فقال: أحْسنتِ يا حُرّة، فبما تُفضّلينه على عيسى بن مريم(عليه السلام)؟
قالت: الله تعالى فضلّه بقوله تعالى: (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءَأنتَ قُلتَ للناسِ اتَّخذوني وأُمّي إلهين من دون الله قال سُبحانك ما يكونُ لي أنْ أقول ما ليسَ لي بحقّ انْ كنتُ قُلتُهُ فقد عَلِمتَهُ تَعلَمُ ما في نفسي ولا أعلَمُ ما في نفسكَ إنّك أنتَ علاّم الغُيوب ما قُلتُ لهم إلاّ ما أمرتني به)(1)، فأخّرَ الحكومة إلى يوم القيامة، وعليّ بن أبي طالب لَمّا ادّعَوا النصيريّة فيه ما ادّعوه قتلهم ولم يؤخّر حكومتهم، فهذه كانت فضائله لا تُعَدُّ بفضائل غيره.
قال: أحْسنتِ يا حُرّة، خَرَجتِ من جوابك، ولو لا ذلك لكان ذلك، ثم أجازها وأعطاها وسرَّحها سراحاً حسناً، رحمة الله عليها(2).
 |
«علي(عليه السلام) عنده علم الأولين والآخرين» |
 |
(30) روى الشيخ الصدوق أعلا الله مقامه(3) بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال:
لمّا جلس عليّ(عليه السلام) في الخلافة وبايَعَه الناس خَرَج إلى المسجد مُتَعمِّماً بعمامة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، لابساً بُردة رسول الله(صلى الله عليه وآله): متنعِّلا نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله)، متقلّداً سيف رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فصعد المنبر، فجلس(عليه السلام) عليه متمكّناً، ثم شبَّكَ بين أصابعه فوضعها أسفلَ بطنه ثم قال:
يا معشر الناس، سلوني قبلَ أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول
(1) المائدة: 116.
(2) البحار ج46 ص 134.
(3) التوحيد: ص 305، وفي ط ص 319.
ـ ورواه الصدوق في الأمالي (المجلس 55) ونقله المجلسي في البحار (ج 4 ص 171) ط كمباني.