

٣٩٠٨ ـ الإمام الصادق  ¼ : بعث أمير المؤمنين  ¼ إلي بشر بن عطارد التميمى فى كلام بلغه ، فمرّ به رسول أمير المؤمنين  ¼ فى بنى أسد وأخذه ، فقام إليه نعيم بن دجاجة الأسدى فأفلته ، فبعث إليه أمير المؤمنين  ¼ فأتوه به وأمر به أن يضرب ، فقال له نعيم : أما والله إنّ المقام معك لذلّ ، وإنّ فراقك لكفر ! قال : فلمّا سمع ذلك منه قال له : يا نعيم ، قد عفونا عنك ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول : ³ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ  ²  (٣) أمّا قولك : إنّ المقام معك لذلّ فسيّئة اكتسبتها ، وأمّا قولك : إنّ فراقك لكفر فحسنة اكتسبتها ، فهذه بهذه ، ثمّ أمر أن يخلّي عنه(٤) .


(١) الفَلج : الظَّفَر والفوز (تاج العروس : ٣ / ٤٥٧) .
(٢) شرح نهج البلاغة : ١ / ٣١٠ .
(٣) المؤمنون : ٩٦ .
(٤) الكافى : ٧ / ٢٦٨ / ٤٠ عن ابن محبوب عن بعض أصحابه ، رجال الكشّى : ١ / ٣٠٣ / ١٤٤ عن الحسن بن محبوب عن رجل ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ١١٣ نحوه من دون إسناد إلي المعصوم وراجع الأمالى للصدوق : ٤٤٦ / ٥٩٦ والغارات : ١ / ١١٩ .

 ٣٧٥ - المجلد الثامن / القسم التاسع : الآراء حول شخصيّة الإمام علىّ / الفصل السابع : علىّ عن لسان أصحابه / يَزِيدُ بن قَيس

٧ / ١٨

يَزِيدُ بن قَيس

٣٩٠٩ ـ تاريخ الطبرى عن المُحِلّ بن خليفة الطائى : لمّا توادع علىّ ومعاوية يوم صفّين اختلف فيما بينهما الرسل رجاء الصلح ، فبعث علىٌّ عدىَّ بن حاتم ويزيد بن قيس الأرحبىّ وشبث بن ربعىّ وزياد بن خصفة إلي معاوية ، فلمّا دخلوا . . . تكلّم يزيد بن قيس ، فقال :

إنّا لم نأتك إلاّ لنبلّغك ما بُعثنا به إليك ، ولنؤدّى عنك ما سمعنا منك ، ونحن علي ذلك لم نَدَع أن ننصح لك ، وأن نذكر ما ظننّا أنّ لنا عليك به حجّة ، وأنّك راجع به إلي الاُلفة والجماعة .

إنّ صاحبنا مَن قد عرفت وعرف المسلمون فضله ، ولا أظنّه يخفي عليك ، إنّ أهل الدين والفضل لن يعدلوا بعلىّ ، ولن يميّلوا بينك وبينه ، فاتّق الله يا معاوية! ولا تخالف عليّاً ; فإنّا والله ما رأينا رجلا قطّ أعمل بالتقوي ، ولا أزهد فى الدنيا ، ولا أجمع لخصال الخير كلّها منه(١) .


(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٥ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٦٧ ; وقعة صفّين : ١٩٨ .