المناقب - الموفق الخوارزمي - ص 264 : -

الفصل السابع عشر في بيان ما نزل من الآيات في شأنه

 246 - أخبرنا الإمام الأجل شمس الأئمة سراج الدين أبو الفرج محمد بن أحمد المكي - أدام الله سموه - أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل ، حدثنا السيد الأجل الإمام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن علي المؤدب المعروف بالمكفوف بقراءتي عليه - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر ، أخبرني الحسين بن محمد بن أبي هريرة ، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا محمد بن الاسود ، عن مروان بن محمد ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله ان منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس ، وان قومنا لما رأونا آمنا بالله ورسوله وصدقنا رفضونا وآلوا ( 1 ) على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يواكلونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا ، فشق ذلك علينا ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ " ( 2 ) ثم ان النبي صلى الله عليه وآله خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع ، وبصر بسائل فقال له النبي

  ( 1 ) آلو : حلفوا واقسموا . ( 2 ) المائدة : 55  . [ * ]   
 

- ص 265 -

صلى الله عليه وآله : هل أعطاك احد شيئا ؟ قال : نعم ، خاتما " من ذهب . فقال النبي صلى الله عليه وآله : من اعطاك ؟ قال : ذلك القائم وأومئ بيده إلى علي عليه السلام ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : على أي حال أعطاك هو ؟ قال : إعطاني وهو راكع فكبر النبي صلى الله عليه وآله ، ثم قرأ : " وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ " ( 1 ) ( 2 ) فانشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك :

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي * وكل بطئ في الهدى ومسارع
أيذهب مدحيك والمحبر ضائعا " * وما المدح في حب الإله بضائع
( 3 )
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا * فدتك نفوس القوم يا خير راكع
فانزل فيك الله خير ولاية * فبينها في محكمات الشرائع
( 4 ) .

 247 - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب إلي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني اجازة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري - رضي الله عنه وأرضاه في داره باصبهان في سكة الخوز - أخبرنا الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الأصبهاني ، حدثنا أحمد بن محمد بن السري ، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر ، حدثني أبي ، حدثني عمي الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن زياد البزاز ، عن إبراهيم بن مهاجر ، حدثني يزيد بن شراحيل الأنصاري - كاتب علي عليه السلام - قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا مسنده إلى صدري فقال : أي علي الم تسمع قول الله

  ( 1 ) المائدة : 56 .             ( 2 ) تفسير الطبري 6 / 186 و 187 .            ( 3 ) في فرائد السمطين في جنب الاله . .
( 4 ) رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 181 - وفرائد السمطين للجويني 1 / 189 - تفسير الدر المنثور 2 / 293 - وللمزيد انظر العمدة لابن البطريق من تحقيقنا / 119 إلى 125
. [ * ] 
 
 

- ص 266 -

تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " ( 1 ) أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب تدعون غرا " محجلين ( 2 ) .

 248 - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، حدثنا أبويحيى عبد الرحمان بن سلم الرازي الأصبهاني ، حدثنا يحيى بن حريش ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن عمر ، قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ " فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله ودخل المسجد والناس يصلون ما بين راكع وقائم ، وإذا سائل ، قال له : يا سائل أعطاك احد شيئا " ؟ قال : لا ، إلا هذا الراكع لعلي أعطاني خاتما ( 3 ) .

 249 - وأنبأني أبو العلاء الحافظ الحسن بن أحمد العطار الهمداني اجازة ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحافظ ، حدثنا محمد بن عمر بن غالب ، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة ، حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه

  ( 1 ) البينة : 7 .
( 2 ) شواهد التنزيل للحسكاني 2 / 356 - تفسير الدر المنثور 6 / 379 وكفاية الطالب / 246 .
( 3 ) حديث مشهور وله مصادر كثيرة منها : تفسير الثعلبي المخطوط الورق / 74 - مناقب ابن المغازلي / 311 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 2 / 409
 . [ * ] 
 
 

- ص 267 -

وآله : ما أنزل الله آية فيها " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ " إلا وعلي رأسها وأميرها ( 1 ) .

