[ 363 ]

فيما نذكره عن المظفر بن جعفر بن الحسن المذكور من كتابه الذي أشرنا إليه بالخزانة العتيقة بالنظامية، من حديث الخمس رايات، وتسمية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله لمولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين صلوات الله عليهم أجمعين. فقال ما هذا لفظه:

وعنه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثني أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد بن نوح بن دراج من أصل كتابه قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن أيوب بن دراج عن نوح بن أبي النعمان الأزدي عن صخر بن الحكم الفزاري عن حنان (1) بن الحرب الأزدي عن ربيع بن حميد الضبي عن مالك بن ضمرة الرواسي عن أبي ذر الغفاري، قال:

لما سير أبو ذر اجتمع هو وعلي بن أبي طالب عليه السلام وسلمان الفارسي وعبد الله بن مسعود والمقداد بن الأسود وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر. فقال أبو ذر: حدثوا (2) بحديث نذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فنشهد له وندعو له ونصدقه.

قالوا: حدثنا يا علي. قال: لقد علمتم ما هذا زمان حديثي. قالوا: صدقت. قالوا: حدثنا يا حذيفة. قال: لقد علمتم إنى سئلت عن المعضلات فحدثتهن. قالوا: يابن مسعود، حدثنا.

قال: لقد علمتم إني


 (1) ق: حسان.

(2) في النسخ: وحدثوا.

 


[ 364 ]

قرأت القرآن لم اسئل عن غيره.

قالوا: حدثنا يا عمار.

قال: لقد علمتم إنى نسئ إلا إن أذكر قال: فقال أبو ذر: أنا أحدثكم بحديث سمعتموه، أو من سمعه منكم تشهدون إنه حق.

ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله وإن الساعة آتية لا ريب فيها وإن الله يبعث من في القبور وأن البعث حق والنار حق ؟ قالوا: نشهد على ذلك.

قال: وأنا معكم من الشاهدين.

قال: الستم تشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثنا إن شرار الأولين والآخرين إثنا عشر، ستة من الأولين وستة من الآخرين ؟ ثم سمى الأولين: ابن آدم الذي قتل أخاه وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال - اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين -، وسمى الآخرين ستة: العجل وفرعون وهامان وقارون والسامري والأبتر ؟ قالوا: نشهد على ذلك.

قال: وأنا على ذلك من الشاهدين.

قال: ألستم تشهدون إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من أمتي من يرد علي الحوض على خمس رايات وهي: راية العجل، فأقوم فآخذ بيده، فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشائه وفعل ذلك بمن تبعه.

فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين من بعدى ؟ فيقولون: كذبنا الأكبر ومزقناه واضطهدنا الأصغر وابتززناه.

فأقول: أسلكوا ذات الشمال.

فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم، لا يطعمون منه قطرة.

ثم ترد علي راية فرعون أمتي وهم أكثر الناس ومنهم البهارجيون (3).

قيل: يا رسول الله، أبهرجوا الطريق ؟ قال: لا ولكنهم بهرجوا دينهم، وهم


 (3) ق: البهارجون، وفي الخصال: المبهرجون. وفي المنجد: بهرج بهم الدليل: عدل بهم عن الجادة إلى غيرها.

 


[ 365 ]

الذين يصنعون للدنيا (4) ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون.

أفأقوم فآخذ بيد صاحبهم وذكر مثل الأول فيقولون: كذبنا الأكبر ومزقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه.

فأقول: اسلكوا طريق أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يسقون (5) منه قطرة.

ثم ترد علي راية فلان - وسماه - وهو إمام خمسين ألفا من أمتي، فآخذ بيده وذكر مثل الأول فيقولن: كذبنا الأكبر وخذلنا الأصغر وعدلنا عنه (6)، فيكون سبيلهم سبيل من تقدمهم.

ثم ترد علي راية فلان - وسماه - برايته وهو إمام سبعين ألفا من أمتي فأقوم فآخذ بيده وذكر مثل ذلك، فيقولون: كذبنا الأكبر وعصيناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه.

فيكون سبيلهم سبيل من تقدمهم.

ثم ترد علي راية أمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين، فأقوم فآخذ بيده فيبيض وجهه ووجوه أصحابه.

فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقتلنا معه.

فأقول: رووا، فيشربون شربة لا يظمئون بعدها (7) ولا ينصبون ولا يفزعون.

وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر أو كاضوء نجم في السماء، فقال أبو ذر: وهو أنت يا علي.

قال [ ابن ] (8) أبو النعمان: قال لي صخر: إشهد بهذا علي عند الله، إني حدثتك به عن حنان.

قال حنان لصخر: إشهد بهذا علي عند الله إني حدثتك به عن ربيع بن حميد.

قال: وقال ربيع الحنان: إشهد بهذا علي عند الله إني حدثتك بهذا عن مالك بن ضمرة، وقال مالك بن ضمرة لربيع: أشهد


 (4) في الخصال: يغضبون للدنيا.

(5) ق خ ل: لا يطعمون.

(6) في المطبوع: حدثنا عنه وفي م: خذلنا عنه.

(7) م: بعدها أبدا.

(8) الزيادة منا بقرينة السند.

 


[ 366 ]

بهذا علي عند الله إنى حدثتك بهذا عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذر: وإشهد بهذا علي عند الله إني حدثتك بهذا ليس بينى وبين أبي ذر وبين الله أحد (9).


 (9) أورده في البحار: ج 37 ص 344 ب 55 ذيل ح 1.

 


[ 367 ]

فيما نذكره عن المظفر بن جعفر بن الحسن من كتابه بخطه في النظامية العتيقة ببغداد، وتسمية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام بأمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين. نذكره بلفظه:

وعنه قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي أبو جعفر قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن راشد الراشدي قال: حدثنا يحيى بن سالم الفراء عن صباح المزني عن الحارث بن حصيرة عن القاسم بن جندب عن أنس بن مالك قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يدخل الآن ! قيل: يا رسول الله، من يدخل الآن ؟ قال: أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين. قال: قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار.

فدخل علي عليه السلام، فقام النبي صلى الله عليه وآله مستبشرا فجعل يمسح عرق وجهه بوجه علي عليه السلام. فقال: يا رسول الله، إنك تصنع بي شيئا ما صنعته بي ؟ ! قال: ولم لا أصنع وأنت تؤدي عني وتنجز عداتي وتقضي ديني وتبين لهم الذي اختلفوا فيه بعدى (1).


 (1) أورده في البحار: ج 37 ص 324 ب 54 ح 57، ورواه في الخصال: ج 2 ص 65.

