التوسل والتقرب الى الله تعالى بولاية علي عليه السلام
1 - عن عبد الحميد الأعرج، عن عطاء، قال: (دخلنا على ابن عباس - وهو عليل - بالطائف في العلة التي توفي فيها، ونحن رهطا زهاء ثلاثين رجلا من شيوخ الطائف، وقد ضعف، فسلمنا عليه وجلسنا، فقال لي: يا عطاء ! من القوم ؟ قلت: يا سيدي ! هم شيوخ هذا البلد، منهم عبد الله بن سلمة بن حضرمي الطائفي، وعمارة بن أبي الأجلح، وثابت بن مالك، فمازلت أعدله واحدا بعد واحد، ثم تقدموا إليه فقالوا: يا ابن عم رسول الله ! إنك رأيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وسمعت منه ما سمعت، فأخبرنا عن إختلاف هذه الامة فقوم قد قدموا عليا على غيره، وقوم جعلوه بعد ثلاثة.
قال: فتنفس ابن عباس، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: (علي مع الحق، والحق مع علي، وهو الأمام والخليفة من بعدي، فمن تمسك به فاز ونجى، ومن تخلف عنه ضل وغوى، بلى يكفنني (1) ويغسلني ويقضي ديني، وأبو سبطي الحسن والحسين، ومن صلب الحسين تخرج الأئمة التسعة، ومنا مهدي هذه الامة) - إلى أن قال: - تمسكوا بالعروة الوثقى من عترة نبيكم، فإني سمعته صلى الله عليه واله وسلم، يقول: (من تمسك بعترتي من بعدي، كان من الفائزين).
ثم بكى
(1) في بعض النسخ " يلي تكفيني وغسلي ".
[166]
بكاء شديدا، فقال له القوم: أتبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مكانك ؟ ! فقال لي: يا عطاء ! إنما أبكى لخصلتين: هول المطلع، وفراق الأحبة.
ثم تفرق القوم، فقال لي: يا عطاء ! خذ بيدي واحملني إلى صحن الدار، ثم رفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إني أتقرب إليك بمحمد وآله، اللهم إني أتقرب إليك بولاية الشيخ علي بن أبي طالب.
فمازال يكررها حتى وقع على الأرض، فصبرنا عليه ساعة ثم أقمناه فإذا هو ميت - رحمه الله - (1).
2 - من دعاء علي بن الحسين عليهما السلام: (يا رحمن، يا الله، يا رحمن، أسألك بأسمائك العظيمة الرضية، لا يسمى بها غيرك أحد ولاية محمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وولاية الحسن والحسين، وولاية الطاهرين المعصومين من ذرية الحسين عليهم السلام (2).
3 - وأيضا من دعائه عليه السلام: (اللهم صل على محمد وآل محمد، شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم، وأهل بيت الوحي، وأعطني في هذه الليلة امنيتي، وتقبل وسيلتي، فإني بمحمد وعلي أتوسل، وأتوكل عليك (3).
4 - ومن دعائه عيه السلام: (اللهم لا تسلبني ما أنعمت به علي من ولايتك وولاية محمد وآل محمد صلى الله عليه واله وسلم (4).
5 - عن الصادق عليه السلام: (ولايتي لعلي بن أبي طالب عليه السلام أحب إلي من ولادتي منه، لأن ولايتي لعلي بن أبي طالب فرض، وولادتي منه فضل (5).
(2) - كفاية الاثر، للخراز القمي الذي كان من علماء القرن الرابع، ص 21، ط ايران.
(2) - الصحيفة الرابعة للعلامة النوري، صص 78 و132.
(3) - المصدر.
(4) - المصدر.
(5) - البحار، ج 39: ص 299.
[167]
6 - وعنه عليه السلام: (ولايتي لابائي أحب إلى من نسبي، ولايتي لهم تنفعني من غير نسب، ونسبي لا تنفعني بغير ولاية (1).
7 - وعنه عليه السلام، قال: (ربنا آمنا واتبعنا مولانا، وولينا وهادينا وداعينا وداعي الأنام، وصراطك المستقيم السوي، وحجتك وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتبعه، سبحان الله عما يشركون بولايته، وبما يلحدون باتخاذ الولائج دونه، فأشهد، يا إلهي ! أنه الأمام الهادي المرشد الرشيد، علي أمير المؤمنين الذي ذكرته في كتابك فقلت: وإنه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم (2) لا اشركه إماما (3).
8 - وعنه عليه السلام: (والذي نفسي بيده، لملائكة الله في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض، وما في السماء موضع قدم إلا وفيه ملك يسبحه ويقدسه، ولا في الأرض شجر ولامدر إلا وفيها ملك موكل بها، وما منهم أحد إلا ويتقرب كل يوم إلى الله بولايتنا ويستغفر لمحبينا ويلعن أعداءنا (4).
9 - وعن النبي صلى الله عليه واله وسلم: (لم يزل الله يحتج بعلي بن أبي طالب عليه السلام في كل امة فيها نبي مرسل، وأشدهم معرفة لعلي أعظمهم درجة عند الله (5).
(1) - مشكاة الانوار، لابي الفضل الطبرسي، ص 232.
(2) - الزخرف: 4.
(3) - نور الثقلين، ج 4: ص 592.
(4) - البحار، ج 26: ص 339.
(5) - البحار، ج 40: ص 95.
[168]
في أن النظر إلى على بن أبى طالب عليه السلام وذكره عبادة
1 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة (1)، لا يقبل الله إيمان عبد إلا بموالاته والبراءة من أعدائه (2).
2 - عن النبي صلى الله عليه واله وسلم: (النظر إلى علي عبادة (3).
3 - وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (النظر إلى وجه علي عبادة (4).
4 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (مثل علي فيكم - أو قال: في هذه الامة - كمثل الكعبة المستورة، النظر إليها عبادة، والحج إليها فريضة (5).
5 - إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جاءه رجل فقال: يا رسول الله ! أما رأيت فلانا ركب البحر ببضاعة يسيرة، وخرج إلى الصين فأسرع الكرة وأعظم الغنيمة حتى قد حسده أهل وده، وأوسع قرباته جيرانه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: إن مال الدنيا كلما ازداد
(1) - من لا يحضره الفقيه تحت رقم 2145 و2146.
(2) - ينابيع المودة: ج 1: ص 121.
(3) - المناقب للخوارزمي، الباب 23، ص 261.
(4) - النهاية، لابن الاثير، باب النون، ج 5: ص 77.
(5) - كفاية الطالب، الباب 34: ص 161.
[169]
كثرة وعظما ازداد صاحبه بلاء، فلا تغتبطوا صاحب الأموال إلا بمن جاد بماله في سبيل الله، ولكن ألا أخبركم بمن هو أقل من صاحبكم بضاعة وأسرع منه كرة وأعظم منه غنيمة وما اعد له من الخيرات محفوظ له في خزائن عرش الرحمن ؟ قالوا: بلى، يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: انظروا إلى هذا المقبل إليكم، فنظرنا فإذا رجل من الأنصار رث الهيئة، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: إن هذا قد صعد له في هذا اليوم إلى العلو من الخيرات والطاعات ما لو قسم على جميع أهل السموات والأرض لكان نصيب أقلهم منه غفران ذنوبه، ووجوب الجنة له، قالوا: بماذا، يا رسول الله ؟ فقال: سلوه يخبركم عما صنع في هذا اليوم.
فأقبل عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقالوا له: هنيا لك ما برك به رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فماذا صنعت في يومك هذا حتى كتب لك ما كتب ؟ قال الرجل: ما أعلم أني صنعت شيئا غير أني خرجت من بيتي، وأردت حاجة كنت أبطأت عنها فخشيت أن تكون فاتتني، فقلت في نفسي لأعتاضن منها النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عيه السلام فقد سمعت رسول الله صلى الله عيه واله وسلم يقول: (النظر إلى وجه علي عبادة)، فقال رسول الله صلى الله عليه واه وسلم: إي والله، عبادة وأي عبادة ! إنك يا عبد الله ذهبت تبتغي أن تكتسب دينارا لقوت عيالك ففاتك ذلك، فاعتضت منه النظر إلى وجه علي وأنت له محب وبفضله معتقد، وذلك خير لك من أن لو كانت الدنيا كلها لك ذهبة حمراء فأنفقتها في سبيل الله، ولتشفعن بعدد كل نفس تنفسته في مسيرك إليه في ألف رقبة، يعتقهم من النار بشفاعتك (1).
