انا وضعتُ في الصغر بكلاكل العرب ، وكسرتُ نواجم قرون ربيعة ومضر ، وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني الى صدره ، ويكنفني الى فراشه ، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن ان كان فطيماً أعظمُ ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ، ولقد كنت أتبعه أتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالأقتداء به ، ولقد كان يحاور في كل سنة بحراء فاراهُ ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وانا ثالثهما، ارى نوري الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة ، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله) فقلت يارسول الله ما هذه الرنة ؟ فقال هذا الشيطان قد آيس من عبادته ، أنك تسمع ما اسمع وترى ما ارى الا أنك لست بنبي ولكنك وزير وانك لعلى خير، ولقد كنت معه (صلى الله عليه وآله) لما أتاه الملأ من قريش فقالوا له :
يامحمد أنك ادعيت عظيماً لم يدَّعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمراً ان اجبتنا اليه واريتناه علمنا انك نبي ورسول ، وان لم تفعل علمنا انك ساحر كذاب ، فقال (صلى الله عليه وآله) لهم : وما تسألون ؟ قالوا : تدعوا لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك ! فقال (صلى الله عليه وآله) ان الله على كل شيء قدير وان فعل الله ذلك لكم ، اتؤمنون وتشهدون الحق ؟ قالوا : نعم قال فاني سأريكم ما تطلبون وأني لاعلم انكم لاتفيئون الى خير ، وان فيكم من يُطرح في القليب ومن يحزِّب الاحزاب ، ثم قال (صلى الله عليه وآله) : ياايتهاالشجرة ان كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين اني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بأذن الله فو الذي بعثه بالحق