لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصف اجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله مرفرفة ، وألقت بغصنها الاعلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)وببعض اغصانها على منكبي وكنت عن يمينه ، فلما نظر القوم الى ذلك قالوا علواً واستكباراً : فمرها فلياتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل اليه نصفها كأعجب اقبال وأشده دوياً ، فكادت تلتف برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالوا كفراً وعُتواً : فمُر هذا النصف ليعود الى نصفه كما كان ، فأمره فرجع .
فقلت أنا : لا اله الا الله اني أول مؤمن بك يارسول الله وأول من أقرَّ بان الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقاً لنبوتك واجلالا لكلمتك ، فقال القوم كلهم : بل ساحر كذاب عجيب السحر خفيف فيه ، وهل يصدّقك في امرك الامثل هذا ؟! يعنونني .
وأني لمن قوم لاتاخذهم في الله لومة لائم ، سيماهم سيماء الصديقين وكلامهم كلام الابرار ، عُمار الليل ومنار النهار ، متمسكون بحبل القرآن ، يحيون سنن الله وسنن رسوله ، لايستكبرون ولايعلون ولا يغلون ولا يفسدون ، قلوبهم في الجنان وأجسادهم في العمل (1) .
(1) نهج البلاغة «محمدعبده ط مصر» ج 1 ص 416 ـ 419
البحار 38 : 33 ص 320 ـ 322 .