6 - عن أبي رافع، قال: (أتيت أبا ذر بالربذة اودعه، فلما أردت الانصراف قال لى ولاناس معي: ستكون فتنة، فاتقوا الله، وعليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول له: أنت أول من آمن بي، وأول من
(1) - البحار، ج 38: ص 197.
[170]
يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الكافرين، وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي، تقضي دينى، وتنجز موعدي (1).
تنبيه: أيها القارئ الكريم ! إن النظر إلى وجه علي بنفسه عبادة لاأنه يحمل الناظر على العبادة، كما قاله بعض أهل السنة وهو إبن الأثير صاحب (النهاية)، قال في حديث نقله عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (النظر إلى وجه علي عبادة) قيل: معناه إن عليا رضي الله عنه كان إذا برز، قال الناس: لاإله إلا الله، ما أشرف هذا الفتى، لاإله إلا الله، ما أعلم هذا الفتي، لاإله إلا الله، ما أكرم هذا الفتى، لاإله إلا الله ما أشجع هذا الفتى، فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد (2) أقول: القائل هو محمد بن زياد، المعروف بابن الأعرابي الكوفي اللغوي، المتوفى 231 تلميذ الكسائي وابن السكيت.
وانظر أيها المنصف، كيف أول الرجل الحديث نفيا لمنقبة أمير المؤمنين عليه السلام ! مع أنه، كما قال العلامة المجلسي - رحمة الله عليه وحشره مع أوليائه الكرام -: أراد أن ينفي عنه عليه السلام منقبة فأثبت له أضعافها، وما الباعث على ذلك ؟ وأي استبعاد في أن يكون محض النظر إليه - صلوات الله عليه - عبادة (3) ؟ ثم أقول: وإن شئت أن يتضح لك المقال فأمعن النظر في قول الحافظ الامام الكنجى الشافعي في (كفاية الطالب) (الباب 34، ص 75): (أما النظر إلى وجه علي عليه السلام عبادة، من حيث إنه ابن عم الرسول صلى الله عليه واله وسلم، وزوج البتول عليها السلام، ووالد
(1) - شرح النهج، لابن أبي الحديد، ج 13: ص 228.
(2) - النهاية، ج 5: ص 77.
(3) - البحار، ج 38: ص 195.
[171]
السبطين الحسين والحسين عليهما السلام، وأخو الرسول، ووصيه، وباب علمه، والمبلغ عنه، والمجاهد بين يديه، والذاب عنه، والمجلي الكرب والهموم عنه، والباذل نفسه لله تعالى ولرسوله لنصرة دين الله، وداعي الناس إلى دار السلام ومعرفة العزيز العلام، ويدل على فضل النظر إليه فضل النظر إلى الكعبة كما جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه واله وسلم وقف حيال الكعبة وقال: (ما أجلك وما أشرفك وما أعظمك عند الله عز وجل ! والمؤمن عند الله عز وجل أعظم وأشرف منك عليه).
- إلى أن قال - عن أبي هريرة قال: رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى علي بن أبي طالب، فقلت: مالك تديم النظر إلى علي كأنك لم تره ؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة).
7 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب عيه اسلام (1).
8 - عن ام سلمة رضى الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عيه واله وسلم يقول: (ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل علي بن أبي طالب عليه السلام إلا هبطت عليهم ملائكة السماء حتى تحف بهم، فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء، فيقول لهم الملائكة: إنا نشم من رائحتكم مالا نشمه من الملائكة، فلم نر رائحة أطيب منها ؟ فيقولون: كنا عند قوم يذكرون محمدا وأهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطرنا، فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرقوا ومضى كل واحد منهم إلى منزله، فيقولون: اهبطوا بنا حتى نتعطر بذلك المكان (2)).
9 - عن علي عليه السلام: (فطوبى لمن رسخ حبنا في قلبه، فو الله ما ذكر العالمون ذكرا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مني (3).
10 - عن حماد السمندري (قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني أدخل بلاد
(1) - البحار، ج 38: ص 199.
(2) - البحار، ج 38: ص 199.
(3) - البحار، ج 39: ص 393.
[172]
الشرك وإن من عندنا يقولون: إن مت ثم حشرت معهم، فقال لي: يا حماد، إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعو إليه ؟ قلت: نعم، قال: فإذا كنت في هذه المدن مدن الأسلام تذكر أمرنا وتدعو إليه ؟ قلت: لا، فقال لي: إنك إن تمت ثم تحشر امة وحدك، ويسعى نورك بين يديك (1).
11 - عن سعد الأسكافي، قال: (قلت لأبي جعفر عليه السلام: إني أجلس وأقص وأذكر حقكم وفضلكم.
قال عليه السلام: وددت على كل ثلاثين ذارعا قاصا مثلك (2).
12 - عن محمد بن سليمان، عن محمد بن محفوظ، عن أبي المغرا، قال: سمعت أبا الحسن عيه السلام، يقول: ليس شيء أنكى (3) لأبليس وجنوده من زيارة الأخوان في الله بعضهم لبعض قال: وإن المؤمنين يلتقيان فيذكران الله ثم يذكران فضلنا أهل البيت، فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلا تخدد (4) حتى ان روحه لتستغيث من شده ما يجد من الألم، فتحس ملائكة السماء وخزان الجنان فيلعنونه حتى لا يبقى ملك مقرب إلا لعنه، فيقع خاسئا حسيرا مدحورا (5).
13 - عن أبي عبد الله عليه السلام: (شيعتنا الرحماء بينهم الذين إذا خلوا ذكروا الله، إن ذكرنا من ذكر الله، إنا إذا ذكرنا ذكر الله، وإذا ذكر عدونا ذكر الشيطان (6).
14 - عن أبي عبد الله عليه السلام: (إن لله ملائكة سياحين، سوى الكرام الكاتبين، فإذا مروا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد - صلوات الله عليهم أجمعين - قالوا: قفوا، فقد أصبتم حاجتكم، فيجلسون فيتفقهون معهم، فإذا قاموا عادوا مرضاهم، وشهدوا جنائزهم، وتعاهدوا غائبهم، فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس (7).
(1) - الحر العاملي: وسائل الشيعة، ج 11: ص 77.
(2) - رجال الكشي، ص 115.
(3) - النكاية: القتل والجرح، أي أجرح له.
(4) - تخدد: نقص.
(5) - الكليني: الأصول من الكافي، ج 2: صص 176 و188، باب تذاكر الاخوان.
(6) - الكليني: الأصول من الكافي، ج 2: صص 176 و188، باب تذاكر الاخوان.
(7) - الكليني: الأصول من الكافي، ج 2: صص 176 و188، باب تذاكر الاخوان.
[173]
الامام واطاعة العوالم له
1 - عن علي عليه السلام: (السماوات والأرض عند الأمام عليه السلام كيده من راحته (1).
إسمهم مكتوب على الأحجار، وعلى أوراق الأشجار، وعلى أجنحة الأطيار، وعلى أبواب الجنة والنار، وعلى العرش والأفلاك، وعلى أجنحة الأملاك، وعلى حجب الجلال وسرادقات العز والجمال - إلى أن قال: - وإن الله لم يخلق أحدا، إلا وأخذ عليه الأقرار بالوحدانية، والولاية للذرية الزكية، والبراءة من أعدائهم، وإن العرش لم يستقر حتى كتب عليه بالنور: لاإله إلا الله، محمد رسول لله، علي ولي الله (2).
2 - عن مولانا الحسن عليه السلام: (لو دعوت الله تعالى لجعل الشام عراقا، والعراق شاما (3).
3 - عن مولانا الحسين عليه السلام: (والله ما خلق الله شيئا، إلا وقد أمره بالطاعة لنا (4).
(1) - البحار، ج 25: ص 173.
(2) البحار ج 25: ص 174 عن مشارق البرسي.
(3) البحار ج 43: ص 237.
(4) البحار ج 46: صص 22 و240.
[174]
4 - عن علي بن الحسين عليهما السلام: (إن إماما لا يكلمه الجماد فليس بإمام (1).
5 - عن أبي جعفر عليه السلام: (إن الله أقدرنا على ما نريد، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمتها لسقناها (2).
6 - عن عبد الرحمن بن الحجاج: (كنت مع أبي عبد الله عيه السلام وليس معنا أحد، قلت: يا سيدي ! ما علامة الأمام ؟ قال عليه السلام: لو قال للجبل: سر، لسار، فنظرت والله إلى الجبل يسير، فنظر إليه، فقال: لم أعنك (3).
7 - عن موسى بن جعفر عليه السلام: (إن الأمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه روح، بهذا يعرف الأمام، فإن لم يكن فيه هذه الخصال، فليس هو بإمام (4).
8 - عن الأمام الرضا عليه السلام: (بنا يمسك الله السماوات والأرض أن تزولا، ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله (5).
9 - إن يحيى بن الأكثم سأل عن محمد بن علي عليهما السلام، عن مسائل فأجابه عليه السلام، ثم قال: (إني اريد أن أسألك عن مسألة واحدة، وإني والله أستحي من ذلك، فقال عليه السلام: أنا اخبرك قبل أن تسألني تسألني عن الأمام، فقلت: هو والله هذا، قفال: أنا هو، فقلت: علامة ؟ فكان في يده عليه السلام عصى فنطقت، فقالت: إنه مولاي، إمام هذا الزمان والحجة (6).
10 - عن صالح بن سعيد، قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام فقلت: جعلت فداك،
(1) البحار ج 46: صص 22 و240.
(2) المصدر.
(3) المجلسي: بحار الانوار ج 47 ص 101.
(4) المجلسي: بحار الانوار ج 48 ص 47.
(5) المجلسي: بحار الانوار ج 23: ص 35.
(6) المجلسي: بحار الانوار ج 50 ص 99.
[175]
في كل الأمور أرادوا إطفا نورك والتقصير بك حتى أنزولوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك، فقال عليه السلام: (ههنا أنت يا ابن سعيد (1) ؟ ثم أومأ بيده فقال: انظر، فنظرت فإذا بروضات آنقات، وروضات ناضرات، فيهن خيرات عطرات، وولدان كأنهن اللؤلو المكنون، وأطيار وظباء وأنهار تفور، فحار بصري والتمع، وحسرت عيني، فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد، ولسنا في خان الصعاليك (2).
توضيح: كانت هذه القضية حين شخوصه من المدينة إلى سامرا.
وقال العلامة المجلسي رضي اله عنه: (إنه تعالى أوجد في هذا الوقت لأظهار إعجازه عليه السلام هذه الأشياء في الهواء ليراه فيعلم أن عروض تلك الأحوال لهم لتسليمهم ورضاهم بقضاء الله تعالى، وإلا فهم قادرون على إحداث هذه الغرائب).
وقال رضي الله عنه: أيضا (كما أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يرى جبرئيل عليه السلام وسائر الملائكة، والصحابة لم يكونوا يرونهم، وأمير المؤمنين عليه السلام يرى الارواح في وادي السلام، وحبة (3) وغيره لا يرونهم، فيمكن أن يكون جميع هذه الأمور في جميع الأوقات حاضرة عندهم، لم يكن سائر الخلق يرونها) انتهى ملخصا.
11 - عن الأمام العسكري عليه السلام وجد بخطه عليه السلام: (قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية، ونورنا السبع الطرائق بأعلام الفتوة، - إلى أن قال: - فالكليم البس حلة الأصطفاء لما عهدنا منه الوفاء، وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة، وشيعتنا الفئة الناجية - إلى - سينفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى النيران (4) - الحديث).
12 - عن صاحب العصر والزمان عليه السلام: (أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع الله البلاء
(1) أي أنت في هذا المقام من معرفتنا ؟ (2) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 50: ص 132.
(3) - يعنى حبة العرنى، وقصته مشهورة.
(3) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 78: ص 378.
[176]
عن أهلي وشيعتي (1).
13 - يج: ذكر الرضي في كتاب خصائص الائمة باسناده عن ابن عباس قال: كان رجل على عهد عمر وله إبل بناحية آذربيجان قد استعصت عليه فشكا إليه ما ناله وإن معاشه كان منها فقال له: اذهب فاستغث بالله تعالى فقال الرجل: ما زلت أدعوا الله وأتوسل إليه وكلما قربت منها حملت علي.
فكتب له عمر رقعة فيها " من عمر أمير المؤمنين إلى مردة الجن والشياطين أن يذللوا (2) هذه المواشي له " فأخذ الرقعة ومضى فقال عبد الله بن عباس: فاغتممت شديدا (3) فلقيت عليا عليه السلام فأخبرته بما كان فقال عليه اسلام: والذي (4) فلق الحبة وبرأ النسمة ليعودن بالخيبة فهدأ ما بي (5) وطاعت علي شقتي وجعلت أرقب (6) كل من أهل الجبال فإذا أنا بالرجل قد وافى وفي جبهته شجة (7) تكاد اليد تدخل فيها فلما رأيته بادرت إليه فقلت: ما وراك ؟ فقال: إني صرت إلى الموضع ورمت بالرقعة فحمل علي عدد منها فهالني أمرها ولم يكن لي قوة فجلست فرمحتني أحدها في وجهي فقلت: اللهم اكفنيها وكلها تشد علي وتريد قتلي فانصرفت عني فسقطت فجاء أخي فحملني ولست أعقل فلم أزل أتعالج حتى صلحت وهذا الاثر في وجهي فقلت له: صر إلى عمر وأعلمه فصار إليه وعنده نفر فأخبره بما كان فزبره (8) فقال له: كذبت لم تذهب بكتابي فحلف الرجل لقد فعل فأخرجه
(1) المجلسي: بحار الانوار ج 52 ص 30.
(2) في المصدر: أن تذللوا.
(3) في المصدر: غما شديدا.
(4) في المصدر: وبحق الذي.
(5) أي سكن: ما بي من الاضطراب.
(6) في المصدر: اترقب.
(7) الشجة: الجراحة.
(8) أي انتهره.
[177]
عنه.
قال ابن عباس: فمضيت به إلى أمير المؤمنين عليه السلام فتبسم ثم قال: ألم أقل لك ؟ ثم أقبل على الرجل فقال له: إذا انصرفت إلى الموضع الذي هي فيه فقل: " اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وأهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين اللهم ذلل لي صعوبتها واكفني شرها فإنك الكافي المعافي والغالب القاهر ".
قال: فانصرف الرجل راجعا فلما كان من قابل قدم الرج ومعه جملة من المال قد حملها من أثمانها إلى أمير المؤمنين عليه السلام وصار إليه وأنا معه فقال عليه السلام: تخبرني أو أخبرك ؟ فقال الرجل: يا أمير المؤمنين بل تخبرني: قال كاني بك وقد صرت إليها فجائتك ولاذت بك خاضعة ذليلة فأخذت بنواصيها واحدة واحدة فقال الرجل: صدقت يا أمير المؤمنين كأنك كنت معي هكذا كان فتفضل بقبول ما جئتك به فقال: امض راشدا بارك الله لك.
وبلغ الخبر عمر فغمه ذلك وانصرف الرجل وكان يحج كل سنة وقد أنمى الله ماله فقال أمير المؤمنين عليه السلام: كل من استصعب عليه شيء من مال أو أهل أو ولد أو أمر فليبتهل إلى الله بهذا الدعاء فانه يكفي مما يخاف الله إن شاء الله (1) (2).
الاستدراك حديث رد الشمس وإن عليا عليه السلام يطيعه الجمادات :
الصاحب بن عباد :
لا تقبل التوبة من تائب * إلا بحب ابن أبي طالب
أخي رسول الله بل صهره * والصهر لا يعدل بالصاحب
(1) الخرائج والجرائح: 84 و85 وفيه: ما يخاف.
(2) البحار ج 41 ص 239.
[178]
يا قوم من مثل علي وقد * ردت عليه الشمس من غائب (1)
قدامة السعدي :
رد الوصي لنا الشمس التي غربت * حتى قضينا صلاة العصر في مهل
لا أنسه حين يدعوها فتتبعه * طوعا بتلبية هاها على عجل
فتلك آيته فينا وحجته * فهل له في جميع الناس من مثل
أقسمت لا أبتغي يوما به بدلا * وهل يكون لنور الله من بدل
حسبي أبو حسن مولى أدين به * ومن به دان رسل الله في الاول (2)
ابن حماد :
يا إماما ما له إلا * رسول الله شكل
لم يزل شأنك * عند الله يعلو ويجل
وعليك الشمس ردت * ودجى الليل مطل(3)
وله أيضا:
ردت له الشمس وهو شأن * لم علم الناس أي شأن(4)
شاعر :
لا ومن أمري ونهيى * وحياتي في يديه
لا تواليت سوى من * ردت الشمس عليه (5)
ابن الرومي :
وله عجائب يوم سار بجيشه * يبغي لقصد النهروان المخرجا
(1) ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب ج 2: صص 320 - 323.
(2) ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب ج 2 صص 320 - 323.
(3) ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب ج 2 صص 320 - 323.
(4) المصدر.
(5) المصدر.
[179]
ردت عيه الشمس بعد غروبها * بيضاء تلمع وقدة وتأججا (1)
شاعر :
من له آخى النبي المصطفى * يوم خم بالوفا دون الاهال
وله معجزة مشهورة * حين رد الشمس من بعد الزوال (2)
العوني :
إمامي كليم الشمس راجع نورها * فهل لكليم الشمس في القوم من مثل(3)
ابن حماد :
من كلمه الشمس لما سلمت * جهرا عليه وكل شيء يسمع
يا أولا يا آخرا يا ظاهرا * يا باطنا في الحجب سرا مودع (4)
رواة حديث رد الشمس من الاعلام:
قال العلامة الاميني رحمه الله: إن حديث رد الشمس أخرجه جمع من الحفاظ الاثبات بأسانيد جمة صحح جمع من مهرة الفن بعضها وحكم آخرون بحسن آخر وشدد جمع منها النكير على من غمز فيه وضعفه وهم الابناء الاربعة حملة الروح الاموية الخبيثة ألا وهم: ابن حزم، ابن الجوزي، ابن تيمية، ابن كثير: وجاء آخرون من الاعلام وقد عظم عليهم الخطب بإنكار هذه المأثرة النبوية والمكرمة العلوية الثابتة فأفردوها بالتأليف وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها فمنهم:
1 - أبو بكر الوراق له كتاب من روى رد الشمس ذكره له ابن شهر آشوب في
(1) المصدر.
(2) المصدر.
(3) المصدر.
(4) ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب ج 2 صص 320 - 323.
[180]
" المناقب " (ج 1 ص 458).
2 - أبو الحسن شاذان الفضيلي له رسالة في طرق الحديث ذكر شطرا منها الحافظ السيوطي في (اللئالي المصنوعة) (ج 2: ص 175 وقال: أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصححه بما لا مزيد عليه ونازع ابن الجوزي في بعض من طعن فيه من رجاله.
3 - الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين الازدي الموصلي له كتاب مفرد فيه ذكره له الحافظ الكنجي في (الكفاية الطالب).
4 - أبو القاسم الحاكم ابن الحداد الحسكاني النيسابوري الحنفي المترجم (ج 1: ص 112) له رسالة في الحديث أسماها (مسألة في تصحيح رد الشمس وترغيم النواصب الشمس) ذكر شطرا منها ابن كثير في البداية والنهاية) (ج 6: ص 80) وذكره له الذهبي في تذكرته (ج 3 ص 368).
5 - أبو عبد الله الجعل الحسين بن علي البصري ثم البغدادي (المتوفى 399) ذلك الفقيه المتكلم له كتاب (جواز رد الشمس) ذكره له ابن شهر آشوب 6 - أخطب أبو المؤيد موفق بن أحمد (المتوفى 568) المترجم في الجزء الرابع من كتابنا هذا له كتاب (رد الشمس امير المؤمنين) ذكره له معاصره ابن شهر آشوب.
7 - أبو علي الشريف محمد بن أسعد بن علي بن المعمر الحسني النقيب النسابة (المتوفى 588) له جزء في جمع طرق حديث رد الشمس لعلي أورد فيه أحاديث مستغربة (لسان الميزان ج 5: 76).
8 - أبو عبد الله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي تلميذ ابن الجوزي (المتوفى 597) له جزء (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس) ذكره له برهان الدين الكوراني المدني في كتابه (الامم لايقاظ الهمم) (ص 63).
9 - الحافظ جلال الدين السيوطي (المتوفى 991) له رسالة في الحديث
[181]
أسماها (كشف اللبس عن حديث رد الشمس) (1).
قال سبط ابن الجوزي في تذكرته (ص 49): عن إبراهيم بن الحسن بن الحسن عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام عن أسماء بنت عميس قالت: كان رأس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في حجر علي عليه السلام وهو يوحى إليه فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة نبيك فاردد عليه الشمس.
قالت: فردها الله له.
فإن قيل: فقد قال جدك في الموضوعات: هذا حديث موضوع بلا شك وروايته مضطربة فإن في إسناده أحمد بن داود وليس بشئ وكذا فيه فضل بن مرزوق ضعيف وجماعة منهم عبد الرحمن بن شريك ضعفه أبو حاتم وقال جدك: أنا لا أتهم به إلا ابن عقدة فإنه كان رافضيا فلو سلم فصلاة العصر صارت قضاء بغيبوبة الشمس فرجوع الشمس لا يفيد لانها لا تصير أداء.
قالوا: وفي الصحيح: إن الشمس لم تحبس على أحد إلا يوشع بن نون والجواب: أن قول جدي رحمه الله: (هذا حديث موضوع بلا شك) دعوى بلا دليل لان قدحه في رواته الجواب عنه ظاهر لانا ما رويناه إلا عن العدول الثقات الذين لا مغمز فيهم وليس في إسناده أحد ممن ضعفه وقد رواه أبو هريرة أيضا أخرجه عنه ابن مردويه فيحتمل أن الذين أشار إليهم في طريق أبي هريرة.
وكذا قول جدي (أنا لا أتهم به إلا ابن عقدة من باب الظن والشك لا من باب القطع واليقين وابن عقدة مشهور بالعدالة كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها ولا يتعرض للصحابة رضي الله عنهم بمدح ولا بذم فنسبوه إلى الرفض وقوله (صارت صلاة العصر قضاء) قلنا: أرباب العقول السليمة والفطر الصحيحة لا يعتقدون أنها غابت ثم عادت وإنما وقفت عن السير المعتاد فكان يخيل لناظر أنها غابت وإنما هي
(1) الاميني الغدير ج 3 صص 127 - 128.
[182]
سائرة قليلا قليلا والدليل عليه أنها لو غابت ثم عادات لاختلت الافلاك وانسد نظام العالم وقال الله تعالى: كل في فلك يسبحون وإنما نقول: إنها وقفت عن سيرها المعتاد ولو ردت على الحقيقة لم يكن عجبا لان ذلك يكون معجزة لرسول اله صلى الله عليه واله وسلم وكرامة لعلي عليه السلام وقد حبست ليوشع بالاجماع ولا يخلو إما أن يكون ذلك معجزة لموسى أو كرامة ليوشع فإن كان لموسى فنبينا أفضل منه وإن كان ليوشع فعلي عليه السلام أفضل من يوشع قال صلى الله عليه واله وسلم: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل وهذا في حق الآحاد فما ظنك بعلي عليه السلام والدليل عليه أيضا ما ذكر أحمد في (الفضائل) فقال: حدثنا محمد بن يونس عن الحسن بن عبد الرحمن الانصاري عن عمر بن جميع عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: الصديقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار وهو مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم وحزقيل كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل مثل يوشع فدل على فضل علي عليه السلام على أنبياء بني إسرائيل وفي وقوف الشمس يقول الصاحب كافي الكفاة.
من كمولاي علي * والوغى تحمي لظاها
من يصيد الصيد فيها * بالظبى حين انتضاها
من له في كل يوم * وقعات لا تضاها
كم وكم حرب ضروس * سد بالمرهف فاها
اذكروا أفعال بدر * لست أبغي ما سواها
اذكروا غزوة أحد * إنه شمس ضحاها
اذكروا حرب حنين * إنه بدر دجاها
اذكروا الاحزاب قدما * إنه ليث شراها
اذكروا مهجة عمرو * كيف أفناها شجاها
[183]
اذكروا أمر برائة * واصدقوني من تلاها
اذكروا من زوجه الز * هراء قد طابت ثراها
حاله حالة هارون * موسى فافهماها
أعلى حب علي لا * منى اقوم سفاها
أول الناس صلاة * جعل التقوى حلاها
ردت الشمس عليه * بعد ما غاب سناها
وفي الباب حكاية عحيبة حدثني بها جماعة من مشايخنا بالعراق قالوا: شهدنا أبا منصور المظفر بن أردشير العبادي الواعظ وقد جلس بالتاجية مدرسة بباب أبرز محلة ببغداد وكان بعد العصر وذكر حديث رد الشمس لعلي عليه السلام وطرزه بعبارته ونمقه بألفاظه ثم ذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام فنشأت سحابة غطت الشمس حتى ظن الناس أنها قد غابت فقام أبو منصور على المنبر قائما وأومى إلى الشمس وأنشد:
لا تغربي يا شمس حتى ينتهي * مدحي لآل المصطفى ولنجله
واثنى عنانك إن أردت ثنائهم * أنسيت إن كان الوقوف لاجله؟
إن كان للمولى وقوفك فليكن * هذا الوقوف لخيله ولرجله
قالوا: فانجاب السحاب عن الشمس وطلعت اه (قال في هامش اكتاب) قلت: بعد تسليم رد الشمس ليوشع وهو مسلم في الاخبار الصحيحة لا مناص من تسليم رد الشمس لامير المؤمنين عليه السلام بشهادة جملة من الاخبار عن النبي صلى الله عليه واله وسلم يكون في هذه الامة كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة (منه) (1)
(1) سبط ابن الجوزي: تذكرة الخواص: صص 49 - 53.
[184]
في ما ورد بأن المخالف الناصب لعلي عليه السلام كافر
1 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر، وقد حارب الله ورسوله، ومن شك في علي فهو كافر (1).
2 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (علي بن أبي طالب باب حطة، من دخل منه كان مؤمنا، ومن خرج عنه كان كافرا (2).
3 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (علي بن أبي طالب باب الدين، من دخل فيه كان مؤمنا، ومن خرج عنه كان كافرا (3).
4 - عن أبي وائل، عن حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه واله وسلم لعلي عليه السلام: (جعلنا علما فيما بيني وبين امتي، فمن لم يتبعك فقد كفر (4).
5 - عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (من لم يقل علي خير الناس فقد كفر (5).
6 - عن عبد الله بن العباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (من لم يقل علي خير الناس
(1) - ابن معازلي: مناقب علي بن أبي طالب، ص 46، ط ايران.
(2) - متقى الهندي: كنز العمال، ج 11: ص 610، ط بيروت.
(3) - قندوزى: ينابيع المودة، ج 2: ص 61، ط اسلامبول.
(4) - إبن عساكر: تاريخ دمشق، ج 27: ص 489، ط بيروت.
(5) - الخطيب: تاريخ بغداد، ج 7: ص 421.
[185]
فقد كفر (1) 7 - عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر (2).
8 - عن شريك بن عبد الله، يقول: (علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر (3).
9 - عن محمد بن منكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر (4).
10 - عن عطية العوفي، قال: (دخلنا على جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فقلنا: أخبرنا عن علي، فقال: ذاك من خير البشر (5).
11 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (يا حذيفة إن حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب، الكفر به كفر بالله، والشرك به شرك بالله، والشك فيه شك في الله، والألحاد فيه إلحاد في الله، والأنكار له إنكار لله (6).
12 - عن النبي صلى الله عليه واله وسلم: (من أنكر إمامة علي بعدي كمن أنكر نبوتي في حياتي، ومن أنكر نبوتي كان كمن أنكر ربوبية ربي عزوجل (7).
13 - عن ام سلمة رضي الله عنها قالت: لاحدثنك (يعنى للحسن البصري) بحديث سمعته اذناي من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وإلا فصمتا، ورأته عيناي وإلا فعميتا، ووعاه قلبي وإلا فطبع الله عليه، وأخرس لساني إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب عيه السلام: (يا علي، ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحدا لولايتك
(1) - الخطيب: تاريخ بغداد، ج 3: ص 192.
(2) - إبن عساكر: تاريخ دمشق، ج 27: ص 445.
(3) - المصدر، صص 446 و447.
(4) - المصدر، صص 446 و447.
(5) - المصدر.
(6) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 38: صص 97 و101 و109.
(7) - المجلسي: بحار الانوار، ج 38: صص 97 و101 و109.
[186]
إلا لقى الله بعبادة صنم أو وثن (1).
14 - قال الصادق عليه السلام: (لا يرد على علي بن أبي طالب عليه السلام أحد ما قال فيه النبي صلى الله عليه واله وسلم إلا كافر (2).
15 - قال الصادق عليه السلام: (الأمام علم فيما بين الله عزوجل وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا (3).
16 - عن محمد بن جعفر، عن أبيه عليه السلام، قال: (علي عليه السلام باب هدى، من خالفه كان كافرا، ومن أنكره دخل النار (4).
17 - عن أبي عبد الله عليه السلام: (منا الأمام المفروض طاعته، من جحده مات يهوديا، أو نصرانيا (5).
18 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية (6).
19 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم - إلى أن قال: - المقر بهم مؤمن، والمنكر لهم كافر (7).
20 - عن عبد الرحمن - يعني ابن كثير - قال: (حججت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر إلى الناس فقال: ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج ! فقال له داود الرقي: يا ابن رسول الله، هل يستجيب الله دعاء هذا الجمع الذي أرى ؟ قال: ويحك، يا أبا سليمان، إن الله لا يغفر أن يشرك به،
(1) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 38: ص 101.
(2) - الوسائل، ج 18: صص 561 و56 و559 و567 و562.
(3) - المصدر.
(4) - المصدر.
(5) - المصدر.
(6) - المصدر.
(7) - الصمدر.
[187]
الجاحد لعلي عليه السلام كعابد الوثن (1).
21 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (والذي بعثني بالحق نبيا إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا (2).
22 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (التاركون ولاية علي عليه السلام المنكرون لفضله المظاهرون أعداءه خارجون عن الأسلام من مات منهم على ذلك (3).
23 - عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (أعداء علي عليه السلام هم المخلدون في النار (4).
24 - عن منصور بن حازم، قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: (وما هم بخارجين من النار قال: أعداء علي هم المخلدون في النار أبد الابدين ودهر الداهرين (5).
25 - عن أبي حمزه الثمالي، أنه سأل علي بن الحسين عليهما السلام عنهما، فقال: (كافران، كافر من تولاهما (6)).
26 - عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام، قال: (كنت معه عليه السلام في بعض خلواته فقلت: إن لي عليك حقا ألا تخبرني عن هذين الرجلين ؟ فقال: كافران، كافر من أحبهما (7).
27 - عن الصادق عليه السلام: (من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر (8).
(1) - مستدرك الوسائل، ج 1: ص 21.
(2) - البحار، ج 39: ص 160.
(3) - البحار، ج 72: صص 134 و135 و137.
(4) - المصدر.
(5) - المصدر.
(6) - المصدر.
(7) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 72: ص 137.
(8) - الحر العاملي: وسائل الشيعة، ج 18: ص 561.
