الفصل 4

3 - آية المباهلة:

ومن الايات التي تدل على أفضلية المرتضى عليه السلام من جميع الأنبياء - سوى نبينا صلى الله عليه واله وسلم - قوله تعالى: فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين (1) الف) معنى الاية: فمن حاجك في شأن عيسى عليه السلام بعد ما قصصت عليك من خبره وجلية أمره فقل لهم: أقبلوا وليدع كل منا ومنكم أبناءه ونساءه وأنفسه للمباهلة، فنجعل لعنة الله على الذين يفترون.

 ب) شأن نزول الاية: من المسائل التى كادت تعد في الضروريات الأولية نزول آية المباهلة في حق أهل الكساء، والخمسة النجباء: حتى إن كثيرا من المحدثين والمفسرين و


(1) - آل عمران، 3: 61.

 


[265]

المؤرخين والمتكلمين ذكروه في كتبهم وأرسلوه إرسال المسلمات، بل ذهب جل أهل القبلة على أن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يدع للمباهلة من النساء سوى بضعته الزهراء عليها السلام، ومن الأبناء سوى سبطيه وريحانتيه من الدنيا الحسن والحسين عليهما السلام، ومن الأنفس إلا أخاه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى عليه السلام، فهؤلاء أصحاب هذه الاية.

 وقد ذكر نزول الاية فيهم: كثير من علماء العامة، وإليك ذكر بعضها: 1 - قال محمد بن جرير الطبري في تفسيره: (غدا النبي صلى الله عليه واله وسلم محتضنا حسينا آخذا بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه - صلوات الله عليهم أجمعين (1).

 2 - وأخرج الحاكم في (المستدرك) وصححه وابو نعيم في (الدلائل) عن جابر الأنصاري، قال: (قدم على النبي صلى الله عليه واله وسلم العاقب والسيد فدعاهما إلى الأسلام - إلى أن قال: - فدعاهما إلى الملاعنة فوعداه، فغدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه - إلى أن قال: - (أنفسنا وأنفسكم) رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلي، و(أبناءنا) الحسن والحسين و(نساءنا) فاطمة (2).

 3 - قال جار الله محمود الزمخشري في تفسيره: (فأتوا (يعني نصارى نجران) رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقد غدا محتضنا الحسين، آخذا بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلى خلفها وهو يقول: إذ أنا دعوت فأمنوا، فقال اسقف نجران: يا معشر النصارى ! إني لأرى وجوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا - إلى أن قال: - وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام (3) - الخ).

 


(1) - الطبري: جامع البيان، ج 3: ص 299.

 وحضور علي عليه السلام للمباهلة سقط فط هذا الخبر تصحيفا أو تحريفا (م).

 (2) - السيوطي: الدر المنثور، ج 2: ص 38.

 (3) - الزمخشري: تفسير الكشاف، ج 1: ص 434.

 


[266]

4 - قال فخر الدين الرازي في تفسيره: (إنه عليه السلام لما أورد الدلائل على نصارى نجران ثم إنهم أصروا على جهلهم فقال عليه السلام: إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم، فقالوا: يا أبا القاسم ! بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك.

 فلما رجعوا قالوا للعاقب - وكان ذارأيهم -: يا عبدالمسيح ! ما ترى ؟ فقال: والله، لقد عرفتم، يا معشر النصارى ! أن محمدا نبي مرسل، ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم - إلى أن قال: - وكان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خرج وعليه مرط (1) من شعر أسود، وكان قد احتضن الحسين، وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي - رضي الله عنه - خلفها، وهو يقول: إذا دعوت فأمنوا، فقال اسقف نجران: يا معشر النصارى ! إنى لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة).

 وقال في آخر كلامه: (وروي أنه عليه السلام لما خرج في المرط الأسود فجاء الحسن - رضي الله عنه - فأدخله، ثم جاء الحسين - رضي الله عنه - فادخله ثم فاطمة، ثم علي - رضي الله عنهما -، ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.

 واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث (2).

 5 - قال القرطبي في تفسيره: (أبناءنا) دليل على أن أبناء البنات يسمون أبناء، وذلك أن النبي صلى الله عليه واله وسلم جاء بالحسن والحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم: إن أنا دعوت فأمنوا (3).

 6 - قال سبط ابن الجوزي: (لما نزل قوله تعالى: ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا وفاطمة والحسن والحسين: وقال: اللهم هؤلاء أهلي (4)


(1) - المرط - بالكسر -: كل ثوب غير محيط.

 (2) - الرازي: التفسير الكبير، ج 8: ص 85.

 (3) - القرطبي: الجامع الأحكام القرآن، ج 4: ص 104.

 (4) - ابن الجوزي: تذكرة الخواص، ص 18.

 


[267]

7 - قال أبو حيان الاندلسي: (لما نزلت هذه الاية: قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي (1).

 8 - قال الحافظ أحمد بن حنبل في مسنده.

 (ولما نزلت هذه الاية: ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا - رضوان الله عليهم اجمعين - فقال: اللهم هؤلاء أهلى (2).

 9 - قال الحافظ الكنجي الشافعي: (لما نزلت هذه الاية: ندع أبناءنا وأبناءكم... دعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلى (3).

 أقول: هذه الأقوال التي ذكرناها في شأن نزول الاية قطرة من البحر ذرة من القفر، فإن شئت الزيادة فراجع (إحقاق الحق (4).

 وجدير بنا أن ننقل ههنا التشقيق الذي يحتمل في الاية وهو ما قاله المحقق البارع، الشيخ محمد تقي الفلسفي - صانه الله من حوادث الدهر وسوء الزمان -: (إن مباهلة وملاعنة أهل الكساء والخمسة النجباء - صلوات الله عليهم أجمعين - مع نصارى نجران لا تخلو عن أربعة وجوه في العقل والتصور: الاول: أن تستجاب مباهلة كل واحد من الطرفين، فتكون هذه سببا لاستيصالهما وهلاكة كل واحد منهما.

 الثاني: أن لا تستجاب مباهلة كل من الخصمين كليهما، فيكون هذا سببا لسقوطهما عن أعين الناس لا سيما إذا كان المباهلون من ولاة الأمر والدعاة إلى الدين كما فيما نحن فيه.

 


(1) - البحر المحيط، ج 2: ص 479.

 (2) - منذ احمد، ج 1: ص 185.

 (3) - الكنجي: كفاية الطالب، الباب 32: ص 142.

 (4) - قاضي نور الله التستري: إحقاق الحق / مع تعاليق آية الله السيد المرعشي، ج 3: صص 79 - 46.

 


[268]

الثالث: أن تستجاب مباهلة أهل نجران فتكون سببا لوقوع العذاب على مخالفهم.

 الرابع: أن تستجاب مباهلة وملاعنة أهل البيت - صلوات الله عليهم أجمعين - فتكون سببا لهلاكة خصمهم.

 فالغالب من هذه الأحتمالات يمنع كل واحد من الخصمين عن الأقدام على المباهلة لأن فيه الأطمينان مظنة الهلكة والاستيصال والعذاب.

 فإذا اتضح هذا يعلم منه أن الخمسة الطيبة: كانوا في أعلى درجات اليقين والاطميان، فلو كان في نفوسهم الشريفة - العياذ بالله - قلق، أو اضطراب، أو وسوسة في الأجابة وعدمها لم يقدموا أبدا على المباهلة، لأن في إقدامهم: فيها إما احتمال الهلكة والنقمة والعذاب أو سقوط منزلتهم وهيبتهم عن أعين الناس.

 ولهذه الوساوس والشك والريب امتنع أهل نجران وانصرفوا لم يجرؤوا على المباهلة، وبعد إنصرافهم عن الملاعنة والمباهلة قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (والذى نفسي بيده، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي نارا، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطيور على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا (1).

 ولعل هذا المعنى، أعني عدم الخطور النفسانية والوساوس في نفوسهم الشريفة وتعميم المباهلة والملاعنة بين النبي صلى الله عليه واله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين - صلوات الله عليهم أجمعين - وبين نصارى نجران يستفاد من نفس الاية الكريمة إذا أمعنت النظر فيها.

 قال العلامة الطباطبائى،: (وههنا نكتة أخرى وهى أن في تذكيره صلى الله عليه واله وسلم بالعلم تطييبا لنفسه الشريفة أنه غالب بإذن الله وأن ربه ناصره وغير خاذله البتة).

 قال أيضا: (والمباهلة والملاعنة وإن كانت بحسب الظاهر كالمحاجة بين


(1) - تفسير أبي السعود، ج 2: ص 47.

 


[269]

رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وبين رجال النصارى لكن عمت الدعوة للأبناء والنساء ليكون أدل على اطمينان الداعي بصدق دعواه وكونه على الحق لما أودعه الله سبحانه في قلب الأنسان من محبتهم والشفقة عليهم فتراه يقيهم بنفسه ويركب الأهوال والمخاطرات دونهم وفي سبيل حمايتهم والغيرة عليهم والذب عنهم، ولذلك بعينه قدم الأبناء على النساء لأن محبة الأنسان بالنسبة إليهم أشد وأدوم).

 وقال أيضا: (وقوله عزوجل: فنجعل لعنة الله كالبيان للابتهال، وقد قيل: فنجعل، ولم يقل: فنسأل، إشارة إلى كونها دعوة غير مردودة حيث يمتاز بها الحق من الباطل).

 وقال أيضا: (قوله عزوجل: الكاذبين مسوق سوق العهد، دون الأستغراق أو الجنس، إذ ليس المراد جعل اللعنة علي كل كاذب أو على جنس الكاذب، بل على الكاذبين الواقعين في أحد طرفي المحاجة الواقعة بينه صلى الله عليه واله وسلم وبين النصارى، حيث قال صلى الله عليه واله وسلم: إن الله لا إله غيره وإن عيسى عبده ورسوله، وقالوا: إن عيسى هو الله، أو إنه ابن الله، أو إن الله ثالث ثلاثة.

 وعلى هذا، فمن الواضح أن لو كانت الدعوى والمباهلة عليها بين النبي صلى الله عليه واله وسلم وبين النصارى، أعني كون أحد الطرفين مفردا والطرف الاخر جمعا كان من الواجب التعبير عنه بلفظ يقبل الأنطباق على المفرد والجمع معا كقولنا: فنجعل لعنة الله على من كان كاذبا.

 فالكلام يدل على تحقق كاذبين بوصف الجمع في أحد طرفي المحاجة والمباهلة على أي حال إما في جانب النبي صلى الله عليه واله وسلم وإما في جانب النصارى، وهذا يعطى أن يكون الحاضرون للمباهلة شركاء في الدعوى فإن الكذب لا يكون إلا في الدعوى، فلمن حضر مع رسول الله صلى الله هليه واله وسلم، وهم على وفاطمة والحسنان عليهما السلام شركة في الدعوى والدعوة مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وهذا من أفضل المناقب التي خص الله به أهل بيت نبيه: كما خصهم باسم الانفس والنساء والأبناء لرسوله صلى الله عليه واله وسلم من بين رجال الامة و


[270]

نسائهم وأبنائهم (1).

 وقال المراغي في تفسيره: (وفي تقديم هؤلاء (أي الأبناء والنساء) على الانفس في المباهلة مع أن الرجل يخاطر بنفسه لهم إيذان بكمال أمنه صلى الله عليه واله وسلم وتمام ثقته بأمره وقوة يقينه وبأنهم لن يصيبهم في ذلك مكروه (2).

 وقال الزمخشري: (فإن قلت: ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم الأبناء والنساء ؟ قلت: ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه، حيث استجرأ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك... وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب وربما فداهم الرجل بنفسه حارب دونهم حتى يقتل... وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على مكانتهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس (3).

 وقال العلامة، السيد شرف الدين،: (وهناك نكتة يعرف كنهها علماء البلاغة، ويقدر قدرها الراسخون في العلم العارفون بأسرار القرآن، وهي أن الاية الكريمة ظاهرة في عموم الأبناء والنساء والأنفس كما يشهد به علماء البيان ولا يجهله أحد ممن عرف أن الجمع المضاف حقيقة في الأستغراق، وإنما اطلقت هذه العمومات عليهم بالخصوص تبيانا لكونهم ممثلى الاسلام، وإعلانا لكونهم أكمل الأنام، وأذانا بكونهم صفوة العالم، وبرهانا على أنهم خيرة الخيرة من بنى آدم، وتنبيها ألى أن فيهم من الروحانية الاسلامية والاخلاص لله في العبودية ما ليس في جميع البرية، وأن دعوتهم إلى المباهلة بحكم دعوة الجميع، وحضورهم خاصة فيها منزل منزلة حضور الامة عامة، وتأمينهم على دعائه مغن عن تأمين من


(1) - الطباطبايي: الميزان، ج 3: ص 223 الى 225.

 (2) - المراغي النيسابوري: تفسير المراغي، ج 3: ص 174.

 (3) - الزمخشري: الكشاف، ج 1: ص 434.

 


[271]

عداهم، وبهذا جاز التجوز بإطلاق تلك العمومات عليهم بالخصوص.

 ومن غاص على أسرار الكتاب الحكيم وتدبره ووقف على أغرانه يعلم أن إطلاق هذه العمومات عليهم بالخصوص إنما هو على حد قول القائل: ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد - إلى أن قال: -: (بقيت نكتة يجب التنبه لها، وحاصلها: أن اختصاص الزهراء من النساء والمرتضى من الأنفس مع عدم الاكتفاء بأحد السبطين من الأبناء دليل على ما ذكرناه من تفضيلهم عليه السلام لأن عليا وفاطمة لما لم يكن لهما نظير في الأنفس والنساء كان وجودهما مغنيا عن وجود من سواهما بخلاف كل من السبطين فإن وجود أحدهما لا يغني عن وجود الاخر لتكافئهما، ولذا دعاهما صلى الله عليه واله وسلم جميعا ولودعا أحدهما دون صنوه كان ترجيحا بلا مرجح وهذا ينافي الحكمة والعدل، نعم لو كان ثمة في الأبناء من يساويهما لدعاه معهما كما أنه لو كان لعلي نظير من الأنفس أو لفاطمة من النسأء لما حاباهما، عملا بقاعدة الحكمة والعدل والمساواة (1).

 أفضلية على عليه السلام المستفادة من الاية: وأدل الدلائل على أفضلية علي بن أبي طالب عليه السلام من جميع البشر والأنبياء عليه السلام سوى نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم قوله تعالى (أنفسنا) في الاية الشريفة، إذا المراد من (أنفسنا) كما ظهر من الروايات وأقوال المؤرخين ولا المحدثين هو نفس علي عليه السلام.

 قال محمد بن طلحة الشافعي: (فانظر بنور بصيرتك - أيدك الله بهدايتها - إلى مدلول هذه الاية (آية المباهلة) وترتيب مراتب عباراتها وكيفية إشاراتها إلى علو مقام فاطمة - عليها السلام - في منازل الشرف وسمو درجتها، وقد بين ذلك صلى الله عليه واله وسلم وجعلها


(1) - الشرف الدين: الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء 3، ص 3.

 


[272]

بينه وبين علي عليهما السلام تنبيها على سر الآية وحكمتها فإن الله عزوجل جعلها مكتنفة من بين يديها ومن خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها.

 وحيث كان المراد من قوله (وأنفسنا) نفس علي مع النبي جعلها بينهما إذا الحراسة بالاحاطة بالأنفس أبلغ منها بالأبناء في دلالتها (1).

 وقال أحمد بن حجر الهيتمي: (أخرج الدار قطني أن عليا يوم الشورى احتج على أهلها فقال لهم: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في الرحم مني، ومن جعله صلى الله عليه واله وسلم نفسه وأبناءه أبناءه ونساءه نساءه غيري ؟ قالوا: اللهم لا، - الحديث (2).

 وقال الفخر الرازي في تفسيره: (المسألة الخامسة: كان في الري رجل يقال له: محمود بن الحسن الحمصي، وكان معلم الاثني عشرية، وكان يزعم أن عليا - رضي الله عنه - أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه واله وسلم، قال: والذي يدل عليه قوله تعالى: (ؤ أنفسنا وأنفسكم)، وليس المراد بقوله (أنفسنا) نفس محمد صلى الله عليه واله وسلم لأن الانسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فدلت الاية على أن نفس علي هي نفس محمد صلى الله عليه واله وسلم، ولا يمكن أن يكون المراد منه أن هذه النفس هي عين تلك النفس، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه.

 ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة وفي حق الفضل لقيام الدلائل على أن محمدا عليه السلام كان نبيا وما كان علي كذلك.

