701 ـ الْجُنُودُ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ .

الجنود حصون الرعيّة وقلاعها، فمن الضروري إذاً على الملوك الّذين هم حرّاس الرعيّة أن يحفظوا الجنود وأن يصلحوا أحوالهم.

702 ـ الْعَادَةُ طَبْعٌ ثَان .

العادة طبعٌ ثان، يعني أنّ العمل الّذي فعله الإنسان كراراً واعتاد عليه سيرغب فيه كأنّه صار طبعاً له غير الطبع الّذي جُبل فيه، بحيث أنّ ذلك الطبع الثاني يدفعه نحو ذلك العمل كما أنّ الطباع الجبليّة الخلقية هي منشأ الأفعال. والمراد بـ «الطبع» السجية والخصلة، فعلى الآدمي إذاً أن يعوّد نفسه ـ بقدر الوسع ـ على أفعال الخير، لأنّه سيميل إليها بالطبع ولا يتركها، وعليه كذلك أن يجتنب الاعتياد على الأعمال السيّئة، لأنّ ترك ذلك بعد الاعتياد عليه سيكون عسيراً.

703 ـ الْعَدْلُ فَضِيلَةُ السُّلْطَانِ .

العدل فضيلة السلطان، أي أنّ فضل السلطان وعلوّ مرتبته إنّما تكون بالعدل، فمن كان عدله أكثر كان أفضل وأعلى درجة. وقد ذُكر قبل هذا أنّ العدل الّذي يُذكر للسلاطين هو مقابل الظلم ظاهراً، ومُقرن للإنصاف.

704 ـ الأَحْزَانُ سُقْمُ الْقُلُوبِ .

الأحزان سُقم القلوب، ومع السقم لا يمكن للقلب الإلتفات إلى عمله حتّى كأنّه سقيم. والمراد بـ «القلب» إمّا معناه الظاهر، فيكون بناءً على ذلك محلاّ للفِكر والعلوم، أو أنّ النفس الناطقة تتعلّق به أوّلا، وإمّا النفس الناطقة باعتبار تعلّقها بالقلب أوّلا، كما ذُكر سابقاً.

والغرض من هذه الفقرة هو أنّ على الإنسان أن لا يفسح المجال للحزن للأُمور الباطلة الدنيوية بالتسرّب إلى نفسه، لأنّ الحزن سيسقم قلبه ويصدّه عن الذكر والتفكير في الأُمور المهمّة.

705 ـ الْخُلْفُ مَثارُ الْحُرُوبِ .

الخُلف (وسوء الخُلق والمخالفة) مثار الحروب، يعني أنّه يصبح سبباً في ذلك، فيجب على كلّ شخص أن يوافق الناس قدر المستطاع، وخاصّة الملوك والسلاطين الّذين تسبب خلافاتهم ونزاعاتهم فيما بينهم في نشوب حروب عظيمة وفِتن كثيرة.

706 ـ الْخَطُّ لِسَانُ الْيَدِ .

الخطّ لسان اليد، أي بمنزلة اللسان لليد تستخدمه لإفهام الآخرين بما تُريد بيانه، فاليد الّتي لا تكتب بمنزلة الشخص الأخرس الناقص.

707 ـ الْفِكْرُ يَهْدِي إلى الرُّشْدِ .

الفكر يهدي إلى الرشد، أي إلى الصواب في كلّ باب.

708 ـ الْسَّاعاتُ تَنْهَبُ الآجَالُ .

الساعات تنهب الآجال، أي تنهب فترات الأعمار، فكلّ ساعة تنقضي يُنقص معها قدر من مدّة العمر حتى تنقضي وتفنى سريعاً، فيجب اغتنام كلّ ساعة من ساعات العمر والسعي فيها في الخيرات بقدر الوسع.

709 ـ الآجَالُ تَقْطَعُ الآمَالَ .

الآجال تقطع الآمال، و «الأجل» يُستعمل في معنيين: مدّة العمر ووقت حلول الموت، واستُعمل في الفقرة الأُولى بالمعنى الأوّل، وفي الفقرة الثانية بالمعنى الثاني. والغرض من هذه الفقرة ـ كما ذُكر سابقاً ـ هو أنّ الآمال تُقطع بالآجال، وأنّ احتمال وصول الأجل موجود في كلّ لحظة، فمن كان له أدنى بصيرة يعلم أنّ السعي والاهتمام بمثل هذا الأمر الّذي يُحتمل في كلّ لحظة زواله بالكليّة سفاهة وقلّة عقل.

710 ـ الْظُّلْمُ يَطْرُدُ النِّعَمَ .

الظلم يطرد النعم ويسبّب زوالها عن الظالم.

711 ـ الْبَغْيُ يَجْلِبُ النِّقَمَ .

البغي والطغيان يجلب النقم والعقوبات ويسبّبها في الدنيا والآخرة.

712 ـ الْعَجْزُ يُثْمِرُ الْهَلَكَةَ .

العجز يُثمر الهلكة، أي خسران الدنيا والآخرة، فعلى الإنسان السعي إلى تلافي العجز في كلّ عمل من مهام الدنيا والآخرة كي لا يُصيبه ضرر من هذا السبيل.

713 ـ الْكَرِيمُ يُجْمِلُ الْمَلَكَةَ .

الكريم يُجمل الملكة، أي يجمل عبوديّته كما ينبغي لها أن تكون. أو أنّ المراد هو أنّه يُجمل ما يملك من الصفات والأخلاق ويسعى في تهذيبها.

714 ـ الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ عَاقِلٌ .

المؤمن كيّس عاقل، يعني فطن عاقل، بقرينة المقابلة مع الجاهل في الفقرة اللاحقة.

715 ـ الْكَافِرُ فَاجِرٌ جَاهِلٌ .

الكافر فاجر جاهل. والفاجر بمعنى الفاسق والعاصي والكاذب والمكذّب والمخالف. وجميع هذه المعاني الّتي وردت للفاجر مناسبة في هذه الفقرة.

716 ـ الْحَقُّ أَقْوى ظَهِير(1) .

الحقّ أقوى ظهير، يعني أنّ الحقّ إذا كان مع شخص معيّن، فإنّ هذا المعنى سيكون أوّل وأقوى مُعين له يكفيه في آخرته في ذلك الباب وفي ظهور غلبته.

717 ـ الْبَاطِلُ أَضْعَفُ نَصِير .

الباطل أضعف نصير، يعني أنّ الباطل إذا كان ناصراً لشخص معين في أمر ما ـ من قبيل المكر والحيلة وأمثالها ـ فإنّه سيكون أضعف ناصر ومعين، ولذلك فإنّ ذلك الشخص سرعان ما سيُذلّ ويفتضح أمره.

718 ـ الْتَّوْفِيقُ مُمِدُّ الْعَقْلِ .

توفيق الحقّ تعالى ممدّ العقل. ومن الظاهر أنّ المراد بـ «العقل» هنا العِلم، بقرينة المقابلة مع الجهل في الفقرة اللاحقة.

719 ـ الْخِذْلاَنُ مُمِدُّ الْجَهْلِ .

خِذلان الله عز وجل للعبد مُمدّ لجهل العبد. والمراد هو أنّ الحقّ تعالى يوفّق العالِم، وهذا ما يمدّ عِلمه في إيصاله إلى الخيرات والسعادات، ويكل الجاهل إلى نفسه ولا يُعينه، فيكون ذلك ممدّاً لجهله في حرمانه من الخيرات والسعادات.

720 ـ الْعِلْمُ حِجَابٌ مِنَ الآفَاتِ .

العلم حجاب من الآفات، أي من الآفات الأخروية ومن كثير من الآفات الدنيويّة أيضاً.

721 ـ الْوَرَعُ جُنَّةٌ مِنَ السَّيِّئَاتِ .

الوَرع (والتقوى) جُنّة ووقاية من السيّئات، أي أنّه درع يمنع الإصابة بها، يعني أنّه يحمي الإنسان من ارتكابها.

722 ـ الْتَّقْوى رَأْسُ الْحَسَنَاتِ .

التقوى (والخوف من الله عز وجل ) رأس الحسنات ومقدّم على سائرها، باعتبار أنّه يكون منشأً لها، أو أنّه أفضل منها قاطبة.

723 ـ الْشَّكُّ يُحْبِطُ الإِيْمَانَ .

الشكّ يحبط الإيمان ويُبطله، لأنّ الإيمان تصديقٌ بعنوان الجزم والقطع، فإن احتمل خلافه ـ ولو كان احتمالا مرجوحاً ـ فإنّ هذا الاحتمال نفسه كاف في نفي كون الشخص مؤمناً.

724 ـ الْحِرْصُ يُفْسِدُ الإِيْقَانَ .

الحرص على الدنيا يُفسد الإيقان، يعني أنّه علامة فساد يقين الشخص الحريص بالموت وبأمور الآخرة، ولولا ذلك لما كان حرصه على هذه الأُمور الفانية ـ مع وجود يقينه بالموت وبأُمور الآخرة ـ معقولا. أو أنّ الحرص يُفسد اليقين تدريجاً ويبعث على تضرّره وضعفه.

725 ـ الْشَّكُّ ثَمَرَةُ الْجَهْلِ .

الشكّ ثمرة الجهل، لأنّ الجاهل إذا كان جازماً بأمر ما، فإنّ جزمه هو على سبيل التقليد، وسيزول بأدنى شبهة، فيعود الجاهل إلى شكّه، خلافاً للعالِم الّذي يكون جزمه قائماً على الدليل والبرهان، ومع وجود الدليل والبرهان لا يبقى مجال للشكّ.

726 ـ الْعُجْبُ يُفْسِدُ الْعَقْلَ .

العُجب (والغرور) يُفسد العقل، أي أنّه علامة فساد العقل، وإلاّ فإنّ العقل المستقيم السليم لا يجوّزه. أو أنّ العُجب يبعث على فساد العقل، لأنّ المعجب بنفسه إذا خطر في باله شيء أُعجب به ولم يتأمّل فيه ولم يستشرْ فيه أحداً، وهذا المعنى يسبب عدم اكتمال عقله، ويُفسده تدريجاً.

727 ـ الإخْلاَصُ غَايَةُ الدِّينِ .

الإخلاص غاية الدين، يعني أنّ القصد والغرض من الدين والطاعات والعبادات المقرّرة في كلّ دين هو تحصيل الإخلاص لله تعالى ونفي أيّ قصد للعبد إلاّ تحصيل رضا الله، فكلّ دين ليس فيه هذا المعنى فإنّه ليس ديناً في حقيقة الأمر.

728 ـ الْرِّضَا ثَمَرَةُ الْيَقِينِ .

الرضا ثمرة اليقين، يعني أنّ مَن كان له يقين بالله تبارك وتعالى وعدله، فإنّه سيكون راضياً بالطبع بما يرد عليه من المصائب والنوائب الّتي لم يكن سبباً فيها، لأنّها إن كانت من جانب الحقّ تعالى فإنّ العبد يعلم يقيناً أنّ مصلحته فيها وأنّه سيُعطى على الحزن والألم الّذي يُصيبه أضعافاً مضاعفة من الأجر والثواب، ولذلك سيكون راضياً بذلك الحزن والألم الّذي يُصيبه. أمّا إذا من شخص آخر يقع بالظلم والاعتداء، فإنّ الحقّ تعالى سيعوّضه على أحسن وجه، فيكون الشخص راضياً على كلّ تقدير.

729 ـ الْعِفَّةُ شِيْمَةُ الأَكْيَاسِ .

العفّة (والتوقّف عمّا ليس بحلال) شيمة الأكياس، لأنّ أي عاقل وكيّس لا يفعل شيئاً فيه لذّة لحظة عاجلة أو أيّام قلائل ليستحقّ بذلك العذاب الإلهيّ ودخول جهنّم.

730 ـ الْشَّرَهُ سَجِيَّةُ الأَرْجَاسِ .

