[ 101 ]
في (ذكر) وصيته عليه السلام (الاخيرة) على الاختصار (1)
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
ثم (إني) أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربي وربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) يقول: إن صلاح ذات البين أفضل من (عامة) الصلاة والصيام (2).
انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.
الله الله في الايتام فلا تغلبوا أفواههم (3).
(1) لعل مراد المصنف من " الاختصار " هو الاقتصار على إحدى وصايا الامام عليه السلام بعد ما ضربه أشقى البرية ابن ملجم لعنه الله تعالى، لا تلخيص الوصية الشريفة واختصارها.
(2) ومثله في المختار: " 47 " من باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام من نهج البلاغة، وقال ابن أبي الحديد في شرح الكلام: " و (لفظة) ذات ها هنا زائدة مقحمة.
(3) ومثله في المختار: (47) من الباب الثاني من نهج البلاغة، وهو من قولهم: غب فلان فلانا - على زنة " مد " وبابه -: أتاه وتركه يوما.
أو من قولهم: غبت الماشية: شربت يوما وتركت الشرب يوما.
[ 102 ]
والله (الله) في جيرانكم فإنه وصية نبيكم عليه السلام ما زال يوصي بهم خيرا حتى ظننا أنه سيورثهم.
والله الله في القرآن لا يسبقنكم بالعمل به غيركم.
والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم.
(والله الله) في بيت ربكم فلا تخلونه ما بقيتم.
والله الله في شهر رمضان / 95 / أ / فإن صيامه جنة من النار.
والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم.
والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب.
والله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن أحد (منهم) بين أظهركم (1).
والله الله في أصحاب نبيكم فإن رسول الله صلى الله عليه (وآله) أوصى بهم (2).
والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.
وأوصيكم بالضعيفين: نسائكم وما ملكت أيمانكم.
الصلاة الصلاة ولا تخافن في الله لومة لائم والله يكفكم من أرادكم وبغى عليكم.
ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيؤل الامر إلى شراركم (3) ثم تدعون
ومراده عليه السلام أن لا تجيعوا الايتام بأن تطعموهم يوما وتمسكوا الطعام عنهم يوما.
وفي المطبوع من كتاب مقاتل الطالبيين: فلا تغيرت أفواههم بجفوتكم... (1) هذا هو الصواب، وصحفه غير واحد من دعاة بني أمية بقول: " ذمة نبيكم " وهذه شنشنة أخزمية قديمة.
(2) وفي المختار الاخير من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 8 ص 480: الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثنا ولم يؤوا محدثا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث... ".
وليراجع ما أوردناه في تذييلات الوصية الشريفة.
(3) كذا في أصلي، وهو أظهر مما جاء في مصادر كثيرة: " فيولى الامر شراركم... ".
[ 103 ]
فلا يستجاب لكم.
وعليكم بالتواصل والتباذل وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم استودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ثم (لم) ينطق بعدها إلا ب " لا إله إلا الله " حتى قبض رضوان الله عليه.
وقد كان (عليه السلام) نهى الحسن عن المثلة وقال: يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون: قتل أمير المؤمنين.
ألا لا يقتلن (بي) إلا قاتلي (و) انظر يا حسن إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة ولا تمثل به فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور.
ولما قبض عليه السلام بعث الحسن إلى ابن ملجم لعنه الله فأحضره فقال (ابن ملجم) للحسن: هل لك في خصلة ؟ إني والله ما أعطيت الله عهدا إلا وفيت به وإني أعطيت الله عهدا عند الحطيم أن أقتل معاوية أو أموت فإن شئت خليت بيني وبينه ولك عهد الله إن قتلته أو لم أقتله ثم بقيت أتيت إليك حتى أضع يدي في يدك.
فقال الحسن رضي الله عنه: أما والله لا يكون ذلك حتى تعاين النار.
ثم قدمه فقتله وأخذه الناس فأدرجوه في البواري وأحرقوه (1).
و (قال الراوي: إنه لما أحضر ابن ملجم عند الحسن عليه السلام ليقتله فقال ما قال ورد عليه الحسن) قال للحسن رضي الله عنه: يا ابن رسول الله دعني أسر إليك كلمة لا تعدم منها خيرا / 95 / ب /.
فقال له (الحسن عليه السلام): يا عدو الله ما أردت إلا أن تصطلم أذني ! ! ! (ف) قال (اللعين): أما والله لو أمكنني منها لاقتلعتها من صماخها ! ! !
(1) وما ذكره الباعوني ها هنا أحسن سياق لكيفية قتل أشقى البرية ابن ملجم، وقد ورد من طريق شيعة آل أبي سفيان أخبار مستفيضة أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: افعلوا به كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل برجل أراد قتله ! فقال: اقتلوه ثم حرقوه بالنار.
وليراجع ما علقناه على الحديث: (77) من مقتل أمير المؤمنين عليه السلام - لابن أبي الدنيا - ص 86 ط 1.
[ 104 ]
فانظر إلى عدو الله لم يشغله ما حل به من البلاء العظيم وتوقع القتل والتمثيل عن الخديعة والمكر وقصد السوء.
وانظر إلى الحسن (عليه السلام) لم يغفل عن التيقظ والتحفظ وقد أصيب بهذا المصاب الجسيم والهول العظيم.
(قال الباعوني:) وفيما سقته من أمر مقتله (عليه السلام) كفاية والله أعلم.
