2701 ـ اِيّاكَ وَمُصاحَبَةَ اَهْلُ الفُسُوقِ فَاِنَّ الرّاضِي بِفِعْلِ قَوْم كَالدَّاخِلِ مَعَهُمْ.

2702 ـ اِيّاكَ اَنْ تُحِبَّ أَعَدَاءَ اللهِ أو تُصْغِي وُدَّكَ لِغَيْرِ أَوْلَياءِ اللهِ فِانَّ مَنْ أَحَبَّ قَوْماً حُشِرَ مَعَهُمْ.

«حشر معهم» أي سيبعث يوم القيامة معهم.

2703 ـ اِيّاكَ وَالخَدِيعَةَ فَاِنَّ الخَدِيعَةَ مِنْ خُلْقِ اللَّئِيمِ.

2704 ـ اِيّاكَ وَالمَكْرَ فَاِنَّ المَكْرَ لَخْلْقٌ ذَمِيمٌ.

2705 ـ اِيّاكَ وَالمَعْصِيَةَ فَاِنَّ اللَّئِيمَ(1) مَنْ بَاعَ جَنَّةَ المَأْوى بِمَعْصِيَة دَنِيَّة مِنْ مَعَاصِي الدُّنيا.

إحذر معصية الله تعالى فانّ الدنيء هو الّذي يبيع جنّة المأوى بمعصية دنيئة من معاصي الدنيا، أي بلذة دنيئة في عصيان من ألوان العصيان في الدنيا، و (المأوى) يعني المنزل و ] جنّة المأوى[ اسم الجنّة أو اسم جنّة خاصة.

2706 ـ اِيّاكَ وَالوَلَهَ بِالدُّنيَا فَاِنَّها تُورِثُكَ الشَّقَاءَ وَالبَلاَءَ وَتَحْدُوكَ عَلَى بَيْعِ البَقَاءِ بِالفَنَاءِ.

الوله بإنسان أو بشيء هو حبه حباً جماً فيكون حيراناً تجاهد، ويكون دائم الحزن على فراقه أو خشية فراقه فيفقد عقله بسببه، والمراد من (بيع البقاء بالفناء) هو بيع الآخرة الباقية بالدنيا الفانية.

2707 ـ اِيّاكَ أَنْ تَغْلِبَكَ نَفْسُكَ عَلَى مَا تَظُنُّ وَلاَ تَغْلِبَها عَلَى مَا تَسْتَيْقِنُ فَاِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الشَّرِّ.

أي تغلبك نفسك وتدفعك لطلب الدنيا الّتي تظن نيلها بالسعي والطلب، ولا تغلبها أنت بأن تدفعها نحو طلب الآخرة الّتي تستيقن بها.

2708 ـ اِيّاكَ أَنْ تُسِيءَ الظَنَّ فَاِنَّ سُوءَ الظَّنِّ يُفْسِدُ العِبَادَةَ وَيُفَطِّمُ الوِزْرَ.

قد يكون المراد هو إساءة الظن بالله تعالى، وانّ ما قسمه بين الناس من الأرزاق والأعمار وما شاكلها(2) ليس عدلا، وعليه يكون (افساده للعبادة وتعظيم الذنب) أمراً واضحاً، وقد يكون المراد: سوء الظن بالناس، ولكن الظاهر انّ أصل الظن السوء بإنسان إذا صدر منه بعض الامارات والعلامات الدالة على سوء طويته ـ خارج عن إرادة الإنسان ولا يعقل حرمته فضلا عن كونه من الكبائر المفسدة للعبادات، وعليه فانّ المراد هو العمل بذلك الظن والحكم به، والتعامل بالسوء مع إنسان لمجرد سوء الظن به، بل لا يجوز الحكم بسوء إنسان ما لم يجزم به وما دام من الممكن حمل أقواله وأفعاله على محمل صحيح لا يمكن المؤاخذة عليها.

2709 ـ اِيّاكَ أَنْ تُسْلِفَ المَعْصِيَةَ وَتُسَوِّفَ بِالتَّوْبَةِ فَتَعْظُمَ لَكَ العُقُوبَةُ.

احذر تقديم المعصية وتأخير التوبة والانابة فتعظم عقوبتك إمّا لعدم التوفيق للتوبة بعد ذلك، ويرحل بدونها فيستحق عقوبة عظيمة، وإمّا لأنّ أصل تأخير التوبة من المعصية وإن كانت صغيرة فانّه معصية كبيرة وسبب لعقوبة عظيمة، كما ذكر مكرراً من انّ الاصرار على الذنب معصية كبيرة، وعليه يمكن أن يكون تسويف التوبة مطلقاً بحكم الاصرار، أو انّ المراد هو تسويفها باعتبار انّه عازم على فعل ذلك الذنب والتسويف بهذا النحو لا شبهة في دخوله في الاصرار كما ذكر مراراً.

2710 ـ اِيّاكَ أَنْ تَكُونَ عَلَى النَّاسِ طَاعِنَاً وَلِنَفْسِكَ مُداهِنَاً فَتَعْظُمَ عَلَيْكَ الحَوْبَةُ وَتُحْرَمَ المَثُوبَةِ.

أي إذا كنت هكذا كان ذنبك عظيماً وتكون محروماً من الثواب.

2711 ـ اِيّاكَ وَالاِمْساكَ فَاِنَّ ما اَمْسَكْتَهُ فَوْقَ قُوتِ يَوْمِكَ كُنْتَ فِيهِ خَازِناً لِغيْرِكَ.

أي انّك قد لا تبقى وينتقل ذلك لغيرك فتكون خازناً له، وهذا الّذي قائم على الأولوية والأفضلية خصوصاً بالنسبة للأولياء والأصفياء، وليس يعني أن خزن الزائد على مؤونة ذلك اليوم يكون حراماً.

2712 ـ اِيّاكَ وَمُلابَسَةَ الشَّرِّ فَاِنَّكَ تُنِيلُهُ نَفْسَكَ قَبْلَ عَدُوِّكَ، وَتُهْلِكُ بِهِ دِينَكَ قَبْلَ اِيصَالِهِ اِلَى غَيْرِكَ.

المراد من (الشرّ) هنا هو الإساءة إِلى الناس، و المراد من (ملابسته) هو العمل به ومرافقته كما يكون الإنسان ملازماً لثيابه، و (تنيله نفسك قبل عدوّك) هو لأنّ الإنسان بمجرد المباشرة بعمل قاصداً الاضرار بشخص آخر كُتب إثمه عليه فيصل إليه ضرره وكثيراً ما يصل الضرر إِلى ذلك الشخص بعد مدة، وقد يكون ضرره عليه أعظم لأنّ إثمه يكتب قبل فعلهُ بمجرد العزم والإرادة التامة، وليس فيه ضرر على الغير إلاّ بعد ارتكابه، ولا يتنافى ذلك مع ما ورد من أن (العزم على المعصية لا يكتب معصية) لأنّه عزم دون فعل وهذا عزم مع فعل، وتخصيص العدوّ بالذكر يرجع إِلى انّ الإنسان لا يفعل سوءاً بغير العدوّ، و (تهلك به دينك قبل ايصاله إِلى غيرك) بمنزلة التأكيد لما مضى، ويفسّر على أحد الوجهين المذكورين أيضاً.

2713 ـ اِيّاكَ أَنْ تُثْنِيَ عَلَى أَحَد بِما لَيْسَ فِيهِ فَاِنَّ فِعْلَهُ يَصْدُقُ عَنْ وَصْفِهِ وَيُكَذِّبُكَ.

إحذر مدح إنسان بما ليس فيه لأنّ فعله سيكون منافياً لقولك وواضح انّ ما يخبر عن صفته يكون صادقاً فهو يكذبك ويجعلك كاذباً.

2714 ـ اِيّاكَ وَطُولَ الاَمَلِ فَكَمْ مِنْ مَغْرُور افْتَتَنَ بِطُولِ أَمَلِهِ وَأَفْسَدَ(3)عَمَلَهُ وَقَطَعَ أَجَلَهُ فَلاَ أَمَلَهُ أَدْرَكَ وَلاَ ما فَاتَهُ اسْتَدْرَكَ.

المراد: لا تجعل لنفسك أملا طويلا، فكم من مخدوع قد وقع في الفتنة بسبب طول الأمل لانشغاله بسبب ذلك للسعي له، وتسامح وتساهل في الطاعات والعبادات وأفسد عمله حتّى إذا انقضى عمره لم ينل ما أمّله، ولم يجد ما فاته، أي عجز عن تدارك وإفاته واسترجاعه في هذه المدة إمّا لعدم بقاء وقت له، أو انّه اشتغل بالسعي من أجله، وليس بتدارك ما فاته في الماضي، وبذلك أفسد عمله، حتّى إذا انقضى عمره لم ينل ما أمله، ولم يتدارك ما فاته قبل ذلك، فعلى الإنسان إذن أن يقطع آماله البعيدة والطويلة، ويشتغل دائماً في تدارك ما فاته، وقد يكون المراد: لا يكون أملك طويلا لأنّ من كان له أمل طويل امّا لأمله بطول العمر أو لأمله بنيل مطلوب بعيد يتوقف على عمر طويل، وعلى كلّ تقدير يفترض لنفسه عمراً طويلا، وكثيراً ما انشغل الإنسان بسبب ذلك عن تدارك ما فاته بأمل الفسحة في الوقت وانّه سيفعل بعد ذلك، فأفسد عمله حتّى ينقضي عمره فلم يبلغ أمله ولم يتدارك ما فاته، نعوذ بالله منه.

2715 ـ اِيّاكَ وَمُساماةَ اللهِ سُبْحانَهُ فِي عَظَمَتِهِ فَاِنَّ اللهَتَعَالَى يُذِلُّ كُلَّ جَبّار وَيُهِينُ كُلَّ مُخْتال.

إحذر معارضة الله تعالى أو المفاخرة معه في كبريائه فانّه يذل كلّ متجبر، ويحقّر كلّ متكبر، أو كلّ معجب بنفسه، و المراد من (التعارض مع الله في كبريائه) هو أن يرى الإنسان نفسه عظيماً مثله تعالى، أو أن(4) يفترض لنفسه عظمة إِلى جانب عظمته سبحانه وإن كان أقل من ذلك، أو أن يعزم على فعل ما يتعارض مع تقديره، والمراد من (المفاخرة معه في العظمة) هو المعنى الأوّل نفسه.

2716 ـ اِيّاكَ وَالغَفْلَةَ وَالاِغْتِرارَ بِالْمُهْلَةِ، فَاِنَّ الغَفْلَةَ تُفْسِدُ الأَعْمالَ وَالآجالَ تَقْطَعُ الآمالَ.

إحذر أن تكون غافلا عن نفسك، وأن لا تفعل ما يصلح أحوالك في الدنيا والآخرة، لأنّ الغفلة تفسد الأعمال أي انّ الغافل عن نفسه ومن لم يبادر لاصلاح أحواله تكون أعماله فاسدة وباطلة ولا يعمل ما ينفعه، ولا تنخدع بالمهلة الموجودة لتقول سوف أهتم بأحوالي في المستقبل لأنّ الآجال تقطع الآمال، أي انّ أجل كلّ إنسان وحلول موته يقطع آماله، وواضح انّ حينه غير معلوم ويحتمل حلوله في اللحظات المقبلة، فلا يبقى أمل للتدارك.

2717 ـ اِيّاكَ وَالقِحَةَ فَاِنَّها تَحْدُوكَ عَلى رُكُوبِ القَبَائِحِ وَالتَّهَجُّمِ عَلى السَّيِّئاتِ.

احذر عدم الحياء من الله تعالى وعباده، فانّه يدفعك نحو ممارسة القبائح أي ارتكابها، و (التهجم على السيئات) يعني الوصول إليها أو الدخول فيها.

2718 ـ اِيّاكَ وَالبَغْيَ فَاِنَّ الباغِيَ يُعَجِّلُ اللهُ لَهُ النَّقِمَةَ وَيُحلُّ بِهِ المَثُلاتِ.

(البغي) يأتي بمعنى الظلم والطغيان والعدول عن الحقّ والكذب، وكلّها محتملة هنا.

2719 ـ اِيّاكَ وَفُضُولَ الكَلاَمِ فَاِنَّهُ يُظْهِرُ مِنْ عُيُوبِكَ ما بَطَنَ، وَيُحَرِّكُ عَلَيْكَ مِنْ أَعْدائِكَ ما سَكَنَ.

أي انّ الإكثار في الكلام يظهر عيوبك الخافية، ويثير في أعدائك ما سكن من الاضرار بك، أي العدوّ الساكن أو عزمه وقصده الساكن، وعلى كلّ تقدير فانّ المراد هو: انّ الإكثار في الكلام يحط من هيبتك في عيون الناس، ويتجرّأ عليك أعداؤك الّذين سكنوا عن الاضرار بك أو عن عزم ايذائك وقصده; خوفاً ] ففضول الكلام[ يدفعهم لايذائك والاضرار بك، وقد يكون سبب ذلك انّ من كثر كلامه قلّما يسكت عمّا يثير غضب أعدائه فيسبب آثارتهم والتحرك لايذائه واهانته.

2720 ـ اِيّاكَ وَكَثْرَةَ الوَلَهِ بِالنِّسَاءِ وَالإغْراءَ(5) بِالذَّاتِ الدُّنيا فَاِنَّ الوَلِهَ بِالنِّسَاءِ مُمْتَحَنٌ والغَرِيَّ بِاللَّذَّاتِ مُمْتَهَنٌ.

2721 ـ اِيّاكَ وَما يُسْتَهْجَنُ مِنَ الكَلاَمِ فَاِنَّهُ يَحبِسُ عَلَيْكَ اللِّئَامِ وَيُنَفَرُّ عَنْكَ الكِرامَ.

(يحبس عليك اللئام) يعني يستدعي اقبال اللئام عليك وعدم مفارقتهم إياك لِسماع الكلام القبيح، وفي(6) بعض النسخ ورد (يحيس) بدلا عن (يحبس) فيعني يجمع عليك اللئام، وهذا أظهر.

2722 ـ اِيّاكَ وَالوُقُوعَ فِي الشُّبُهاتِ وَالُولُوعَ بِالشَّهَوَاتِ فَاِنَّهُما يَقْتَادانِكَ اِلى الوُقُوعِ فِي الحَرَامِ وَرُكُوبِ كَثِير مِنَ الآثَامِ.

المراد من (الشبهات) هي الأموال المشبوهة، وكلّ عمل له حكم مشتبه به ولا تعلم حلّيته، أمّا كون الولوع بالشهوات يقتاد الإنسان إِلى الوقوع في الحرام وركوب الآثام فواضح، وأمّا كون الوقوع في الشبهات يجرّ الإنسان إِلى ما ذكر فلعلّه ناشئ من انّ الإنسان إذا لم يحفظ نفسه منها تجرأ تدريجاً على المحرمات وارتكابها، ولعله ناشئ من وجود الكثير من وجود الحرام والآثام النفس الآمرية في المشبوه من الأموال والأفعال، وعليه فانّ من يقع في الشبهات كثيراً لا يمكن أن لا يقع في الحرام الواقعي، ولا يرتكب المعاصي النفس الآمرية، وإن كان في شبهة، ومن الواضح ان اجتناب هذا الأمر إن لم يكن واجباً فانّه أولى وأحوط.

2723 ـ اِيّاكَ أَنْ تَجْعَلَ مُرْكَبَكَ لِسَانَكَ فِي غَيْبَةِ اِخْوانِكَ أَوْ تَقُولَ مَا يَصيُر عَلَيْكَ حُجَّةً وَفِي الاِسَاءَةِ اِلَيكَ عِلَّة.

(تجعل مركبك لسانك) يعني تركب لسانك، وتقول في غياب إخوانك ما يأتي على لسانك من ذمّهم، ويمكن أن لا يقرأ (غيبة) بفتح العين بل بكسرها، فلا يكون حينئذ بمعنى الغياب بل بمعنى الذم في الغياب(7) وكلاهما واحد، و (يصير عليك حجة) يعني يتمكن الإنسان أن يجعله حجة عليك، ويتغلب به عليك في نزاعه معك، و (في الاساءة إليك علة) يعني أن تقول ما يصير سبباً وعلة للاساءة إليك.

2724 ـ اِيّاكَ أَنْ تَسْتَهِلَ رُكُوبَ المَعَاصِي فَاِنَّها تَكْسُوكَ فِي الدُّنيا ذِلَّةً وتَكْسِبُكَ فِي الآخِرَةِ سَخَطَ اللهِ.

2725 ـ اِيّاكَ وَمَا قَلَّ اِنْكارُهُ وَاِنْ كَثُرَ مِنْكَ اعْتِذارُهُ فَمَا كُلُّ قَائِل نُكْرَاً يُمْكِنُكَ أَنْ تُوسِعَهُ عُذْرَاً.

إحذر القول والفعل الّذي ينكره القليل من الناس ويذهبون إِلى قبحه فضلا عن أن يكثر إنكاره وإن كثر منك اعتذاره، فما كلّ من قال لك نكراً بسبب ذلك القول أو الفعل أمكنك أن توسعه عذراً أي بأن تعتذر له وترسّخ ذلك في ذهنه، وخلاصة الكلام: لا تفعل ما يضطرك إِلى الاعتذار حتّى عند قليل من الناس وان كثر منك اعتذراه لأنّه كثيراً ما لا يمكن الاعتذار لمن ينكر عليك، أو لا يمكن تذكيره بذلك، فالأولى أن لا يفعل الإنسان ذلك ما استطاع.

2726 ـ اِيّاكَ وَكُلَّ عَمَل يُنَفّرُ عَنْكَ حُرّاً، أَو يُذِلُ لَكَ قَدْراً، أَو يُجْلِبُ عَلَيْكَ شَرّاً، أَوْ تَحْمِلُ بِهِ اِلى القِيامَةِ وِزْرَاً.

... «تحمل به إِلى القيامة وزراً» أي ذنباً أو ثقلا أي ثقل الذنب.

2727 ـ اِيّاكَ وَما يُسْخِطُ رَبَّكَ وَيُوحِشُ النَّاسَ مِنْكَ، فَمَنْ أَسْخَطَ رَبَّهُ تَعَرَّضَ لِلْمَنِيَّةِ، وَمَنْ أَوْحَشَ النَّاسَ تَبَرَّأَ مِنَ الحُرِّيَّةِ.

المراد من (المنية) هو الهلاك الأخروي، و (تبرا من الحرية) يعني لا يكون من جملة الأحرار والحر من كلّ شيء هو الممتاز منه.

2728 ـ اِيّاكَ وَخُبْثَ الطَّوِيَّةِ وَاِفْسادَ النِّيَّةِ، وَرُكُوبَ الدَّنِيَّةِ، وَغُرُوَرَ الاُمْنِيَّةِ.

المراد من (افساد النية) هو أن يكون للإنسان عزيمة وقصد للأعمال السيئة، أو أن يفسد النية في الطاعات والعبادات بأن لا يجعلها خالصة لله عز وجل ويشوبها بأغراض أخرى، و (ركوب الدنية) يعني ارتكاب أمور تستدعي تنزَّل مستواه أو الاتصاف بصفات وخلق تدلّ على ذلك، و (غرور الامنية) ويعني الغرور من الأمنية، وذلك بأن ينشغل بالأماني ويسعى لها ويغفل عن اصلاح أمور الآخرة.

2729 ـ اِيّاكَ وَالاِسْتِيثارَ بِما لِلنَّاسِ فِيهِ أُسْوَةٌ، وَالتَّغابِي عَمَّا وَضَحَ لِلنَّاظِرِينَ فَاِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ.

(الأسوة) تعني التساوي والتقابل، وتعني القدوة وهو الشخص الّذي يقتدى به في فعل، وا لمراد انّ الشيء الّذي تساوى فيه الناس أي كان الكل فيه بالتساوي من غير تخصيص لبعض دون بعض، أو ما أمكن بكل شخص أن يكون فيه قدوة للغير، بحيث إذا أمكن لهذا من التصرف فيه أمكن لذلك الشخص أيضاً كالماء المباح أو نبات الصحراء، فاحذر من أن تتصرّف فيه لوحدك وتجعله خاصاً لك وتمنع الناس من التصرف فيه و (التغابي عمّا وضح للناظرين) بمثابة التأكيد لما سبق أي احذر عن التغابي والتغافل عمّا وضح للناظرين ولم يختص ببعض دون بعض بأن تجعله خاصاً لك وقد يكون المراد بهذا خصوص الهدية الّتي تعطى لشخص بحضور الآخرين ويتوضّح ذلك لهم، و المراد هو النهي عن التغافل عن ذلك، أي بأن يتغافل ولا يعطي لهم حصة منها، بل عليه أن يعطي لهم حصة منها كما ورد الأمر بذلك في أحاديث أُخرى.

(فانّه مأخوذ منك لغيرك) يعني حيثما جعلت ذلك الشيء مختصاً بك فانّه بالتالي يؤخذ منك لغيرك، أي يؤخذ منك خصوص ذلك الشيء، أو تؤخذ منه الدولة الّتي تمكن باعتبارها حيازة هذه الأشياء لنفسه أو مجيء الهدايا إليه بهذا الطريق، فتؤخذ منه تلك الدولة ] أو المنصب[ لغيره.

وفي بعض النسخ ورد (بالاستتار) بدلا عن (بالاستيثار) فيكون المعنى: إحذر إخفاء ما الناس فيه أسوة، وعليه يمكن أن يكون (التغابي) بمعنى الاخفاء أيضاً ويكون المراد: إحذر من إخفاء شيء يكون الناس فيه قدوة، أي حينما تظهره فانّ الناس يقتدون بك، كما قال العلماء: انّ المستحب إعطاء الزكاة ونحوها علانية كي يقتدي به الناس في ذلك.

] وأيضاً[ «التغابي عمّا وضح للناظرين» يعني ما سيتوضح للناظرين بسبب انّه يؤخذ منك لغيرك كالزكاة وما شاكلها فانّه لا محالة سيظهر للغير، وعليه فلا تخفي هذا الشيء بل أعطه علانية بهدف اقتداء الآخرين بك بعكس الشيء الّذي لا يلزم اطلاع الغير عليه كالصلاة والصوم المستحبة وأمثالهما حيث يكون الأفضل إخفاءها. هذا ما خطر للداعي في بيان هذا الكلام الاعجازي، والله يعلم حقيقة المرام.

2730 ـ اِيّاكَ وَمَوَدَّةَ الأحْمَقِ فَاِنَّهُ يَضُرُّكَ مِنْ حَيْثُ يَرَى اَنَّهُ يَنْفَعُكَ وَيَسُوءُكَ وَهُوَ يَرى اَنَّهُ يَسُرُّكَ.

