المناقب - الموفق الخوارزمي - ص 284
: - |
|
الفصل التاسع عشر في فضائل له
شتى
279 - اخبرنا الشيخ الإمام برهان الدين أبو الحسن
علي بن الحسين الغزنوي بمدينة السلام في داره ، سلخ
ربيع الأول من سنة أربع وأربعين وخمسمائة أخبرنا الشيخ
الإمام أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي
الأشعث السمرقندي ، أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن
مسعدة الإسماعيلي في شعبان سنة اثنتين وتسعين
وأربعمائة أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي -
الرجل الصالح - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدى بن
عبد الله بن محمد الحافظ ، أخبرنا أبو علي الحسين بن
عفير بن حماد بن زياد العطار بمصر ، حدثنا أبو يعقوب
يوسف بن عدي بن زريق بن إسماعيل الكوفي التيمى ، حدثنا
جرير بن عبد الحميد الضبي حدثني سليمان بن مهران
الأعمش قال :
بينا أنا نائم في الليل إذ انتبهت بالجرس
على بابي ، فناديت الغلام فقلت : من هذا ؟ قال : رسول
أبي جعفر أمير المؤمنين وكان إذ ذاك خليفة قال : فنهضت
من نومي فزعا " مرعوبا " فقلت للرسول ما وراءك ؟ هل
علمت لم بعث إلي أمير المؤمنين في هذا الوقت ؟ قال :
لا علم لي ، فقمت متفكرا " لا أدرى على ماذا أنزل
الأمر ، أفكر فيما بيني وبين نفسي إلى ماذا أصير إليه
وأقول لم بعث إلي في هذا الوقت وقد نامت العيون وغارت
النجوم ، ففكرت ساعة ، ثم ساعة فقلت : إنما بعث إلي في
هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه
السلام فان أنا أخبرته فيه بالحق أمر بقتلى وصلبي ،
فأيست والله من
نفسي وكتبت وصيتي ، والرسل
يزعجونني ولبست كفني وتحنطت بحنوطي وودعت أهلي وصبيتي
، فنهضت إليه وما أعقل فلما دخلت عليه سلمت عليه
السلام سلام خائف وجل وما أعقل فأومأ إلي أن اجلس ،
فلما جلست رعبا فإذا عنده عمرو بن عبيد وزيره وكاتبه ،
فحمدت الله عزوجل إذ رأيت من رأيت عنده ، فرجع إلى
ذهني وأنا قائم ، فسلمت سلاما " ثانيا " فقلت : السلام
عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ثم جلست
فعلم إني دهشت ورعبت منه ، فلم يقل لي شيئا " .
فكان
أول كلمة قالها ان قال لي : يا سليمان قلت لبيك يا
أمير المؤمنين ، قال : يابن مهران ادن مني فدنوت منه ،
فشم منى رائحة الحنوط ، فقال : يا أعمش والله لتصدقني
أمرك وإلا صلبتك حيا ، فقلت : سلني يا أمير المؤمنين
عن حاجتك وما بدالك أصدقك ولا أكذبك ، فوالله لئن كان
الكذب ينجيني فإن الصدق أنجي لي منه [ فقال لي ] :
ويحك يا سليمان إني أجد منك رائحة الحنوط ، فاخبرني
عما حدثتك به نفسك ولم فعلت ذاك ؟
فقلت : أنا أخبرك يا
أمير المؤمنين وأصدقك أتاني رسلك في بعض الليل فقالوا
لي أجب أمير المؤمنين ، فقمت وأنا متفكر خائف وجل
مرعوب ، فقلت بيني وبين نفسي : ما بعث إلي أمير
المؤمنين في هذه الساعة وقد غارت النجوم ونامت العيون
إلا ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام ،
فإن أنا أخبرته بالحق أمر بصلبي حيا ، فصليت ركعتين
وكتبت وصيتي والرسل يزعجونني ، ولبست كفني وتحنطت بحنوطي وودعت أهلي وصبيتي وجئتك يا أمير المؤمنين
سامعا مطيعا آيسا ( 1 ) من الحياة خائفا راجيا أن
يسعني عفوك ، قال : فلما سمع مقالتي ، علم أنى صادق
وكان متكئا " ، فاستوى جالسا ثم قال : لا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم ، فلما سمعته قالها سكن قلبي
وذهب عنى بعض ما كنت أجد من رعبي وما كنت أخاف من
سطوته
|
( 1 ) في المخطوطتين : مؤيسا وهو
تصحيف .
[ * ] |
|
|
علي ، فقال الثانية : لا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أسألك بالله يا سليمان
، إلا أخبرتني كم من حديث ترويه في فضائل علي بن أبي
طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وصهره وأخيه
وزوج حبيبته ؟ قلت : يسيرا " يا أمير المؤمنين ، قال :
كم ؟ قلت : يسيرا " يا أمير المؤمنين قال : كم ويحك يا
سليمان ؟ قلت عشره آلاف حديث أو ألف حديث ، فلما قلت :
" أو ألف " استقلها ، فقال : ويحك يا سليمان ، بل هي
عشره آلاف حديث كما زعمت أولا "
وما زاد ، قال فجثا
أبو جعفر على ركبتيه فرحا مسرورا " وكان جالسا " ، ثم
قال : والله يا سليمان لأحدثنك اليوم بحديثين في فضائل
علي عليه السلام فان يكونا مما سمعت ووعيت فعرفني ،
وان يكونا مما لم تسمع ، فاسمع وافهم ، قال قلت : نعم
يا أمير المؤمنين ، فاخبرني .
قال : نعم ، أنا أخبرك :
إني مكثت أياما " وليالي هاربا من بني مروان ولا
يسعني
منهم دار ولا بلد ولا قرار ، أدور في البلدان ، فكلما
دخلت بلدا " خالطت أهل ذلك البلد فيما يحبون ،
وأتقرب
إلى جميع الناس بفضائل علي بن أبي طالب عليه السلام
فكانوا يطعمونني ويكسونني ، ويزودونني إذا خرجت من
عندهم ، من بلد إلى بلد حتى قدمت بلاد الشام وعلي كساء
لي خلق ، ما يواريني غيره ، قال : فبينا انا كذلك إذ
سمعت الأذان فدخلت المسجد فإذا فيه سجادة ومتوضأ ،
فتوضأت للصلاة ودخلت المسجد وركعت فيه ركعتين ، وأقيمت
الصلاة ، فقمت فصليت معهم الظهر والعصر ، وفي نفسي إني
إذا صليت ، طلبت من القوم عشاء أتعشى به ليلتي تلك ،
فلما سلم الشيخ الإمام من صلاة العصر وجلس وهو شيخ
كبير ، له وقار وسمت حسن ونعمة ظاهرة إذ أقبل صبيان
فدخلا المسجد وهما أبيضان نبيلان وضيان ، لهما جمال
ونور بين أعينهما ساطع يتلألأ ، فدخلا المسجد ، فلما
نظر إليهما إمام المسجد فقال لهما : مرحبا " بكما
ومرحبا بمن
سميتما على اسمهما ، قال :
وكنت جالسا " وكان إلى جنبي فتى شاب فقلت له : يا شاب
ما هذان الصبيان ومن هذا الشيخ الإمام ؟ فقال
:
هو جدهما وليس في هذا المدينة
رجل يحب علي بن أبي طالب غير هذا الشيخ . فقلت : الله
اكبر ، ومن أين علمت ؟ قال : علمت انه من حبه لعلي
عليه السلام سمى ولدي ولده باسم ولدي علي بن أبي طالب
عليه السلام ، سمى احدهما الحسن ، وسمى الآخر الحسين ،
فقمت فرحا مسرورا حتى أتيت إلى الشيخ فقلت له : أيها
الشيخ ، هل لك ان أحدثك بحديث حسن يقر الله به عينك ؟
فقال : نعم ، ما اكره ذلك ، حدثني رحمك الله فان أقررت
عيني ، أقررت عينك قلت : اخبرني والدي ، عن أبيه ، عن
جده قال : كنا ذات يوم جلوسا " عند رسول الله صلى الله
عليه وآله ، إذ أقبلت فاطمة بنته عليها السلام فدخلت
على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت له : يا ابة ،
ان الحسن والحسين خرجا من عندي آنفا " وما ادري
أين
هما ؟ فقد طار عقلي وقلق فؤادي وقل صبري ، وبكت وشهقت
حتى علا بكاؤها ، فلما رآها ، رحمها ورق لها فقال : لا
تبكى يا فاطمة ، فوالذي نفسي بيده ، ان الذي خلقهما هو
أرأف بهما منك وارحم بصغرهما منك .
قال : فقام النبي
صلى الله عليه وآله من ساعته فرفع يديه إلى السماء
وقال : اللهم انهما ولداي ، قرة عيني وثمرة فؤادي ،
وأنت ارحم بهما [ منى ] واعلم بموضعهما ، يا لطيف
بلطفك الخفي ، أنت عالم الغيب والشهادة ، اللهم ان
كانا أخذا برا " أو بحرا " فأحفظهما وسلمهما حيث كانا
، وحيثما توجها ، قال : فلما دعا رسول الله صلى الله
عليه وآله فما استتم الدعاء فإذا بجبرئيل عليه السلام
قد هبط من السماء ومعه عظماء الملائكة وهم يؤمنون على
دعاء النبي صلى الله عليه وآله فقال جبرئيل : يا حبيبي
، يا محمد لا تحزن ولا تغتم وأبشر ، فان ولديك فاضلان
في الدنيا وفاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما ، وهما
نائمان في حظيرة بني النجار ، وقد وكل الله بهما ملكا
" يحفظهما ، قال : فلما قال له جبرئيل
عليه السلام دلك ، سرى عنه (
1 ) فقام رسول الله صلى الله عليه وآله هو وأصحابه وهو
فرح مسرور حتى أتوا حظيرة بني النجار وإذا الحسن
والحسين عليهما السلام نائمان ، وإذا " الحسين معانق
للحسن عليه السلام ، واذ ذاك الملك الموكل بهما قد وضع
أحد جناحيه بالأرض فوطأ ( 2 ) به تحتهما يقيهما حر
الأرض ، والجناح الآخر قد جللهما به يقيهما حر الشمس
قال : فانكب النبي صلى الله عليه وآله يقبلهما واحدا
فواحدا ، ويمسحهما بيده حتى أيقظهما من نومهما قال :
فلما انتبها من نومهما ، حمل النبي صلى الله عليه وآله
الحسن على عاتقه ، وحمل جبرئيل عليه السلام الحسين
عليه السلام على ريشه من جناح الأيمن حتى خرج بهما من
الحظيرة وهو يقول : والله لأشرفنكما اليوم كما شرفكما
الله عزوجل في سماواته ، فبينا هو وجبرئيل عليه السلام
يمشيان حتى تمثل جبرئيل دحية الكلبي وقد حملاهما ، إذ
أقبل أبو بكر
فقال : يا رسول الله ،
ناولني أحد الصبيين وخفف عنك وعن صاحبك ، فانا أحفظه
حتى أوديه إليك ، فقال رسول الله جزاك الله خيرا " يا
أبا بكر ، دعهما فنعم الحاملان نحن ونعم الراكبان هما
وأبوهما خير منهما ، فحملاهما وأبو بكر معهما حتى أتوا
بهما إلى باب مسجد المدينة ، ثم أقبل بلال فقال له
النبي : يا بلال هلم علي بالناس فناد لي فيهم فاجمعهم
لي في المسجد ، فقام النبي على قدمه خطيبا " فخطب
الناس بخطبة أبلغ فيها ، فحمد الله عزوجل وأثنى عليه
بما هو أهله ومستحقه ، ثم قال : يا معاشر المسلمين هل
أدلكم على خير الناس جدا " وجدة ؟ قالوا : بلى يا رسول
الله . قال : عليكم بالحسن والحسين ، فان جدهما محمد
صلى الله عليه وآله وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء
أهل الجنة ،
|
( 1 ) سرى عنه ، على صيغه المجهول
: كشف عنه الخوف ، وقد تكرر ذكر هذه اللفظة في الحديث
وخاصة في ذكر نزول
الوحي عليه ، كلها بمعنى
الكشف والإزالة - لسان العرب .
( 2 ) [ يقال ] وطأت لك
الفراش ووطأت لك المجلس توطئة [ من الوطأ ] والوطأ من
كل شئ : ما سهل ولان
. [ * ] |
|
|
وأول من سارعت إلى تصديق ما
أنزل الله على نبيه وإلى الإيمان بالله وبرسوله ، ثم
قال : يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس أبا
وأما ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : عليكم بالحسن
والحسين فان أباهما علي بن أبي طالب يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله ، وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وآله فقد شرفهما الله في سماواته وأرضه ثم
قال : ايامعشر المسلمين وهل أدلكم على خير الناس خالا
" وخالة ؟ قالوا : بلى يارسول الله . قال عليكم بالحسن
والحسين فان خالهما القاسم ابن رسول الله صلى الله
عليه وآله وخالتهما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه
وآله ثم قال يا معاشر المسلمين هل أدلكم على خير الناس
عما وعمة ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال عليكم بالحسن
والحسين فان عمهما جعفر ذو الجناحين الطيار مع
الملائكة في الجنة وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب .
ثم
قال : اللهم انك تعلم ان الحسن والحسين في الجنة
وجدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وأباهما في الجنة ،
وأمهما في الجنة ، وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة
، وخالهما في الجنة ، وخالتهما في الجنة ، ومن يحبهما
في الجنة ومن يبغضهما في النار ، قال فلما قلت ذلك
للشيخ .
وفهم قولي ، قال إلي ، أنشدتك الله تعالى من
أنت ؟ قال : قلت : أنا رجل من أهل الكوفة فقالي لي :
أعربي أنت أم مولى ؟ قال : قلت بل عربي شريف فقال لي :
فانك تحدث بمثل هذا الحديث وأنت في هذا الكساء الرث ؟
فقلت له : ان لي قصة لا أحب أن أبديها لأحد قال فأبدها
لي ، فأمانة ، فقلت له أنا هارب من بني مروان على هذه
الحال التي ترى ، لئلا اعرف ولو غيرت حالي لعرفت ولو
أردت ان اعرف بنفسي لفعلت ولكني أخاف على نفسي القتل
فقال لي : لا خوف عليك ، أقم عندي فكساني خلعتين
خلعهما علي وحملني على بغلة ، وثمن البغلة في ذلك
الزمان في تلك البلدة مائة دينار ثم قال لي : يافتى
أقررت
|
( 1 ) رواه أيضا " المحب الطبري في
ذخائر العقبى / 130 . [ * ] |
|
|
عيني ، أقر الله عينك فوالله
لأرشدنك إلى فتى يقر الله به عينك قال : قلت فأرشدني
رحمك الله فأرشدني إلى باب دار فأتيت إلى الدار التي
وصف لي وأنا راكب على البغلة وعلي الخلعتان فقرعت
الباب وناديت بالخادم فأذن لي بالدخول ، فدخلت عليه
وإذا أنا بفتى قاعد على سرير منجد صبيح الوجه حسن
الجسم ، فسلمت عليه بأحسن سلام فرد علي السلام بأحسن
مرد ، ثم اخذ بيدي مكرما " حتى أجلسني إلى جانبه ;
فلما نظر إلى قال لي : والله يافتى إني لأعرف هذه
الكسوة التي خلعت عليك واعرف هذه البغلة ، والله ما
كان أبو محمد - وكان اسمه الحسن - ليكسوك خلعتيه هاتين
ويحملك على بغلته هذه الا انك تحب الله ورسوله وذريته
وجميع عترته فأحب رحمك الله ان تحدثني عن فضائل علي بن
أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام .
فقلت له : نعم
بالحب والكرامة ، حدثني والدي ، عن أبيه ، عن جده قال
: كنا يوما " عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ
أقبلت فاطمة وقد حملت الحسن على كتفيها وهي تبكى بكاء
شديدا " قد شهقت في بكائها فقال لها رسول الله صلى
الله عليه وآله : ما يبكيك يا فاطمة ؟ لا أبكى الله
عينيك فقالت : يا ابة ومالي لا أبكى ونساء قريش قد
عيرتني فقلن لي : ان أباك زوجك من رجل معدم ، لا مال
له ، قال : فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله :
لا تبكى يا فاطمة ، فوالله ما أنا زوجتك ، بل الله
زوجك من فوق سبع سماواته ، وشهد على ذلك جبرئيل
وميكائيل واسرافيل ، ثم ان الله عزوجل اطلع إلى أهل
الأرض ، فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيا ، ثم اطلع
الثانية إلى أهل الدنيا ، فاختار من الخلائق عليا ،
فزوجك إياه ، واتخذته وصيا ، فعلي منى وأنا من علي ،
فعلي أشجع الناس قلبا ، واعلم الناس علما " ، واحلم
الناس حلما " ، وأقدم الناس سلما " .
والحسن والحسين
ابناه سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين
وسماهما الله تعالى في التوراة على لسان موسى عليه
السلام " شبر " و " شبير " لكرامتهما على الله عزوجل
.
يا فاطمة لا تبكى ، فاني إذا
دعيت غدا " إلى رب العالمين فيكون علي معي ، وإذا حبيت
غدا " فيحبي معي ، يا فاطمة لا تبكى ، فان عليا "
وشيعته غدا " هم الفائزون ، يدخلون الجنة - قال يوسف .
. ( 1 ) يوم القيامة قال فلما قلت ذلك للفتى قال لي :
أنشدك بالله عزوجل من أنت ؟ قلت : أنا رجل من أهل
الكوفة ، قال : أعربي أم مولى ؟ قلت : بل عربي شريف .
قال فكساني ثلاثين ثوبا في تخت ( 2 ) وأعطاني عشرة
آلاف درهم في كيس . ثم قال لي : أقررت عيني يافتى ،
اقر الله عينيك ، ولم يسلني عما سوى ذلك ولكن لي إليك
حاجة ، فقلت له قضيت ان شاء الله فقال : إذا أصبحت غدا
" فأت مسجد فلان كيما ترى أخي الشقي .
قال أبو جعفر : فوالله لقد طالت علي تلك الليلة حتى خشيت
إلا أصبح حتى
أفارق الدنيا . قال فلما أصبحت أتيت المسجد الذي وصف
لي ، وحضرت الصلاة فقمت في الصف الأول لفضله ، وإذا
على جانبي إلى
يساري شاب معتم بعمامة ،
فذهب ليركع فسقطت العمامة من رأسه فنظرت إليه فإذا "
رأسه رأس خنزير ، ووجهه وجه خنزير .
قال أبو جعفر : فوالذي احلف به ، ما علمت ما
أنا فيه ولا عقلت أفي
صلاة أنا ، أم في غير صلاة تعجبا ودهشت حتى ما ادري ما
أقول في صلاتي إلى أن فرغ الإمام من التشهد ، فسلم
وسلمت فقلت له : يافتى ما هذا الذي ارى بك ؟ فقال لي :
فلعلك صاحب أخي الذي أرشدك إلي لتراني ؟ قلت : نعم ،
وأخذ بيدي فأقامني وهو يبكى بكاء شديدا " قد شهق في
بكائه حتى كادت نفسه ان تفيض حتى أتى بي إلى منزله ،
فقال لي : انظر إلى هذا البنيان ، فنظرت إليه ثم قال
لي : إني رجل كنت أؤذن وأؤم بقوم
|
( 1 ) وقع سقط في النسخة .
( 2 ) التخت : وعاء تصان فيه الثياب فارسية وقد تكلم
به العرب - لسان العرب
. [ * ] |
|
|
وكنت ألعن علي بن أبي طالب
بين الأذان والإقامة ألف مرة ! وانه لما كان يوم
الجمعة لعنت بين الأذان والإقامة أربعة آلاف ، مرة
فخرجت من المسجد فأتيت الدار فاتكأت على هذا الدكان
الذي أريتك ، فذهب بي النوم فنمت فرأيت في منامي كما
أنا بالجنة ، قد أقبلت وفيها قبة من زمرد خضراء ، قد
زخرفت ونجدت ونضدت بالإستبرق والديباج وإذا حول القبة
كراسي من لؤلؤ وزبرجد ، وإذا علي بن أبي طالب فيها
متكئ وإذا أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي
النورين جلوس يتحدثون مستبشرين فرحين بعضهم [ من ] ( 1
) بعض .
ثم رأيت أمامي فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه
وآله قد اقبل وعن يمينه الحسن ومعه كأس فضة ، وعلى
يساره الحسين ومعه كأس من نور وكأنما قال النبي صلى
الله عليه وآله للحسين ، يا حسين اسقني فسقاه ، فشرب
ثم قال النبي صلى الله عليه وآله : اسق الجماعة ، فسقى
أبا بكر وعمر وعثمان وعليا " فشربوا وكأنما قال النبي
صلى الله عليه وآله : يا حسين اسق هذا المتكئ الذي على
هذا الدكان ، فقال الحسين للنبي صلى الله عليه وآله :
يا جداه ، يا جداه أتأمرني ان اسقي هذا وهو يلعن والدي
عليا " كل يوم ألف مرة ، وقد لعنه في هذا اليوم وهو
يوم الجمعة أربعة آلاف مرة ، فخرجت فإذا النبي صلى
الله عليه وآله يقول : مالك ؟ ! عليك لعنة الله حتى
قالها ثلاثا ، ويحك أتشتم عليا " وعلي منى ، مالك ؟ !
عليك غضب الله ، مالك ، عليك غضب الله حتى قالها ثلاثا
، ويلك أتشتم عليا وعلي منى ، ثم تفل في وجهي ثلاثا
وضربني برجله ثلاثا ثم قال لي : غير الله ما بك من
نعمة وسود وجهك وخلقك حتى تكون عبرة لمن سواك . قال
فانتبهت من نومي فإذا رأسي رأس الخنزير ، ووجهي وجه
خنزير ، على ما ترى .
فقال سليمان بن مهران : فقال لي
أبو جعفر : يا سليمان بن مهران
|
( 1 ) في [ ر ] : في بعض
. [ * ] |
|
|
هذان الحديثان كانا في يدك ؟
قلت : لا ، يا أمير المؤمنين ، فقال هؤلاء من دخائر
الحديث وجوهره ، ثم قال لي : ويحك يا سليمان ، حب على
إيمان ، وبغضه نفاق ، فقلت : الأمان ! الأمان ! ، قال
لك الأمان ! ، يا سليمان .
فقلت : ما تقول في قاتل
الحسين بن علي ؟ قال : في النار ، أبعده الله ، قلت
وكذاك من يقتل من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله
أحدا فهو في النار ؟ قال فحرك أبو جعفر أمير المؤمنين
رأسه طويلا ثم قال : ويحك يا سليمان ، الملك عقيم حتى
قالها ثلاث مرات ، ثم قال لي : يا سليمان بن مهران
اخرج فحدث الناس بفضائل علي بن أبي طالب عليه السلام
بكل ما شئت ولا تكتم منه حرفا ، والسلام ( 1 ) .
280 -
وأخبرنا الشيخ الثقة الحافظ العدل أبو بكر محمد بن عبد
الله ( 2 ) بن نصر الزاغوني ، حدثنى أبو الحسين محمد
بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الباقرجى ، حدثنا أبو عبد
الله الحسين بن
الحسن بن العلى بن بندار ،
حدثنا أبو بكر أحمد ابن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن
شاذان حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد ابن عامر [
الطائي حدثنا أبي أحمد بن عامر ] بن سليمان حدثنا أبو
الحسن علي بن موسى الرضا ، حدثني أبي موسى بن جعفر
حدثني أبي جعفر بن محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني
أبي علي بن الحسين ، حدثني أبي الحسين بن علي ، حدثني
أبي على بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : يا علي إني سألت ربى فيك خمس
خصال فأعطاني : أما أولها فسألت ربى أن تنشق عنى الأرض
وانفض التراب عن رأسي وأنت معي فأعطاني .
