الفصل 12

الإمام علي عليه السلام والحكمة، والفلسفة، والعرفان

1 - نقل العلامة البياضي رحمه الله في خبر طويل: (فقال الدهقان: ما رأيت أعلم منك إلا أنك ما أدركت علم الفلسفة، فقال عليه السلام: من صفي مزاجه اعتدلت طبايعه، ومن اعتدلت طبايعه قوي أثر النفس فيه، ومن قوي أثر النفس فيه سما إلى ما يرتقيه، ومن سما إلى ما يرتقيه تخلق بالأخلاق النفسانية وأدرك العلوم اللاهوتية، ومن أدرك العلوم اللاهوتية صار موجودا بما هو إنسان دون أن يكون موجودا بما هو حيوان ودخل في باب الملكي الصوري وما له عن هذه الغاية معبر.

 فسجد الدهقان وأسلم... (1).

 2 - وقال - أيضا: (سئل عليه السلام عن العالم العلوي، فقال: صورة عارية عن المواد، عالية عن القوة والاستعداد، تجلى الله لها فأشرقت، وطالعها فتلألأت، وألقى في هويتها مثاله فأظهر عنها أفعاله، وخلق الأنسان ذا نفس ناطقة، إن زكاها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوائل عللها، وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد


(1) - البياضي: الصراط المستقيم، ج 1: ص 214.

 


[625]

شارك بها السبع الشداد (1).

 3 - قال عليه السلام: (قد أحيا عقله، وأمات نفسه، حتى دق جليله، ولطف غليظه، وبرق له لامع كثير البرق، فأبان له الطريق، وسلك به السبيل، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ودار الإقامة، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة بما استعمل قلبه، وأرضى ربه (2).

 قال ابن أبي الحديد: (واعلم، أن قوله عليه السلام: (وبرق له لامع كثير البرق) هو حقيقة مذهب الحكماء، وحقيقة قول الصوفية أصحاب الطريقة والحقيقة، وقد صرح به الرئيس أبو علي، ابن سينا في كتاب (الاشارات)، فقال في ذكر السالك إلى مرتبة العرفان: (ثم إنه إذا بلغت به الارادة والرياضة حدا ما عنت له خلسات من اطلاع نور الحق إليه لذيذة كأنها بروق توميض إليه ثم تخمد عنه، وهي التي تسمى عندهم أوقاتا...).

 قال القشيري في الرسالة...: (هي بروق تلمع ثم تخمد، وأنوار تبدو ثم تخفى... - إلى أن قال: - فهو كما تراه يذكر البروق اللامعة حسبما ذكره الحكيم، وكلاهما يتبعان ألفاظ أمير المؤمنين عليه السلام، لأنه حكيم الحكماء، وعارف العارفين، ومعلم الصوفية، ولولا أخلاقه وكلامه وتعليمه للناس هذا الفن تارة بقوله، وتارة بفعله لما اهتدى أحد من هذه الطائفة، ولاعلم كيف يورد، ولا كيف يصدر (3).

 


(1) - البياضي: الصراط المستقيم ج 1، ص 222.

 (2) - نهج البلاغة، خ 218.

 (4) - ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 11: ص 137.

 


[626]

 

الفصل 13

الإمام علي عليه السلام وعصمته، وطهارته

1 - قال عليه السلام: (عزب رأي امرء تخلف عني، ما شككت في الحق مذ اريته (1).

 قال قطب الدين الراوندي رحمه الله (المتوفى 573) في شرحه: (ثم نبه عليه السلام على كونه معصوما بأن قال: أنا منذ حصلت المعارف الواجبة ما دخلني شك قط.

 بعد ذلك، فأنا على يقين، ومن ضل عني فهو شاك كافر (2).

 وقال ابن ميثم البحراني رحمه الله: (وما أفاضه (الله تعالى) على نفسه القدسية من الكمال مستلزم للأخبار بكمال قوته على استثبات الحق الذي رآه وشدة جلائه له بحيث لا يعرض له شبهة فيه، والأمامية تستدل بذلك على وجوب عصمته وطهارته عن الأرجاس (3).

 2 - وقال عليه السلام: (وإن معي لبصيرتي، ما لبست على نفسي، ولالبس علي (4).

 قال ابن أبي الحديد: (قوله: (ما لبست) تقسيم جيد لأن كل ضال عن الهداية،


(1) - نهج البلاغة، خ 4.

 (2) - الراوندي: شرح نهج البلاغة، ج 1: ص 141.

 (3) - البحراني: شرح نهج البلاغة، ج 1: ص 275.

 (4) - نهج البلاغة، خ 10.

 


[627]

فإما أن يضل من تلقاء نفسه، أو بإضلال غيره له (1).

 وقال: (قال أبو مخنف: وقام رجل إلى علي عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين ! أي فتنة أعظم من هذه (يعني حرب الجمل) ؟ إن البدرية ليمشي بعضها إلى بعض بالسيف ! فقال علي عليه السلام: ويحك، أتكون فتنة أنا أميرها وقائدها ؟ والذي بعث محمدا بالحق وكرم وجهه، ما كذبت ولاكذبت، ولاضللت ولاضل بي، ولازللت ولازل بي، وإني لعلى بينه من ربي بينها الله لرسوله، وبينها رسوله لي، وسادعي يوم القيامة ولا ذنب لي... (2).

 3 - وقال عليه السلام: (والله، ما كتمت وشمة (أي كلمة)، ولاكذبت كذبة، ولقد نبئت بهذا وهذا اليوم (أي يوم بيعته) (3).

 4 - وقال عليه السلام: (وإني لعلى بينة من ربي، ومنهاج من نبيي، وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا، انظروا أهل بيت نبيكم، فالزموا سمتهم، واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردي، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا (4).

 أقول: اللقط: أخذ الشئ من الأرض، وإنما سمى اتباعه لمنهاج الحق لقطا لأن الحق واحد، والباطل ألوان مختلفة، فهو يلتقط الحق من بين ضروب الباطل، والسمت - بالفتح -: الطريق، ولبد: أقام.

 5 - وقال عليه السلام: (وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد [خ ل أنا ولد]، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشي


(1) - ابن أبي الحديد: شرح النهج، ج 1: ص 239.

 (2) - ابن أبي الحديد: شرح النهج، ج 1: ص 265.

 (3) - نهج البلاغة، خ 16.

 (4) - المصدر، خ 95.

 


[628]

ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولاخطلة في فعل (1).

 قال ابن أبي الحديد: (روى الفضل بن عباس، قال: سألت أبي عن ولد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الذكور أيهم كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم له أشد حبا ؟ فقال: علي بن أبي طالب عليه السلام، فقلت له: سألتك عن بنيه، فقال: إنه كان أحب عليه من بنيه جميعا وأرأف، ما رأيناه زايله يوما من الدهر منذ كان طفلا... وما رأينا أبا أبر بابن منه لعلي، ولا ابنا أطوع لأب من علي له (2).

 أقول: وإن من كان هذا شأنه لا يكون إلا من عصمه الله من الزلل، وآمنه من الفتن، وطهره من الدنس، وأذهب عنه الرجس، وطهره تطهيرا.

 6 - قال العلامة المجلسي رحمه الله: عن بريدة الأسلمي - في حديثه - أنه قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: (قال لي جبرئيل: يا محمد ! إن حفظة علي بن أبي طالب تفتخر على الملائكة أنها لم تكتب على علي خطيئة منذ صحبته (3).

 


(1) - نهج البلاغة، خ 190.

 (2) - ابن أبي الحديد: شرح النهج، ج 13: ص 200.

 (3) - المجلسي: بحار الانوار، ج 38: ص 65.

 


[629]

 

الفصل 14

الإمام علي عليه السلام وعبادته

1 - قال ابن أبي الحديد: (وأما العبادة، فكان أعبد الناس، وأكثرهم صلاة وصوما، ومنه تعلم الناس صلاة الليل، وملازمة الأوراد، وقيام النافلة، وما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه، وتمر على صماخيه يمينا وشمالا فلا ترتاع لذلك، ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته ! وما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده ! وأنت إذا تأملت دعواته ومناجاته، ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وإجلاله، وما يتضمنه من الخضوع لهيبته والخشوع لعزته والاستخذاء له (1)، عرفت ما ينطوي عليه من الاخلاص، وفهمت من أي قلب خرجت، وعلى أي لسان جرت، وقيل لعلي بن الحسين عليهما السلام - وكان الغاية في العبادة -: أين عبادتك من عبادة جدك ؟ قال: عبادتي عند عبادة جدي كعبادة جدي عند عبادة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (2).

 


(1) استخذى: اتضع وانقاد.

 (2) ابن أبي الحديد: شرح النهج ج 1 ص 27.

 


[630]

2 - قال العلامة المجلسي رحمه الله: (عن حبة العرني، قال: بينا أنا ونوف نائمين في رحبة القصر إذ نحن بأمير المؤمنين عليه السلام في بقية من الليل واضعا يده على الحائط شبيه الواله، وهو يقول: (إن في خلق السموات والأرض) - الاية(1) قال: ثم جعل يقرء هذه الآيات ويمر شبه الطائر عقله، فقال لي: أراقد أنت يا حبة، أم رامق ؟ قال: قلت: بل رامق، هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف نحن ؟ ! فأرخى عينيه فبكى، ثم قال لي: يا حبة ! إن لله موقفا، ولنا بين يديه موقفا لا يخفى عليه شيء من أعمالنا.

 يا حبة ! إن الله أقرب إلي وإليك من حبل الوريد، يا حبة ! إنه لن يحجبني ولا اياك عن الله شئ.

 قال: ثم قال: أراقد أنت، يا نوف ؟ قال: قال: لا، يا أمير المؤمنين ما أنا براقد، ولقد أطلت بكائى هذه الليلة، فقال: يا نوف ! إن طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من الله تعالى قرت عيناك غدا بين يدي الله عز وجل.

 يا نوف ! إنه ليس من قطرة قطرت من عين رجل من خشية الله إلا أطفأت بحارا من النيران.

 يا نوف ! إنه ليس من رجل أعظم منزلة عند الله من رجل بكى من خشية الله، وأحب في الله، وأبغض في الله.

 يا نوف ! إنه من أحب في الله لم يستأثر على محبته، ومن أبغض في الله لم ينل ببغضه خيرا، عند ذلك استكملتم حقايق الأيمان.

 ثم وعظهما وذكرهما، وقال في أواخره: فكونوا من الله على حذر، فقد أنذرتكما، ثم جعل يمر وهو يقول: ليت شعري في غفلاتي أمعرض أنت عني، أم ناظر إلي، وليت شعري في طول منامي وقلة شكري في نعمك علي ما حالي ؟ قال: فوالله، ما زال في هذا الحال حتى طلع الفجر... (2).

 3 - وقال أيضا: (وإنه عليه السلام ما فرش له فراش في ليل قط، ولا أكل طعاما في هجير قط (3).

 


(3) - آل عمران، 3: 190.

 (2) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 22 و23، والهجير: القدح العظيم.

 (3) - المصدر.

 


[631]

 

الفصل 15

الإمام علي عليه السلام والأخلاص

1 - قال ابن شهرآشوب في (المناقب) عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: (لما أدرك عمرو بن عبدود لم يضربه، فوقع في علي عليه السلام، فرد عنه حذيفة، فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم: مه يا حذيفة، فإن عليا 7 سيذكر سبب وقفته.

 ثم إنه ضربه فلما جاء سأله النبي باحذيفة فإن عليا عليه السلام سيذكر سبب وقفته.

 ثم إنه ضربه فلما سأله النبي صلى الله عليه واله وسلم عن ذلك، فقال: قد كان شتم امي وتفل في وجهي، فخشيت أن أضربه لحظ نفسي، فتركته حتى سكن مابي، ثم قتلته في الله (1).