وأما البرك بن عبد الله فإنه توجه في تلك الليلة التي ضرب فيها علي عليه السلام بقصد معاوية (إلى مسجد دمشق) فلما خرج (معاوية لصلاة) الغداة شد عليه بسيفه فوقع السيف بإليته وأخذ (الرجل) فقال (لمعاوية): إن عندي خبرا أسرك به فإن أخبرتك فنافعني عندك ؟ قال (معاوية): نعم.
قال: إن أخا لي قتل علي بن أبي طالب في هذه الليلة.
قال: لعله لم يقدر على ذلك.
قال: بلى إن عليا يخرج وليس معه أحد يحرسه.
(فحبسه معاوية عنده فلما أتاه أن عليا قتل خلى سبيله.
وقال غيره من الرواة: بل قتله من وقته) (1).
وبعث معاوية إلى الساعدي وكان طبيبا فلما نظر إليه قال له: اختر إحدى خصلتين: إما أن أحمي حديدة فأضعها موضع السيف وإما (أن) أسقيك شربة ينقطع بها منك الولد وتبرأ فإن ضربتك مسمومة.
قال معاوية: أما النار فلا صبر لي عليها وأما إنقطاع الولد فإن في يزيد (وعبد الله) ما تقر به عيني.
فسقاه (الطبيب) تلك الشربة فبرأ ولم يولد له بعدها ولد.
وأما عمرو بن العاصي فإن صاحبه جلس له تلك الليلة فلم يخرج (عمرو) وكان (عمرو) قد اشتكى بطنه (تلك الليلة) فأمر خارجة - وكان صاحب شرطته - فخرج (خارجة) ليصلي مكانه فشد عليه (الخارجي) وهو يرى أنه عمرو فضربه فقتله وأخذه الناس وانطلقوا به إلى عمرو وهو يسلمون عليه بالامرة فقال (الخارجي): من هذا ؟ قالوا: عمرو بن العاص.
قال: فأنا من قتلت ؟ قالوا: خارجة.
فقال: أنا أردت عمرا وأراد الله خارجة والله ما أردت يا فاسق إلا أنت.
فقدمه (عمرو) وقتله، وقد تقدم ذكر بعض ذلك و (لكن) إنما الحديث ذو شجون.
ولما انتهى خبر علي رضي الله عنه إلى عائشة أم المؤمنين " رض " قالت: فألقت عصاها واستقر بها النوى كما / 96 / أ / قر عينا بالاياب المسافر
(1) ما بين المعقوفين أخذناه من كتاب مقاتل الطالبين ص 30
[ 105 ]
ثم قالت: فإن يك نائيا فلقد نعاه نعاة ؟ ليس في فيها التراب (1) فقالت لها زينب بنت أبي سلمة: أبمثل هذا تقولين لعلي ؟ قالت: إني أنسى فإذا نسيت فذكروني ! ! ! وقال ابن أبي مياس (المرادي): ولم أر مهرا ساقه ذو سماحة كمهر قطام من فخار مفخم (2)
(1) كذا في أصلي، وفي كتاب مقاتل الطالبيين ص 42: " غلام ليس في فيه التراب ".
وهكذا كانت أم المؤمنين في أحقادها على أمير المؤمنين عليه السلام ما كانت تكتفي بإضمارها بل كانت تبديها كلما تسمح لها الظروف والمقتضيات، وقد روى أبو الفرج في هذا المقام من كتاب مقاتل الطالبيين بسنده عنها ما يكشف عما كانت تضمر أم المؤمنين بجميع المعنى قال: حدثني محمد بن الحسين الاشناني قال: حدثنا أحمد بن حازم قال: حدثنا عاصم بن عامر وعثمان بن أبي شيبة، قالا: حدثنا جرير عن الاعمش عن عمرو بن مرة: عن أبي البختري قال: لما أن جاء عائشة قتل علي عليه السلام سجدت ! ! ! وقد روى الزبير بن بكار ما هو أشد مما ذكرناه عن أبي الفرج، كما في الجزء: " 16 " من كتاب الموفقيات ص 131، طبعة بغداد، قال: حدثت عن ابن دأب، عن موسى بن عقبة، عن ذكوان مولى أم سلمة عن زينب بنت أبي سلمة قالت: كنت يوما عند عائشة ابنة أبي بكر زوج النبي صلى الله عليه وآله فإني لعندها إذ دخل رجل معتم عليه أثر السفر فقال: قتل علي بن أبي طالب - عليه السلام - فقالت عائشة: (ف) إن يك نائيا فلقد نعاه نعي ليس في فيه التراب ! ! ثم قالت: من قتله ؟ قالوا: رجل من مراد، قالت: رب قتيل لله بيد رجل من مراد ؟ ! ! قالت زينب: فقلت: سبحان الله يا أم المؤمنين أتقولين مثل هذا لعلي في سابقته وفضله ؟ فضحكت وقالت: بسم الله إذا نسيت فذكريني ! ! وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى هذا الحقد المشتعل في المختار: (154) من نهج البلاغة فقال: وأما فلانة فأدركها، أي النساء وضغن غلا في صدرها كمرجل القين... وانظر شرح الكلام في شرح ابن أبي الحديد، أو محمد عبدة على نهج البلاغة.
(2) كذا في أصلي، والمتداول في كتب السير والتواريخ، ومنها تاريخ الطبري: " كمهر قطام من فصيح وأعجم ".
[ 106 ]
ثلاثة آلاف وعبد قينة وقتل علي بالحسام المصمم فلا مهر أغلى من علي وإن غلا ولا قتل إلا دون قتل ابن ملجم (1) وقال أبو الاسود الدؤلي: يرثي عليا عليه السلام: ألا أبلغ معاوية بن حرب فلا قرت عيون الشامتينا أفي شهر الصيام فجعتمونا بخير الناس طرا أجمعينا قتلتم خير من ركب المطايا ورحلها ومن ركب السفينا ومن لبس النعال ومن حذاها ومن قرأ المثاني والمئينا إذا استقبلت وجه أبا حسين رأيت البدر راع الناظرينا وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله (ص) قال: ألا أخبرك بأشد الناس عذابا يوم القيامة ؟ قال: بلى يا رسول الله.
قال: عاقر ناقة ثمود وخاضب لحيتك بدم رأسك (2).
وحكى أبو الاصبغ (3) قال: قدم علينا شيخ شديد البياض يشبه بياضه البرص يقال له: ابن الماء وكان عربيا فذكر أنه كان نصرانيا وكان يتعبد في صومعته فبينا هو ذات يوم أو ليلة في صومعته إذ جاء طائر كالنسر يشبه الكركي بسطح الصومعة وفي منقاره بضع لحم ؟ ثم نقرها فعادت بضع لحم ؟ ثم ابتلعها وطار ! ! ! ثم جاء الليلة الثانية ففعل مثل ذلك.
ثم جاء الليلة الثالثة ففعل مثل ذلك فالتأم رجلا فقلت له: أسألك بالله من أنت ؟ قال: (أنا) عبد الرحمان بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل الله بي هذا الطائر يفعل بي ما ترى / 96 / ب / إلى يوم القيامة ! ! ! وروي عن علي رضي الله عنه (على ما) خرجه أبو الفتوح محمد بن محمد الطائي
(1) ومثله في تاريخ الطبري، وفي بعض المصادر: " ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم ".
(2) والحديث رواه ابن عبد ربه في آخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام في العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم من العقد الفريد: ج 5 ص 102، طبعة بيروت.
والحديث قد تقدم عن المصنف في أوائل الباب: " 58 " من هذا الكتاب الورق 91 / ب / وقد ذكرنا هناك ما عندنا.
(3) كذا في أصلي، ولم أطلع بعد على هوية أبي الاصبغ هذا ولكن لحديثه مصادر وشواهد، وقد رواه الخوارزمي في الفصل: " 26 " من كتابه مناقب علي عليه السلام ص 281، طبعة الغري.
ورواه الحموئي بسند آخر، في أواخر الباب: " 70 " من فرائد السمطين: ج 1، ص 393 ط 1.
[ 107 ]
بسنده عن القاسم بن (نافع المعروف ب) أبي بزة قال: سمعت أبا الطفيل قال: قلنا لعلي رضي الله عنه: هل ترك رسول الله (ص) كتابا عندكم ؟ قال: ما ترك (عندنا) كتابا نكتمه إلا شيئا في علاقة سيفي.
(قال أبو الطفيل:) فوجدنا (في علاقة سيفه) صحيفة صغيرة فيها: لعن الله من زحزح منار الارض.
وهو (حديث) صحيح متفق عليه من حديث أبي الطفيل خرجه مسلم في كتابه عن محمد بن بشار ومحمد بن المثنى عن غندر عن شعبة عن القاسم بن أبي بزة رواه عن النبي (ص) (5).
(و) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو رابع الخلفاء الراشدين أقدمهم إجابة وإيمانا (6) (وهو) أبو الحسنين علي بن أبي طالب.
(قال الباعوني:) نقلت ذلك من رسالة ابن عبدون المسماة ب " سرح العيون " (قال:) ولم ينم (علي عليه السلام في) ليلة قتل (فيها) وإنما (كان) يمشي (بين الباب و) المسجد (7) ويقول: والله ما كذبت ولا كذبت وإنها لهذه الليلة التي وعدت، ومتى يبعث
(1) رواه مسلم في باب فضل المدينة من كتاب الحج من جامعه: ج 2 ص... وأيضا رواه مسلم في الباب الرابع من كتاب العتق من جامعه: ج.. ص... وأيضا رواه مسلم في آخر كتاب الاضاحي من جامعه: ج 6 ص 84.
وأما البخاري فقد رواه في الباب الثاني من كتاب الفرائض من جامعه.
ورواه أحمد بن حنبل في أوائل مسند علي عليه السلام من كتاب المسند: ج 1، ص 81، و 118، 119، و 126، ط 1.
وليلاحظ ما علقناه على الحديث الاول والحديث: " 1042 - 1043 " من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 16، ط 2، وج 3 ص 22 ط 2.
(2) وأخبار المسلمين بذلك متواترة، وقد تقدم نبذ من ذلك عن المصنف في الباب السادس من هذا الكتاب.
ومن أراد استيعاب ذلك فعليه بما أورده الحافظ ابن عساكر - وما أوردناه في تعليقه - في الحديث: " 59 - 141 " من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 41 - 117، ط 2.
(3) ما بين المعقوفين مأخوذ مما رواه المسعودي في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مروج
[ 108 ]
أشقاها ؟ (1) فرحمة الله ورضوانه عليه
الذهب: ج 2 ص 413 قال: وقيل: إن عليا لم ينم تلك الليلة وأنه لم يزل يمشي بين الباب والحجرة وهو يقول: " والله ما كذبت ولا كذبت، وإنها الليلة التي وعدت فيها... وقريبا منه رواه الشيخ المفيد في كتاب الارشاد.
