الاربعين في حب امير المؤمنين(ع)ج2

تنازع أسباب المروءة أهلَها ***وفي الصَدرِ داءٌ من جَوى الغِلّ كامن

فَلما قرأ معاوية كتاب محمد كَتبَ اليه :

بسمِ الله الرحمن الرحيم

من معاوية بن أبي سفيان الى محمد بن أبي بَكر الزاري على أبيه !
أما بعد ، فقد بَلغَني كتابُك تذكُر فيه ماالله أهَّلَهُ من سُلطانه وقُدرَتهِ واصطفاهُ رسوله ، مع كلام ألَّفْتَهُ ووَضَعتهُ ، لِرأيك فيه تضعيف ، ولأبيك فيه تعنيف . وذَكَرتَ فضل علي بن أبي طالب وقديم سَوابِقهِ وقرابتِه لرسُول الله (صلى الله عليه وآله) ونُصَرته لهُ ومواساته أياهُ في كل خَوف وهَول ، فكان احتجاجُك عَلَيّ وعَيبُكَ لي بفَضِل غيرك لا بفَضلِك ! فاحِمد رَبّاً صَرَفَ ذلك الفضل عنك وجَعَلَه لغيرك !
فقد كُنّا وأبُوكَ مَعَنا في حَياةِ نبيِّنا محمد (صلى الله عليه وآله) نرى حَقّ ابن أبي طالب لازماً لنا ، وفَضلُهُ مُبرزاً عليَنا ، حَتى اختار الله لنبيِّهِ (صلى الله عليه وآله) ماعنده ، وأتَمَّ له وَعَده ، وأَفلَجَ له حُجّتَه ، ثم قَبَضَهُ الله اليه ، فكان أوّل مَن ابتَزهُ حَقّهُ أبوك وفاروقه ! وخالَفاهُ في أمرهِ ، على ذلك إتَّفَقا واتَّسَقا ، ثمّ إنهما دَعَواهُ ليُبايعهُما فأَبْطأِ عنهما وتَلَكَّأ عليهما ، فهَمّا بهِ الهمُوم ، وأرادا به العظيم ، ثم انه بايَعَ لهما وسَلَّم ، فلم يُشركاهُ في أمرهما ، ولم يُطِلعاهُ على سِرِّهما حتى قُبِضا على ذلك ، وانقضى أمرهما !
ثم قام ثالثهما من بعدهما عثمان بن عفان ، فاقتدَى بهَديهما وسارَ بسيرتهما ، فعَتَبهُ أنتَ وصاحِبُك حتى طمَعَ فيه الأقاصي من أهلِ المعاصي ، وبَطَنتُما لَهُ وأظهَرتُما له العَداوة ، حتى بَلَغْتُما فيه مُناكما ، فخُذ حذرك ياابن أبي بكر ! وقِسْ شِبرك بفترك !
فكيف توازي مَن يُوازن الجبال حلمهُ ! ولا تِعب مَنْ مَهَّدَ له أبُوكَ مِهاده !!

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه