ب ـ أن يقوم الأوصياء بعد رحيل النبيّ (صلى الله عليه
وآله وسلم) بنشر الشريعة وإبلاغها للناس :
وقد قاموا بذلك كالآتي بيانه :
في الكافي وبصائر الدرجات واللفظ للأوّل ، عن أبي بصير ، قال : دخلت
على أبي عبدالله فقلت له : جعلت فداك ، إنِّي أسألك عن مسألة هاهنا
أحد يسمع كلامي ؟ قال : فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) ستراً بينه
وبين بيت آخر فاطّلع فيه ثمّ قال : يا أبا محمّد ! سل عمّا بدا لك .
قال : قلت : جعلت فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول الله علّم عليّاً
(عليه السلام) باباً يفتح منه ألف باب ـ إلى قوله ـ : قال : يا أبا
محمّد ! إنّ عندنا الجامعة ، وما يدريهم ما الجامعة ، قال : قلت جعلت
فداك وما الجامعة ؟ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله
وأملاه من فلق فيه وخطّ عليّ بيمينه فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء
يحتاج إليه الناس حتّى الأرش في الخدش وضرب بيده إليَّ ، فقال : تأذن
لي يا أبا محمّد ! قال : قلت : جعلت فداك إنّما أنا لك فاصنع ما
شئت ، قال : فغمزني بيده وقال : حتّى أرش هذه ـ كأ نّه مغضب ـ قال :
قلت : هذا والله العلم ... الحديث([1]) .
وعن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله يقول : إنّ عندنا لصحيفة
يقال لها الجامعة ما من حلال وما من حرام إلاّ وهو فيها حتّى أرش
الخدش([2]) .
وفي رواية : إنّ عندنا لصحيفة سبعين ذراعاً إملاء رسول الله وخطّ
عليّ بيده ما من حلال ولا حرام إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([3]) .
وعن عليّ بن رئاب عن أبي عبد الله انّه سئل عن الجامعة ، فقال : تلك
صحيفة سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كلّ ما
يحتاج الناس إليه وليس قضيّة إلاّ وهو فيها حتّى أرش الخدش([4]) .
وفي بصائر الدرجات أيضاً عن أبي بصير عن أبي عبد الله ـ الإمام
الصادق ـ قال : سمعته يقول وذكر ابن شبرمة في فتياه فقال : أين هو من
الجامعة ؟ إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خط عليّ بيده
فيها جميع الحلال والحرام حتّى أرش الخدش فيها([5]) .
وفي الكافي وبصائر الدرجات ، عن أبي شيبة قال : سمعت أبا عبدالله
(عليه السلام) يقول : ضلّ علم ابن شبرمة عند الجامعة ، إملاء رسول
الله وخطّ عليّ (عليه السلام) بيده ، إنّ الجامعة لم تدع لأحد
كلاماً ، فيها علم الحلال والحرام ، إنّ أصحاب القياس طلبوا العلم
بالقياس فلم يزدادوا إلاّ بعداً ، إنّ دين الله لا يصاب بالقياس ! ([6])
هكذا كان أئمة أهل البيت يتبرّأون من القول بالرأي ، ويستندون في
أقوالهم إلى ما رووه عن رسول الله عن جبريل عن الباري عزّ اسمه .
وابن شبرمة هو عبدالله بن شبرمة الضبيّ الشاعر الكوفي . كان قاضياً
لأبي جعفر المنصور على سواد الكوفة (ت 144هـ )([7]) .
1
أصول الكافي 1 / 239 ، ح 1 ، وبصائر الدرجات ، ص 151 ـ 152 ،
والوافي 2 / 135 ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
2
بصائر الدرجات ، ص 142 ـ 143 .
3 بصائر
الدرجات ، ص 143 .
4
بصائر الدرجات ، ص 142 وفي 149 إلى : في عرض الأديم ، وفي طبعة
بيروت ، مؤسسة النعمان سنة 1412 هـ ، ص 154 .
5
بصائر الدرجات ، ص 145 و 146 و 148 .
6
أصول الكافي 1/ 57، ح14، وبصائر الدرجات، ص146 و 149 ـ 150،
والوافي 1 / 58 . أبو شيبة الأسدي روى عن الإمام الصادق (عليه
السلام) . قاموس الرجال 10 / 99.
7
الكنى والألقاب 1 / 313 .