وليراجع ما أوردناه في شرح المختار: " 5 " من باب وصايا أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 7 ص 101 - 122، ط 1.
(1) وحديث: " يقتلك أشقى الاخرين " أورده ابن عبد البر بطرق أواخر ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الاستيعاب: ج 3 ص 1125، طبعة القاهرة.
[ 109 ]
الباب الستون في غسله، وكفنه، والصلاة عليه، ودفنه، وإخفاء قبره عليه السلام غسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفن رضوان الله عليه في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص.
وصلى عليه الحسن وكبر عليه تسع تكبيرات.
ودفن بدار الامارة خوفا من الخوارج أن ينبشوه.
هذا هو المشهور (1)
(1) أي إن القول بدفن أمير المؤمنين عليه السلام بدار الامارة خوفا من أن ينبشه الخوارج هو المشهور.
أقول: مراد المصنف من قوله: " هو المشهور " الشهرة بين المفارقين عن أهل البيت، لانا نعلم - وكل من يراجع ترجمة المؤلف وكتابه أيضا يعلم - أن الباعوني مؤلف هذا الكتاب لم يكن محشورا مع حفاظ الشيعة ولا مراجعا لما كتبه علماء الشيعة حتى يحكي عنهم ويحكم بأن ما ذكره مشهور بين جميع العلماء حتى علماء الشيعة، فمراده من الشهرة هي الشهرة بين المنقطعين عن أهل البيت، الملتصقين ببني أمية وحفاظهم.
واشتهار شئ بين هؤلاء بل اتفاقهم عليه لا يفيد شيئا، لا سيما في مثل هذا الامر الذي يكتم على الاعداء، ويكون العلم به والاطلاع عليه مختصا بخواص أولياء أمير المؤمنين والملازمين بهم.
والمتفق عليه بين أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بأمر منه دفن بالغري في ظهر الكوفة في القبة المقدسة التي بنيت بعد على مدفنه الشريف وتزوره في كل يوم وليلة آلاف من الشيعة وغيرهم من زمن قديم إلى عصرناا هذا، وهذا عندهم من الضروريات التي لا يشوبها شك.
[ 110 ]
ويقال: إنه حمل على راحلته فلا يدرى أين ذهبت (به) (1).
وحكى الخطيب (2) أن الحسن والحسين حولاه ونقلاه إلى المدينة فدفناه عند فاطمة رضي الله عنهما.
(1) والظاهر أن هذا موجز ما أورده الخطيب في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ بغداد: ج 1، ص 137.
(2) ذكره الخطيب في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ بغداد: ج 1 ص 137 - 138 ومما يؤيد ما هو المتفق عليه بين أهل البيت وشيعتهم عليهم السلام هو ما رواه ابن أبي الدنيا - المتوفى عام: (281) - في عنوان: " موضع دفن علي رحمة الله عليه " تحت الرقم: (68) من مقتل أمير المؤمنين عليه السلام ص 79 ط 1، قال: حدثني أبي رحمه الله، عن هشام بن محمد، قال: قال لي أبو بكر بن عياش: سألت أبا حصين وعاصم بن بهدلة والاعمش وغيرهم فقلت: (هل) أخبركم أحد أنه صلى على علي أو شهد دفنه ؟ قالوا: لا.
فسألت أباك محمد بن السائب فقال: أخرج به ليلا خرج به الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة.
قال (أبو بكر ابن عياش): فقلت لابيك: لم فعل به ذلك ؟ قال: مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم.
والحديث رواه ابن عساكر تحت الرقم: (1438) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 376 وقد علقنا شواهد عليه وعلى كتاب المقتل فليراجع.
وأما ما ذكره الباعوني من أن دفن أمير المؤمنين عليه السلام في مدفنه كان لاجل الخوف من أن ينبشه الخوارج، ففيه أن الخوف لم يكن مقصورا على الخوارج، فكان ينبغي له أن يقول: خوفا من أن ينبشه الخوارج والنواصب، أو يقول خوفا من أن ينبشه أعداؤه أو نحو ذلك، بل بملاحظة إخبار أمير المؤمنين المقطوع الصدور عنه عليه السلام من سلطة بني أمية - على الكوفة وعلى جميع الاقطار الاسلامية - كان ينبغي للمصنف أن يقول: " خوفا من أن ينبشه بنو أمية وعمالهم ".
وهذا الوجه الاخير دليل على أنه عليه السلام لم يدفن في دار الامارة إذ من المستحيل من العقلاء ممن يعرف أن دار الامارة ستصير مركزا للملاحظة من أعدائه من عمال بني أمية أن لا يعهد إلى أوليائه بعدم دفنه فيها ! ! ! وإليك أيها القارئ بعض الشواهد من كتاب موالي بني أمية على أن الخوف من بني أمية وعمالهم لم يكن أقل من الخوف من الخوارج:
[ 111 ]
روى البلاذري في آخر ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الاشراف: ج 2 ص 509 قال: وحدثني (عباس بن) هشام، عن أبيه عن عوانة عن عبد الملك بن عمير أن الحجاج بن يوسف عمل في القصر بالكوفة عملا فوجد (عماله) شيخا أبيض الرأس واللحية مدفونا (فأخبروه) فقال: أبو تراب والله.
وأراد أن يصلبه، فكلمه عنبسة بن سعيد في ذلك وسأله أن لا يفعل: فأمسك.
