1501 ـ الْمَشْوَرَةُ تَجْلِبُ لَكَ صَوابَ غَيْرِكَ .

المشورة تجلب لك صواب غيرك، أي تجلب لك الفكر الصائب الّذي يلوح لغيرك ولا يلوح بخاطرك وتجعل نفعه عائداً لك.

1502 ـ الإِسْتِبْدادُ بِرَأْيِكَ يُزِلُّكَ وَيُهَوِّرُكَ فِي الْمَهاوِي .

الاستبداد برأيك يزّلك (يجعلك تخطأ) ويهوّرك (أي يُسقطك) في المهاوي.

1503 ـ الْعَفافُ(1) أَشْرَفُ الأَشْرافِ .

العفاف (يعني الورع والكفّ عن غير الحلال) أشرف الأشراف، أي أفضل وأشرف الصفات والخصال الحسنة الحميدة.

1504 ـ الْرِّضا بِالْكَفَافِ يُؤَدِّي إِلَى الْعَفافِ .

الرضا بالكفاف (أي بالقدر الّذي يكفي الإنسان، الّذي يمكن الاكتفاء به) يؤدّي إلى العفاف، أي يؤدي إلى الكفّ عمّا لا يحلّ; والمراد هو أنّ كلّ شخص يصل إليه رزقه من الحلال قدر الكفاف ولو لم يسعَ إلى نيله، فمن رضي به ولم يطلب الزيادة لم يرتكب حراماً.

1505 ـ إِصْطِناعُ الْكَفُورِ مِنْ أَعْظَمِ الْجُرْمِ .

اصطناع الكفور (أي الإحسان إلى من يكفر بالنعمة ولا يشكرها) من أعظم الجرم.

1506 ـ الْطُّمَأْنِينَةُ قَبْلَ الْخُبْرَةِ خِلافُ الْحَزْمِ(2) .

الطمأنينة قبل الخبرة خلاف الحزم; أي كلّما سمع شخص أنّ عدوّاً أو بلاءً قد توجّه إليه فاطمأنّ قبل أن يطّلع على حقيقته وعلى إمكان صدّه ودفعه فإنّ ذلك خلاف للحزم وضبط الأُمور، لأنّ على الحازم أن لا يهدأ ولا يطمئن ما لم يتفحّص في ذلك ويطّلع على حقيقته ويتأمّل في طريقة دفعه.

ويمكن أن يكون المراد هو أنّ الاطمئنان وعدم الخوف في الدنيا قبل العِلم والاطّلاع الّذي سيحصل في الآخرة مخالف للحزم; وعلى الحازم أن يفكّر دوماً في عاقبة أمره وأن يخاف من ذلك ويكون في صدد تهيئة أسباب النجاة في تلك النشأة.

1507 ـ الْصَّدَقَةُ تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ .

1508 ـ الْمُذْنِبُ عَلى بَصِيرَة غَيْرُ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَفْوِ(3) .

المذنب على بصيرة (وعلم) غير مستحقّ للعفو; فإن عُفي عنه فعلى سبيل محض التفضّل، بخلاف من لم يعلم بالذنب الّذي يستحق العفو في الجملة.

1509 ـ الإِحْسانُ إِلَى الْمُسِيءِ يَسْتَصْلِحُ الْعَدُوَّ .

الإحسان إلى المسيء يستصلح العدوّ ويبعثه على الكفّ من عِدائه ويصبح صديقاً طمعاً في الإحسان.

1510 ـ الْصَّدَقَةُ فِي الْسِّرِّ مِنْ أَفْضَلِ الْبِّرِ .

1511 ـ الْزَّهْوُ فِي الْغِنى يُبَذِّرُ الْذُّلَّ فِي الْفَقْرِ .

الزهو (والفخر) في الغنى يبذّر (أي يزرع بذور) الذلّ في الفقر; لأنّ الناس الّذين شاهدوا سلوك الغنيّ في غِناه ولم يستطيعوا الردّ عليه حينذاك لغِناه، سيكونون في صدد الانتقام منه في حال فقره بإذلاله. فعلى الغنيّ أن يسلك مع الناس في غِناه سلوكاً يجعلهم لا ينقمون عليه ولا يفكّرون في إذلاله إذا افتقر.

وجاء في بعض النسخ(4) «يُنْذِرُ بِالذُّلِّ» بدلا من «يُبَذِّرُ الْذُّلَّ»، فيكون معناه أنّ الزهو والفخر في الغنى يُنذر ويخوّف من الذلّ في الفقر، أي يسبّب ذلك، فكأنّه يُنذر به ويُخبر عنه ويخوّف منه.

1512 ـ الْحَسُودُ كَثِيرُ الْحَسَراتِ مُتَضاعِفُ الْسَّيِّئاتِ .

الحسود كثير الحسرات متضاعف السيّئات، أي أنّ حسراته كثيرة، لأنّه يحسد أكثر الناس الّذين لهم نِعمة ويتمنّى زوال تلك النعمة، فإن لم يتحقّق ذلك تحسّر وتأسّف، ومن الظاهر أنّ ذلك يحصل كثيراً. والمراد بتضاعف السيّئات هو عظم سيّئاته وذنوبه الّتي هي عبارة عن حسده، وليس المراد تضاعف عقابها الّذي يستحقّه، لأنّ هذا المعنى ظلم لا يجوز في شأن الحقّ تعالى.

ويمكن أن يكون المراد تضاعف سائر الذنوب وتضاعف عقابها، إذ يسبّب الحسد ـ الّذي هو صفة في منتهى الذمّ ـ أن يستحقّ صاحبه تضاعف عقاب كلّ ذنب يرتكبه، قياساً لمن يرتكب ذلك الذنب ولا يحسد أحداً.

1513 ـ الْمُحْسِنُ حَيٌّ وَإِنْ نُقِلَ إِلَى مَنازِلِ الأَمْواتِ .

المحسن حيّ وإن نُقل إلى منازل الأموات، امّا باعتبار أنّ اسمه وآثار أعماله باق فكأنّ صاحبها حيّ ولو أنّه مات منذ أيّام قلائل، أو باعتبار أنّ نفسه تتعلّق بعد الموت ببدنه المثالي، وأنّه حيّ في الحقيقة يأكل ويشرب كما قد ورد في كثير من الأحاديث، ويمكن أن يكون ذلك كناية عن بقاء نفسه أيضاً بناءً على أنّ نفوس الآخرين لا تبقى بل تُعدم وتعود، على القول بجواز إعادة المعدوم.

وعلى تقدير القول ببقاء كلّ نفس يمكن القول: لمّا كان المحسن باقياً ومنعمّاً فكأنّه حيّ، أو أنّ حياته ـ في الحقيقة ـ هي كذلك، خلافاً لغير المحسن الّذي مهما بقي فإنّه لما لم يكن منعمّاً فإنّه ليس حياً أو ليس بمنزلة الحيّ.

1514 ـ إِجْتِنابُ الْسَّيِّئاتِ أَوْلى مِنِ اكْتِسابِ الْحَسَناتِ .

1515 ـ الْعاقِلُ مَنْ يَزْهَدُ فِيما يَرْغَبُ فِيهِ الْجاهِلُ .

العاقل مَن يزهد فيما يرغب فيه الجاهل، يعني يزهد في الدنيا. والمراد بالزهد فيها هو ترك محرّماتها أو ترك مشتبهاتها أيضاً، أو ترك ما زاد على قدْر الكفاف عن الحلال أيضاً.

1516 ـ الْكَيِّسُ صَدِيقُهُ الْحَقُّ وَعَدُوُّهُ الْباطِلُ .

الكيّس (الفَطِن) صديقُه الحقّ وعدوّه الباطل; أي أنّ الفطن يحبّ الحقّ ـ وهو القول المطابق للواقع والفِعل الباقي الّذي لا يكون عبثاً، أو كلّ ما يبقى من الأقوال والأفعال وليس عبثاً; وأنّ عدوّ الفطن هو الباطل، وهو الأقوال والأفعال الّتي هي عبث ولغو.

1517 ـ الْحَكِيمُ يَشْفِي السَّائِلَ وَيَجُودُ بِالْفَضائِلِ .

الحكيم يشفي السائل ويجود بالفضائل. ذكرنا معنى الحكيم وتحقيق معناه سابقاً. يعني أنّ الحكيم يشفي من يسأله، بأن يجيبه جواباً يشفيه من الجهل. أمّا جوده بالفضائل فيعني تعليمه الناس العلوم الّتي تبعث على زيادة وعلو رُتبهم.

1518 ـ الْعِلْمُ زَيْنُ الأَغْنِياءِ وَغِنى الْفُقَراءِ .

العِلم زين (أي زينة) الأغنياء وغنى الفقراء، إمّا باعتبار أنّهم سعداء بذلك العلم الّذي يمتلكونه وأنّهم لا يخافون الفقر، فهم أغنياء غير محتاجين; أو باعتبار أنّه يكون في الواقع سبباً للغِنى.

1519 ـ الإِخْوانُ زِينَةٌ فِي الْرَّخاءِ وَعُدَّةٌ فِي الْبَلاءِ .

الإخوان ـ أي الأخوة الحقيقيون، أو ما يشمل الأصدقاء أيضاً ـ زينة في الرخاء ـ ورفاهية العيش ـ وعدّة في البلاء، لأنّهم يسعون في رفع ما يقدرون رفعه من ذلك البلاء، فإنّ لم يتمكّنوا من ذلك فإنّهم يعزّون الإنسان ويصبّرونه ولا يدعونه وحيداً، فيطمئن بهم ويبدو البلاء في نظره أيسر.

1520 ـ الْكَرِيمُ إِذا وَعَدَ وَفى وَإِذا تَوَعَّدَ عَفى .

الكريم ـ يعني صاحب الجود أو صاحب الكرامة وعلو الرتبة ـ إذا وعد وفى، وإذا توعّد ـ بمكروه ـ عفى، أي أنّه يعفو عن وعيده ولا يعدّ الوفاء به لازماً، خلافاً للوعد الّذي يفي به التأكيد. وقد يكون المراد أنّ الكريم إذا توعّد عفى في الغالب.

1521 ـ اللَّئِيمُ إِذا قَدَرَ أَفْحَشَ وَإِذا وَعَدَ أَخْلَفَ .

اللئيم ـ وهو البخيل أو دنيّ المرتبة ـ إذا قدر أفحش ـ خاطب الناس بالقبيح من القول، أو تعدّى عليهم ـ وإذا وعد أخلف ولم يَفِ بوعده.

1522 ـ الْكَرِيمُ إِذَا أَيْسَرَ أَسْعَفَ، وَإِذا أَعْسَرَ خَفَّفَ .

الكريم إذا أيسر ـ وصار ذا مال ـ أسعف ـ الناسَ وقضى حوائجهم ـ وإذا أعسر خفّف، أي خفّف في قضاء حوائج الناس بعلّة فقره وقلّة ذات يده ولم يترك قضاء حوائجهم، بل يقضيها بقدر الوسع. أو أنّ المراد أنّه يخفّف في نفقاته لئلاّ يحتاج إلى السؤال من الناس.

1523 ـ الْنَّاسُ رَجُلانِ: طالِبٌ لا يَجِدُ، وَواجِدٌ لا يَكْتَفِي .

الناس رجلان: طالب لا يجد، وواجد لا يكتفي; أي ليس أحد من الناس إلاّ ويطلب الدنيا، منتهى الأمر أنّهم قسمان: أحدهما طالب لا يجد، فهو دائماً في طلبه; وواجد لا يكتفي ويطلب الزيادة. والمراد بالناس أواسط الناس; فلا ينافي هذا القول وجود طائفة من الأولياء والأتقياء ممّن يكتفون بما يجدون.

1524 ـ الْنَّاسُ رَجُلانِ: جَوادٌ لا يَجِدُ، وَواجِدٌ لا يُسْعِفُ .

الناس رجلان: جواد (صاحب جود) لا يجد (ما يجود به)، وواجد لا يسعف الناس ولا يقضي حوائجهم. والمراد هو أنّ أكثر الناس على أحد هذين القسمين: أحدهما صاحب جواد لكنّه فقير، والآخر غنيّ وبخيل لا يسعف حاجة أحد. وإذا كان المراد أكثر الناس فإنّ صاحب الجود إذا ما وجد بين الأغنياء فإنّه لن يكون منشأً للاعتراض.

1525 ـ اللَّئِيمُ إِذا أَعْطى حَقَدَ، وَإِذا أُعْطِيَ جَحَدَ .

اللئيم (أي البخيل أو الدنيء المرتبة) إذا أعطى حقد (أي حقد على الشخص الّذي أعطاه شيئاً) وإذا أُعطي جحد، أي أنّه إذا أُعطي شيئاً كفر بذلك وأنكره أمام الناس.

ويمكن أن يكون المراد شاملا عطاء الحقّ تعالى، والمراد هو أنّه إذا أُعطي شيئاً وصار صاحب شيء أنكر ذلك وأظهر فقره وفاقته.

1526 ـ الْجاهِلُ إِذا جَمَدَ(5) وَجَدَ، وَإِذا وَجَدَ أَلْحَدَ.

الجاهل إذا جمد (أي بخل ولم يَجُدْ بخيره) وجد (وأضحى صاحب شيء)، وإذا وجد ألحد أي حاد عن الحقّ وعدل عن الطريق المستقيم، أو ظلم أو جادل الناس وماراهم.

1527 ـ الْعامِلُ بِالْعِلْمِ كَالسّائِرِ عَلى الطَّرِيقِ الْواضِحِ .

1528 ـ الْفَقْرُ الْفادِحُ أَجْمَلُ مِنَ الْغِنى الْفاضِحِ .

الفقر الفادح (الشاقّ) أجمل من الغنى الفاضح، أي من الغنى الّذي يبعث الإنسان على ارتكاب ما فيه فضيحته في الآخرة، أو فضيحته في الدنيا والآخرة.

1529 ـ الْشُّكْرُ مَأْخُوذٌ عَلى أَهْلِ النِّعَمِ .

الشكر مأخوذ على أهل النعم، أي واجب عليهم لازمٌ لهم.

1530 ـ الْمَوَدَّةُ فِي اللهِ آكَدُ مِنْ وَشِيجِ الرَّحِمِ .

المودّة في الله آكد (وأقوى وأمتن) من وشيج الرحم، أي أنّ مثل هذا الصديق ينفع أكثر من صاحب القرابة النسبية، وأنّ رعايته أهم وآكد.

1531 ـ الْمَعْرُوفُ كَنْزٌ فَانْظُرْ عِنْدَ مَنْ تُودِعُهُ .

المعروف (وهو الإحسان) كنز، فأنظُر عند من تودعه، أي أحِسنْ إلى مَن هو من أهل المعروف لتحصل على الأجر والثواب في القيامة.

1532 ـ الإِصْطِناعُ ذُخْرٌ فَأَرْتَدْ عِنْدَ مَنْ تَضَعُهُ .

الاصطناع (أي الإحسان) ذُخر، فأرتد (أي فانظر وفتّش) عند مَن تضعه، أي فاطلُب وجد له من يجدر به; وهذا تأكيد للفقرة السابقة.

1533 ـ الْمَخْذُولُ مَنْ لَهُ إِلى اللِّئامِ حاجَةٌ .

المخذول (الذليل) من له إلى اللئام (وهم البخلاء أو ذوي الرتب الدنيئة) حاجة.

1534 ـ اللَّجاجَةُ تُورِثُ ما لَيْسَ لِلْمَرءِ إِلَيْهِ حاجَةٌ .

اللجاجة (وهي العداوة مع الناس، أو الإصرار على الباطل) تورث ما ليس للمرء إليه حاجة، أي تورث وتجلب أُموراً لو لم يكن للمرء لجاجة لم يحتج إليها أصلا ولم يتجشّم عناءها ومشقّتها.

1535 ـ الْتَّجارِبُ لا تَنْقَضِي وَالْعاقِلُ مِنْها فِي زِيادَة .

التجارب لا تنقضي، والعاقل منها في زيادة، أي أنّها تبعث على زيادة مرتبته، أو أنّه مهما جرّب علم أنّ هناك زيادة عليها، وبناءً على ذلك فهو تأكيد للسابق.

1536 ـ الْكَاتِمُ لِلْعِلْمِ غَيْرُ واثِق بِالإِصابَةِ فِيهِ(6) .

الكاتم للعلم (الّذي يكتم علمه ويخفيه) غير واثق بالإصابة فيه، لأنّ الخطأ والغلط كثير، فعلى العالم أن ينقل عِلمه ويُظهره إلى طائفة من العلماء الّذين يعتمد عليهم لكي يبيّنون له موارد الخطأ إن وُجدت ليعود عن خطئه.

1537 ـ الْتَّارِكُ لِلْعَمَلِ غَيْرُ مُوقِن بِالثَّوابِ عَلَيْهِ(7) .

التارك للعمل (أي للطاعات والعبادات الواجبة) غير موقفن بالثواب عليه، لأنّ مَن له يقين كامل بثواب العمل لا معنى لتركه له مع وجود ذلك الثواب ولو استلزم مشقّة.

1538 ـ الْفَقْرُ وَالْغِنى بَعْدَ الْعَرْضِ عَلى اللهِ سُبْحانَهُ(8) .

الفقر والغنى بعد العرض على الله سبحانه; أي أنّ الفقر والغنى في هذه الدنيا لااعتبار لهما، والأصل هو الفقر والغنى في الآخرة عند عرض الأعمال على الله عز وجل ، فمن كان حينذاك فقيراً ليس له عمل من أعمال الخير، أو له حظّ قليل من أعمال الخير فهو الفقير الحقيقي، وتُعساً له، ومن كان له الكثير من أعمال الخير فهو الغني الحقيقي، وما أسعده!

1539 ـ الْعَفْوُ مَعَ الْقُدْرَةِ جُنَّةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ سُبْحانَهُ .

العفو (عن ذنب شخص) مع القدرة (على الانتقام منه) جُنّة (أي وقاية ودرع) من عذاب الله سبحانه، أي يبعث على عفو الله عز وجل لذنوبه وأنّه تعالى لا يعذّبه على ذنوبه، فكأنّه وقاية تقية من وصول العذاب إليه.

1540 ـ الْحَياءُ مِنَ اللهِ يَمْحُو كَثِيراً مِنَ الذُّنُوبِ .

الحياء من الله يمحو كثيراً من الذنوب، أي يبعث على عدم صدورها، أو على محوها بعد صدورها إذا استحيا من الله عز وجل ، باعتبار أنّ الحياء من الله يبعث على التوبة، والتوبة تمحو تلك الذنوب، وبناءً على ذلك فإنّ التخصيص بلفظ «كثيراً» مع أنّ التوبة تبعث على سقوط كلّ ذنب ومحوه، لعلّه باعتبار أنّ ما كان من حقوق الناس فإنّه لا يُمحى بالكلية بمجرّد التوبة، بل يجب على الشخص إرضاؤهم، فإن لم يتيسّر ذلك بقي ذلك الذنب في صحيفة أعمال الشخص ولم يمحى إلى يوم القيامة، حيث يعطي الحقّ تعالى لصاحب ذلك الحقّ ثواباً يُرضيه فلا يُطالب بحقّه من ذلك المذنب. وظاهر لفظ «يمحو» يؤيّد المعنى الآخر.

1541 ـ الْرِّضا بِقَضاءِ اللهِ يُهَوِّنُ عَظِيمَ الرَّزايا .

الرضا بقضاء الله يهوّن عظيم الرزايا، لأنّ الراضي بقضاء الحقّ تعالى وتقديره تهون عليه كلّ مصيبة ترده من جانبه ولو كانت من أعظم الرزايا والمصائب، لأنّه يعلم أنّ الخير في ذلك.

والمراد بـ «عظيم الرزايا» المصائب الواردة من قِبل الله تعالى حيث انّها أعظم المصائب.

ويمكن أن يكون المراد هو أنّه يهوّن كلّ مصيبة، وأنّ ذكر «عظيم» هو باعتبار أنّها مهما كانت عظيمة فإنّها ستسهل، فالباقي ـ بطريق أولى ـ ستكون سهلة يسيرة.

وإنّ تهوين المصائب الّتي لا ترد من قِبل الله تعالى هو باعتبار أنّها مهما كانت من قِبل الآخرين، لكن الإنسان لمّا كان يعلم أنّ قضاء الله عز وجل (أي علمه) قد تعلّق بها وأنّه تعالى له القدرة على منعها فلم يمنع حدوثها، فإنّه يعلم قطعاً بأنّ الله عز وجل علم بأنّ مصلحة الإنسان هي في أن يُصاب بتلك المصيبة ليعوّضه الله عز وجل يوم القيامة على أكمل وجه بطريق يرضاه الإنسان أشدّ الرضا، ومع وجود هذا العلم فإنّ هذه المصيبة ستهون عليه.