وأما الثانية
فسألت ربى ان يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي فأعطاني
.
وأما الثالثة فسألت الله ان يجعلك حامل لوائي وهو
لواء الله الأكبر ،
|
( 1 ) رواه أيضا "
ابن المغازلي في مناقبه / 143 . |
( 2 ) في [ و ] : عبيدالله
. [ * ]
|
|
|
عليه المفلحون الفائزون
بالجنة فأعطاني .
وأما الرابعة فسألت ربى ان تسقى أمتي
من حوضي فأعطاني .
وأما الخامسة فسألت ربي أن يجعلك
قائد أمتي إلى الجنة فأعطاني ، فالحمد لله الذي من علي
بذلك ( 1 ) .
281 - وبهذا الأسناد عن رسول الله صلى
الله عليه وآله قال : يا على انك قسيم النار ، وانك
تقرع باب الجنة فتدخلها بلا حساب ( 2 ) .
282 - وبهذا الأسناد عن رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان
يوم القيامة نوديت من بطنان العرش : يا محمد نعم الأب
، أبوك إبراهيم الخليل ، ونعم الأخ ، أخوك علي بن أبي
طالب عليه السلام ( 3 ) .
283 - وبهذا الأسناد عن رسول
الله صلى الله عليه وآله أنه قال : الحسن والحسين سيدا
شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما ( 4 ) .
284 - وبهذا الأسناد عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال : يا
علي ان الله قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبى شيعتك
ومحبي محبي
شيعتك ، وابشر فانك الانزع
البطين ، منزوع من الشرك ، بطين من العلم ( 5 ) .
285
- وبهذا الأسناد عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه
قال : يا على انك أعطيت ثلاثا قلت : فداك أبي وأمي وما
أعطيت ؟ قال : أعطيت صهرا مثلى ، وأعطيت مثل زوجتك
فاطمة وأعطيت مثل ولديك الحسن والحسين ( 6 ) .
|
( 1 ) ورد نظيره في
تاريخ ابن عساكر ترجمة
الإمام علي عليه السلام 2 / 342 وفي
تاريخ بغداد 4 /
339 .
( 2 ) و ( 3 ) مناقب ابن المغازلي / 67 .
( 4 )
هذا الحديث ساقط من [ و ] .
( 5 ) الحديث رواه الجويني
في فرائد السمطين 1 / 308 ورواه أيضا ابن المغازلي في
مناقبه / 400 .
( 6 ) الحديث رواه أيضا " الجويني في
فرائد السمطين 1 / 142
. [ * ] |
|
|
286 - وبهذا الاسناد عن رسول
الله صلى الله عليه وآله انه قال : يا علي ليس في
القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة ، فقام إليه رجل من
الأنصار فقال : فداك أبي وأمي أنت ومن ؟ قال : أنا على
دابة الله البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرت
، وعمى حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب
على ناقة من نوق الجنة ، وبيده لواء الحمد ينادي : لا
إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فيقول الآدميون : ما
هذا إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو حامل عرش ،
فيجيبهم ملك من بطنان العرش : يا معشر الآدميين ، ليس
هذا ملكا مقربا " ولا نبيا " مرسلا " ولا حامل عرش ،
هذا علي بن أبي طالب ( 1 ) .
287 - وبهذا الاسناد عن
رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال : يا علي أنت
سيد المسلمين وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين
ويعسوب الدين ( 2 ) .
288 - وبهذا الاسناد عن رسول
الله صلى الله عليه وآله أنه قال : لما اسري بى إلى
السماء اخذ جبرئيل بيدي وأقعدني على درنوك ( 3 ) من
درانيك الجنة ، وناولني سفرجلة ، وأنا اقلبها ، إذ
انفلقت فخرجت منها جارية حوراء ، لم أر أحسن منها ،
فقالت : السلام عليك يا محمد ( 4 ) ، فقلت : من أنت ؟
قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة
أصناف : أسفلي من مسك ، ووسطى من كافور ، واعلاي من
عنبر ، عجنني من ماء الحيوان ثم قال لي الجبار : كوني
، فكنت ، خلقني لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب ( 5 )
.
|
( 1 ) الحديث بطوله في تاريخ بغداد 11
/ 112 و 13 / 122 - رواه أيضا ابن عساكر في ترجمة
الإمام علي عليه السلام 2 / 333.
( 2 ) هذا حديث
معروف أخرجه الحفاظ الإثبات بطرق مختلفه منهم : أبو
نعيم في أخبار اصبهان 2 / 299 -
الحاكم في مستدركه 3 /
137 - ابن الأثير الجزري في أسد الغابة 1 / 69 وابن
المغازلي في مناقبه / 65 .
( 3 ) الدرنوك نوع من البسط له
خمل - لسان العرب .
( 4 ) في [ و ] : ثلاث مرات . ( 5
) شرح نهج البلاغة لابن
أبي الحديد 2 / 488 في أربع
مجلدات - مناقب ابن المغازلي /
401 . |
|
|
289 - وبهذا الاسناد عن رسول
الله صلى الله عليه وآله أنه قال : يا علي إذا كان يوم
القيامة أخذت بحجزة الله ، وأخذت أنت بحجزتي ، واخذ
ولدك بحجزتك وأخذت شيعة ولدك بحجزتهم ، فترى أين يؤمر
بنا ؟ .
290 - واخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم
محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاد
الأمين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الشيخ
الزاهد الحافظ ، أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسن
السمان ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي
الفوارس الحافظ ببغداد - بقرائتي عليه - أخبرني أبو
بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، حدثني أبو
بكر أحمد بن محمد ابن صالح التمار ، حدثنا محمد بن
مسلم بن وارة ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا
اسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة قال : كنت
جالسا " عند أبي بكر الصديق ، فقال : من كانت له عند
رسول الله عدة فليقم ، فقام رجل
فقال : يا خليفة رسول الله
أنه وعدني ثلاث حثيات من تمر ، فقال : أرسلوا إلى علي
[ فجاء ] فقال : يا أبا الحسن ان هذا يزعم أن رسول
الله صلى الله عليه وآله وعده ان يحثى له ثلاث حثيات
من تمر ، فاحثها له فحثاها فقال أبو بكر : عدوها ،
فوجدوا في كل حثية ستين تمرة ، لا تزيد واحدة على
الأخرى ، فال أبو بكر الصديق : صدق الله ورسوله قال لي
رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة - ونحن
خارجون من الغار نريد المدينة يا أبا بكر كفي وكف علي
في العدد سواء ( 1 ) .
291 - وبهذا الاسناد عن أبي سعد
السمان هذا ، أخبرني أبو سعد أحمد بن محمد المالينى -
بقراءتي - عليه حدثنا أبو بكر محمد بن حيان الدير
عاقولي ( 2 ) حدثنا
|
( 1 ) للحديث مصادر كثيرة منها : تاريخ بغداد 5 / 37 وفيه : كفى وكف على
في العدل سواء - وللحديث صورة أخرى مشابهة ذكرها
البغدادي أيضا في ج 8 / 76 -
تاريخ ابن
عساكر ترجمة الإمام علي
عليه السلام 2 / 438 .