ورواه أيضا ابن أبي الدنيا، بسنده عن الشعبي في الحديث (73) من مقتل أمير المؤمنين قال: حدثني الحارث بن محمد التميمي حدثنا داود بن المحبر، حدثنا المحبر بن قحذم، عن مجالد بن سعيد: عن الشعبي قال: أمر الحجاج بن يوسف ببناء القبة التي بين يدي المسجد بالكوفة فلما حروا أساسها هجموا على جسد طري فإذا به ضربة على رأسه طرية، فلما نظروا إليه قالوا: هذا علي بن أبي طالب: فأخبر الحجاج بذلك، فقال: من يخبرني عن هذا ؟ فجاءه عدة من مشيخة الكوفة، فلما نظروا إليه قالوا: هذا علي بن أبي طالب، فقال الحجاج: أبو تراب لاصلبنه ! ! فقال له ابن أم الحكم: أذكرك الله أيها الامير أن تلقي هذه الثائرة بيننا وبين إخواننا من بني هاشم، فقال له الحجاج: فما تخشى ؟ أتخشى أن يؤتى جسدك بعد موتك فيستخرج ؟ مرهم أن يدفنوك حيث لا يعلم بك.
فقال له ابن أم الحكم: والله ما أبالي إذا أتي جسدي فأستخرج جسدي كان أم جسد غيري إذا قيل: هذا جسد فلان ؟ ! فأمر الحجاج بحفائر حفرت من النهار، ثم أمر بجسد علي فحمل على بعير وأطرافه تنشل فخرج به ليلا فدفن في ناحية أخرى حيث لا يعلم به.
وروى خطيب آل أمية بسنده عن عبد الملك بن عمير من رجال صحاح الست الاموية في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ بغداد: ج 1 ص 137، قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان، قال: أنبأنا عبد الله بن إسحاق الخراساني قال: نبأنا أبو زيد بن طريف، قال: نبأنا إسماعيل بن موسى قال: نبأنا أبو المحياة: عن عبد الملك بن عمير، قال: لما حفر خالد بن عبد الله أساس دار يزيد ابنه استخرجوا شيخا مدفونا أبيض الرأس واللحية فقال: أتحب أن أريك علي بن أبي طالب ؟ فكشف لي فإذا بشيخ أبيض الرأس واللحية كأنما دفن بالامس طري - وزاد في الحديث إسماعيل بن بهرام -: فقال: يا غلام علي بحطب ونار ! ! ! فقال الهيثم بن العريان: أصلح الله الامير ليس يريد القوم منك هذا كله.
فقال (خالد): يا غلام علي بقباطي.
(فجئ بها) فلفه فيها وحنطه وتركه مكانه.
وانظر ما يأتي عن المصنف - بروايته عن خطيب آل أمية - في آخر هذا الباب.
ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة ما فعله يوسف بن عمر عامل بني أمية ببدن زيد الشهيد وأصحابه من كتاب أنساب الاشراف: ج 3 ص 251 وما حولها، ط 1.
[ 112 ]
وأورد بعضهم خبرا في دفنه وهو غريب ولكني رأيته في بعض الكتب (1) وقد ذكر بسند طويل، ولا أدري صحيح أم سقيم، والله سبحانه أعلم، قال: حدثنا المقدم بن عبد الله، قال: حدثنا عمرو بن عائد ؟ قال: صعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه المنبر وحض الناس على الجهاد وقتال عدوهم وقال: يا قنبر أخرج الراية وانصبها بالنخيلة، فو الله لا أردها حتى أوردها القصور الحمر من الشام.
فقال أهل الكوفة: يا أمير المؤمنين الحر شديد / 96 / ب / فلو صبرت إلى أن تطيب الزمان ويعتدل.
فأمر قنبرا فرد الراية ودعا برقبة و (أ) عتقها، فلما طاب الزمان صعد المنبر وأمر بالراية أن ينصبها ؟ وحض الناس على الجهاد ووبخهم (على إبطائهم لاجابته) فأجمع أهل الكوفة وتحالفوا (على) أن لا يخلفوا بالكوفة إلا شيخا عاجزا لا يقوى على السفر (أو) غلاما لا يطيق حمل السلاح.
قال أبو عبد الله (الجدلي): وكان عمي ممن قطع عنه البعث ؟ فقال: لو أتيت أمير المؤمنين لعله يضع عني البعث.
قال: فأتيته في الغلس فإذا الباب لا يحجبه حاجب ولا عنده أحد، فلما سمع حسي قال: من هذا ؟ قال: (قلت:) أنا (أبو) عبد الله الجدلي.
قال: ألك حاجة ؟ قلت: نعم.
قال: تصبح إن شاء الله وتذكر حاجتك.
أو يراجع إلى ما فعله شقيق بني أمية المتوكل على الشيطان العباسي بمدفن سيد الشهداء ريحانة رسول الله الامام الحسين عليه السلام في كربلاء.
(1) لم يذكر المصنف معرفات مصدره حتى نراجعه إذا كان الوقوف عليه ميسورا، ولكن وجدنا قريبا مما رواه الباعوني ها هنا، فيما أورده السيد عبد الكريم ابن طاووس المتوفى سنة (693) في الباب الثاني من كتاب فرحة الغري 32 ط 1، قال: وذكر جعفر بن مبشر (المترجم في لسان الميزان: ج 2 ص 121، وفهرس ابن النديم) في كتابه في نسخة عتيقة عندي ما صورته قال: قال المدائني عن أبي زكريا، عن أبي بكر الهمداني عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة (عن) عبد الله بن محمد عن علي بن اليمان عن أبي حمزة الثمالي (عن) أبي جعفر محمد بن علي.
و (عن) القاسم بن محمد المقري عن عبد الله بن زيد عن المعافا عن عبد السلام عن أبي عبد الله الجدلي قالوا: إستنفر علي بن أبي طالب عليه السلام الناس في قتال معاوية في الصيف وذكر الحديث مطولا وقال في آخره (قال) أبو عبد الله الجدلي وقد حضره - عليه السلام - وهو يوصي الحسن فقال: يا بني إني
[ 113 ]
قال أبو عبد الله: فخرجت ودخلت (المسجد) من باب الفيل، ودخل أمير المؤمنين من بابه، فلما توسط المسجد سمعت صياحا وجلبة وسمعت أم كلثوم (تقول:) ردوا إلي قاتل أبي ؟ (فتقدمت) فإذا أمير المؤمنين مستند إلى حائط المسجد وقد خضبت لحيته الدم ؟ فحمل وأدخل داره وصلى الحسن بالناس فزاحمت حتى صرت عند رأس أمير المؤمنين، فدعا الحسن ابنه فقال: يا حسن.
قال: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: خذ أسيرك فألن وطاءه وأطب طعامه فإن أمت فضربة بضربة وإن أعش أخذت حقي بيدي.
فقال ابن ملجم عليه اللعنة: ما زلت يا أمير المؤمنين عدلا في الغضب والرضا (ولكن) إنك ميت.
قال: يا فاسق وما علمك بذلك ؟ قال: يا أمير المؤمنين كيف لا أعلم وإني أسم السيف منذ شهر ! ! ! فالتفت (أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن) وقال: يا حسن.
قال: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: إني ميت بعد ثلاث، فإذا مت فكفني بثياب بياض وحنطني بفضلة الحنوط الذي نزل به جبرئيل إلى جدك من الجنة، وضعوني على سريري واحملوا مؤخر السرير فسيروا حيث سار بكم السرير، فإذا وقف قفوا، ثم احفروا فإنكم ستجدون ساجة اتخذها لي جدك (نوح) عليه أفضل الصلاة والسلام فضعوني فيها، وضعوا علي من اللبن سبعا، فإن انكشف بعض اللبن فلم تروني فلا يهولنكم ذلك / 97 / أ / فإن الله لو قبض نبيه بالمغرب ووصيه بالمشرق لجمع بينهما.
قال أبو عبد الله (الجدلي): فأتيت اليوم الثاني والثالث ؟ وقد توفي عليه السلام وغسل وكفن ووضع على سريره رضي الله عنه، فلما حمل المؤخر وإن المقدم ليسير بنا ؟ فلما وقف السرير وقفنا وحفرنا فوجدنا ساجة منقورة على مثال أمير المؤمنين فوضعناه فيها، ووضعناه عليه من اللبن سبعا فذهب الحسن ليكشف اللبن فلم ير شيئا، والله أعلم
ميت من ليلتي هذه فإذا أنا مت فغسلني وكفني وحنطني بحنوط جدك وضعني على سريري ولا يقربن أحد منكم مقدم السرير فإنكم تكفونه، فأينما المقدم ذهب فاذهبوا حيث ذهب، فإذا وضع المقدم فضعوا المؤخر.
ثم تقدم أي بني فصل علي وكبر سبعا فإنها لن تحل لاحد من بعدي إلا لرجل من ولدي يخرج في آخر الزمان يقيم اعوجاج الحق، فإذا صليت، فخط حول سريري، ثم احفر لي قبرا في موضعه إلى منتهى كذا وكذا، ثم شق لحدا فإنك تقع على ساجة منقورة إدخرها لي أبي نوح وضعني في الساجة، ثم اصنع لي سبع لبنات كبار، ثم ارقب هنيئة، ثم انظر فإنك لن تراني في لحدي وبعده أيضا حديث آخر في معنى ذيل الحديث.
[ 114 ]
وقد وقع اختلاف كثير في موضع قبره، وقد رأيت في (كتاب) منهاج الطالبيين تاريخ هارون (1) قال: دفن (أمير المؤمنين) بزاوية الجامع بالكوفة.
وقيل حمل إلى سمرقند ودفن إلى جنب ابن عمه قثم بن العباس ؟ وقيل: كان مدفونا بجامع الكوفة فاستخرجه الحجاج بن يوسف ودفن حيث لا يعلمون.
وقال أبو نعيم: نقل إلى المدينة.
وقيل إن الرشيد خرج يوما إلى الصيد فأتى إلى موضع قبره الان فأرسل فهدا على صيد فتبع الفهد الصيد إلى موضع القبر فوقف ولم يتجاوزه فعجب الرشيد من ذلك ف (أ) حضر إليه رجل ؟ وقال: يا أمير المؤمنين (مالي من الكرامة) إن دللتك على قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟ قال: كل كرامة.
قال: هذا قبره.
قال: من أين علمت ؟ قال: كنت أخرج (إليه) مع أبي فيزوره، وأخبرني أنه كان يجئ مع جعفر الصادق فيزوره، وأن جعفرا كان يجئ (مع أبيه محمد الباقر فيزوره، وأن محمدا كان يجئ) مع علي بن الحسين فيزوره، وأن الحسين أعلمهم أن هذا قبره.
فتقدم الرشيد بأن يحجر ويبنى عليه، فكان أول من بنى (عليه) هو، ثم تزايد البناء.