[188]
أقول: أخي العزيز ! إن من أمعن النظر في هذه الأخبار وتأمل فيها يقطع بأن المخالفين لولاية أمير المؤمنين عليه السلام لمعزولون عن الأسلام وإن أقروا بالشهادتين، لأنك لاحظت: من ناصب عليا الخلافة فهو كافر، ومن شك في علي فهو كافر، وأنه عليه السلام باب حطة، من دخل منه كان مؤمنا، ومن خرج عنه كان كافرا، وأن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جعله علما بينه وبين امته، فمن لم يتبعه كان كافرا، وأن الكفر به كفر بما أنزل الله كيف لا وقد قال في كتابه والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم (1) فالشك فيه شك بالله، والألحاد به إلحاد بالله، وأنه من أنكر إمامة علي كمن أنكر رسالة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وأنه من جاحد ولايته لقي الله يوم القيامة كعابد صنم أو وثن، وأنه لايرد أحد على علي عليه السلام ما قال فيه النبي صلى الله عليه واله وسلم إلا كافر، وأنه علم بين الله وبين خلقه، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، وأنه من خالفه كان كافرا، ومن أنكره دخل النار، وأنه الأمام المفروض طاعته، من جحده مات يهوديا أو نصرانيا، وأنه من لم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية.
ثم أيها القارئ المنصف ! لما أحطت بهذه الأخبار التي هي غيض من فيض وقليل من كثير فلازم لك أن تعلم أن جمعا من علماء الأمامية حكموا بكفر المخالفين لولاية أمير المؤمنين والأئمة المعصومين -: -، لكن الأكثر منهم قالوا: إنهم كافرون في الباطن ونفس الأمر، ومسلمون في الظاهر امتيازا للشهادتين وعناية وتخفيفا للمؤمنين لمسيس الحاجة إلى معاشرتهم ومخالطتهم في الأماكن المشرفة، كالكعبة المعظمة والمدينة المنورة، وإن كانوا يوم القيامة أشد عقابا من الكفار والمشركين.
وها نحن نذكر - إن شاء الله تعالى - كلام بعض فقهاء الأمامية - رضوان الله عليهم أجمعين - مع حديث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى يتضح
(1) - سورة محمد، 47: 8 و9.
[189]
لك المقصود عن ابن عباس، قال: (كنت عند النبي صلى الله عليه واله وسلم إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام غضبان، فقال له النبي صلى الله عليه واله وسلم: ما أغضبك ؟ قال: آذوني فيك بنو عمك.
فقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مغضبا فقال: يا أيها الناس ! من آذى عليا فقد آذاني، إن عليا أولكم إيمانا، وأوفاكم بعهد الله.
يا أيها الناس ! من آذى عليا بعث يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا.
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: وإن شهد أن لاإله إلا الله، وأنك محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؟ فقال: يا جابر ! كلمة يحتجزون بها أن تسفك دماؤهم، وأن لاتستباح أموالهم، وأن لا يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون (1).
تذييل: 1 - قال شمس الفقاهة والدين، الشهيد الثاني - رفع الله درجته -: (قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الأئمة عليه السلام من اصول الأيمان عند الطائفة من الأمامية كما هو معلوم من مذهبهم ضرورة، وصرح بنقله المحقق الطوسي، عنهم فيما تقدم.
ولا ريب أن الشئ يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه كما نحن فيه، فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور كافر وإن أقر بالشهادتين وأنه مناف أيضا للحكم بالسلام من لم يصدق بامامة الائمة الاثنى عشر عليهم السلام وأما الجواب فبالمنع من المنافاة بين الحكمين وذلك لانا نحكم بأن من لم يتحقق له التصديق المذكور في نفس الأمر، والحكم بإسلامه إنما هو الظاهر، فموضوع الحكمين مختلف فلا منافاة، ثم قال: المراد بالحكم بإسلامه ظاهرا صحة ترتب كثير من الأحكام الشرعية على ذلك.
والحاصل، أن الشارع جعل الأقرار بالشهادتين علامة على صحة إجراء أكثر الأحكام الشرعية على المقر كحل مناكحته، والحكم بطهارته وحقن دمه وماله وغير ذلك من الاحكام المذكورة في كتب الفروع و
(1) - ابن مغازلي: مناقب علي بن أبي طالب، ص 52، ط إيران.
[190]
كأن الحكمة في ذلك هو التخفيف عن المؤمنين (1).
2 - عن شيخ الفقهاء والمحققين، الشيخ محمد حسن النجفي، صاحب الجواهر،: (فلعل ما ورد في الأخبار الكثيرة من تكفير منكر علي عليه السلام لأنه العلم الذي نصبه الله بينه وبين عباده، وأنه باب من أبواب الجنة، من دخله كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا، وتكفير منكر مطلق الأمام، وأن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، محمول على إرادة الكافر في مقابل المؤمن - إلى أن قال: - نعم، هو بالمعنى المزبور أخبث باطنا منه بغيره، بل أشد عقابا كما يشير إليه قول الصادق عليه السلام: (أهل الشام شر من أهل الروم، وأهل المدينة شر من أهل مكة، وأهل مكة يكفرون بالله جهرة، وأهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا (2).
3 - عن الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه الله: (والحاصل، أن ثبوت الكفر لهم مما لا إشكال فيه ظاهرا كما عرفت من الأصحاب، ويدل عليه أخبار متواترة نذكر بعضها تيمنا وتشريفا للكتاب.
ففي رواية أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (إن عليا باب فتحه الله، من دخله كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا).
ورواية أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (طاعة علي ذل، ومعصية كفر بالله.
قيل: يا رسول الله ! كيف كان طاعة علي ذلا، ومعصية كفرا ؟ قال صلى الله عليه واله وسلم: علي يحملكم على الحق، فإن أطعتموه ذللتم، وإن عصيتموه كفرتم بالله عزوجل).
وفي رواية إبراهيم بن أبي بكر قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول: (إن عليا عليه السلام باب من أبواب الهدى، فمن دخل في باب علي كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا).
ورواية الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (إن الله نصب عليا علما لله بين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا).
(1) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 8: ص 367 (نقلا عن رسالة (حقائق الأيمان) للشهيد الثاني رحمه الله).
(2) - النجفي: جواهر الكلام، ج 6: ص 60.
[191]
وفي رواية إبراهيم بن بكر عن أبي إبراهيم عليه السلام: (إن عليا باب من أبواب الجنة، فمن دخل بابه كان مؤمنا، ومن خرج من بابه كان كافرا).
وعن (المحاسن) بسنده إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال لحذيفة: (يا حذيفة ! إن حجة الله بعدي عليك علي بن أبي طالب، الكفر به كفر بالله، والشرك به شرك بالله، والشك فيه شك في الله، والألحاد فيه إلحاد في الله، والأنكار له إنكار لله، والأيمان به إيمان بالله، لأنه أخو رسول الله ووصيه وإمام امته ومولاهم، وهو حبل الله المتين - الحديث) إلى غير ذلك مما لا يطيق مثلي الأحاطة بعشر معشاره ولا بقطرة من بحاره.
(1) 4 - قال العلامة المجلسي رحمه الله: (ويظهر من بعض الأخبار، بل من كثير منها أنهم في الدنيا - أيضا - في حكم الكفار، لكن لما علم الله أن أئمة الجور وأتباعهم يستولون على الشيعة وهم يبتلون بمعاشرتهم ولا يمكنهم الأجتناب عنهم وترك معاشرتهم ومخالطتهم ومناكحتهم أجرى الله عليهم حكم الأسلام توسعة، فإذا ظهر القائم عليه السلام يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الأمور، وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا مع الكفار.
وبه يجمع بين الأخبار كما أشار إليه المفيد والشهيد الثاني - قدس الله روحهما - (2).
5 - عن معلم الامة، الشيخ المفيد، في (المقنعة) (3): (ولا يجوز لأحد من أهل الأيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية، فيغسله تغسيل أهل الخلاف، ولا يترك معه جريدة، فإذا صلى عليه لعنه في صلاته).
