وعنه وقد نازعه رجل في مسئلة فقال : بيني وبينك هذا الجالس ، وأشار إلى عليّ بن أبي طالب ، فقال الرجل : هذا الأبطن ؟ فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض ثم قال: أتدري من صغّرت؟ هذا مولايومولى كل مسلم(1) .
149 ـ وأخرج الطبراني انه قيل لعمر : إنك تصنع بعليّ ـ أي من التعظيم ـ شيئاً لا تصنع مع أحد من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : انه مولاي(2) .
وعلق العلامة الأميني (قدس سره) على الحديثين السابقين بقوله : فإن المولوية الثابتة لأمير المؤمنين التي اعترف بها عمر على نفسه وعلى كلِّ مؤمن زنة ما اعترف به يوم غدير خم . وشفع ذلك بنفي الايمان عمن لا يكون الوصيُّ مولاه . أي لم يعترف له بالمولويّة ، أو لم يكن هو مولىً له أي مُحبّاً أو ناصراً ، ولكن على حدٍّ ينفي عنه الأيمان إن انتفى عنه ذلك الحب والنصرة ، لا ترتبط الاّ مع ثبوت الخلافة له . فإن الحب والنصرة العادييّن المندوب اليها بين عامة المسلمين لا ينفي بانتفائه الايمان ، ولا يمكن القول بذلك نظراً الى ما شجر من الخلاف والتباغض بين الصحابة والتابعين حتى آل في بعض الموارد الى التشاتم ، والتلاكم ، والى المقاتلة ، والمناضلة ، وكان بعضها بمشهد من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم ينف عنهم الايمان ، ولا غَمَزَ القائلون بعدالة الصحابة أجمع في أحد منهم بذلك ، فلم يبق الا أن تكون الولاية التي هذه صفتها معناها الإمامة الملازمة للأولوية المقصودة سواء أوعز عمر بكلمته هذه الى حديث الغدير كما تومي إليه رواية الحافظ محب الدين الطبري لها في ذيل أحاديث الغدير ، أو أنه ارسلها حقيقة راهنة ثابتة عنده من شتى النواحي(3) .
150 ـ وهذه الأولوية المعدودة من أصول الدين والمولوية التي ينفي الايمان بانتفائها كما مرّ في كلام عمر الذي مرّ سابقاً ، وفي كلام عمر الذي صرّح به لابن عباس وذكره الراغب في محاضراته(4) عن ابن عباس قال : كنتُ أسير مع عمر بن الخطاب في ليلة وعمر على بغل وأنا على فرس ، فقرأ آيةً فيها ذكر عليّ بن أبي طالب فقال : أما والله يا بني عبد المطلب ، لقد كان عليّ فيكم أولى بهذا
(1) الغدير 1 : 382 ، الرياض النضرة : 2 ص170 ، ذخائر العقبى للمحبّ الطبري : 68 ، ووسيلة المآل للشيخ أحمد باكثير المكي ، مناقب الخوارزمي : 97 ، الصواعق المحرقة : 107 ، وفي الفتوحات الإسلامية : 2 ح307 ما لفظه : حكم عليّ مَرّةً على اعرابي بحكم فلم يرض بحكمه فتلببّه عمر بن الخطاب وقال له : ويلك انه مولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة .
(2) ذكره الزرقاني المالكي في «شرح المواهب» : ص13 عن الدار قطني .
(3) الغدير 1 : 382 .
(4) الراغب الاصفهاني في محاضراته 7 : 213 .