3001 ـ أَقْبَحُ أَفْعالِ المُقْتدِرِ الإنْتِقامُ.
3002 ـ أَعْظَمُ الوِزْرِ مَنْعُ قَبُولِ العُذْرِ.
أي أن لا يقبل عذر من قصر في عمله لعذر ما، ورغم ذلك يؤذونه بسبب ذلك التقصير.
3003 ـ أَقْبَحُ الغَدْرِ إِذاعَةُ السِّرِّ .
3004 ـ أَزْيَنُ الشِّيَمِ الحِلْمُ وَالعَفَافُ.
أجمل الخصال هو الحلم والعفة أي ترك ما لا يحلّ.
3005 ـ أَفْحَشُ الَبغْيِ البَغْيُ عَلى الاُلاّفِ.
أقبح البغي أي الظلم أو التكبر هو البغي على من يألف به أي على أصدقائه وأصحابه.
3006 ـ أَفْضَلُ المُلُوكِ أَعَفَّهُمْ نَفْسَاً.
أي الملك الّذي تكن عفة نفسه أكثر، والمراد من (العفّة) هو ترك ما ليس بحلال كما مرّ ذكره مراراً.
3007 ـ أَشْرَفُ المُؤمِنِينَ أَكْثَرُهُمْ كَيْسَاً.
أي من تكون حذاقته أكثر من الآخرين.
3008 ـ أَقْبَحُ شَىْء جَوْرُ الوُلاةِ.
أقبح شيء هو ظلم الولاء وذلك لأنّ تعيينهم في هذا المنصب إنّما هو لحراسة الرعية ودفع الظلم والجور عنهم، فإذا أصبحوا ظلمة كان ذلك أقبح شيء وفي الغالب لا يكون الحاكم والوالي محتاجاً إِلى الظلم، فمن هذه الناحية أيضاً يكون ظلمه أقبح من ظلم الآخرين.
3009 ـ أَفْظَعُ شَىْء ظُلْمُ القُضاةِ.
الظاهر انّ (أفظع) بالفاء والظاء المنقوطة، أي انّ أفظع شيء هو جور القضاة من خلال حكمهم بما يناقض الشريعة، لأنّ من يعتبر نفسه متشرعاً وقد نُصب لتنفيذ الأحكام الشرعية وترويجها، يكون ظلمه وحكمه بما يخالف الشريعة أفظع شيء، وورد في أكثر النسخ بالقاف والطاء غير المنقوطة أي «أقطع شيء» بمعنى انّ ظلمهم أقطع لرحمة الله ولطفه، بل يستدعي كثيراً ما نزول العذاب، أو انّه أقطع لقلوب الناس وله تأثير أكبر عليهم من ظلم الآخرين.
3010 ـ أَفْضَلُ الكُنُوزِ حُرٌّ يُدَّخَرُ.
أوفر الكنوز هو الحر الّذي يدخر، أي الحرّ الّذي يحسن إليه أحد ويتخذه صديقاً كي يكون ذخيرته ليوم خير أو شر.
3011 ـ أَحْسَنُ السُّمْعَةِ شُكْرٌ يُنْشَرُ.
(السمعة) بضمّ السين أو فتحها وسكون الميم أو فتحها: كلّ عمل يعمله الإنسان ليسمعه غيره، وهذا الأمر قبيح في أكثر الطاعات والعبادات، ويسبب بطلان تلك العبادة، ولا ضير منها في غيرها وإذا ترتبت على السمعة مصلحة شرعية كانت حسنة، كأن يدفع الصدقة بنحو يسمع به الآخرون كي يرغبهم في ذلك، وأفضل ما تجوز فيه السمعة هو شكر من أنعم عليه، لأنّ إسماعه الشكر للناس هو أهم المصاديق لأداء الشكر، وهو أمر مستحسن عقلا وشرعاً.
3012 ـ أَعْدَلُ الخَلْقِ أَقْضاهُمْ بِالحَقِّ.
أي من فاق الغير في حكمه بالحقّ فهو الأعدل وإن كانت طاعات وعبادات ذلك الغير أكثر.
3013 ـ أَصْدَقُ القَوْلِ مَا طَابَقَ الحَقَّ.
أو ما توافق مع الواقع في كلّ الكيفيات والخصوصيات دون أن يكون فيه زيادة أو نقص أبداً.
3014 ـ أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفاءُ الزُّهْدِ.
المراد من (الزهد) هو ترك الدنيا وعدم الرغبة فيها، أو التقوى والورع، وعلى كلّ تقدير فانّ إخفاءه يكون أفضل الزهد.
3015 ـ أَحْسَنُ المُروُءَةِ حِفْظُ الوُدِّ.
«المروءة» أي الفتوة أو الإنسانية «حفظ الودّ» أي حفظ لوازمه وشرائطه.
3016 ـ أَفْضَلُ الأمَانَةِ الوَفَاءُ بِالْعَهْدِ.
أي الوفاء بالعهد مع الله تعالى، وهكذا مع الناس أيضاً.
3017 ـ أَفْضَلُ الجُودِ بَذلُ المَوْجُودِ.
أي الجود بما كان عنده مهما كان قليلا أو كثيراً، جيداً أم رديئاً، وهذا أفضل من أن يدعه منتظراً حتّى يتمكن من الأكثر أو الأجود ثمّ يجود به، أو المراد: انّ أفضل الجود هو أن يعطي الإنسان ما لديه، لا أن يقترض الشيء أو يأخذه من الغير ثمّ يجود به.
3018 ـ أَفْضَلُ الصِّدْقِ الوَفاءُ بِالعُهُودِ.
أي العهود مع الله تعالى وهكذا مع الناس أيضاً.
3019 ـ أَنْفَعُ الدَّوَاءِ تَرْكُ المُنى.
أي انّه أنفع الدواء للأمراض الروحية.
3020 ـ أَقْرَبُ الآراءِ مِنَ النُّهى أَبْعَدُها مِنَ الهَوى.
أي حيثما كان الرأي غير موافق لهوى صاحبه ثمّ رجّحه كان ذلك دليلا على قرب ذلك الرأي من العقل، عكس ما إذا رجّح رأياً موافقاً لهواه فلا يبعد أن يكون ترجيحه من غير طريق العقل بل لغلبة هواه وميل النفس إليه، كما هو المشهور: حبك للشيء يعمي ويصم.
3021 ـ أَحْسَنُ الإحْسانِ مُواساةُ الإخْوانِ.
المواساة مع إنسان ـ كما ذُكر ـ ممّا فيه كفايته وليس من الزائد عليه أو اعتباره مساوياً له، وعدم ترجيح نفسه عليه.
3022 ـ أَفْضَلُ العُدَدِ ثِقاتُ الإخْوانِ.
أي انّ أفضل ما يُهيّأ ويُعدّ ليومِ خير أو شرّ هو الأخوة والأصدقاء المعتمد عليهم، إذ انّ مثل هكذا أخوة من أفضل العُدد في الاعانة على الحوائج.
3023 ـ أَنْفَعُ الذَّخَائِرِ صَالِحُ الأعْمالِ.
3024 ـ أَحْسَنُ المَقَالِ مَا صَدَّقَهُ الفِعالُ.
أي بأن يعمل به قائله.
3025 ـ أَفْضَلُ الوَرَعِ حُسْنُ الظَّنِّ.
أي حسن الظنّ بالله تعالى، والرجاء الكبير بعفوه وتفضله، كما روي بسند صحيح عن الإمام الثامن (صلوات الله وسلامه عليه) قوله: (أحسن بالله الظن، فإنّ الله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي، إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشرّ)(1) يعني إنْ ظنّ خيراً بي فسوف يجد الخير، وإن ظنّ شرّاً فسوف يجد ذلك الشرّ.
وروي عن الإمام الباقر (صلوات الله وسلامه عليه) عن رسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الله عز وجل : (فلا يتكل العاملون على أعمالهم الّتي يعملونها لثوابي، فانّهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي، والنعيم في جناتي ورفيع درجاتي العلى في جواري، ولكن فبرحمتي فليثقوا، وبفضلي فليفرحوا، وإِلى حسن الظن بي فليطمئنّوا، فانّ رحمتي عند ذلك تداركهم، ومني يبلغهم رضواني، ومغفرتي تلبسهم عفوي، فانّي أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت»(2).
وروي عنه صلوات الله وسلامه عليه أيضاً: وجدنا في كتاب عليّ انّ رسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال ـ وهو على منبره ـ : «والّذي لا إله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلاّ بحسن ظنّه بالله، ورجائه له وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين، والّذي لا إله إلاّ هو لا يعذب الله مؤمناً بعد التوبة والاستغفار إلاّ بسوء ظنّه بالله، وتقصيره من رجائه بالله، وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين، والّذي لا إله إلاّ هو لا يحسن ظنّ عبد مؤمن بالله إلاّ كان الله عند ظنّ عبده المؤمن، لأنّ الله كريم بيده الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثمّ يخلف ظنّه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظنّ، وارغبوا إليه»(3).