 


[ 368 ]

فيما نذكره عن المظفر بن جعفر بن الحسن من كتابه بخطه بالنظامية العتيقة ببغداد بتسمية النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي وبابي الذي أوتى منه. ومن رجال الحديث محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الذي روى الخطيب في تاريخه (إنه ما كان تحت أديم السماء مثله) (1)، فقال ما هذا لفظه:

فمنها ما حدثنا الشيخ أبو المفضل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني رحمه الله، قال: وجدت في كتابي عن محمد بن جرير الطبري قال: (وجدت في كتابي عن محمد بن حمدى الرازي قال: حدثنا داهر بن يحيى الأحمري المقري [ عن الأعمش ] (2) عن عباية الأسدي قال: بينا ابن عباس (3) بمكة يحدث الناس على شفير زمزم، فلما قضى حديثه نهض إليه رجل من الملأ فقال: يا بن عباس، إني رجل من أهل الشام.

فقال: أعوان كل ظالم إلا من عصمه الله منكم، فسل عما بدالك.

قال: يابن عباس، إنما جئتك لأسئلك عن علي وقتاله أهل لا إله إلا الله لم يكفروا بصلاة ولا حج ولا صيام شهر رمضان.

فقال ابن عباس: ثكلتك أمك، سل عما يعنيك.

فقال: يابن عباس، ما جئت أضرب عليك (4) من (حمص) (5) لحج ولا لعمرة، ولكن جئت اسئلك لتشرح لي أمر علي وقتاله.


 (1) تاريخ بغداد: ج 2 ص 162، الرقم 589.

(2) الزيادة من البحار.

(3) كذا في النسخ والظاهر: كان ابن عباس.

(4) ق خ ل: أضرب الأرض.

(5) بلدة معروفة بالشام على شمالى دمشق.

 


[ 369 ]

قال: ويحك، إن علم العالم صعب لا تحتمله ولا تقبله القلوب، إن مثل على عليه السلام في هذه الأمة كمثل موسى والعالم، وذلك إن الله تعالى يقول لموسى في كتابه: * (إنى اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ) * (6)، فكان موسى عليه السلام يرى إن جميع الأشياء قد أثبتت (7) له كما ترون إن علمائكم قد أثبتوا لكم جميع الأشياء ولما يثبتوه.

فلما انتهى موسى إلى ساحل البحر لقى العالم فاستنطقه فأقر له بفضل علمه ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليا في فعله.

فقال له موسى - ورغب إليه: * (هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا) * ؟ (8) فعلم العالم إن موسى لا يطيق صحبته ولا يصبر على علمه.

فقال [ له ] (9) العالم: * (إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) *.

قال موسى - وهو يعتذر -: * (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا) *.

فعلم أن موسى لم يصبر على علمه، فقال له: * (إن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا) *.

فركبا في السفينة فخرقها العالم، وكان خرقها لله رضى ولموسى سخطا، كذلك علي بن أبي طالب عليه السلام لم يقتل إلا من كان قتله لله رضي ولأهل الجهالة من الناس سخطا.

إجلس فأخبرك بالذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وعاينته منه.

أخبرك: إن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج زينب بنت جحش فأولم فكانت وليمته الحيس وكان يدعو عشرة عشرة من المؤمنين.

فكانوا إذا أصابوا


 (6) سورة الأعراف: الآية 143 و 144.

(7) في البحار وم: أبينت.

(8) سورة الكهف: الآيات 70 - 66.

(9) الزيادة من ق خ ل.

 


[ 370 ]

طعام رسول الله صلى الله عليه وآله يشتهي أن يخففوا عنه فيخلوا له المنزل، لأنه كان حديث عهد بعرس، وكان محبا لزينب وكان يكره أذى المؤمنين.

فأنزل الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه وإذا دعيتم فأدخلوا فإذا طعمتم فانتشروا) * (10) إلى آخر الآية.

فلما نزلت هذه الآية كانوا إذا أصابوا طعاما لم يلبثوا أن يخرجوا.

قال: فمكث رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة أيام ولياليهن، ثم تحول إلى أم سلمة ابنة (11) أبي أمية وكانت ليلتها من رسول الله وصحبته يوما (12).

فلما تعالى النهار انتهى علي عليه السلام إلى الباب فدق دقا خفيفا عرف رسول الله دقه وأنكرت أم سلمة.

قال: يا أم سلمة، قومي فافتحي الباب.

قالت: يا رسول الله، من هذا الذي قد بلغ من خطره أن أفتح له الباب، وقد نزل فينا بالأمس ما نزل حيث يقول الله تعالى: * (فإذا سألتموهن متاعا فاسئلوهن من وراء حجاب) * (13).

من الذى بلغ من خطره أن ينظر إلى محاسني ومعاصمي ؟ فقال لها نبي الله صلى الله عليه وآله كهيئة المغضب: يا أم سلمة، من يطع الرسول فقد أطاع الله، قومي فافتحي له الباب، فإن بالباب رجلا ليس بالخرق ولا بالنزق ولا بالعجل في أمره، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.

يا أم سلمة، إنه آخذ بعضادتى الباب فليس بفاتحه حتى تتوارى عنه، ولا داخل الدار حتى تغيب الوطئ عنه إنشاء الله.

فقامت (14) أم سلمة وهي لا تدري من بالباب غير إنها قد حفظت


 (10) سورة الأحزاب: الآية 53.

(11) م: بنت.

(12) في المطبوع: صبيحة يومها.

(13) سورة الأحزاب: الآية 54.

(14) ق وم والمطبوع: فقالت، صححناه من البحار.

 


[ 371 ]

المدح، فمشت نحو الباب وهي تقول: بخ بخ لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.

ففتحت وأمسك علي صلوات الله عليه بعضادتي الباب، فلم يزل قائما حتى غاب عنه الوطئ فدخلت أم سلمة في خدرها.

ففتح علي الباب فدخل وسلم على نبي الله صلى الله عليه وآله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أم سلمة، هل تعرفينه ؟ فقالت: نعم، فهنيئا له.

فقال صلى الله عليه وآله: هذا علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبى بعدي يا أم سلمة، هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي وبابي الذي أوتى منه والوصي على الأموات من أهل بيتي والخليفة على الأحياء من أمتي، أخي في الدنيا وقريني في الآخرة ومعي في السنام الأعلى.

إشهدي يا أم سلمة، إنه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

فقال الشامي: فرجت عني يا بن عباس، أشهد أن عليا مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة (15).


(15) أورده في البحار: ج 32 ص 349 ب 9 ح 332، كما رواه في علل الشرايع: ج 1 ص 64 ب 54 ح 3.

 


[ 372 ]

فيما نذكره عن المظفر بن جعفر بن الحسن من كتابه بخطه في النظامية العتيقة كما قدمناه، وهو حديث يوم الغدير على نحو ما قدمناه (1) عن أحمد بن محمد الطبري المعروف بالخليلي. نذكر منه الإسناد بلفظه لأجل اختلاف روايته، ونذكر مالابد منه من ذكر لفظه في التسمية لمولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين وإمامهم وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين. فنقول: قال:

وعن أبي الحسين محمد بن معمر الكوفي قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن المعافي (2) قال: حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده جعفر عليهم السلام قال: يوم غدير خم يوم شريف عظيم، أخذ الله الميثاق لأمير المؤمنين عليه السلام، أمر محمد صلى الله عليه وآله أن ينصبه للناس علما - وشرح الحال وقال ما هذا لفظه -: ثم هبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته ومن يقوم بأمرك من بعدك، وأكد ذلك في كتابه فقال: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (3).