 250 - وأخبرني الشيخ الإمام أبو محمد العباس بن محمد بن أبي منصور الغضارى الطوسي - فيما كتب إلى من نيسابور - أخبرنا القاضي أبو سعيد محمد ابن سعيد بن محمد بن الفرخزادي ، أخبرنا الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد ابن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد الشيباني العدل ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الخوارزمي - ابن عم الأحنف بن قيس - حدثنا أحمد بن حماد المروزي ، حدثني محبوب بن حميد البصري - وسأله عن هذا الحديث روح بن عبادة - بن حامد - [ حدثني القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : قال الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، وأخبرنا أيضا عبد الله بن حامد أخبرني ( 2 ) ] أحمد بن عبد الله المزني ، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن سهيل بمن علي بن مهران الباهلي بالبصرة ، حدثنا أبو مسعود عبد الرحمان بن فهر بن هلال ، حدثني القاسم بن يحيى ، عن أبي علي العنزي ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تعالى : " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا " ( 3 ) قال : مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما محمد صلى الله عليه وآله ومعه أبو بكر وعمر ، وعادهما عامة العرب ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا " - وكل نذر لا يكون له وفاء فليس بشئ - فقال علي عليه السلام : إن برئ ولداي مما بهما ، صمت لله ثلاثة أيام شكرا " . وقالت فاطمة : إن برئ ولداي مما بهما ، صمت لله ثلاثة أيام شكرا " ،

  ( 1 ) حلية الأولياء 1 / 64 - شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 1 / 51 - فضائل الصحابة 2 / 654 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 2 / 409 .
( 2 ) ما بين المعقوفتين موجود في [ و ] .          ( 3 ) الإنسان : 7
 . [ * ] 
 
 

- ص 268 -

وقالت جارية يقال لها فضة : إن برأ سيداي مما بهما ، صمت ثلاثة أيام شكرا " ، فألبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد صلى الله عليه وآله قليل ولا كثير ، فانطلق علي عليه السلام إلى شمعون بن جابا الخيبري - وكان يهوديا - فاستقرض منه ثلاثة اصوع من شعير .

 251 - وفي حديث المزني عن ابن مهران الباهلي : فانطلق علي عليه السلام إلى جار له من اليهود يعالج الصوف ، يقال له شمعون بن جابا ، فقال : هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد صلى الله عليه وآله بثلاثة اصوع من شعير ؟ قال : نعم ، فأعطاه ، فجاء بالشعير والصوف فاخبر فاطمة عليها السلام بذلك فقبلت وأطاعت ، قالوا فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرصا وصلى علي مع النبي صلى الله عليه وآله المغرب ، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ، فسمعه علي رضي الله عنه فبكى فانشأ يقول :

فاطم ذات المجد واليقين * يا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكين * قد قام بالباب له حنين
( 1 )
يشكو إلى الله ويستكين * يشكو إلينا جائعا " حزين
كل امرئ بكسبه رهين * وفاعل الخيرات يستبين
موعده جنة عليين * حرمها الله على الضنين
وللبخيل موقف مهين * تهوى به النار إلى سجين
شرابه الحميم والغسلين

فأنشأت فاطمة عليها السلام تقول :

  ( 1 ) حن حنينا " : صوت لا يسما عن طرب أو حزن . [ * ]   
 

- ص 269 -

أمرك يابن عم سمع وطاعة * ما بي من لؤم ولا ضراعة
غذيت من خبز له صناعة * أطعمه ولا أبالي الساعة
أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة * ان ألحق الأخيار والجماعة
وادخل الخلد ولى شفاعة

قال : فأعطوه الطعام باجمعه ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا الا الماء القراح ، فلما ان كان اليوم الثاني قامت فاطمة عليها السلام إلى صاع فطحنته واختبزته ، وصلى علي عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وآله ، ثم اتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم يتيم فوقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، يتيم من اولاد المهاجرين ، استشهد والدي يوم العقبة ، أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة ، فسمعه علي عليه السلام فانشأ يقول :