 ولانعقاد الأجماع على أن محمد عليه السلام كان أفضل من علي - رضي الله عنه - فيبقى فيما وراءه معمولا به، ثم الأجماع دل على أن محمد عليه السلام كان أفضل من سائر الأنبياء: فيلزم أن يكون علي أفضل من سائر الأنبياء.

 فهذا وجه


(1) - ابن طلحة: مطالب السؤول، ص 7، ط ايران.

 (2) - ابن حجر: الصواعق المحرقة، ص 157.

 


[273]

الاستدلال بظاهر هذه الاية (1).

 ثم قال (أي الحمصي): ويؤيد الأستدلال بهذه الاية الحديث المقبول عند الموافق والمخالف وهو قوله عليه السلام: (من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحا في طاعته، وإبراهيم في خلته، وموسى في هيبته، وعيسى في صفوته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -) فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم، وذلك يدل على أن عليا - رضي الله عنه - أفضل من جميع الأنبياء، سوى نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم، وأما سائر الشيعة فقد كانوا قديما وحديثا يستدلون بهذه الاية على أن عليا - رضي الله عنه - مثل نفس محمد عليه السلام إلا فيما خصه الدليل، وكان نفس محمد أفضل من الصحابة فوجب أن يكون نفس علي أفضل أيضا من سائر الصحابة).

 ثم قال الفخر الرازي: (والجواب أنه كما انعقد الأجماع بين المسلمين على أن محمد صلى الله عليه واله وسلم أفضل من علي فكذلك انعقد الأجماع بينهم قبل ظهور هذا الانسان على أن النبي أفضل ممن ليس بنبى، وأجمعوا على أن عليا - رضي الله عنه - ما كان نبيا، فلزم القطع بأن ظاهر الاية كما أنه مخصوص في حق محمد صلى الله عليه واله وسلم فكذلك مخصوص في حق الأنبياء عليهم السلام (2).

 أقول: لما لاحظت كلام الرازي فأمعن النظر في كلام العلامة المجاهد، الشيخ محمد الحسن المظفر، حول كلامه، قال: (ويستفاد من الرازي في تفسير الاية تسليم دلالتها على أفضليته من الصحابة لأنه نقل عن الشيخ محمود بن الحسن الحمصي أنه استدل بجعل علي عليه السلام نفس النبي صلى الله عليه واله وسلم على كونه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد لأن النبي أفضل منهم وعلي نفسه، ونقل عن الشيعة قديما وحديثا الاستدلال بذلك على فضل على على جميع الصحابة، وما أجاب الرازي


(1) - أوردناه بالنقل بالمعنى.

 (2) - الرازي: التفسير الكبير، ج 8: ص 86.

 


[274]

إلا عن الأول بدعوى الأجماع على أن الأنبياء أفضل من غيرهم قبل ظهور الشيخ محمود.

 وفيه: أن الأجماع إنما هو على فضل صنف الأنبياء على غيره من الأصناف وفضل كل نبي على جميع امته لافضل شخص من الأنبياء على كل من عداهم حتى لو كان من امم غيرهم.

 - إلى أن قال: - ولم يختص تفضيل أمير المؤمنين على من عدا محمد صلى الله عليه واله وسلم من الأنبياء بالشيخ محمود حتى ينافي ما ادعاه الرازي من الأجماع بل قال به الشيعة قبل وجود الشيخ محمود وبعده مستدلين بالاية الكريمة وغيرها من الايات (1).

 وقال السماحة الحجة، العلامة المجاهد، السيد شرف الدين رحمه الله بعد نقل كلام الرازي: (وأمعن النظر تجده قد أوضح دلالة الاية على ذلك غاية الأيضاح ونادى (من حيث لا يقصد) حي على الفلاح، لم يعارض الشيعة فيما نقله عن قديمهم وحديثهم ولاناقشهم فيه بكلمة واحدة فكأنه أذعن لقولهم واعترف بدلالة الاية على رأيهم، وإنما ناقش المحمود بن الحسن كما لا يخفى، على أن الاجماع الذي صال به الرازي على المحمود لا يعرفه المحمود ومن يرى رأيه، فافهم (2).

 وقال العلامة السبيتي، مؤلف (راية الحق) في كتابه القيم (المباهلة) بعد نقل كلام الرازي بتمامه: (والقارئ يلاحظ معنا أنه لم يناقش في دلالة الاية على أفضلية علي عليه السلام على سائر الصحابة، ويلاحظ أيضا أنه لم يناقش في اتفاق المسلمين على صحة الخبر الدال على أن ما تفرق من الصفات في الأنبياء عليهم السلام قد اجتمعت جميعا في شخص علي عليه السلام، وهذا يتضح من جوابه على دعوى ابن الحسن الحمصي أن عليا أفضل من سائر الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه واله وسلم، وكذلك لم يرد على الشيعة ما استفادوه من دلالة الاية الكريمة على أفضلية علي عليه السلام، وكل


(1) - المظفر، الشيخ محمد حسن: دلائل الصدق، ج 2: ص 86.

 (2) - الشرف الدين: الكلمة الغراء، ص 5.

 


[275]

ما في الأمر أنه ناقش ابن الحسن الحمصي فيما ادعاه من الاجماع بإجماع ادعاه هو نفسه وفرضه على المسلمين فرضا.

 ولمحمود الحمصي أن يقول: إن إجماعا يخرج منه النخبة الممتازة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ويخرج منه الهاشميون جميعا ويخرج منه الشيعة ليس بإجماع على كل تفسير يفسر به الفخر الرازي الاجماع، ولا يقام لهذا الاجماع وزن بين الاجماعات التي يدعيها المسلمون.

 وغير جائز في العقل أن يكون إجماع ونصف المسلمين على التقريب يقولون بأفضلية علي عليه السلام على سائر الأنبياء.

 ثم يعود محمود بن الحسن الحمصي فيقول: إن المسلمين والنخبة الممتازة من صحب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أجمعوا قبل أن يخلق الله هذا الانسان (أعني الفخر الرازي) ومن على رأيه على أن عليا عليه السلام أفضل من خلق الله باستثناء محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.

 ويبدو لنا أن هذا صحيح من وجهة الأمر الواقع، وأن هذا الاجماع هو الاجماع الصحيح المعتبر الذي يصح أن يحتج به المسلمون إذا راجعنا إلى شروط حجية الاجماع وإمكان تحققه ووقوعه (1).

 كلام مزيف من صاحب المنار حول الاية: قال في (تفسير المنار): (الرويات متفقة على أن النبي صلى الله عليه واله وسلم اختار للمباهلة عليا وفاطمة وولديهما، ويحملون كلمة (نساءنا) على فاطمة، وكلمة (أنفسنا) على علي فقط.

 ومصادر هذه الروايات الشيعة ومقصدهم منها معروف، وقد اجتهدوا في ترويجها ما استطاعوا حتى راجت على كثير من أهل السنة، ولكن واضعيها لم يحسنوا تطبيقها على الاية، فإن كلمة (نساءنا) لا يقولها العربي ويريد بها بنته لاسيما إذا كان له أزواج، ولا يفهم هذا من لغتهم.

 وأبعد من ذلك أن يراد (أنفسنا)


(1) - السبيتي: المباهلة، ص 101، ط مكتبة النجاح.

 


[276]

علي - عليه الرضوان - (1).

 أقول: ما أقول في رجل اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه ؟ لست أدري ما يريد بقوله (إن مصادر هذه الروايات الشيعة) فإن إمامهم الرازي ادعى الاتفاق على صحتها، وهو مع أنه إمام المشككين يقول في تفسيره: (لما خرج صلى الله عليه واله وسلم في المرط الأسود فجاء الحسن - رضي الله عنه - فأدخله، ثم جاء الحسين - رضي الله عنه - فأدخله، ثم فاطمة ثم علي - رضي الله عنهما - ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.

 واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث (2).

 وروى ابن طاووس، في كتابه القيم (سعد السعود) حديث المباهلة من كتاب (تفسير ما نزل من القرآن في النبي وأهل بيته) لمحمد بن العباس بن مروان، المعروف بابن الحجام (أو ابن الماهيار) من أحد وخمسين طريقا.