( 2 ) دير العاقول : بين مدائن
كسرى والنعمانية - معجم البلدان
. [ * ] |
|
|
محمد بن الحسين بن حفص الاشنانى ، حدثنا محمد بن يحيى الفارسي ، عن سليمان بن
حرب ، عن يونس بن سليمان التميمي ، عن أبيه ، عن زيد
بن يثيع قال : سمعت أبا بكر الصديق يقول : رأيت رسول
الله صلى الله عليه وآله خيم خيمة وهو متكئ على قوس
عربية ، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم
السلام فقال : يا معاشر المسلمين ، أنا سلم لمن سالم
أهل الخيمة ، وحرب لمن حاربهم ، وولي لمن والاهم ، لا
يحبهم إلا سعيد الجد ، طيب المولد ، ولا يبغضهم إلا
شقي الجد ، ردى الولادة ، فقال رجل : يا زيد أأنت سمعت
منه ؟ قال أي ورب الكعبة ( 1 ) . 292 - وبهذا الاسناد
عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن
محمد بن الفضل بن الوازع البشاري ببغداد - بقرائتي
عليه - أخبرني عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني
، حدثني أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن سام ، حدثني
محمد بن سعيد بن عباد العطار بالبصرة ، حدثني محمد بن
الجماهر ، حدثنا ابن أبي السرى العسقلاني ، حدثنا عبد
الله بن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال
: لما توفي النبي صلى الله عليه وآله جاء أبو بكر وعلى
يزوران قبره بعد وفاته بستة أيام ، فقال علي لأبي بكر
: تقدم ، وقال أبو بكر : يا علي ما كنت لأتقدم رجلا
سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : علي منى بمنزلتي
من ربي ، فبكى علي وقال : ما كنت لأتقدم رجلا سمعت
رسول الله يقوم ما منكم أحد إلا وقد كذبني الا أبو بكر
وقد يصبح على بابه ظلمة غير باب أبي بكر ، قال أبو بكر
لعلى : سمعت رسول الله يقوله ؟ فقال على : سمعت هذا من
ابن عمى يقوله ، فأخذ أبو بكر بيد على فدخلا جميعا " (
2 ).
|
( 1 ) رواه أيضا " المحب الطبري في
الرياض النضرة 2 / 154 . |
( 2 ) الرياض النضرة 2 /
118 . [ * ] |
|
|
293 - وبهذا الاسناد عن أبي
سعد هذا ، أخبرنا أبو سعيد أحمد بن علي بن حمدان
بقرائتي عليه ، حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن
يوسف العماني ، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، حدثنا
العباس بن بكار ، حدثنا عبد الله بن المثنى ، عن ثمامة
بن عبد الله بن أنس ، عن أنس بن مالك قال : بينا رسول
الله صلى الله عليه وآله في المسجد وقد أطاف به أصحابه
، إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فسلم ووقف قرب
النبي في المسجد وجعل [ النبي ] ينظر إلى وجوه أصحابه
، أيهم يوسع له ، وكان أبو بكر عن يمين رسول الله
فتزحزح له عن مجلسه ثم قال : هاهنا يا أبا الحسن ،
فجلس بينه وبين رسول الله ، قال أنس : فعرفت السرور في
وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال : يا أبا بكر
انما يعرف الفضل لأهل الفضل [ ذووالفضل ] ( 1 ) .
294
- وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو طالب
محمد بن الحسين القرشي ابن الصباغ بالكوفة بقراءتي
عليه ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، حدثنا
أبو عمرو أحمد بن حازم الغفاري ، حدثنا عبيدالله بن
موسى وأبو نعيم ، عن فطر بن خليفة ، عن كثير النواء ،
عن عبد الله بن مليل قال سمعت عليا " عليه السلام يقول
: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من نبي إلا
وقد أعطى سبعة نجباء رفقاء ، وأعطيت أنا أربعة عشر ،
سبعة من قريش : علي والحسن والحسين وحمزة وجعفر وأبو
بكر وعمر والعباس ، وسبعة من المهاجرين : عبد الله بن
مسعود وسلمان وأبو ذر والمقداد وحذيفة وعمار وبلال ( 2
) .
295 - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو
سعد أحمد بن محمد المالينى
|
( 1 ) تاريخ
ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 2 / 432 ورواه
الخطيب البغدادي في تاريخه 3 / 105 ورواه أيضا ابن
حنبل في فضائل الصحابة 2 / 665 .
( 2 ) فضائل الصحابة
لابن حنبل 1 / 136 و 228 ومسنده 1 / 148
ونظيره في مستدرك الصحيحين 3 /
199 . [ * ] |
|
|
بقراءتي عليه ، أخبرنا أبو
علي محمد بن علي بن الحسين الأشقراني ، حدثنا أحمد ابن
محمد الضراب الحراني ، حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ،
حدثنا تليد ابن سليمان ، عن جميل الحناط ، عن أبي
إسحاق ، عن زيد بن يثيع عن على قال : ذكرت الأمراء عند
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ان تبايعوا
أبا بكر تجدوه ضعيفا في نفسه قويا في أمر الله وان
تبايعوا عمر تجدوه قويا في أمر الله ، وان تبايعوا
عليا " ، - ولن تفعلوه - تجدوه هاديا مهديا ، يسلك بكم
الطريق المستقيم ( 1 ) .
296 - وبهذا الاسناد عن أبي
سعد هذا ، أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد
الحمدوني بقراءتي عليه - سنة ست وثمانين وثلاث مائة -
حدثني أبو محمد عبد الرحمان بن حمدان بن عبد الرحمان
بن المرزبان الجلاب ( 2 ) حدثني أبو بكر محمد بن
إبراهيم السوسي البصري - نزيل حلب - حدثنا عثمان بن
عبد الله القرشي الشامي
بالبصرة قدم علينا ، حدثنا
يوسف بن اسباط ، عن محل الضبي ، عن إبراهيم النخعي ،
عن علقمة ، عن أبي ذر " رض " قال : لما كان أول يوم من
البيعة لعثمان "
لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً
لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ
حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ " ( 3 ) ،
فاجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد ونظرت إلى أبي
محمد عبد الرحمان بن عوف وقد اعتجر بريطة ( 4 ) وقد
اختلفوا إذ جاء أبو الحسن بأبي هو وأمي قال : فلما
بصروا بابي الحسن علي ابن أبي طالب عليه السلام ، سر
القوم طرا " فانشأ على وهو يقول : ان أحسن ما ابتدأ به
المبتدئون ونطق به الناطقون وتفوه به القائلون ،
حمدالله والثناء عليه بما هو أهله والصلاة على النبي
محمد وآله الحمدلله المتفرد بدوام البقاء المتوحد
|
( 1 ) تاريخ بغداد 11 / 47 -
تاريخ ابن عساكر
ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 / 90 إلى 93
فضائل
الصحابة 1 / 231 وروى ابن ابي الحديد - في شرح نهج
البلاغة ذيل الحديث .
( 2 ) في [ و ] : عبد الرحمان
المرزبان .
( 3 ) الأنفال / 42 . ( 4 ) اعتجر بريطة :
لف رأسه بثوب كالملحفة
. [ * ] |
|
|
بالملك الذي له الفخر والمجد
والثناء خضعت له الآلهة بجلاله ، ووجلت القلوب من
مخافته ، فلا عدل له ولا ند ، ولا يشبهه أحد من خلقه ،
ونشهد له بما شهد به لنفسه وأولوا العلم من خلقه : ان
لا اله إلا الله ، ليس له صفة تنال ولا حد تضرب له
الأمثال ، المدر صوب الغمام ببنات نطاف ( 1 ) ومتهطل
الرباب ( 2 ) بوابل الطل ( 3 ) ، فرش الفيافي والآكام
بشقيق الدمن وأنيق الزهر وأنواع النبات المبجس بثق
العيون الغزار من صم الاطواد ، يبعث الزلال حياة للطير
والهوام والوحش وسائر الانعام والأنام ، فسبحان من
يدان لدينه ولا يدان لغير دينه دين ( 4 ) وسبحان الذي
ليس لصفته نعت موجود ولا حد محدود ، ونشهد ان محمدا "
صلى الله عليه وآله عبده المرتضى ونبيه المصطفى ورسوله
المجتبى ، أرسله الله إلينا كافة ، والناس أهل عبادة
الأوثان وجموع الضلالة ، يسفكون دمائهم ويقتلون
أولادهم ويخيفون سبلهم ، عيشهم الظلم وأمنهم الخوف
وعزهم الذل مع عنجهية عمياء وحمية ، حتى استنقذنا الله
بمحمد صلى الله عليه وآله من الضلالة وهدانا بمحمد من
الجهالة ، وانتاشنا ( 5 ) بمحمد صلى الله عليه وآله من
الهلكة ، ونحن معاشر العرب أضيق العرب ( 6 ) معاشا ،
وأخشنهم رياشا ، جل طعامنا الهبيد وجل لباسنا الوبر
والجلود مع عبادة الأوثان والنيران ، فهدانا الله
بمحمد إلى صالح الأديان وأنقذنا من عبادة الأوثان بعد
ان أمكنه الله من شعلة النور ، فأضاء
|
( 1 ) نطاف ، جمع نطفة : الصافي .