1542 ـ الْحِرْصُ يَنْقُصُ قَدْرَ الرَّجُلِ وَلا يَزِيدُ فِي رِزْقِهِ .

1543 ـ الْمُخاصَمَةُ تُبْدِي سَفَهَ الرَّجُلِ وَلا تَزِيدُ فِي حَقِّهِ .

المخاصمة (مع الناس) تُبدي سعة الرجل (أي قلّة حِلمه، أو قلّة عقله، أو تبدي جهله) ولا تزيد في حقّه، أي لا تزيد لديه شيئاً، أو لا تزيد شيئاً مقرراً وثابتاً له.

1544 ـ الْصِّدْقُ مُطابَقَةُ الْمَنْطِقِ لِلْوَضْعِ الإِلهِيِّ(9) .

الصدق مطابقة المنطق للوضع الإلهيّ، أي مطابقة القول للنسبة الإلهيّة بين الخبر والمخبَر عنه، فإذا كانت النسبة الإلهيّة بينهما موجبة وكان في الخبر إثبات لذلك كان القول والمنطق صادقاً; وهكذا الأمر إذا كان الاثنان سالبَين.

أمّا إذا كان أحدهما موجباً والآخر سالباً كان القول كاذباً.

والمراد بـ «الوضع الإلهيّ» النسبة بينهما في الواقع وفي نفس الأمر وعلى نحو يكونان معه على ذلك النحو، بصرف النظر عن خبر ذلك الشخص.

ولمّا كانت أكثر الأُمور الواقعيّة من صنع الله عز وجل ، فإنّه سمّاها بذلك الاعتبار «الوضع الإلهيّ»، وإلاّ فإنّ الأمر الواقعيّ يوجد أحياناً بغير الوضع الإلهيّ، كأن نقول أنّ فلاناً قتل فلاناً ظلماً، فإنّ هذا في الحقيقة كاف أن يكون ذلك في الواقع قد تحقق فعلا وأنّه قُتل ظلماً مع أنّ قتله لم يكن بوضع من الله تعالى.

1545 ـ الْكِذْبُ زَوالُ الْمَنْطِقِ عَنِ الْوَضْعِ الإِلْهِيِّ (10).

اتّضح معناه من شرح الفقرة السابقة.

1554 ـ اِلَيْنَا يَرْجِعُ الغالي وَبِنا يَلْحَقُ التَّالِي.

المراد من (الينا) هو أميرالمؤمنين وسائر الأئمّة الاثنى عشر (صلوات الله وسلامه عليهم) والمراد من (الغالي) هو الّذي وصل إليهم وأقرّ بهم ولكن تجاوز حده واعتقد فيهم ما لا يرتضونه، كالّذين يعتقدون بألوهيته (صلوات الله وسلامه عليه).

والمراد من (التالي) هو المتخلف عنهم الّذي لم يلتحق بهم، ولم يقرّ بهم، أو من تركهم، أو ترك نصرتهم ولم يقربهم.

والمطلوب هو أنّ على (الغالي) الرجوع إلينا ويعتقد بما نقول، من دون أن يتجاوزه وإلاّ فانّه سيدخل نار جهنم، وهكذا (التالي) فانّ عليه أن يلحق بنا ويقرّ لنا وإلاّ سيدخل نار جهنم، فعلى جميع الناس اذن الإقرار بنا، وعدم الانحراف عن ما نقول، وإلاّ فانّهم سيدخلون النار.

1555 ـ النَّفْسُ الكَرِيمَةُ لاَ تُؤَثِّرُ فِيها النَّكَباتُ.

أي انّ النفس الكريمة لا تؤثر فيها المصائب، ولا تضطرب ولا تجزع منها.

1556 ـ النَّفْسُ الشَّرِيفَةُ لا تَثْقُلُ عَلَيْها المَؤُوناتُ.

لا تتثاقل النفس الكريمة الشريفة عن بذل المال، أي صرفه فيما يحتاجه هو أو أهله وعياله، وهكذا الموارد المستحبة شرعاً.

1557 ـ النَّفْسُ الدَّنِيَّةُ لاَ تَنْفَكُّ عَنِ الدِّناءاتِ.

أي انّ النفس الدنيّة لا تنفك عن الأعمال الدنيئة الدالة على دناءتها.

1558 ـ التَّقْوى حِصْنٌ حَصِينٌ لِمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ.

التقوى أي كفّ النفس أو الخوف من الله حصن مستحكم لمن لجأ إليه.

1559 ـ التَّوَكُّلُ كِفايَةٌ شَرِيفَةٌ لِمَنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ.

ان التوكل على الله عز وجل أي اظهار العجز والاعتماد عليه كفاية شريفة لمن اعتمد عليه، لأنّ من يتوكل على الله عز وجل معتمداً عليه سينجز الله له جميع أعماله الضرورية، لقوله تعالى: (وَمَنْ يَـتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)(11) فأيّ كاف ] غيره [يكون بهذه المرتبة ...؟!

1560 ـ الإِخْلاصُ خَطَرٌ عَظِيمٌ حَتَّى يُنْظَرَ بِما يُخْتَمُ لَهُ.