فاطم بنت السيد الكريم * بنت نبي ليس بالزنيم
قد جاءنا الله بذا اليتيم * من يرحم اليوم فهو رحيم
موعده في جنة النعيم * قد حرم الخلد على اللئيم
يزل في النار إلى الجحيم
* شرابه الصديد ( 1 ) والحميم

قال فأنشأت فاطمة عليها السلام تقول :

إني لأعطيه ولا أبالي * وأوثر الله على عيالي
أمسوا جياعا " وهم أشبالي * أصغرهما يقتل في القتال
بكر بلا يقتل باغتيال * للقاتل الويل مع الوبال
 تهوى به النار إلى سفال * مصفد اليدين بالأغلال
كبوله زادت على الأكبال
( 2 )

  ( 1 ) الصديد : هو الدم والقيح الذي يسيل من الجسد - لسان العرب .        ( 2 ) الكبول : القيود . [ * ]   
 

- ص 270 -

قال : فاعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا الا الماء القراح ، فلما كان في ( 1 ) اليوم الثالث قامت فاطمة عليها السلام إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته ، وصلى علي عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وآله ثم اتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم أسير ، فوقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا ، أطعموني فاني أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة ، فسمعه علي عليه السلام فانشأ يقول :

فاطم يا بنت النبي أحمد * بنت نبي سيد مسود
هذا أسير للنبي المهتد * مكبلا " في غله مقيد
يشكوا إلينا الجوع قد تمرد * من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلى الواحد الموحد * ما يزرع الزارع سوف يحصد
فاطعمي من غير من أنكد * حتى تجازى بالذي لا ينفد

قال فأنشأت فاطمة عليها السلام تقول :

لم يبق مما جئت غير صاع * قد دميت كفى مع الذراع
ابناي والله من الجياع * أبوهما للخير ذو اصطناع
يصطنع المعروف بابتداع * عبل الذراعين طويل الباع
( 2 )
وما على رأسي من قناع * إلا قناع نسجه من صاع ( 3 )

قال فأعطوه ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح ، فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم ، اخذ علي عليه السلام بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين عليه السلام واقبل نحو رسول الله صلى الله عليه

  ( 1 ) كذا في الأصلين ولكن " في " زائدة .
( 2 ) عبل الذراعين : طويلهما الباع : قد رمد اليدين ، طويل الباع : كريم مقتدر .
( 3 ) هذا هو الصحيح وفي المخطوط : " نسجه النساع " ومعناه غير واضح وان أمكن حمله على معنى صحيح
. [ * ] 
 
 

- ص 271 -

وآله وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ، فلما بصر به النبي صلى الله عليه وآله قال : يا أبا الحسن ما اشد ما يسوءني ما أرى بكم ؟ انطلق إلى ابنتي فاطمة فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلى وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع ، وغارت عيناها ، فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله قال : واغوثاه بالله ، أهل بيت محمد يموتون جوعا ! فهبط جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد خذ هنأك الله في اهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبرئيل ؟ فاقرأه " هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ " إلى قوله : " إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا " إلى آخر السورة .

وزادني ابن مهران الباهلى في هذا الحديث : فوثب النبي صلى الله عليه وآله حتى دخل على فاطمة ، فلما رأى ما بهم ، انكب عليهم ثم قال : انتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم ! فهبط جبرئيل بهذه الآيات : " إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا " ( 1 ) قال : هي عين في دار النبي صلى الله عليه وآله تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين ( 2 ) .