 قال رحمه الله: (وفي آية المباهلة بمولانا علي وفاطمة والحسن والحسين - صلوات الله عليهم أجمعين - لنصارى نجران، رواه من أحد وخمسين طريقا عمن سماه من الصحابة وغيرهم، رواه عن: 1 - أبي الطفيل عامر بن واثلة 2 - وعن جرير بن عبد الله السجستاني 3 - وعن أبي قيس المدني 4 - وعن أبي إدريس المدني 5 - وعن الحسن بن مولانا علي 6 - وعن عثمان بن عفان 7 - وعن سعد بن أبي وقاص 8 - وعن بكربن مسمار (سمال) 9 - وعن طلحة ابن عبد الله 10 - وعن الزبيربن العوام 11 - وعن عبد الرحمن بن عوف 12 - وعن عبد الله بن عباس 13 - وعن ابي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم 14 - وعن جابر بن عبد الله 15 - وعن البراء بن عازب 16 - وعن انس بن مالك 17 - وعن المنكدر بن عبد الله عن أبيه 18 - وعن علي بن الحسين عليهما السلام


(1) - محمد رشيد رضا: المنار، ج 3: ص 322.

 (2) - الرازي: التفسير الكبير، ج 8: ص 84.

 


[277]

19 - وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام 20 - وعن أبي عبد الله جعفر ابن محمد الصادق عليهما السلام 21 - وعن الحسن البصري 22 - وعن قتادة 23 - وعن علباء بن أحمر 24 - وعن عامر بن شراحيل الشعبي 25 - وعن يحيى بن نعمان 26 - وعن مجاهد بن حمر الكمي 27 - وعن شهر بن حوشب.

 ونحن نذكر حديثا واحدا - إلى أن قال: - فلما كان من غد غدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بيمينه علي، وبيساره الحسن والحسين، ومن ورائهم فاطمة، عليهم الحلل، وعلى كتف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كساء فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت الكساء، وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه اليقع (النبع)، ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة، وأشرف الناس ينظرون، واصفر لون السيد والعاقب وزلزلا حتى كاد أن يطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله ؟ قال: أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم وبقي كبيرهم ؟ - الحديث (1).

 أقول: وأعتقد أن صاحب المنار ما قال هذا الكلام إلا لعناده لأمير المؤمنين عليه السلام - اللهم عامله بما كان عليه -.

 ومن علامة كراهته لأهل البيت: كلامه في موارد شتى فيهم عليهم السلام، قال (في ج 10: ص 460): (إن أحاديث المهدي لا يصح منها شيء يحتج به، وإنها مع ذلك متعارضة متدافعة، وإن مصدرها نزعة سياسية شيعية معروفة، وللشيعة فيها خرافات مخالفة لاصول الدين (2).

 وقال أيضا (في ج 3: ص 332): (وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم قال: فجاء بأبي بكر وولده وبعمر وولده وبعثمان وولده وبعلي وولده).

 


(1) - سعد السعود، ص 91.

 والحديث طويل، أخذنا منه مورد الحاجة.

 (2) - الظاهر كونه كلام سيد رشيد رضا لا الشيخ محمد عبده.

 


[278]

وقال أيضا (في ج 12: ص 53) في تفسير قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه (2): (وفي الشاهد روايات اخرى... ومنها أنه علي - رضي الله عنه - يرويه الشيعة ويفسرونه بالأمامة... وقابلهم خصومهم بمثلها فقالوا: إنه أبو بكر).

 وقال أيضا (في ج 8: ص 426) في تفسير قوله تعالى: فأذن مؤذن أن لعنة الله على الظالمين (2): (ورواية الأمامية عن الرضا عليه السلام وابن عباس أنه علي - كرم الله وجهه - مما لم يثبت من طريق أهل السنة وبعيد عن هذا الأمام أن يكون مؤذنا وهو إذ ذاك في حظائر القدس).

 وقال أيضا (في ج 8: ص 433) في تفسير قوله تعالى: وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال (3): (اختلف المفسرون فيهم (أي في أهل الأعراف الذين يقومون فيه وينادون الناس على أقوال...) أنهم العباس وحمزة وعلي وجعفر ذو الجناحين - رضي الله عنه - وهذا القول ذكر الالوسي أن الضحاك رواه عن ابن عباس ولم نره في شيء من كتب التفسير المأثور، والظاهر أنه نقله عن تفاسير الشيعة).

 أقول: بعد ما لاحظت ما ذكرناه من صاحب (المنار) وعقيدته، وددنا أن نسائل الرجل ونظراءه وإخوانه: لو سلمنا أن مصادر هذه الروايات الشيعة على رأيكم - والحال أن هذه الأحاديث جاءت في صحاحكم ومسانيدكم وتلقاها أهل الحديث والتفسير والتاريخ بالقبول كما شاهدت في كلام الرازي فما جرم الشيعة وما ذنبهم حتى لا يحتج بأحاديثهم ؟ عجبا لقوم يحتجون بأحاديث الخوارج ولا يقبلون أحاديث من اقتدوا بمولاهم وسيدهم، عديل القرآن، نفس النبي صلى الله عليه واله وسلم علي بن أبي طالب - عليه صلوات الله ألف ألف مرة - ! نعم، إن للشيعة ذنبا عظيما وهو ولاؤهم ومحبتهم لأهل البيت: الذين قرن


(1) - هود، 11: 17.

 (2) - الاعراف، 7: 43.

 (3) - الاعراف، 7: 45.

 


[279]

الله طاعتهم بطاعته، ومعصيتهم بمعصيته، الذين هم أساس الدين، وعماد اليقين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، الذين من تمسك بهم نجا، ومن تخلف عنهم غرق، الذين هم أبواب مدينة علم الرسول، وهم أبواب مدينة الحكمة ومدينة الجنة ومدينة الفقه، والذين هم السبيل الواضح والطريق المهيع.

 نعم، جرم الشيعة تشيعهم ومحبتهم لأهل بيت النبي عليهم السلام حتى جعل القوم التشيع والمحبة لهم: سببا للجرح والقدح في رواتهم، والبغض والنصب لهم سببا للتعديل والتوثيق، فتعسا لهم وقبحا، فأين تذهبون ؟ وأنى تؤفكون ؟ والأعلام قائمة، والمنار منصوبة، والايات واضحة، وبينكم عترة نبيكم، هم أزمة الحق، وألسنة الصدق.

 قال ابن حجر العسقلاني في (هدي الساري) وهو مقدمة (فتح الباري) (ص 231): (فصل في تمييز أسباب الطعن: والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه ويطلق رافضي وإلا فشيعي).

 وقال أيضا في (تهذيب التهذيب) (ج 8: ص 458): (فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهورا بصدق اللهجة والتمسك بأمر الديانة بخلاف من يوصف بالرفض فإن غالبهم كاذب ولا يتورع في الأخبار.

 والأصل فيه: أن الناصبة اعتقدوا أن عليا رضي الله عنه قتل عثمان وكان أعان عليه، فكان له ديانة بزعمهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

 قال العلامة الحضرموتي، السيد محمد بن عقيل، حول كلام العسقلاني: (لا يخفي أن معنى كلامه هذا أن جميع محبي علي عليه السلام المقدمين له على الشيخين روافض، وأن محبيه المقدمين له على من سوى الشيخين شيعة، وكلا الطائفتين مجروح العدالة، وعلى هذا فجملة كبيرة من الصحابة الكرام كالمقداد وزيد بن أرقم وسلمان وأبي ذر وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وعمار وأبي بن كعب وحذيفة وبريدة وأبي أيوب وسهل بن حنيف وعثمان بن حنيف و


[280]

أبي الهيثم وخزيمة بن ثابت وقيس بن سعد وأبي الطفيل عامر بن واثلة والعباس بن عبد المطلب وبنيه وبني هاشم وبني المطلب كافة وكثير غيرهم كلهم روافض لتفضيلهم عليا عليه السلام على الشيخين ومحبتهم له، ويلحق بهم من التابعين وتابعي التابعين من أكابر الأئمة وصفوة الامة من لا يحصى عددهم وفيهم قرناء القرآن، وجرح هؤلاء والله قاصمة الظهر (1).

 وقال أيضا رحمه الله في رد قول العسقلاني (والاصل فيه أن الناصبة...): (وأقول: يستفاد من عبارته هذه الاعتذار للناصبية - عاملهم الله بعدله - بأن اعتقادهم وتدينهم بما ذكره من بغض من هو نفس النبي صلى الله عليه واله وسلم مسوغ لهم ذلك.