فقال: أي رب، ومن ولي أمرهم بعدي ؟ فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين ولم يعبد وثنا ولا أقسم بزلم (4)، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمامهم وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، فهو الكلمة التي الزمتها المتقين والباب الذي أوتى منه،


 (1) انظر الباب 127 من هذا الكتاب.

(2) م: محمد بن المعافي، وفي البحار: حمدان بن المعافي.

(3) سورة النساء: الآية 59.

(4) انظر قوله تعالى: * (وان تستقسموا بالازلام) * سورة المائدة: الآية 3.

 


[ 373 ]

من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أي رب إني أخاف قريشا والناس على نفسي وعلي.

فأنزل الله تبارك وتعالى وعيدا وتهديدا: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك - في علي - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * (5).

ثم ذكر صورة ما جرى بغدير خم من ولاية علي عليه السلام (6).

 


 (5) سورة المائدة: الآية 67.

وفي النسخ لم يذكر (من ربك).

(6) أورده في البحار: ج 37 ص 324 ب 54 ح 58، وأورده في الغدير: ج 1 ص 283 عن فرات بن إبراهيم الكوفي.

 


[ 374 ]

فيما نذكره ونرويه من كتاب (الإستنصار في النص على الأئمة الأظهار) تأليف الفقيه الفاضل محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، وجدنا فيه حديثا واحدا رواه من طرق العامة في تسميته صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام بسيد المسلمين وأمير المؤمنين وأخو رسول رب العالمين وخليفته على الناس أجمعين. فنذكر عنه رضي الله عنه بلفظه. فقال:

باب من روايات العامة في النص على الأئمة صلوات الله عليهم وسلامه، فمن ذلك ما سمعناه عن الشيخ الفقيه أبى الحسن محمد بن أحمد بن علي بن شاذان القمي رضي الله عنه من كتابه المعروف بإيضاح دفائن النواصب (1)، بمكة في المسجد الحرام سنة إثنتي عشرة وأربعمائة، حدثني الشيخ أبو الحسن قال حدثنا محمد بن الحسين بن أحمد (2) قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا محمد بن سنان قال: حدثني زياد بن المنذر قال: حدثني سعد (3) بن طريف (4) عن الاصبغ عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: معاشر الناس، اعلموا أن لله تعالى بابا من دخله أمن من النار ومن الفزغ الأكبر.


 (1) وهو كتابه المعروف بمائة منقبة أو المائة حديث في فضائل أمير المؤمنين (ع)، هذا حديث 41 منه. انظر الباب 81 من هذا الكتاب.

(2) في المصدر: محمد بن الحسين بن أحمد قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم... الخ.

(3) في البحار: سعد، والظاهر ان (سعد) سهو لعدم روايته عن اصبغ بن نباته.

(4) في المصدر: ظريف.

 


[ 375 ]

فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال: يا رسول الله، إهدنا إلى هذا الباب حتى نعرفه.

فقال: هو علي بن أبي طالب سيد الوصيين وأمير المؤمنين وأخو رسول رب العالمين وخليفته على الناس أجمعين.

معاشر الناس، من أحب أن يستمسك بالعروة الوثقى التي لا إنفصام لها فليستمسك بولاية علي بن أبي طالب (5)، فإن ولايته ولايتي وطاعته طاعتي.

معاشر الناس، من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب (6) والأئمة من ذريتي، فإنهم خزان علمي.

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله، وما عدة الأئمة ؟ فقال: يا جابر، سئلتني رحمك الله عن الإسلام بأجمعه، عدتهم عدة الشهور وهي * (عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض) * (7)، وعدتهم عدة العيون التي تفجرت (8) لموسى بن عمران عليه السلام حين ضرب بعصاه الحجر * (فانفجرت منه إثنتا عشرة عينا) * (9)، وعدتهم عدة نقباء بني إسرائيل، قال الله تعالى: * (ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم إثني عشر نقيبا) * (10)، فالأئمة يا جابر إثني عشر، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم (11).


 (5) في المصدر: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

(6) في البحار كما في المصدر: من سره أن يتولي ولاية الله فليقتد بعلي بن أبي طالب والأئمة من ذريتي.

(7) سورة التوبة: الآية 36.

(8) في البحار: انفجرت.

(9) سورة البقرة: الآية 60.

(10) سورة المائدة: الآية 12.

(11) الاستنصار للكراجكي: ص 20، وأورده في البحار: ج 36 ص 264 ب 41 ذيل ح 84.

 


[ 376 ]

فيما نذكره من حديث البساط وأهل الكهف روينا من عدة طرق ورأينا من عدة طرقهم وتصانيفهم في مواضع من جماعة ويزيد بعض الرواة (1) على بعض ونحن نذكر الآن ما رأيناه في نسخة فيها ذكر اسماء علي صلوات الله عليه. أول خطبة النسخة (الحمد لله المستحق الحمد بآلائه المستوجب للشكر على نعمائه)، وفيه تسمية مولانا علي بإمرة المؤمنين. وهذا لفظها (2):

حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا الحسن بن دينار عن عبد الله بن موسى عن أبيه عن جده جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عليهم السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري رحمة الله عليه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله يوما ونحن في مسجده، فقال: من هيهنا ؟ فقلت: أنا يا رسول الله وسلمان الفارسي.

فقال: يا سلمان، اذهب فادع لي مولاك علي بن أبي طالب، قال جابر: فذهب سلمان ينبدر (3) حتى أخر عليا عليه السلام من منزله.

فلما دنى من رسول الله صلى الله عليه وآله قام فخلا به وأطال مناجاته، ورسول الله صلى الله عليه وآله يقطر عرقا كهيئة اللؤلؤ ويتهلل حسنا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله من مناجاته وجلس.

فقال له: أسمعت يا علي ووعيت ؟ قال: نعم يا رسول الله.


 (1) ق خ ل: الروايات.

(2) ق: الفاظها.

(3) ق: يعدو به. م والبحار: يبتدر به.

 


[ 377 ]

قال جابر: ثم التفت إلي وقال: يا جابر، أدع لي أبا بكر وعمر وعبد الرحمان بن عوف الزهري.

قال جابر: فذهبت مسرعا فدعوتهم.

فلما حضروا قال: يا سلمان إذهب إلى منزل أمك أم سلمة فاتني ببساط الشعر الخيبري.

قال جابر: فذهب سلمان فلم يلبث إن جاء بالبساط.

فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان فبسطه، ثم قال لأبي بكر وعمر وعبد الرحمان: إجلسوا على البساط.

فجلسوا كما أمرهم.

ثم خلا رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان، فلما جائه أسر إليه شيئا ثم قال له: إجلس في الزاوية الرابعة: فجلس سلمان ثم أمر عليا عليه السلام أن يجلس في وسطه.

ثم قال له: قل ما أمرتك، فوالذي بعثني بالحق نبيا لو شئت قلت على الجبل لسار.

فحرك علي عليه السلام شفتيه.

قال جابر: فاختلج البساط فمر بهم.

قال جابر: فسألت سلمان فقلت: أين مر بكم البساط ؟ قال: والله ما شعرنا بشئ حتى انقض بنا البساط في ذروة جبل شاهق، وصرنا إلى باب كهف.

قال سلمان: فقمت وقلت لأبي بكر: يا أبا بكر، أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن نصرخ في هذا الكهف بالفتية الذين ذكرهم الله في محكم كتابه.

فقام أبو بكر فصرخ بهم بأعلى صوته فلم يجبه أحد.

ثم قلت لعمر أن تصرخ بهم (4) فقام فصرخ بأعلى صوته فلم يجبه أحد.

ثم قلت لعبد الرحمان: قم فاصرخ بهم (5) كما صرخ أبو بكر وعمر، فقام وصرخ فلم يجبه أحد، ثم قمت أنا وصرخت بهم بأعلى صوتي فلم يجبني أحد.

 


 (4) ق: قم أنت يا عمر، فقام وصرخ بهم.

وفي البحار: قم فاصرخ في هذا الكهف كما صرخ أبو بكر فصرخ عمر فلم يجبه أحد.

(5) م والبحار: به، ق خ ل: فيهم.

 


[ 378 ]

ثم قلت لعلي بن أبي طالب عليه السلام: قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا الكهف فإنه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن آمرك كما أمرتهم.

فقام علي عليه السلام فصاح بهم بصوت خفى، فانفتح باب الكهف ونظرنا إلى داخله يتوقد نورا ويأتلق (6) إشراقا، وسمعنا صيحة (7) ووجبة شديدة.

فملئنا رعبا وولى القوم هاربين ! فناداهم: مهلا يا قوم، ارجعوا، فرجعوا وقالوا: ما هذا يا سلمان ؟ قلت: هذا الكهف الذي وصفه الله جل وعز في كتابه، والذين (8) نراهم هم الفتية الذين ذكرهم الله عز وجل، وهم الفتية المؤمنون - وعلي عليه السلام واقف يكلمهم - فعادوا إلى موضعهم.

قال سلمان: وأعاد علي عليه السلام فسلم عليهم، فقالوا كلهم: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته وعلى محمد رسول الله خاتم النبوة منا السلام.

أبلغه منا السلام وقل له: (قد شهدوا لك بالنبوة التي امرنا قبل وقت مبعثك بأعوام كثيرة، ولك يا علي بالوصية).

فأعاد علي عليه السلام سلامه عليهم.

فقالوا كلهم: وعليك وعلى محمد منا السلام، نشهد بأنك مولانا ومولى كل من آمن بمحمد.

قال سلمان: فلما سمع القوم أخذوا بالبكاء وفزعوا، واعتذروا إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقاموا كلهم إليه يقبلون رأسه ويقولون: قد علمنا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله ومدوا أيديهم وبايعوه بإمرة المؤمنين وشهدوا له بالولاية بعد محمد صلى الله عليه وآله.

ثم جلس كل واحد مكانه من البساط وجلس علي عليه السلام في وسطه.

ثم حرك شفتيه فاختلج البساط فلم ندر كيف مر بنا في البر أم في البحر، حتى انقض بنا على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله.


 (6) ق خ ل: يتألق أي يلمع.

(7) في البحار: ضجة.

(8) في النسخ: الذي.

 


[ 379 ]

قال: فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: كيف رأيتم يا أبا بكر ؟ قالوا: نشهد يا رسول الله، كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما آمنوا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اله أكبر، لا تقولوا: * (سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) * (9) ولا تقولوا: * (يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) * (10).

والله لئن فعلتم لتهتدون * (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) * (11)، وإن لم تفعلوا تختلفوا، ومن وفى وفى الله له ومن يكتم ما سمعه فعلى عقبيه ينقلب ولن يضر الله شيئا.

أفبعد الحجة والمعرفة والبينة خلف.

والذي بعثني بالحق نبيا لقد أمرت أن آمركم ببيعته وطاعته، فبايعوه وأطيعوه بعدي، ثم تلا هذه الآية: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) * (12) يعني علي بن أبي طالب.

قالوا: يا رسول الله، قد بايعناه وشهد علينا أهل الكهف.

فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن صدقتم فقد اسقيتم ماء غدقا وأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم * (أو يلبسكم شيعا) * (13) وتسلكون طرق (14) بني إسرائيل.

فمن تمسك بولاية علي عليه السلام لقيني يوم القيامة وأنا عنه راض.

قال سلمان: والقوم ينظر بعضهم إلى بعض، فأنزل الله هذه الآية في ذلك اليوم: * (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب) * (15)، قال سلمان: فاصفرت وجوههم ينظر كل واحد إلى صاحبه،


 (9) سورة الحجر: الآية 15.

(10) سورة الأعراف: الآية 172.

(11) سورة النور: الآية 54.

(12) سورة النساء: الآية 59.

(13) سورة الانعام: الآية 65.

(14) م وق خ ل: طريق.

(15) سورة التوبة: الآية 78.

 


[ 380 ]

فأنزل الله هذه الآية: * (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق) * (16).

فكان ذهابهم إلى الكهف ومجيئهم من زوال الشمس إلى وقت العصر (17).


 (16) سورة المؤمن: الآيات 20 - 19.

(17) أورده في البحار: ج 39 ص 138 ب 8 ح 5، وفي ارشاد القلوب: ج 2 ص 78، كما رواه في البحار عن السيد المرتضى في عيون المعجزات وعن الراوندي في الخرائج، وأورده المصنف في كتابه سعد السعود: ص 116 - 112. كما أورد في الأربعين لمحمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس، المخطوطة: الحديث 3 بهذا السند: عن الشيخ محمود بن محمد البغدادي، حدثنا بالرحبة عن جبة الشامي في منتصف شعبان سنة....في جامعها قال: أخبرنا عبد الله بن يوسف الشيرازي، قال إسحاق بن محمد بن إبراهيم الزرار: قال أبو تميم بن خالد: قال الحسن بن عرفة: قال المبارك بن سعيد أبو سفيان الثوري عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال: حضرت مجلس أنس بن مالك بالبصرة وهو يحدث الناس.. ثم ذكر من حديث أنس ما مر من قصة البساط.