(الاِخلاص) أي خلوص الطاعات والعبادات لله عز وجل ، وعدم مزجها بقصد آخر، خطر عظيم حتّى يُنظر بما يُختم له، و (الخطر) يعني علو القدر والمقام، كما يأتي بمعنى الإشراف على الهلاك أيضاً، فعلى الأوّل لعل المراد هو ان الإخلاص يرفع من شأن ومنزلة المخلص لدى الله تعالى أو في الدين عند الناس حتّى يُنظر إلى عاقبة أمره وما يُختم له من الدخول في الجنة ونيل نعمها الّتي لا توصف، ولا يمكن بيانها.

ولعل المراد هو انّ الإخلاص يرفع من شأن هذا الإنسان ومنزلته حتّى يُنظر إلى عاقبته، فإن استمر هذا الإخلاص وبقى فهنيئاً له السعادة، وإلاّ فانّ الإخلاص في الماضي لا ينفع فيكون صاحبه شقياً وخاسراً، وعلى المعنى الثاني يكون المراد هو أنّ الإخلاص مشرف على الهلاك ولا يمكن الاطمئنان به حتّى تظهر عاقبة الاُمور والأحوال، فان استمر الإخلاص إلى ذلك الحين كان ذلك نافعاً، وإلاّ فانّه الحرمان والخسران.

1561 ـ الحِرْصُ ذُلٌّ وَمَهانَةٌ لِمَنْ يَسْتَشْعِرُهُ.

لمن يستشعره: أي لمن يستشعر ويفهم الذل والهوان.

1562 ـ الجَزَعُ عِنْدَ المُصِيبَةِ أَشَدُّ مِنَ المُصِيبَةِ.

انّ الجزع تجاه المصيبة أصعب منها ذاتها، لأنّه رغم تضاعف المحنة وشماتة الأعداء لا يؤجر ولا يثاب عليها، بل يسبب حبط أو نقص الثواب المترتب على المصيبة، عكس المصيبة الّتي يصبر عليها فانّها وإن ثقلت لكن لا يضاف همّ الجزع إليها، وسوف لا يشمت الأعداء بصاحبها، وسيعدّ له الأجر والثواب.

1563 ـ الجَزَعُ عِنْدَ البَلاءِ مِنْ تَمَامِ المِحْنَةِ.

... كما اتضح ذلك في الفقرة السابقة.

1564 ـ الكِبْرُ دَاع إلى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ.

التكبر يدعو للوقوع في المعاصي، أي يدفع صاحبه لارتكاب المعاصي; لأنّه السبب لعدم رد الكثير من الحقوق إلى الناس لدى التعامل معهم، وكلّ حقّ لا يمنح يعدّ معصية.

1565 ـ الْكَريِمُ مَنْ تَجَنَّبَ المَحارِمَ وَتَنَزَّهَ عَنِ العُيُوبِ.

... تنزّه عن العيوب: أي عن الصفات الذميمة والأخلاق السيئية الّتي تُعدّ عيوب الإنسان.

1566 ـ المُبادَرَةُ اِلى العَفْوِ مِنْ أَخْلاقِ الكِرامِ.

1567 ـ المُبادَرَةُ اِلى الإنْتِقامِ مِنْ شِيَمِ اللِّئامِ.

1568 ـ الْكَريِمُ مَنْ جَاءَ بِالمَوْجُودِ.

الجواد هو الّذي يجود بما لديه ويتيسّر له، أي انّ من يهدي ما لديه يعتبر كريماً وإن كان ما يهديه قليلا، ولا يجب عليه إهداء الكثير حتّى يعتبر كريماً.

1569 ـ السَّعِيدُ مَنْ اسْتَهَانَ بِالمَفْقُودِ.

... استهان بالمفقود: أي لم يسع لتحصيله.

1570 ـ الوَفَاءُ لأَهْلِ الغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللهِ سُبْحانَهُ.

1571 ـ الغَدْرُ لأَهْلِ الغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اللهِ سُبْحانَهُ.

الغدر لأهل الغدر وفاء وفي حكمه عند الله سبحانه، ويبدو أنّ المراد من العبارتين هو انّه إذا غدر شخص بشخص آخر فانّ وفاء المغدور به معه بحكم الغدر عند الله عز وجل ، والغدر به بالدرجة ذاتها مقابل غدره بمثابة الوفاء عند الله سبحانه حتّى يفيق ويطهر نفسه من الغدر الّذي يعد من الصفات الذميمة، وليس المراد انّه إذا غدر شخص بشخص آخر فمن الأفضل للثاني أن يغدر به أيضاً، ولا ينبغي له أن يكون وفياً له، وقد يكون المراد شاملا لهذا أيضاً، ولا يكون المراد من (الغدر) المتضمّن لإذهاب حقّ له أو خلف وعد، بل المراد من (الغدر) هو الانقطاع عنه وهجرانه وترك معاشرته فقط، والمراد من (الوفاء له) هو معاشرته والصداقة معه، والعمل بمستلزماتها. والله تعالى يعلم.

1572 ـ اِكْتِسابُ الحَسَناتِ مِنْ أَفْضَلِ المَكَاسِبِ.

1573 ـ الفِكْرُ فِي العَوَاقِبِ يُؤْمِنُ مَكْرُوُه النَّوائِبِ.