6 - وقال الشيخ الطائفة الطوسي في شرح كلام معلم الامة الشيخ المفيد رحمه الله (فالوجه فيه أن المخالف لأهل الحق كافر، فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار،
(1) - الأنصاري: كتاب الطهارة / النظر السادس في النجاسات، ص 329.
(2) - المجلسي: بحار الانوار، ج 8: ص 369.
(3) - المصدر، ص 13.
[192]
إلا ما خرج بالدليل.
وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالف - أيضا - غير جائز (1).
7 - عن الشيخ الأنصاري رحمه الله: (يجوز اغتياب المخالف كما يجوز لعنه، وتوهم عموم الآية كبعض الرويات لمطلق المسلم مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم وعدم جريان أحكام الأسلام عليهم، إلا قليلا مما يتوقف استقامة نظم معاش المؤمنين عليه (2).
8 - وعن الأمام الخميني في شرح كلام الشيخ رحمه الله: (والأنصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن إثبات حرمة غيبتهم، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها إختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق: - إلى أن قال: - فلا شبهة في عدم إحترامهم، بل هو من ضروري المذهب - كما قال المحققون - بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساويهم.
فعن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم، فقال: الكف عنهم أجمل، ثم قال: يا أبا حمزة ! الناس كلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا) والظاهر منها جواز القذف والافتراء عليهم (3).
9 - وعنه - أيضا -: (وأما الأخبار المشتملة على الأخ لا تشملهم أيضا (اي كالأخبار المشتملة على المؤمن) لعدم الأخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم، وعن مذهبهم، وعن أئمتهم كما تدل عليه الأخبار واقتضته اصول
(1) - الطوسي، محمد بن الحسن: تهذيب الاحكام، ج 1: ص 335، ط الآخوندي.
(2) - الانصاري، الشيخ مرتضى: المكاسب، ص 40.
(3) - الخميني، روح الله: المكاسب المحرمة / مع تعاليق: الشيخ مجتبى الطهراني.
ج 1: صص 252 و250.
[193]
المذهب، وما اشتملت على المسلم فالغالب منها مشتمل على ما يوجبه ظاهرا في المؤمن (1).
10 - عن صاحب الجواهر رحمه الله: (وأما لو كان الأمام ممن لا يقتدي به (2) لأنه مخالف (وجبت القراءة) في الصلاة خلفه تقية - كما صرح به جماعة من الأصحاب - بل لا أجد فيه خلافا بينهم كما اعترف به في (المنتهى) - إلى أن قال: - وخبر زرارة، عن الباقر عليه السلام سأله عن الصلاة خلف المخالفين، فقال عليه السلام: ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر.
ولقول الصادق عليه السلام: (إذا صليت خلف إمام لا يقتدي به فاقرأ خلفه، سمعت قراءته، أولم تسمع).
وقول أبي الحسن عليه السلام في صحيح ابن يقطين: (اقرأ لنفسك وإن لم تسمع نفسك فلا بأس).
إلى غير ذلك مما يستفاد منه الحكم المزبور منطوقا ومفهوما (3).
11 - وعنه رحمه الله - أيضا -: (إن ظاهر النصوص والفتاوى عدم وجوب إعادة هذه الصلاة (أي خلف المخالف) بعد مراعاة تلك الامور التي سمعتها من القراءة وغيرها وإن كان الوقت باقيا، بل ولو كان له مندوحة عن ذلك وفاقا لبعض وخلافا لآخر، لأطلاق المزبور (أي الأخبار التي تقول: صلوا خلف المخالف إن دعت إليه الضرورة) والحث على حضور جماعتهم وإدراك الصف الأول والمبالغة في فضلها، حتى إن في بعضها التشبيه بصلاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (كما في الوسائل / الباب 5، من أبواب صلاة الجماعة) وفي آخر كسل السيف في سبيل الله (كما فيه أيضا) مع ظهور وجه الحكمة فيها من أنهم حتى يقولوا: رحم الله جعفرا ما أحسن ما كان يؤدب به أصحابه، ولما يحصل به من تأليف القلوب، وعدم الطعن على المذهب وأهله، ودفع الضرر - إلى أن قال: - نعم، يظهر من بعض المعتبرة (كما في
(1) - المصدر.
(2) - مابين المعوقتين متن شرائع الاسلام للمحقق الحلى رحمه الله، كما لا يخفى.
(3) - النجفي، الشيخ محمد حسن: جواهر الكلام، ج 13: صص 195 و200.
[194]
الوسائل / الباب 6 من أبواب صلاة الجماعة) أن الأفضل الصلاة في المنزل ثم الصلاة معهم (1).
12 - عن المحقق الحلي رحمه الله في مستحق الزكاة: (وكذا لا يعطى غير الأمامي: وإن اتصف بالاسلام، ونعني به كل مخالف في اعتقادهم الخق كالخوارج وغيرهم من الفرق الذين يخرجهم اعتقادهم عن الأيمان، وخالف جميع الجمهور في ذلك واقتصروا على اسم الأسلام.
لنا إن الأيمان هو تصديق النبي صلى الله عليه واله وسلم في كل ما جاء به، والكفر جحود ذلك، فمن ليس بمؤمن فهو كافر، وليس للكافر زكاة - إلى أن قال -: فرع: وإذا لم يوجد المؤمن هل يصرف إلى غيرهم ؟ فيه قولان، أشبههما أن زكاة المال لا تدفع إلى غير أهل الولاية (2).
أقول: الظاهر كون المراد بالمخالف في خصوص هذه الأخبار أعم من الناصب المعاند للحق بعد وضوحه له، أعني مطلق المخالف لنا في المذهب وهم المنحرفون الناكبون عن الصراط، النواصب وغيرهم كما يأتي.
الناصب ومعناه عن أبي عبد الله عليه السلام: (إن الله لم يخلق خلقا شرا من الكلب، والناصب لنا أهون على الله من الكلب (3).
وعن الصادق عليه السلام: (إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب، وإن الناصب لنا أهل البيت أنجس منه (4).
(1) - النجفي، الشيخ محمد حسن: جواهر الكلام، ج 13: صص 195 و200.
(2) - المحقق الحلي: المعتبر في شرح المختصر، ص 281.
(3) - النجفي: الشيخ محمد حسن: جواهر الكلام، ج 6: ص 63.
(4) - الحر العاملي: وسائل الشيعة، تحقيق: عبد الرحيم الرباني ج 1: ص 159.
[195]
أخي العزيز ! ينبغي لنا أن نعلم ما معنى النصب، ومن الناصب ؟ فنقول: جاء في أقرب الموارد في مادة (نصب): (الناصبية والنواصب المتدينون ببغضة علي عليه السلام لأنهم نصبوا له أي عادوه - انتهى).
وفي (القاموس): (النواصب وأهل النصب المتدينون ببغض علي - رضي الله عنه - لأنهم نصبوا له أي عادوه).
وقال الطريحي في (مجمع البحرين): (النصب المعاداة، يقال: نصبت فلانا إذا عاديته، ومنه الناصب وهو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت - صلوات الله عليهم أجمعين - أو لمواليهم لأجل متابعتهم لهم.
قال بعض الفضلاء: اختلف في تحقيق الناصبي، فزعم البعض أن المراد من نصب العدواة لأهل البيت عليهم السلام، وزعم آخرون أنه من نصب العدواة لشيعتهم، وفي الاحاديث ما يصرح بالثاني، فعن الصادق عليه السلام: (أنه ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنه لاتجد رجلا يقول: أنا ابغض محمدا وآل محمد صلى الله عليه واله وسلم ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تولونا وأنتم من شيعتنا) أقول: فيه ما لا يخفى وسيأتي الكلام فيه.
وعن شرح المقداد - على ما في (الجواهر) ج 6: ص 66 -: إن الناصب يطلق على خمسة أوجه: الخارجي القادح في علي عليه السلام.
الثاني من ينسب إلى أحدهم: ما يسقط العدالة.
الثالث من ينكر فضيلتهم لو سمعها.
الرابع من اعتقد أفضلية غير علي عليه السلام عليه.
الخامس من أنكر النص على علي).