 


[ 381 ]

فيما نذكره من رواية الخليفة الناصر من بني العباس وفضائل لمولانا علي صلوات الله عليه، وفيها تسميته بأمير المؤمنين في اللوح المحفوظ. روينا هذا الكتاب وكلما رواه الخليفة الناصر عن السيد فخار بن معد الموسوي فيما أجازه له فقال ما هذا لفظه:

القول فيمن جحد عليا عليه السلام إمرة المؤمنين. قال: أخبرنا أبو الحسين (1) عبد الحق بن أبي الفرج الأمين إجازة، أنبأنا محمد بن علي بن ميمون الخطيب، أنبأنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي عبد الرحمان الحسني العلوي، حدثنا محمد بن جعفر التميمي، أنبأنا أبو العباس بن سعيد، حدثنا المنذر القابوسي، حدثنا محمد بن علي [ عن عبيد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين بن علي ] (2) بن الحسين عن أبيه عن جده عليهم السلام، قال:

إن في اللوح المحفوظ تحت العرش: (علي بن أبي طالب أمير المؤمنين) (3).


 (1) ق خ ل: أبو الحسن.

(2) الزيادة من البحار.

(3) أورده في البحار: ج 37 ص 325 ب 54 ح 59.

 


[ 382 ]

فيما نرويه عن السيد النسابة فخار بن معد الموسوي عن الخليفة الناصر من كتابه الذي أشرنا إليه، في تسمية علي عليه السلام عند ابتداء الخلائق (1) أمير المؤمنين. فقال ما هذا لفظه:

أنبأنا أبو جعفر أحمد بن أحمد بن القصاص إجازة، أنبأنا ابن تيهان، أنبأنا ابن شاذان، أنبأنا أحمد بن زياد، حدثنا عيسى بن إسحاق الأنصاري، حدثنا أبو موسى المؤدب، حدثنا إبراهيم بن هراسة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: لو علم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته.

قلت: ومتى سمي ؟ قال: إن ربك عز وجل حين أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، واشهدهم على أنفسهم، قال: ألست بربكم ومحمد رسولي إليكم وعلي أمير المؤمنين (2).


 (1) ق خ ل: الخلق.

(2) أورده في البحار: ج 37 ص 306 ب 54 ذيل ح 35، كما رواه ابن شهر آشوب في المناقب: ج 1 ص 548.

 


[ 383 ]

فيما نذكره بإسنادنا إلى الخليفة الناصر من كتابه المشار إليه، في تسمية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام أمير المؤمنين وسيد المسلمين. فقال ما هذا لفظه:

قال: أخبرنا أبو لاحق بن علي بن منصور بن إبراهيم بن داود (1) المقري إجازة، أنبأنا أبو علي محمد بن أبى الغنائم الكاتب قراءة عليه، أنبأنا الحسن بن أبي زكريا البزاز، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستوريه النحوي، حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، حدثنا محمد بن نسيم الحضرمي، حدثنا الحسن بن الحسين العرني (2)، حدثنا يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأم سلمة: هذا علي [ بن أبي طالب ] (3) أمير المؤمنين ووعاء علمي، وبابي الذي أوتى منه، أخي في الدنيا والآخرة ومعي في السنام الأعلي، يقتل الناكثين والقاسطين والمارقين.


 (1) ق وم: دارة.

(2) م: الغربي وفي ق: العربي.

(3) الزيادة من م.

 


[ 384 ]

فيما نذكره من الكتاب المسمى (حجة التفصيل) وشرح حذيفة بن اليمان بتسمية مولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين في زمان صاحب الرسالة صلوات الله عليه وآله، بزيادة في التفصيل، تأليف ابن الأثير (1).

نذكر ذلك من نسخة عتيقة تاريخ كتابتها سنة تسع وستين وأربعمائة، وعلى ظهرها بخط السعيد الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنهما ما هذا لفظه: (نظرت في أصول هذا الكتاب فوجدته قد اشتمل على أشياء لم تسبق مصنفه أحسن الله توفيقه إليها من حسن اللفظ وغزارة المعنى ولطيف المناظرة والأدلة المستخرجة من كتاب الله عز وجل. وهذا يدل على فضل كبير وعقل غزير، والله تعالى ينفعه به ويجازيه أفضل ما يجازي مثله ممن سلك سبيله وتوخى طريقه وجرى في ميدانه. وكتب الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي حامدا لله ومصليا على رسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم في رجب من سنة إثنتين وسبعين وأربعمائة). وعلى المجلد أيضا خطوط ثلاثة من العمالء بالثناء على مصنفه. فقال ما هذا لفظه:

خبر حذيفة بن اليمان: محمد بن الحسين الواسطي قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد قال: حدثنا الحسن بن زيادا الأنماطي قال: حدثنا محمد بن عبيد الأنصاري عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي (2) قال: كان حذيفة واليا لعثمان على المدائن، فلما صار علي أمير المؤمنين كتب لحذيفة عهدا يخبره بما كان من أمره وبيعة الناس إياه.

فستوى حذيفة جالسا وكان عليلا فقال: قد والله وليكم أمير المؤمين حقا - قالها ثلاثا -.


 (1) ق وم: تأليف الأثير.

ق خ ل: الأثر.

(2) ق خ ل: الأسدي.

 


[ 385 ]

فقام إليه شاب من الفرس متقلدا سيفه، فقال: أيها الأمير، أتأذن لي في الكلام ؟ قال: نعم.

قال: اليوم صار أمير المؤمنين أو لم يزل [ أمير المؤمنين ؟ فقال حذيفة: بل لم يزل ] (3) والله أمير المؤمنين.

قال: وكيف لنا بما تقول ؟ قال: بيني وبينك [ كتاب الله عز وجل، وإن شئت حدثتك ذلك لعهد علي بيني وبينك ] (4).

فقال الشاب: حدثنا يا أبا عبد الرحمان.

فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأصحابه: إذا رأيتم دحية الكلبي عندي فلا يدخلن علي أحد.

وإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله يوما في حاجة، فرأيت شملة مرخاة على الباب.

قال: فرفعت الشملة فإذا أنا بدحية الكلبي فرجعت.

قال: فقال علي عليه السلام: ارجع يا حذيفة، فإني أرجو أن يكون هذا اليوم حجة على هذا الخلق.

قال: فرجعت مع علي عليه السلام فوقفت على الباب ودخل علي عليه السلام فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[ ورد دحية ] (5) فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يا أمير المؤمنين، من أنا ؟ قال: أظنك دحية الكلبي.

قال: أجل خذ رأس ابن عمك فأنت أحق به.

فما كان بأسرع من أن رفع النبي صلى الله عليه وآله رأسه فقال: يا علي، من حجر من أخذت رأسي ؟ - وغاب دحية - فقال: أظنه من حجر دحية الكلبي.

قال: أجل، فأي شئ قلت وأي شئ قال لك ؟ (6) قال: قلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فرد علي وقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين.

فقال النبي صلى الله عليه وآله: طوبى لك يا علي، سلمت عليك الملائكة بإمرة المؤمنين من عند رب العالمين.

قال: فخرج علي عليه السلام: فقال: يا حذيفة، أسمعت ؟ قلت: نعم.

قال:


 (3) و (4) و (5) الزيادات من البحار.