3026 ـ أَفْضَلُ العَطَاءِ تَرْكُ المَنِّ.
أي العطاء الّذي لا يمنّ عليه.
3027 ـ أَقْرَبُ القُرْبِ مَوَدّاتُ القُلُوبِ.
3028 ـ أَفْضَلُ الصَّبْرُ الصَّبْرُ عَنِ المَحْبُوُبِ.
أي الصبر عمّا يحبه ويرغب فيه، ولأنّه حرام يصبر إزاءه ولا يرتكبه.
3029 ـ أَبْعَدُ البُعْدِ ثَنائِي القُلُوبِ.
3030 ـ أَطْهَرُ النَّاسِ أَعْراقاً أَحْسَنُهُمْ أَخْلاقاً.
أطهر الناس من جهة الأعراق أي الأصول والعِرق هو الأحسن في الأخلاق.
3031 ـ أَحْسَنُ النَّاسِ ذِمامَاً أَحْسَنُهُمْ إسْلامَاً.
أي كلّ من كان إسلامه أفضل علماً أو عملا أو كلاهما كان حقه وحرمته أفضل ووجبت رعايته أكثر، أو كلّ من أحسن رعاية حقّ الناس وحرمتهم كان إسلامه أفضل.
3032 ـ أَفْضَلُ العِبادَةِ عِفَّةُ البَطْنِ وَالفَرْجِ.
أفضل العبادة هي عفة البطن والفرج يعني صدهما عمّا لا يحلّ.
3033 ـ أَضْيَقُ ما َيكُونُ الحَرَجُ أقْرَبُ ما يَكُونُ الفَرَجُ.
انّ أضيق ما يكو الضيق كان الفرج أقرب ما يكون، أو المعنى: انّ أضيق ما يكون فيه الضيق يكون أقرب ما يكون فيه الفرج(4)، وعلى كلّ تقدير فالمراد انّه حينما يضيق الأمر بشدة على الإنسان فانّه سيكون أقرب إِلى الفرج.
3034 ـ أَجَلُّ النَّاسِ مَنْ وَضَحَ نَفْسَهُ.
أي تواضع لله وللعباد.
3035 ـ أَقْوَى النَّاسِ مَنْ قوِيَ عَلى نَفْسِهِ.
أي بأن يكون مسلّطاً عليها، ويملك زمامها ولا يكون تابعاً لهواها.
3036 ـ أَفْضَلُ الغِنَى ماصِينَ بِهِ العِرْضُ.
أي أن يبذل المال لصيانة عرضه إذا استوجب ذلك.
3037 ـ أَنْفَعُ المالِ ما قُضِيَ بِهِ الفَرْضُ.
أنفع المال هو ممّا أدّي به الواجب على الإنسان، أي من حقوق الله تعالى وحقوق الناس.
3038 ـ أَزْكَى المَالِ ما اشْتُرِيَ بِهِ الآخِرَةُ.
أطهر المال أو الأكثر نماء هو ما اشتري به الآخرة.
3039 ـ أَسْرَعُ شَىْء عُقُوبَةَ اليَمِينُ الفَاجِرَةُ.
أي انّ عقابه يكون أسرع من أي ذنب آخر، بل الغالب أن يجازى به في الدنيا أيضاً.
3040 ـ أَحْسَنُ شُكْرِ النِّعَمِ الإِنْعامُ بِها.
3041 ـ أَحْسَنُ مِنَ مُلابَسَةِ الدُّنيا رَفْضُها.
المراد من «ملابسة الدنيا» هو أخذها مرافقتها كالملبس، وفي بعض النسخ ورد «ملابس» بدلا عن «ملابسة» فيكون المعنى: الأفضل من ملبس الدنيا هو تركه، وفي بعض النسخ ورد (أحسن ملابس الدنيا) بدون (من) فيكون المعنى: أفضل ملابس الدنيا هو ترك الدنيا.
3042 ـ أَصْعَبُ المَرامِ
(5) طَلَبُ ما في أَيْدِي اللِّئامِ.انّ أصعب طلب أو مطلب طلب شيء وهو في أيدي اللئام، أي البخلاء أو الاُناس الساقطين المنحطين.
3043 ـ أَشْرَفُ الصَّنَائِعِ اصْطِناعِ الكِرَام .