 2 - قال العلامة المجلسي رحمه الله: (لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يوما، وقد غص مجلسه بأهله، فقال: أيكم اليوم أنفق من ماله ابتغاء وجه الله ؟ فسكتوا، فقال علي: أنا خرجت، ومعي دينار اريد أشتري به دقيقا، فرأيت المقداد بن أسود وتبينت في وجهه أثر الجوع، فناولته الدينار، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: وجبت، ثم قام آخر فقال: قد أنفقت اليوم أكثر مما أنفق علي، جهزت رجلا وامرأة يريدان طريقا ولا نفقة لهما، فأعطيتهما ألف درهم، فسكت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقالوا: يا رسول الله ! مالك ؟ قلت لعلي: وجبت، ولم تقل لهذا وهو أكثر صدقة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:


(31) - النوري: مستدرك الوسائل، ج 3: ص 220.

 


[632]

أما رأيتم ملكا يهدي خادمه إليه هدية خفيفة فيحسن موقعها، ويرفع محل صاحبها، ويحمل إليه من عند خادم هدية عظيمة فيردها ويستخف بباعثها ؟ قالوا: بلى، قال: فكذلك صاحبكم علي دفع دينارا منقادا لله، سادا خلة فقير مؤمن، وصاحبكم الاخر أعطى ما أعطى معاندة لأخي رسول الله يريد به العلو على علي بن أبي طالب عليه السلام، فأحبط الله عمله، وصيره وبالا عليه، أما لو تصدق بهذه النية من الثرى إلى العرش ذهبا أو لؤلؤا لم يزدد بذلك من رحمة الله إلا بعدا، ولسخط الله تعالى إلا قربا، وفيه ولوجا واقتحاما (1).

 3 - قال عليه السلام: (إن قوما عبدوا الله رغبة، فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة، فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا، فتلك عبادة الأحرار (2).

 4 - وعنه عليه السلام: (إلهى ما عبدتك خوفا من عقابك، ولاطمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (3).

 5 - وعنه عليه السلام: (الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم، والعلم كله حجة إلا ما عمل به، والعمل كله رياء، إلا ما كان مخلصا، والأخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له (4).

 أقول: نعم، إذا كان العمل لغير الله فهو وزر على صاحبه، وإذا كان الأنفاق للمباهاة والمفاخرة يكون نصيبا للكلاب والعقبان، فلا حظ حكاية لطيفة أورده الدميري في (حياة الحيوان)، قال: (حكى الأمام العلامة، أبو الفرج الأصبهاني وغيره: أن الفرزدق الشاعر المشهور واسمه همام بن غالب، كان أبوه غالب رئيس قومه، وإن أهل الكوفة أصابتهم مجاعة، فعقر غالب أبو الفرزدق المذكور لأهله


(1) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 18.

 (2) - نهج البلاغة، خ 237.

 (3) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 14.

 (4) - القمي: سفينة البحار، ج 1: ص 401.

 


[633]

ناقة، وصنع منها طعاما، وأهدى إلى قوم من بني تميم جفانا من ثديد، ووجه جفنة منها إلى سحيم بن وثيل الرياحي رئيس قومه - وهو القائل:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * متى أضع العمامة تعرفوني

وقد تمثل بذلك الحجاج في خطبته يوم قدم الكوفة أميرا، فكفأها سحيم وضرب الذي أتى بها.

 وقال: أنا مفتقر إلى طعام غالب ؟ إذا نحر هو ناقة نحرت أنا اخرى، فوقعت المعاقرة بينهما، فعقر سحيم لأهله ناقة، فلما كان من الغد عقر لهم غالب ناقتين، فعقر سحيم لأهله ناقتين، فلما كان اليوم الثالث عقر غالب لأهله ثلاثا، فعقر سحيم لأهله ثلاثا، فلما كان اليوم الرابع، عقر غالب مائة ناقة، فلم يكن عند سحيم هذا القدر فلم يعقر شيئا وأسرها في نفسه، فلما انقضت المجاعة ودخل الناس الكوفة، قال بنو رياح لسحيم: جررت علينا عار الدهر، هلا نحرت مثل ما نحر غالب، وكنا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين ؟ فاعتذر بأن إبله كانت غائبة، ثم عقر ثلاثمائة ناقة، وقال للناس: شأنكم والأكل، وكان ذلك في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه ورضي عنه - فاستفتي في حل الأكل منها، فقضى بحرمتها، وقال: هذه ذبحت لغير مأكلة ولم يكن المقصود منها إلا المفاخرة والمباهاة، فالقيت لحومها على كناسة الكوفة، فأكلها الكلاب والعقبان والرخم (1).

 


(1) - الدميري: حياة الحيوان، ج 2: ص 222 / (القرع).

 


[634]

 

الفصل 16

الإمام علي عليه السلام وجاهه، وقربه عند الله

1 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: - في حديث - وأيكم اليوم نفع بجاهه أخاه المؤمن ؟ فقال علي عليه السلام: أنا، قال: صنعت ماذا ؟ قال: مررت بعمار بن ياسر وقد لازمه بعض اليهود في ثلاثين درهما كانت له عليه، فقال عمار: يا أخا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ! يلازمني ولا يريد إلا إيذائي وإذلالي لمحبتي لكم أهل البيت فخلصني منه بجاهك، فأردت أن اكلم له اليهودي فقال: يا أخا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ! أنا اجلك في قلبي وعيني من أن أبذلك لهذا الكافر، ولكن اشفع لي إلى من لايردك عن طلبه، فلو أردت جميع جوانب العالم أن يصيرها كأطراف السفرة لفعل، فاسأله أن يعينني على أداء دينه ويغنيني عن الاستدانة، فقلت: اللهم افعل ذلك به، ثم قلت له: اضرب إلى ما بين يديك من شيء حجرا أو مدرا فإن الله يقلبه لك ذهبا إبريزا (1)، فضرب يده فتناول حجرا فيه أمنان فتحول في يده ذهبا.

 ثم أقبل على اليهودي فقال: وكم دينك ؟ قال: ثلاثون درهما، قال: فكم قيمتها من الذهب ؟ قال: ثلاثة دنانير، فقال عمار: اللهم بجاه من بجاهه قلبت هذا الحجر


(1) - أي خالصا.

 


[635]

ذهبا لين لي هذا الذهب لأفصل قدر حقه، فالأنه الله عز وجل له، ففصل له ثلاثة مثاقيل وأعطاه، ثم جعل ينظر إليه وقال: اللهم إني سمعتك تقول: ( إن الأنسان ليطغى * أن رآه استغنى (1) )، ولا اريد غنى يطغيني، اللهم فأعد هذا الذهب حجرا بجاه من بجاهه جعلته ذهبا بعد أن كان حجرا فعاد حجرا، فرماه من يده وقال: حسبي من الدنيا والاخرة موالاتي لك يا أخا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.

 فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: تعجبت ملائكة السموات من فعله، وعجت إلى الله تعالى بالثناء عليه، فصلوات الله من فوق عرشه تتوالى عليه، فأبشر يا أبا اليقظان، فإنك أخو علي في ديانته، ومن أفاضل أهل ولايته، ومن المقتولين في محبته، تقتلك الفئة الباغية، وآخر زادك من الدنيا صاع من لبن، ويلحق روحك بأرواح محمد وآله الفاضلين، وأنت من خيار شيعتي (2).

 2 - قال يزيد بن قعنب: (كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزى بإزاء البيت الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد، أم أمير المؤمنين عليه السلام وكانت حاملا به لتسعة أشهر، وقد أخرها الطلق، فقالت: ربى ! إنى مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، إني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل عليه السلام وأنه بنى بيتك العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي.

 قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت قد انفتح عن ظهره، ودخلت فاطمة وغابت من أبصارنا فيه، والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب، فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من الله عز وجل، ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين علي عليه السلام، فقالت: إني فضلت على من تقدمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم


(1) - العلق، 96: 6 و7.

 (2) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 19.

 


[636]

عبدت الله عز وجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، وأن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا، وأني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة ! سميه عليا، فهو علي، والله علي الأعلى يقول: إنى شققت إسمه من إسمي، وأدبته بأدبي، وأوقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي، ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه (1).

 3 - وعنه عليه السلام - في خبر طويل -: (ولأقولن ما لم أقله لأحد قبل هذا اليوم، سألته (يعني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم) مرة أن يدعو لي بالمغفرة، فقال: أفعل، ثم قام فصلى، فلما رفع يده للدعاء استمعت عليه فإذا هو قائل: اللهم بحق علي عندك اغفر لعلي، فقلت: يا رسول الله ! ما هذا ؟ فقال: أو أحد أكرم منك عليه فأستشفع به إليه ؟ (2) 4 - في حديث طويل عن عطاء، عن ابن عباس عند موته: (اللهم إني أتقرب إليك بولاية الشيخ علي بن أبي طالب، فما زال يكررها حتى وقع إلى الأرض، فصبرنا عليه ساعة ثم أقمناه فإذا هو ميت (3).

 5 - عن محمد بن أحمد الأنصاري، قال: (وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد (الأمام العسكري) عليه السلام، قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، قال: فلما دخلت على سيدى أبي محمد عليه السلام نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا بمواساة الأخوان، وينهانا عن لبس مثله ! فقال متبسما: يا كامل ! وحسر ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على


(1) - الطبري: بشارة المصطفى، ص 8.

 (2) - ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 20: ص 316.

 (3) - الكنجي: كفاية الاثر، ص 21.

 


[637]

جلده فقال: هذا لله، وهذا لكم.

 فسلمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخى، فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا بفتى كأنه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال لي: يا كامل بن إبراهيم ! فاقشعررت من ذلك والهمت أن قلت: لبيك يا سيدي، فقال: جئت إلى ولي الله وحجته وبابه تسأله: هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك، وقال بمقالتك ؟ فقلت: إي، والله، قال: إذن والله، يقل داخلها، والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية، قلت: يا سيدي ! ومن هم ؟ قال: قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه - الخبر (1).

 6 - عن الأعمش: (كان بالمدينة جارية سوداء عمياء تسقي الماء، وهي تقول: اشربوا حبا لعلي بن أبي طالب، ثم رأيتها بمكة بصيرة تسقي الماء وهي تقول: اشربوا حبا لمن رد الله علي بصري به، فسألتها عن شأنها، قالت إني رأيت رجلا قال: يا جارية ! أنت مولاة لعلي بن أبي طالب ومحبه ؟ فقلت: نعم، قال: اللهم إن كانت صادقا فرد عليها بصرها، فوالله، لقد رد الله علي بصري، فقلت: من أنت ؟ قال: أنا الخضر، وأنا من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام (2).

 7 - قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (أتدري ما سمعت من الملأ الأعلى فيك ليلة اسري بى، يا علي ؟ سمعتهم يقسمون على الله تعالى بك، ويستقضونه حوائجهم، ويتقربون إلى الله تعالى بمحبتك، ويجعلون أشرف ما يعبدون الله به الصلاة علي وعليك، وسمعت خطيبهم في أعظم محافلهم وهو يقول: على الحاوي لأصناف الخيرات المشتمل على أنواع المكرمات، الذي قد اجتمع فيه من خصال الخير ما قد تفرق في غيره من البريات، عليه من الله تعالى الصلاة والبركات والتحيات، وسمعت


(1) - الانصاري: الانوار البهية، ص 178.

 (2) - القمي: سفينة البحار، ج 1: ص 391 / (خضر)


[638]

الأملاك بحضرته والأملاك في سائر السماوات والحجب والعرش والكرسي والجنة والنار يقولون بأجمعهم عند فراغ الخطيب من قوله: آمين، اللهم وطهرنا بالصلاة عليه وعلى آله الطيبين (31).

 8 - عن ابن مسعود، قال: (دخلت يوما على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقلت: يا رسول الله ! عليك السلام، أرني الحق لأنظر إليه، فقال: يا عبد الله ! لج المخدع (2)، فولجت المخدع وعلى بن أبي طالب يصلي وهو يقول في سجوده وركوعه: اللهم بحق محمد عبدك اغفر للخاطئين من شيعتي، فخرجت حتى اجتزت برسول الله صلى الله عليه واله وسلم فرأيته يصلى وهو يقول: اللهم بحق علي عبدك اغفر للخاطئين من امتي (3).