الشّره (وغلبة الحرص) سجيّة وخصلة الأرجاس الخبثاء.

731 ـ الْعِلْمُ أَعْلى فَوْز .

العِلم أعلى فوز، لأنّه فوز بالمراتب العالية والمدارج المتعالية.

732 ـ الْطَّاعَةُ أَبْقى عِزٍّ .

الطاعة (للحقّ تعالى) أبقى وأدوم عزّ، لأنّها عزّة أبدية لا يطرأ عليها زوال ولا انقطاع.

733 ـ الْكَيِّسُ مَنْ قَصُرَ آمَالُهُ(2).

أي أنّ الكيّس هو من كانت آماله قصيرة.

734 ـ الْشَّرِيفُ مَنْ شَرُفَتْ خِلاَلُهُ .

أي أنّ الشريف هو مَن كانت خصالُه شريفة.

735 ـ الْنِّفَاقُ شَيْنُ الأَخْلاَقِ .

النفاق ـ وهو عدم موافقة الباطن للظاهر ـ هو عيب الأخلاق والخصال، يعني أنّه عيب من جملة الخصال، أو عيب لجميع الخصال تُشان به جميع خصال الفرد.

736 ـ الْبِشْرُ يُؤْنِسُ الرِّفَاقَ .

بِشر الإنسان وطلاقة وجهه يجعل رفقاءه يأنسون به.

737 ـ الْنِّفَاقُ أَخُو الْشِّرْكِ.

النفاق - يعني مع الله تعالى أو مع أيّ شخص - أخو الشّرك بالله، وقد ذُكر ذلك قبلاً مع شرحه.

738 ـ الْخِيَانَةُ صِنْوُ الإِفْكِ .

الخيانة صنو الإفك والكذب. و «الصنو» يُقال للنخلة إذا خرج نخلتان أو ثلاث من أصل واحد، فكلّ واحدة منهن «صنو». أي أنّ الخيانة أخو الإفك وكلاهما من أصل واحد. والظاهر أنّ المراد بـ «الخيانة» هنا عدم النصح وعدم الإخلاص في المشورة، فإنّ استشار شخص شخصاً فخانه ذلك الشخص ولم ينصحه حقّ النصيحة ولم يبيّن له ما يعلم من الصلاح، كان ذلك منه بمنزلة الإفك والكذب.

739 ـ الْنِّفَاقُ تَوْأَمُ الْكُفْرِ .

النفاق تؤأم الكفر. و «التوأم» هو الطفل الّذي يُولد في بطن واحد مع طفل آخر، وكَون النفاق توأم الكفر إذا كان نفاقظاً مع الله تعالى أمر ظاهر، أمّا لو كان نفاقاً مع الآخرين فينطبق عليه ذلك أيضاً، ويجب حمل ذلك على المبالغة في قُبح النفاق وأنّه بمنزلة الكفر، وقد ذُكر ذلك سابقاً.

740 ـ الْغِشُّ شَرُّ الْمَكْرِ .

الغشّ شرّ المكر. المراد بـ «الغشّ» عدم الخلوص وعدم موافقة الباطن للظاهر، أو أن يقول الشخص في المشورة خلاف ما يعتقد.

741 ـ الْنِّفَاقُ يُفْسِدُ الإِيْمَانَ .

الظاهر أنّ المراد هو النفاق مع الناس وأنّه هو الّذي يُنقص الإيمان، وقد يسبب بالتدريج فساد الإيمان وبُطلانه.

ويمكن أن يكون المراد هو النفاق مع الله تعالى، والمراد به أنّ الإيمان يفسد بالنفاق ولا يعود إيماناً.

742 ـ الْكِذْبُ يُزْرِي بِالإِنْسَانِ .

الكذب يُزري بالإنسان ويعيبه.

743 ـ الْرِّفْقُ عُنْوَانُ النُّبْلِ .

الرفق (بالناس واللين معهم) عنوان النبل ودليل عليه، والنبل هو النجابة أو الذكاء والفطنة.

