الاربعين في حب امير المؤمنين(ع)ج2

أَحِبَّتنا ؟ فأمَسكوا حياءً ، فقال له من معه : نَسألُكَ بالذي أكرمَكُم أهل البيت وخَصَّكُم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتكم .
فقال : شيعتنا هم العارفون بالله ، العاملون بأَمِر الله ، أهلُ الفَضائل ، الناطقون بالصَواب ، مأكولهم القوت ، وملبوسهم الأقتِصاد ، ومَشيُهُم التواضع ، نجعُوا لله بطاعتهِ ، وخَضَعوا اليه بعبادته ، مضَوا غاضِّين أبصارهم عما حَرمَ الله عليهم ، رامقين أسماعَهُم على العلم بربِّهم ، نزَلَت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزَلَت منهم في الرخاء ، رضُوا عن الله تعالى بالقضاء ، فلولا الآجال التي كتب الله تعالى لهم لم تَستقَرّ أرواحهم في أجسادهم طرفَةَ عين شَوقاً الى لقاء الله والثواب وخَوفاً من اليم العقاب .
عَظُمَ الخالقُ في أنفُسِهم وصَغُرَ ما دونه في أَعينهم ، فهُم والجنة كمن رآها ، فهم على أرائكها مُتّكئوُن ، وهُم والنار كمن رآها فهم فيها مُعذَّبون ، صَبروُا أياماً قليلة فأعقَبهُم راحة طويلة ، أرادَتهُم الدنيا فلم يريدوها ، وطلبتهم فأعجزوها .
أمّا الّليل فَصافُّون أقدامَهُم تالُونَ لأجزاء القرآن ترتيلا ، يَعظوُن أنفسهم بأمثاله ، يَستشفون لدائِهم بدائِه تارة ، وتارة يفترشون جباههم وأكُفّهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يُمَجِّدون جَبّاراً عظيماً ، ويَجْأروُنَ اليه في فكاك رقابهم ، هذا ليلهم .
فَأمّا نهارهم فحكماء بررة علماء أتقياء براهُم خوف باريهم ، فهم كالقداح ، تحسبهم مرضى أو قد خُولطوا وما هم بذلك ، بل خامَرَهم من عظمة ربّهم وشدة سلطانه ما طاشَت له قلوبهم ، وذهلت منه عقولهم ، فاذا شفقوا من ذلك بادروُا الى الله تعالى بالأعمال الزاكية ، لا يرضون له بالقليل ، ولا يَستكثرون له الجليل ، فهُم

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه