الفهرس

(الفصل الحادي والعشرون فضائل الحسن والحسين(ع

 


أ . حبّ النبيّ(ص) إيّاهما

1 . ابن مردويه، عن بريدة2، قال: كان النبيّ« يخطب، فأقبل الحسن والحسين -رضي اللَّه عنهما- عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول اللَّه« من المنبر، فحملهما واحداً من ذا الشق وواحداً من ذا الشق، ثمّ صعد المنبر فقال: «صدق اللَّه! قال:
( إِنَّمَآ أَمْوَلُكُمْ وَأَوْلَدُكُمْ فِتْنَةٌ)(1)،
إنّي لمّا نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران، لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلت إليهما».(2)
2 . ابن مردويه، عن عبداللَّه بن عمر2: أنّ رسول اللَّه« بينما هو يخطب الناس على المنبر خرج الحسين بن عليّ‏2، فوطأ في ثوب كان عليه فسقط فبكى‏، فنزل رسول اللَّه« عن المنبر، فلمّا رأى الناس، أسرعوا إلى الحسين‏2 يتعاطونه، يعطيه بعضهم بعضاً حتّى وقع في يد رسول اللَّه«، فقال: «قاتل اللَّه الشيطان، إنّ الولد لفتنة، والّذي نفسي بيده مادريت أنّي نزلت عن منبري».(3)

ب . فضائل لهما شتّى‏

3 . ابن مردويه، أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن القرشي الكوفي، أنبأنا إبراهيم ابن إسحاق بن أبي العنس الزهري، أنبأنا محمّد بن كناسة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول اللَّه« والحسن بن عليّ يشبهه.(4)
4 . ابن مردويه، حدّثنا إبراهيم بن محمّد، أخبرنا أحمد بن عليّ، حدّثنا أبوخيثمة، حدّثنا ابن عيينة، عن أبي موسى‏، عن الحسن، عن أبي بكرة2، قال: سمعت النبيّ« يقول: «إنّ ابني هذا سيّد، ولعلّ اللَّه أن يصلح به بين فئتين من المسلمين». قال أبوخيثمة: يعني الحسن‏2.(5)
5 . ابن مردويه، بإسناده عن ابن عباس، قال: كنت مع عليّ بن أبي طالب في خروجه إلى صفين، فلمّا نزل بنينوى - وهو شط الفرات - قال بأعلى‏ صوته: يابن عباس أتعرف هذا الموضع؟ قلت: نعم. قال: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتّى تبكي كبكائي. قال: فبكى‏ طويلاً حتّى اخضلّت لحيته، وسالت الدموع على‏ صدره، وبكينا معه، وهو يقول: أوه أوه! مالي ولآل أبي سفيان؟ مالي ولآل حرب! حزب الشيطان، وأولياء الكفر، صبراً أبا عبداللَّه، فقد لقى‏ أبوك مثل الّذي تلقى‏ منهم.
ثمّ دعا بماء، فتوضأ وضوء الصلاة، فصلّى‏ ما شاء اللَّه أن يصلّي. ثمّ ذكر نحو كلامه الأوّل، إلّا أنّه نعس عند انقضاء صلاته ساعة، ثمّ انتبه فقال: يابن عباس، فقلت: ها أنا ذا.
قال: ألا أُحدّثك بما رأيت في منامي آنفاً عند رقدتي؟
قلت: نامت عيناك ورأيت خيراً، قال: رأيت كأنّي برجال بيض قد نزلوا من السماء، معهم أعلام بيض قد تقلّدوا سيوفهم وهي بيض تلمع، وقد خطّوا حول هذه الأرض خطّة. ثمّ رأيت كأنّ هذه النخيل وقد ضربت بأغصانها الأرض، وهي تضطرب بدم عبيط، وكأنّي بالحسين سخلي وفرخي وبضعتي، قد غرق فيه، يستغيث فلا يغاث، وكأنّ الرجال البيض الّذين نزلوا من السماء ينادونه، ويقولون: صبراً آل الرسول فانّكم تُقتلون على‏ أيدي شرار الناس، وهذه الجنّة يا أبا عبداللَّه، إليك مشتاقة. ثمّ يعزّونني ويقولون: يا أبا الحسن، أبشر فقد أقرّ اللَّه به عينك يوم القيامة، يوم يقوم الناس لربّ العالمين. ثمّ انتبهت هكذا، والّذي نفسي بيده، لقد حدّثني الصادق المصدّق أبوالقاسم(ص) أنّي سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا. وهذه أرض كربٍ وبلاء يدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً كلّهم من ولدي وولد فاطمة، وأنّها لفي السماوات معروفة، تذكر أرض كرب و بلاء كما تذكر بقعة الحرمين، وبقعة بيت المقدس.
ثمّ قال: يابن عباس، اطلب لي حولنا بعر الظباء، فواللَّه ما كَذبت ولا كُذبت ولاكذبني قط، وهي مصفرّة، لونها لون الزعفران.
قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة، فناديته: يا أميرالمؤمنين قد أصبتها على الصفة الّتي وصفتها. فقال عليّ: صدق اللَّه وصدق رسوله. ثمّ قام يهرول إلينا فحملها وشمّها، فقال: هي هي بعينها، أتعلم يابن عبّاس ما هذه الأباعر؟ هذه قد شمّها عيسى‏ بن مريم، وقال: هذا الطيب لمكان حشيشها -وتكلّم بكلّ ما قدمناه إلى أن قال: - اللهمّ فابقها أبداً حتّى يشمّها أبوه فتكون له عزاء.
قال: فبقيت إلى يوم الناس هذا، ثمّ قال عليّ: اللهمّ ياربّ عيسى‏ بن مريم، لاتبارك في قتلته، والحامل عليه، والمعين عليه، والخاذل له. ثمّ بكى‏ طويلاً، فبكينا معه حتّى سقط لوجهه مغشيّاً عليه.
ثمّ أفاق وأخذ البعر وصرّه في ردائه، وأمرني أن أصرّها كذلك. ثمّ قال: إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً فاعلم أنّ أبا عبداللَّه قد قُتل بها ودفن.
قال ابن عباس: لقد كنت أحفظها، ولا أحلّها من طرف كمّي، فبينا أنا في البيت نائم وقد خلا عشر المحرم إذ انتبهت فإذا تسيل دماً، فجلست وأنا باكٍ فقلت: قُتل الحسين، وذلك عند الفجر، فرأيت المدينة كأنّها ضباب، ثمّ طلعت الشمس وكأنّها منكسفة، وكأنّ على الجدران دماً، فسمعت صوتاً يقول وأنا باك:
اصبروا آل الرسول
قُتل الفرخ البجول
نزل الروح الأمين
ببكاءٍ وعويل
ثمّ بكى‏ وبكيت، ثمّ حدّثت الّذين كانوا مع الحسين، فقالوا:
لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة. فكنّا نرى‏ أنّه الخضر(ع).(6)