 قال: فأخذني من ذلك الهلع العظيم، فأوجز النبي صلى الله عليه واله وسلم في صلاته، وقال: يا ابن مسعود ! أكفر بعد إيمان ؟ فقلت: حاشا وكلا يا رسول الله، ولكن رأيت عليا يسأل الله بك، ورأيتك تسأل الله بعلى، فلا أعلم أيكما أفضل عند الله عز وجل ؟ قال: اجلس يا ابن مسعود، فجلست بين يديه فقال لي: اعلم أن الله خلقني وعليا من نور قدرته قبل أن يخلق الخلق بألفي عام إذ لاتسبيح ولا تقديس، ففتق نوري فخلق منه السموات والأرضين، وأنا - والله - أجل من السموات والأرضين، وفتق نور علي بن أبي طالب فخلق منه العرش والكرسي، وعلي بن أبي طالب - والله - أفضل من العرش والكرسي، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم، والحسن - والله - أفضل من اللوح والقلم.

 وفتق نور الحسين فخلق منه الجنان والحور العين، والحسين - والله - أفضل من الحور العين.

 ثم اظلمت المشارق والمغارب، فشكت الملائكة إلى الله تعالى أن يكشف


(1) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 21.

 (2) - المخدع: بيت داخل البيت الكبير.

 (3) - لا تنافى بين دعائه صلى الله عليه واله وسلم لأمته، ودعائه عليه السلام لشيعته.

 لأن امته حقا هم شيعة علي عليه السلام.

 ويدل عليه أخبار الأرتداد بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم التي مر عليك بعضها في باب موقفه عليه السلام عند الحوض.

 


[639]

عنهم تلك الظلمة، فتكلم الله جل جلاله كلمة فخلق منها روحا، ثم تكلم بكلمة فخلق من تلك الكلمة نورا، فأضاف النور إلى تلك الروح وأقامها مقام العرش فزهرت المشارق والمغارب، فهي فاطمة الزهراء ولذلك سميت الزهراء، لأن نورها زهرت به السماوات.

 يا ابن مسعود ! إذا كان يوم القيامة يقول الله جل جلاله لي ولعلي: أدخلا الجنة من شئتما، وأدخلا النار من شئتما، وذلك قوله تعالى: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد)(1)، فالكافر من جحد نبوتي، والعنيد من جحد بولاية علي بن أبي طالب وعترته، والجنة لشيعته ولمحبيه (2).

 الاستدراك قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في حديث: أما إن من شيعة علي عليه السلام لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة سيئاته من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة يقول الخلائق: هلك هذا العبد فلا يشكون أنه من الهالكين وفي عذاب الله تعالى من الخالدين فيأتيه النداء من قبل الله تعالى: يا أيها العبد الخاطي الجاني ! هذه الذنوب الموبقات فهل بإزائها حسنة تكافئها وتدخل جنة الله برحمة الله ؟ أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله ؟ يقول العبد: لا أدري فيقول منادي ربنا عزوجل: إن ربي يقول: ناد في عرصات القيامة: ألا إني فلان بن فلان من بلد كذا وكذا أو قرية كذا وكذا قد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار ولا حسنة لي بإزائها فأي أهل المحشر كانت لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها،


(1) - ق، 50: 24.

 (2) - المجلسي: بحار الانوار، ج 40: ص 43.

 


[640]

فهذا أوان شدة حاجتي إليها.

 فينادي الرجل بذلك فأول من يجيبه علي بن أبي طالب عليه السلام: لبيك لبيك لبيك، أيها الممتحن في محبتي المظلوم بعداوتي ثم يأتي هو ومن معه عدد كثير وجم غفير وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون كان بنا بارا ولنا مكرما وفي معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا وقد نزلنا له عن جميع طاعتنا وبذلناها له فيقول علي عليه السلام: فبماذا تدخلون جنة ربكم ؟ فيقولون: برحمة الله الواسعة التي لا يعدمها من والاك ووالى آلك يا أخا رسول الله.

 فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله ! هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له ؟ فإني أنا الحكم ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياك وما بينه وبين عبادي من الظلامات فلابد من فصلي بينه وبينهم.

 فيقول علي عليه السلام: يا رب أفعل ما تأمرني فيقول الله تعالى: يا علي اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلامتهم قبله فيضمن لهم علي عليه السلام ذلك ويقول لهم: اقترحوا علي ما شئتم أعطكم عوضا من ظلاماتكم قبله.

 فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل لنا بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتك على فراش محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيقول علي عليه السلام: قد وهبت ذلك لكم فيقول الله عزوجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي فداء لصاحبه من ظلاماتكم ويظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها فيكون ذلك ما يرضي الله عزوجل به خصمائه أولئك المؤمنين ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

 يقولون: يا ربنا هل بقي من جنانك شيء ؟ إذا كان هذا كله لنا فأين تحل سائر عبادك المؤمنين والانبياء والصديقين والشهداء والصالحين ؟ ويخيل إليهم عند


[641]

ذلك أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا عبادي هذا ثواب نفس من أنفاس علي بن أبي طالب عليه السلام الذي اقترحتموه عليه قد جعله لكم فخذوه وانظروا فيصيرون هم وهذا المؤمن الذي عوضهم علي عليه السلام في تلك الجنان ثم يرون ما يضيفه الله عزوجل إلى ما ممالك علي عليه السلام في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليه الموالى له مما شاء من الاضعاف التي لا يعرفها غيره.

 ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: " أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم (1) " المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب عليه السلام (2).

 


(1) الصافات، 62.

 (2) المجلسي: بحار الانوار، ج 68: صص 107 - 109.

 


[642]

 

الفصل 17

الإمام علي عليه السلام واستجابة دعائه

1 - عن طلحة بن عميرة، قال: (نشد علي عليه السلام في قول النبي صلى الله عليه واله وسلم: (من كنت مولاه) فشهد اثنا عشر رجلا من الأنصار، وأنس بن مالك في القوم لم يشهد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا أنس ! قال: لبيك، قال: ما يمنعك أن تشهد وقد سمعت ما سمعوا ؟ قال: يا أمير المؤمنين ! كبرت ونسيت، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببياض أو بوضح (1) لاتواريه العمامة، قال طلحة: فأشهد بالله لقد رأيتها بيضا بين عينيه (2).