قال صاحب الجواهر رحمه الله: (قد يقوى في النفس تعميم الناصب للعدو لأهل البيت عليهم السلام وإن لم يكن متدينا به - إلى أن قال: - بل في جامع المقاصد ومجمع البحرين تعميمه لناصب العداوة لشيعتهم).
13 - عن العلامة الكبير الفقيه الهمداني المشهور بالحاج آغا رضا المهداني رحمه الله: (إن المراد بالناصب في الروايات على الظاهر - مطلق المخالفين لا خصوص من أظهر العداوة لأهل البيت وتدين بنصبهم كما يشهد لذلك خبر المعلى بن خنيس،
[196]
قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس الناصب لنا من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول: أنا ابغض محمدا وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرؤون من أعدائنا).
ويدل أيضا على تحقق النصب بمجرد إزالة الأئمة: عن مراتبهم ومعاداة من يعرف حقهم من شيعتهم ما رواه ابن إدريس في (مستطرفات السرائر) (ص 479) عن محمد بن عيسى، قال: (كتبت إليه (يعني الهادي عليه السلام) أسأله عن الناصب، هل احتاج في إمتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاده إمامتهما ؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب (1).
أقول: خبر المعلي بن خنيس لا يقاوم الأخبار التي كان معناها أن الناصب هو المبغض لهم ولمن يتولاهم لكون المعلي ضعيفا جدا، مع أنه خلاف الأعتبار حيث إن وجود المبغضين لأمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم السلام المتظاهرين بالعداوة والمصحرين بها لهم عليهم السلام أشهر وأظهر من أن ينكره أحد، مع أن ما في ذيل الخبر من أن الناصب من نصب لكم لأجل ولايتكم لنا هو ظاهر أيضا في عداوتهم لهم عليهم السلام، حيث يبغضون من يتولاهم إذا لم يقدروا على اظهار عداوتهم لهم عليهم السلام جهارا والفرق بين مبغضيهم ومعانديهم وبين الذين لا يعرفونهم واضح ولا حاجة إلى بيان أزيد من ذلك.
وأما خبر محمد بن عيسى، فمعناه أن الناصب من قدم عليهم غيرهم مع علمه بشأنهم وعرفانه، بأن الحق لهم ومعهم وفيهم ومع ذلك قدم غيرهم عليهم، وليس المراد من لايعرف شأنهم أولا يعتقد بعصمتهم وأنهم عليهم السلام حجج الله على الخلق، والبون بين من عرف الحق فأنكره وعانده، وبين من طلب الحق فأخطأه بعيد جدا ولا يخفى على أي أحد.
(1) - الهمداني، الآغا رضا: مصباح الفقيه، كتاب الطهارة، ص 568.
[197]
14 - قال الشيخ يوسف البحراني: (إن الآية التي دلت على تحريم الغيبة وإن كان صدرها مجملا إلا أن قوله - عزوجل - فيها: أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا (1) مما يعين الحمل على المؤمنين، فإن إثبات الأخوة بين المؤمن والمخالف له في دينه لا يكاد يدعيه من شم رائحة الأيمان ولامن أحاط خبرا بأخبار السادة الأعيان لاستفاضتها بوجوب معاداتهم والبراءة منهم (2).
15 - وفي (الجواهر) عن (الحدائق): (إن الحكم بكفر المخالفين ونصبهم ونجاستهم هو المشهور في كلام أصحابنا المتقدمين مستشهدا بما حكاه عن الشيخ ابن نوبخت، وهو من متقدمي أصحابنا في كتابه (فص الياقوت): دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا - إلى آخره (3).
16 - ولكن أكثر علماء الامامية حكموا بطهارة سائر المخالفين ونجاسة النواصب والخوارج.
قال استاذ الكل، الشيخ الأعظم الأنصاري،: (فالظاهر أن العامة منهم ناصب، ومنهم مستضعف، ومنهم الواسطة بينهما.
والمحكوم بنجاسته بالأخبار والاجماع هو الأول.
بل ربما يستشكل الحكم في الأول بأن الظاهر من الأخبار والتواريخ أن كثيرا من أصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم والكائنين في زمن الأمير عيه السلام، وأصحاب الجمل، وصفين، بل كافة أهل الشام، بل وكثير من أهل الحرمين كانوا في أشد العدواة لأهل البيت عليهم السلام، فقد روي أن أهل الشام شر من أهل الروم، وأن أهل مكة يكفرون بالله جهرة وأهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا، مع أنه لم ينقل الاحتراز عنهم - إلى أن قال: - نعم، يمكن دفع ما ذكر بمنع كون جميع من ذكر مبغضا واقعيا، بل كثير منهم سيما في دولة بني امية كان يظهر البغض لهم تقية - إلى أن قال: - مضافا إلى أن الحكم بنجاسة الناصب يمكن أن يكون قد انتشر في
(1) - الحجرات، 49: 12.
(2) - البحراني، الشيخ يوسف: الحدائق الناظرة، ج 18: ص 150، ط النجف الأشرف.
(3) - النجفي، الشيخ محمد حسن: جواهر الكلام، ج 6: ص 61.
[198]
زمن الصادقين عليهما السلام إذ كثير من الأحكام كان مخفيا قبل زمانهما، كما يظهر من الأخبار وكلمات بعض الأخيار.
والكلام في الخوارج يظهر مما ذكرنا في الناصب فإنهم أشد النواصب، مضافا إلى إطلاق المشرك عليهم في الزيارة الجامعة: (ومن حاربكم مشرك).
وبالجملة فلا شيء أوضح وأشهر من كفر يزيد، لعنه الله (وعلى من شيد بنيانه) (1).
17 - وقال أيضا: (بل في (شرح المفاتيح): إن من بديهيات المذهب أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يشاور المنافقين، وما كان يجتنب منهم إلا أن يقال: إن هذه المعاملة مع المنافقين المظهرين الأسلام كان مختصا بصدر الأسلام، ومن هنا يضعف ما في (المعتبر) من الأستدلال على طهارة العامة بعدم اجتناب النبي صلى الله عليه واله وسلم لفلان وفلان وفلانة وفلانة، فإن هذا لو تم لدل على عدم نجاسة النواصب، فلا محيص عن حملها على مصلحة اقتضت عدم إيجاب التحرز عنهم وعن أمثالهم من المنافقين - إلى أن قال: - ولا يتوهم من الحكم بطهارتهم الحكم بثبوت مزية لهم، إنما نحكم بذلك دفعا للحرج عن المؤمنين (2).
18 - قال الفقيه الهمداني رحمه الله: (قد يشكل الحكم بكفرهم بشيوع النصب في دولة بني امية واختلاط أصحاب الأئمة: مع النصاب والخوارج وعدم معروفية تجنب الأئمة عليهم السلام وأصحابهم عنهم، بل الظاهر أنهم كانوا يعاملون معهم معاملة المسلمين من حيث المعاشرة، وتنزيل مثل هذه المعاشرة في الأعصار الطويلة على التقية في غاية البعد.
وقد يجاب عن ذلك بأن أغلب الناس كانوا يظهرون النصب والتبري من الأئمة عليهم السلام خوفا من سلطان الجور وإلا فلم يكونوا في الواقع نواصب.
وفيه أن ظاهر القول والفعل حجة مبررة لا يجوز رفع اليد عنه.
والأولى
(1) - الهمداني، الآغا رضا: مصباح الفقيه / كتاب الطهارة، النظر السادس في النجاسات: ص 334.
(2) - الهمداني، الآغا رضا: مصباح الفقيه / كتاب الطهارة، النظر السادس في النجاسات: ص 334.
[199]
في الجواب ما نبه عليه شيخنا المرتضى، من أن أغلب الأحكام الشرعية انتشرت في عصر الصادقين عليهما السلام، فلا مانع من أن يكون كفر النواصب منها، فأصحاب الأئمة عليهم السلام كانوا يخالطون النواصب في دولة بني امية لا يعلمون ذلك، وأما الأئمة - صلوات الله عليهم - فلم يعلم معاشرتهم مع النواصب والخوارج في غير مقام التقية، والله أعلم (1).
(1) - المصدر: ص 568.