2101 ـ العَقْلُ وَالشَّهْوَةُ ضِدَّانِ وَمُؤَيِّدُ العَقْلِ العِلْمُ وَمُزَيِّنُ الشَّهْوَةِ الهَوَى، والنَّفْسُ مُتَنَازِعَةٌ بَيْنَهُما فَأَيُّهُما قَهَرَ كَانَتْ فِي جَانِبِهِ.

2102 ـ السَّيِّدُ مَنْ لاَ يُصَانِعُ وَلاَ يُخَادِعُ وَلاَ تَغُرُّهُ المَطَامِعُ.

قد يكون معنى «لا يصانع» انّه لا يعطي الرشوة لأنّ الرشوة يدفعها من يطلب حاجة من الناس، والسيّد لا يطلب حاجة من أحد.

2103 ـ الْعِلْمُ عِلْمَانِ: مَطْبُوعٌ وَمَسْمُوعٌ وَلاَ يَنْفَعُ الْمَطْبُوعُ إِذَا لَمْ يَكُ مَسْمُوعُ.

المراد من المطبوع هو العلم الّذي يمكن تحصيله بالطبع والسليقة من قبيل العلوم العربية، والمسموع هو ما يسمع من النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام(عليه السلام) بواسطة أو بدونها من قبيل العلوم الشرعية، وواضح انّه لولا العلوم الشرعية لا فائدة في العلوم المطبوعة; لأنّ فائدتها في استعمالها في العلوم المسموعة، ولا يخفى انّ العلوم العقلية وانْ كانت فائدتها لا تتوقف على العلوم المسموعة بل هي المبنى للعلوم السمعية، غاية ما هنالك بما انّ العقل مستقل في بعض مباحثها [أي العلوم المسموعة]، وفي أكثرها لا مجال في الحكم فيها للعقل الغافل عن الشرع، ولذا وقع الخلاف والنزاع في أكثرها، وعليه يمكن اعتبار العلوم العقلية في المطبوع، «ولا ينفع المطبوع إذا لم يك مسموع» فهو صحيح باعتبار أكثر تلك المباحث، والله تعالى يعلم.

2104 ـ المُؤْمِنُ دَأْبُهُ زِهَادَتُهُ، وَهَمُّهُ دِيَانَتُهُ، وَعِزُّهُ قَنَاعَتُهُ وَجِدُّهُ لآِخِرَتِه، قَدْ كَثُرَتْ حَسَنَاتُهُ، وَعَلَتْ دَرَجَاتُهُ، وَشَارَفَ خَلاَصَهُ وَنَجَاتَهُ.

المراد من الزهد ـ كما مرّ ذكره ـ هو ترك محرمات الدنيا أو المشتبهات أيضاً، أو الزائد على حدّ الكفاف من الحلال أيضاً، و «عزّه قناعته» يعني انّه بقناعته، وعدم الطمع وطلب الشيء من غيره، يكون عزيزاً عند الناس دائماً، و «شارف خلاصه ونجاته» يعني انّ خلاصه ونجاته متوقف على الموت، فلا محبة ولا عذاب له بعد الموت.

2105 ـ الكَذَّابُ وَالمَيِّتُ سَوَاءٌ فَإنَّ(1) فَضِيلَةَ الحيِّ عَلَى المَيِّتِ الثِّقَةُ بِهِ فَإذَا لَمْ يُوثَقْ بِكَلاَمِهِ بَطَلَتْ حَيَاتُهُ.

2106 ـ الحَاسِدُ يُظْهِرُ وُدَّهُ فِي أَقْوَالِهِ وَيُخْفِي بُغْضَهُ فِي أَفْعَالِهِ فَلَهُ اسْمُ الصَّدِيقِ وَصِفَةُ العَدُوِّ.

2107 ـ النَّفْسُ الأمَّارةُ المُسوِّلَةُ تَتَمَلَّقُ تَمَلُّقَ المُنَافِقِ وَتَتَصَنَّعُ بِشِيمَةِ الصَّدِيقِ المُوافِقِ حَتَّى إذَا خَدَعَتْ وَتَمَكَّنَتْ تَسَلَّطَتْ تَسَلُّطَ العَدُوِّ وَتَحَكَّمَتْ تَحَكُّمَ العُتُوِّ فَأَوْرَدَتْ مَوَارِدَ السُّوءِ.

«الأمّارة» تعني الآمرة أي تأمر الإنسان وتنهاه، و «المسوّلة» المزيّنة أي تزيّن الأعمال للإنسان وترغّبه فيها، والمراد أنّ النفس تتملّق أوّلا حتّى تخدع الإنسان، وتجعله تحت هيمنتها فتتسلّط عليه كتسلط العدو، وتدفعه لارتكاب أعمال تستدعي ضرره وخسرانه، وتحكم بأحكام ناشئة من التكبر وتجاوز الحدّ، فتورد هذا الإنسان موارد السوء. إذن ينبغي عدم الانخداع بها، ومعارضة ما تطلبه من البداية حتّى تكون خاضعة للإنسان ومطيعة ومؤتمرة، ويمكن قراءة «العتو» بفتح العين، فتعني المتكبر والمتجاوز للحدّ.

2108 ـ الحُكَمَاءُ أَشْرَفُ النَّاسِ أَنْفُسَاً وَأَكْثَرُهُمْ صَبْرَاً وَأَسْرَعُهُمْ عَفْوَاً وَأَوْسَعُهُمْ أَخْلاَقَاً.