 وفساد هذا بديهي لا يشك فيه منصف لأنه لو ساغ أن يكون الاعتذار والتدين بالباطل مما يعذر الله به أحدا لكان اليهود والنصارى واسع العذر في كفرهم وبغضهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لانهم اعتقدوا كذبه وتدينوا به تبعا لأحبارهم ورهبانهم، وبديهي بطلان هذا (2).

 أيها القارئ ! أحب أن تسير معي حتى ننظر في تراجم رجال من الموالين لاهل البيت عليهم السلام فإنهم - رضوان الله عليهم - نبذوا وقدحوا لتشيعهم ومقتوا لولايتهم، جزاهم الله عن صاحب الولاية خير الجزاء.

 1 - ابن عقدة: قال الذهبي (المتوفى 747) وهو من كبار علماء العامة: (ابن عقدة، حافظ العصر والمحدث البحر أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم، وكان نحويا صالحا يلقب بعقده - ثم قال: - وكان إليه المنتهى في قوة الحفظ وكثرة الحديث... ومقت لتشيعة.

 وعن ابن عقدة، قال: أنا اجيب في


(1) - الحضرموتي: العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل، ص 32، ط بيروت.

 (2) - الحضرموتي: العتب الجميل، ص 55.

 


[281]

ثمانمائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم، وعنه قال: احفظ مائة ألف حديث بأسانيدها.

 أراد ابن عقدة أن ينتقل وكانت كتبه ستمائة حملة (1).

 2 - الشيخ المفيد: قال الخطيب في تاريخه: (محمد بن محمد بن النعمان، أبو عبد الله، المعروف بـ(ابن المعلم) شيخ الرافضة، صنف كتبا كثيرة في ضلالاتهم والذب عن اعتقاداتهم ومقالاتهم - إلى أن قال: - كان أحد أئمة الضلال، هلك به خلق من الناس إلى أن أراح الله المسلمين منه (2).

 وقال أيضا: (وبلغني أنه (أي أبو القاسم المعروف بـ(ابن النقيب) جلس للتهنئة لما مات ابن المعلم شيخ الرافضة وقال: ما ابالي أي وقت أموت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم (3).

 أقول: هذا نمودج منه وسيأتي الكلام فيه.

 ومن دسائس المعاندين لأهل البيت: التى دسوها لأبطال كل ما ورد في فضل علي عليه السلام أنهم جعلوا آية تشيع الرواي وعلامة بدعته وروايته فضائل علي عليه السلام، ثم قرروا ما يرويه المبدع فيه تأييدا لبدعته، فهو مردود ولو كان من الثقات.

 والذي فيه تأييد التشيع عندهم هو ذكر فضل علي عليه السلام، فعلى هذا لا يصح حديث في فضله عليه السلام لأن فيه تأييدا لبدعد الرواي في نظرهم.

 فإذا وجدت أحاديث متواترة أو كانت في صحاحهم ولم يجدوا طريقا إلى الطعن فيها يميلون إلى مسلك آخر وهو أن يتأولوها ويصرفوا ألفاظ الأحاديث بما يوافق أهواءهم كما ستعرفه عن قريب إن شاء الله تعالى، وها نحن نذكر بعضا


(1) - الذهبي: تذكرة الحفاظ، ج 3: ص 58 و59.

 (2) - الخطيب: تاريخ بغداد، ج 3: ص 231.

 (3) - الخطيب: تاريخ بغداد، ج 10: ص 372.

 


[282]

منها حتى تقف على خبث بواطنهم وعنادهم لال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لا سيما سيدنا ومولانا أمير المؤمنين عليه السلام: 1 - قال ابن حجر العسقلاني: (إسماعيل بن عياش، قال: سمعت حريز ابن عثمان يقول: هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال لعلي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) حق ولكن أخطأ السامع.

 قلت: فما هو ؟ قال: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى (1).

 2 - قال الحافظ المحدث، الحسني المغربي (المتوفى سنة 1380): (كان أبو سعد الأستر آبادي يعظ بدمشق، فقام إليه رجل فقال: أيها الشيخ ! ما القول في قول النبي صلى الله عليه واله وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ؟ قال: فأطرق لحظة ثم رفع رأسه وقال: نعم، لايعرف هذا الحديث على التمام، إلا من كان صدرا في الأسلام، إنما قال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا مدينة العلم، وعلي بابها، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها) فاستحسنوه (2).

 بل لم يرض النواصب بهذا حتى أدخلوا فيه: (ومعاوية حلقتها) وسلك بعضهم في هذا الحديث مسلكا آخر فقال: ليس المراد به علي بن أبي طالب، بل هو من العلو، كأن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: أنا مدينة العلم وأنا بابها العلي (3) ! قال العلامة المذكور (في ص 109): (ولعمري إنها لدسيسة إبليسية ومكيدة شيطانيه كاد ينسد بها باب الصحيح من فضل العترة النبوية).

 أقول: فانظر كيف أنكروا الحديث عند الأنفراد بذكر علي عليه السلام وقبلوه إذا ضم إليه أبو بكر ونظراؤه أليس هذا إلا عنادا لسيد الأولياء وزوجه فاطمة الزهراء عليها السلام.

 3 - اخرج الحافظ المحدث، الجويني الخراساني: (أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عمم


(1) - الذهبي: تهذيب التهذيب، ج 2: ص 239.

 (2) - فتح الملك العلى، ص 156.

 (3) - ابن حجر: لسان الميزان، ج 1: ص 422.

 


[283]

علي بن أبي طالب عليه السلام عمامته السحاب فأرخاها من بين يديه ومن خلفه، ثم قال: أقبل، فأقبل، ثم قال: أدبر، فأدبر، قال: هكذا جاءتني الملائكة (1).

 وأخرج - أيضا - عن علي بن أبي طالب عليه السلام: (عممني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يوم غدير خم بعمامة فسدل طرفها على منكبي وقال: إن الله أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين بهذه العمامة (2).

 وقال الحلبي في سيرته: (كان له عمامة تسمى السحاب فوهبها من على، فربما طلع علي فيها فيقول صلى الله عليه واله وسلم، (أتاكم علي في السحاب) يعني عمامته التى وهبها له (3).

 أقول: هذا هو صحيح ما ينسب إلى الشيعة من قولهم: (جاء علي عليه السلام في السحاب)، لا ما قاله عبد الكريم الشهرستاني في (الملل والنحل): (وهو الذي (يعنى عليا عليه السلام) بجيئ في السحاب والرعد صوته والبرق تبسمة (4).

 فانظر كيف أول الحديث افتراء علينا.

 فائدة: قال ابن المنظور في (اللسان) (مادة عمم): (والعرب تقول للرجل إذا سود: قدعمم.

 وكانوا إذا سو دوا رجلا عمموه.

 وعمم الرجل: سود، لأن تيجان العرب العمائم، فكلما قيل في العجم: توج، قيل في العرب: عمم).

 عود الى بدء أقول: أما قوله: (فإن كلمة (نساءنا) لا يقولها العربي ويريد بها بنته لاسيما إذا كان له أزواج، ولا يفهم هذا من لغتهم، وأبعد من ذلك أن يراد بـ(أنفسنا) علي


(1) - الحمويني: فرائد المسطين، ج 11: ص 76 / الباب 12.

 (2) - الحمويني: فرائد السمطين، ج 11: ص 76 / الباب 12.

 (3) - الحلبي: السيرة الحلبية، ج 3: ص 369.

 (4) - الشهرستاني: الملل والنحل، ص 174، ط القاهرة.

 


[284]

- رضوان الله عليه - فتلك كلمة واهية لاوزن لها عند أهل التحقيق والدقة.

 وإني أتعجب من رجل يعد من المفسرين وله تلاميذ يأخذون منه التفسير ومع ذلك يتكلم بكلام ليس له قدر عند أهل الفن، والمظنون عندي جدا هذا كلام تلميذه سيد رشيد رضا الذي كان نصب الشيعة من خصوصياته.

 وكأن الرجل لم ير ولم يقرأ هذه الاية: وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين، يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم (1).

 يعني إذا تكون ورثة الميت إخوة أبناء وبناتا فللأبناء سهمان وللبنت سهم واحد.

 ففي هذه الاية اطلقت كلمة النساء على البنات بلا خلاف.

 وأيضا قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء فوق اثنتين - الاية (2).