انّ التدبر في العواقب أيْ عاقبة أيّ عمل يريد أن ينجزه الإنسان، يضمن عدم وقوع الحوادث السيئة والمصائب، أي من أغلب العواقب الّتي تقربت على الأعمال الّتي ينجزها بدون تدبر وتروّ.

1574 ـ الحِرْصُ رَأْسُ الفَقْرِ وَأُسُّ الشَّرِّ.

انّ اعتبار الحرص رأساً للفقر ـ بمعنى انّه أهم أركانه، كالرأس الّذي يُعدّ أهم أعضاء الإنسان ـ يعود إلى انّ الحريص كالفقير يعاني من المحنة ومتاعب الكسب والسعي ولا مفرّ له من ذلك، على عكس باقي الفقراء الّذين يقنعون بما يكفيهم من الكسب، وكون الحرص «أُسّ الشّر» أمر واضح، حيث يترتّب عليه الكثير من المتبنيات السيئة، ويكون كثيراً ما سبباً لارتكاب المحرمات.

1575 ـ الغَشُوشُ لِسانُهُ حُلْوٌ وَقَلْبُهُ مُرٌّ.

الغشوش أي الّذي يغشّ الناس يكون ذا لسان جميل وقلب مرّ، لأنّه يقول ما يطيب للإنسان، ويضمر في قلبه ما يسوؤه ويضرّ به.

1576 ـ المُنافِقُ لِسانُهُ يَسُرُّ وقَلْبُهُ يَضُرُّ.

المنافق أي الّذي لا يوافق ظاهره باطنه، فانّ لسانه يسر وقلبه يضرّ، وهذه العبارة كتأكيد للعبارة السابقة.

1577 ـ المُرائِي ظَاهِرُهُ جَمِيلٌ وَباطِنُهُ عَلِيلٌ.

انّ المرائي الّذي تكون طاعاته وعباداته رياءً للناس، ظاهره جميل وحسن وباطنه عليل أي مريض.

1578 ـ المُنافِقُ قَوْلُهُ جَمِيلٌ وَفِعْلُهُ الدَّاءُ الدَّخِيلُ.

... وفعله الداء الدخيل: أي انّ فعله داء يدخل إلى الأعماق فيؤلمها.

1579 ـ الصِّدْقُ أَقْوى دَعَائِمِ الإيمَانِ.

1580 ـ الصَّبْرُ أَوَّلُ لَوَازِمِ الإتْقانِ.

الصبر والتحمّل من أوائل لوازم الاتقان والأحكام، أي إحكام الدين أو العمل، وورد في بعض النسخ «الايقان» بالياء، وعليه يكون المعنى انّ الصبر من المسلتزمات الأولية لليقين بالمبدأ والمعاد، إذ انّ المتيقن بعدل الله تعالى يعلم انّ ما يصيبه هو الخير، أو انّ عوضه سيكون على وجه أحسن، وهذا يستدعي صبره.

1581 ـ العِلْمُ يَهْدِي اِلَى الحَقِّ.

... يهدي الحقّ: أي يوصل إليه، أو يريه الطريق.

1582 ـ الأَمانَةُ تُؤَدِّي اِلَى الصِّدْقِ.

ان الامانة تدفع الإنسان إلى الصدق في القول، لأنّ الكذب خيانة في الحقيقة، فمن أراد أن يكون أميناً فعليه أن لا يقول غير الصدق.

1583 ـ العِلْمُ مِصْباحُ العَقْلِ وَيَنْبُوعُ الفَضْلِ.

1584 ـ العِلْمُ قَاتِلُ الجَهْلِ وَمُكْسِبُ النُّبْلِ.

النبل يعني النجابة أو الفطنة الشديدة، ويمكن أن يُقرأ (مكسب) بفتح الميم أو كسرها أي محلّ الكسب أو آلته.

1585 ـ الجَهْلُ وَالْبُخْلُ مَساءَةٌ وَمَضَرَّةٌ.

1586 ـ الحَسُودُ وَالحَقُودُ لاَ تَدوُمُ لَهُما مَسَرَّةٌ.

لا تدوم الفرحة للحسود والحاقد أي لا امتداد لها وسرعان ما تزول; لأنّ الحسود قلّما يرى نعمة لدى إنسان ثمّ لا يحسده عليها ولا يغتم لها، وهكذا الحقود قلّما لا يضمر حقداً على إنسان ثمّ لا يبادر للانتقام منه، ثمّ لا يكون مغموماً من جرّاء هذا العمل .

1587 ـ العِلْمُ بِلا عَمَل وَبالٌ.

الوبال يعني الشدّة والثقل، أي يستدعي ثقل الذنوب وشدّة المؤاخذة. ان العلم بدون عمل يستدعي المؤاخذة الشديدة له وثقل الذنوب.

1588 ـ العَمَلُ بِلا عِلْم ضَلاَلٌ.

إذا لم يكن العمل تابعاً للعلم فانّه كثيراً ما يجرّ الإنسان إلى الضلال، أو انّ المراد هو أن العمل وإن كان صائباً ولكنه ضلال وباطل لكونه بدون علم، والمراد من العلم هنا ما يعمّ اليقين والظن والتقليد، وفي كلّ موضع يكفي فيه الظن كفروع الدين، وعلى كلّ من يجوز له التقليد كالّذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد; لأنّ الظن والتقليد بعد ثبوت جوازهما ينتهيان إلى العلم.