(وروى الخطيب في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ بغداد: ج 1، ص 136، قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان، قال: أنبأنا عبد الله بن إسحاق الخراساني قال: أنبأنا زيد بن طريف قال: أنبأنا إسماعيل بن موسى قال: أنبأنا أبو المحياة): قال: لما حفر خالد بن عبد الله أساس دار يزيد ابنه استخرجوا شيخا مدفونا أبيض الرأس واللحية، فقال (الحفار): أتحب أن أريك علي بن أبي طالب ؟ فكشف لي ؟ فإذا بشيخ أبيض الرأس واللحية كأنما دفن بالامس طري - وزاد في الحديث إسماعيل بن بهرام ؟ - فقال: يا غلام علي بحطب ونار ! ! ! فقال الهيثم بن العريان: أصلح الله الامير ليس يريد منك القوم هذا كله.
فقال: يا غلام علي بقباطي.
(فجئ بها) فلفه فيها وحنطه وتركه مكانه.
قال أبو زيد بن طريف: هذا الموضع بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد
(1) كذا في أصلي، ولم أطلع بعد على كتاب منهاج الطالبيين تاريخ هارون ؟
[ 115 ]
بيت إسكاف وما يكاد يقر في ذلك الموضع أحد إلا انتقل عنه (1).
(و) قال أحمد بن عبد الله العجلي: دفن رضي الله عنه بالكوفة ولا يعلم مكانه وقيل: دفن بقصر الامارة بالكوفة وغبي قبره فلم يعرف.
وعن عاصم عن الاعمش قال: أخرج ليلا مع / 97 / ب / أهل بيته الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، ودفن بظاهر الكوفة (2).
(1) كذا في تاريخ بغداد، وبما أن الحديث كان منقولا منه، وكان في نسختي نقص فاحش نقلناه عن مصدره وهو تاريخ بغداد، وإليك لفظ المصنف: وقال أبو يزيد بن ظريف: حدثنا أبو المحاسن عن عبد الملك بن عمير، قال: حفر خالد بن عبد الله أساس دار ابنه فاستخرجوا منه شيخا أبيض الرأس واللحية فقال: أتحب أن أراك عليا ؟ قلت: نعم.
فكشف لي عنه وهو كأنه كما دفن غضا طريا لم يتغير، ثم قال: يا غلام علي بالقباطي.
فكفنه فيها بعد أن حنطه، وأعاده إلى مكانه.
ورواه ابن عساكر - بسنده عن الخطيب - في الحديث: " 1436 " من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 3 ص 375 ط 2.
(2) وقريبا منه رواه السيد النقيب عبد الكريم ابن طاووس المتوفى عام " 693 " في الباب الثاني من كتاب فرحة الغري ص 32 ط 1.
وقد تقدم أن هذا من الضروريات عند شيعة أهل البيت عليهم السلام، ولها شواهد في كتب بعض المنصفين من أهل السنة، كما أشرنا إلى بعضها فيما تقدم.
[ 117 ]
في أسمائه (عليه السلام) (1)
وقد تقدم ذكر شئ منها في أول الابواب ؟ ولم يذكر (هناك) غالبها فنذكر الان ما أهملناه (هناك) مما اختصرناه، على سبيل الاختصار: فمن أشهر أسمائه رضي الله عنه وأعرفها هو علي (2) وقد تقدم (في الباب الاول من هذا الكتاب).
ومنها حيدرة، وقد تقدم قوله (رضي الله عنه): أنا الذي سمتني أمي حيدة (ضرغام آجام وليث قسوة) وحيدرة من أسماء الاسد، وقيل: إنما سمته بهذا (أمه) - إلا أنه اسم أسد ؟ - وكان أبوه غائبا، فلما حضره سماه عليا.
ومنها أبو القصم (3) لانه لما بارزه عمر بن عبد ود قال: إلي فأنا أبو القصم ؟ وذلك
(1) كذا في أصلي ها هنا، ولم يذكر المصنف هذا الباب - أي الباب الستون في أسماء علي عليه السلام - في مقدمة جواهر المطالب هذا عند تعداد أبوابه.
ثم العنوان خاصة - دون ذيله وما ذكر بعده - مكرر ما تقدم آنفا.
(2) لعل هذا الصواب، وفي أصلي المخطوط: " فمن أشهر أسمائه رضي الله عنه أشهرها وهو علي ".
(3) كذا في أصلي بالصاد المهملة، وروى أبو نعيم الحافظ في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب معرفة الصحابة: ج 1، ص 281 ط 1، قال: حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا عمرو بن أبي الطاهر ؟ حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني قال: سمعت زهير بن معاوية وذكر عليا فدمعت عيناه وقال: كان علي يكنى بأبي قصم ؟.
وصريح ما ينقله المصنف بعد ذلك عن السهيلي أنه ضبط " قصم " بالصاد المهملة، وهذا خلاف ما هو المعروف بين المحدثين فإنهم ذكروه بالضاد المعجمة قال ابن الاثير في مادة " قضم " من كتاب النهاية: ج 4 ص 78: ومنه حديث علي: كانت قريش إذا رأته قالت: " احذروا الحطم، احذروا
[ 118 ]
إنه خرج عمرو يوم الخندق، فنادى هل من مبارز ؟ فقام علي بن أبي طالب وهو مقنع بالحديد ؟ فقال: أنا له يا نبي الله، قال: إنه عمرو اجلس.
ونادى عمرو: ألا رجل يبارزني ؟ وهو يوبخهم ويقول: (أين المشتاق إلى) جنتكم التي تزعمون أنه من قتل (منكم) دخلها (1) أفلا تبرزون إلي ؟ فقال علي: أنا له يا رسول الله.