 فلما ذا يقول: (إن كلمة (نساءنا) لا يقولها العربي ويريد بها بنته) ؟ أليس القرآن بلسان عربي مبين ؟ ! نعم، هو يعلم، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه، فمن لم يجعل الله نورا فماله من نور.

 وأما قوله: (وأبعد من ذلك أن يراد بـ(أنفسنا) علي - عليه رضوان الله -) فلاحظ كلام الواحدي النيشابوري وهو من أعلام القرن الرابع ومن أعاظم علماء العامة، فإنه قال: (قال جابر: فنزلت فيهم (أي في أهل الكساء) هذه الاية: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم - الاية) قال الشعبي: (أبناءنا) الحسن والحسين، و(نساءنا) فاطمة... و(أنفسنا) علي بن أبي طالب رضي الله عنهم (3).

 وقال ابن حجر الهيثمي المكي: (عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مكة انصرف إلى الطائف فحصرها سبع عشرة ليلة أو تسع عشرة ليلة، ثم قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أوصيكم بعترتي خيرا، وإن موعدكم


(1) - النساء، 4: 176.

 (2) - النساء، 4: 10.

 (3) - الواحدي: أسباب النزول، ص 68، ط ايران.

 


[285]

الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن إليكم رجلا مني كنفسي، يضرب أعناقكم.

 ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ثم قال: هو هذا (1) وقال الحافظ أخطب خوارزم: (عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لوفد ثقيف حين جاؤوه: لتسلمن أو ليبعثن الله رجلا مني - أو قال: مثل نفسي - (2).

 وقال: (قلت عائشة: من خير الناس بعدك يا رسول الله ؟ قال: علي بن أبي طالب، هو نفسي وأنا نفسه (3).

 وقال الحافظ العلامة الكنجي: (... فقالت فاطمة عليه السلام: يا رسول الله ما أراك قلت في علي شيئا ! قال صلى الله عليه واله وسلم: إن عليا نفسي، هل رأيت أحدا يقول في نفسه شيئا ؟ (4) وقال العلامة المجلسي - رحمه الله -: (سئل النبي صلى الله عليه واله وسلم عن بعض أصحابه، فذكر فيه، فقال له قائل: فعلي ؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم: إنما سألتني عن الناس ولم تسألني عن نفسي (5).

 وقال أيضا: (قال صلى الله عليه واله وسلم (عند المباهلة مع نصارى نجران): اللهم هذا نفسي وهو عندي عدل نفسي، اللهم هذه نسائي أفضل نساء العالمين، وقال: اللهم هذان ولداى وسبطاي، فأنا حرب لمن حاربوا، وسلم لمن سالموا (6).

 وقال - أيضا - عند ذكر غزوة احد حين انهزم الناس يوم احد وما بقي أحد إلا علي عليه السلام وأبو دجانة سماك بن خرشة: (فدعاه النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال: يا أبا دجانة انصرف


(1) - ابن حجر: الصواعق المحرقة، ص 126.

 (2) - اخطب خوارزم: المناقب، ص 81.

 (3) - اخطب خوارزم: المناقب، ص 90.

 (4) - الكنجي: كفاية الطالب، الباب 71: ص 289.

 (5) - المجلسي: بحار الانوار، ج 38: ص 296.

 (6) - المجلسي: البحار، ج 37: ص 49.

 


[286]

وأنت في حل من بيعتك، فأما على فهو أنا، وأنا هو.

 فتحول وجلس بين يدي النبي صلى الله عليه واله وسلم وبكى وقال: لا، والله... (1) وقال أيضا: (قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: يا ابن أبي طالب ! إنما أنت عضو من أعضائي، تزول أينما زلت (2).

 وقال العلامة سبط ابن الجوزي في قضية بني وليعة: (عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: لينتهين بنو وليعة، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي، يمضي فيهم أمري، ويقتل المقاتلة، ويسبي الذرية.

 قال أبو ذر: فما راعني إلا برد كف عمر من خلفي فقال: من تراه يعنى ؟ قال: فقلت: ما يعنيك، وإنما يعني خاصف النعل علي بن أبي طالب).

 وبنو وليعة قوم من العرب (3).

 وقال العلامة القندوزي: (قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: علي مني كنفسي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي (4).

 وقال الحافظ الكنجي: (قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خلق الله قضيبا من أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام، فجعله أمام العرش حتى كان أول مبعثي، فشق منه نصفا، فخلق منه نبيكم، والنصف الاخر علي بن أبي طالب (5).

 وقال الحافظ محب الدين الطبري: (عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: علي مني بمنزلة رأسي من جسدي (6).

 وقال العلامة، السيد الشريف الرضي: (ومن سأل عن قوله تعالى: فمن حاجك


(1) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 20: ص 107.

 (2) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 38: ص 311.

 (3) - ابن الجوزي: تذكرة الخواص، ص 39.

 (4) - القندوزي: ينابيع المودة، ص 55.

 (5) - الكنجي: كفاية الطالب، الباب 87: ص 314.

 (6) - المحب الطبري: ذخائر العقبى، ص 63.

 


[287]

فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم - الاية، فقال: أما دعاء الأبناء والنساء فالمعنى فيه ظاهر، فما دعاء الأنفس ؟ والأنسان لا يصح أن يدعو نفسه كما لا يصح أن يأمر وينهى نفسه.

 فالجواب عن ذلك: أن العلماء أجمعوا والرواة أطبقوا على أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما قدم عليه وفد نصارى نجران وفيهم الأسقف (وهو أبو حارثة بن علقمة) والسيد والعاقب، وغيرهم من رؤسائهم، فدار بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في معنى المسيح عليه السلام ما هو مشروح في كتب التفاسير (ولا حاجة بنا إلى استقصاء شرحه لأنه خارج عن غرضنا في هذا الكتاب).

 فلما دعاهم صلى الله عليه واله وسلم إلى الملاعنة أقعد بين يديه أمير المؤمنين عليا، ومن ورائه فاطمة، وعن يمينه الحسن، وعن يساره الحسين عليهم السلام أجمعين، ودعاهم (هو) صلى الله عليه واله وسلم إلى أن يلاعنوه، فامتنعوا من ذلك خوفا على أنفسهم وإشفاقا من عواقب صدقه وكذبهم.

 وكان دعاء الأبناء مصروفا إلى الحسن والحسين عليهما السلام، ودعاء النساء مصروفا إلى فاطمة عليها السلام، ودعاء الأنفس مصروفا إلى أمير المؤمنين عليه السلام، إذ لا أحد في الجماعة يجوز أن يكون ذلك متوجها إليه غيره، لأن دعاء الأنسان نفسه لا يصح كما لا يصح أن يأمر نفسه، ولأجل ذلك قال الفقهاء: إن الامر لا يجوز أن يدخل تحت الامر، لأن من حقه أن يكون فوق المأمور في الرتبة ويستحيل أن يكون فوق نفسه.

 ومما يوضح ذلك ما رواه الواقدي في كتاب (المغازي) من أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما أقبل من بدر ومعه اسارى المشركين كان سهيل بن عمرو مقرونا إلى ناقة النبي صلى الله عليه واله وسلم، فلما صار من المدينة على أميال انتشط (اجتذب) نفسه من القرن (الحبل) وهرب.

 فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم: من وجد سهيل بن عمرو فليقتله، وافترق القوم في طلبه فوجده النبي صلى الله عليه واله وسلم من بينهم منقبعا إلى جذع شجرة (مستترا في أصل


[288]

الشجرة) فلم يقتله وأعاده إلى الوثاق لأنه لم يصح دخوله تحت أمر نفسه، ولو وجد غيره من أصحابه لوجب عليه أن يقتله لما صح أن يدخل تحت أمر النبي صلى الله عليه واله وسلم... ومن شجون (شعبة) هذه المسألة ما حكي عن القاسم بن سهل النوشجاني، قال: (كنت بين يدي المأمون في ايران أبي مسلم بمرو وعلي بن موسى الرضا عليه السلام قاعد عن يمينه، فقال لي المأمون: يا قاسم ! أي فضائل صاحبك أفضل ؟ فقلت: ليس شيء منها أفضل من آية المباهلة فإن الله سبحانه جعل نفس رسوله صلى الله عليه واله وسلم ونفس علي عليه السلام واحدة.

