2901 ـ أَفْضَلُ الشَّرَفِ الأَدبُ.
2902 ـ أَفْضَلُ المِلْكِ مِلْكُ الغَضَبِ.
أفضل الملك الّذي يملكه الإنسان هو ملك الغضب، أي أن يكون مالكاً لغضبه ومتسلّطاً عليه وقادراً على تجرّعه.
2903 ـ أَفْضَلُ الاِيمانِ الأمَانَةُ.
أفضل الإيمان أي أفضل صفات المؤمن وأفعاله هو الأمانة، أي أن يكون أميناً غير خائن، في أموال الناس، وهكذا الأسرار الّتي تودع لدى الإنسان أو ما يطلع عليها من الأخطاء والزلات والعيوب، و (الأمانة فيها) هو اجتناب الافصاح عنها واظهارها للغير.
2904 ـ أَقْبَحُ الأَخْلاَقِ الخِيانَةُ.
أقبح الخصال هي الخيانة الّتي تقابل الأمانة على التفصيل المذكور في الكلام السابق.
2905 ـ أَفْضَلُ العِبادَةِ الفِكْرُ.
أفضل العبادة هو التفكر في أسباب الفلاح في الآخرة من العلوم الدينية.
2906 ـ أَقْوى عُدَدِ الشَّدائِدِ الصَّبْرُ.
وذلك لأنّ الصبر على المصيبة والصعاب يستدعي سهولة انقضائها، وصدّها لنزول مصيبة ومعضلة أُخرى.
2907 ـ أَمْقَتُ النَّاسِ العَيَّابُ.
أي يكون مقت الله عز وجل ومقت الناس له أكثر من سائر من يمقتونهم.
2908 ـ أَذَلُّ النَّاسِ المُرْتابُ.
أي الّذي يفقد الصبر ويجزع في المصائب والصعاب، فانّ هذا الأمر يستدعي الذل في الدنيا والآخرة، وقد يكون المراد هو الشاك، أي من يشك في دينه ولم يصل إِلى اليقين.
2909 ـ أَلأَمُ النَّاسِ المُغْتَابُ.
أكثر الناس تألماً هو المغتاب، أي يتضاعف ألمه من تلك النشأة بالنسبة لسائر المذنبين، وقد يكون المراد انّ المغتاب أكثر الناس لؤماً وملامة.
2910 ـ أَقْبَحُ العَىِّ الضَّجَرُ.
أقبح العجز هو التضجّر، أي العجز عن أداء شيء بسبب التضجّر والقلق في الغم والحزن، وعليه ينبغي بالإنسان ألاّ يفسح المجال لأي غم وحزن على فوات أمر دنيوي تافه وليكن غير مكترث به، وعليه ـ في غير هذه الاُمور ـ أن يسلّي نفسه في أي مجال بما يناسبه كأن يتذكر ما ورد من أجر وثواب على الصبر على المصائب والنوائب، وهكذا الأمل بالفرج من قبل الله تعالى وأمثال هذه الاُمور، وأن لا يبلغ تضجّره إِلى حد يعجزه عن الاهتمام اللازم بالشؤون الدنيوية والأخروية، لأنّ مثل هذا العجز هو أقبح أنواع العجز إذ الإنسان لا يُعذر فيه، عكس سائر أنواع العجز حيث يمكن أن يكون معذوراً فيها.
2911 ـ أَسْوَءُ القَوْلِ الهَذَرُ.
أي كلّ قول لا يترتب عليه فائدة في الآخرة أو الدنيا.
2912 ـ أَحْسَنُ الكَرَمِ الإيثارُ.
أفضل الجود هو الايثار على النفس، أي تقديم شيء للإنسان آخر رغم حاجته إليه، وقد يكون المراد: انّ أفضل ما يكون سبباً للشرف والكرامة هو الجود والسخاء.
2913 ـ أَحْمَقُ الحُمْقِ الإغْتِرارُ.