2731 ـ اِيّاكَ اَنْ تَسْتَخِفَّ بِالْعُلَمَاءِ فَاِنَّ ذَلِكَ يُزْرِي بِكَ وَيُسِيءُ الظَّنَّ بِكَ وَالمَخِيلَةَ فِيكَ.

2732 ـ اِيّاكَ اَنْ تَغْتَّرَ بِما تَرَى مِنْ اِخْلادِ أَهْلِ الدُّنيا اِلَيها وَتَكَالُبِهِمْ عَلَيْها فَقَدْ نَبَّأَكَ اللهُ عَنْها، وَتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ عُيُوبِها وَمَساوِيها.

أي انّ الله عز وجل طالما أخبرك عن الدنيا وحقارتها وانّها ليست سوى متاع الغرور، وليست سوى اللعب واللهو، وليست سوى متعة لأيام قليلة، وانّ محل القرار هو الآخرة، وكذلك سائر الآيات الكريمة النازلة في هذا المجال، وهكذا فانّ الدنيا قد كشفت عن عيوبها ومساوئها لمن ينظر إليها بنظرة الاعتبار، وعليه فلا يجوز الانخداع بها وبانّ أهل الدنيا يميلون إليها ويتكالبون عليها فانّه من ضعف عقولهم وغفلتهم، وليس لكونها أهلا لذلك في الواقع.

2733 ـ اِيّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنْ دَارِ القَرارِ وَمَحَلِّ الطَيِّبِينَ الأَخْيارِ وَالأَوْلِياءِ الأبْرارِ الّتي نَطَقَ القُرآنُ بِوَصْفِها وَأَثْنى عَلى أَهْلِها، وَدَلَّكَ اللهُ سُبحَانَهُ عَلَيْهَا وَدَعَاكَ اِلَيها.

المراد من هذه الدار هي الجنّة، ومن الخداع بها هو الغفلة عنها وترك السعي لأجلها بسبب الاهمال أو الانشغال بالدنيا أو اتّباع الأهواء والشهوات.

2734 ـ اِيّاكَ وَالكَلامَ فِيما لاَ تَعْرِفُ طَرِيقَتَهُ وَلا تَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ فَاِنَّ قَوْلَكَ يَدْلُّ عَلى عَقْلِكَ، وعِبارتَكَ تُنْبِىءُ عَنْ مَعْرِفَتِكَ فَتَوَقَّ مِنْ طَوُلِ لِسَانِكَ ما اَمِنْتَهُ وَاخْتَصِرْ مِنْ كَلاَمِكَ ما اسْتَحْسَنْتَهُ فَاِنَّهُ بِكَ اَجمْلُ وَعَلى فضْلِكَ أَدَلُّ.

المراد انّ مستوى عقلك، ودرجة معرفتك يظهر من كلامك، فلا تتحدث عمّا لا تعرف طريقه، ولا تعلم حقيقته لأنّك لا تستطيع أن تحسن الحديث، فما تقوله يدل على ضعف عقلك ونقصان معرفتك.

(فتوق من طول لسانك ما أمنته) يعني احفظ ما تأمن منه بأن تتحدث فيه حديثاً حسناً من أن تضيعه بطول لسانك بأن تضيف عليه وتمزجه بما لا تتقنه، فتضيّع لذلك جميع كلامك حتّى ما أمنته من نفسك فلا يعتمد عليه ولا يستند إليه. و «اختصر من كلامك ما استحسنته» بمثابة التأكيد لما سبق.

2735 ـ اِيّاكَ وَمُشَاوَرَةَ النِّساءِ فَاِنَّ رَأْيَهُنَّ اِلى اَضَنِ وعَزْمَهُنَّ اِلى وَهَن، وَاكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ اِبْصارِهِنَّ فَحِجابُكَ لَهُنَّ خَيْرٌ مِنَ الاِرْتِيابِ بِهِنَّ وَلَيْسَ خروجُهُنَّ بِشِرِّ مِنْ ادْخَالِكَ مَنْ لاَ يُوثَقُ بِهِ عَليْهِنَّ وَاِنِ اسْتَطعَتَ اَنْ لا يَعْرِفنَ غَيْرَكَ فافعل.

(اكفف عليهن من أبصارهن) يعني امنعهن من النظر إِلى الناس أو نظر الناس لهن، أي لا تسمح أن يراهنّ أحد، ويمكن قراءة (أبصارهنّ) بفتح الهمزة لا كسرها فيعني امنع عيونهنّ، والمراد هو المنع الأوّل يعني منهن من رؤيتهن الناس، «فحجابك لهنّ» أي منعنّ أو وضعك إياهن في الحجاب كي لا يرين أحةاً أو لا يراهنّ أحد، خير من الارتياب بهنّ أو إساءة الظن بهنّ (وليس خروجهن) يعني كما إذا كان خروجهن قبيحاً ويستدعي الشك فيهن كذلك ادخالك عليهنّ من لا يوثق به يكون قبيحاً أيضاً أي بأن تسمح بدخول من يوثق به عليهن فيرونه أو يراهنّ فهو قبيح ويستدعي الارتياب فيهنّ.

(وليس خروجهن شرّ... ] الخ[) أي فكما تمنعون من ذلك امنعوا من هذا أيضاً، فهذا اذن بمثابة الوجه والعلة للحكم السابق.

والمراد من (من لا يوثق به) هو غير المحارم من الرجال، وهكذا النساء اللائي لا اطمئنان بهنّ، ويخاف منهنّ عليهنّ في انحرافهنّ (ولا يعرفن غيرك) يعني ليس بعنوان أن ينظرن لغيرك فيعرفنه أو يذكر عندهنّ أوصاف وأحوال غيرك فيعرفنه من هذا الطريق لأنّ ذلك قد يفسد أحياناً، والمراد هو الغير الّذي لا يوثق به من الرجال والنساء كما ذكر آنفاً.

وفي بعض النسخ ورد (يعرفهنّ) بدلا عن (يعرفن) فيكون المعنى: إن استطعت أن تعمل بأن لا يعرفهنّ غيرك فافعل ذلك، وهذا شامل أيضاً للمعرفة بالرؤية والمعرفة بالأوصاف كليهما، كما ذكر في النسخة الاُولى.

2736 ـ اِيّاكُمْ وَالتَّدابُرَ والتَّقَاطُعَ وَتَرْكَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهي عَنِ المُنْكِر.

«التدابر» يعني ترك التآلف والاقبال على الآخرين والتقاطع وترك الصلة والاحسان أيضاً.

2737 ـ اِيّاكُمْ وَمُصَادَقَةَ الفَاجِرِ فَاِنَّهُ يَبِيعُ مُصادِقَهُ بالتَّافِهِ ا لمُحْتَقَرِ.

«التافه» الشيء الحقير أو القليل أو ما لا طعم فيه، وكلّ واحد يناسب المقام.

2738 ـ اِيّاكُمْ وَصَرَعَاتِ البَغْي وَفَضَحَاتِ الغَدْرِ وَاِثَارَةَ كَامِنِ الشَّرِّ المُذَمَّم.

(البغي) كما ذكر مراراً هو الظلم والطغيان والعدول عن الحقّ والكذب، وكلّ منها مناسب للمقام، والمراد من قوله: (إياكم وصرعات البغي) هو الحذر من البغي كي يبقوا سالمين من السقوط الحاصل بسببه، أي السقوط في المهالك الدنيوية والأخروية، وهكذا «فضحات الغدر» فانّه يعني فضائح الدنيا والآخرة الّتي تحصل بسبب الغدر فانّه يعني الحذر من عدم الوفاء ] والغدر[ .

و (اثارة كامن الشرّ المذمّم) يعني إحذروا إثارة الشرّ المذموم المختفي في طباعكم باقتضاء القوة الشهوية والغضبية وصدروه منكم سواء كان شراً بالنسبة للناس أو قبحاً بالنسبة للنفس.

2739 ـ اِيّاكُمْ وَالغُلُوُّ فِينا، قُولوا انّا مَرْبُوبُونَ واعتقدِوا فِي فَضْلِنا ما شِئْتُمْ.

المراد من «فينا» هو أميرالمؤمنين وسائر الأئمّة (صلوات الله وسلامه عليهم)، والمراد من (الغلو فينا) هو الظن بألوهية بعضهم كما أشار إِلى ذلك حيث قال: (قولوا انّا مربوبون) أي مخلوقون والله تعالى ربّنا، ثمّ اعتقدوا بفضيلتنا وعلوّ درجتنا ما شئتم، أي لا تقولوا بألوهيتنا كالغلاة (لعنهم الله) ثمّ اعتقدوا فينا بكلّ فضيلة شئتم، لأنّ كلّ فضيلة تَرد فيهم حقّ وهم أكثر وأولى منها.

2740 ـ اِيّاكُمْ وَتَحَكُّمُ الشَّهَواتِ عَلَيْكُمْ فَاِنَّ عاجِلَها ذَمِيمٌ وَآجِلَها وَخِيمٌ.

«عاجلها ذميم وآجلها وخيم» أي تكون سبباً لذم الناس في الدنيا وللعذاب العظيم في الآخرة.

2741 ـ اِيّاكُمْ وَالبِطْنَةُ فَاِنَّها مَقْساةٌ لِلْقَلْبِ مَكْسَلَةٌ عَنِ الصَّلاَةِ مَفْسَدَةٌ لِلْجَسَدِ.

يمكن قراءة كلّ من (مقساة) و (مكسلة) و (مفسدة) بكسر الميم فيكون المعنى: فانّها أداة لقساوة القلب وآلة للكسل في الصلاة وآلة لإفساد الجسم، ويمكن أن تكون (مفسدة) بضم الميم وكسر السين وليس بفتحهما. فيكون المعنى انّها تفسد الجسم.

2742 ـ اِيّاكُمْ وَدَنَاءَةَ الشَّرَهِ وَالطَّمَعِ فَاِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ شَرٍّ وَمَزْرَعَةُ الذُّلِّ، وَمُهينُ النَّفْسِ، وَمُتْعِبُ الجَسَدِ.

... «دناءة الشره والطمع» أي الدناءة الحاصلة منهما.

2743 ـ اِيّاكُمْ وَغَلَبَةَ الدُّنْيا عَلَى اَنْفُسِكُمْ فَاِنَّ عَاجِلَهَا نَغْصَةٌ وَآجِلَها غُصَّةٌ.

«النغصة» يعني عدم إكمال المراد، وكدورة الحياة المعيشة وتعثرها وكلاهما مناسب للمقام، والمراد: انّ غلبة الدنيا وطلبها على النفس في الدنيا مدعاة لعدم إكمال المراد أو كدورة الحياة والمعيشة، وتكون في الآخرة سبباً للغصص والغمّ والألم.

2744 ـ اِيّاكُمْ وَتَمَكُّنَ الهَوَى مِنْكُمْ فَاِنَّ اَوَّلَهُ فِتْنَةٌ وَآخِرَهُ مِحْنَةٌ.

المراد من «تمكن الهوى منكم» هو تسلطه عليهم والقدرة على التحكم بهم، و (أوله فتنة) يعني يوقع الإنسان في الفتنة في الدنيا ويكون سبباً للشقاء والآلام في الآخرة، أو انّه في الدنيا يلقي الإنسان أولا في الفتنة ويكون أخيراً سبباً للشقاء والآلام.