 252 - أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا الشيخ الإمام عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني اجازة ، أخبرنا الشريف أبو طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري في داره باصبهان في سكة الخوز ( 3 ) ، أخبرنا الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك

  ( 1 ) الدهر - 6 - 8 .
( 2 ) لاحظ مناقب ابن المغازلي / 272 - 274 - أسد الغابة 5 / 530 خاليا " عن ذكر الأشعار - ورواه الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 299 عن علي عليه السلام أوجز من ذلك .
( 3 ) سكة الخوز محلة كانت باصبهان ، قال في معجم البلدان ج 2 ص 495 ( خوز ) والخوزيون محلة باصبهان
نزلها قوم من الخوز فنسب إليهم فيقال لها : درخوزيان . . [ * ] 
 
 

- ص 272 -

الأصبهاني ، حدثنا محمد بن أحمد بن سالم حدثني إبراهيم بن أبي طالب النيشابوري ، حدثنا محمد بن النعمان بن شبل ، حدثنا يحيى بن أبي زوق الهمداني ، عن أبيه ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله تعالى : " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا " قال نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه السلام وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ، ظلا صائمين حتى إذا كان آخر النهار واقترب الإفطار قامت فاطمة عليها السلام إلى شئ من طحين كان عندها فخبزته قرص ملة ( 1 ) وكان عندها نحي ( 2 ) فيه شئ من سمن قليل فأدمت القرصة الملة شئ من السمن ينتظران بها إفطارهما ، فأقبل مسكين رافع صوته ينادى : المسكين الجائع المحتاج ، فهتف على بابهم فقال علي عليه السلام لفاطمة : عندك شئ تطعمينه هذا المسكين ؟ قالت فاطمة : هيأت قرصا وكان في النحي شئ من سمن ، فجعلته فيه انتظر به إفطارنا ، فقال لها علي عليه السلام آثري به هذا المسكين الجائع المحتاج ، فقامت فاطمة عليها السلام بالقرص مأدوما " فدفعته إلى المسكين فجعله المسكين في حضنه وخرج به متوجها من عندهما يأكل من حضن نفسه ، فأقبلت امرأة معها صبى صغير تنادي : اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم ، ولا أحد ، فلما رأت المرأة التي معها اليتيم المسكين يأكل من حضن نفسه ، أقبلت باليتيم فقالت : يا عبد الله اطعم هذا اليتيم المسكين مما أراك تأكل ، فقال لها المسكين : لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق ساقه اله تعالى [ إلي ] ، ولكني أدلك على من أطعمني ، فقالت : فأدللني عليه ؟ فقال لها : أهل ذلك البيت الذي ترين ، وأشار إليه من بعيد فان في ذلك المنزل رجلا وامرأة اطعمانيه ، قالت المرأة : فان الدال على الخير كفاعله ، قال المسكين وإني لأرجو أن يطعما يتيمك كما أطعماني ، فأقبلت باليتيم حتى

  ( 1 ) الملة : الجمرة والرماد الحارة وخيز الملة الخبز التي يخبز فيها .  ( 2 ) النحي : بكسر النون زق السمن . [ * ]   
 

- ص 273 -

ضربت على علي ونادت : يا أهل المنزل اطعموا اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم ، من فضل ما رزقكم الله ، فقال علي عليه السلام لفاطمة : عندك شئ ؟ فقال : فضل طحين عندي فجعلته حريرة وليس عندنا غيره ، وقد اقترب الإفطار فقال لها علي : آثري به هذا المسكين اليتيم " وما عند الله خير وابقي " ( 1 ) فقامت فاطمة عليها السلام بالقدر بما فيه فكبتها في حضن المرأة ، فخرجت المرأة تطعم الصبي اليتيم مما في حضنها ، فلم تجز بعيدا " حتى اقبل أسير من أسراء المشركين ينادي : الأسير الغريب المسكين الجائع ، فلما نظر الأسير إلى المرأة تطعم الصبي من حضنها ، اقبل إليها فقال : يا أمة الله أطعميني مما أراك تطعمينه هذا الصبي ، قالت المرأة : لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق ، رزق الله هذا اليتيم المسكين ، ولكني أدلك على من أطعمني كما دلني عليه سائل قبلك ، قال لها الأسير : وأن الدال على الخير كفاعله ، فقالت له : أهل ذلك المنزل الذي ترى فيه رجلا وامرأة ، اطعما مسكينا سائلا وهذا اليتيم ، فانطلق الأسير إلى باب علي وفاطمة عليهم السلام فهتف بأعلى صوته : يا أهل المنزل ، اطعموا الأسير الغريب المسكين من فضل ما رزقكم الله تعالى ، فقال على لفاطمة : أعندك شئ ؟ قالت : ما عندي طحين أصبت فضل تميرات فخلصتهن من النوى وعصرت النحي فقطرته على التمرات ودققت ما كان عندي من فضل الاقط ، فجعلته حيسا " ( 2 ) فما فضل عندنا شئ نفطر عليه غيره ، فقال لها علي عليه السلام : آثري به هذا الأسير المسكين ، الغريب ، فقامت فاطمة إلى ذلك الحيس فدفعته إلى الأسير ، وباتا يتضوران على الجوع من غير إفطار ، ولا عشاء ولا سحور ، ثم أصبحا صائمين حتى أتاهما الله سبحانه برزقهما عند الليل ، فصبرا

  ( 1 ) القصص : 60 .           ( 2 ) الحيس : تمر واقط وسمن تخلط وتعجن وتسوى كالثريد - المعجم الوسيط . [ * ]   
 

- ص 274 -

على الجوع ( 1 ) فنزل في ذلك " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما " وأسيرا " " أي على شدة شهوتهم له " مسكينا " " قرص ملة ، " ويتيما " حريرة ، " وأسيرا " " حيسا " ، " انما نطعمكم " يخبر عن ضميرهما " لوجه الله " يقول ارادة ما عند الله من الثواب " لا نريد " ( منكم ) في الدنيا ( جزاء ) يعنى ثوابا " ولا شكورا " " يقول ثناء يثنون به علينا " انا نخاف " يخبر عن ضميرهما " من ربنا يوما عبوسا " قمطريرا " " قال العبوس : تقبض ما بين العينين من أهواله وخوفه ، والقمطرير : الشديد ، " فوقهم الله شر ذلك " يقول خوف ذلك " اليوم ، ولقيهم نضرة " يقول بهجات الجنة ، " وسرورا " " يقول سرهما من قرة العين بالجنة " وجزاهم " يقول وأثابهم " بما صبروا " على الجوع حتى آثروا بالطعام لإفطارهم اليتيم والمسكين والأسير ، حيسا " وحريرا " " متكئين فيها على الأرائك " الأرائك : الأسرة المرمولة ( 2 ) بالدر والياقوت والزبرجد في عليين مضروبة عليها الحجال " لا يرون فيها شمسا " يوذيهم حرها ، " ولا زمهريرا " " يقول لا يؤذيهم برده ، و " دانية " قريبة " عليهم ظلالها وذللت [ قطوفها ] " يقول قربت الثمار منهم " تذليلا " " يأكلونها قياما وقعودا " ومتكئين ومستلقين على ظهورهم ، ليس القائم باقدر عليها من المتكى ، وليس المتكى باقدر عليها من المستلقى ، " ويطوف عليهم ولدان " من الوصفاء " مخلدون " قال مسورون باسورة الذهب والفضة ، وقال مخلدون لم يذوقوا طعم الموت قط ، وانما خلقوا خدما لأهل الجنة ، " إذا رأيتهم حسبتهم " من بياضهم وحسنهم " لؤلؤا منثورا " " لكثرتهم ، فشبه بياضهم وحسنهم باللؤلؤ ، وكثرتهم بالمنثور . المراسيل : 253 " قال رضي الله عنه " قوله تعالى : " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ

  ( 1 ) في [ و ] : على غير افطار .       ( 2 ) الأسرة كالأجنة : وزنا " : جمع سرير ، والمرمولة : المزينة . [ * ]   
 

- ص 275 -

يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ  " ( 1 ) قيل نزلت في أبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وغيرهم من مشركي مكة ، كانوا يضحكون من بلال وعمار وأصحابهما ( 2 ) .