1 . سورة التغابن، الآية 15.
2 . الدرّ المنثور، ج 6، ص 228، قال فيه: أخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبوداوود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم، وابن مردويه، عن بريدة....
3 . الدرّ المنثور، ج 6، ص 228.
ورواه ابن مردويه كما في الفتح والبيان (ج 9، ص 388).
4 . ترجمة الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب(ع) من تاريخ دمشق، ص 32، قال: أخبرنا أبوعمرو عثمان بن طلحة الصالحاني، وأبوطاهر عبدالمنعم بن أحمد بن إبراهيم الصالحاني، وأبوالفتوح زكريا، وأبومطيع لوطاً إبنا عليّ بن محمّد بن عمر الباغبان، وأبوإسحاق إبراهيم بن سهل بن محمّد بن عثمان بن مندويه الصباغ، واُم الضياء عنتمة بنت إسماعيل بن عبدالرزاق، قالوا: أنبأنا أبومطيع محمّد بن عبدالواحد بن عبدالعزيز المصري، أنبأنا أحمد بن موسى‏ بن مردويه إملاءاً....
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده (ج 4، ص 307)، قال: حدّثنا يزيد، أخبرنا إسماعيل -يعني: ابن أبي خالد-، حدّثني أبوجحيفة، أنّه رأى‏ رسول اللَّه« وكان أشبه الناس به الحسن بن عليّ.
5 . دلائل النبوة، ص 112، قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عليّ، أخبرنا أبوبكر بن مردويه....
ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب(ع) من تاريخ دمشق (ص 83)، قال: أخبرنا أبوالقاسم الشحامي، أنبأنا أبونصر بن موسى‏، أنبأنا أبوزكريا الجويني (الحربي)، أنبأنا عبداللَّه بن محمّد بن الحسن، أنبأنا عبداللَّه بن هاشم، أنبأنا وكيع، أنبأنا سفيان، عن داوود بن أبي هند، عن الحسن، قال: قال رسول‏اللَّه« للحسن بن عليّ: «إنّ ابني هذا سيّد، ويصلح اللَّه به بين فئتين من المسلمين».
6 . الخرائج والجرائح، ج 3، ص 1144.
روى الهيثمي في مجمع الزوائد (ج 9، ص 187)، قال: وعن نجي الحضرمي، أنّه سار مع عليّ‏2 وكان صاحب مطهرته، فلمّا حاذى‏ نينوى‏ وهو منطلق إلى صفين فنادى‏ عليّ: إصبر أبا عبداللَّه، إصبر أبا عبداللَّه بشطّ الفرات. قلت: وماذاك. قال: دخلت على النبيّ« ذات يوم وإذا عيناه تذرفان. قلت: يا نبي اللَّه، أغضبك أحد! ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: «بل قام من عندي جبريل(ع)»، قال: «فحدّثني أنّ الحسين يقتل بشط الفرات». قال: فقال: هل لك أن أشمّك من تربته؟ قلت: «نعم». قال: «فمدّ يده، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا».
رواه أحمد وأبويعلى‏، والبزاز، والطبراني، ورجاله ثقات ولم ينفرد نجي بهذا.
وروى‏ نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين (ص 140)، قال: حدّثني مصعب بن سلام، قال أبوحيّان التميمي، عن أبي عبيدة، عن هرثمة بن سليم، قال: غزونا مع عليّ بن أبي طالب غزوة صفين، فلمّا نزلنا بكربلاء صلّى‏ بنا صلاة، فلمّا سلّم، رفع إليه من تربتها فشمّها، ثمّ قال: واهاً لك أيّتها التربة! ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب.
وروى نصر (ص 141)، قال: مصعب بن سلام، قال: حدّثنا الأجلح بن عبداللَّه الكندي، عن أبي جحيفة قال: جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب، فسأله وأنا أسمع، فقال: حديث حدثتنيه عن عليّ بن أبي طالب. قال: نعم، بعثني مخنف بن سليم إلى عليّ، فأتيته بكربلاء، فوجدته يشير بيده ويقول: هاهنا هاهنا، فقال له رجل: وما ذلك يا أميرالمؤمنين؟ قال: ثقلٌ لآل محمّد ينزل هاهنا، فويل لهم منكم! وويل لكم منهم! فقال له الرجل: ما معنى‏ هذا الكلام يا أميرالمؤمنين؟ قال: ويل لهم منكم تقتلونهم. وويل لكم منهم يدخلكم اللَّه بقتلهم إلى النّار.

الصفحة السابقة

مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

طباعة

الصفحة اللاحقة