أحمق الحماقة هو الانخداع أي من الدنيا بأن يغترّ بها وينشغل بالسعي من أجلها، والتماهل في السعي من أجل الآخرة، أو أن ينخدع بالاهتمام بالدنيا أو لسبب آخر، ويصاب بالعجب والتكبر منها ولا يتواضع بسببه لله أو للناس، ولا يخفى انّ (أحمق الحمق) يكون على سبيل المجازية لأنّ الحماقة تعني قلّة العقل، والأحمق قليل العقل أو أقلّ عقلا بناءً على كونه من باب (أفعل التفضيل) كما فهم المؤلف ذلك بدليل انّه ذكر ذلك في باب ألف التعظيم، وواضح انّ قلّة العقل لا يدلّ على أن يكون قليل العقل أو أقل عقلا، وعليه فالمراد انّ الاغترار غاية قلّة العقل(1).
(أحمق الحمق) عليه للإشارة إِلى قلّة عقله ] وحماقته[ إِلى حدّ انّه أصبح شخصاً قليل العقل أو أقل عقلا بحيث يمكن انتزاعهما منه، وكما يقولون: (رأيت من زيد أسداً) والهدف هو المبالغة في شجاعته، كأنّه شجاع إِلى حد يمكن أن تنتزع منه الأسدية، ويمكن أن يكون (أحمق) قد استعمل بصيغة التفضيل مجازاً بمعنى الأكثر أو الأعظم من قبيل استعمال اللفظ في جزء معناه.
2914 ـ أَفْضَلُ السُّبُلِ الرُّشْدُ.
2915 ـ أَلاْمُ الخُلْقِ الحِقْدُ.
2916 ـ أَطْيَبُ العَيْشِ القَنَاعَةُ.
2917 ـ أَشْرَفُ الأَعْمالِ الطَّاعَةُ.
أي طاعة الله تعالى وامتثال أمره.
2918 ـ أَقْرَبُ شَىْء الأَجَلُ.
أقرب شيء هو الموت لأنّ كلّ ما هو آت قريب حيث انّ الزمان المتناهي سينتهي بسرعة، خاصة الموت الّذي يكون أقصى بُعده سهلا ] قريباً[ والإنسان غافل عنه لا يتوقعه، وعليه فانّ زمانه مهما كان بعيداً لكنّه لا يبدو كذلك بل انّه حيثما يحل فكأنّه قد حل فجأة، ولذلك قال: انّه أقرب شيء، وقد تعود أقربيته إِلى انّ اليقين بمجيئه أقوى من اليقين بمجيء أي شيء آخر، فكأنّه أقرب من كلّ شيء، ويكون قوّة اليقين به بمثابة أقربيته، أو المراد: يمكن أن يكون أقرب من كلّ شيء ويحتمل حلوله كلّ آن، كما سيرد في القول التالي.
2919 ـ أَبْعَدُ شَىْء الأَمَلُ.
أبعد شيء هو الأمل، والمراد انّه يمكن أن يكون أبعد الأشياء إذ انّ صاحب الأمل قد يتصور لنفسه آمالا عريضة لا يمكن تحقيقها أبداً، وعليه كلّ ما كان بعيداً يكون الأمل أبعد منه.
2920 ـ أَوَّلُ الزُّهْدِ التَّزَهُّدُ.
أوّل الإعراض عن الدنيا والرغبة عنها هو إلزام النفس بذلك، أي انّ على الإنسان في البداية أن يجبر نفسه على ذلك كي تحصل لديه ملكته ويرسخ فيه هذا الأمر.
2921 ـ أَوَّلُ العَقْلِ التَوَدُّدُ.
أي انّ أوّل عمل يقوم به العاقل هو التودد إِلى الناس، إذ انّ مصلحته الدنيوية والاخروية تفوق على أيّ عمل آخر، ولا يخفى انّ ذكر (أوّل) في هذا المقام هو لكونه أفعل التفضيل وأصله (أوأل) فانقلبت همزته واواً فاُدغمت الواو بالواو وأصل معناه من ] الايواء[ أي أكثر ايواءً، وكلّما قيل لشيء «أوّل» فهو باعتبار انّه أكثر إيواءً إليه وتعلّماً منه، ثمّ بعده يأوى إليه غيره ويتعلّم منه، فهو أكثر إيواء إليه.
2922 ـ أَشْرَفُ الشَّرَفِ العِلْمُ.
2923 ـ أَقْبَحُ السِّيَرِ الظُّلْمُ.
2924 ـ أَعْجَلُ الخَيْرِ ثَواباً البِرُّ.
أي انّ ثواب الاحسان للناس وعوضه أسرع وصولا إِلى صاحبه من أي خير آخر، بل كثيراً ما يجد عوضه في الدنيا أيضاً.
2925 ـ أَشَدُّ شَىْء عِقَاباً الشَّرُّ.
أشد شيء عقاباً هو الشر أي الإساءة إِلى الناس.
2926 ـ أَعْجَلُ شَىْء صَرْعَةً البَغْيُ.
أعجل شيء سقوطاً هو البغي أي الظلم أو الاستعلاء، والمراد: انّ البغي أسرع هواناً وذلا وهلاكاً لصاحبه من أيّ صفة ذميمة اُخرى.
2927 ـ أَسْوَءُ شَىْء عَاقِبَةً الغَيُّ.
2928 ـ أَحْسَنُ المَكَارِمِ الجُودُ.
(المكرمة) تطلق على الصفة الّتي تستدعي كرامة صاحبها وعلو شأنه.
2929 ـ أَسْوَءُ النَّاسِ عَيْشَاً الحَسُودُ.
إذ انّه يشغل نفسه عبثاً بالغم والحزن دائماً.
2930 ـ أَشَدُّ القُلُوبِ غِلاًَّ قَلْبُ الحَقُودِ.
أقسى القلوب غشاً وكدورة قلب الحقود، ويمكن أن يقرأ (غلا) بضم الغين يعني عطشاً شديداً، أو حرارة الباطن وحرقته.
2931 ـ أَنْفَعُ العِلْمِ مَا عُمِلَ بِهِ.
المراد هو العلم الّذي يتعلّق بالعمل كعلم الفقه والحكمة العملية، وأمّا في العلم الّذي لا يتعلّق بالعمل كالحكمة النظرية وعلم الكلام الّتي تهدف إِلى معرفة أحوال المبدأ والمعاد، ولا ينظر فيها إِلى العمل قد يكون المراد من (ما عُمل به) هو العمل بمقتضى ما يستفاد منها، فمثلا حيثما ظهرت منها عظمة الله تعالى وكبريائه باشروا باطاعته وامتثال أوامره، وحيثما علموا بما جعل على الأعمال من حشر ونشر وحساب وثواب وعقاب عملوا بما يستدعي الفلاح في تلك النشأة، وقس على ذلك.
2932 ـ أَفْضَلُ العَمَلِ ما أُخْلِصَ فِيهِ.
أي بأن تكون النية فيه خالصة ولرضا الله وامتثال أمره فقط، دون أن يكون مشوباً بهدف آخر حتّى الطمع بالجنّة وقصد الخلاص من نار جهنم، وإنْ كان امتزاجها بهذا الغرض حسب ما اعتقد به وكما هو المشهور بين العلماء ـ لا يضر بصحة العبادة ـ بل من الأولى والأفضل عدم امتزاجها به كما هو الظاهر من بعض الأحاديث.
2933 ـ أَفْضَلُ المَعْرِفَةِ مَعْرِفَةُ الإنْسَانِ نَفْسَهُ.
إذ انّه بمعرفة نفسه وأحوالها يتعرف على الكثير من أحوال المبدأ والمعاد، ويعلم أيضاً انّ خلقها ليس عبثاً بل الهدف هو العبادة والعبودية كي يحظى بالسعادة الأبدية والسرمدية، وهذا الأمر يستدعي الجد والجهد في الطاعات والعبادات كي يتحقق الغرض الأساسي من خلقها، ومن الواضح انّه لا توجد معرفة وعلم له فوائد بهذا المستوى.
2934 ـ أَعْظَمُ الجَهْلِ جَهْلُ الإنسانِ أَمْرَ نَفْسِهِ.
أكبر الجهل هو أن يجهل الإنسان حال نفسه، بأن لا يدري لماذا خلق وما الهدف من ذلك، لأنّ من يجهل ذلك يشتغل باللهو واللعب، أو السعي في المهام والاُمور الدنيوية التافهة حتّى يبلغ أجله ويرحل وقد (خسر الدنيا والآخرة).
2935 ـ أَعْقَلُ الإنْسانِ مُحسِنٌ خَائِفٌ.
أعقل الإنسان هو المحسن الخائف من عذاب الله تعالى.
2936 ـ أَجْهَلُ النَّاسِ مُسِيءٌ مُسْتَأنِفٌ.
أي بأن يذنب من دون ندم بل يستأنف امّا نفس ذلك الذنب أو أيّ ذنب آخر يختلف عن الذنب الأوّل، قياساً على ما مضى في عدّ الاصرار على الذنب ولو كان صغيراً، من الكبائر، حيث كان هناك مذهبان: الأول: هو أن يرتكب معصية ثمّ يعود ليرتكب المعصية ذاتها، أو أن يكون عازماً عليها، والمذهب الآخر: هو ارتكاب معصية اُخرى من غير ذلك الجنس. وكذلك يُعدّ العزم على ذلك من قبيل الاصرار ] على الذنب[.
2937 ـ أَسْوَءُ الصِّدْقِ النَّمِيمَةُ.
أي القول الصادق الّذي ينقله النمام.
2938 ـ أَفْضَعُ الغِشِّ غِشُّ الأئِمَّةِ.
2939 ـ أَعْظَمُ الخِيانَةِ خِيانَةُ الاُمَّةِ.
أي الخيانة مع الاُمة، و (الاُمة) تعني الإمام، وعليه فهذا القول تأكيد للقول السابق، كما يقال (اُمة) للرجل إذا جمع الخيرات، وعليه فهي أعم، كما تطلق على الطائفة من كلّ قبيلة فكونها أعظم خيانة يرجع إِلى كونها مع جماعة.
وكما تطلق الاُمة أيضاً على الجماعة الّتي بعث إليهم نبي، وعليه قد يكون المراد هو الخيانة الّتي تكون تجاه الاُمة الإسلامية جمعاء، ويطال ضررها الجميع كالخيانة الّتي ارتكبتها جماعة في وضع الأحاديث ترويجاً للمذاهب الباطلة، وقد يكون المراد ـ بناءً على هذا المعنى ـ خيانة الاُمة بنبيّها وإمامها فتكون تأييداً للقول السابق.
2940 ـ أَقْبَحُ الصِّدْقِ ثَنَاء الرَّجْلِ عَلى نَفْسِهِ.
فانّه إذا كان صدقاً فهو أقبح الصدق، لا يخفى ان لفظ (أقبح) في هذا القول و (أسوء) في القول السابق في باب النميمة، إشارة إِلى انّ الصدق الّذي يقال في النميمة هو أسوء ممّا يقال في الثناء لنفسه.
2941 ـ أَفْضَلُ الجِهادِ مُجاهَدَةُ المَرْءِ نَفْسَهُ.
أي ان يلزمها على الطاعة، ويصدها عن المعاصي.
2942 ـ أَرْبَحُ الْبَضائِع اصْطِناعُ الصَّنائِعِ.
2943 ـ أَفْضَلُ الذَّخَائِرِ حُسْنَ الصَّنَائِعِ.
أي الإحسان الجميل إِلى الناس.
2944 ـ أَحْسَنُ الصَّنَائِعِ مَا وَافَقَ الشَّرَائِعِ.
أي وافق الشروط الّتي وضعتها الأديان للاحسان، كأنّ لا يكون ما يهديه مثلا حراماً، ولا يكون اعانة على الاثم، ويجتنب الاسراف في البذل بأن يصبح محتاجاً فيناله الضرر.
2945 ـ أَفْضَلُ العَقْلِ الاَدَبُ.
أي بأن يراعي الأدب الّذي قرر في الشريعة لكلّ شيء، وهكذا الآداب الّتي تستحسن بين الناس.
2946 ـ أَكْرَهُ المَكَارِهِ فِيما لاَ يُحْتَسَبُ.
وذلك كالمصيبة الّتي يجزع ولا يصبر فيها، أو المكروه الّذي يكون هو السبب فيه، إذ انّ في هذا النوع من المكروهات لا يؤمّل فيها التعويض رغم ما فيها من أذى، عكس المكروهات الّتي يؤمّل فيها الأجر والثواب، فانّ الأمل يجبر مكروهيتها بحيث تهون عليه.
2947 ـ أَشْرَفُ حَسَب حُسْنُ أَدَب.
أشرف حسب هو أن يحسن الأدب، أي أن يحسن في رعاية أدب خاص أو يؤدّي الأدب الحسن ] بصورة عامة[ و (حسب) كما ذكر مراراً هو ما يعدّ من مفاخر الإنسان.
2948 ـ أَحْضَرُ النَّاسِ جَوابَاً مَنْ لَمْ يَغْضَبْ.
وذلك انّ هكذا إنسان يمكنه أن يعدّ الجواب ببصيرة وتأمّل في قبال ما يقال له من اعتراض وغيره، بعكس من يتغلّب عليه الغضب حيث لا يمكنه الاجابة بنحو معقول.
2949 ـ أَشْرَفُ الغِنى تَرْكُ المُنى.
وذلك انّ من ترك المنى أصبح في غنى من الناس أكثر من أيّ غني آخر.
2950 ـ أَمْنَعُ حُصُونِ الدِّينِ التَّقْوى.
أي انّ التقوى أمنع حصناً أمام الآفات والمنافذ الّتي تتطرق للدين من سائر الحصون.
2951 ـ أَفْضَلُ المَالِ مَا اسْتُرقَّ بِهِ الأَحْرارُ.
يعني ما يقدم للأحرار من إحسان حيث يجعلهم بسبب ذلك بمثابة الرقيق له، استناداً لمقولة: (الإنسان عبيد الإحسان).
2952 ـ أَفْضَلُ البِرِّ مَا اُصِيبَ بِهِ الأبْرارُ.
2953 ـ أَفْضَلُ الأَمْوالِ مَا اسْتُرقَّ بِهِ الرِّجالُ.
انّه مضمون القول الأسبق ذاته، وقد حصل فيه بعض التغيير.
2954 ـ أَزْكَى المَالِ مَا اكْتُسِبَ مِنْ حِلِّهِ.
2955 ـ أَفْضَلُ البِرِّ مَا اُصِيبَ بِهِ أَهْلُهُ.
أي الجماعة الّتي هي أهل لذلك وحَريّة به.
2956 ـ أَفْضَلُ العَمَلِ مَا اُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ.
2957 ـ أَفْضَلُ المَعْرُوفِ اِغَاثَةُ المَلْهُوفِ.
... (الملهوف) هو المظلوم أو المضطرّ المسكين.
2958 ـ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ يُونَسَ بِهِ الوَدُودُ المأْلُوفُ.
2959 ـ أَوْفَرُ القِسْمِ صِحَّةُ الجِسْمِ.
أي تلك القسمة الّتي هي أوفر النعم وأعظم القسم.
2960 ـ أَبْعَدُ الهِمَمِ أَقْرَبُها مِنَ الكَرَمِ.
المراد من (أبعد) هو الأعلى ] والأرقى[ لأنّها كلّما كانت كذلك كان وصول الأفكار إليها أبعد، والمراد من (الكرم) هو الجود والسخاء، أو كلّ ما يستدعي الشرف والكرامة للإنسان.
2961 ـ أَشَدُّ المَصَائِبِ سُوءُ الخَلَفِ.
2962 ـ أَهْنَى العَيْشِ اطِّراحُ الكُلَفِ.
«اطراح الكلف» أي المصارف الكثيرة الّتي تستدعي تحمل التكلف والمشقة من الإنسان.
2963 ـ أَكْبَرُ البَلاَءِ فَقْرُ النَّفْسِ.
أي فقره من الأعمال الصالحة وذخيرة الآخرة.
2964 ـ أَعْظَمُ مِلْك مِلْكُ النَّفْسِ.
أي انْ يكون الإنسان مالكاً لنفسه ومتسلطاً عليها، ويصدها عن التمرد والعصيان.
2965 ـ أَعْلى مَراتِبِ الكَرَمِ الإيثار.
المراد من (الكرم) هو ما يقتضي شرف صاحبه وكرامته، ومن (الايثار) الجود والسخاء أو المراد من (الكرم) هو الجد والسخاء، ومن (الايثار) هو ترجيح الغير على النفس، بأن يجود عليه مع كونه محتاجاً أيضاً.
2966 ـ أَكْبَرُ الأَوْزارِ تَزْكِيَةُ الاَشْرارِ.
أي الحكم بصلاحهم ونزاهتهم، ومدحهم والثناء عليهم.
2967 ـ أَصْعَبُ السِّياسَاتِ نَقْلُ العَاداتِ.
أي صد النفس أو الغير عن صفة أو فعل اعتاد عليه، والمراد من (السياسة) هو الأمر والنهي وتعليم الإنسان ما فيه صلاح نفسه في الحياة، سواء أكان أمراً خاصاً به أو نافعاً وضرورياً للتعايش والتعامل مع جماعته في بيت واحد أو مدينة واحدة.
2968 ـ أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ هَجْرُ اللَّذَّاتِ.
أفضل الطاعات الابتعاد عن اللذائذ، لأنّ المنشأ الأساس لجميع المعاصي والذنوب هو اتباع الشهوات واللذائذ.
2969 ـ أَلاَْمُ البَغْيِ عِنْدَ القُدْرَةِ.
يعني الظلم الّذي يرتكبه الإنسان عند الاقتدار وعند عدم الحاجة إليه.
2970 ـ أَحْسَنُ الجُودِ عَفْوٌ بَعْدَ مَقْدُرَة.
أفضل الجود هو العفو عن ذنب إنسان بعد القدرة أي القدرة على الانتقام منه.
2971 ـ أَنْفَعُ الكُنُوزِ مَحَبَّةُ القُلُوبِ.
أي محبة القلوب لهذا الإنسان، لأنّ ذلك يستدعي السعادة الدنيوية والأخروية، بل هو علامة الإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى في القرآن الكريم: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)(2) أي محبة الناس إياهم، وقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) انّ سبب نزول هذه الآية انّ أميرالمؤمنين(عليه السلام) كان جالساً بين يدي رسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: قل يا عليّ: اللّهمّ اجعل لي قلوب المؤمنين وداً، فأنزل الله عز وجل : (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا...)(3) ويكفي للشهادة على فضيلة هذا المعنى أمررسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم) أميرالمؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) بالدعاء وطلب ذلك من الله تعالى.
2972 ـ إعادَةُ الإعْتِذارِ تَذْكِيرٌ بِالذُّنُوبِ.
أي إذا ارتكب الإنسان ذنباً بحقّ إنسان آخر وقدم اعتذاره إليه، فعليه أن لا يعيد اعتذاره ثانياً لأنّه يقتضي تداعي ذلك الذنب مرة اُخرى لدى ذلك الإنسان.
ولا يخفى عدم تناسب هذا القول في هذا الباب لعدم تصدّره بألف التعظيم وهو أفعل التفضيل.
2973 ـ أَفْضَلُ الصَّبْرِ عِنْدَ مَرِّ الفَجِيعَةِ.
أي صبر الإنسان على المصائب المرّة.
2974 ـ أَفْضَلُ مِنَ الصَّنِيعَةِ مَزِيَّةُ الصَّنيعَةِ.
الأفضل من الإحسان هو ما يحصل للمحسن من امتياز وشرف بسبب ذلك الإحسان.
2975 ـ أَحْسَنُ العَدْلِ نُصْرَةُ المَظْلُومِ.
2976 ـ أَعْظَمُ اللُّؤْمِ حَمْدُ المَذْمُومِ.
2977 ـ أَنْفَذُ السِّهامِ دَعْوَةُ المَظْلُومِ.
2978 ـ أَقْوى الوَسَائِلِ حُسْنُ الفَضَائِلِ.
أي انّ أقوى الوسائل للإنسان تلبية حاجاته لدى الله تعالى بل لدى الناس أيضاً هو حسن الفضائل، أي بعض الصفات والأعمال الّتي تستدعي علو شأنه وسموه.
2979 ـ أَسْوَءُ الخَلاَئِقِ التَّحَلِّي بِالرَّذَائِلِ.
(الرذائل) تقابل الفضائل، أي الصفات والأعمال الّتي تؤدي إِلى دناءة الإنسان، واستعمال كلمة (تحلّي) في ذلك هو للتهكم والاستهزاء، كما قال في القرآن الكريم: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب ألِيم)(4).
2980 ـ أَحْسَنُ الشِّيَمِ شَرَفُ الهِمَمِ.
أفضل الخصال هو الهمم العالية، وإنّما جمعها باعتبار تعددها بتعدد الأشخاص، أو بتعدد المطالب والمقاصد.
2981 ـ أَفْضَلُ الكَرَمِ إتْمامُ النِّعَمِ.
أي إذا قدّم إنسان نعمة إِلى شخص ولم تكن تامة، فانّ إتمامها أفضل من الابتداء بتقديم نعمة للغير كما ذكر ذلك سابقاً.
2982 ـ أَوْفَرُ البِرِّ صِلَةُ الرَّحِمِ.
أي انّ أجره وثوابه أكبر وأفضل من أي إحسان آخر.
2983 ـ أَكْبَرُ الحُمْقِ الإغْراقُ فِي المَدْحِ وَالذَّمِّ.
«الاغراق في المدح والذم» أي بأن يكثر منهما أو يغرق فيهما، وكون هذه الخصلة أكبر الحمق هو لكون المبالغة الشديدة في المدح أو الذم لا تكون بدون كذب، مع ترتب بعض المفاسد على كلّ منهما ممّا لا يخفى على العاقل خاصة في مجال الذم.
2984 ـ أَشْرَفُ المُرْءَةِ حُسْنُ الاُخُوَّةِ.
«المروءة» أي الفتوة أو الإنسانية «حسن الاُخوة» أي حسن أداء حقوق الاُخوة مع المؤمنين.
2985 ـ أَفْضَلُ الأَدَبِ حِفْظُ المُرُوءَةِ.
أفضل الأدب هو حفظ المروءة أي مستلزمات الفتوة أو الإنسانية.
2986 ـ أَعْقَلُ النَّاسِ أَعْذَرَهُمْ
لِلْنَّاسِ.أي بأن يعذر من أساء إليه ولا يعزم على الانتقام منه، ويعذره إذا اعتذر منه.
2987 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ.
2988 ـ أَسْعَدُ النَّاسِ العَاقِلُ المؤْمِنُ.
2989 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ السَّخِيُّ المُوقِنُ.
أي الموقن بما يجب العلم والايقان به.
2990 ـ أَفْضَلُ الإيمانِ حُسْنُ الإيقانِ.
أي بأن يحسن يقينه بما يجب الاعتقاد به، أي بأن يجزم به عن دليل وبرهان بحيث لا يزول بالشك أو الشبهة، وبناءً على اعتبار الأعمال كجزء للإيمان فقد يكون المعنى بأنّ اليقين أفضل أجزاء الإيمان وهو أفضل من الأعمال.
2991 ـ أَفْضَلُ الشَّرَفِ بَذْلُ الإحْسَانِ.
«بذل الإحسان» أي الشيء الّذي يتحقق به الإحسان.
2992 ـ أَحْسَنُ شَىْء الوَرَعُ.
2993 ـ أَسْوَءُ شَىْء الطَّمَعُ.
أسوء شيء الطمع لأنّه يستدعي خفة صاحبه وذله، ويستدعي مساوئ كثيرة.
2994 ـ أَنْفَعُ المَوَاعِظِ مَارَدَعَ.
أنفع المواعظ ما تصدّ الإنسان عن المنكرات، فعلى من يعظ غيره أن يراعي هذا الأمر فإذا علم بأنّ الموعظة إذا كانت بلين ولطف كانت أكبر أثراً فعليه أن يقوم بذلك، وإذا علم انّ تأثير الموعظة يكون أكبر إذا كانت بشدة وقوّة فعليه اختيار ذلك، وقد يكون المراد بأنْ يعظ من هو متعظ بالموعظة لأنّ موعظته تكون حينئذ مؤثرة وتصدّ الناس من المعاصي، ومن لا يعمل بها لا يكون لموعظته كبير أثر كما ذكر سابقاً.
2995 ـ أَحْسَنُ مَلاَبِسِ الدِّينِ الحَيَاءُ.
أي انّ أفضل ما يقارن التدين ويكون بمثابة الملبس للإنسان هو الحياء، لأنّ الحياء من الله يصد الإنسان من التمرد والعصيان، وهذا هو كمال التدين، بل انّ الحياء من الناس يكون مانعاً عن الكثير من المعاصي أيضاً، فأي(5) أمر آخر يترتبت عليه مثل هذه الفائدة؟ وقد يكون إطلاق (الملبس) عليه لكونه بمثابة الملبس يستر الإنسان ولا يسمح بانفضاحه فانّ الفضيحة عراء معنوي.
2996 ـ أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيا.
وذلك لأنّه المنشأ الأساس لترك الكثير من الذنوب.
2997 ـ أَعْظَمُ الخَطَايا حُبُّ الدُّنْيا.
وذلك لأنّه منشأ الكثير من المعاصي.
2998 ـ أَحْسَنُ أَفْعالِ المُقْتَدِرِ العَفْوَ.
أي التجاوز عن ذنوب الناس وتقصيراتهم تجاهه مع امتلاكه القدرة على الانتقام.
2999 ـ أَفْضَلُ العَقْلِ مُجانَبَةُ اللَّهْوِ.
«مجانبة اللهو» أي كلّ عمل بحيث لا يترتب عليه نفع.
3000 ـ أَجْمَلُ أَفْعالِ ذَوِي القُدْرةِ الإنعَامُ.
الهوامش:
(1) هكذا في المتن الفارسي: «وظاهر است كه كم عقلى، كم عقل يا كم عقل ترنيست پس مراد اين است كه نهايت كم عقلى قريب خوردن است».
(2) مريم: 96.
(3) تفسير القمي 2:30، البرهان 5: 149 ح 22.
(4) آل عمران: 21، التوبة: 34، الانشقاق: 24.
(5) عبارة (فأي أمر... الخ) موجودة في نسخة مكتبة سبهسالار فقط.