744 ـ الإِحْسَانُ رَأْسُ الْفَضْلِ .

الإحسان (إلى الناس) رأس الفضل وعلوّ المرتبة، وهو مقدّم على جميع أسباب الفضل.

745 ـ الْحَقُّ أَوْضَحُ سَبِيل .

الحقّ (في كلّ باب وأمر) أوضح سبيل لكلّ طالب للحقّ.

746 ـ الْصِّدْقُ أَنْجَحُ دَلِيل .

الصدق أنجح دليل، أي دليل إلى الخير والسعادة أنجح من جميع الدلائل والسُّبل. أي أنّه أظفر منها بالمطلوب وأهدى منها إليه.

747 ـ الْكِذْبُ يُوجِبُ الْوَقِيعَةَ .

الكذب يوجب غيبة الناس والوقيعة منهم، لأنّه سرعان ما ينكشف فيسقط صاحبه من أعين الناس، ولا يجدون ـ وهم مائلون بالطبع للغيبة والمذمّة ـ مادّة للغيبة والوقيعة.

748 ـ الْمَنُّ يُفْسِدُ الصَّنِيعَةَ .

المنّ (على المُحسَن إليه) يُفسد تلك الصنيعة والإحسان ويُبطل ثوابَه.

749 ـ الْزُّهْدُ مِفْتَاحُ صَلاَح .

الزهد وترك الدنيا ـ يعني ترك محرّماتها أو مشتبهاتها أيضاً ـ مفتاح صلاح حال الإنسان يمكنه به أن يصل إلى صلاح حاله.

750 ـ الْوَرَعُ مِصْبَاحُ نَجَاح .

الورع والتقوى مصباح نجاح وظفر بالسعادة والتوفيق.

751 ـ الْتَّقْوَى رَئِيسُ الأَخْلاَقِ .

التقوى ومخافة الله تعالى رئيس الأخلاق والخصال الحميدة.

752 ـ الإِحْتِمَالُ زَيْنُ الرِّفَاقِ .

الاحتمال يعني تحمّل الأُمور الصعبة الّتي يراها الإنسان من رفقاءه ويُعرض عنها، أو تحمّل مؤونتهم ونفقاتهم، أو تحمّل التعب والمشقّة من أجل راحتهم، وهذا الاحتمال زينة الرِّفقة، أو زينة الرفقاء، يعني حين يسلكون بأجمعهم هذا السلوك.

753 ـ الْوَرَعُ خَيْرُ قَرِين .

754 ـ الْتَّقْوى حِصْنٌ حَصِينٌ .

التقوى ـ أي مخافة الله عز وجل ـ حصن حصين محكم يحفظ من الآفات الأُخرويّة، ويحفظ كذلك من كثير من الآفات الدنيويّة.

755 ـ الْطَّمَعُ رِقٌّ مُخَلَّدٌ .

الطمع رقّ وعبوديّة دائمية، لأنّ صاحب الطمع يجعل نفسه بمنزلة العبد لمن يطمع فيهم.

756 ـ الْيَأْسُ عِتْقٌ مُجَدَّدٌ .

اليأس عِتق وتحرّر مجدّد، يعني أنّ اليأس بعد الطمع بمثابة عتق وتحرّر جديد بعد الحرية الّتي كانت للطامع وزالت عنه بسبب طمعه.

757 ـ الْصَّبْرُ عُدَّةٌ لِلْبَلاَءِ .

الصبر عُدّة للبلاء، أي لدفع البلاء وتيسير البلاء النازل، ولمنع نزول بلاء آخر.

758 ـ الْشُّكْرُ زِينَةٌ لِلنَّعْماءِ .

الشكر زينة للنعمة لأنّ النعمة الّتي تُشكَر نِعمةٌ أُدّي حقُّها ولا يُسئَل الإنسان عنها، ونعمةٌ يُؤمَّل زيادتها، فهي إذاً نعمة مُزدانة، خلافاً للنعمة الّتي لا يُؤدّى شكرها، لأنّها مشوبة بخوف المؤاخذة والمُساءلة عليها وبخوف زوالها.