 254 - وقيل ان علي بن أبي طالب عليه السلام جاء في نفر من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسخر به المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم قالوا لأصحابهم : رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه فانزل الله هذه الآية قبل ان يصل إلى النبي صلى الله عليه وآله ( 3 ) عن مقاتل والكلبي .

 255 - " قال رضي الله عنه " قيل لما نزلت قوله : " قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " ( 4 ) قالوا هل رأيتم أعجب من هذا يسفه أحلامنا ويشتم آلهتنا ويرى قتلنا ويطمع أن نحبه فنزل : " قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ " ( 5 ) أي ليس في ذلك اجر لأن منفعة المودة تعود اليكم وهو ثواب الله تعالى ورضاه .

 256 - وروى أبو الأحوص عن أبي إسحاق في قوله تعالى : " وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ " ( 6 ) يعنى عن ولاية علي ( 7 ) .

 257 - قوله تعالى : " أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ " ( 8 ) قيل : نزلت في قصة بدر في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث لما برزوا لقتال عتبة وشيبة والوليد . ف‍ " الذين آمنوا " حمزة وعلي وعبيدة ، " والذين اجترحوا السيئات " عتبة وشيبة والوليد ( 9 ) .

  ( 1 ) المطففين : 34 - 35 .
( 2 ) روى نظيره الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 327 في تفسير الآية / 29 .
( 3 ) تفسير الكشاف للزمخشري 3 / 323 .
( 4 ) الشورى : 23 . ( 5 ) سبأ : 47 . ( 6 ) الصافات : 24 . ( 7 ) رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 106 .
( 8 ) الجاثية : 21 . ( 9 ) نظيره في شواهد التنزيل 2 / 168
 . [ * ] 
 
 

- ص 276 -

 258 - قوله تعالى : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ " ( 1 ) نزلت في أهل الحديبية ، قال جابر : كنا يوم الحديبية ألفا " وأربعمائة فقال لنا النبي صلى الله عليه وآله : أنتم اليوم خيار أهل الأرض ، فبايعنا تحت الشجرة على الموت فما نكث الاجد بن قيس وكان منافقا ، وأولى الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب عليه السلام لأنه قال [ تعالى ] : " وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " " - يعنى فتح خيبر - وكان ذلك على يد علي بن أبي طالب عليه السلام ( 2 )

 259 - قال رضي الله عنه : روى السيد أبو طالب باسناده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى : من احبك وتولاك ، اسكنه الله معنا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ " ( 3 ) .

 260 - قوله تعالى : " وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ " ( 4 ) ، قيل : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، وقيل : السابقون إلى الطاعة ، وقيل إلى الهجرة ، وقيل إلى الإسلام وإجابة الرسول ، وكل ذلك موجود في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ( 5 ) .

 261 - قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً " ( 6 ) قيل سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وآله فأكثروا ، فأمروا بتقديم الصدقة على المناجاة ، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب عليه السلام قدم دينارا " فتصدق به ، ثم نزلت رخصة ( 7 ) .

  ( 1 ) الفتح : 18 .
( 2 ) رواه أيضا " الكنجي في كفاية الطالب / 247 وأورده ابن هشام في السيرة النبوية 3 / 315 .
( 3 ) القمر : 54 - 55 .    ( 4 ) الواقعة : 10 .    ( 5 ) ورد نظيره في شواهد التنزيل 1 / 256 .    ( 6 ) المجادلة : 12 .
( 7 ) للحديث مصادر كثيرة منها : صحيح الترمذي 5 / 406 - خصائص النسائي / 276 مناقب ابن المغازلي / 325 وما بعدها - تفسير الطبري 28 / 14 .
[ * ] 
 
 

- ص 277 -

 262 - وعن علي عليه السلام : ان في كتاب الله لآية ، ما عمل بها احد قبلى ولا يعمل بها احد بعدي [ وهي ] " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً " [ عملت بها ] ثم نسخت ( 1 ) وقيل عمل بها أفاضل الصحابة منهم علي والأول أظهر .

 263 - وعن ابن عمر انه قال : ثلاث لعلي وددت أن تكون لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم : تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى ( 2 ) .