«واصطناعهم» أي احسانهم «الكرام» هم الأسخياء أو ذووا الكرامة، أو الاحسان إليهم.
3044 ـ أَهْنَأْ الأقْسَامِ القَنَاعَةُ وَصِحَّةُ الأجْسَامِ.
3045 ـ أَقْدَرِ النَّاسِ عَلَى الصَّوابِ مَنْ لَمْ يَغْضَبْ.
3046 ـ أَمْلَكُ النَّاسِ لِسَدادِ الرَّأيِ كُلُّ مُجَرِّب.
أي الّذين خاضوا التجارب والاختبارات.
3047 ـ أَجَلُّ المَعْرُوفِ ما صُنِعَ اِلى أَهْلِهِ.
أي إِلى من كان أهلا لذلك وحَريّاً به.
3048 ـ أَطْيَبُ المَالِ ما اكتُسِبَ مِنْ حِلِّهِ.
3049 ـ أَفْضَلُ مِنْ اكْتِسابِ الحَسَنَاتِ اجتِنابُ السَّيِّئَاتِ.
3050 ـ أَوَّلُ الحِكْمَةِ تَرْكُ اللَّذّاتِ وَآخِرُها مَقْتُ الفَانِياتِ.
أي انّ أولها أن يترك ملاذّ الدنيا ويلزم نفسه على ذلك وإنّ هوتها نفسه، وآخرها أن يصل إِلى حد مقتها، وقد يكون المراد من (أولها ترك اللذات) القناعة بما هو نصيبه وترك السعي لما زاد عليه من الرغبات، وآخرها العداء مع مطلق الاُمور الدنيوية الزائلة، سواء حصلت له أم لم تحصل، ولا تكون له رغبة في غير النعم الأخروية الباقية والدائمة.
3051 ـ أَكْثَرُ النَّاسِ أَمَلا أَقَلُّهُمْ لِلْمَوتِ ذِكْرَاً.
أي من قلّ ذكره للموت تضاعف أمله ورجاؤه.
3052 ـ أَطْوَلُ النَّاسِ أَمَلا أَسْوَأُهُمْ عَمَلا.
أي انّ طول الأمل أسوء من أي سلوك آخر، أو انّ الأعمال السيئة تكون منشأ لذلك، وعليه فكلّ من كان عمله أسوء كان أمله في الدنيا أطول، أو انّ ذلك يكون منشأ للأعمال السيئة، وعليه فمن كان أمله أطول كان عمله السيء أكثر.
3053 ـ أَحَبُّ العِبادِ إلى اللهِ تَعَالى المُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ
(صلى الله عليه وآله وسلم) المُقْتَصُّ أَثَرَهُ.3054 ـ أَوْلى النَّاسِ بِالأَنْبِياءِ أَعْلَمُهُمْ بِما جَاءُوا بِهِ.
أي انّ أولى الناس لخلافة الأنبياء(عليهم السلام) والنيابة عنهم والتعامل مع شرائعهم بترويجها وتنفيذ أحكامها هو أعلمهم بشرائعهم، ومن هنا يعلم انّ الإمام يجب أن يكون الأعلم في الرعيَّة كلّها، كما هو مذهب الشيعة.
3055 ـ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنَ الأَنْبِياءِ أَعْمَلُهُمْ بِمَا أَمَرُوا بِهِ.
3056 ـ أَحْسَنُ النَّاسِ عَيْشَاً مَنْ عَاشَ النَّاسُ فِي فَضْلِهِ.
أفضل الناس معيشة من عاش الناس في فضله، أي في ما زاد على ماله أو على مؤونته وعياله.
3057 ـ أَفْضَلُ المُلُوكِ سَجِيَّةً مَنْ عَمَّ النَّاسَ بِعَدْلِهِ.
3058 ـ أَوْلَى النَّاسِ بِالعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى العُقُوبَةِ.
أي كلّ من كان أقوى على الانتقام فهو أولى بالعفو وترك الانتقام شكراً على ذلك.
3059 ـ أَبْصَرُ النَّاسِ مَنْ أَبْصَرَ عُيُوبَهُ وَأقْلَعَ عَنْ ذُنُوبِهِ.
3060 ـ أَوْلى النَّاسِ بِالنَّوالِ أَغْناهُمْ عَنِ السُّؤالِ.
أولى الناس بالجود أو بأن يُعطى هو من كان أغنى عن السؤال أي عن الطلب.
3061 ـ أَفْضَلُ النَّوالِ ما وَصَلَ قَبُلَ السُّؤالِ.