«الحكماء» أي أصحاب العلم الصحيح الصادق أشرف الناس أنفساً و ... ومعناه انّ نفوس الحكماء أعلى مرتبة من سائر النفوس، وصبرهم أكثر من صبر الآخرين، وعفوهم عمّن أساء إليهم أسرع من عفو سائر الناس، وأخلاقهم أوسع من أخلاق سائر الناس.

2109 ـ العُلَمَاءُ أَطْهَرُ النَّاسِ أَخْلاَقَاً، وَأَقَلُّهُمْ فِي المَطَامِعِ أَعْرَاقَاً.

2110 ـ الاُنْسُ فِي ثَلاَثَةٌ: الزَّوْجَةِ المُوَافِقَةِ، وَالْوَلَدِ الصَّالِحِ، وَالأَخُ المُوَافِقِ.

2111 ـ السُّؤَالُ يُضْعِفُ لِسَانَ المُتَكَلِّمِ، وَيَكْسِرُ قَلْبَ الشُّجَاعِ البَطَلِ، وَيُوقِفُ الحُرَّ العَزِيزَ مَوْقِفَ العَبْدِ الذَّلِيلِ، وَيُذْهِبُ بَهَاءَ الوَجْهِ وَيَمْحَقُ الرِّزْقَ.

«السؤال» أي طلب حاجة من الناس، يضعف لسان المتكلّم و ... أي انّ السائل إذا كان مفوّهاً ومتكلّماً ضعف لسانه بسبب طلبه وسؤاله، وإذا كان شجاعاً يكسر قلبه ويضعف شجاعته، و «يمحق الرزق» يعني إبطاله حيث انّ الله تعالى يقتر عليه رزقه بسبب ذلك الطلب، أو يذهب بركته.

2112 ـ الطَّعَامُ يُوْكَلُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَضْرُب: مَعَ الإخْوَانِ بِالسُّرُورِ، وَمَعَ الفُقَرَاءِ بِالإيثَارِ، وَمَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا بِالمُروْءَةِ.

والمعنى انّ استضافة الإخوان إنّما تكون للسرور والفرح، واستضافة الفقراء إنّما تكون للجود والعطاء إليهم، واستضافة سائر أبناء الدنيا إنّما تكون للمروة أي تقتضي ذلك الإنسانية أو الرجولية.

2113 ـ المُرُوءَةُ: العَدْلُ فِي الإمْرَةِ، وَالعَفْوُ مَعَ القُدْرَةِ، وَالمُوَاسَاةُ فِي العِشْرَةِ.

«المروءة» أي الرجولية أو الإنسانية... و المواساة مع إنسان تكون بايصال مال إليه، واعتباره مساوياً له في ذلك، وقال البعض: انّ هذا يكون إذا أعطى من كفافه، فإذا أعطى عمّا زاد عليه لم يكن مواساة، وقال البعض الآخر: انّها اعتباره مساوياً له في أمواله، والسماح له بالتصرّف فيها كتصرّفه، وورد في بعض النسخ (العُسرة) فيكون المعنى: والمواساة في الفقر والعسر أي: المواساة رغم الضيق والفقر، أو المواساة عند فقر من يواسيه وعسره.

2114 ـ الذُّلُّ بَعْدَ الهَزْلِ يُوَازِي عِزَّ الوِلاَيَةِ.

... إذن يجب أن لا يسعى الإنسان لنيل الإمارة طلباً للعزّ إذ انّ ذلّ العزل سيعقبه، وهو يوازي ذلك العزّ.

2115 ـ الحَازِمُ مَنْ شَكَرَ النِّعْمَةَ مُقْبِلَةً وَصَبَرَ عَنْهَا وَسَلاَهَا مُوَلِّيَةً مُدْبِرَةً.

... «سلاها» أي أذهب من نفسه طلبها ولا يغتمّ لادبارها.

2116 ـ المُتَعَدِّي كَثَيرُ الاْضَدادِ وَالأَعْدَاءِ.

2117 ـ المُنْصِفُ كَثِيرُ الأوْلِياءِ والأوِدَّاءِ.

2118 ـ العَالِمُ حَيٌّ بَيْنَ المَوْتَى.

... «بين الموتى» أي الجهلاء.

2119 ـ الجَاهِلُ مَيِّتٌ بين الأَحْيَاءِ.

... «بين الأحياء» أي العلماء.

2120 ـ الإخْوَانُ جَلاَءُ الهُمُومِ والأحْزَانِ.

2121 ـ الصِّدْقُ جَمَالُ الإنسَانِ وَدَعَامَةُ الإيمَانِ.

«الجمال» بمعنى حسن الخَلق والخُلق ـ كما ذكر مراراً.

2122 ـ الشَّهَواتُ مَصَائِدُ الشَّيْطَانِ.

... «مصائد الشهوات» حيث يغوي الإنسان بها ويصيده.

2123 ـ الحَيَاءُ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ تَقِي عَذَابَ النَّارِ.

2124 ـ التَهَجُّمُ عَلَى المَعَاصِي يُوجِبُ عِقَابَ النَّارِ.

2125 ـ الفِكْرُ يُوجِبُ الإعْتِبَارَ وَيُؤْمِنُ العِثَارَ وَيُثْمِرُ الإسْتِظْهَارَ.