 فقال لى: إن قال لك خصمك: إن الناس قد عرفوا الأبناء في هذه الاية والنساء وهم الحسن والحسين وفاطمة، وأما الأنفس فهي نفس رسول الله وحده، بأى شيء تجيبه ؟) قال النوشجاني: (فأظلم علي ما بينه وبيني وأمسكت لا اهتدى بحجة.

 فقال المأمون للرضا عليه السلام: ما تقول فيها يا أبا الحسن ؟ فقال له: في هذا شيء لا مذهب عنه.

 قال: وما هو ؟ قال: هو أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم داع ولذلك قال الله سبحانه: قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم... - الاية، والداعي لا يدعو نفسه إنما يدعو غيره، فلما دعا الأبناء والنساء ولم يصح أن يدعو نفسه لم يصح أن يتوجه دعاء الأنفس إلا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام إذ لم يكن بحضرته - بعد من ذكرناه - غيره ممن يجوز توجه دعاء الا نفس إليه، ولو لم يكن ذلك كذلك لبطل معنى الآية).

 قال النوشجاني: (فانجلى عن بصري، وأمسك المأمون قليلا ثم قال له: يا أبا الحسن إذا اصيب الصواب انقطع الجواب (1).

 أقول: هذا آخر كلامنا في البحث عن آية المباهلة فلنعطف إلى البحث عن آية اخرى في أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام.

 


(1) - حقائق التأويل، ج 5: ص 109.

 


[289]

 

الفصل 5

4 - آية الشاهد:

ومن الايات الدالة على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام على جميع البشر حتى الأنبياء والرسل: قوله تعالى: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة (1) هذه الاية وإن اختلف المفسرون فيها اختلافا عجيبا من حيث المعنى والأعراب، كاختلافهم في المراد من الموصول أهو النبي صلى الله عليه واله وسلم أو المؤمنون من أصحابه أو من أهل الكتاب أو كل من يدين بالحق في أي زمان، والمراد من البينة أهي بصيرة إلهية أو القرآن، والمراد من (يتلوه) أهو من التلاوة أو من التلو، والمراد من الضمير المنصوب فيه أهو عائد إلى الموصول أو إلى البينة باعتبار المعنى، والمراد من الشاهد هو جبرئيل أو لسان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أو وجهه صلى الله عليه واله وسلم أو علي المرتضى عليه السلام، والمراد من الضمير المجرور في (منه) أهو عائد إلى الله عزوجل أو إلى الرسول صلى الله عليه واله وسلم، والمراد من الضمير المجرور في (قبله) أهو عائد إلى الموصول أو إلى البينة، والمراد من (إماما ورحمة) أهما حالان من الشاهد أو من كتاب


(1) هود 11: 17.


[290]

موسى، حتى قال العلامة الطباطبائي،: (وأمر الاية فيما يحتمله مفردات ألفاظها وضمائرها عجيب، فضرب بعضها في بعض يرقى إلى الوف من المحتملات بعضها صحيح وبعضعها خلافه (1)).

 إلا أن الاية الكريمة بمعونة الأخبار الكثيرة المستفيضة التي جائت من طريق العامة والخاصة تدل على أن من كان على بينة من ربه هو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وأن الشاهد التالي منه هو علي المرتضى عليه السلام وأنه منه أي كانه بعض من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجزء منه، بل أوصياؤه الكرام: شهداء منه واحدا بعد واحد.

 فلاحظ كلام الفخر الرازي ونظرائه من العامة كيف أجرى الله الحقيقة على لسانهم ! قال في تفسيره: (وثالثها (أي من الأقوال) أن المراد هو علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه -، والمعنى أنه يتلو تلك البينة.

 وقوله (منه) أي هذا الشاهد من محمد صلى الله عليه واله وسلم وبعض منه.

 والمراد منه تشريف هذا الشاهد بأنه بعض من محمد عليه السلام (2).

 أقول: فإذا كان عليه السلام بعضا من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يكون أفضل من جميع أولي العزم من الرسل:.

 وقال القرطبي في تفسيره: (روي عن ابن عباس أنه قال: هو علي بن أبي طالب.

 وروي عن علي أنه قال: ما من رجل من قريش إلا وقد انزلت فيه الاية والايتان، فقال له رجل: أي شيء نزل فيك ؟ فقال علي: ويتلوه شاهد منه (3).

 وقال الحافظ أبو حيان الاندلسي في تفسيره (4): (وروى المنهال عن عبادة بن عبد الله: قال علي - كرم الله وجهه -: ما في قريش أحد إلا وقد نزلت فيه آية، قيل: فما نزلت فيك ؟ قال عليه السلام: ويتلوه شاهد منه).

 


(1) - الطباطبايى: الميزان، ج 10: ص 192.

 (2) - الرازي: التفسير الكبير، ج 17: ص 200.

 (3) - القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج 9: ص 16.

 (4) - أبو حيان: البحر المحيط، ج 5: ص 211.

 


[291]

وقال الالوسي البغدادي في تفسيره: (وأخرج ابن مردويه بوجه آخر عن علي - كرم الله تعالى وجهه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (أفمن كان على بينة من ربه) أنا، (و يتلوه شاهد منه) علي.

 و(يتلوه) أي يتبعه (شاهد) عظيم يشهد بكونه من عند الله تعالى شأنه.

 ومعنى كونه (منه) أنه غير خارج عنه (1).

 وقال العلامة، الشيخ سليمان الحنفي: (أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي المدني في (درر السمطين) بسنده عن ابي الطفيل عامر بن وائلة وجعفر بن حيان قالا: خطب الحسن بن علي - رضي الله عنهما - بعد شهادة أبيه قال: أيها الناس ! أنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن السراج المنير - إلى أن قال: - فأخرج جدي صلى الله عليه واله وسلم يوم المباهلة من الأنفس أبي، ومن البنين أنا وأخى الحسين، ومن النساء امى فاطمة، فنحن أهله ولحمه ودمه، ونحن منه وهو منا، وهو يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: الصلاة، يا أهل البيت - يرحمكم الله -، ثم يتلو: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، وقال الله تعالى: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه، فجدي صلى الله عليه واله وسلم على بينة من ربه، وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه (2).

 وأخرج أيضا عن الحمويني: (عن ابن عباس، وبسنده عن زاذان وهما، عن علي - كرم الله وجهه -، قال: إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان بينة من ربه، وأنا التالي الشاهد منه (3).

 وقال الحافظ جلال الدين السيوطي في تفسيره: (أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال عليه السلام: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن.

 فقال له رجل، ما نزل فيك ؟ قال عليه السلام: أما


(1) - الالوسي: روح المعاني، ج 12: ص 25.

 (2) - القندوزي: ينابيع الموده، ص 479.

 (3) - القندوزي: ينابيع الموده، ص 99.

 


[292]

تقرأ سورة هود: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على بينة من ربه، وأنا شاهد منه).

 وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن علي - رضي الله عنه - في الاية، قال: (رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على بينة من ربه، وأنا شاهد منه (1).

 وأخرج ابن مردويه من وجه آخر، عن علي - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: أفمن كان على بينة من ربه أنا.

 ويتلوه شاهد منه قال: علي (2).

 وقال الأمام الحافظ، أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري في تفسيره: وقال آخرون: هو علي بن أبي طالب.

 حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: حدثنا زريق ابن مرزوق، قال: حدثنا صباح الفراء، عن جابر بن عبد الله بن يحيى، قال: قال علي - رضي الله عنه -: ما من رجل من قريش إلا وقد نزلت فيه الاية والايتان.

 فقال له رجل: فأنت فأي شيء نزل فيك ؟ فقال علي: أما تقرأ الاية التي نزلت في هود: ويتلوه شاهد منه (3) ؟ وقال العلامة الفيض القاساني في تفسيره: (عن الكاظم والرضا عليهما السلام: وأمير المؤمنين عليه السلام الشاهد على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ورسول الله على بينة من ربه).

 وأنه عليه السلام سئل عن أفضل منقبة له، فتلا هذه الاية وقال: (أنا الشاهد من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم).

 وفي (المجمع) عن أمير المؤمنين والباقرو الرضا:: (أن الشاهد منه علي بن أبي طالب عليه السلام يشهد للنبي صلى الله عليه واله وسلم وهو منه).

 وعن العياشي عنه (أي الصادق) عليه السلام: (الذي على بينة من ربه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، والذي تلاه من بعده الشاهد منه أمير المؤمنين عليه السلام ثم أوصياؤه واحد بعد واحد)، والقمي عن الصادق عليه السلام: (إنما انزل: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه إماما ورحمة


(1) - الزمخشري: الدر المنثور، ج 3: ص 324.