3062 ـ أَوْلى النَّاسِ بِالرَّحْمَةِ المُحْتَاجُ إلَيْها.
قد يكون المراد هو ظاهر القول، وقد يكون المراد انّه من كان مذنباً ومحتاجاً إِلى الرحمة هو الأولى بأن يرحم من أذنب بحقه حتّى يُرحم ببركة هذه الرحمة ويُغفر ذنبه، سواء أكان تقصيره بحقّ الله تعالى أو بحقّ غيره.
3063 ـ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ مَا أكْرِهَتِ النُّفُوسُ عَلَيْها.
أي الأعمال الّتي لا تهواها النفس فيقوم الإنسان باكراهها وجبرها عليها بغية رضا الله تعالى.
3064 ـ أَحَقُّ النَّاسِ بِالإسْعَافِ طَالِبُ العَفْوِ.
أي انّ اسعاف من قصّر وطلب العفو أولى من اسعاف غيره ممّن لهم حوائج مختلفة اُخرى.
3065 ـ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ الصَّلاَحِ المُسْتَهْتَرُ بِاللَّهْوِ.
أي انّ هكذا إنسان من أبعد الناس عن الصلاح وأقربهم للفساد.
3066 ـ أَحَقُّ مَنْ بَرْرتَ مَنْ لاَ يَغْفُلُ بِرِّكَ.
أي بأن يشكرك عليه أو بأن يحسن إليك أيضاً ولا يغفل عن ذلك.
3067 ـ أَحَقُّ مَنْ
شَكَرْتَ مَنْ لاَ يَمْنَعُ مَزيدَكَ.أي كلّما شكرته زاد في إكرامك «ولا يمنع مزيدك» أي زيادة النعمة عليك، وقد يكون المراد هو ما يتعلق بالله تعالى فانّه كلّما شكره الإنسان زاد نعمته، ولا تتوقف زيادته في مرتبة ما ولا يمنعها، وهذا ما لا يقدر عليه الآخرون، وقد يكون المراد من قوله: «من لا يمنع مزيدك» أن يشكرك على عطائك إيّاه كي يدفعك للزيادة، أي يكون سبباً للازدياد في عطائه، أو تزداد نقمتك بسبب ازدياد عطائك، عكس من لا يشكر الأمر الّذي يستدعي أن لا تزيد عطاءه، فكأنّه أصبح مانعاً لزيادتك أي زيادتك أو ازدياد نعمتك، والمراد من شكره هو تقديم جزاء شكره بزيادة نعمته وتقديره والاحسان إليه ونشره وما شاكل ذلك.
3068 ـ أَحَقُّ مَنْ ذَكَرْتَ مَنْ لا يَنْساكَ.
3069 ـ أَوْلى مَنْ اَحْبَبْتَ مَنْ لا يَقْلاكَ.
أي بأن يألفك ويصاحبك دائماً ولا يتركك.
3070 ـ أَرْضَى النَّاسِ مَنْ كَانَتْ أَخْلاَقُهُ رَضِيَّةٌ.
أي انّ من كانت أخلاقه وخصاله مرضية كان أرضى الناس بوضعه وحاله وقلّما يحزن ويغتمّ، عكس من ساءت أخلاقه ففي أغلب الأحيان لا يكون راضياً بأحواله وأوضاعه ويشكو ويشعر بالكدورة والغم، وقد يكون (أفعل التفضيل) هنا بمعنى المفعول لا الفاعل مثل (أشهر)، وإن كان بمعنى الفاعل أشهر، وعليه يكون المعنى: انّ أرضى الناس لدى الله تعالى هو من كانت أخلاقه وخصاله مرضية.
3071 ـ أَعْقَلُ النَّاسِ أَبْعَدُهُمْ عَنْ كُلِّ دَنِيَّة.
أي بأن يكون متسلطاً على هواه دون أن يتبعه.
3072 ـ أَكْيَسُ النَّاسِ مَنْ رَفَضَ دُنْياهُ.
أي لم يكن حريصاً عليها ولا يسعى لأجلها.
3073 ـ أَرْبَحُ النَّاسِ مَنِ اشْتَرى بِالدُّنيا الآخِرَةَ.
أي أن يصرف شيئاً من دنياه في سبيل الآخرة ويشتريها بها، أو أن يترك الحرام بل مشتبهات الدنيا أيضاً أو أن يترك السعي للدنيا بهدف السعي للآخرة.