(6) م والبحار: قيل لك.

 


[ 386 ]

فكيف سمعت ؟ قلت: كالذي سمعت.

قال: فقال الفارسي: فأين كانت أسيافكم ذلك اليوم - يعني يوم بيعة أبى بكر - ؟ قال: ويحك، تلك قلوب ضرب عليها بالغفلة، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون.

 

فصل :

ورأيت هذا حديث حذيفة أبسط وأكثر من هذا في تسمية علي عليه السلام بأمير المؤمنين.

وهو بإسناد هذا لفظه: حدثني عمي السعيد الموفق أبو طالب حمزة بن محمد بن أحمد بن شهريار الخازن رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في شهر الله الأصم رجب من سنة أربع وخمسين وخمسمائة قال: حدثني خالي السعيد أبو علي الحسن بن محمد بن علي (7) عن والده السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المصنف رضي الله عنهما، عن الحسين بن عبيد الله (8) وأحمد بن عبدون وأبي طالب بن عزور وأبي الحسن الصقال، عن أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني (9) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا المحاربي قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الحضرمي قال: حدثنا علي بن إسباط عن إبراهيم بن أبي البلاد عن فرات (10) بن أحنف عن عبد الله بن هند الجملي عن عبيد الله بن سلمة.

ومقدار هذه الرواية أكثر من خمس وثلاثين قائمة بقالب اليمن (11)، يتضمن أيضا أمر النبي صلى الله عليه وآله من حضر من المسلمين بالتسليم على


 (7) ق خ ل: الحسن.

(8) في البحار: عبيد الله. في النسخ: عبد الله.

(9) في البحار: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.

(10) م و ق خ ل: قراط، والمطبوع: فراط.

(11) في البحار: الثمن.

 


[ 387 ]

علي بإمرة المؤمنين. وفيه: أن حذيفة بن اليمان اعتذر إلى الشاب في سكوتهم عن الإنكار المتقدم على مولانا علي عليه السلام بما هذا لفظه أيضا: فقال: أيها الفتى، إنه أخذ والله بأسماعنا وأبصارنا وكرهنا الموت وزينت عندنا الحياة، وسبق علم الله، ونحن نسأل الله الغتمد لذنوبنا والعصمة فيما بقى من آجالنا فإنه مالك ذلك (12).


 (12) أورده في البحار: ج 37 ص 325 ب 54 ح 60.

وروى في البحار: ج 22 ص 110 حدثنا عن أمالي الشيخ الطوسي: ص 310، قال حذيفة: (ألا ومن أراد - والذي لا إله غيره - أن ينظر إلى أمير المؤمنى حقا حقا فلينظر إلى علي بن أبي طالب...).

 


[ 388 ]

فيما نذكره من تسمية مولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين من رواية أبي عمر ومحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي عن طريق الجمهور، وفي الحديث بعض رجالهم الذين رووا عنهم وصدقهم. أنقله من خط جدي أبي جعفر الطوسي، قال:

حدثنا محمد بن مسعود قال: حدثني علي بن الحسن بن علي بن فضال قال: حدثني العباس بن عامر وجعفر بن محمد بن حكيم عن ابان بن عثمان الأحمر عن فضيل الرسان عن أبي داود قال: حضرته عند الموت وجابر الجعفي عند رأسه.

قال: فهم أن يحدث فلم يقدر.

قال: قال محمد بن جابر: إسئله.

قال: فقلت: يا أبا داود، حدثنا الحديث الذي أردت.

قال: حدثني عمران بن حصين الخزاعي.

إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر فلانا وفلانا أن يسلما على علي بأمرة المؤمنين.

فقالا: من الله ومن رسوله ؟ فقال: من الله ومن رسوله.

ثم أمر حذيفة وسلمان فسلما ثم أمر المقداد فسلم، وأمر بريدة أخي - وكان أخاه لأمه - فقال: إنكم سئلتموني من وليكم بعدي وقد أخبرتكم به وأخذت عليكم الميثاق، كما أخذ الله تعالى على بني آدم * (ألست بربكم قالوا بلى) * (1).

وإيم الله لئن نقضتموها لتكفرون (2).


 (1) سورة الأعراف: الآية 172.

(2) رجال الكشي: ج 1 ص ص 308 رقم 148، وأورده في البحار: ج 37 ص 337 ب 54 ذيل ح 76.

 


[ 389 ]

فيما نذكره أيضا من تسمية النبي صلى الله عليه وآله لمولانا على عليه السلام بأمير المؤمنين وخير الوصيين. وجدناه في كتاب (نهج النجاة (1) في فضائل أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من ذريته صلوات الله عليهم أجمعين)، تأليف الحسين بن محمد بن الحسن بن مصر (2) الحلواني، من نسخة تاريخ كتابتها جمادي الأولى سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، وظاهر حالها إنه كتب في زمان مصنفه ولعله بخطه. في الحديث المذكور بعض رجال الجمهور فلذلك نقلناه وجعلناه حجة عليهم فيما أوردناه، وهذا لفظ ما وجدناه:

وعنه - يعني ما قدمه وهو حدثنا أبو القاسم المفيد - [ قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد الثقفي ] (3) قال: حدثنا الحسن بن على بن راشد الواسطي قال: حدثنا سربيل (4) بن عبد الله عن أبي ربيعة الصيرفي قال: لقيت حمزة بن أنس بن مالك بواسطة القصب، وذلك في إمرة حجاج، فحدثني عن أنس بن مالك إنه حدثه في مرضه الذي قبض فيه، قال: كنت خادم النبي صلى الله عليه وآله فجلست بباب أم حبيب بنت أبي سفيان وفي الحجرة رجال من أهله وذلك في يوم أم حبيب بنت أبي سفيان.

فأقبل النبي صلى الله عليه وآله عليهم وقال: سيدخل عليكم الساعة من هذا الباب أمير المؤمنين وخير الوصيين، أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما. فلم


 (1) ق خ ل: تاريخ نهج النجاة.

(2) الظاهر: نصر، وفي البحار: الحسين بن محمد بن الحسن الحلواني.

(3) الزيادة من البحار.

(4) ق وم: سريل، وفي البحار: إسرائيل.

 


[ 390 ]

يلبث أن دخل علي بن أبي طالب عليه السلام، والنبي على ظهوره يتوضأ. فرد من ماء يده على وجه علي عليه السلام حتى امتلأت عيناه من الماء.

فاشفق علي عليه السلام فقال: يا رسول الله، هل حدث في شئ ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ما حدث فيك يا علي إلا خير، يا علي أنت مني وأنا منك، تغسل جدسي وتواري (5) لحدي وتبلغ الناس عني. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله، أو ليس قد بلغتهم ؟ قال: بلى، ولكن تبين لهم ما يختلفون فيه بعدي (6).


 (5) في البحار: تواريني .

(6) أورده في البحار: ج 37 ص 327 ب 54 ح 61، كما أورده المفيد في الارشاد: ص 20.