1589 ـ العِلْمُ كَنْزٌ عَظِيمٌ لاَ يَفْنى.

1590 ـ العَقْلُ شَرَفٌ كَرِيمٌ لاَ يَبْلَى.

... لا يبلى: أي يتجدّد كلّ يوم ويكون أجمل.

1591 ـ العَاقِلُ مَنْ عَقَلَ لِسَانَهُ.

... عقل لسانه: أي يصمت عن الفحش والبذاء واللغو ما لم يكن ضرورياً.

العاقل هو من يصمت لسانه من الشتم واللغو كي لا يتضرر.

العاقل هو الّذي يعقل لسانه ويصمت عن الفحش واللغو، وعن الكلام ما لم يكن ضرورياً.

1592 ـ الحَازِمُ مَنْ دَارَى زَمَانَهُ.

البصير في الاُمور هو من يداري زمانه، أي يسالم مع أهل زمانه ويعاشرهم بنحو لا يثير سخطهم.

1593 ـ الكَاظِمُ مَنْ أَمَاتَ أضْغَانَهُ.

الكاظم هو من يميت أحقاده، أي لا يكفي أن لا ينتقم بل عليه أن لا يبقي الحقد في قلبه أيضاً.

1594 ـ المَكْرُ وَالغُلُّ مُجانِبا الإيمانِ.

المكر والغل أي الغشّ أو الحقد، يبعدان عن الإيمان.

1595 ـ المَطَلُ وَالمَنُّ مُنَكِّدا الإحْسانِ.

المطل أي تأجيل الوعود، والمنّ ينكّد الإحسان أي يصعب قبول الإحسان المقرون بأحدهما، وهكذا إحسان سيفسد ويذهب سدى.

1596 ـ المُؤْمِنُ صَدُوقُ اللِّسَانِ بَذُولُ الإحْسانِ.

... أي انّ المؤمن الكامل يكون هكذا، أو ينبغي للمؤمن أن يكون هكذا.

1597 ـ الصَّبْرُ عَلى المُصِيبَةِ يُجْزِلُ المَثُوبَةَ.

1598 ـ الكِذْبُ يُردِي مُصَاحِبَهُ وَيُنْجي مُجانِبَهُ.

1599 ـ العُسْرُ يَشِينُ الأَخْلاَقَ وَيُوحِشُ الرِّفَاقَ.

العسر يسيىء الخصال ويوحش الأصدقاء، أي يكون سبباً لأن لا يستأنسوا معه ويهجرونه، والمقصود هو بيان مفاسد الفقر، والإشارة إلى أنّ الفقير إذا ساءت أخلاقه فانّه معذور فيحسن العفو عنه، إذ انّ الفقر يلجئه إلى ذلك.

1600 ـ السَّخَاءُ يَكْسِبُ المحبَّةَ وَيُزَيِّنُ(12) الأَخْلاَقَ.

يكسب المحبة أي يوجب محبة الناس له، ويعمل على تجميل وتزيين الخصال والمحاسن.

 

الهوامش:

(1) جاء في نسخة مكتبة مسجد «سبهسالار»: «أهل العفاف».

(2) في نسخة مكتبة مسجد «سبهسالار»: «ضدّ الحزم».

(3) جاء في طبعة دمشق «لِعَفْوِ الْعَفُوِّ».

(4) هذه العبارة إلى آخرها وردت في نسخة مكتبة مسجد «سبهسالار» فقط، ولم ترد في أصل النسخة الّتي كانت بخطّ الشارح(رحمه الله).

(5) يبدو من بيان الشارح(رحمه الله) أنّه قرأ «جمد» بالجيم، وقرأ كلا لفظي «وجد» بالجيم المعجمة المخفّفة (مع أنّه كتب بخطّه صريحاً «جحد» بالجيم وبعدها الحاء المهملة المخفّفة)، أمّا في طبعة صيدا (ص 33، س 13)، وطبعة دمشق (ص 52، س 6) فقد وردت بفظ «جحد» بدلا من «جمد»، كما وردت بلفظ «وحّد» بالحاء المهملة المشدّدة بدلا من «وجد» في كلا اللفظين.

(6) المتن مطابق لطبعتي صيدا وبمبي، أمّا طبعة دمشق ففيها لفظ «بإصابته».

(7) المتن مطابق لطبعتي صيدا وبمبي، أمّا طبعة دمشق ففيها لفظ «بإثابته».

(8) جاء في حاشية كلا النسختين «نسخة الأصل ونسخة مسجد سبهسالار»: «أصل «سبحانه»: «أسبّح سبحانه» أي أنزّهه عن النقائص والعيوب. والمراد هو أنّي أظهر تنزيهه منها وأقرّ بذلك. (منه).

(9) في طبعة دمشق: «لوضع الإله».

(10) في طبعة دمشق: «الكذب مخالفة المنطق لوضع الله».

(11) الطلاق: 3.

(12) كلمة (يزيّن) من باب التفعيل، ويصح أيضاً «يزين» مجرداً على وزن «يشين»، بل قراءته مجرداً مع مقارنته بكلمة «يشين» في الفقرة السابقة، وكلمة «يكسب» في هذه الفقرة، أفضل. ] المصحح[.