759 ـ الْقُنُوعُ عُنْوَانُ الرِّضا .

القنوع (بنصيب الإنسان في الدنيا) عُنوان للرضا أو دليل عليه، أي على الرضا بمطلق تقديرات الحقّ تعالى في كلّ باب.

760 ـ الْصَّبْرُ كَفِيلٌ بِالظَّفَرِ .

الصبر كفيل بالظفر والفوز، فمن صبر في المصائب والبليات تكفّل الصبر بظفره بالخيرات والسعادات.

761 ـ الْصَّبْرُ عُنْوانُ النَّصْرِ .

الصبر عنوان النصر، أي عنوان نصر الحقّ تعالى للصابر.

762 ـ الْصَّبْرُ أَدْفَعُ لِلْبَلاءِ .

الصبر أدفع للبلاء من كلّ ما سواه، لأنّه يجعل البلاء النازل يسيراً هيّناً، ويدفع البلاء الّذي لم ينزل بعدُ، ولا يمكن العثور على شيء أدفع للبلاء من الصبر.

763 ـ الْصَّبْرُ يُرْغِمُ الأَعْدَاءَ .

الصبر يرُغم أُنوف الأعداء في التراب، أي أنّه يُذلّهم، لأنّ الأعداء يتوقّعون جزع المبتلى واضطرابه وقلقه في المصائب والبليّات لكي يشمتوا به، فإنْ شاهدوه ـ خلافاً لتوقّعهم ـ صبوراً وقوراً شعروا بالذلّ والهوان لخطأ توقّعهم وظنّهم.

كما إنّ منافع الصبر بحسب الدنيا والآخرة إذا ما اتّضحت، فإنّ من الواضح أنّ كلّ نفع يلحق بالانسان الصابر ـ وخاصّة المنافع العظيمة ـ تسبّب تكدّر الأعداء وذلّتهم، فيظهر أنّ الصبر يذلّ الأعداء.

764 ـ الْصَّبْرُ أَدْفَعُ لِلضَّرَرِ .

الصبر أدفع للضرر وأكثر دفعاً له من كلّ أمر آخر، لأنّه يدفع ضرر البلاء الحاضر ويدفع ضرر شدّته وعُسره، ويدفع ضرر حبط ثوابه بسبب الجزع، ويمنع ويدفع البلاءات الأُخرى، فأين يوجد أدفع للضرر منه؟

765 ـ الْصَّبْرُ عُدَّةُ الْفَقْرِ .

الصبر عُدّة الفقر، أي عُدّة للصابر من أجل أن لا يشتدّ عليه الفقر والهمّ، ومن أجل أن تسهل بالصبر مشقّة الفقر وأذاه.

766 ـ الْصَّبْرُ عَوْنٌ عَلى كُلِّ أَمْر .

الصبر عَوْن على كلّ أمر، لأنّ كلّ أمر يفعله الإنسان بعد التأمّل والطمأنينة وعدم العجلة سيكون يقيناً أفضل ممّا يقع بخلاف ذلك، والتأمّل والهدوء والطمأنينة لا تحصل من غير صبر، فالصبر إذاً عَوْن على كلّ أمر. ومن الظاهر أيضاً أنّ الصبر يساعد في كثير من الأُمور على تحقّق ذلك الأمر، وأنّ الإنسان لو لم يصبر ويتمسّك بالصبر لما تحقّق له ما كان يرجو.

767 ـ الْصَّبْرُ أَفْضَلُ الْعُدَدِ .

الصبر أفضل العُدد والذخائر، أي أفضل عُدد الآخرة وذخائرها.

768 ـ الْكَرَمُ أَفْضَلُ السُّؤْدَدِ .

الكرم ـ وهو الجود أو مُطلق الإحسان ـ أفضل السؤدد والشرف، أي أنّه أفضل أسبابها، أو أنّ السؤدد الّذي يحصل بالكرم هو أفضل السؤدد.

769 ـ الْتَّوَاضُعُ ثَمَرَةُ الْعِلْمِ .

التواضع ـ أمام الحقّ تعالى وأمام الناس ـ ثمرة العلم، فالعالِم على غير هذه الشاكلة أي العالم المتكبّر لا ثمرة لعِلمه.

770 ـ الْكَظْمُ ثَمَرَةُ الْحِلْمِ .

الكظم (للغيظ) ثمرة الحِلم، فالحليم الّذي لا يكظم غيظه لا ثمرةَ لحِلمه.

771 ـ الْحِلْمَ رَأْسُ الرِّياسَةِ .

الحِلم رأس الرياسة والزعامة، أي أنّه أوّل الصفات الضرورية لدى الرئيس والزعيم، أو أنّ الرياسة والزعامة لا تدوم بدونه.

772 ـ الإحْتِمالُ زَيْنُ السِّياسَةِ .

الاحتمال زينة السياسة والحكومة وجمالها، يعني احتمال بعض الأُمور المؤذية من الأتباع، أو تحمّل الأتعاب والمشاقّ من أجل رفاهيّتهم، أو تحمّل مؤونة مُحتاجيهم ونفقاتهم.

773 ـ الْعَفْوُ زَيْنُ الْقُدْرَةِ .

العفو (عن الذنب والتقصير) زينة للقُدرة، فمَن قدر على الانتقام فعفى ازدانت قدرته في أعين الناس.

774 ـ الْعَدْلُ نِظَامُ الإمْرَةِ .

العدل نظام الأمرة والحُكم، فالإمرة الّتي لا عدل فيها لا انتظام لأمرها.

775 ـ الْعَفْوُ يُوجِبُ الْمَجْدَ .

العفو (عن التقصير والذنب) يوجب المجد والشرف والكرامة.

776 ـ الْبَذْلُ يُكْسِبُ الْحَمْدَ .

البذل (للمال والجود به) يُكسب الحمد، يعني أنّه يصبح سبباً في مدح الناس وثنائهم على الباذل.

777 ـ الْسَّخاءُ خُلُقُ الأَنْبِياءِ .

السخاء (والجود) خُلُق الأنبياء وخِصلتهم.

778 ـ الْدُّعاءُ سِلاحُ الأَوْلِياءِ .

الدعاء سلاح الأولياء الّذي يدفعون به الأعداء والآفات والبليّات. والمراد بـ «الأولياء» أولياء الله عز وجل ، وهم المقرّبون من ساحته تعالى، أو محبّو الله تعالى، أو الّذين لهم مِن قِبله سلطان وامارة.

779 ـ الْسَّخاءُ يُثْمِرُ الصَّفاءَ .

السخاء يُثمر الصفاء، أي يبعث على صفاء باطن الناس مع صاحب السخاء ومحبّتهم القلبية له.

780 ـ الْبُخْلُ يُوجِبُ الْبَغْضاءَ .

البُخل يوجب بغضاء الناس وعداوتهم.

781 ـ الْبَخِيلُ أَبَداً ذَلِيلٌ .

782 ـ الْحَسُودُ أَبَداً عَلِيلٌ .

الحسود أبداً عليل، هذا إذا أخذنا «عليل» بالعين المهملة كما ورد في النسخ، والاظهر أنّها بالغَيْن بمعنى العطشان أو مَن في قلبه حرقة ولهفة.

783 ـ الإِحْسانُ يَسْتَعْبِدُ الإِنْسانَ .

الإحسان يستعبد الإنسان، أي يجعله منقاداً بمنزلة العبد للشخص الّذي أحسن إليه.

784 ـ الْمَنُّ يُفْسِدُ الإِحْسانَ .

المنّ يُفسد الإحسان ويُبطل ثوابه.

785 ـ الْسَّكِينَةُ عُنْوانُ الْعَقْلِ .

السكينة والطمأنينة عنوان العقل، يعني علامته، أي أوّل آثاره.

786 ـ الْوَقارُ بُرْهانُ النُّبْلِ .

الوقار بُرهان النُّبل، أي دليلٌ على النجابة والذكاء والفطنة، وهذه الفقرة بمنزلة التأكيد على الفقرة السابقة.