( 2 ) الرباب ، جمع ربه
وهي الفرقة من الناس ، قيل هي عشرة آلاف أو نحوها -
لسان العرب .
( 3 ) الوابل : المطر الشديد الضخم القطر
- الطل : المطر الصغار القطر الدائم -
( 4 ) الصواب
احد العبارتين : الف : ولا يدان لغيره دين . ب : ولا
يدان لغير دينه .
( 5 ) انتاشنا أي استنقذنا وفي حديث
عائشة تصف أباها
: فانتاش الدين نبشه أي
استدركه واستنقذه وتناوله وأخذه من مهواته - لسان
العرب .
( 6 ) هكذا في المخطوطتين ، والأنسب : الأمم
. [ * ] |
|
|
لمحمد صلى الله عليه وآله
مشارق الأرض ومغاربها ، فقبضه الله إليه ، فانا لله
وإنا إليه راجعون ، فما اجل رزيته وأعظم مصيبته ،
فالمؤمنون فيه طرا " مصيبتهم واحدة . ثم قال علي :
ناشدتكم الله تعالى هل تعلمون معاشر المهاجرين
والأنصار ان جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله
عليه وآله فقال : يا محمد لا سيف إلا ذو الفقار ولا
فتى إلا علي ؟ هل تعلمون كان هذا ؟ قالوا : أللهم نعم
، قال : فأنشدكم الله هل تعلمون ان جبرئيل نزل على
النبي صلى الله عليه وآله فقال يا محمد ان الله يأمرك
ان تحب عليا وتحب من يحبه ، فان الله تعالى يحب عليا "
؟ قالوا : أللهم نعم ، قال : فأنشدكم الله هل تعلمون
ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لما أسرى بي
إلى السماء السابعة رفعت إلى رفارف ( 1 ) من نور ثم
رفعت إلي حجب من نور ، فوعد النبي صلى الله عليه وآله
الجبار لا إله إلا الله أشياء فلما رجع من عنده نادى
مناد من وراء الحجب : نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم
الأخ أخوك علي واستوص به ، أتعلمون معاشر المهاجرين
والأنصار كان هذا ؟ فقال أبو محمد من بينهم - يعنى عبد
الرحمان بن عوف - سمعتها من رسول الله صلى الله عليه
وآله وإلا فصمتا [ ثم قال ] : هل تعلمون ان أحدا كان
يدخل المسجد غيري جنبا " ؟ قالوا أللهم لا قال :
فأنشدكم الله هل تعلمون ان أبواب المسجد سدها وترك
بابي ؟ قالوا أللهم نعم ، قال : هل تعلمون إني كنت إذا
قاتلت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وآله قال أنت
منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدى ؟ [
قالوا أللهم نعم ] قال : [ فأنشدكم الله ] هل تعلمون
ان رسول الله اخذ الحسن والحسين فجعل رسول الله يقول
هي ( 2 ) يا حسن ، فقالت فاطمة :
|
( 1 ) الرفرف : قيل الرفرف طرف
الفسطاط والخباء الواقع على الأرض دون الاطناب والاوتاد وذكر عن الحسن
انها المخار - المفردات
للراغب الاصبهاني .
( 2 ) هي : اسم فعل بمعنى اسرع
. [ * ] |
|
|
يارسول الله ان الحسين اصغر
واضعف ركنا منه ، فقال لها رسول الله : إلا ترضين ان
أقول أنا هي يا حسن ، ويقول جبرئيل هي يا حسين ، فهل
لخلق منكم مثل هذه المنزلة ؟ نحن صابرون ليقضى الله في
هذه البيعة أمرا " كان مفعولا " .
قال رضى الله عنه :
يقال اعرابي فيه عنجهية أي جفا وكبر .
والهبيد : حب
الحنظل ، وقال أبو عبيد : النظل نفسه ، والسخينة :
التي ارتفعت عن الحساء وثقلت ان تحصى ، وقال ابن دريد
: مثل الحريرة دقيق يليك بشحم والمعدية تقرب من ذلك
ولعلها سميت بذلك لغلظتها وصلابتها من قولهم تمعددوا :
تشبهوا بمعد في خشونة المطعم والملبس وتصلبوا ولذلك
قيل : تمعدد الصبي أي غلظ وذهبت عنه رطوبة الصبيان .
297 - أنبأني مهذب الائمة أبو المظفر عبد الملك بن علي
بن محمد الهمداني نزيل بغداد ، أنبأنا محمد بن الحسين
بن علي المقري ، أخبرنا محمد بن أحمد الشاهد ، حدثنا
هلال بن محمد
بن جعفر ، حدثنا أبو الحسن
علي بن أحمد الحلواني ، حدثنا محمد بن إسحاق المقري ،
حدثنا علي بن حماد الخشاب ، حدثنا علي بن المديني ،
حدثنا وكيع بن الجراح ، حدثنا سليمان بن مهران ، حدثنا
جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : لما عرج بي إلى السماء رأيت على
باب الجنة مكتوبا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله
، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة
أمة الله ، على مبغضهم لعنة الله ( 1 ) .
298 -
وأنبأني مهذب الأئمة هذا ، أنبأنا المبارك بن عبد
الجبار ، أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي
الماموني ، حدثنا أبو الحسن على الدارقطني ، حدثنا
محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز ، حدثتني سمانة
بنت أحمد بن
|
( 1 ) كتاب
مائة منقبة لابن شاذان / 87 ح / 54 -
ورواه الخطيب البغدادي في
تاريخه 1 / 259 .
[ * ] |
|
|
الوضاح بن حسان الانبارية
قالت : حدثني أبي ، عن عمرو بن زياد الثوباني ، حدثني
عبد العزيز بن محمد ، حدثني زيد بن أسلم ، عن أبيه :
ان عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله : ان فاطمة
وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء ،
سقفها عرش الرحمان ( 1 ) .
299 - وأنبأني مهذب الأئمة
هذا ، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي ، أخبرنا
محمد بن محمد بن عبد العزيز أبو منصور العدل ، أخبرنا
هلال بن محمد بن جعفر الحفار حدثنا أبو بكر محمد بن
عمر ، حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون الهاشمي ، حدثنا
محمد بن زياد النخعي ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن غزوان
، حدثني غالب الجهني ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن
أبيه ، عن جده قال : قال علي عليه السلام قال النبي
صلى الله عليه وآله : لما اسري بي إلى السماء ثم من
السماء إلى السماء ، إلى سدرة المنتهى ، وقفت بين يدي
ربي عزوجل فقال لي
: يا محمد قلت لبيك وسعديك
، قال : قد بلوت خلقي فأيهم رأيت أطوع لك ؟ قال : قلت
ربي عليا " ، قال : صدقت يا محمد فهل اتخذت لنفسك
خليفة يؤدي عنك يعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون ؟
قال قلت يا رب اختر لي فان خيرتك خيرتي ، قال : اخترت
لك عليا فاتخذه خليفة ووصيا ، ونحلته علمي وحلمي وهو
أمير المؤمنين حقا " ، لم ينلها احد قبله وليست لأحد
بعده ، يا محمد ، علي راية الهدى وإمام من أطاعني ونور
أوليائي ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه
فقد أحبني ، ومن ابغضه فقد ابغضني ، فبشره بذلك يا
محمد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : قلت ربي فقد
بشرته فقال علي عليه السلام : أنا عبد الله وفي قبضته
ان يعاقبني فبذنوبي لم يظلمني شيئا ، وان تمم لي وعدى
فانه مولاي ، قال أجل قال : قلت يا رب واجعل ربيعة
الإيمان به قال : قد فعلت ذلك به يا محمد غير أني
مختصه ( 2 ) بشئ من البلاء
|
( 1 ) فردوس
الأخبار للديلمي 3 / 162 - كنز العمال 1 / 98 . (
2 )
في [ و ] : محصته
. [ * ] |
|
|
لم اخص به أحدا " من أوليائي
، قال : قلت ربي أخي وصاحبي قال : قد سبق في علمي أنه
مبتلى ، ولولا علي لم يعرف حزبى ، ولا أوليائي ولا
أولياء رسلي ( 1 ) ( 2 ) .