قال: إنه عمرو فاجلس.
ثم نادى الثالثة فقام علي فقال: أنا له يا رسول الله.
فقال: إنه عمرو.
فقال: وإن كان عمر فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه علي حتى أتاه وهو يقول: لا تعجلن فقد أتا ك مجيب صوتك غير عاجز ذو نية وبصيرة (والصدق منجا كل فائز) فقال له عمرو: من أنت ؟ قال: (أنا) علي بن أبي طالب.
قال: ابن عبد مناف ؟ قال: نعم.
قال: غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فإني أكره أن أريق دمك.
فقال علي رضي الله عنه: لكني والله ما يريق دمك إلا أنا ! ! (2).
فغضب (عمرو) ونزل وسل سيفه وكأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبا واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو فقدها وأثبت فيها سيفه وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي على حبل عاتقه فسقط وثار العجاج، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير فعرف أن عليا قتله (ف) قال علي رضي الله عنه أنا أبو القصم.
ثم أقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متهلل.
فقال له عمر بن الخطاب: هلا سلبته درعه فإنه ليس في العرب درع خير منه 98 / أ /.
فقال: إنه استقبلني بسوأته حين ضربته فاستحييت أن أسلبه.
القضم " أي الذي يقضم الناس فيهلكهم.
وليلاحظ ما علقناه على هذا البحث في خاتمة تفسير آية المودة الورق 72 / ب /.
(1) ما وضعناه بين المعقوفين معنى لازم الكلام وليس منطوقه المطابقي.
الحديث: (216) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق - وغيره - ج 1، ص 170، ط 2.
(2) كذا في أصلي، وفي تاريخ دمشق وغيره: " فقال علي لكني والله ما أكره أن أهريق دمك....
".
وانظر كتاب المغازي من مستدرك الحاكم: ج 3 ص 32 ودلائل النبوة للبيهقي: ج 3 ص 435 وتفسير الاية: (25) من سورة الاحزاب من شواهد التنزيل ج 2 ص 10، ط 2، والبداية والنهاية: ج 4 ص 106، وبحار الانوار: ج 20 ص 257.
[ 119 ]
وقيل: إنما قال (علي): أنا أبو القصم يوم بارز طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين، قال (القائل): حدثنا المغيرة، قال: حدثني عمرو بن المثنى قال: كان لواء المشركين يوم " أحد " مع طلحة.
وذكر (ه) ابن هشام، قال: لما اشتد (الامر) يوم " أحد " وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راية الانصار أرسل إلى علي أن قدم الراية.
فتقدم علي رضي الله عنه وقال: أنا أبو القصم فناداه طلحة: وهو صاحب لواء المشركين يومئذ -: هل لك يا أبا القصم في البراز ؟ قال: نعم.
فبرز إليه فضربه علي فصرعه ثم انصرف عنه ولم يجهز عليه، فقال له أصحابه: فهلا أجهزت عليه ؟ قال: إنه استقبلني بعورته فعطفتني عليه الرحم وعلمت أن الله قد قتله (1).
قال الامام أبو القاسم السهيلي: إنما قال علي: " أنا أبو القصم " لقول أبي سعيد طلحة: " أنا قاصم من يبارزني ؟ " والقصم: جمع قصمة وهي المعضلة المهلكة.
وإنما قال علي: " أنا أبو القصم " أي أبو المعضلات، والقصم كسير بغير سوية أعظم ؟ وفي الاية: (11) من سورة الانبياء من) التنزيل (الكريم الحميد): * (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة) *.
وفيه (أيضا): * (لا انفصام لها) * (256 / البقرة: 2) ذكره السهيلي رحمه الله في (كتاب) الروض (الانف).
(1) وقريبا من ذيل الحديث رواه الطبري في حوادث السنة الثالثة الهجرية في وقعة " أحد " من تاريخه: ج 2 ص 509 ط مصر، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم قال: ثم إن طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين قام فقال: يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار ؟ ! ! فقال إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى أعجلك بسيفي إلى النار أو تعجلني بسيفك إلى الجنة ؟ ! فضربه علي فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال: أنشدك الله والرحم يا ابن عم.
فتركه (علي) فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لعلي: ما منعك أن تجهز عليه ؟ قال: إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته، فاستحييت منه.
[ 120 ]
ومن أسمائه (عليه السلام) يعسوب (المؤمنين) (1).
وقد ذكر الشيعة (لعلي عليه السلام) أسماء كثيرة، وألقاب متعددة (2) وفي هذا القدر (الذي ذكرناه ها هنا) كفاية.
(1) وقد ورد أخبار مستفيضة قطعية الصدور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه لقبه ب (يعسوب المؤمنين " ويجد الطالب قبسات من تلك الاخبار في الحديث: (119) وما بعده وتعليقاتها من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 87 - 89 ط 2.
وهكذا يجد الباحث أسانيد أخر للحديث تحت الرقم: (179، 194، 200، 220، و 502، من مناقب محمد بن سليمان: ج 1، ص 267 - 268 و 280 و 284 وفي ج 2 ص 14.
وأيضا رواه أبو نعيم الحافظ في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب معرفة الصحابة: ج 1 / الورق 21 / أ / وفي ط 1: ج 1، ص 296، 299.
ورواه أيضا الحافظ الخزاعي في الحديث: (30) من كتاب الاربعين في فضائل أمير المؤمنين.
(2) وانظر الباب الثاني من المجلد 35 من البحار ص 47.