2745 ـ اِيّاكُمْ وَغَلَبَةَ الشَّهَواتِ عَلى قُلُوبِكُمْ فَاِنَّ بِدايَتَها مَلَكَةٌ وَنَهايَتَها هَلَكَةٌ.

احذروا غلبة الشهوات على قلوبكم فانّ أولها عبودية ونهايتها هلاك يعني في الدنيا تكون سبباً لعبودية الناس والخضوع والتملّق لهم أملا في نيل ما يريدونه من شهوات، وتكون في الآخرة سبباً للهلاك والعذاب والعقاب.

2746 ـ اِيّاكُمْ وَالفُرْقَةَ فَاِنَّ الشَّاذَّ عَنْ اَهْلِ الحَقِّ لِلشَّيْطَانِ كَما اَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الغَنَمِ لِلذِّئبِ.

... المراد ذم الفرقة عن المؤمنين والانعزال.

2747 ـ اِيّاكُمْ والبُخْلَ فَاِنَّ البَخيلُ يَمْقُتُه الغَريبُ وَيَنْفُرُ مِنْهُ القَرِيبُ.

2748 ـ اِيّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِغَلَطهِ شِرّيرِ بِالْخَيْرِ.

أي من غلب عليه الشر والسوء إذا فعل خيراً خطأ فلا تنخدع به ولا تعتني به فانّها غلطة صدرت منه.

2749 ـ اِيّاكَ اَنْ تَسْتَوْحِشَ من غَلَطَةِ خَيْر بالشَّرِّ.

أي إذا كان الغالب على إنسان هو العمل الصالح فلا تنفر عنه إذا ارتكب خطأ فانّه خطأ قد صدر عنه.

ما ورد من حِكم أميرالمؤمنين عليّ بن

أبيطالب(عليه السلام) بحرف ألف الاستفتاح

والمراد من ألف الاستفتاح الألف الواردة في كلمة (ألا) وهكذا كلمة (أما) وهي مركبة من همزة الاستفهام و (لا) وهي حرف نفي، ويطلق عليها حرف الاستفتاح لوقوعها أوّل الكلام واستفتاح الكلام بها، وأصل معناها الاستفهام عن النفي ويعني (أليس) ويحمل الاستفهام فيها أحياناً على الحقيقة، ويكون في الغالب للاستنكار والغرض هو إثبات الجملة الّتي تليه، لأنّ انكار نفي شيء يستلزم إثباته وتحقيقه، ولهذا يطلق عليه (حرف التنبيه) أي الغرض منه هو تنبيه المخاطب بثبوت مضمون الجملة الّتي يدخل عليها، والكثير من العبارات المذكورة في هذا المجال تكون من هذا القبيل كما تبيّن، ويستعمل أحياناً للتوبيخ والذم والمراد هو لماذا لا يكون هكذا؟ وأحياناً للعرض والتحضيص والاثنان للطلب، إلاّ انّ (العرض) طلب بلين ولطف كـ (ألا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ)(8) و (التحضيص) تحريض الإنسان على شيء وطلبه منه بشدة.

وممّا نقل عنه (صلوات الله عليه) في هذا المجال قوله:

2750 ـ أَلاَ مُنْتَبِهٌ مِنْ رَقْدَتِهِ قَبْلَ حِينِ مَنِيَّتِهِ.

... أي من كان بصيراً بنفسه بعيداً عن نوم الغفلة، قبل حلول الموت الّذي يوقظ الجميع، ولكن تلك اليقظة سوف لا تجدي ولا يمكن اصلاح الحال فيها ومن استيقظ قبل ذلك أمكنه اصلاح حاله.

2751 ـ أَلاَ مُسْتَيْقِظٌ مِنْ غَفْلَتِهِ قَبْلَ نَفَادِ مُدَّتِهِ.

أي مدّة حياته، وهذه الفقرة أيضاً تشبه ما سبقها.

2752 ـ أَلاَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَومِ بُؤْسِهِ.

أي يوم الموت وما بعده حيث تشتد حاجته بما فعله من الخيرات والأعمال الصالحة.

2753 ـ أَلاَ مُسْتَعِدٌّ لِلِقاءِ رَبِّهِ قَبْلَ زُهُوقِ نَفْسِهِ.

أي حال الموت الّذي تخرج منه النفس والروح الحيوانية، وتزول نفسه المجردة ـ بناءً على القول به ـ ويقطع تعلقه بها.

2754 ـ أَلاَ مُتَزَوِّدٌ لاِخِرَتِهِ قَبْلَ اُزُوفِ رِحْلَتِهِ.

أي الرحلة والهجرة من الدنيا.

2755 ـ أَلاَ تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ حُضُورِ مَنِيَّتِهِ.

والغرض من هذه العبارات إِلى هنا هو التوبيخ والعتاب على انّ الناس لماذا ليسوا كذلك؟! أو التحريض على أن يكونوا كذلك.

2756 ـ أَلاَ إِنَّ اَبْصَرَ الأبْصارِ مَنْ نَفَذَ فِي الخَيْرِ طَرْفُهُ.

أي انّ أبصر العيون هو عين من كان كذلك ونفذ نظره في الخير والاحسان، أي توجه نظره إِلى الأعمال الصالحة ونفذ إِلى أعماقها، وهذا يدفعه نحو العمل بها. لا يخفى انّ (اَلا) في هذه العبارة وأكثر العبارات الآتية هي لأجل التنبيه.

2757 ـ أَلاَ اِنَّ أَسْمَعَ الأسْماعِ مَنْ وَعَى التَذكيرَ وَقَبِلَهُ.

... أي انّ أسمع الأسماع من كان كذلك.

2758 ـ أَلاَ وَاِنَّ إعْطَاءَ هَذا المالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَإسْرَافٌ.

إعلم انّ منح هذا المال، أي المال الّذي لديك في غير محله أي فيما لا يجوز شرعاً بذله فيه، تبذير وإسراف.

المراد من (التبذير) هو الاسراف أي بذل المال في غير محله وبكثرة والمراد: كلّ مال يبذل في مورد غير جائز شرعاً يكون داخلا في التبذير والاسراف وإن كان قليلا ويصدق عليه ما ورد من ذم شديد بشأنه، كما جاء في القرآن الكريم: (إنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)(9) (إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ)(10) والتبذير والإسراف لا ينحصر في البذل الكثير.

2759 ـ أَلاَ وَاِنَّ القَنَاعَةَ وَغَلَبَةَ الشَّهْوَةِ مِنْ اَكْبَرِ العَفافِ.

أي التغلّب على الشهوة وعدم اتباعها، أو القناعة حال غلبة الشهوة يعني الشهوة المعارضة للقناعة وميل النفس إِلى التبذير والاسراف.

2760 ـ أَلاَ وَاِنّي لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُها وَلا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُها.

أي انّي لم أرَ مثل الجنّة قد نام طالبها وغفل عنها ] ولا كالنار نام هاربها[ ولم يكترث في الخلاص منها.

2761 ـ أَلاَ واِنَّ الدُّنْيا دَارٌ لا يُسْلَمُ مِنْها اِلاَّ بِالزُّهْدِ فِيها، وَلا يُنْجى مِنْها بِشيء كَانَ لَها.

2762 ـ أَلاَ حُرٌّ يَدَعُ هَذِهِ اللُّماظَةَ لأهْلِها.

اللُماظة بضم اللام ما يتبقى من الطعام في الفم، والمراد بها هنا الدنيا، وتشبيه الدنيا بها هو للاشتراك في الحقارة والدناءة وإشارة إِلى انّ الدنيا هي ما يتبقى من الآخرين فينبغي النفرة منها كما ينفر الطبع من الطعام المتبقي مدة بين الأسنان أو الفم، بل الدنيا هي لماظة الآخرين، والطبع ينفر عن لماظة الآخرين بنحو مطلق.

2763 ـ أَلاَ اِنَّهُ لَيْسَ لاِنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ اِلاّ الجَنَّةُ فَلاَ تَبِيعُوها اِلاَّ بِها.

أي لا توجد قيمة أو ثمن جدير بأن يبيع الإنسان نفسه إزاءه إلاّ الجنة فلا تبيعوها إلاّ بها، وذلك باطاعة الله تعالى وعبوديته ونيل الجنّة عوضاً عنها، وليس بأن تنشغلوا بالاُمور الدنيوية فيكون ثمنكم هو ما تحصلون عليه من الدنيا.

2764 ـ أَلاَ وَاِنَّ الدُّنيا قَدْ تَصَرَّمَتْ وَآذَنَتْ بِانْقِضَاء وَتَنَكَّرَ مَعْرُوفُها وَصَارَ جَدَيدُها رَثَّاً وَسَمِينُها غَثَّاً.

المراد انّ الدنيا في هذه الأزمان وهو آخر الزمان، تتصف بهذه الصفات، أو انّها كذلك دائماً لأنّ كلّ ما ينتهي ويكون له آخر يكون في منظار الواقع والبصيرة مقطوعاً في الحقيقة ومنقضياً ومعلناً عن نهايته بمجرد وجوده، ويكون معروفه منكراً وجديده قديماً وسميته هزيلا.

2765 ـ أَلاَ وَاِنَّ مَنْ لا يَنْفَعُهُ الحَقُّ يَضُرُّهُ البَاطِلُ وَمَنْ لا يَسْتَقِمْ بِهِ الهُدى يَجُرُّ بِهِ الضَّلاَلُ اِلى الرَّدى.

أي يجب انتخاب الحقّ في كلّ حقل والرضا به، فمن لا ينفعه الحقّ أي عرف الحقّ ولم يختره مع كونه نافعاً له فقد أضرّه الباطل، أي سوف يضرّه الباطل الّذي يختاره ويعدل عن الحقّ إليه، فانّه يضرّه ضرراً أخروياً ألبتة ولو كان نافعاً لدنياه فرضاً، ومن أُهدي إِلى الطريق الصحيح ولم يمل إليه وعدل عنه فانّ الضلال يجره البتة إِلى الهلاك الأخروي وإن كان نافعاً لدنياه، وفي بعض النسخ لا يوجد (إِلى الردى) وعليه يكون المعنى: يجره الضلال أي إِلى الهلاك، وفقاً للنسخة الّتي فيها (إِلى الردى).

2766 ـ أَلاَ وَما يَصْنَعُ بِالدُّنيا مَنْ خُلِقَ للآخِرَةِ، وَما يَصْنَعُ بِالمالِ مَنْ عَمَّا قَلِيل يُسْلَبُهُ وَيَبْقَى عَلَيْهِ حِسَابُهُ وَتَبِعَتُهُ.

المراد من قوله: (من خلق للآخرة) جميع البشر، لأنّ الجميع خلقوا لأجل تحصيل الآخرة، والتمتع بالنعمة الأبدية والآلاء السرمدية، وليس لأجل الدنيا الدنية الزائلة الفانية.

وهكذا: «مَنْ عمّا قليل يسلبه ويبقى عليه حسابه وتبعته» يشمل كلّ ذي مال، لأنّه مهما كان ولم يصب ماله بأية آفة فانّه يعجز عن التخلص من الموت فيسلب ماله بعد مدة وجيزة بسببه، ويبقى عليه حسابه ووباله.

2767 ـ أَلاَ وَاِنَّ التَّقْوَى مَطَايا ذُلُلٌ حِمُلَ عَلَيْها أَهلُها وَأُعْطُوا أَزِمَّتَها فَأَوْرَدَتْهُمُ الجَنَّةَ.

... كون التقوى مطايا باعتبار انّها بمثابة المطيّة لصاحبها.

2768 ـ أَلاَ واِنَّ الخَطَايا خَيْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَيْها أَهْلُها وَخُلِعَتْ لُجُمُها فَأَوْرَدَتْهُمُ النَّارَ.

2769 ـ أَلاَ وَاِنَّ اليَوْمَ المِضْمارَ وَغَدَاً السِّباقَ َالسَّبَقَةُ الجَنَّةُ وَالغَايَةُ النّارَ.

المضمار هو الزمان الّذي يربط فيه الفرس بعد العلف، ويطلق عليه المضمار لأنّ (ضمر) يعني الهزال، والفرس بعدما يضمّر يهزل شيئاً ما ويذهب الشحم الحاصل له من العلف، وبما انّ قابلية هذا الفرس للعدو أكثر من الفرس السمين جداً وذي اللحم الوفير الثابت من العلف لذا يطلق المضمار على الزمان الّذي يريض فيه الفرس للعدو حيث يهزل فيه بنسبة معينة، كما يطلق (المضمار) على ميدان السباق كما فسّر بعض اللغويين المضمار بذلك باعتبار وقوع التضمير فيه.

والمراد: انّ اليوم أي أيّام الحياة إنّما هي فترة يجب على الإنسان أن يكون فيها هزيلا نحيفاً بالطاعات والعبادات، مستعداً في يوم غد ـ أي تلك النشأة ـ للسباق نحو الجنّة، وتكون عاقبة من لم يفعل ذلك هي نار جهنم، والمراد من (السبقة) بفتح السين هو الشيء الّذي يتسابق إليه، أي الشيء الّذي من وصل إليه أوّلا كان سابقاً، وبضمّ السين هو الرهان الّذي يحوزه من سبق، وهذا مناسب هنا أيضاً كما لا يخفى..، غاية ما هنالك اُعرب بفتح السين وفقاً لما جاء في نهج البلاغة.

2770 ـ أَلاَ وَاِنَّكُمْ فِي أَيَّامِ اَمَل مِنْ وَرَائِهِ اَجَلٌ فَمَنْ عَمِلَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ اَجَلِهِ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَلَمْ يَضْرُرْهُ اَجَلَهُ.

المراد انّكم في أيام الحياة في زمان أمل، أي انّكم في زمان يؤمل فيه أن تصلحوا أنفسكم فيه «من ورائه أجل»، إذن من عمل منكم في هذا الزمان قبل حلول الموت، أي قام بأعمال تستدعي صلاحه كان عمله نافعاً ولم يضرّه موته، بل يكون سبباً لوصوله إِلى السعادة الأبدية والفوز السرمدي، ومن قصّر في العمل فانّه خاسر وأضرّ الموت به لأنّه يستدعي وصوله إِلى العذاب والعقاب.

2771 ـ أَلاَ وَاِنَّ اللِّسَانَ بِضْعَةٌ مِنَ الإِنْسانِ فَلاَ يُسْعِدُهُ القَوْلُ إذَا امْتَنَعَ وَلاَ يُمْهِلُهُ النطقُ إذا اتَّسَعَ.

المراد هو بيان عجز الإنسان، فانّ اللسان مع كونه جزءاً منه إذا أبى عن الكلام فانّه يعجز عنه ومهما حاول أن يتكلم لم يساعده القول يعني عجز عن الكلام، وإن اتسع في النطق لم يمهله أي متى ما شاء أن يتكلم فلا ينبغي انتظار ذلك، وعليه يكفي هذا دليلا على القدرة الالهية التامة، بأن يخلق قطعة من اللحم في الإنسان بهذا النحو تارة، وبذاك النحو تارة اُخرى، فتبارك الله أحسن الخالقين.

2772 ـ أَلاَ وَاِنَّا لأمَراءُ الكَلاَمِ فِينا تَشَبَّثتَ فُرُوعُهُ(11) وَعَلَيْنَا تَهَدَّلَتْ أَغْصانَهُ.

المراد من (اِنّا) أميرالمؤمنين وسائر الأئمّة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، والمراد من (الكلام) هو القرآن الكريم وهو كلام الله تعالى، وقد شبه بملك هم أُمراؤه الّذين ينفذون أحكامه وأوامره بين الناس. (فينا تشبثت فروعه... الخ) لبيان وجه اختصاصهم بهذا المعنى، والحاصل: كلّ ما تفرع من فروع كان فينا ومنّا تفرّع في الأطراف، و (علينا تهدلت أغصانه) فانّنا إذن مطّلعون على جميع الفروع وجزئياتها، فنكون بذلك بمنزلة أُمرائه وحكّامه لإنفاذ أحكامه في الأطراف.

2773 ـ أَلاَ وَاِنَّ مِنَ البَلاَءِ الفَاقَةَ، وَأَشَدُّ مِنَ الفَاقَةِ مَرَضُ البَدَنِ، وَأَشَدُّ مِنْ مَرَضِ البَدَنِ مَرَضُ القَلْبِ.

«مرض القلب» أي المرض المعنوي للنفس الّذي ينشأ من الصفات والملكات الذميمة والأعمال والأفعال غير اللائقة.

2774 ـ أَلاَ وَاِنَّ مِنَ النِّعَمِ سَعَةَ المَالِ، وَأَفْضَلُ مِنْ سَعَةِ المَالِ صِحَّةُ البَدَنِ، وَأَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ البَدَنِ تَقْوَى القَلْبِ.

2775 ـ أَلاَ وَاِنَّ مَنْ تَوَرَّطَ في الأمُورِ مِنْ غَيْرِ نَظَر فِي العَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمُفْدِحاتِ النَّوائِبِ.

2776 ـ أَلاَ وَاِنَّ اللَّبيبَ مَنِ استَقْبَلَ وُجُوَه الآراءِ بِفِكْر صائِب وَنَظَر فِي العَوَاقِبِ.

2777 ـ أَلاَ لاَ يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ القَرَابَةِ يَرى بِهَا الخَصَاصَةَ أَنْ يَسُدَّها بِالَّذِي لا يَزيِدُهُ إنْ أَمْسَكَهُ وَلا يَنْقُصُهُ إنْ اَنَفْقَهُ.

(يسدها) بدل عن القرابة، أي لا يعدلنّ عن سدّ خصاصته باعطاء شيء لايزيده إن أمسكه ولا ينقصه إن أنفقه، وهذا إشارة إِلى عدم العدول عن ذلك، لأنّه إذا لم ينفعه الاحتفاظ به ولم يقلل البذل شيئاً منه فلماذا إذاً العدول بذلك عن قرابته الفقراء، ولا يشتري به الجنّة الخالدة.

2778 ـ أَلاَ وَاِنَّ اللِّسَانَ الصَّادِقَ يَجْعَلُهُ اللهُ لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ خَيْرٌ مِنَ المَالِ يُورِثُهُ مَنْ لاَ يَحْمَدُهُ.

ان جعل الله تعالى للإنسان لساناً صادقاً بين الناس بأن يعطيه مالا ثمّ يوفقه لبذله، فيمدحه الناس ويثنون عليه بما هو صادق فيه، ولا يكون من قبيل المدائح الكاذبة الّتي يطلقها الناس أحياناً، أفضل من أن يترك مالا ويورثه لمن يأخذه ثمّ لا يشكره ولا يمدحه ولا يثني عليه.

2779 ـ أَلاَ وَاِنَّهُ قَدْ اَدْبَرَ مِنَ الدُّنيا ما كَانَ مُقْبِلا وَأَقْبَلَ مِنْها ما كَانَ مُدْبِراً.

المراد امّا هو ذم ذلك الزمان الّذي أدبر فيه من حسنات الدنيا ما كان مقبلا وأقبل من مكروهاتها ما كان مدبراً، وإمّا هو ذم الدنيا دائماً بأن يكون ما أقبل منها من اللذات زائلا وفانياً فهي في منظار البصير في الحقيقة مدبرة وراحلة، وما أدبر من مكروهاتها يكون في الحقيقة مقبلا بعد مدّة قليلة لمن لم يصل إليه مكروه في الدنيا وذلك إذا كان كله بعد الموت، إذ أنّ المتموّل لابدّ وأن يخرج بنجاح من المحاسبة على الأقل إذا لم تكن عليه مؤاخذات اُخرى، وهذا المكروه ليس بالقليل.

2780 ـ وَأَزْمَعَ الرِّحَالَ عِبادَ اللهِ الأَخْيارِ وَبَاعُوا قَليلا مِنَ الدُّنيا لا يَبْقَى بِكَثير مِنَ الآخِرَةِ لا يَفْنَى.

المراد من (الترحال) هو سفر الآخرة، والمراد من (أزمع) هو أنّهم في تفكر دائم بشأنه وتهيئة أسبابه وتحصيل الزاد له.

(باعوا قليلا من الدنيا) هو أنّهم بذلولها في سبيل الله أو تركوها للانشغال بأُمور الآخرة، حيث انّ الدنيا كلّها قليلة ولا شأن لها قياساً إِلى نعم الآخرة، فما شأن جزء منها إذا صرفه الإنسان أو تركه؟

والمراد من (كثير من الآخرة) هو مقدار ما يعطى منها للمحسن، فانّ أدنى مراتبها يكون كثيراً، وأكبر من الدنيا كلّها كما ورد في الأحاديث، وزوال الدنيا وعدم فناء الآخرة أمر واضح، ومن الواضح أيضاً انّ النعمة الباقية وإنْ كانت قليلة أفضل ممّا هو زائل وإنْ كان كثيراً، فانّ الباقي كثير والفاني قليل.

2781 ـ أَلاَ وَقَدْ اُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ وَدُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ فَتَزَوَّدُوا مِنَ الدُّنيا مَا تَحُوزُونَ بِهِ اَنْفُسَكُمْ غَدَاً.

إعلموا انّكم قد أُمرتم بالسفر وقد هُديتم إِلى الزاد، فتزودوا من الدنيا ما تجمعون به لأنفسكم غداً أي املكوها واحفظوها من العذاب والعقاب.

2782 ـ أَلاَ وانّ الجهاد...

المراد من (الجهاد) هنا بقرينة التفريع المذكور هو خصوص الجهاد الحرب مع النفس لمنعها من المعاصي وإلزامها بالطاعات وهو الجهاد الأكبر، أو معنى آخر شامل له أيضاً، والمراد من كون الجنّة أكرم ثواب الله هو أنّها أكرم من الثواب الّذي يعطيه للإنسان على فعل الخير في الدنيا إذا لم يكن مستحقاً للجنّة، أو يعطيه في الدنيا وإن أعطاه الجنّة في الآخرة أيضاً وليس أكرم من سائر أنواع الثواب الأخروي بل انّ رضوان الله أكبر وأعظم منه ومن نعمها، كما قال في القرآن الكريم: (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللّهِ أكْبَرُ)(12) والعارف بها يعلم أنّها أكرم، وليس كونها أكرم لهذا الانسان والّذي لا يعلم ذلك لا يكون أكرم له.

2783 ـ أَلاَ وَاِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ وَسُبُلَهُ قَاصِدَةٌ فَمَنْ أَخَذَ بِها لَحِقَ وَغَنِمَ وَمَنْ وَقَفَ عَنْها ضَلَّ وَنَدِمَ.

(الشريعة) تطلق على الطريق المؤدي إِلى مكان يؤخذ منه الماء كالنهر أو الغدير وأمثالهما، ولهذا الأمر تطلق الشريعة على كلّ دين من أديان الحقّ، وهكذا كلّ حكم من أحكام تلك الأديان.

والمراد من (شرائع الدين واحدة) هو وحدة ما يتعلق فيها بأُصول الدين حيث تتوافق فيه كلّ الأديان الحقّة، وأمّا ما يتعلق بالفروع فيمكن أن تختلف فيها الأديان باختلاف مصلحة الأشخاص والظروف، أو انّ المراد هو انّ الأصل والبناء في الجميع واحد، لأنّ بناء الفروع في كلّ دين قائم على أوامر الله تعالى ونواهيه، فيجب في كلّ دين اطاعة ما أمر به أو ما نهى عنه، وكلّ الأديان متوافقة على هذا المعنى، وإن كانت هناك اختلاف في الأديان حسب المصلحة المذكورة في بعض المأمورات والمنهيات.

2784 ـ أَلاَ وَاِنَّا أَهْلَ البَيْتِ أَبْوابُ الحِكَمِ وَاَنْوَارُ الظُّلَمِ وَضِياءُ الاُمَمِ.

أي انّنا الأبواب الّتي يتوجه منها الناس نحو العلوم الصحيحة، والأنوار الّتي تزيح ظلمة الجهالات والضلالات.

و (الأمة) في أصلها تعني الطريقة والدين، ثمّ أُطلقت على أتباع كلّ دين، بل على كلّ طائفة من كلّ دين، والمراد من (الاُمم) هنا طوائف المسلمين، أو جميع اُمم الأنبياء أي الاُمم الّتي اتبعتهم، وإن كانت في الواقع اُمة نبيّنا ويجب عليهم إطاعته(صلى الله عليه وآله وسلم)، والمراد هو انّنا ضياء لكلّ اُمة حيث إذا اتّبعتنا، تحرّرت من ظلمة الجهالة والضلالة، والمراد(13) من (أهل البيت) هو الإمام أميرالمؤمنين وفاطمة الزهراء وسائر الأئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، كما هو مبين بنحو كاف وشاف في كتب أصحابنا.

2785 ـ أَلاَ لا يَسْتَحِيْيَنَّ مَنْ لاَ يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ فَاِنَّ قِيمَةَ كُلِّ امْرء مَا يَعْلَمُ.

أي انّ قيمة كلّ امرىء بقدر علمه، فلا يستحيين أن يتعلم ما لا يعلمه كي تزداد قيمته في ميزان الاعتبار بمقدار ذلك.

2786 ـ أَلاَ لاَ يَسْتَقْبِحَنَّ مَنْ سُئِلَ عَمَّا لا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لا أَعْلَمُ.

أي لا يعتبرنّ ذلك أمراً قبيحاً، وليقل لا أعلم ولا يكون كالكثير من الناس حيث يجيبون بدون علم كي لا يعتبرهم الناس جهلاء.

2787 ـ أَلاَ فَاعْمَلُوا وَالأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ وَالاَبْدانُ صَحِيحَةٌ وَالاَعْضَاءُ لَدُنَةٌ وَالمُنْقَلَبُ فَسِيحٌ وَالمَجَالُ عَرِيضٌ قَبْلَ اِزْهَاقِ الفَوْتِ وَحُلُولِ المَوْتِ فَحَقِّقُوا عَلَيْكُمْ حُلُولَهُ وَلا تَنْتَظِرُوا قُدُومَهُ.

أي باشروا بأعمال الخير ما دامت الفرصة متاحة والألسن مفتوحة ولم تنعقد كما يحدث لدى الموت والأعضاء لدنة لم تيبس بعد كما يحدث عند الموت حيث تعجز عن العمل، و (المنقلب) يعني زمان الرجوع إِلى الله فله سعة لتدارك الحال وفعل الخيرات والبرّ والموت لم يَدْنُ منه حيث لا مجال له لأيّ عمل وقد يكون المراد هو المنقلب إِلى الله بالموت، وكونه فسيحاً يعني لم يحل بعد، وبقي شيء من الزمان إِلى حينه، و (المجال عريض) أي زمان التحرك لتلك الأعمال واسع و (قبل ازهاق الفوت) يعني قبل إبطال ذلك المجال والفرصة، إذن حقّقوا على أنفسكم حلوله، أي تيقنوا به وانطلاقاً من هذا اليقين اشتغلوا بتهيئة لأسباب ذلك السفر الخطير وتحصيل الزاد له ولا تنتظروا قدومه إذ لا يمكن التهيؤ له بعد قدومه.

2788 ـ أَلاَ وَقَدْ أَمَرَنِيَ اللهُ بِقِتَالِ أَهْلِ النَّكْثِ وَالبَغْيِ وَالْفَسادِ فِي الأَرْضِ فَأَمَّا النَّاكِثونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ وأَمَّا القَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ وَأمَّا المارِقَةُ فَقَدْ دَوَّخْتُ وَأمَّا شَيْطَانَ الرَّدْهَةِ فَاِنِّي كَفَيْتُهُ بِصَعْقَة سَمِعْتُ لَها وَجيبُ قَلْبِهَ وَرَجَّةُ صَدْرِهِ.

المراد من (أهل النكث) طلحة والزبير اللذين بايعا الإمام أميرالمؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) وسرعان ما نكثا وتوجّها إِلى عائشة واصطحباها وجيشوا جيشاً حولهم لقتاله(عليه السلام) وأقبلوا إِلى البصرة فالتحقت بهم جماعة هناك فتابعهم الإمام(عليه السلام) وحاربهم بالبصرة وقُتل طلحة والزبير، وقد سميت الحرب بحرب الجمل لأنّ عائشة كانت على جمل وقصتها مشهورة، والمراد من (أهل البغي) معاوية وأتباعه الّذين كانوا ظالمين ومتمردين، عدلوا عن الحقّ وهو اطاعة أميرالمؤمنين(عليه السلام) فحاربهم في صفين وهو موضع على شاطئ الفرات وقصة هذه المعركة مشهورة أيضاً، والمراد من (أهل الفساد في الأرض) الخوارج الّذين رجعوا عن الإمام(عليه السلام) بعد قصة صفين ومرقوا من الدين، وكانوا يفسدون في الأرض، فحاربهم الإمام(عليه السلام) فقتلهم جميعاً إلاّ تسعة منهم حيث فرّوا، وقتل من أصحابه(عليه السلام) تسعة أيضاً، وقد أخبر(عليه السلام) من قبل عن هذا الأمر، وهذه من المعجزات الواضحة للإمام (صلوات الله وسلامه عليه) وقصته مشهورة أيضاً، وكان خاتم المرسلين(صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر عن الحروب الثلاثة هذه كما هو المشهور حيث قال لأميرالمؤمنين عليّ(عليه السلام): ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.

و (الردهة) منخفض في الجبل يتجمع فيه الماء، وقال البعض انّ المراد من (شيطان الردهة) هو ذو الثدية الّذي كان يرأس الخوارج وكانت إحدى يديه كثدي المرأة ولذا سمي بـ (ذي الثدية) أي صاحب الثدي وعليه تكون قصته من تتمة الحرب الثالثة، وقال البعض انّ المراد به هو معاوية في اليوم الّذي فرّ فيه أصحابه، ثمّ احتالوا برفع المصاحف على الرماح، ودعوا الناس إِلى حكم القرآن حتّى تقرر نصب الحكمين، وتفاصيل هذه القصة مشهورة، وعليه تكون قصته متعلقة بالحرب الثانية، وهذا القول بعيد، ووجه إطلاق (شيطان الردهة) على معاوية غير واضح إلاّ أن تكون ولادته أو داره في البداية في هذه المنطقة، وبناءً على الأوّل يمكن أن يكون إطلاق (شيطان الردهة) عليه هو تشبيهاً لثديه ـ حيث كان يدرُّ ـ بالجبل الّذي فيه الماء، وقال البعض انّ (الردهة) موضع منخفض في النهروان يتجمع فيها الماء، وبعد مقتل الخوارج عثر على ذي الثدية في ذلك المنخفض، وقال البعض: انّ شيطان الردهة كان شيطاناً من مردة الشياطين التابعة لإبليس، ونقلوا حديثاً ينص على انّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعوذ بالله منه، وقد قتله عليّ(عليه السلام)ولعل قتله كان في (الردهة). وقال بعض انّه كان من الجن، وعند نزول النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)في الجحفة قاتله أميرالمؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) في البئر المعروفة هناك ولم يتمكن الناس من استخراج الماء منها فقتله(عليه السلام)، وبناءً على هذين الاحتمالين تكون قصة شيطان الردهة منفردة وغير مرتبطة بأيّ واحدة من الحروب الثلاثة المتقدمة.

(فإنّي كفيته بصعقة) فالظاهر انّ المراد من الصعقة الصيحة، والمعنى: أطلقت صيحة عليه كفتني أمره، أي أراحتني أمره والصيحة أنهت أمره، وكانت الصيحة بنحو حيث سمعت أثرها من اضطراب قلبه ورجّة صدره، ويوافق ذلك ما في الرواية من انّه(عليه السلام) أطلق صيحة يوم النهروان فرّ ذو الثدية من وقعها وسقط في تلك الردهة فوجدوه ميتاً فيها، وقال البعض انّ ذا الثدية لم يقتل بالسيف بل أنزل الله تعالى صاعقة عليه، والمراد من (صعقة) هي تلك الصاعقة، ولا يخفى إذا كان المراد من (شيطان الردهة) هو الجني كما ذكر في الاحتمالين فانّ (صعقة) لها الاحتمالين المذكورين، وإذا كان المراد هو معاوية كان لها المعنى الأول، والمراد: أطلقت صيحة فرّ من خوفها ولم يثبت فأراحني أمره.

2789 ـ أَلاَ وَاِنَّ الظُّلْمَ ثَلاَثَةٌ فَظُلْمٌ لا يُغْفَرُ وَظُلْمٌ لا يُتْرَكُ وَظُلْمٌ مَغْفُورٌ لا يُطْلَبُ، فأمّا الظُّلْمُ الَّذِي لا يُغْفَرُ فَالشِّرْكُ بِاللهِ لِقَولِه تَعالى: (إنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)(14) وأَمّا الظُّلْمُ الَّذِي يُغْفَرُ فَظُّلْمُ المَرْءِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ بَعْضِ الهَنَاتِ وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لاَ يُتْرَكُ فَظُلمُ العِبادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، العِقَابُ هُنالِكَ شَدِيدٌ لَيْسَ جَرحَاً بالمُدى(15) ولاَ ضَرباً بِالسِّيَاطِ وَلَكنَّهُ ما يُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَهُ.

المراد من (فظلم لا يغفر) هو الظلم الّذي لا يُغفر أبداً، ويكون صاحبه مخلداً في جهنم وهو الشرك، وهكذا سائر أقسام الكفر كانكار أصل وجود الله تعالى، أو إنكار نبيّ من أنبيائه الّذي ثبتت نبوته، واختصاص الآية الكريمة بالشرك لا ينافي ذلك; لأنّه من الممكن أن يكون ذكر خصوص الشرك هو لتعلق غرض بخصوصه; كأن يكون نزوله من أجل إخافة جمع من المشركين ] أو كما نقل من أجل منح الأمل لجمع كانوا من المشركين وأرادوا الدخول في الإسلام وكانوا يخشون عدم قبول إسلامهم[(16) ويمكن القول بأنّ الشرك إذا لم يُغفر فالكفر ـ وهو إنكار وجود الله تعالى ـ لا يغفر بطريق أولى، إذ من الواضح جداً كونه أعظم من الشرك، وترجع سائر أقسام الكفر إليه في الحقيقة، إذ من لا ينكر الله تعالى لا يعقل أن ينكر نبيّه مع وجود المعجزة من قبله، وعليه فقوله تعالى: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)سيكون مبنياً على هذا المعنى: يغفر ما وراء الشرك وما هو أعظم منه، بقرينة مفهوم صدر الكلام، مع انّه من الممكن أن لا يكون ] مَا دُونَ ذَلِكَ[ بمعنى (ماوراء ذلك) بل بمعنى ] أدنى من ذلك[ أي الذنوب الّتي هي أدنى من الشرك وأقلّ، وعليه فانّ ما يكون أعظم من ذلك أو مساوياً له لا يدخل فيه، مع انّه لا يدلّ على انّ غير الشرك سيغفر له البتة، بل على انّ غيره يغفر له إذا شاء الله، ومتى ما ثبت بالاجماع والأخبار انّ مطلق الكافر لا يغفر له أبداً، يعلم انّ مطلق الكفر لا تتعلّق مشيئة الله تعالى بمغفرة صاحبه أبداً غاية ما هنالك انّ ذكر خصوص الشرك في الأوّل كان لتعلّق غرض خاص به كما ذكر ] وكما قال جمع من اللغوين بانّه جاء بمعنى الكفر أيضاً، كما جاء الشرك بمعنى الكفر، وعليه فانّ الظلم الّذي لا يغفر هو الكفر بالله ولا إشكال في ذلك; لأنّ مطلق الكفر يرجع إِلى الكفر بالله كما لا يخفى ذلك على المتأمل فيه[(17).

والمراد من (الظلم الّذي يغفر) هو الّذي يغفر أحياناً ولمن يشاء لا انّه يغفر مطلقاً، والفرق بينه وبين القسم الأوّل هو عدم احتمال إرادة المغفرة في القسم الأوّل بناءً على ما أخبر به الله تعالى من انّه لا يغفر للشرك، وفي هذا القسم تحتمل المغفرة فيغفر الله لمن يشاء، وليس المعنى انّ الله إذا أراد في القسم الأوّل أن يغفر لإنسان فانّه لا يمكن ذلك، إذ انّ من الواضح انّ ما أراده الله تعالى سوف يقع البتة، والفرق بين هذا القسم والقسم الثالث هو احتمال المغفرة في هذا القسم بهذا النحو: بأن يُغفر له كلّيّاً ولا يؤاخذ أساساً بعكس القسم الثالث فانّه وإن احتملت المغفرة فيه إلاّ انّها ليست مطلقة بل بعد طلب رضا المظلوم أو معاقبة الظالم بما يتناسب مع ظلمه، أو بأخذ بعض الحسنات من الظالم واعطاؤها للمظلوم بمقدار حقّه، ويمكن أن يتفضّل الله سبحانه ـ نظراً لبعض الحسنات الّتي قام بها الظالم ـ بإثابة المظلوم وتعويضه حتّى يرضى ويتنازل عن مؤاخذة الظالم دون أن يُعاقب، أو تُنقص من حسناته فتعطى للمظلوم و (العقاب هنالك شديد) يعني أينما كان عقاب في الأقسام المذكورة كان شديداً، وليس من قبيل الجرح والضرب بل انّها تستصغر عنده، فلابدّ من الحذر منه.

2790 ـ أَلاَ فَأعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ وَالخَنَاقُ مُهْمَلٌ وَالرُّوحُ مُرْسَلٌ فِي قِنْيَةِ(18)الإِرْشَادِ، وَراَحَةَ الأجْسادِ وَمَهَلِ البَقِيَّةِ وَاُنُفِ المَشِيَّةِ وَاِنْظَارِ التَّوْبَةِ وَانْفِسَاحِ الحَوْبَةِ قَبْلَ الضَّنْكِ وَالمَضِيقِ وَالرَّدْعِ وَالزَّهُوقِ قَبْلَ قُدوُمِ الغَائِبِ المُنْتَظَرِ وَأَخْذَةِ العَزِيزِ المُقْتَدِرِ.

المراد: باشروا بأعمال الخير ما دامت الفرصة موجودة والخناق غير ممسك بالموت والروح سارية في الجسم لادخار الإرشاد، و (الإرشاد) بكسر الهمزة يعني الهداية، أي في الزمان الّذي تستطيعون فيه ادخار الإرشاد، أي إرشادكم للناس، أو إرشاد الناس إياكم، ويمكن أن يكون (إرشاد) بفتح الهمزة وهو جمع (رشد) بمعنى الاستقامة على طريق الحقّ، أي ادّخروا لأنفسكم الاستقامة على طريق الحقّ مهما تمكنتم. و (راحة الأجساد) يعني ادخار راحة الأبدان للآخرة، أو في الزمان الممكن ادخار الإرشاد فيه، وقوله: في زمان راحة الأجساد أي من المصائب والأمراض الضعف والعجز الّذي يظهر في الشيخوخة، و (مهل البقية) أي في زمان الامهال لما بقي من العمر قبل حلول الأجل ولا تبقى بقية و (أنف المشيّة) أي في أوّل وقت تتمكنون فيه من العمل، ولا تؤجلوا ذلك إِلى زمان آخر، وقد لا يكون (أنف المشية) بمعنى بدء العزيمة بل بمعنى قوة العزيمة، أي في زمان تكون إرادتكم فيه قوية، وبوسعكم إنجاز ما تريدون قبل أن ينقضي قت الإرادة، أو تعجزون عن إنجاز ما تريدون بسبب الضعف والعجز، و (انظار التوبة) يعني ما دام وقت التوبة لم ينتهِ حيث اُجِّل شيئاً ما أي قبل حلول الموت، ومشاهدة أحوال تلك النشأة حيث لا تقبل التوبة و (انفساح الحوبة)(19) أي سعة وقت المؤاخذة يعني قبل حلول زمان المؤاخذة على الذنب، أو سعة زمان معالجته أي قبل العجز من معالجته بالتوبة والانابة، وفي بعض النسخ ورد (وانفساح الجنّة) أي سعة وقت تحصيلها، وما دامت الفرصة موجودة للقيام بأعمال يستحق بها الجنة. و (قبل الضنك المضيق) المضيق تأكيد لـ (الضنك)، والمراد: إعملوا قبل أن يضيق الوقت باقتراب الموت.

و (الردع) يعني منعكم من العمل بحلول الأجل، و (الزهوق) أي بطلان الوقت والفرصة. ويمكن أن لا يكون المراد من (الزهوق) هنا بمعنى البطلان بل بمعنى خروج الروح، و (الغائب المنتظر) هو ملك الموت الغائب، وبما أن قدومه متيقن فكأنّ الإنسان في انتظاره، ويمكن قراءة (منتظر) بكسر الظاء بمعنى من ينتظر، فانّه ينتظر وقت حلول أجل كلّ إنسان لقبض روحه، و (أخذ العزيز المقتدر) يعني قبل أخذ الله تعالى ـ الغالب على كلّ إنسان والقادر على كلّ شيء ـ إياكم إِلى تلك النشأة لأجل محاسبتكم.

 

ما ورد من حِكم أميرالمؤمنين

عليّ بن أبيطالب(عليه السلام) في حرف الألف

الموجودة في حرف الاستفهام

حرف الاستفهام يطلق على الحرف الّذي يدل على السؤال عن شيء للعلم به وفهمه مثل (أين) و (هل)، ومن جملة ما قاله(عليه السلام):

2791 ـ أَيْنَ العَمَالِقَةُ وَأَبْناءُ العَمَالِقَةِ؟

العمالقة كانوا قوماً ذوي أجسام قوية جداً من أبناء عمليق بن لاوز بن ارم بن سام بن نوح، ولا يخفى انّ الاستفهام في كلامه (صلوات الله وسلامه عليه) لا يحمل على الحقيقة بأن يكون المراد هو السؤال عن شيء للعلم به، بل الغرض هو توجيه المخاطبين لهذا المضمون والاعتبار به.

2792 ـ أَيْنَ الجَبَابِرَةُ وَأَبْنَاءُ الجَبَابِرَةِ؟

2793 ـ أَيْنَ أَهْلُ مَدائِنِ الرَّسِّ الَّذينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ وَأَطْفَؤا نُورَ المُرْسَلِينَ؟

(الرس) كما قال اللغويون بئر من بقيّة أولاد ثمود الّذين كذّبوا نبيّهم وألقوه في ذلك البئر ثمّ ملؤوه.

وقد روى الشيخ الصدوق (طاب ثراه) في كتاب عيون الأخبار وكتاب علل الشرائع(20) عن الإمام الثامن الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليهما أفضل التحية والثناء) نقلا عن آبائه العظام الكرام عن سيّد الشهداء (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) انّه قال: أتى عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له: عمرو فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا؟ وأين كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث الله عز وجل إليهم رسولا أم لا؟ وبماذا هلكوا؟ فإنّي أجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا أجد غيرهم، فقال له عليّ: لقد سألتني عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ولا يحدثك به أحد بعدي إلاّ عني، وما في كتاب الله عز وجل آية إلاّ وأنا أعرفها وأعرف تفسيرها، وفي أي مكان نزلت من سهل أو جبل، وفي أي وقت من ليل أو نهار، وان هاهنا لعلماً جماً، وأشار إِلى صدره ولكن طلابه يسير وعن قليل يندمون لو فقدوني، كان من قصتهم يا أخا تميم: انّهم كانا قوماً يعبدون شجرة صنوبرة يقال لها شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها: روشاب، كانت انبطت(21) لنوح(عليه السلام) بعد الطوفان، وإنّما سمّوا أصحاب الرس لأنّهم رسوا بينهم في الأرض وذلك بعد سليمان بن داود(عليه السلام)، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطىء نهر يقال لها: رس من بلاد المشرق، وبهم سمّي ذلك النهر، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه، ولا أعذب منه، ولا قرى أكثر ولا أعمر منها تسمى إحداهن آبان، الثانية آذر، والثالثة دي والرابعة بهمن والخامسة اسفندار والسادسة فروردين والسابعة أردي بهشت والثامنة خرداد والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادية عشرة مهر والثانية عشرة شهريور، وكانت أعظم مدائنهم اسنفدار، وهي الّتي ينزلها ملكهم، وكان يسمى تركوز بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون(22) إبراهيم(عليه السلام) بها العين والصنوبرة، فنبتت الحبة، وصارت شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين والأنهار، فلا يشربون منها ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك قتلوهم ويقولون: هي حياة آلهتنا، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ويشربونهم وأنعامهم من نهر الرس الّذي عليه قراهم، وقد جعلوا في كلّ شهر من السنة في كلّ قرية عيد يجمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة الّتي بها كلة(23) من يريد فيها من أنواع الصور، ثمّ يأتون بشاة وبقر فيذبحوها قرباناً للشجرة، ويشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر إِلى السماء خروا للشجرة سجداً، ويبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها، ويصيح من ساقها صياح الصبي ويقول: قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفساً وقروا عيناً فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدست بند(24) فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثمّ ينصرفون، وإنّما سميت العجم شهورها بآبانماه وآذرماه وغيرهما اشتقاقاً من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعضهم لبعض: هذا عيد(25) شهر كذا وعيد شهر كذا، حتّى إذا كان عيد شهر قريتهم العظمى اجتمع إليه صغيرهم فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقاً من ديباج عليه من أنواع الصور له اثنا عشر باباً، كلّ باب لأهله قرية منهم، ويسجدون للصنوبرة خارجاً من السرادق، ويقربون له الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة الّتي في قراهم، فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكاً شديداً ويتكلم من جوفها كلاماً جهورياً، ويعدهم ويمنيهم بأكثر ممّا وعدتهم ومنتهم الشياطين كلّها فيرفعون رؤوسهم من السجود، وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والغرف فيكونون على ذلك اثني عشر يوماً ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثمّ ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره بعث الله عز وجل إليهم نبيّاً من بني إسرائيل من ولد يهود بن يعقوب فلبث فيهم زماناً طويلا يدعوهم إِلى عبادة الله عز وجل ومعرفة ربوبيته فلا يتبعونه، فلما رأى شدة تماديهم في الغي الضلال، وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح، وحضر عيد قريتهم العظمى قال: يا ربّ، انّ عبادك أبوا إلاّ تكذيبي والكفر بك، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع، ولا تضر فأيبس شجرهم أجمع وأرهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم، وقد يبس شجرهم فهالهم ذلك، وقطع بهم وصاروا فرقتين، فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الّذي يزعم انّه رسول ربّ السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إِلى آلهة وفرقة قالت: لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها، ويدعوكم إِلى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهائها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه، فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثمّ أرسلوها في قرار العين إِلى أعلى الماء واحدة فوق والاُخرى مثل البرابخ(26)، ونزحوا ما فيها(27) من الماء، ثمّ حفروا في قرارها بئراً ضيقة المدخل عميقة، وأرسلوا فيها نبيّهم، وألقموا فاها صخرة عظيمة ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا: نرجو الآن أن ترضى عنه آلهتنا إذ رأت انّا قد قتلنا من كان يقع فيها، ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها ونضارتها(28) كما فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيّهم(عليه السلام) وهو يقول: سيدي قدترى ضيق مكاني شدة كربي، فارحم ضعف ركني، وقلة حيلتي، وعجّل بقبض روحي ولا تؤخر اجابة دعوتي حتّى مات(عليه السلام)، فقال الله عز وجل لجبرئيل(عليه السلام): يا جبرئيل اُنظر عبادي هؤلاء الّذي غرّهم حلمي، وأمنوا مكري، وعبدوا غيري، وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي، أو يخرجوا من سلطاني كيف وأنا المنتقم ممن عصاني، ولم يخش عقابي وانّي حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين فلم يرعهم (ويمكن أن يكون معنى نص الحديث: انّهم لم يراعوه) إلاّ بريح شديدة، وإطلاق (رعاية) هو من باب الاستهزاء والسخرية كما قال تعالى في القرآن الكريم: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب ألِيم)(29) والحال انّهم كانوا في يوم عيد لهم ذلك العيد المذكور وهم في عيدهم ذلك إلاّ بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها، وذعروا منها وانضم بعضهم إِلى بعض، ثمّ صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقد، وأظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمراً(30) تلتهب فذابت أبدانهم النار كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

2794 ـ أَيْنَ الَّذِينَ عَسْكَرُوا العَسَاكِرَ وَمَدَّنُوا المَدائِنَ؟

2795 ـ أَيْنَ الَّذِينَ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً وَأَعْظَمُ جَمْعَاً؟

2796 ـ أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا أَحْسَنَ آثاراً وأَعْدَلُ أَفْعَالا وَأَكْبَرُ مُلْكاً؟

2797 ـ أَيْنَ الَّذِينَ هَزَمُوا الجُيُوشَ وَسَارُوا بِالألُوفِ؟

2798 ـ أَيْنَ الَّذِينَ شَيَّدُوا المَمالِكَ وَمَهَّدُوا المَسَالِكَ وَأَغَاثُوا المَلْهُوفَ وَقَرَوا الضُّيُوفَ؟

2799 ـ أَيْنَ مَنْ سَعَى واجْتَهَدَ وَأَعَدَّ وَاحْتَشَدَ؟

أي أين الّذين كانوا هكذا في اُمور الدنيا: رحلوا ولم يبق لهم اسم ولا أثر، إذن على العاقل أن لا يتعب نفسه من أجل أمر فان كهذا.

2800 ـ أَيْنَ مَنْ بَنى وَشَيَّدَ وَفَرَشَ وَمهَّدَ وَجَمَعَ وَعَدَّدَ؟

المراد هو بناء العمارات وإحكامها، وبسط الفرش فيها وجمع المال وإعداده لأيام الخير أو الشر.

 

الهوامش:

(1) في نسخة مكتبد سبهسالار ورد (فانّ الشقي بدلاً من (فإنّ اللئيم).

(2) في نسخة مكتبة سبهسالار هذه الكلمات، (أو ما يجازيه في تلك النشأة من ثواب وعقاب).

(3) في نسخة مكتبة مسجد سبهسالار ورد (فأفسد) بدلا عن (وأفسد).

(4) في هامش نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار كتب: «وهذا أيضاً من تتمة المعنى الأوّل وليس معنى آخر، منه سلّمه الله تعالى».

(5) في نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار ورد (والاغترار) بدلا عن (الاغراء).

(6) عبارة (وفي بعض... الخ) وردت في نسخة مكتبة سبهسالار فقط، وقد قال صاحب أقرب الموارد: حاس الشيء حيساً: خلطه والحبل: فتله.

(7) ورد في الأصل هكذا: «بلكه بمعنى مذمت كردن غايبان باشد».

(8) النور: 22.

(9) الإسراء: 27.

(10) الأنعام: 141.

(11) ورد في نهج البلاغة: (وفينا تنشبت عروقه) من مادة (ن ش ب) من باب تفعّل وورد (غصونه) بدلا عن (أغصانه)، وورد في بعض نسخ الغرر والدرر (فبنا نشبت فروعه).

(12) التوبة: 72.

(13) عبارة (والمراد من أهل البيت... الخ) موجودة في نسخة مكتبة سبهسالار فقط.

(14) النساء: 48.

(15) وضع الشارح(رحمه الله) الضمة على ميم (بالمدى) وكسرة أسفله وكتب فوقه معاً أي تصح قراءتين بالوجهين وقال في أقرب الموارد: المدية بالتثليث الشفرة وجمعه مُدى ومِدى.

(16) العبارة بين المعقوفتين توجد في نسخة مكتبة سبهسالار فقط.

(17) ما في المعقوفتين موجودة في نسخة مسجد سبهسالار فقط.

(18) قرأ الشارح(رحمه الله) كلمة (قنية) بكسر القاف (ويصح الضم أيضاً) وسكون النون وفتح الياء والتاء فى ةخرها وجاءت بمعنى (الادّخار) وهو خطأ، لأنّ هذه الكلمة تكون بفتح الفاء وسكون الياء وفتح النون والهاء في آخرها أي (الغنية) وقال ابن الأثير في النهاية: (في الحديث: ما من مؤمن إلاّ وله ذنب قد اعتاده الفنية بعد الفنية ـ أى الحين بعد الحين، والساعة بعد الساعة يقال القيته فنية والفنية، وهو ما تعاقب عليه التعريفان العلمي واللامي كالشعوب والشعوب وسحر والسحر، ومنه حديث علي (عليه السلام): إعملوا عباد الله الخناق محمل، والروح مرسل في فنية الإرشاد، وأضاف إلى الإرشاد لأنّ أوقات العمر في يوجد فيه الرشاد، وروى (الارتياد) وهو المطلب ومن أراد تفعيل أكبر عليه مراجعة شروح نهج البلاغة خاصة شرح ابن أبي الحديد.

(19) يجب أن يعلم أن عبارة الآمدي(رحمه الله) الّتي نقلها بعنوان (ألا) هي آخر عبارة خطبة (الغراء) الّتي نقلها السيّد الرضي(رحمه الله) في نهج البلاغة وقال ابن أبي الحديد في شرحها (ج 2 طبعة مصر ص 98): (والفينة: الوقت، ويروى وفينة الارتياد، وانف المشية: أوّل أوقات ا لإرادة والاختيار، قوله: (انفساح الحوبة) أي سعة وقت الحاجة والحوبة: الحاجة والارب، ويمكن أن يكون: انفساخ بالخاء المعجمة ويعني الزوال بسبب توبة الإنسان فتأمل.

(20) عيون أخبار الرضا(عليه السلام) 2: 184، علل الشرائع 1: 40.

(21) أي نبعت.

(22) كتب الشارح(رحمه الله) بقلمه في الهامش: فرعون، لقب ملوك مصر وكان فرعون عصر النبي إبراهيم(عليه السلام)هو نمرود بن كنعان وفي هامش نسخة سبهسالار اضافة: منه سلّمه الله.

(23) الكلة: الستر ا لرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق.

(24) كتب الشارح(رحمه الله) في الهامش: لا يبعد أن يكون المراد ان كلّ فرد كان يضع في يده معصماً ظناً ببركة ذلك المكان ليكون في يدهم دائماً، وفي هامش نسخة مكتبة مسجد سبهسالار اضافة: منه سلّمه الله تعالى.

(25) كتب الشارح(رحمه الله) في الهامش بقلمه: أي نظراً إِلى قولهم انّ هذا عيد شهر قرية آبان وعيد شهر قرية آذر وهكذا في البقية فأصبحت آبان وآذر وسائر الأسماء أسماء هذه الشهور وفي هامش نسخة مكتبة سبهسالار اضافة: منه سلّمه الله تعالى.

(26) البربخ ما يعمل من الخزف للبشر ومجاري الماء من البحار.

(27) كتب الشارح(رحمه الله) في الهامش بقلمه: أو كان في تلك العين أي في ذلك النبع بناءً على الأحتمال الثاني المذكور في الهامش الثاني.

(28) كتب الشارح(رحمه الله) في الهامش: الظاهر ان العين قد تحولت إِلى بحيرة وكانت الأنابيب توضع فيها في الموضع الّذي يضعف فيه النبع كي لا يدخل الماء من الأطراف في الأنابيب ثمّ أفرغوا الأنابيب وحفروا البئر بينها وألقوا النبي فيها وسدوا فتحة البئر بصخرة ورفعوا الأنابيب فاختفت فتحة البئر، ومن الممكن انّهم نصبوا الأنابيب في موضع نبع الماء كي يحبس الماء النابع فيها ولا يتوجه إِلى الأطراف ثمّ أفرغوا ماء البحيرة وحفروا بئراً خارج الأنابيب ثم ألقا النبي فيها وسد فتحة البئر رفعوا الأنابيب كي تمتلئ البحيرة ويبقى البئر فيها) في الهامش من نسخة مدرسة سبهسالار اضافة: ومنه سلّمه الله تعالى.

(29) آل عمران: 21.

(30) كتب الشارح(رحمه الله) بقلمه في هامش النسخة الأصلية: يعني الجمر الّذي استوعبهم كالقبة الّذي تضم مجموعة، وفي نسخة مكتبة مسجد سبهسالار اضافة: منه سلّمه الله تعالى.