300 - وأنبأني مهذب الأئمة
هذا ، أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي بن أبي
عثمان الدقاق ، أخبرنا أبو المظفر هناد بن إبراهيم
النسفي ، حدثنا أبو الحسن علي بن يوسف بن محمد بن
الحجاج الطبري بسارية طبرستان ( 3 ) ، حدثنا أبو عبد
الله الحسين بن جعفر بن محمد الجرجاني ، حدثنا أبو
عيسى إسماعيل بن إسحاق ابن سلمان النصيبي ، حدثنا محمد
بن علي الكفر توثى ( 4 ) حدثني حميد الطويل ، عن أنس
بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله
صلاة العصر وأبطأ في ركوعه في الركعة الأولى حتى ظننا
أنه قد سها وغفل ، ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده
، ثم أوجز في صلاته وسلم ثم اقبل علينا بوجهه كأنه
القمر ليلة البدر في
وسط النجوم ، ثم جثا على
ركبتيه وبسط قامته حتى تلألأ المسجد بنور وجهه ثم رمى
بطرفه إلى الصف الأول يتفقد أصحابه رجلا رجلا ، ثم رمي
بطرفه إلى الصف الثاني ثم رمى بطرفه إلى الصف الثالث
يتفقدهم رجلا رجلا " ، ثم كثرت الصفوف على رسول الله
صلى الله عليه وآله ثم قال : مالي لا أرى ابن عمى علي
بن أبي طالب ؟ يابن عمى ، فأجابه علي عليه السلام من
آخر الصفوف وهو
|
( 1 ) في [ و ] : أولياء
على .
( 2 ) ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 251 و
268 - ورواه أيضا " أبو نعيم في
حلية الأولياء 1 / 66
قطعة من الحديث .
( 3 ) هكذا في الأصلين واغلب الظن ان
الأصح هو : سارونية كما جاء في مراصد الاطلاع وهي
مدينة من تحت مدينة بطبرستان بينها وبين البحر ثلاثة
فراسخ .
( 4 ) كفر توثا : اسم للقريتين أحدهما قرية
كبيرة من اعمال الجزيرة . . وثانيهما من قرى فلسطين .
. انظر معجم البلدان
. [ * ] |
|
|
يقول : لبيك لبيك يا رسول
الله ، فنادى النبي بأعلى صوته : ادن منى يا علي ، فما
زال علي يتخطى أعناق المهاجرين والأنصار حتى دنا
المرتضى من ( 1 ) المصطفى ، فقال له النبي : ما الذي
خلفك عن الصف الأول ؟ قال : شككت إني على غير طهر
فاتيت منزل فاطمة فناديت يا حسن يا حسين يا فضة ، فلم
يجبني أحد ، فإذا بهاتف يهتف بي من ورائي وهو ينادى :
يا أبا الحسن يابن عم النبي التفت ، فالتفت فإذا انا
بسطل من ذهب ( 2 ) وفيه ماء وعليه منديل ، فأخذت
المنديل ووضعته على منكبي الأيمن وأومأت إلى الماء
فإذا الماء يفيض على كفى ، فتطهرت فأسبغت الطهر ولقد
وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك ، ثم
التفت ولا أدرى من وضع السطل والمنديل ولا أدرى من
أخذه ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله في وجهه
وضمه إلى صدره فقبل ما بين عينيه ثم قال : يا أبا
الحسن ألا أبشرك ان السطل من الجنة والماء والمنديل من
الفردوس الأعلى ، والذي هيأك للصلاة جبرئيل ،
|
( 1 ) في المخطوطتين : إلى .
( 2 ) لا يقال : التوضؤ بالأواني المصنوعة من الذهب والفضة غير جائز
لأن الأواني المتعلقة بالجنة تختلف عن الأواني
الدنيوية ولا تجرى عليها أحكام هذه الظروف ، ونظيرها
الخمر والحرير والحلي من الذهب والفضة التي في الجنة ،
فالقرآن ناطق بتمتع المؤمنين بهذه النعم في الجنة كما
جاء في آية [ 15 ] من سورة " محمد " ، آية [ 33 ] من
سورة " فاطر " وآيات [ 12 ، 15 ، 16 ، 21 ] من سورة "
الإنسان " وآية [ 31 ] من سورة " الكهف " وآية [ 23 ]
من سورة " الحج " وآيات : [ 53 و 71 ] من سورة "
الزخرف " فالخمر والحرير والذهب الموجودة في الجنة
كلها حلال ، طيب ، طاهر ، فخمر الجنة مثلا " لا علاقة
لها بالخمر المادية القذرة كما بين القرآن الكريم ان
هذه الخمرة لا توجب السكر قال تعالى : "
لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ
عَنْهَا يُنزَفُونَ " الصافات : 47 فتلك الخمر لا توجب
فساد العقل وذهابه ولا السكر ، بل ليس فيها الا التيقظ
والنشاط واللذة العقلية ، فبينهما اختلاف ذاتي ، ولا
تشابه بينهما الا في الاسم ، فان في الجنة " ما لا عين
رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " وكل هذه
العبارات اشارات واستعارات لبيان ان ما يوجد هناك
يختلف عن ما الفه البشر في هذه الحياة وقد توجد مثل
هذه العبارات في بيان الغناء في الجنة ، وأين ما هناك
مما هنا ؟ ! رزقنا الله وإياكم من نعيم الجنة
. [ * ] |
|
|
والذي مندلك ميكائيل ، والذي
نفس محمد بيده ما زال اسرافيل قابضا على ركبتي بيده
حتى لحقت معي الصلاة أفيلومني الناس على حبك ؟ والله
تعالى وملائكته يحبونك فوق السماء ( 1 ) .
301 -
أخبرنا كمال الدين أبو ذر أحمد بن محمد ، أخبرني والدي
قاضى القضاة شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن
علي بن بندار ، أخبرنا والدي الإمام أبو ذر أحمد بن
علي بن بندار ، أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن مالك
المالكي القصار ، حدثنا أبو بكر محمد بن علي الآملي
الأصبهاني ، اخبرنا أبو القاسم هشام بن محمد بن مرة
الرعيني ( 2 ) بمصر ، حدثنا الإمام أبو جعفر أحمد بن
محمد بن سلامة الأزدي المعروف بالطحاوي ، حدثنا أبو
أمية ، حدثنا عبيدالله بن موسى العبيسي ، حدثنا الفضيل
بن مرزوق ، عن إبراهيم بن الحسن ، عن فاطمة بنت الحسين
، عن أسماء بنت عميس قالت : كان رسول الله صلى الله
عليه وآله يوحى إليه ورأسه في حجر علي عليه السلام فلم
يصل العصر حتى غربت الشمس ، فقال له رسول الله صلى
الله عليه وآله صليت يا علي ؟ فقال : لا ، فقال النبي
: أللهم انه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه
الشمس ، قالت أسماء : فرأيتها قد غربت ثم رأيتها طلعت
بعد ما غربت ( 3 ) .
302 - وبهذا الاسناد عن أبي جعفر
الطحاوي هذا ، حدثنا علي بن عبد الرحمان بن محمد بن
المغيرة ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن أبي فديك ،
أخبرني محمد بن موسى ، عن عون بن محمد ، عن أمه أم
جعفر ، عن
|
( 1 ) الحديث رواه الكنجي في
كفاية الطالب / 289 ورواه أيضا "
ابن المغازلي بصورة أخرى
في مناقبه / 94 .
( 2 ) في [ ر ] : محمد بن فره الزعيني ، في [ و ] : محمد بن قره الرعيني .