أي انّه يستدعي أن يكون قوياً في العمل الذي تفكّر فيه دون أن يستشعر الخوف من الخسارة والضرر.

2126 ـ الغَفْلَةُ تَكْسِبُ الإغْتِرَارَ وَتُدْنِي مِنَ البَوَارِ.

أي الغفلة تؤدي إِلى الانخداع والاقتراب من الهلاك في الدنيا والآخرة، فعلى الإنسان إذن أن يكسب العلم والمعرفة ] ويكون نبهاً[ قدر المستطاع، ويبادر لاصلاح أمر دنياه وآخرته.

2127 ـ المُؤْمِنُ يَنْظُرُ إلَى الدُّنْيَا بِعَيْنِ الإعْتِبَارِ، وَيَقْتَاتُ فِيهَا بِبَطْنِ الإضْطِرَارِ، وَيَسْمَعُ فِيهَا بِاُذُنِ المَقْتِ والإبْعَاضِ.

... «يقتات فيها ببطن الاضطرار» أي بالمقدار المضطر إليه... «باذن المقت والابعاض» أي للدنيا.

2128 ـ الجُلُوسُ فِي المَسْجِدِ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الفَجْرِ إلَى حِينِ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلإشْتِغَالِ بِذِكْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَسْرَعُ فِي تَيْسِيرِ الرِّزْق مِنَ الضَّرْبِ فِي أَقْطَارِ الأَرْضَ.

... «الضرب في أقطار الأرض» أي السير فيها للتجارة.

2129 ـ العِبَادَةُ الخَالِصَةُ أَنْ لاَ يَرْجُوَ الرَّجُلُ إِلاَّ رَبَّهُ وَلاَ يَخَافَ إلاَّ ذَنْبَهُ.

2130 ـ المَسْأَلَةُ طَوْقُ المَذَلَّةِ تَسْلُبُ العَزيزَ عِزَّهُ وَالحَسِيبَ حَسَبَهُ.

... «الحسب» ما يعدّه الإنسان من مفاخر آبائه، بالإضافة إِلى الشرف الحاصل له بسبب أفعاله ] الحسنة[.

2131 ـ العَقْلُ أَنَّكَ تَقْتَصِدُ فَلاَ تُسْرِفُ وَتَعِدُ فَلاَ تُخْلِفُ وَإِذَا غَضِبْتَ حَلُمْتَ.

2132 ـ العَدْلُ أَنَّكَ إذَا ظَلَمْتَ أَنْصَفْتَ، وَالفَضْلُ أنَّكَ إذَا قَدَرْتَ عَفَوْتَ.

العدل هو أن تنصف إذا ظَلمت وتعطي المظلوم حقّه من نفسك، والفضل هو أن تعفو عن معصية الآخر إذا قدرت، هذا إذا كان «ظَلمت» بالفتح، ويمكن أن يقرأ بصيغة المبني للمجهول أي (ظُلمَتَ) فيكون المعنى: العدل هو أن تنصف وتنتقم ـ إذا كنت مظلوماً ـ بقدر ما ظلمك دون زيادة عليه، والفضل أن تعفو إن قدرت.

2133 ـ الوَفَاءُ حِفْظُ الذِّمَامِ، وَالمُرُؤَةُ تَعَهُّدُ ذَوِي الأرْحَامِ.

2134 ـ المَرْءُ يَتَغَيَّرُ فِي ثَلاَث: القُرْبُ مِنَ المُلُوكِ، وَالوِلاَيَاتُ، والغَنَاءُ مِنَ الفَقْرِ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي هَذِهِ فَهُوَ ذُو عَقْل قَوِيم وَخُلْق مُسْتَقِيم.

... وكان(عليه السلام) هكذا، فعندما يثنى عليه كان يقول: «اللّهمّ انّك أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللّهمّ اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون» والظاهر أنّ هذا الدعاء ورد لتعليم الناس إذ انّه لم يكن فيه شيء لا يعلمونه فيحتاج إِلى المغفرة، أو المراد هو ما يصدر أحياناً منه (صلوات الله وسلامه عليه) ممّا يخالف الأولى، كما يحمل على ذلك عصيان آدم وبعض الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم) الوارد في القرآن الكريم.

2135 ـ المُؤْمِنُونَ لأَِنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ، وَمِنْ فَارِطِ زَلَلِهِمْ وَجِلُونَ، وَلِلدُّنْيَا عَائِفُونَ، وَإلَى الآخِرَةِ مُشْتَاقُونَ، وإلى الطَّاعَاتِ مُسَارِعُونَ.

2136 ـ السَّيْفُ فَاتِقٌ، وَالدِّينُ رَاتِقٌ، فَالدِّينُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالسَّيْفُ يُنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، قَالَ اللهُ تَعَالى: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ)(2).

يشير هذا الكلام إِلى لزوم رتق الاُمور وفتقها لكلّ حكومة، إِلى أن هناك ضرورة في، فالفتق هو فعل السيف حيث ينهى الناس من المنكر ويفصل بينهما، وإن لم يذعنوا فينالهم ما ينالهم من الجرح والقطع والقتل، وهكذا يجب الوصل والاُلفة بين الناس كي يكونوا متعاونين ومتعاضدين فيما بينهم، ولذا استعان الإسلام بالسيف للفتق، وباللطف والمحبة والأمر بالاحسان إِلى الغير والاجتماع في الصلاة وغيرها كلّ ذلك من أجل الرتق.

