(22)موت معاوية
روى العلامة الطريحي رحمه الله في منتخبه : ان معاوية بن أبي سفيان لَما مِرض مرض الموت رقى المنبر وخطب الناس ، وكانت آخر خطبة خَطَبها للناس في جامع بني أمية ، وانه قال :
أيُّها الناس اني من زرع قد استحصد واني وليتكم ولم يتولكم أحدٌ من بعدي الا مَن هو شَرٌّ مني كما كان من قبلي هو خيرٌ مني ، يالَيتني كنتُ رجُلا من قريش ولم أتَولّ من أمور الناس شيئاً . ثم قال : ما أغنى عني مالَيه هَلَكَ عني سُلطانيه ، فوالله لوَ علمت هكذا قصيراً ما فعلت .
ثم بكى وقال : وا بُعد سَفَراه ، وا قِلة زاداه ، ثم نزل عن المنبر ودخل داره وثقل حاله وازدادت علّته ، فعادوه أخوانه وجَلَسوا حوله ، وقالوا له : يا معاوية أوصِ الينا بما تريد .
فقال : يا أخواني ، أحذّركم مصرعي هذا فانه لا بُدّلكم منه ، ثم قال : أجلِسوني وسنِّدوني ، فأجلَسُوه وسنَّدوه ، فقال :
اِلهي أنا الذي أمرتني فقَصّرتُ ونَهَيتني فعصَيتُ ، ثم قال : الآن تذكرُ ربَّكَ يا معاوية بعد الهرم والانحطاط ، فلِم لا كان هذا وغصُن الشباب نَضِرٌ ريان .
فقيل له : يا معاوية كأنك تحب الحياة ، فقال : لا ولكن القدوم على الله شديد قال : ودخل عليه قومٌّ آخرون فقالوا له : كيف أصَبحْتَ يا معاوية ؟
فقال : أصَبحَتُ من الدنيا راحلا ، وللأخوان مُفارقاً ، ولسوءِ عَمَلي ملاقياً ، ثم انصرف الناس .
قالت زوجته : فسمِعتُهُ يقول عند موته : (تِلكَ الدارُ الأخِرَةُ نَجَعلُها لِلذينَ لا