 


[ 391 ]

فيما نذكره من تسمية النبي صلى الله عليه وآله مولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين عن ديك في السماء ليلة الإسراء. رأيت ذلك في جزء، وفيه إثنا عشر حديثنا في فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، تخريج الشيخ الفاضل أبي علي الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمار بروايته عن آبائه رحمه الله سماعا، كاتب الجزء: علي بن أحمد بن أبي الحبيس البواريحي (1) منقول من خط مؤلفه، وهذا لفظ الحديث الثاني عشر منه:

قال الحسن بن علي: وأخبرني والدي الإمام أبو البركات يقرأ عليه، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم يقرأ (2) عليه والدي بإجازته لي، قالا: أخبرنا أبونا أبو البركات علي بن الحسن بن عمار قراءة عليه في سابع شوال سنة إحدى وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ العدل أبو نصر أحمد بن عبد الباقي بن طوق في يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الآخر من سنة أربع وأربعين وأربعمائة قال: حدثنا أو الفتح عبد الملك بن عيسى العسكري قال: أخبرنا أبو الحسن بن على بن عثمان بن سعدويه الرازي قال: أخبرنا أحمد بن بسر (3) قال: حدثنا عبد الله بن مسلم قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن موسى اللؤلؤي قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنه قال:


 (1) في المطبوع: أني الحسن، وفى م وق خ ل: أبي الحيس البوازيحي.

(2) في النسخ: بقرائتي عليه.

(3) م وق: أحمد بن ياسين، وفي البحار أحمد بن إدريس عن محمد بن موسى اللؤلؤي عن عبد الله بن مسلم عن الأزهري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس.

 


[ 392 ]

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيت ليلة أسري بي في السماء (4) الرابعة ديكا من زبرجدة بيضاء (5) وعيناه ياقوتتان حمراوان ورجلاه من الزبرجد الأخضر، وهو ينادي (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ولي الله، فاطمة وولداها الحسن والحسين صفوة الله، يا غافلين أذكروا الله، على مبغضيهم لعنة الله) (6).


 (4) في البحار: إلى السماء.

(5) ق وم: ديكا برزده بيضاء ولم نجده معناه، وفي البحار: ديكا بدنه ردة بيضاء.

(6) أورده في البحار: ج 37 ص 47 ب 50 ح 24.

 


[ 393 ]

فيما نذكره من تسمية الله جل جلاله لمولانا على عليه السلام بأمير المؤمنين، رأيت في مجموع عتيق قد كان للخزانة الظافرية لعل تاريخ نسخة منذ مائتين من السنين. أوله حديث هذا لفظه: (روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من زارني متعمدا وسلم علي مرة واحدة سلم الله وملائكته عليه إثنى عشر سنة). وفي هذا المجموع العتيق في رأس ابتداء عشرين قائمة من آخره في تسمية الله جل جلاله لمولانا على صلوات الله عليه ما هذا لفظه:

سار بعض السراة إلى عبد الله بن عباس، فقال له: كيف كان علي بن أبي طالب ؟ قال: وليك ولم لم تؤمره بالإسم الذي أمره (1) الله به من إمرته للمؤمنين ؟ كان والله علي شبيه القمر الزاهر والأسد الخادر والفرات الزاخر والربيع الباكر، فشبهه من القمر ضيائه وبهائه، ومن الأسد شجاته ومضائه ومن الفرات جوده وسخائه، ومن الربيع خصبه وحبائه.

قال: فإني قد كنت أقول قولا وأنا استغفر الله منه.


 (1) ق وم: ومره.

 


[ 394 ]

فيما نذكره من حديث السبع الذي قدمنا ذكره (1) وتسليمه على مولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين. رأيناه برواياتهم في أربعين حديثا، وهو في هذه الرواية الحديث الأربعون بما هذا لفظه:

حدثنا الإمام الزاهد العالم الملقب منتجب الدين كمال العلماء أبو جعفر محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي رحمة الله عليه بمدينة السلام في درب البصريين غرة ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وخمسمائة - بعد رجوعي من مكة حرسها الله - قال: أخبرنا أبو الصلت الإمام الرئيس صدر الدين نظام الإسلام أبو جعفر محمد بن عبد اللطيف الخجندي تغمده الله برحمته بشيراز في مدرسة خاتون الزاهدة (2) سلخ محرم سنة أربعين وخمسمائة قال: حدثني الكيادار بن يوسف بن داري الديلمي بقلعة اصطخر قال: حدثنا الشيخ أبو البركات دانيال بن إبراهيم التبريزي (3) قال: حدثنا أبو البركات ابن أحمد البزاز الغندجاني قال: أخبرنا أبو عبد الله السيرافي عن أبي عبد الله الميروني المؤدب عن شبيب (4) بن سليمان الغنوي (5) عن الهابوت بن محمد الصيني عن مسلم بن أحمد بن مسلم السمان عن حبة بنت زريق عن بعض الحنيفة قالت: حدثني زوجي منقض بن الابقع الأسدى احد خواص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال:


 (1) انظر الباب 88 من هذا الكتاب.

(2) في ق وم: جاوز الزاهد.

(3) ق وم: الزيري.

(4) ق: سبيب، م: سبب.

(5) ق وم: العنوي.

 


[ 395 ]

كنت مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النصف من شعبان وهو يريد موضعا له كان يأوي فيه بالليل، وأنا معه حتى أتى الموضع فنزل عن بغلته وحمحمت البغلة ورفع أذنيها وجذبتني.

فحس بذلك أمير المؤمين فقال: ما وراك ؟ فقلت: بأبي وأمي، البغلة تنظر شيئا وقد شخصت فلا أدري ماذا دهاها.

فنظر أمير المؤمنين عليه السلام سوادا فقال: سبع ورب الكعبة.

فقام من محرابه متقلدا بسيفه فجعل يخطو نحو السبع، ثم قال صائحا له: قف ! فخف السبع ووقف فعندها استقرت البغلة فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا ليث، أما علمت إني ليث وإني الضرغام الهصور والقسور والحيدر.

ثم قال: ما جاء بك أيها الليث ؟ ثم قال: اللهم انطق لسانه.

فقال السبع: يا أمير المؤمنين ويا خير الوصيين ويا وارث علم النبيين و [ يا ] (6) مفرقا بين الحق والباطل، ما افترست منذ سبع شيئا وقد أضر بي الجوع، ورأيتكم من مسافة فرسخين، فدنوت منكم وقلت: أذهب وأنظر هؤلاء القوم ومن هم، فإن كان لي [ بهم ] (7) مقدرة يكون لي فريسة.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: [ أيها الليث ] (8)، أما علمت إني علي أبو الأشبال (9) الأحد عشر (10).

ثم امتد السبع بين يديه وجعل يمسح يده على هامته ويقول: ما جاء بك أيها الليث ؟ أنت كلب الله في أرضه.

قال: يا أمير المؤمنين، الجوع الجوع.

فقال: اللهم ارزقه بقدر محمد وأهل بيته.

قال: فالتفت فإذا الأسد يأكل شيئا كهيئة الجمل حتى أتى عليه.

ثم قال: يا أمير المؤمنين، والله ما نأكل نحن معاشر السباع رجلا يحبك


 (6) و (8) الزيادتين من م.

(7) الزيادة من البحار.

(9) م: الاشباح.

(10) في ق وم والمطبوع: اثني عشر، صححناه من البحار والمصدر المخطوط.

 


[ 396 ]

ويحب عترتك، ونحن أهل بيت ننتحل محبة الهاشمي وعترته.

ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: أيها السبع، أين تأوي وأين تكون ؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إني مسلط على كلاب أهل الشام وكذلك أهل بيتي وهم فريستنا، ونحن نأوي النيل.

قال: فما جاء بك إلى الكوفة ؟ قال: يا أمير المؤمنين، أتيت الحجاز فلم أصادف شئيا، وأنا في هذه البرية والفيافي التي لا ماء فيها ولا خير، وإني لمنصرف من ليلتي هذه إلى رجل يقال له (سنان بن وائل) (11) ممن أفلت من حرب صفين ينزل القادسية وهو رزقي في ليلتي هذه، وإنه من أهل الشام وأنا متوجه إليه.

ثم قام بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام.

فقال عليه السلام لي: مم تعجبت ؟ هذا أعجب أم الشمس أم العين أو الكواكب أم ساير ذلك ؟ فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة، لو أحببت أن أري الناس مما علمني رسول الله صلى الله عليه وآله من الآيات والعجائب لكانوا (12) يرجعون كفارا.

ثم رجع أمير المؤمنين عليه السلام إلى مستقره ووجهني إلى القادسية.

فركبت ووافيت القادسية قبل أن يقيم المؤذن الإقامة.

فسمعت الناس يقولون: إفترس سنانا السبع.

فأتيت فيمن أتاه ننظر إليه فما ترك السبع إلا رأسه وبعض أعضائه مثل أطراف الأصابع وأتى على باقيه (13).

فحمل رأسه إلى الكوفة إلى أمير المؤمنين.

فبقيت (14) متعجبا، فحدثت (15) الناس بما كان من حديث أمير المؤمنين والسبع، فجعل الناس


 (11) م وق خ ل: وابل.

(12) ق وم: لكاد.

(13) ق وم: بابه.

(14) م والبحار: فبقي.

(15) م وق خ ل: حدث.

 


[ 397 ]

يتبركون بتراب تحت قدم أمير المؤمنين ويستشفون به.

فقام فحمد الله وأثنى عليه فقال: معاشر الناس ما أحبنا رجل فدخل الناس، وما أبغضنا رجل فدخل الجنة، وأنا قسيم الجنة والنار، أقسم بين الجنة، هذا إلى الجنة يمينا وهذا إلى النار شمالا.

أقول لجهنم يوم القيامة: هذه لي وهذه لك، حتى تجوز شيعتي على الصراط كالبرق الخاطف، وكالرعد القاصف وكالطير المسرع وكالجواد السابق.

فقام إليه الناس بأجمعهم عنقا واحدا وهم يقولون: الحمد الله الذي فضلك على كثير من خلقه.

ثم تلا هذه الآية أمير المؤمنين عليه السلام: * (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقبلوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (16)) * (17).


 (16) سورة آل عمران: الآية 173 و 174.

(17) الأربعين المخطوطة: ح 34، انظر الباب 88 من هذا الكتاب، وأورده في البحار: ج 41 ص 232 ب 111 ح 5.

 


[ 398 ]

فيما نذكره برجالهم من كلام الجمل لمولانا علي عليه السلام بأمير المؤمنين وخير الوصيين، من كتاب (الأربعين) رواية الملقب منتجب الدين محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس، وهذا لفظه:

حدثنى الشيخ الأجل الإمام العالم منتجب الدين، مرشد الاسلام، كمال العلماء، أبو جعفر محمد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس الرازي رحمة الله عليه بمدينة السلام في داره بدرب البصريين في منتصف ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، قال: حدثنا الإمام الكبير السيد الأمير الأشرف، جمال الدين، عز الإسلام، فخر العترة، علم الهدى، شرف آل الرسول صلى الله عليهم، أبو محمد إبراهيم بن علي بن محمد بن [ علي بن محمد ] (1) العلوي الحسيني الموسوي بكازرون في السابع عشر من رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة [ قال: حدثنا الشيخ العارف شهريار بن تارج الفارسي ] (2) قال: حدثنى القاضي أبو القاسم أحمد بن طاهر الثوري قال: حدثنا الشيخ الإمام شرف العارفين أبو المختار الحسن بن عبد الوهاب قال: حدثني أبو التحف (3) علي بن محمد بن إبراهيم عن الأشعث بن مرة عن المثنى بن سعيد عن هلال بن كيسان عن الطبيب القواصيري عن عبد الله بن سلمة المنتجي عن صفار بن الأصيمد (4) البغدادي عن ابن جرير عن أبي الفتح المغازلي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:


 (1) الزيادة منا بقرينة ما في الباب 93 من هذا الكتاب.

(2) ما بين المعكوفتين ليست في البحار.

(3) ق وم: أبو البخت.

(4) ق وم: إلا صميد.

 


[ 399 ]

كنت بين يدي مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فإذا بصوت قد أخذ جامع الكوفة، فقال.

يا عمار.

إيت بذي الفقار الباتر الأعمار، فجئته بذي الفقار.

وقال: أخرج يا عمار وامنع الرجل عن ظلامة المرأة، فإن انتهى وإلا منعته بذي الفقار.

قال عمار: فخرجت وإذا برجل ومرأة قد تعلقا بزمام جمل، والمرأة تقول: الجمل لي، والرجل يقول: الجمل لي.

فقلت: إن أمير المؤمنين عليه السلام ينهاك عن ظلامة هذه المرأة.

قال: يشتغل علي بشغله ويغسل يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة، ويريد أن يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة.

فقال عمار بن ياسر رضي الله عنه: فرجعت لأخبر مولاي وإذا به قد خرج ولاح الغضب في وجهه وقال: ويلك خل جمل المرأة.

فقال: هو لي.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت يا لعين.

قال: فمن يشهد إنه للمرأة يا علي ؟ قال عليه السلام: الشاهد الذي لا يكذبه أحد من أهل الكوفة.

فقال الرجل: إذا شهد شاهد وكان صادقا سلمته إلى المرأة.

فقال علي عليه السلام: أيها الجمل، لمن أنت ؟ فقال بلسان فصيح: يا أمير المؤمنين وسيد الوصيين، أنا لهذه المرأة بضع عشرة سنة.

فقال عليه السلام: خذي جملك وعارض الرجل بضربة قسمته نصفين (5).


(5) أورده في البحار: ج 41 ص 236 ب 111 ح 7. انظر الباب 93 من هذا الكتاب.