ان عليا عليه السلام باب مدينة علم الرسول صلى الله عليه وآله
1 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب (1).
2 - وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا دار الحكمة وعلي بابها)، وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا مدينة الحكمة وعلي بابها (2).
3 - عن جابر بن عبد الله قال: أخذ النبي صلى الله عليه واله وسلم بعضد علي عليه السلام، وقال: (هذا أمير البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مد بها صوته، فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب (3).
4 - عنه، عن النبي صلى الله عليه واله وسلم: (أنا خزانة العلم وعلي مفتاحه، فمن أراد الخزانة فليأت المفتاح (4).
5 - وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا مدينة الجنة وأنت بابها يا علي، كذب من زعم أنه يدخلها
(1) - فيض القدير، ج 3: ص 46، كنز العمال، ج 5: ص 600.
(2) - المصدر.
(3) - البحار، ج 40: ص 206، الغدير، ج 6: ص 78، المستدرك، ج 3: ص 129، تاريخ بغداد، ج 2: ص 377.
(4) - البحار، ج 40: صص 200 و201.
[142]
من غير بابها (1).
6 - وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا دار العلم وعلي بابها (2).
7 - وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا مدينة الفقه وعلي بابها (3).
8 - وقال صلى الله عليه واله وسلم: (علي عيبة علمي)، أي موضع سري وخاصتي ومعدن نفائسي.
والعيبة ما يحرز الرجل فيه نفائسه (4).
9 - وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين خيوطه، وفاطمة علاقته، والأئمة من بعده عموده، يوزن فيه أعمال المحبين لنا والمبغضين (5).
10 - وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا ميزان الحكمة وعلي لسانه).
و(علي باب علمي، ومبين لامتي ما ارسلت به من بعدي (6).
11 - عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (إن الله عز وجل خلقني وعليا من شجرة، أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرتها، والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب إلا الطيب ؟ وأنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها (7).
12 - عن سلمان الفارسي: إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) فلما سمع الخوارج (8) بذلك حسدوا عليا على ذلك، فاجتمع عشرة نفر من
(1) - البحار چ 40: صص 200 و201.
(2) - ذخائر العقبى، ص 77.
(3) - تذكرة الخواص، ص 26.
(4) - فيض القدير، ج 4: ص 306، كنز العمال، ج 5: ص 603.
(5) - ينابيع المودة، ص 69.
(6) - الغدير، ج 6: صص 79 و80.
(7) - المصدر.
(8) - كانه تحريف (فلما سمع المنافقون) لعدم كونهم حينذاك، ولعل التغيير للتقية.
[143]
الخوارج، وقالوا: يسأل كل واحد عليا مسألة واحدة لننظر كيف يجيبنا فيها، فإن أجاب كل واحد منا جوابا واحدا علمنا أنه لاعلم له.
فجاء واحد منهم وقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ فأجاب عليه السلام: إن العلم أفضل، فقال له: بأي دليل ؟ فقال: لأن العلم ميراث الأنبياء والمال ميراث قارون وهامان وفرعون.
فذهب الرجل إلى أصحابه بهذا الجواب فأعلمهم، فنهض آخر منهم وسأله كما سأل الأول فقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ فقال عليه السلام: العلم، فقال، بأي دليل ؟ فقال: لأن المال تحرسه، والعلم يحرسك، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فقالوا: صدق علي، فنهض الثالث، وقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ قال عليه السلام: العلم، فقال: بأي دليل ؟ فقال: لأن لصاحب المال أعداء كثيرة، ولصاحب العلم أصدقاء كثيرة، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فنهض الرابع، وقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ قال عليه السلام: العلم، قال: بأي دليل ؟ قال: لأن المال إذا تصرفت فيه ينقص، والعلم إذا تصرفت فيه يزيد، فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك، فقام الخامس، وقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ فقال عليه السلام: بل العلم أفضل، فقال بأي دليل ؟ فقال: لأن صاحب المال يدعى باسم البخل واللوم، وصاحب العلم يدعى باسم الأكرام والأعظام، فرجع إلى أصحابه وأعلمهم بذلك.
فنهض السادس، وقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ فقال عيه السلام: بل العلم أفضل، فقال: بأى دليل ؟ فقال: لأن المال يخشى عليه من السارف، والعلم لا يخشى، فذهب إلى أصحابه وأعلمهم بذلك، فنهض السابع، وقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ قال عليه السلام: العلم أفضل، قال: بأي دليل ؟ قال: لأن المال يدرس بطول المدة ومرور الزمان، والعلم لا يندرس ولا يبلى، فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك.
(وأما الثامن فساقط من الأصل) فنهض التاسع، وقال: يا علي ! العلم أفضل أم المال ؟ قال: بل العلم، قال: بأي دليل ؟ قال: لان المال يقسي القلب، والعلم ينور القلب، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بذلك.
فقام العاشر، وقال: يا علي ! العلم أفضل أم
[144]
المال ؟ قال عليه السلام: العلم، قال: بأي دليل ؟ قال: لأن صاحب المال يتكبر ويتعظم بنفسه، وصاحب العلم خاضع ذليل مسكين، فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك، فقالوا: صدق الله ورسوله، ولاشك أن عليا باب الخ علوم كلها.
فعند ذلك قال علي عليه السلام: والله لو سألني الخلق كلهم ما دمت حيا لم أتبرم (1)، ولأجبت كل واحد منهم بجواب غير جواب الاخر إلى آخر الدهر (2).
(1) - أي لم أسام ولم أضجر.
(2) - الكشكول للبحراني، ج 1: ص 26.
[145]
في غزارة علمه عليه السلام
1 - عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال: (كنت مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه سائرا، فمررنا بواد مملوءة نملا، فقلت: يا أمير المؤمنين ! ترى أحدا من خلق الله يعلم عدد هذا النمل ؟ قال: نعم، يا عمار، أنا أعرف رجلا يعلم كم عدده، وكم فيه ذكر، وكم فيه انثى.
فقلت: من ذاك الرجل ؟ فقال: يا عمار أما قرأت في سورة يس وكل شيء أحصيناه في إمام مبين (1) ؟ فقلت: بلى يا مولاي، قال: أنا ذلك الرجل الأمام المبين (2)).
2 - عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: (كنت سائرا مع علي عليه السلام إذ مررنا بواد نملة كالسيل، فقلت: الله أكبر، جل محصيه.
فقال عليه السلام: لا تقل ذلك، ولكن قل: جل بارئه، فوالذي صورني وصورك إنى احصي عددهم، وأعلم الذكر منهم والانثي بإذن الله عز وجل (3).
(1) - يس: 12.
(2) - تفسير البرهان، ج 4: ص 7.
(3) - ينابيع المودة ص 77، الباب 14.
[146]
في أن عليا عليه السلام أخص الناس برسول الله صلى الله عليه وآله
1 - (لما ولد عليه السلام لم يفتح عينيه ثلاثة أيام، فجاء النبي صلى الله عليه واله وسلم ففتح عينيه ونظر إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم، فقال: خصني بالنظر، وخصصته بالعلم (1).
2 - (إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان إذا جلس ثم أراد أن يقوم، لا يأخذ بيده غير علي عليه السلام (2).
3 - (كان النبي صلى الله عليه واله وسلم إذا جلس اتكا على علي عليه السلام (3).
4 - سئل النبي صلى الله عليه واله وسلم عن بعض أصحابه فذكر فيه، فقال له قائل: فعلى ؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم: إنما سألتني عن الناس، ولم تسألني عن نفسي (4).
5 - قال صلى الله عليه واله وسلم له: (أنت مني كروحي من جسدي، أنت مني كالضوء من الضوء، أنت مني وأنا منك، علي مني مثل رأسي من بدني (5).
6 - قال الصادق عليه السلام: (إنه (يعني النبي صلى الله عليه واله وسلم) أخذ يمسح العرق عن وجه علي،
(1) - البحار، ج 38: ص 294.
(2) - البحار، ج 38: ص 297.
(3) - المصدر.
(4) - ابحار، ج 38: ص 296.
(5) - المصدر.
[147]
ويمسح به وجهه (1).
7 - (إذا قام (رسول الله صلى الله عليه واله وسلم) وضع يده على علي عليه السلام (2).
8 - (إن النبي صلى الله عليه واله وسلم بعث عليا في سرية رافعا يديه يقول: اللهم لا تمتني حتى تريني عليا (3).
9 - عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال: (كان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم في مجلسه ومسجده، وعنده جماعة من المهاجرين والأنصار، إذ نزل عليه جبرئيل عليه السلام وقال له: يا محمد ! الحق يقرئك السلام ويقول لك: أحضر عليا، واجعل وجهك مقابل وجهه.
ثم عرج جبرئيل عليه السلام إلى السماء، فدعا النبي صلى الله عليه واله وسلم عليا، فأحضروه، وجعل وجهه مقابل وجهه، فنزل ثانيا ومعه طبق فيه رطب، فوضعه بينهما، ثم قال: كلا، فأكلا، ثم أحضر طستا وإبريقا وقال: يارسول الله - صلى الله عليك وآلك - أمرك الله أن تصب الماء على يدي علي بن أبي طالب، فقال له: السمع والطاعة لله ولما أمرني به ربي، ثم أخذ الأبريق وقام يصب الماء على يد علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال له علي عليه السلام: يارسول الله أنا أولى أن أصل الماء على يديك، فقال له: يا علي ! إن الله سبحانه وتعالى أمرني بذلك، فكان كلما صب الماء على يد علي عليه السلام لم يقع منه قطرة في الطست، فقال علي عليه السلام: يارسول الله ! إني لم أر شيئا من الما يقع في الطست ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: يا علي ! إن الملائكة يتسابقون على أخذ الماء الذي يقع من يدك، فيغسلون به وجوههم يتبركون به (4).
10 - قال ابن أبي الحديد: إن السنة التي ولد فيها علي عليه السلام هي السنة التي بدئ فيها برسالة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاسمع الهتاف من الأحجار والأشجار، وكشف عن
(1) - البحار، ج 38: ص 298.
(2) - بحار الانوار، ج 38: ص 307.
(3) - البحار، ج 38: ص 299.
(4) البحار ج 39 ص 121.
[148]
بصره، فشاهد أنوارا وأشخاصا.
وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم يتيمن بتلك السنة وبولادة علي فيها، وقال لأهله ليلة ولادته: (وقد ولدلنا الليلة مولود يفتح الله علينا به أبوابا كثيرة من النعمة والرحمة (1).
11 - (ولد علي في جوف الكعبة، وكان ميلاده ثمة إيذانا بعهد جديد للكعبة، وولد مسلما لأنه فتح عينيه على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (2).
12 - قال عبد الكريم خطيب: (دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا ليلة الهجرة، وطلب أن يبيت في المكان الذي اعتاد الرسول صلى الله عليه واله وسلم أن يبيت فيه، وأن يتغطى بالبرد الحضرمي الذي كان النبي يتغطي به، حتى إذا نظر ناظر رأى كأن النبي نائم في مكانه مغطى بالبرد الحضرمي، أحسب أن أحدا لم ينظر إلى هذا حتى شيعة علي عليه السلام فإنا نراهم لا يلتفتون إلى هذه الواقعة، حين نظرنا إلى علي وهو في برد الرسول صلى الله عليه واله وسلم وفى مثوى منامه، قلنا: هذا خلف الرسول (3).
13 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (يا أنس ! من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين.
قال أنس: قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار - وكتمته -، إذ جاء علي فقال: من هذا ؟ فقلت: علي، فقام مستبشرا فاعتنقه، وجعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي بوجهه (4).
14 - عن علي عليه السلام قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى وضع رجليه بيني وبين فاطمة عليهما السلام (5).
(1) - شرح نهج البلاغة، ج 4: ص 114.
(3) - عبقرية الأمام، للعقاد.
(4) - الأمام على، صص 103 و105.
(4) حلية الاولياء ج 1 صص 63 و70 (5) المصدر.
[149]
15 - عن علي عليه السلام قال: (ولقد علمتم أني كان لي مجلس سر لا يطلع عليه غيري، وأنه أوصى إلي دون أصحابه وأهل بيته، ولأقولن ما لم أقله لأحد قبل هذا اليوم: سألته مرة أن يدعو لي بالمغفرة، فقال: أفعل، ثم قام فصلى، فلما رفع يده للدعاء استمعت عليه فإذا هو قائل: (اللهم بحق علي عندك اغفر لعلي).
فقلت: يارسول الله ! ما هذا ؟ قال: أو أحد أكرم منك عليه فأستشفع به إليه ؟ (1).
16 - عن علي عليه السلام، قال: (كنت في أيام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كجزء من رسول الله، ينظر إلى الناس كما ينظر إلى الكوالكب (2).
17 - (دخل النبي صلى الله عليه واله وسلم دار فاطمة عليها السلام فقال: يا فاطمة ! إن أباك اليوم ضيفك، فقالت عليها السلام: يا أبت ! إن الحسن والحسين يطالباني بشئ من الزاد فلم أجد لهما شيئا يقتاتان به، ثم إن النبي صلى الله عليه واله وسلم دخل وجلس مع علي والحسن والحسين وفاطمة عليه السلام، وفاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع، ثم إن النبي صلى الله عليه واله وسلم نظر إلى السماء ساعة وإذا بجبرئيل عليه السلام قد نزل وقال: يا محمد ! العلي الأعلى يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والأكرام، ويقول لك: قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين أي شيء يشتهون من فواكه الجنة ؟ فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم: يا علي ويا فاطمة ويا حسن ويا حسين ! إن رب العزة علم أنكم جياع، فأي شيء تشتهون من فواكه الجنة ؟.
فأمسكوا عن الكلام، ولم يردوا جوابا حياء من النبي صلى الله عليه واله وسلم، فقال الحسين عليه السلام: عن إذنك يا أباه يا أمير المؤمنين، وعن إذنك يا اماه يا سيدة نساء العالمين، وعن إذنك يا أخاه الحسن الزكي أختار لكم شيئا من فواكه الجنة ؟ فقالوا جميعا: قل، يا حسين ! ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا، فقال: يارسول الله ! قل لجبرئيل: إنا نشتهي رطبا جنيا، فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم: قد علم الله ذلك، ثم قال: يا فاطمة ! قومي، و
(1) - شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، ج 20: ص 316.
(2) - المصدر السابق، ج 20: ص 326.
[150]
ادخلي البيت، واحضري إلينا ما فيه، فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور مغطى بمنديل من السندس الأخضر وفيه رطب جني في غير أوانه، فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم: يا فاطمة ! أنى لك هذا ؟ قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، كما قالت مريم بنت عمران.
فقام النبي صلى الله عليه واله وسلم وتناوله، وقدمه بين أيديهم، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين عليه السلام فقال: هنيئا مريئا لك يا حسين، ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن عليه السلام وقال: هنيئا مريئا (لك) يا حسن، ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء، وقال لها: هنيئا مريئا لك، يا فاطمة الزهراء، ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي عليه السلام وقال: هنيئا مريئا لك، يا علي، ثم ناول عليا رطبة اخرى والنبى يقول له: هنيئا مريئا لك يا علي، ثم وثب النبي صلى الله عليه واله وسلم قائما ثم جلس، ثم أكلوا جميعا عن ذلك الرطب، فلما اكتفوا وشبعوا ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى.
فقالت فاطمة: يا أبه ! رأيت اليوم منك عجبا ؟ فقال: يا فاطمة ! أما الرطبة الأولى التي وضعتها في فم الحسين وقلت له: هنيئا، يا حسين، فإني سمعت ميكائيل وإسرافيل يقولان: هنيئا لك، يا حسين، فقلت أيضا موافقا لهما في القول، ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن، فسمعت جبرئيل وميكائيل يقولان: هنيئا لك، يا حسن، فقلت أنا موافقا لهما في القول، ثم أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان، وهن يقلن: هنيئا لك، يا فاطمة، فقلت موافقا لهن بالقول، ولما أخذت الرابعة فوضعتها في فم علي سمعت النداء من (قبل) الحق سبحانه وتعالى يقول: هنيئا مريئا لك، يا علي، فقلت موافقا لقول الله عز وجل، ثم ناولت عليا رطبة اخرى ثم اخرى وأنا أسمع صوت الحق سبحانه وتعالى يقول: هنيئا مريئا لك، يا علي، ثم قمت إجلالا لرب العزة جل جلاله، فسمعته يقول: يا محمد ! وعزتي وجلالي، لونا ولت عليا من
[151]
هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة رطبة لقلت له: هنيئا مريئا بغير انقطاع (1).
18 - ذكر أبو القاسم في أخبار أبي رافع من ثلاثة طرق: (أن النب صلى الله عليه واله وسلم حين تزوج خديجة، قال لعمه أبي طالب: إني احب أن تدفع إلى بعض ولدك يعينني على أمري ويكفيني، وأشكر بك بلاءك عندي.
فقال أبو طالب: خذ أيهم شئت، فأخذ عليا عليه السلام.
فمن استقى عروقه من منبع النبوة، ورضعت شجرته ثدي الرسالة، وتهدلت أغصانه عن نبعة الأمامة، ونشأ في دار الوحي، وربي في بيت التنزيل، ولم يفارق النبي صلى الله عليه واله وسلم في حال حياته إلى حال وفاته، لا يقاس بسائر الناس (2).
19 - (وكان علي ينام مع النبي في سفره، فأسهرته الحمى ليلة أخذته، فسهر النبي صلى الله عليه واله وسلم لسهر علي عليه السلام ينظر إليه حتى أصبح (3).
(1) - البحار، ج 43: ص 310.
(2) - البحار، ج 38: صص 295 و299.
(3) - المصدر.
[152]
في أن عليا عليه السلام قسيم النار والجنة
1 - عن علي عليه السلام، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (إنك قسيم النار، وإنك تقرع باب الجنة وتدخلها بغير حساب (1).
2 - عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (يا علي ! إنك قسيم الجنة والنار، وإنك تنقر باب الجنة فتدخلها بلا حساب (2)).
3 - عن الأعمش، عن موسى بن طريف، عن عباية، عن علي عليه السلام قال: (أنا قسيم النار يوم القيامة، أقول: خذي هذا، وذري ذا (3).
4 - عن أبي الصلت الهروي، قال: قال المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه السلام: (أخبرني عن جدك أمير المؤمنين بأي وجه هو قسيم الجنة والنار ؟ فقال له الرضا عليه السلام: ألم تر وعن آبائك، عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: (حب علي إيمان، وبغضه كفر) ؟ فقال: بلي، فقال الرضا عليه السلام: فلما كانت الجنة للمؤمن، والنار للكافر، فقسمة الجنة والنار إذا كان على حبه وبغضه فهو قسيم الجنة والنار.
فقال المأمون: لا أبقاني الله بعدك إنك وارث جدك.
(1) - المناقب لأبن المغازلي، ص 67، وفرائد السمطين، ج 1: ص 325.
(2) - المناقب، للخوارزمي، ص 209.
(3) - كفاية الطالب، ص 71.
[153]
قال أبو الصلت: لما انصرف الرضا عليه السلام إلى منزله، قلت له: جعلت فداك، ما أحسن ما أجبت به ! فقال عليه السلام: يا أبا الصلت ! إنما كلمته من حيث هو، ولقد سمعت أبي يحدث عن آبائه، عن على: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: يا علي ! أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة، تقول للنار: هذا لي، وهذا لك (1).
5 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (يا أبا برزة ! إن رب العاليمن عهد إلى عهدا في علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: إنه راية الهدى، ومنار الأيمان، ونور جميع من أطاعني، وإمام أوليائي.
يا أبا برزة ! علي بن أبي طالب أميني غدا في القيامة، وصاحب رايتي في القيامة على مفاتيح خزائن رحمة ربي (2).
6 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعلي عليه السلام: (إذا كان يوم القيامة يؤتى بك، يا علي ! بسرير من نور، وعلى رأسك تاج قد أضاء نوره وكاد يخطف أبصار أهل الموقف فيأتي النداء من عند الله عز وجل: أين وصي محمد رسول الله ؟ فتقول: ها أنا ذا، فينادي المنادي: أدخل من أحبك الجنة، وأدخل من عاداك في النار.
فأنت قسيم الجنة والنار (3).
7 - عن أبي بصير، عن الباقر عليه السلام، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين - صلوات الله عليهم أجمعين - قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (كيف بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم، وقد مد الصراط، وقلت للناس: جوزوا، وقلت لجهنم: هذا لي، وهذا لك (4).
8 - عن جعفر الصادق، عن آبائه، عن علي عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه واله وسلم، قال: (إذا جمع الناس في صعيد واحد كنت أنا وأنت، يا علي، يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول
(1) - ينابيع المودة، ص 85.
(2) - حلية الاولياء، ج 1: ص 66، وتاريح بغداد، ج 12: ص 99.
(3) - ينابيع المودة، صص 83 و85 و86.
(4) - المصدر.
[154]
ربنا لي ولك: ألقيا في جهنم ومن أبغضكما وكذبكما (1).
قال صاحب الينابيع: ومما ينسب إلى الأمام الشافعي:
علي حبه جنة * قسيم النار والجنة
وصي المصطفى حقا إمام الأنس والجنة(2)
9 - عن شريك بن عبد الله قال: كنت عند الأعمش وهو عليل، فدخل عليه أبو حنيفة وابن شبرمة وابن أبي ليلى، فقالوا له: يا أبا محمد ! إنك في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الاخرة، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث، فتب إلى الله منها.
فقال: أسندوني أسندوني، فأسند، فقال: حدثنا أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (إذ كان يوم القيامة، يقول الله تعالى لي ولعلي: ألقيا في النار من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما، فذلك قوله تعالى: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد (3).
فقال أبو حنيفة للقوم: قوموا (بنا)، لا يجئ بشئ أشد من هذا (4).
10 - عن أبي سعيد الخدري - في حديث طويل -، عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، قال: إذا سألتم الله عز وجل فاسألوه لى الوسيلة - إلى أن قال: - فبينما أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا علي، أما أحدهما فرضوان خازن الجنة، وأما الآخر فمالك خازن النار، فيدنو رضوان فيقول: السلام عليك يا أحمد، فأقول: السلام عليك يا ملك من أنت ؟ فما أحسن وجهك وأطيب ريحك ! فيقول: أنا رضوان خازن الجنة، وهذه مفاتيح الجنه، بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد فأقول: قد قبلت ذلك من
(1) - ينابيع المودة، صص 83 و85 و86.
(2) - المصدر.
(3) - ق: 24.
(4) - شواهد التنزيل، ج 2: ص 189.
[155]
ربي، فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.
ثم يرجع رضوان، فيدنو مالك، فيقول: السلام عليك يا أحمد، فأقول: السلام عليك أيها الملك، من أنت ؟ ما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك ! فيقول: أنا مالك خازن النار، وهذه مقاليد النار، بعث بها إليك رب العزة، فخذها يا أحمد.
فأقول: قد قبلت ذلك من ربي، فله الحمد على ما فضلني به، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.
ثم يرجع مالك، فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار، حتى يقف على عجرة جهنم، وقد تطاير شرارها، وعلا زفيرها، واشتد حرها، وعلي آخذ بزمانها، فتقول له جهنم: جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها علي عليه السلام: قري يا جهنم، خذي هذا، واتركى هذا،، خذي هذا عدوي، واتركي هذا وليي.
ثم قال عليه السلام: فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فإن شاء يذهبها يمنة، وإن شاء يذهبها يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق (1).
يا أخي العزيز ! بعد ما رأينا بعض الأخبار الواردة في هذا الباب، جدير بنا أن نعلم ما معنى (إن عليا عليه السلام قسيم النار والجنة) ؟ أهو ما فسره بعض علماء الحديث من العامة كأحمد بن حنبل على ما في (كفاية الطالب) وبعض أئمة اللغة والعربية كابن المنظور في (اللسان)، وإبن الأثير في (النهاية)، أو له معنى ألطف وأدق مما فهمه هؤلاء ؟ والثاني هو الحق كما يتضح لك إن شاء الله تعالى.
أما ما فسره أحمد بن حنبل، وبعض أئمة اللغة كذلك: فقال الحافظ الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب): قال محمد بن المنظور الطوسي: (كنا عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: يا أبا عبد الله ! ما تقول في هذا الحديث الذي يروى: أن عليا
(1) - فرائد السمطين، ج 1: ص 106.
[156]
قال: (أنا قسيم النار والجنة) ؟ قال أحمد: ما تنكرون من هذا الحديث ؟ أليس روينا أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي: (لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق) ؟ قلنا: بلى، قال: فأين المؤمن ؟ قلنا في الجنة، قال: فأين المنافق ؟ قلنا في النار، قال: فعلي قسيم النار والجنة (1).
وقال ابن المنظور في (اللسان) في مادة قسم: في حديث علي: (أنا قسيم النار) قال القتيبي: أراد أن الناس فريقان: فريق معي وهم في الهدى، وفريق علي وهم على ضلال كالخوارج، فأنا قسيم النار، نصف في الجنة معي، ونصف في النار.
وقسيم فعيل في معنى مقاسم، كالسمير والجليس (2).
وقال إبن الأثير في (النهاية) مثله مع تقديم وتأخير.
أقول: قال هؤلاء: لما كان موالوه عليه السلام من أهل الجنة، ومبغضوه من أهل النار، كأنه عليه السلام بهذا الاعتبار قسيم النار والجنة، وهذا المعنى لا يطابق الأخبار الواردة فيه عليه السلام، بل يستفاد من أكثر الأخبار أنه عليه السلام بنفسه الشريفة قسيمها لا باعتبار الموالين والمعادين، هلم معي أيها المنصف القارئ أن ننظر الأخبار مرة اخرى، ونمعن النظر فيها، ثم اجعل نفسك قاضيا.
فعن النبي صلى الله عليه واله وسلم - كما نقلناه مفصلا -: (وإنك تقرع باب الجنة، وتدخلها بغير حساب) و(وإنك تنقر باب الجنة وتدخلها بغير حساب)، و(علي أميني على مفاتيح رحمة ربي)، و(ألقيا في جهنم من أبغضكما وكذبكما)، و(إن جهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه)، و(واتركي هذا وخذي هذا)، (وإن شاء يذهب جهنم يمنة، وإن شاء يذهبها يسرة)، و(ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق)، و(علي آخذ بزمانها)، و(يقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار)، و(يا علي، قلت للناس: جوزوا، وقلت لجهنم: هذا لي، وهذا لك).
(1) - كفاية الطالب، ص 71.
(2) - لسان العرب، ج 12، ص 478.
[157]
في أن محب على عليه السلام له براة منه، وأن حبه عليه السلام دليل على طيب الولادة
1 - (إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خرج عليهم ووجهه مشرقي كدائرة القمر، فسأله عبد الرحمن بن عوف، فقال: بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي بأن الله زوج عليا من فاطمة، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى، فحملت رقاقا - يعني صكاكا - بعدد محبي أهل البيت، وأنشأ تحتها ملائكة من نور، دفع إلى كل ملك صكا، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق، فلا يبقى محب لأهل البيت إلا دفعت إليه سكا فيه فكاكه من النار، فصار أخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار (1).
2 - عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى اللهعليه واله وسلم: (إذا كان يوم القيامة أقام الله عز وجل جبرئيل ومحمدا صلى الله عليه واله وسلم على الصراط، فلا يجوزه أحد إلا من كان معه براة من على عليه السلام (2).
3 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (إذا كان يوم القيامة يقعد علي على الفردوس، وهو
(1) - الصواعق المحرقة، ص 173، وينابيع المودة، ص 88.
(2) - المناقب، للخوارزمي، ص 229.
والبراءة: المنشور، الاجازة.
[158]
جبل قد علا على الجنة، وفوقه عرش رب العاليمن، ومن سفحه تتفجر أنهار الجنة وتتفرق في الجنان، وعلي عليه السلام جالس على كرسي من نور، يجري بين يديه التسنيم، لا يجوز أحد الصراط إلا ومعه سند بولاية علي وولاية أهل بيته، فيدخل محبيه الجنة، ومبغضيه النار (1).
4 - عن النبي صلى الله عليه واله وسلم: (إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم، لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب (2).
5 - عن النبي صلى الله عليه واله وسلم: (إذا جمع الله الأولين والاخرين يوم القيامة.
نصب الصراط على جهنم، لم يجز عنها أحد إلا من كانت معه براة بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام (3).
6 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (معرفة آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لال محمد أمان من العذاب (4).
7 - قال ابن عباس: (قلت للنبى صلى الله عليه واله وسلم: للنار جواز ؟ قال: نعم، قلت: وما هو ؟ قال: حب علي بن أبى طالب عليه السلام (5).
8 - عن عبادة بن صامت رضي الله عنه، قال: (كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب عليه السلام، فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير رشدة).
قوله: (لغير رشدة) هو بكسر الراء وإسكان الشين، أي ولد زنا، وهذا مشهور من قديم الأيام أنه ما يبغض عليا إلا ولد الزنا (6).
(1) - ينابيع المودة، ص 113.
(2) - المصدر السابق، صص 112 و113.
(3) - المصدر.
(4) - ينابيع المودة، ص 22 نقلا عن جواهر العقدين والشفاء، والاتحاف للشبراوي، ص 4، ط القاهرة.
(5) - تاريخ بغداد، ج 3: ص 161.
(6) - أسنى المطالب، للحافظ الجزرى الشافعي، ص 58.
[159]
9 - وروينا ذلك، أيضا، عن أبي سعيد الخدري: (كنا معاشر الأنصار نبور أولادنا بحبهم عليا عليه السلام، فأذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا أنه ليس منا).
قوله: (نبور) أي نختبر (1).
10 - عن علي بن أبي طالب عليه السلام: رأيت النبي صلى الله عليه واله وسلم عند الصفا وهو مقبل على شخص وهو في صورة الفيل وهو يلعنه، فقلت: من هذا، يا رسول الله ؟ قال: هذا الشيطان الرجيم، قلت: والله، يا عدو الله، لأقتلنك ولاريحن الامه منك.
قال: ما هذا جزائي والله منك، قلت: وما جزاؤك مني يا عدو الله ؟ قال: والله ما أبغضك أحد إلا شاركت أباه في رحم امه (2).
11 - عن شريك بن عبد الله يقول: (إذا رأيت الرجل لا يحب علي بن أبي طالب عليه السلام فاعلم أن أصله يهودي (3).
12 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (يا علي ! أنت صاحب حوضي، وصاحب لوائي، وحبيب قلبي، ووصيي، ووارث علمي، وأنت مستودع مواريث الأنبياء من قبلي - إلى أن قال: - لا يحبك إلا طاهر الولادة، ولا يبغضك إلا خبيث الولادة الحديث (4).
13 - عن النبي صلى الله عليه واله وسلم: (من لم يعرف حق عترتي من الأنصار والعرب فهو لأحدى الثلاث: إما منافق، وإما ولدزنية، وإما امرء حملت به امه في غير طهر (5).
14 - عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على اولى النعم،
(1) أسنى المطالب: للحافظ الجزري الشافعي: ص 58.
(2) - كفاية الطالب، ص 70.
(3) - أسنى المطالب، ص 59.
(4) - ينابيع المودة، ص 133.
(5) - ينابيع المودة، ج 2: صص 70 و129.
[160]
قيل: وما اولى النعم ؟ قال: طيب الولادة، فلا يحبنا إلا من طابت ولادته (1).
15 - عن مالك بن أنس، عن أبي الزناد، قال: (قالت الأنصار: إنا كنا لنعرف الرجل لغير أبيه ببغضه علي بن أبي طالب عليه السلام (2).
16 - (كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب عليه السلام (3).
17 - عن أنس في حديث: (كان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه، ثم يقف على طريق علي عليه السلام إذا نظر إليه أومأ بإصبعه: يا بني ! تحب هذا الرجل ؟ فإن قال: نعم، قبله، وإن قال: لا، خرق به الأرض، وقال له: الحق بامك (4).
إذا ذكرت الغر من هاشم * تنافرت عنك الكلاب الشاردة
فقل لمن لامك في حبه * خانتك في مولدك الوالدة(5)
(الفنجكردى النيشابوري):
حب علي بن أبي طالب * فرض على الشاهد والغائب
وام من نابذه عاهر * تبذل للنازل والراكب (6)
بحب علي تزول الشكوك * وتسمو النفوس ويعلو النجار
فإني رأيت محبا له * فثم الزكاء فثم الفخار
وإني رأيت عدوا له * ففي أصله نسب مستعار
(1) - ينابيع المودة، ج 2: صص 70 و129.
(2) - فرائد السمطين، ج 1: ص 365.
(3) - لسان العرب، مادة (بور).
(4) الغدير ج 4: ص 322.
(5) الغدير ج 2: صص 321 و325.
(6) الغدير ج 2: صص 321 و325.
[161]
فلا تعذلوه على فعله * فحيطان دار أبيه قصار(1)
حب الوصي علامة * في الناس من أقوى الشهود
فإذا رأيت محبه * فاحكم على كرم وجود
وإذا رأيت مناصبا * متعلقا حبل الجهود
فاعلم بأن طلوعه * من أصل آباء يهود(2)
وقالوا علي علا قلت: لا * فإن العلا بعلي علا
ولكن أقول كقول النبي * وقد جمع الخلق كل الملا
ألا إن من كنت مولى له * يوالى عليا وإلا فلا(3)
(الصاحب بن عباد)
بغض الوصي علامة معروفة * كتبت على جبهات أولاد الزنا
من لم يوال من الأنام وليه * سيان عند الله صلى أم زنى(4)
18 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (يا علي ! من أحبني وأحبك وأحب الأئمة من ولدك، فليحمد الله على طيب مولده (5).
19 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أول النعم.
قيل: وما أول النعم ؟ قال: طيب الولادة (6).
(1) - ديوان الصاحب.
ص 96.
(2) - المصدر أيضا.
(3) - الغدير، ج 4: ص 41.
(4) - أسنى المطالب، ص 59، أورده في الهامش عن العلامة الدوريستى الذي كان حيا قبل 465 ق.
(5) - البحار، ج 27: ص 146.
(6) - البحار، ج 27: ص 146.
[162]
20 - عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: (من أصبح يجد برد حبنا على قلبه فليحمد الله على بادئ النعم، قيل: وما بادءى النعم ؟ قال: طيب المولد (1).
و(برد حبنا) أي لذته وراحته.
21 - عن المفضل قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول لأصحابه: (من وجد برد حبنا على قلبه فليكثر الدعاء لامه فإنها لم تخن أباه (2).
22 - قال العلامة الحلي رضي الله عنه: كان لأبى دلف ولد، فتحاوره أصحابه في حب علي بن أبي طالب عليه السلام وبغضه، فروى بعضهم عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: (يا علي ! لا يحبك إلا مؤمن تقي، ولا يبغضك إلا ولد زنية أو حيضة)، فقال ولد أبي دلف: ما تقولون في الأمير ؟ هل يؤتى في اهله ؟ فقالوا: لا، فقال: والله إني لأشد الناس بغضا لعلي بن أبي طالب.
فخرج أبوه وهم في التشاجر، فقال: والله، إن الخبر لحق، والله إنه لولد زنية وحيضة معا، إني كنت مريضا في دار أخي في حمى ثلاث، فدخلت علي جارية لقضاء حاجة، فدعتني نفسي إليها، فأبت وقالت: إني حائض، فكابرتها على نفسها فوطئتها، فحملت بهذا الولد، فهو لزنية وحيضة معا.
وحكى والدي رضي الله عنه قال: اجتزت يوما في دروب بغداد مع أصحابي، فأصابني عطش، فقلت لبعض أصحابي: اطلب ماء ووقفت أنا وباقي أصحابي ننتظر الماء، وصبيان يلعبان، أحدهما يقول: الأمام هو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، والاخر يقول: إنه أبو بكر.
فقلت صدق النبي صلى الله عليه وآله: (يا علي ! لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا ولد حيضة)، فخرجت المرأة بالماء، فقالت: بالله، يا سيدي ! أسمعني ما قلت.
فقلت: حديث رويته عن النبي صلى الله عليه واله وسلم لا حاجة إلى ذكره، فكررت السؤال، فرويته لها، فقال: والله، يا سيدي ! إنه لخبر صدق، إن هذين ولداي، الذي
(1) - البحار، ج 27: ص 146.
(2) - البحار، ج 27: ص 146.
[163]
يحب عليا ولد طهر، والذي يبغضه حملته في الحيض، جاء والده إلى فكابرني على نفسي حالة الحيض، فنال مني فحملت بهذا الذي يبغض عليا (1).
الاستدراك الصاحب بن عباد :
حب علي بن أبي طالب * يميز الحر من النغل (2)
إذا بدا في مجلس ذكره * يصفر وجه السفلة النذل (3)
لا تعذلوه (4) واعذلوا امه * إذ آثرت جارا على البعل(5)
من كان ذا علم وذا فطنة * وبغض أهل البيت من شأنه
فإنما الذنب على امه * إذ حملت من بعض جيرانه
أحب النبي وآل النبي * لاني ولدت على الفطرة
إذا شك في ولد والد * فآيته البغض للعترة
حب النبي محمد ووصيه * ينبئك عن وضعي وطيب المولد
من طاب مولده وصح ولاده * صحت ولايته لآل محمد
(1) - البحار، ج 39: ص 287.
عن كشف اليقين للعلامة الحلى رضي الله عنه.
(2) النغل: فاسد النسب.
(3) النذل: الحقير.
(4) العذل: اللوم.
(5) ديوان: الصاحب بن عباد ص 260 ط بيروت.
[164]
يا ذا الذي هجر الوصي وآله * أظهرت حقا إن امك فاعلة
وقفت بضاعتها على جيرانها * والسائلين من الورى والسائلة
بعلي المرتضى خير الورى * يعرف الفاجر من ولد الحلال(1)
أبو الحسن فاذشاه:
من لم يعاد كل من عاداه * لا شك خانت أمه أباه (2)
الصاحب أشهد بالله وآلائه * شهادة خالصة صادقة
إن علي بن أبي طالب * زوجة من يبغضه طالقة
ثلاثة ليس لها رجعة * طالقة طالقة طالقة (3)
شاعر :
حب علي بن أبي طالب * للناس مقياس ومعيار
يخرج ما في االقلب غشا كما * يخرج غش الذهب النار (4)
إذا ما التبر حك على المحك * تبين غشه من غير شك
وفينا الغش والذهب المصفى * علي بيننا شبه المحك (5)
(1) ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 209.
(2) المصدر.
(3) المصدر.
(4) المناقب: ج 3 ص 91.
(5) المصدر.