من محمد بن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ الى معاوية بن أبي سفيان ، سلامٌ على أهل طاعة الله ممن هوسلمٌ لأهل ولاية الله .
أما بعد ،
فان الله بَجلاله وعظمته وسُلطانه وقدرته ، خَلَق خَلقَهُ بلا عَبَث منه ولا ضعف في قُوّته ولا من حاجة به اليهم ولكنّه خلَقَهم عَبيداً ، فجَعَلَ منهم غَويّاً ورشيداً ، وشقياً وسعيداً ، ثم اختارَ على علم فاصطفى وانتَخَبَ محمداً (صلى الله عليه وآله)فانتجَبَهُ واصطفاه برسالاته ، وأرسَلَهُ بَوحيه وائتَمَنهُ على أمره ، وبَعثَهُ رسُولا مُصدقاً ودَليلا ، فكان أوّل من أجابَ وأنابَ وصَدّق وآمَنَ وسَلّم أخوه وابن عمِّه علي بن أبي طالب صَدّقَه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه كل هَول ، وواساه بنفسه في كل خوف ، حارب من حاربه وسالم من سالمه ، ولم يَزَل باذلا نفسه في ساعات الخَوف والجوع ، والجدّ والهزل ، حتى أظهر الله دعوته وأفلج حُجته .
وقد رَأيتُك أيُّها الغاوي تُساميه وأنتَ أنت ، وهو هو المبرز السابق في كل حين ، أوّل الناس أسلاماً وأصدق الناس نيّةً وأطيبُ الناس ذرِّية وخير الناس زوجة وأفضل الناس أخوة ، وابن عمِّه ووصَيِّه وصَفيِّه وأخوه الشاري لنفسه يوم مؤتة وعمُّه سيّد الشهداء يوم أحد ، وأبوه الذاب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن حوزته .
وأنتَ اللعين بن اللعين ، لم تَزل أنتَ وأبوك تَبغيان على رسول الله (صلى الله عليه وآله)الغوائل ، وتَجهدان على إطفاء نوره ، وتجَمعان عليه الجُموع ، وتُؤلِّبان عليه القبائل ، وتبذلان فيه المال . هلك أبوك على ذلك ، وعلى ذلك خَلَفكَ ، والشاهد