ثمّ بعد هذا ولأجل الإشارة إِلى بعض فوائد الاستعانة بالسيف تلا قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ) لأنّ الناس إذا شاهدوا القصاص في الجروح والقتل خافوا ولم يجرؤوا على ذلك، وكان ذلك سبباً لحياتهم وأمانهم، بعكس ما لو لم يكن هناك قصاص حيث لا خوف لدى الناس فيبادرون للتعدي والقتل بأدنى سبب فلا تُصان حياة الناس.

2137 ـ المَعْرُوفُ لاَ يَتمُّ إلاَّ بِثَلاَث: بِتَصْغِيرِهِ وَتَعْجِيله، فَإنَّكَ إذَا صَغَّرْتَهُ فَقَدْ عَظَّمْتَهُ، وَإذَا عَجَّلْتَهُ فَقَدْ هَنَّأَتَهُ، وَإِذَا سَتَرْتَهُ فَقَدْ تَمَّمْتَهُ.

... «إذا صغرته فقد عظمته» أي عند من أحسن إليه، «وإذا عجلته فقد هنّأته» وذلك بخلاف ما لو كان بعد تحمل عناء الانتظار وتعبه «وإذا سترته فقد تممته» وذلك لدفع الخجل فيما لو اطلع عليه أحد.

2138 ـ الأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ، وَالْسَّرَائِرُ مَبْلُوَّةٌ، وَكُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ.

أي يكتب ويحفظ كلّ ما يقوله الإنسان ليوم الحساب، والله تعالى قد اختبر سريرة كلّ إنسان ومطلع عليها وإن لم يظهروا منها شيئاً، وهي تستدعي علو مرتبة الناس لديه أو سقوطهم (وَكُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) أي يجعلها الله تعالى مرهونة فإن أساء انتقم منه وإنْ أحسن أثابه.

2139 ـ النَّاسُ مَنْقوُصُونَ مَدْخُولُونَ إِلاَّ مَنْ عَصَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ، سَائِلُهُمْ مُتَعَنِّتٌ، وَمُجِيبُهُمْ مُتَكَلِّفٌ، يَكَادُ أَفْضَلُهُمْ رَأْيَاً أَنْ يَرُدُّهُ عَنْ فَضْلِ رَأْيِهِ الرِّضَا وَالسَّخَطُ، وَيَكَادُ أَصْلَبُهُمْ عُوداً تَنْكَأُهُ اللَّحْظَةُ، وَتَسْتَحِيلُهُ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ.

... «سائلهم متعنّت» أي انّ ليس غرضه من السؤال تحقيق الحال بل لاظهار نقص الآخر وفضل نفسه، «ومجيبهم متكلّف» أي يتعرّض لاُمور لم يقصدها السائل ليوقعه في الحيرة ولئلاّ يتبيّن عواره ] وعدم معرفته بالجواب[ «يكاد أفضلهم رأياً أن يردّه عن فضل رأيه الرضى والسخط» أي لم يبق اعتماد على ] رأي[ العلماء وكاد أفضلهم رأياً أن يرجع عن رأيه بمجرد رضى الطرف الآخر أو السخط على هذا الطرف الّذي حكم له برأيه «ويكاد أصلبهم عوداً» أي أصلبهم في الاستقامة عند العمل «تنكأه اللحظة» أي ممّن يخاف منه، يعني تؤثّر فيه كتأثير من نكأ القرحة، فيخاف ويرجع عن رأيه، ويمكن أن يكون المراد انّ نظرة واحدة أو نظرة في غير محلها ممن أعطى رأيه لصالحه، تغضبه وتدفعه للتراجع عن رأيه، وهكذا «تستحيله الكلمة الواحدة» أي الكلمة الواحدة الصادرة ممن يهابه أو يحابيه، إذا صدرت على خلاف رأيه وكان فيها تطميع ورشوة، لكانت كافية في رجوعه عن رأيه.

2140 ـ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَامِلاَنِ: عَامِلٌ فِي الدُّنْيَا للدُّنْيَا قَدْ شَغَلَتْهُ دُنْيَاهُ عَنْ آخِرَتِهِ، يَخْشَى عَلَى مَنْ يُخَلِّفُ الفَقْرَ، وَيَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيُفْنِي عُمْرَهُ فِي مَنْفَعِةِ غَيْرِهِ، وَعَامِلٌ فِي الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا فَجَاءَهُ الَّذِي لَهُ بِغَيْرِ عَمَل، فَأَحْرَزَ الحَظَّيْنِ مَعَاً وَمَلَكَ الدَّارَيْنِ مَعَاً.

المراد من «يأمنه على نفسه» هو أنّه يملك ما يكفيه ما دام حياً، ولكنه يسعى للدنيا خوفاً على ورثته من الفاقة.

2141 ـ اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا وَدِمَاءَهُمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَأَنْقِذَهُمْ مِنْ ضَلاَلَتِهِمْ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْغَدْرِ مَنْ لَهِجَ بِهِ.

هذا دعاء كان يدعو به (صلوات الله وسلامه عليه) لنفسه ولأصحابه وأعدائه من المسلمين جميعاً. وفي بعض النسخ ورد (وأهدهم) بدلا عن (وأنقذهم) أي ارشدهم إِلى الطريق أو أوصلهم إِلى الحقّ.

2142 ـ العَقْلُ أَنْ تَقُوْلَ مَا تَعْرِفُ وَتَعْمَلَ بِمَا تَنْطِقُ بِهِ.

2143 ـ أَرْبَعٌ مَنْ اُعْطِيَهُنَّ فَقَدْ اُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ: صِدْقُ حَدِيث، وَأَدَاءُ أَمَانَة، وَعِفَّةُ بَطْن، وَحُسْنُ خُلْق.

... «من اُعطيهنّ» أي أعطاها الله تعالى له ... «وعفّة بطن» أي من الحرام المشتبه ... .

2144 ـ أَرْبَعٌ تَشينُ الرَّجُلَ: البُخْلُ، وَالكِذْبُ، والشَّرَهُ، وَسُوءُ الخُلْقِ.

2145 ـ التَّوَاضُعُ رَأْسُ العَقْلِ وَالتَّكَبُّرُ رَأْسُ الجَهْلِ.

وذلك لأنّ التواضع ليس بحاجة إِلى مؤونة وبذل، ويستدعي رضا الله سبحانه وعباده، ولا نفع في التكبر إذ يجلب سخط الله وعداء الناس، فبطبيعة الحال أن يتواضع العاقل، ولا يتكبر الإنسان ما لم يكن جاهلا.

2146 ـ السَّخَاءُ ثَمَرَةُ العَقْلِ، وَالقَنَاعَةُ بُرْهَانُ النَّبْلِ.

... «النبل» يعني النجابة أو حدّة الفطنة ـ كما ذكر مراراً ـ .

2147 ـ الكَرِيمُ عِنْدَ اللهِ مَحْبُورٌ مُثَابٌ، وَعِنْدَ النَّاسِ مَحْبُوبٌ مُهَابٌ.

«الكريم» أي الجواد أو ذو الكرامة ... .

2148 ـ الشَّرُّ أقْبَحُ الأَبْوَابِ وَفَاعِلُهُ شَرُّ الأَصْحَابِ.

2149 ـ العِفَّةُ تُضْعِفُ الشَّهْوَةَ.

«العفّة» أي كفّ البطن والفرج «تضعف الشهوة» أي إذا جعل نفسه تألف العفّة فسوف تضعف رغباته النفسية وشهوته ولا يميل للأهواء والشهوات.

2150 ـ الصَّدَقَةُ تَسْتَنْزِلُ الرَّحْمَةَ.

2151 ـ البَلاَغَةُ أَنْ تُجِيبَ فَلاَ تُبْطىءَ، وَتُصِيبَ فَلاَ تُخْطِىءَ.

أي انّ البلاغة هي الاجابة السريعة والصحيحة عن كلّ سؤال، وهذا معنى البلاغة اجمالا، وقد ذُكر فيما مضى معناها التفصيلي.

2152 ـ العَقْلُ يَهْدِي وَيُنْجِي، وَالجَهْلُ يُغْوِي وَيُرْدِي.

«العقل» أي العقل نفسه أو العلم بقرينة المقابلة مع الجهل... والهداية بمعنى إراءة الطريق أو الايصال إِلى المطلوب ... .

2153 ـ الجَوَادُ فِي الدُّنْيَا مَحْمُودٌ وَفِي الآخِرَةِ مَسْعُودٌ.

2154 ـ النَّبْلَ بِالتَّحلّي بِالجُودِ وَالوَفَاءِ بِالعُهُودِ.

«النبل» أي السخاء أو حدّة الفطنة ... .

2155 ـ التَّقْوَى لاَ عِوَضَ عَنْهُ وَلاَ خَلَفَ فِيهِ.

«التقوى» أي التوقّي أو الخوف من الله «لا عوض عنه ولا خلف فيه» أي لا توجد صفة حسنة ولا فعل خير كعوض للتقوى وبديلا عنها بحيث تماثلها في الفضيلة.

2156 ـ المُؤْمِنُ مَنْ تَحَمَّلَ أَذَىَ النَّاسِ وَلاَ يَتَأَذَّى أَحَدٌ بِهِ.

2157 ـ الخَوْفُ مِنَ اللهِ فِي الدُّنْيَا يُؤْمِنُ الخَوْفَ فِي الآخِرَةِ مِنْهُ.

وذلك لأنّ من يخشى الله في الدنيا لا يعمل ما يخاف منه في الآخرة.

2158 ـ القَرينُ النَّاصِحُ هُوَ العَمَلُ الصَّالِحُ.

القرين الناصح الخالي من الغش هو العمل الصالح حيث يصاحب الإنسان دائماً ـ كما ذكر سابقاً ـ .

2159 ـ الطَّاعَةُ وَفِعْلُ البِرِّ هُمَا المَتْجَرُ الرَّابِحُ.

«الطاعة» أي طاعة الله تعالى ... .

2160 ـ الكَرِيمُ مَنْ صَانَ عِرْضَهُ بِمَالِهِ، وَاللَّئِيمُ مَنْ صَانَ مَالَهُ بِعِرْضِهِ.

الكريم وهو ذو الشأن والمكانة الرفيعة أو السخي والجواد يصون عرضه بماله، أي يصرف ماله لأجل الحفاظ على عرضه، واللئيم وهو الّذي يقابل الكريم بأحد المعنيين المذكورين يصون ماله بعرضه، أي يتنازل عن عرضه صوناً لماله.

2161 ـ المُؤْمِنُ مَنْ وَقَى دِينَهُ بِدُنْيَاهُ، وَالفَاجِرُ مَنْ وَقَى دُنْيَاهُ بِدِينِهِ.

«وقى دينه بدنياه» أي يترك دنياه أو يصرفها لأجل الحفاظ على دينه، «والفاجر من وقى دنياه بدينه» أي يترك دينه للحفاظ على دنياه.

2162 ـ الوَرَعُ الوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ.

أي ليس الورع مجرد احتراز المؤمن عن الحرام الواقعي، بل الورع من يقف عند الشبهة ولا يرتكبها.

2163 ـ التَّقْوَى أنْ يَتَّقِيَ المَرْءُ(3) كُلَّما يُؤْثِمُهُ.

«التقوى» أي التوقي أو الخوف من الله ... .

2164 ـ العَاقِلُ مَنْ لاَ يُضِيِعُ لَهُ نَفَساً فِيمَا لاَ يَنْفَعُهُ وَلاَ يَقْتَنِي مَا لاَ يَصْحَبُهُ.

المراد انّ العاقل لا يضيع نَفَسَه فيما لا فائدة فيه، كالانشغال بالاُمور الدنيوية والمراد من : (ما لا يصحبه) هو أن يدخر ماله ولا يصرفه في الخيرات.

2165 ـ الغَضَبُ يُثِيرُ كَوَامِنَ الحِقْدِ.

أي انّ من يحقد على شخص ويكمن ويضمر له في نفسه الأعمال السيّئة، فإذا غضب عليه فانّ هذه الكوامن ستظهر للناس، ولعل المراد من «كوامن الحقد» هو الأحقاد الدفينة ويعني انّ المرء إذا أضمر حقداً على أحد وأخفى ذلك فانّه سوف يبدو على محياه عند الغضب.

2166 ـ اللَّهْوُ يُفْسِدُ عَزَائِمَ الجِدِّ.

«عزائم الجدّ» أي العزائم الصحيحة الّتي ليست لعباً، ومن الطبيعي أن يمنعها الانشغال باللهو واللعب، ويسبب عدم تحققها.

2167 ـ المَرْءُ بِفِطْنَتِهِ لاَ بِصُورَتِهِ.

أي ينبغي ملاحظة استيعاب المرء وتحديد قدره ومنزلته من خلال ذلك، وليس من خلال جمال صورته وقبحها.

2168 ـ المَرْءُ بِهِمَّتِهِ لاَ بِقُيْنَتِهِ.

يُختبر الإنسان بهمّته وليس بما يدخّره، فكلّ ذي همة له منزلة وقدر وإن لم يدخّر شيئاً، ومن كان بخيلا فلا قدر له وإن امتلك ذخيرة.

2169 ـ البِشْرُ مَنْظَرٌ مُونِقٌ وَخُلْقٌ مُشْرِقٌ.

2170 ـ السَّخَاءُ وَالحَيَاءُ أَفْضَلُ الخُلْقِ.

2171 ـ الفُتُوَّةُ نَائِلٌ مَبْذُولٌ وَأَذَىً مَكْفُوفٌ.

الفتوة عطاء مبذول وأذى ممنوع، أي أن يبذل المرء للناس دون أن يؤذي أحداً.

2172 ـ المُرُوءَةُ بَثُّ المَعْرُوفِ وَقَريَ الضُّيُوفِ.

2173 ـ النَّاسُ مِنْ خَوْفِ الذُّلِّ مُتَعَجِّلُو الذُّلِّ.

أي كما إذا توسّل بأهل الدنيا من لا يحتاج، وتملّق وتواضع لهم وتحمّل الذلّ ] العاجل[ عسى أن ينفعوه يوماً ويدفعوا عنه ذلاّ.

2174 ـ اللِّجَاجُ أَكْثَرُ الأَشْيَاءِ مَضَرَّةً فِي العَاجِلِ وَالآجِلِ.

انّ اللجاج وهو العداء مع الناس أو الاصرار على الباطل الأكثر ضرراً وخسراناً في الدنيا والآخرة، وورد في بعض النسخ (أكبر) بدلا عن (أكثر) فيعني أكبر الأشياء.

2175 ـ العِلْمُ أكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحَاطَ بِهِ فَخُذُوا مِنْ كُلِّ عِلْم أَحْسَنَهُ.

... «أحسنه» أي ما كانت فائدته ومنفعته أكثر.

2176 ـ الرَّجُلُ السُّوءُ لاَ يَظُنُّ بِأَحَد خَيْرَاً لأَِنَّه لاَ يَرَاهُ إلاّ بِوَصْفِ نَفْسِهِ.

.... «لا يراه إلاّ بوصف نفسه» أي انّه يعتقد انّ جميع الناس مثله في الشرّ.

2177 ـ الشُّكْرُ أَعْظَمُ قَدْرَاً مِن المَعْرُوفِ لأِنَّ الشُّكْرَ يَبْقَى وَالمَعْرُوفَ يَفْنَى.

أي إذا اُعطي إنسان نعمة فواضح انّها سوف لا تبقى، ولكن إذا أبدى شكره عليها كان ذلك سبباً لنزول نعمة اُخرى وهكذا، فشكر النعمة إذن أعظم قدراً من النعمة والإحسان، لأنّها لا تبقى والشكر باق.

ولعل المراد هو انّ الشكر ويعني الأجر الإلهي قبال إحسان الإنسان، أعظم قدراً منه، لأنّ أجر الله تعالى ثابت ودائم وإحسان الإنسان فان(4)، أو انّ شكر من أنعم عليه أعظم من الإحسان المُهدا إليه لأنّ شكره والثناء عليه يبقى أحياناً مدة طويلة في حين تفنى النعمة المعطاة له بسرعة، أو انّه باق باعتبار استلزامه الأجر والثواب الدائم الباقي، طبعاً فيما إذا كان شكره دعاء لآخرته.

2178 ـ اللُّؤْمُ مُضَادٌّ لِسَائِرِ الفَضَائِلِ وَجَامِعٌ لِجَمِيعِ الرَّذَائِلِ وَالسَّوءاتِ وَالدَّنَايَا.

اللؤم وهو البخل أو دناءة النفس يضاد جميع الفضائل ولا ينسجم معها، ويمهد لكلّ الرذائل والسيّئات والدناءات، والرذائل كما ذكر تقابل الفضائل، وهي الصفات الّتي تستدعي دناءة صاحبها.

2179 ـ المُرُوءَةُ إسْمٌ جَامِعٌ لِسَائِرِ الفَضَائِلِ وَالمَحَاسِنِ.

المروءة وهي الرجولة أو الإنسانية تجمع كلّ الفضائل والمحاسن، أي انّ كلّ إحسان وكلّ صفة تستدعي الفضيلة وسمو رتبة الإنسان تدخل في المروءة.

2180 ـ الكَيِّسُ مَنْ مَلَكَ عِنَانَ شَهْوَتِهِ.

الفطن هو من يمسك بزمام شهوته، أي لا يكون تابعاً لها، ولا يستجيب لكلّ رغبة لا يرى فيه المصلحة.

2181 ـ العَاقِلُ مَنْ غَلَبَ نَوَازِعَ أَهْوِيَتِهِ.

العاقل هو من يتغلب على ما يثير أهواءه أي يتغلّب على أهوائه الّتي تقلع الإنسان من موقعه، وتشغله في تحصيلها.

2182 ـ الكَلاَمُ كَالدَّوَاءِ قَلِيلُهُ يَنْفَعُ وَكَثِيرُهُ قَاتِلٌ.

2183 ـ المَنْعُ الجَمِيلُ أَحْسَنُ مِنَ الوَعْدِ الطَّوِيلِ.

أي إذا طُلب شيء من شخص فلم يعطه بلين ولطف، أفضل من أن يعطي وعداً طويلا، ثمّ يتركه يكابد أتعاب الانتظار وآلامه.

2184 ـ المَكَانَةُ مِنَ المُلُوكِ مِفْتَاحُ المِحْنَةِ وَبَذْرُ الفِتْنَةِ.

انّ اعتبار المكانة عند الملوك مفتاح المحنة والشقاء هو أنّ من يكون ذا خطوة ومكانة لدى السلطان، كان لابدّ له أن يصرف أكثر أوقاته في خدمته، ويتحمّل آلام وأتعاب الأسفار والحروب، والحرّ والبرد وغيرها، ورغم ذلك ينهال الناس عليه ويطرح كلّ واحد مطلبه وما يهمّه ما لا يقدر عليه حتّى السلطان، وفي كلّ مطلب لم ينفذه إن لم يثرِ العداء ضدّه، فانّه يسبب له الخجل والانفعال.

وكونه «بذر الفتنة» هو ـ مغ غض النظر عن بعض الأسباب المذكورة ـ انّ السلاطين مرهفوا الأحاسيس ينزعجوا لأتفه الاُمور، وبعد هذا سيسقط الإنسان عندهم من الاعتبار ويصاب بالذلّ والهوان، طبعاً إن لم يصبه الأذى من قبلهم.

2185 ـ التَسَلُّطُ عَلَى الضَّعِيفِ وَالمَمْلُوكِ مِنْ لُزُومِ القُدْرَةِ.

أي انّ الاقتدار في الدنيا لا يتحصّل بدون التسلّط على بعض الضعفاء والعبيد، فمن رام ذلك ]أي الاقتدار[ عليه أن يراعي حالهم ويتفقد أحوالهم ويكسب رضاهم كي تصان دولته بل تنمو وتتّسع رقعتها، وقد ورد (لؤم) بدلا عن (لزوم) في بعض النسخ، فيعني أنّ التسلّط على الضعيف والمملوك من لؤم القدرة، فمن رغب في القوّة والاقتدار في الدنيا عليه أن لا يرضى بذلك.

2186 ـ الضَّمَائِرُ الصِّحَاحُ أَصْدَقُ شَهَادَةً مِنَ الأَلْسُنِ الفِصَاحِ.

أي في كثير من الموارد حينما يكون للإنسان ضمير وفكر صحيح فانّ ضميره وفكره يشهد بصدق المدعي أو كذبه بنحو أصدق من شهادة الشهود بلسان فصيح.

2187 ـ الرِّفْقُ لِقَاحُ الصَّلاَحِ وَعُنْوَانُ النَّجَاحِ.

أي انّ الرفق يتضمن المصلحة وينتج اُموراً فيها مصلحة الإنسان، وقوله: «لقاح الصلاح» من باب المبالغة، كما يقال في (زيدٌ عدلٌ)، و «العنوان» يعني العلامة، وأوّل الكلام، كما ذكر ذلك مراراً.

2188 ـ أَوْقَاتُ الدُّنْيَا وَإنْ طَالَتْ قَصِيرَةٌ، وَالمُتْعَةُ بِهَا وَإنْ كَثُرَتْ يَسيرَةٌ.

وذلك انّ الشيء الّذي ينتهي وإن طالت مدّته، كم يمكن أن يكون مقداره وأمده بالنسبة إِلى ما يبقى دائماً ويدوم كنعم الجنّة; بيد انّه لا يقاس المتناهي إِلى اللامتناهي، وفي بعض النسخ ورد (والمنعة) بدلا عن (والمتعة) فيعني إن العزة وعلو الشأن بها وإن كانت كثيرة فانّها قليلة ] في الواقع[.

2189 ـ الصَّنِيعَةُ إذَا لَمْ تُرَبَّ أَخْلَقَتْ كَالثَّوْبِ البَالِي وَالأبْنِيَةِ المُتَدَاعِيَةِ.

انّ الإحسان إذا لم يُربّ أي لم يعقبه إحسان آخر ويتجدّد، فانّه يبلى كالثوب البالي والأبنية الآئلة للهدم.

2190 ـ الشَّرُّ كَامِنٌ فِي طَبِيعَةِ كُلِّ أَحَد فَإنْ غَلَبَهُ صَاحِبُهُ بَطَنَ وَإنْ لَمْ يَغْلِبْهُ ظَهَرَ.

2191 ـ الغَدْرُ يُعَظِّمُ الوِزْرَ وَيُزْرِي بِالْقَدْرِ.

... «يُعظّم الوزر» أي انّه ذنب عظيم ... .

2192 ـ المَقَادِيرُ تَجْرِي بِخِلاَفِ التَّقْدِيرِ وَالتَّدْبِيرِ.

يجري التقدير الإلهي على عكس تقدير العباد وتدبيرهم، أي انّ تقديرهم وتدبيرهم لا يكون نافعاً دائماً، بل يجري القضاء والقدر الإلهي باتجاه معاكس في الكثير من الموارد.

2193 ـ إنْجَازُ الوَعْدِ مِنْ دَلاَئِلِ المَجْدِ.

الوفاء بالوعد من أدلة المجد، والمجد يعني علو الشأن والشرف، وجاء بمعنى الكرم، وقال بعض انّه يعني شرف أو كرم آباء هذا الإنسان ] الوفي بوعده[.

2194 ـ التَشَمُّرُ لِلْجِدِّ مِنْ سَعَادَةِ الجَدِّ.

أي السعي في الطاعات والعبادات وأعمال الخير، والتشمّر لها كناية عن غاية السعي فيها والاهتمام لانجازها.

2195 ـ العَاقِلُ مَنْ سَلَّمَ إلَى القَضَاءِ وَعَمِلَ بِالْحَزْمِ.

العاقل من يسلم لقضاء الله سبحانه وتقديره، ويعمل بالحزم أي يوفّر شرائط الحزم والتدبر في كلّ ما يريد فعله كما أمر بذلك، ومع ذلك يسلّم للقضاء والقدر الإلهي حتّى يتحقق ما يراه الله تعالى مصلحة.

2196 ـ الكَيِّسُ مَنْ تَجَلْبَبَ الحَيَاءَ وَاْدَّرَعَ الحِلْمَ.

التجلبب بالشيء كناية عن شدة الالتصاق وعدم الانفصال، و «ادرع الحلم» باعتبار انّ الحليم لا يؤذيه أحد، فكأنّ الحلم قد حفظه من طعن الناس وضربهم كالدرع.

2197 ـ الكَامِلُ مَنْ غَلَبَ جِدُّهُ هَزْلَهُ.

أي انّ اشتغاله بالأعمال الجادّة، يمنعه من الانشغال باللهو واللعب.

2198 ـ العَاقِلُ مَنْ قَمَعَ هَوَاهُ بِعَقْلِهِ.

أي يدفع بعقله الهوى عن نفسه، وقد ورد (الكامل) بدل (العاقل) في بعض النسخ، فيعني انّ الكامل هو من يقمع هواه بعقله.

2199 ـ الدَّهْرُ ذُو حَالَتَيْنِ: إِبَادَة وَإِفَادَة، فَمَا أَبَادَهُ فَلاَ رَجْعَةَ لَهُ، وَمَا أَفَادَه فَلاَ بَقَاءَ لَهُ.

أي ينبغي أن لا يتوقع من الدهر خيراً.

2200 ـ الإسْتِطَالَةُ لِسَانُ الغِوَايَةِ وَالجَهَالَةِ.

«لسان الغواية والجهالة» أي تكون الاستطالة بمثابة انّه أجراهما على لسانه بحيث يخبران عن وجودهما فيه، أو انّها بمثابة اللسان الّذي يخبر عن وجودهما في صاحبهما.

 

الهوامش:

(1) في نسخة مدرسة سبه سالار ورد (لأنّ) بدلا عن (فإنّ).

(2) البقرة: 179.

(3) ورد (الرجل) بدلا عن (المرء) في نسخة مكتبة مسجد سبه سالار.

(4) من هنا حتّى الأخير موجود في نسخة مكتبة سبه سالار فقط.