787 ـ الْخُرْقُ شَيْنُ الْخُلُقِ .

الخُرق والحُمق شين الخلق والخصال.

788 ـ الْخُرْقُ شَرُّ خُلُق .

الخُرق شرّ خصلة، هذا إذا قرأنا «خلق» بضمّ الخاء، أمّا إذا قرأناها بفتح الخاء فمعناها أنّ الخرق هو أسوأ شيء مخلوق.

ولا يخفى أنّ «الخرق» ـ بضمّ الخاء وسكون الراء ـ بمعنى الغِلظة والحمق كليهما، ولذلك يمكن أن يكون في كلا الفقرتين بنفس المعنى، فتكونان في ذمّ الغلظة، أو في ذمّ الحمق، ويمكن أن يكون الخرق قد ورد في إحدى الفقرتين بمعنى الغِلظة وفي الفقرة الأُخرى بمعنى الحمق.

789 ـ الْطَّيْشُ يُنَكِّدُ الْعَيْشَ .

الطيش ـ وهو النزق والخفّة وعدم تمالك النفس عند الغضب، أو مطلق الخفّة ـ ينكّد العيش ويجعله عسراً شديداً.

790 ـ اللُّؤْمُ يُوجِبُ الْغِشَّ .

اللؤم ـ يعني البُخل أو مطلق سوء الطبع والسجية ـ يُوجب الغشّ، أي عدم موافقة الباطن للظاهر، لأنّ البخيل ـ بل كلّ من له صفة ذميمة وسجية سيّئة ـ يُخفي طبعه ويُظهر خلافه، فالبُخل ـ بل كلّ صفة ذميمة ـ تستلزم الغشّ علاوة على كونها سيّئة في حدّ ذاتها، والغشّ صفة ذميمة مُستقبحة.

791 ـ الْمُتَأَنِّي حَرِيٌّ بِالإِصابَةِ .

المتأنّي والمتمهّل في عمله حريّ وجدير بإصابة المطلب وبُلوغه.

792 ـ الْمَعْصِيَةُ تَمْنَعُ الإِجابَةَ .

المعصية وعدم الطاعة تمنع إجابة الدعاء.

793 ـ الْمُخْلِصُ حَرِيٌّ بِالإِجابَةِ.

خلص نفسه في الطاعة حريّ وجدير بإجابة دعائه وقبوله.

794 ـ الْظُّلْمُ يُوجِبُ النَّارَ .

الظلم يوجب النار ودخول جهنّم.

795 ـ الْبَغْيُّ يُوجِبُ الدَّمارَ .

البغي والطغيان يوجب الدمار والهلاك، أي يسبّب هلاك صاحبه في الآخرة، وكذلك هلاكه في الدنيا أحياناً.

796 ـ الْتَّقوى ذَخِيرَةُ مَعاد .

التقوى والورع أو الخوف من الله عز وجل ذخيرةٌ ليوم المعاد.

797 ـ الْرِّفْقُ عُنْوَان سَداد .

الرفق بالناس عنوان وعلامة للسداد وسلوك جادّة الصواب.

798 ـ الْيُمْنُ مَعَ الرِّفْقِ .

799 ـ الْنَّجاةُ مَعَ الصِّدْقِ .

800 ـ الْشَّرَهُ يُكْثِرُ الْغَضَبَ .

الشَّهُ وغلبة الحرص والطمع يُكثر الغضب، أي يُكثر غضب الله عز وجل على صاحب الشره، أو يُكثر غضب صاحب الشره على الناس لأدنى أمر يُنافي رغبته.

 

 

الهوامش:

(1) الظهير هو المُعين.

(2) لو لم تكن هاتان الجملتان (هذه الجملة والّتي تليها) قد صدرتا سويّاً، لكان حقّ الكلام أن نقرأ كلمة «قصر» بتشديد الصاد وفتحها، أي بصيغة الماضي من باب التفعيل، ونعتبر «آماله» مفعولا لها، فتكون الجملة: الكيّس مَن قَصَّرَ آمالَه.