( 3 )
للحديث مصادر كثيرة منها : مناقب ابن المغازلي / 96 -
تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 2 / 283
إلى 303 بطرق مختلفة
. [ * ] |
|
|
أسماء بنت عميس : ان النبي
صلى الله عليه وآله صلى الظهر بالصهباء ( 1 ) ثم أرسل
عليا " في حاجة فرجع وقد صلى النبي العصر ، فوضع النبي
رأسه في حجر علي عليه السلام فلم يحركه حتى غابت الشمس
، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أللهم ان عبدك عليا
" احتسب بنفسه على نبيك ، فرد عليه شرقها ( 2 ) قالت
أسماء : فطلعت الشمس حتى وقفت على الجبال وعلى الأرض ،
ثم قام علي عليه السلام فتوضأ وصلى العصر ثم غابت
الشمس وذلك بصهبا في غزوة خيبر ( 3 ) .
|
( 1 ) الصهباء اسم موضع بينه وبين
خيبر روحة وفي الوفاء الوفاء : الصهباء من ادنى الخيبر بها مسجد ، وبها كان
رد الشمس كما سبق وهي على بريد من خيبر .
( 2 ) الشرق
: الضوء - لسان العرب .
( 3 ) الحديث مشهور بين العامة
والخاصة وقد رواه المحدثون من الفريقين في مصادرهم
وكتبهم ، ونشير إلى بعض تلك المصادر الجمة :
تاريخ ابن
عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 2 / من ص 283 إلى
305 - كفاية الطالب / 381 -
مناقب ابن المغازلي / 96 .
وتاريخ الخميس الجزء الثاني / 58 نقلا " عن الطحاوي في
مشكلات الحديث قال : وهذا الحديث ثابت الرواية عن
الثقات قال : وحكى الطحاوي ان أحمد بن صالح كان يقول :
لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء [
هذا الحديث ] لأنه من علامات النبوة [ بل هي من علامات
الإمامة أيضا لأنه حدث لعلي عليه السلام بعد وفاة رسول
الله صلى الله عليه وآله - راجع وقعة صفين
لنصر بن
مزاحم / 135 وينابيع المودة للقندوزي / 138 ] . ولا
يذهب الذاهب إلى ان للكواكب والأنجم نظاما " تكوينيا "
لا تتخلف عنه ولا بحال ، فلا يعقل توقفها عن مسيرها
مثلا " لأن هذه النظم مهما تكن فهي مخلوقة لله سبحانه
وتعالى ، وجارية وفق تقديره فلا يعسر على الباري جل
وعلا أن يتصرف في حين من الأحيان في هذا النظام إظهارا
" لقدرته وإثباتا لمعجزة نبيه أو وليه وكم لذلك من
نظير ، فان المعجزات كلها من هذا القبيل . ألا ترى ان
الله سبحانه شق القمر لنبيه صلى الله عليه وآله كما
جاء في سورة القمر الآية : 2 . هذا وقد قال بعض ان هذه
المعجزة [ رد الشمس ] وقعت لسليمان عليه السلام أيضا "
وقد أشار إليه الفخر الرازي في تفسيره 8 / 499 في
تفسير سورة الكوثر . وقد تكرر هذا أيضا ليوشع بن نون
وصي موسى عليه السلام حيث أوقف له الشمس عن دورانها -
راجع الخصائص الكبرى للحافظ السيوطي 2 / 183 وكفاية
الطالب للحافظ الكنجي / 383 نقلا " عن الطبراني في
معجمه ، وليس => |
|
|
303 - وأخبرنا الإمام الزاهد
صفي الدين ، ثقة الحفاظ أبو داود محمد بن سليمان بن
محمد الخيام الهمداني - فيما كتب إلي من همدان -
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد ، ويحيى بن
الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء ببغداد قالا
اخبرنا القاضي الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن محمد
بن عبيدالله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله قراءة عليه
فاقر به حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين
الواعظ سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة - حدثنا عبد الله
بن سليمان بن الأشعث ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان ،
حدثنا سعد بن الصلت ، حدثنا أبو الجارود [ الرحبي ] ،
عن أبي إسحاق الهمداني ، عن الحارث ، عن علي عليه
السلام قال لما كان ليلة بدر قال رسول الله صلى الله
عليه وآله : من يستقى لنا من الماء ؟ فأحجم ( 1 )
الناس عنه ، فقام على فاعتصم القربة ثم أتى بئرا بعيدة
القعر مظلمة فانحدر
فيها ، فأوحى لله إلى
جبرئيل وميكائيل واسرافيل تأهبوا ( 2 ) لنصر محمد
وحزبه فنزلوا من السماء ، لهم لغط يذعر ( 3 ) من سمعه
فلما مروا بالبئر سلموا عليه من أولهم إلى آخرهم
إكراما " وتبجيلا ( 4 ) .
304 - وأخبرني الشيخ
الإمام
تاج الدين شمس الأدباء أفضل الحفاظ محمد
|
=>
شأن نبينا عليه السلام بأقل من موسى عليه السلام ولا
شأن علي عليه السلام بأقل من شأن يوشع ومن المعلوم ان
هذه المعجزة وقعت لعلي عليه السلام مرتين : مرة في زمن
رسول الله في غزوة خيبر في الصهباء ، ومرة في حرب صفين
كما اشرنا إليهما آنفا ، وافرد جمع من العلماء لهذه
المعجزة مصنفات خاصة راجع الغدير 3 / 119 وما بعدها
وهوامش تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام
2 / 283 وما بعدها ، وللتوسع راجع
مسند أحمد بن حنبل 2
/ 318 .
( 1 ) الاحجام : ضد الاقدام
( 2 ) تأهب :
استعد - لسان العرب .
( 3 ) اللغظ
: الاصوات المبهمة المختلطة
، والذعر : الخوف والفزع - لسان العرب .
( 4 ) فضائل
الصحابة 2 / 613 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي
عليه السلام 2 / 359 ورواه أيضا " المحب الطبري في
ذخائر العقبى / 68
. [ * ] |
|
|
ابن بينمان بن يوسف الهمداني
فيما كتب إلي من همدان حدثني الشيخ الجليل السيد أبو
سعد شجاع بن المطفر بن شجاع العدل في ذي الحجة سنة
أربع وتسعين وأربعمائة ، أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر
أحمد بن علي بن لال حدثني أبو بكر محمد بن عبد الرحمان
الحضني حدثنا محمد بن زكريا حدثنا علي بن حكيم الجحدري
حدثنا الربيع بن عبد الله الهاشمي عن عبد الله بن
الحسن عن علي بن الحسين عن محمد بن الحنفية قال : قال
النبي صلى الله عليه وآله : لما عرج بى إلى السماء
رأيت في السماء الرابعة أو السادسة ملكا نصفه من نار
ونصفه من ثلج وفي جبهته مكتوب : أيد الله محمدا " بعلي
، فبقيت متعجبا " فقال لي الملك : مم تعجب ؟ كتب الله
في جبهتي ما ترى قبل الدنيا بألفي عام .
305 - وأخبرني
الشيخ المام الحافظ سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن
شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب إلي من همدان -
أخبرنا الرئيس عبدوس بن عبد الله بن عبدوس التأني
بهمدان اجازة ، أخبرنا الشريف أبو طالب المفضل بن محمد
الجعفري باصبهان ، أخبرنا الحافظ أبو بكر بن مردويه ،
حدثنا جدي محمد بن الحسين ، حدثنا محمد بن جرير بن
يزيد ، حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني ، حدثنا محمد بن
حسان ، عن أبي الأحوص ، عن زبيد الايامي ، عن سعيد بن
جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله : أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم لخلته ، ثم
أنا لصفوتي ، ثم علي بن أبي طالب يزف بيني وبين
إبراهيم زفا " إلى الجنة ( 1 ) .
306 - وبهذا الاسناد عن
أحمد بن مردويه هذا اجازة ، حدثنا جدي محمد بن الحسين
، حدثنا محمد بن جرير بن يزيد ، حدثنا سليمان بن
الربيع البرجمي ، حدثنا كادح بن رحمة ، عن زياد بن
المنذر ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن
لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أناه
|
( 1 ) إحقاق الحق 6 / 559 و 4 /
500 . [ * ] |
|
|
|