 264 - قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ " ( 3 ) روى الزبير ابن العوام قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو النساء إلى البيعة حين نزلت هذه الآية ، فكانت فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب عليه السلام أول امرأة بايعت ( 4 ) .

 265 - وعن جعفر بن محمد : ان فاطمة بنت أسد أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة على قدميها ، وكانت ابر الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ( 5 ) . وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ان الناس يحشرون يوم القيامة عراة فقالت : واسوأتاه ، فقال لها : إني اسأل الله ان يبعثك كاسية ، وسمعته يذكر ضغطة القبر ، فقالت : وأضعفاه ، فقال : إني أسأل الله ان يكفيك ذلك .

  ( 1 ) لهذا الحديث أيضا "مصادر كثيرة منها : تفسير الطبري 28 / 14 وتفسير الكشاف 3 / 210 والدر المنثور للسيوطي 6 / 187
( 2 ) الحديث ليس في الأصلين ، ولكن موجود في المطبوع بالنجف .
( 3 ) الممتحنة : 12 .
( 4 ) و ( 5 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 14
 . [ * ]
 
 

- ص 278 -

 266 - قال روى أبو صالح ، عن ابن عباس : ان عبد الله بن أبي وأصحابه خرجوا فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : انظروا كيف أرد ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسيد بني هاشم ، خلد ( 1 ) رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال علي عليه السلام : يا عبد الله اتق الله ولا تنافق ، فان المنافق شر خلق الله فقال : مهلا يا أبا الحسن والله إيماننا كإيمانكم ، ثم تفرقوا ، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : كيف رأيتم ما فعلت ؟ فأثنوا عليه خيرا ، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وآله : " وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ " ( 2 ) فدلت الآية على إيمان علي عليه السلام ظاهرا " وباطنا " ، وعلى قطعه موالاة المنافقين وإظهاره عداوتهم والمراد بالشياطين رؤساء الكفار ( 3 ) .

 267 - قوله تعالى : " أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ " ( 4 ) قال ابن عباس : هو علي عليه السلام شهد للنبي صلى الله عليه وآله وهو منه ( 5 ) .

 268 - قوله [ تعالى ] : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا " " ( 6 ) . قال ابن عباس : هو علي بن أبي طالب عليه السلام ( 7 ) .

 269 - وروى زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي رضي الله عنه قال : لقيني رجل فقال : يا أبا الحسن أما والله إني لأحبك في الله ، فرجعت إلى رسول الله

  ( 1 ) الخلد ، بالتحريك : من أسماء النفس - لسان العرب ، وخلد الرسول صلى الله عليه وآله نفسه بحكم آية المباهلة ويؤيده الروايات.
( 2 ) البقرة : 14 .       ( 3 ) انظر نظيره في شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 1 / 72 .
( 4 ) هود : 17 .        ( 5 ) رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 275 إلى 282 .
( 6 ) مريم : 96 .       ( 7 ) شواهد التنزيل 1 / 64 - الدر المنثور 4 / 287 - مناقب ابن المغازلي / 327
 . [ * ] 
 
 

- ص 279 -

صلى الله عليه وآله فأخبرته بقول الرجل ، فقال رسول الله : لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفا " ؟ قال : فقلت : والله ما اصطنعت إليه معروفا " ، فقال رسول الله : الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق إليك بالمودة ، قال فنزل قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا " ( 1 ) .

 270 - قال الله تعالى : " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا " ( 2 ) قيل : نزل قوله تعالى : " فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ " في حمزة وأصحابه ، كانوا عاهدوا الله لا يولون الأدبار ، فجاهدوا مقبلين حتى قتلوا ، [ و ] " وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ " علي بن أبي طالب عليه السلام مضى على الجهاد ولم يبدل ولم يغير .

الآثار :
 271 - أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ زين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرني القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو سعيد الماليني ، أخبرنا أبو أحمد بن عدى ، أخبرنا أبو يعلى ، حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال حدثنا حماد - يعنى ابن سلمة - عن الكلبي ، عن أبي صالح عن ابن عباس : ان الوليد بن عقبة قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أنا ابسط منك لسانا " واحد منك سنانا " واملا منك حشوا " في الكتيبة ، فقال له علي عليه السلام : على رسلك ، فانك فاسق ، فانزل الله عزوجل : " أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ " ( 3 ) يعنى عليا [ المؤمن ] والوليد الفاسق ( 4 )

 272 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن الفضل

  ( 1 ) انظر تفصيل ذلك في شواهد التنزيل 1 / 359 . . .      ( 2 ) الأحزاب : 23 .      ( 3 ) السجدة : 18 .
( 4 ) تفسير الطبري 21 / 68 - تاريخ بغداد 13 / 321 وذكره الزمخشري في الكشاف 2 / 525
 . [ * ] 
 
 

- ص 280 -

القطان ، حدثنا علي بن عبد الرحمان بن ماتى الكوفي ، أخبرنا أحمد بن حازم ، ابن ابن أبي غرزة ، أخبرنا عقبة بن مكرم ، عن عيسى بن راشد ، عن علي بن بذيمة ، عن عكرمة ، عمن ابن عباس قال : ما انزل الله عزوجل في القرآن آية يقول فيها " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ " إلا كان علي بن أبي طالب شريفها وأميرها ( 1 ) .

 273 - وأنبأني أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني اجازة أخبرنا الحسن ابن أحمد المقري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد أخبرنا محمد بن عثمان حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون ، حدثنا محمد بن مروان ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس [ في قوله تعالى ] : " اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ " ( 2 ) قال هو علي بن أبي طالب عليه السلام ( 3 ) .

 274 - وأنبأني أبو العلاء الحسن بن أحمد هذا ، أخبرنا الحسن بن أحمد المقري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، حدثنا محمد هو ابن عثمان بن أبي شيبة ، أخبرنا منجاب بن الحارث ، حدثنا حسين بن أبي هاشم ، حدثنا حيان بن علي ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تعالى : " وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ " ( 4 ) إنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى خاصة وهما أول من صلى وركع ( 5 )

  ( 1 ) للحديث مصادر كثيرة منها : حلية الأولياء لأبي نعيم 1 / 64 - شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 1 / 51 - فضائل الصحابة 2 / 654 .               ( 2 ) التوبة : 119 .
( 3 ) شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني 1 / 259 - تفسير الدر المنثور 3 / 290 .
( 4 ) البقرة : 43 . ( 5 ) شواهد التنزيل 1 / 85
. [ * ] 
 
 

- ص 281 -

 275 - وأخبرني شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب إلي من همدان - أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرني الشيخ أبو بكر بن حمويه ، حدثنا أبو بكر الشيرازي ، حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن عمران ، حدثنا أبو حفص عمر بن محمد حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن يمان ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه قال : كان لعلى عليه السلام أربعة دراهم ، فأنفق واحدا " ليلا ، وواحدا " نهارا " وواحدا " سرا " وواحدا " علانية ، فنزلت قوله : ( 1 ) " الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " ( 2 ) .

ولبعضهم في حق علي عليه السلام :

أو في الصلاة مع الزكاة أقامها * والله يرحم عبده الصبارا
من ذا بخاتمه تصدق راكعا * وأسره في نفسه إسرارا
من كان بات على فراش محمد * ومحمد يسرى يؤم الغارا
من كان جبريل يقوم يمينه * فيها وميكال يقوم يسارا
من كان في القرآن سمى مؤمنا " * في تسع آيات جعلن كبارا

  ( 1 ) البقرة : 274 .
( 2 ) أسد الغابة 4 / 25 - تفسير الدر المنثور 1 / 363 - الصواعق المحرقة / 78 - نور الأبصار للشبلنجي / 70 - فرائد السمطين للجويني 1 / 356 مناقب ابن المغازلي / 280
. [ * ] 
 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب