لأنفُسِهِم مُتّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون .
ترى لأحَدهم قُوةً في دين ، وحَزماً في لين ، وايماناً في يقين ، وحرصاً على علم ، وفهماً في فقه ، وعلماً في حلم ، وكيساً في قَصْد ، وقَصْداً في غنى ، وتجمّلا في فاقة ، وصَبراً في شفقة ، وخشوعاً في عبادة ، ورحمةً لمجهود ، واعطاء في حق ، ورفقاً في كسب ، وطلباً في حلال ، و نَشاطاً في هدىً ، واعتصاماً في شهوة ، لا يغرّه ما جهله ، ولا يدع احصاء ما عمله ، يَستبطىء نفسَهُ في العمَل وهو من صالِح عَمله عَلَى وَجَل ، يصبح وشغله الذكر ويمسي وهمّه الشكر ، يبيتُ حذراً من سنةِ الغفلة و يُصِبحُ فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة ، ورغبته فما يبقى ، وزهَادتَه فيما يفنى ، وقد قرن العلم بالعَمَل ، والعلم بالحلم ، دائماً نشاطهُ بَعيداً كسَلهُ قريباً أمَلهُ ، قليلا زلَلهُ ، متوقعاً أجله ، عاشقاً قلبه ، شاكراً ربه ، قانعاً نفسه محرزاً دينه كاظماً غيظه ، آمناً منه جاره ، سهلا أمرهُ ، معدوماً كبره ، بَيّناً صَبرهُ ، كثيراً ذكره ، لا يعمل شيئاً من الخير رياءً ، ولا يتركُه حياءً .
أوُلئك شيعتنا وأحبّتنا ومنا ومعَنا ، الا هؤلاء شوقاً اليهم !
فصاح بعض من معه ـ وهو همام بن عباد بن خيثم وكان من المتعبدين ـ صيحة فوقع مغّشياً عليه ، فحَرَّكوه فاذا هو فارق الدنيا ، فَغُسِلَ وصَلى عليه أمير المؤمنين ومن معه .
وعلّق ابن حجر قائلا :
فتأَمَل وفَقَكَ الله لطاعته ، وأدام عليك من سوابغ نعمه وحمايته ، هذه الأوصاف الجليلة الرفيعة الباهرة الكاملة المنيعة تعلم انها لا توجد الا في اكابر العارفين لأئمة الوارثين ، فهؤلاء هم شيعة علي رضي الله تعالى عنه وأهل بيته .
{158{
 |
الفصل الثاني والستون مَن أحبّنا بقَلبهِ وأعانَنا بيدهِ ولسانه كان |
 |
 |
معنا في علِّيين |
 |
(1) حديث الحسن (عليه السلام)
روى الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء قال(1) :
عن الشعبي ، حدّثني سفيان بن الليل قال :
لَما قدَم الحسن بن علي رضي الله عنهما من الكوفة الى المدينة أتيته ـ الى ان قال : قال : وسمعت أبي يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : مَن أحَبَّنا بقلبه وأعاننا بيده ولسانه كنت انا وهو في عليين ، ومن أحبنا بقلبه وأعانَنا بلسانه وكفّ يدَه فهو في الدَرَجة التي تليها ، ومَن أحبّنا بقلبه وكفّ عنا لسانه ويده فهو في الدرجة التي تليها . رواه نعيم بن حمّاد ، حدّثنا ابن فضيل عن السريّ(2) .
(2) حديث الأمام علي (عليه السلام)
وروى العلامة باكثير الحَضرمي في وسيلة المآل(3) :
وعن سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال :
(1) سير أعلام النبلاء : ج1 ص397 ط مصر .
(2) ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة (ص174 ـ 233 ط 2) وقال : في سنده رافضي غال في الرفض !! ورجل آخر متروك . ورواه في احقاق الحق : ج9 ص483 ح84 .
(3) وسيلة المآل : ص60 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق .