(21)أيضاً وفاة عمرو(1)
قال اليعقوبي(2): لما حضرت عمراً الوفاة قال لابنه: لودّ أبوك انه كان مات في غزاة ذات السلاسل، اني قد دخلت في امور لا ادري ما حجّتي عند الله فيها. ثم نظر الى ماله فرأى كثرته فقال: يا ليته كان بعراً، ياليتني متّ قبل هذا اليوم بثلاثين سنة، اصلحت لمعاوية دنياه وافسدت ديني، آثرت دنياي وتركت آخرتي، عمي علي رشدي حتى حضرني اجلي كأني بمعاوية قد حوى مالي وأساء فيكم خلافتي.
قال ابن عبر البر(3): دخل ابن عباس على عمرو بن العاص في مرضه فسلّم عليه وقال: كيف أصبحت يا ابا عبدالله؟ قال: اصبحت وقد اصلحت من دنياي قليلاً، وافسدت من ديني كثيراً، فلو كان الذي اصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذي اصلحت لفزت، ولو كان ينفعني ان اطلب طلبت، ولو كان ينجيني ان اهرب هربت، فصرت كالمنخنق بين السماء والارض، لا أرقى بيدين ولا أهبط برجلين، فعِظني بعظة انتفع بها يابن أخي.
فقال له ابن عباس: هيهات يا ابا عبدالله، صار ابن أخيك أخاك، ولاتشاء ان تبكي الا بكيت، كيف يؤمن برحيل من هو مقيم؟
(1) الغدير، ج2: 175 ـ 176.
(2) تاريخ اليعقوبي ج2، ص198.
(3)الاستيعاب، ج2: ص436.