 (2) - الزمخشري: الدر المنثور ج 3 ص 324.

 (3) - الطبري: جامع البيان، ج 12: ص 14.

 


[293]

ومن قبله كتاب موسى).

 وعن الباقر عليه السلام: (إنما انزلت: أفمن كان على بينة من ربه (يعني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم) ويتلوه (علي) شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى اولئك يؤمنون به.

 فقدموا وأخروا في التأليف (1).

 وقال العلامة، السيد علي الموسوي البهبهاني في كتابه (مصباح الهداية): (وأما المقام الثالث وهو الأحتواء على المنقبة الفاضلة فيظهر من مواضع منها (أي من آية الشاهد).

 الاول: كونه عليه السلام شاهدا للرسول صلى الله عليه واله وسلم على رسالته.

 والثانى: أنه من الرسول.

 والثالث: أنه تال له.

 والرابع والخامس: أنه إمام ورحمة.

 توضيح الأمر: إن من الاثار المترتبة على الشهادة برسالته صلى الله عليه واله وسلم إسلام الشاهد، وهو مترتب عليها في جميع الموارد سواء كان الشاهد معصوما، أم لا.

 ومنها ثبوت الرسالة بها، وهو إنما يترتب عليها إذا كان الشاهد عالما معصوما من الخطأ والزلل عمدا وسهوا وجهلا.

 والغرض في المقام إنما هو الثاني لا الأول، ضرورة أنه عزوجل في مقام إثبات رسالة رسوله صلى الله عليه واله وسلم بالحجج القاطعة التي لا ينبغي الأرتياب فيها ممن له حظ من مراتب التعقل، فلو لم يكن هذا الشاهد الذي ذكره تعالى معصوما من الجهل والزلل عمدا وسهوا لم يكن لذكره في هذا المقام وجعل شهادته في مقابل بينة الرب تعالى مقدمة على شهادة كتاب موسى مجال... هذا كله بالنسبة إلى كونه عليه السلام شاهدا للرسول صلى الله عليه واله وسلم على رسالته، وأما كونه من الرسول صلى الله عليه واله وسلم فمنقبة اخرى قد كشف عنها الرسول صلى الله عليه واله وسلم على ما رواه الفريقان أنه قال صلى الله عليه واله وسلم: (أنا وعلي من شجرة واحدة، والناس من أشجار شتى) و(على مني وأنا منه)، وهي منقبة جليلة دالة على اتحادهما وتساويهما في الكمال، وعدم ارتقاء أحد من الناس مرتبته ودرجته.

 وأما كونه تاليا للرسول صلى الله عليه واله وسلم - بناء على أخذ يتلوه من التلو ورجوع - الضمير


(1) - الفيض القاساني: تفسير الصافى، ج 2: ص 437.

 


[294]

المنصوب إلى الموصول كما هو الظاهر بقرينة مقابلة مع قوله عزوجل ومن قبله كتاب موسى وتذكير الضمير الظاهر في الرجوع إلى المذكر وهو الموصول لا البينة، فهو دليل على أنه عليه السلام خير الناس وأفضلهم بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم وخلافته عليه السلام بلا فصل، إذ لو تلاه غيره ابتداء لكان أحق بالذكر، بل لا مجال لذكر المتأخر وترك المتقدم (1).

 أقول: بعد ما لاحظت كلام هذا المحقق العلامة، وهو قوله (وأما كونه عليه السلام من الرسول صلى الله عليه واله وسلم فمنقبة اخرى قد كشف عنها الرسول صلى الله عليه واله وسلم) فانظر الأخبار والأحاديث التي جائت من الفريقين بأن عليا عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، أو عضو منه، أو جزء منه وأمثال ذلك، حتى يتضح لك ما كشف عنها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.

 فها نحن نذكر نبذة منها - إن شاء الله تعالى - شفاء للمؤمنين وخسارا للظالمين.

 1 - قال ابن أبي الحديد في شرحه: (عن علي عليه السلام قال: كنت في أيام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كجزء من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ينظر إلى الناس كما ينظر إلى الكواكب (2).

 2 - وقال أيضا: (عن علي عليه السلام: أنا من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كالعضد من المنكب، وكالذراع من العضد (3).

 3 - وقال العلامة الشيخ سليمان القندوزي: (عن علي عليه السلام: أنا من أحمد كالكف من اليد، وكالذراع من العضد، وكالضوء من الضوء (4).

 4 - وعنه: (قال أبو ذر رفعه: إن الله تبارك وتعالى ايد هذا الدين بعلي، وإنه مني وأنا منه، وفيه انزل: أفمن كان على بينة من ربه) الاية (5).

 


(1) - البهبهاني: مصباح الهداية، ص 59، ط القاهرة.

 (2) - ابن ابي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 20: ص 326.

 (3) - ابن ابي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 20: ص 316.

 (4) - القندوزي: ينابيع المودة، ص 138.

 (4) - القندوزي: ينابيع المودة، ص 256.

 


[295]

5 - وروى العلامة المناوي: (علي مني بمنزلة رأسي من بدني).

 وعنه صلى الله عليه واله وسلم: (علي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي).

 وقال في شرحه: (أي هو متصل بي وأنا متصل به في الاختصاص والمحبة وغيرهما (1).

 6 - قال الحافظ المحدث الكبير، الجويني الخراساني: (قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم... فعلي مني وأنا منه، لحمه من لحمي، ودمه من دمي (2).

 7 - قال الحافظ المحدث محمد بن طلحة الشافعي: (عن براء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولعلي عليه السلام: أنت مني وأنا منك (3).

 8 - قال أحمد بن حنبل الشيباني: (قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (في حديث أخذنا منه موضع الحاجة): أما أنت، يا جعفر ! فأشبهت خلقي وخلقي، وأما أنت، يا علي ! فمني وأنا منك، وأما أنت، يا زيد ! فأخونا ومولانا، والجارية عند خالتها، والخالة والدة (4).

 9 - قال الحافظ أبو عبد الله الكنجي الشافعي: (عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا، يسبح ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركز ذلك النور في صلبه، فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزءأنا، وجزء علي (5).

 10 - وقال أيضا: (قال صلى الله عليه واله وسلم: أن الله خلق الأنبياء من أشجار شتى، وخلقني وعليا من شجرة واحدة، فانا أصلها، وعلي فرعها، وفاطمة لقاحها، والحسن و


(1) - المناوي: فيض القدير، ج 4: ص 356.

 (2) - الحمويني: فرائد السمطين، ج 1: ص 43.

 (3) - إبن طلحة: مطالب السؤول، ص 18.

 (4) - أحمد: المسند، ج 1: ص 98.

 (5) - الكنجي: كفاية الطالب، الباب 87: ص 315.

 


[296]

الحسين ثمرها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ عنها هوى (1)).

 11 - وقوله صلى الله عليه واله وسلم: (يا علي ! خلقت أنا وأنت من شجرة واحدة، أنا أصلها، وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها.

 فمن تعلق بغصن منها دخل الجنة (2).

 12 - وقوله صلى الله عليه واله وسلم: (خلقت أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريا وعلي بن أبي طالب من طينة واحدة (3) 13 - وقوله صلى الله عليه واله وسلم لام سلمة: (أتعرفينه (يعني عليا) قالت: نعم، هذا علي بن أبى طالب، قال: صدقت، سجيته سجيتي، ودمه دمي (4).

 14 - وعن علي عليه السلام: (إن الحسن والحسين عليهما السلام سبطا هذه الامة، وهما من محمد كمكان العينين من الرأس، وأما أنا فكمكان اليد من البدن، وأما فاطمة فكمكان القلب من الجسد، مثلنا مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق (5).

 15 - وقال رسول الله صلى اله عليه واله وسلم: (أنت مني كروحي من جسدي) وقال صلى الله عليه واله وسلم (أنت زري من قميصي) وقال صلى الله عليه واله وسلم: (أنت مني كالضوء من الضوء (6).

 


(1) - الكنجي: كفاية الطالب، الباب 87: ص 337.

 (2) - الكنجي: كفاية الطالب، الباب 87.

 (3) - المصدر.

 (4) - الكنجي: كفاية الطالب، الباب 86.

 (5) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 39: ص 353.

 (6) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 38: ص 296.