 2 - وفي رواية جابر: (فقال لأنس: لا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لاتغطيه العمامة...

 فقال جابر: والله، لقد رأيت أنسا وقد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فما تستره (3).

 3 - عن زيد بن أرقم، قال: (نشد علي عليه السلام في المسجد فقال: أنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه واله وسلم يقول: (من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من


(1) - الوضح: البياض من كل شئ.

 (2) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 204 و206.

 (3) - المصدر.

 


[643]

عاداه)، فقام اثنا عشر بدريا، ستة من الجانب الأيمن، وستة من الجانب الأيسر فشهدوا بذلك، فقال زيد بن أرقم: وكنت أنا فيمن سمع ذلك فكتمته فذهب الله ببصري (1).

 4 - الوليد بن الحارث وغيره، عن رجالهم: (إن أمير المؤمنين عليه السلام لما بلغه ما فعل بسر بن أرطاة باليمن (يعني قتله ثلاثين ألفا) قال: اللهم إن بسرا قد باع دينه بالدنيا فاسلبه عقله، ولا تبق من دينه ما يستوجب به عليك رحمتك، فبقي بسر حتى اختلط، وكان يدعو بالسيف، فاتخذ له سيف من خشب، وكان يضرب به حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال: السيف السيف، فيدفع إليه فيضرب به، فلم يزل كذلك حتى مات (2).

 5 - عن سعد الخفاف، عن زاذان أبي عمرو، قلت له: (يا زاذان ! إنك لتقرأ القرآن فتحسن قراءته، فعلى من قرأت ؟ قال: فتبسم، ثم قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام مر بي وأنا انشد الشعر، وكان لي حلق حسن، فأعجبه صوتي، فقال: يا زاذان ! فهلا بالقرآن ؟ قلت: يا أمير المؤمنين وكيف لي بالقرآن ؟ فوالله ما أقرأ منه إلا بقدر ما اصلي به، قال: فادن مني، فدنوت منه فتكلم في اذني بكلام ما عرفته ولا علمت ما يقول، ثم قال: افتح فاك، فتفل في في، فوالله مازالت قدمي من عنده حتى حفظت القرآن بإعرابه وهمزه، وما احتجت أن أسأل عنه أحدا بعد موقفي ذلك.

 قال سعد: فقصصت قصة زاذان على أبي جعفر عليه السلام قال: صدق زاذان، إن أمير المؤمنين عليه السلام دعا لزاذان بالاسم الأعظم الذي لا يرد (3).

 6 - عن الأصبغ بن نباتة، أنه قال: كنت جالسا عند أمير المؤمنين، علي ابن ابي طالب عليه السلام وهو يقضي بين الناس إذ جاءه جماعة معهم أسود مشدود


(1) - المجلسي: بحار الانوار ج 41: ص 205، 204، و195.

 (2) - المصدر.

 (3) - المصدر.

 


[644]

الأكتاف، فقالوا: هذا سارق يا أمير المؤمنين، فقال: يا أسود ! سرقت ؟ قال: نعم، يا أمير المؤمنين، قال له: ثكلتك امك، إن قلتها ثانية قطعت يدك، قال: نعم، يا مولاي، قال: ويلك انظر ماذا تقول، سرقت ؟ قال: نعم، يا مولاي، فعند ذلك قال عليه السلام: اقطعوا يده فقد وجب عليه القطع.

 قال: فقطع يمينه، فأخذها بشماله وهي تقطر دما، فاستقبله رجل يقال له: ابن الكواء فقال: يا أسود ! من قطع يمينك ؟ قال: قطع يميني سيد الوصيين، وقائد الغر المحجلين، وأولى الناس بالمؤمنين، علي بن أبي طالب عليه السلام، إمام الهدى، وزوج فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفى، أبو الحسن المجتبى، وأبو الحسين المرتضى، السابق إلى جنات النعيم، مصادم الأبطال، المنتقم من الجهال، معطي الزكاة، منيع الصيانة من هاشم القمقام، ابن عم الرسول، الهادي إلى الرشاد، والناطق بالسداد، شجاع مكي، جحجاح وفي، بطين أنزع أمين من آل حم ويس وطه والميامين، محلي الحرمين، ومصلي القبلتين، خاتم الأوصياء، ووصي صفوة الأنبياء، القسورة الهمام، والبطل الضرغام، المؤيد بجبرائيل الأمين، والمنصور بميكائيل المبين، وصي رسول رب العالمين، المطفئ نيران الموقدين، وخير من نشأ من قريش أجمعين، المحفوف بجند من السماء، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين على رغم أنف الراغبين [خ ل] ومولى الناس أجمعين.

 فعند ذلك قال له ابن الكواء: ويلك ! يا أسود، قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كله ؟ ! قال: ومالي لااثني عليه، وقد خالط حبه لحمي ودمي، والله ما قطعني إلا بحق أوجبه الله علي، قال: فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: سيدي رأيت عجبا، قال: وما رأيت ؟ قال: صادفت أسود قطعت يمينه وأخذها بشماله وهي تقطر دما، فقلت له: يا أسود ! من قطع يمينك ؟ قال: سيد المؤمنين - وأعدت عليه - وأعاد علي، فقلت له: ويحك قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كله ؟ فقال: ومالي لااثني عليه وقد خالط حبه لحمي ودمي، والله ما قطعني إلا


[645]

بحق أوجبه الله علي.

 قال: فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى ولده الحسن وقال: قم، هات عمك الأسود، قال: فخرج الحسن عليه السلام في طلبه فوجده في موضع يقال له (كندة)، وأتى به إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال له: يا أسود ! قطعت يمينك وأنت تثني علي ؟ فقال: يا أمير المؤمنين ! ومالي لااثني عليك وقد خالط حبك دمي ولحمي ؟ والله، ما قطعت إلا بحق كان على مما ينجي من عقاب الاخرة، فقال عليه السلام: هات يدك، فناوله، فأخذها ووضعها في المواضع الذي قطعت منه، ثم غطاها بردائه، فقام وصلى عليه السلام ودعا بدعاء سمعناه يقول في آخر دعائه: آمين، ثم شال الرداء (1) وقال: اضبطي أيتها العروق كما كنت واتصلي.

 فقام الأسود وهو يقول: آمنت بالله وبمحمد رسوله وبعلي الذي رد اليد القطعاء بعد تخليتها من الزند (2)، ثم انكب على قدميه، وقال: بأبي أنت وامي يا وارث علم النبوة).

 بيان: القمقام: السيد، وكذا الجحجاح، والقسورة: الأسد، والهمام - بالضم -: الملك العظيم الهمة، والضرغام - بالكسر -: الاسد (3).

 وفي رواية: (فقال: يا ابن كواء ! إن محبينا لو قطعناهم إربا إربا ما ازدادوا لنا إلا حبا، وإن في أعدائنا من لو ألحقناهم السمن والعسل ما ازدادوا منا إلا بغضا (4).

 أقول: نقل هذه القصة الفخر الرازي في تفسيره (ج 21: ص 88) ملخصا.

 


(1) - أي رفعها.

 (2) - كذا والظاهر أن الخبر مدخول لان القطع من الاصابع لا الزند.

 (3) المجلسي: بحار الانوار، ج 40: ص 281.

 (4) - المجلسي: بحار الانوار، ج 41: ص 2 10.

 


[646]

المستدرك قال العلامة المجلسي رحمه الله: ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما حملت إليه جنازة البراء بن معرور ليصلي عليه قال: أين علي بن 7.

 أبي طالب ؟ قالوا: يارسول الله إنه ذهب في حاجة رجل من المسلمين إلى قبا، فجلس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولم يصل عليه قالوا: يا رسول الله مالك لا تصلي عليه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: إن الله عزوجل أمرني أن أؤخر الصلاة عليه إلى أن يحضره علي فيجعله في حل مما كلمة به بحضرة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (1) ليجعل الله موته بهذا السم كفارة له.

 فقال بعض من حضر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وشاهد الكلام الذي تكلم به البراء: يا رسول الله إنما كان مزحا مازح به عليا لم يكن منه جدا فيؤاخذ الله عزوجل بذلك قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: لو كان ذلك منه جدا لاحبط الله تعالى أعماله كلها ولو كان تصدق بمثل ما بين الثرى إلى العرش ذهبا وفضة ولكنه كان مزحا وهو في حل من ذلك إلا أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يريد أن لا يعتقد أحد منكم أن عليا عليه السلام واجد عليه فيجدد بحضرتكم إحلالا ويستغفر له ليزيده الله عزوجل بذلك قربة ورفعة في جنانه.

 فلم يلبث أن حضر علي بن أبي طالب فوقف قبالة الجنازة وقال: رحمك الله يابراء فلقد كنت صواما قواما ولقد مت في سبيل الله.

 وقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ولو كان أحد من الموتى يستغني عن صلاة رسول الله لاستغنى صاحبكم هذا بدعاء علي عليه السلام له.

 ثم قام فصلى عليه ودفن.

 فلما انصرف وقعد في العزاء قال: أنتم يا أولياء البراء بالتهنية أولى منكم بالتعزية لان صاحبكم


(1) والكلام هو أن البراء حين أتى رسول الله إليه الزراع المسمومة وتناول قبل صلى الله عليه واله وسلم لقمة وقال علي عليه السلام له: يابراء لا تتقدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: يا علي كأنك تبخل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؟ ! فقال علي عليه السلام: ما أبخل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولكني أبجله وأوقره ليس لي ولا لك ولا لاحد من خلق الله أن يتقدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بقول ولا فعل ولا أكل ولا شرب.

 


[647]

عقد له في الحجب قباب من السماء الدنيا إلى السماء السابعة وبالحجب كلها إلى الكرسي إلى ساق العرش لروحه التي عرج بها فيها ثم ذهب بها إلى ابض الجنان وتلقاها كل من كان فيها من خزانها واطلع إليه كل من كان فيها من حور حسانها فقالوا بأجمعهم له: طوباك طوباك يا روح البراء انتظر عليك رسول الله عليا صلوات اله وسلامه عليهما وآلهما الكرام حتى ترحم عليك علي واستغفر لك، أما إن حملة عرش ربنا حدثونا عن ربنا أنه قال: يا عبدي الميت في سبيلي لو كان عليك من الذنوب بعدد الحصى والثرى وقطر المطر وورق الشجر وعدد شعور الحيوانات ولحظاتهم وأنفاسهم وحركاتهم وسكناتهم لكانت مغفورة بدعاء علي عليه السلام لك.

 قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: فتعرضوا عباد الله لدعاء علي لكم ولا تتعرضوا لدعاء علي عليكم.

 فإن من دعا عليه أهلكه الله ولو كانت حسناته عدد ما خلق الله كما أن من دعا أسعده الله ولو كانت سيئاته بعدد ما خلق الله (1)


(1) بحار الانوار 17 / 320 - 321.

 


[648]

 

الفصل 18

الإمام علي عليه السلام ومروءته

1 - قال ابن أبي الحديد: (ولما ملك عسكر معاوية عليه الماء وأحاطوا بشريعة الفرات وقالت رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمان عطشا، سألهم علي عليه السلام وأصحابه أن يسوغوا لهم شرب الماء فقالوا: لا والله، ولا قطرة حتى تموت ظمأ كما مات ابن عفان، فلما رأى عليه السلام أنه الموت لا محالة تقدم بأصحابه وحمل على عساكر معاوية حملات كثيفة حتى أزالهم عن مراكزهم بعد قتل ذريع سقطت منه الرؤوس والأيدي، وملكوا عليهم الماء، وصار أصحاب معاوية في الفلاة لا ماء لهم، فقال له أصحابه وشيعته: امنعهم الماء يا أمير المؤمنين، كما منعوك، ولا تسقهم منه قطرة، واقتلهم بسيوف العطش، وخذهم قبضا بالأيدي فلا حاجة لك إلى الحرب، فقال: لا والله، لا اكافئهم بمثل فعلهم، افسحوا لهم عن بعض الشريعة، ففي حد السيف ما يغني عن ذلك (1).

ملكنا فكان العفو منا سجية * فلما ملكتم سال بالدم أبطح

فحسبكم هذا التفاوت بيننا * فكل إناء بالذي فيه ينضح


(1) - ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 1: ص 23.

 


[649]

2 - قال العلامة الديار بكري: (روي أن عليا لما قتل عمرا لم يسلبه، فجاءت اخت عمرو حتى قامت عليه، فلما رأته غير مسلوب سلبه قالت: ما قتله إلا كفؤ كريم، ثم سألت عن قاتله، قالوا: علي بن أبي طالب، فأنشأت هذين البيتين:

لو كان قاتل عمرو غير قاتله * لكنت أبكي عليه آخر الابد

لكن قاتله من لايعاب به * من كان يدعى قديما بيضة البلد(1)


(1) - الديار بكري: تاريخ الخميس، ج 1: ص 488. وقال ابن المنظور في (اللسان): (بيضة البلد علي بن أبي طالب - سلام الله عليه -، أي أنه فرد ليس مثله في الشرف كالبيضة التي تريكة وحدها ليس معها غيرها، وإذا ذم الرجل فقيل: هو بيضة البلد، أرادوا هو منفرد لا ناصر له).

 


[650]

 

الفصل 19

الإمام علي عليه السلام حلمه وصفحه

1 - عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في خبر طويل: (لو كان الحلم رجلا لكان عليا (1).

 2 - عن جابر، قال: (سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام جلا يشتم قنبرا وقد رام قنبر أن يرد عليه، فناداه أمير المؤمنين على 7: مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا ترض الرحمن، وتسخط الشيطان، وتعاقب عدوك، فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أارضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولاعوقب الأحمق بمثل السكوت عنه (2).

 3 - قال ابن أبي الحديد: (وأما الحلم والصفح، فكان أحلم الناس عن مذنب، وأصفحهم عن مسئ، وقد ظهرت صحة ما قلناه يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكم - وكان أعدى الناس له وأشدهم بغضا - فصفح عنه، وكان عبد الله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة فقال: قد أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب، وكان علي عليه السلام يقول: ما زال الزبير رجلا منا أهل


(1) - الحمويني: فرائد السمطين، ج 2: ص 68.

 (2) - المفيد: كتاب الامالي، المجلس 14: ص 118.

 


[651]

البيت حتى شب عبد الله، فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيرا، فصفح عنه، وقال: (اذهب ولا أرينك) لم يزده على ذلك، وظفر بسعيدبن العاص بعد وقعة الجمل بمكة - وكان له عدوا - فأعرض عنه ولم يقل شيئا... (1).

 4 - قال قنبر: دخلت مع أمير المؤمنين عليه السلام على عثمان فأحب الخلوة فأومأ إلي بالتنحي، فتنحيت غير بعيد، فجعل عثمان يعاتبه وهو مطرق رأسه، وأقبل إليه عثمان، فقال: ما لك لا تقول ؟ فقال عليه السلام: ليس جوابك إلا ما تكره، وليس لك عندي إلا (2) ما تحب، ثم خرج قائلا:

ولو أنني جاوبته لأمضه * نوافذ قولي واحتضار جوابي

ولكنني اغضي على مضض الحشا * ولو شئت إقداما لأنشب نابي (3)

أقول: أمضه الأمر: شق عليه، والجرح: أوجعه، والمضض: الوجع، وأغضى على الأمر: سكت وصبر وأنشبه في كذا: علقه وأعلقه، والناب: السن خلف الرباعية.

 5 - (دعا عليه السلام غلاما له مرارا فلم يجبه، فخرج فوجده على باب البيت، فقال: ما حملك على ترك إجابتي ؟ قال: كسلت عن إجابتك وآمنت عقوبتك، فقال: الحمدلله الذي جعلني ممن يأمنه خلقه، امض فأنت حر لوجه الله (4).

 6 - (إن أمير المؤمنين عليه السلام مر بأصحاب التمر فإذا هو بجارية تبكي، فقال: يا جارية ! ما يبكيك ؟ فقالت: بعثني مولاي بدرهم فابتعت من هذا تمرا فأتيتهم به فلم يرضوه، فلما أتيته به أبى أن يقبله، قال: يا عبد الله إنها خادم وليس لها أمر فاردد


(1) - ابن ابى الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 1: ص 22.

 (2) - كذا والظاهر أن " إلا " زيادة.

 (3) المجلسي بحار الأنوار: ج 41: ص 49، 48.

 (4) - المجلسي بحار الأنوار: ج 41: ص 49، 48.

 


[652]

إليها درهمها وخذ التمر، فقام إليه الرجل فلكزه (1)، فقال الناس: هذا أمير المؤمنين فربا الرجل (2) واصفر، وأخذ التمر ورد إليها درهمها، ثم قال: يا أمير المؤمنين ارض عني، فقال: ما أرضاني عنك إن أصلحت أمرك، وفي فضائل أحمد: إذا وفيت الناس حقوقهم (3).

 7 - (مرت امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن أبصار هذه الفحول طوامع (4)، وإن ذلك سبب هناتها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلمس أهله فإنما امرأة كامرأة، فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافرا ما أفقهه ! فوثب القوم ليقتلوه فقال عليه السلام: رويدا إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب (5).

 8 - (جاءه أبو هريرة - وكان تكلم فيه وأسمعه في اليوم الماضي - وسأله حوائجه فقضاها، فعاتبه أصحابه على ذلك فقال: إنى لأستحيي أن يغلب جهله علمي، وذنبه عفوي، ومسألته جودي (6).

 9 - قال ابن الأثير: (ومنه حديث عائشة قالت لعلي يوم الجمل حين ظهر: (ملكت فأسجح) أي قدرت فسهل وأحسن العفو، وهو مثل سائر (7).

 


(1) - أي ضربه بجميع كفه.

 (2) - أي اخذه الربوة وهى علة تحدث في البرئة فتصير النفس صبعا.

 (3) - أي اخذه الربوة وهى علة تحدث في الرئة فتصير النفس صعبا.

 (4) - في نهج البلاغة: (طوامح).

 (5) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 41: ص 49.

 (6) - المجلسي: بحار الأنوار، ج 41: ص 49.

 (7) - ابن الاثير: النهاية، ج 2: ص 342.