3074 ـ أَخْسَرُ النَّاسِ مَنْ رَضِيَ الدُّنيا عِوَضَاً عَنِ الآخِرَةِ.
3075 ـ أَفْضَلُ الُقلُوبِ قَلْبٌ حشِى
(6) بِالْفَهَمِ.3076 ـ أَعْلَمُ النَّاسِ المُسْتَهْتَرُ بِالْعلْمِ.
أي انّ كلّ من كان حرصه في اكتساب العلوم أكثر صار أعلم، أو كلّ من كان أعلم كان حرصه في اكتساب العلم أكثر لأنّ العلوم لا نهاية لها، وكلّما كان الإنسان أعلم أدرك لذة العلم بنحو أكبر فيكون حرصه لاكتساب العلوم الاُخرى أشدّ ممّن لا يكون في هذه الدرجة.
3077 ـ أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعاءِ.
أي بأن لا يتوسل بالدعاء فيما يطلبه، وقد يكون كناية عن انّ طلبه من المطالب الّتي لا يمكن الدعاء من أجلها لأنّه غير شرعي.
3078 ـ أَعْظَمُ المَصَائِبِ وَالشَّقاءِ الوَلَهُ بِالدُّنيا.
3079 ـ أَصْلُ قُوَّةِ القَلْبِ التَّوكُّلُ عَلَى اللهِ.
انّ الأساس والأصل في قوّة القلب هو التوكل على الله، فكلّ من توكّل عليه في أيّ مجال قوي قلبه حيث يأتيه ما فيه خيره، أو المراد انّه يمكن أن يسعى في ذلك العمل بكلّ شجاعة لأنّه قد حصل على أصل القوة، ولا يخفى انّ (أصل) ليس على وزن (أفعل) وهمزته أصليّة ليست ألف التعظيم، فليس من المناسب ذكر الأقوال المصدّرة بها في هذا الباب، إلاّ أن نقول انّ أصله هو (أءْصل)، وقد خُفّف أفعل التفضيل من (أَصُلَ) بمعنى أثبت وأرسخ ثمّ أطلق على أساس وقاعدة كلّ شيء نظراً لكونه أثبت وأرسخ من الفروع وأعلى منها، ولكن لا يبدو وجود سند لذلك في كتب اللغة.
3080 ـ أَصْلُ صَلاَحِ القَلْبِ اشْتِغالُهُ بِذِكْرِ اللهِ.
3081 ـ أَصْلُ الصَّبْرِ حُسْنُ اليَقِينِ بِاللهِ.
يعني أن يكون للإنسان يقين حَسَن بعِدل الله تعالى، لأنّ هذا اليقين يخفف وطأة الصبر، إذ معه يعلم انّ أيّة مصيبة تحلّ به من الله تعالى فانّ خيره فيها وإن كانت من الآخرين فانّ الله تعالى سوف يكافئه بنحو أحسن، ومع هذا الوجه فالصبر لا يكون صعباً.
3082 ـ أَصْلُ الرِّضَا حُسْنُ الثِّقَةِ بِاللهِ.
وذلك انّ من حسن اعتماده عليه علم انّ ما قسمه الله تعالى له في الدنيا فانّ خيره فيه، ولذا فهو راض بذلك في أيّ مجال كان.
3083 ـ أَصْلُ الزُّهْدِ حُسْنُ الرَّغْبَةِ فِيما عِنْدَ اللهِ.
وذلك إنّ كلّ من كانت لديه رغبة حسنة فيما عند الله سهل عليه ترك ما يمنعها، ومن الواضح انّ الرغبة في الدنيا والحرص فيها يمنع ممّا عند الله فيقوم بتركها.
3084 ـ أَصْلُ الإيمانِ حُسْنُ التَّسْلِيمِ لاَِمْرِ اللهِ.
أي بما أمر به الله تعالى أو بما يفعل، أي الاعتقاد بأنّ ما يأمر به الله أو ما يفعله فهو خير محض، وليس فيه أي ظلم أو إجحاف ولو قيد شعرة، فمن كان يعتقد بذلك رضي بجميع أوامره تعالى أو ما يفعله، وهذا المعنى هو أصل الإيمان، وقد يكون المعنى انّ أصل الإيمان هو حسن الاطاعة والانقياد لأمر الله، وعليه يكون المراد من (أصل) هو الفائدة والثمرة المعتدّ بها الّتي أطلق عليها للأصل مجازاً للمبالغة في وجوب رعايته.
3085 ـ أَصْلُ الإخْلاَصِ اليَأَسُ مِمَّا فِي أيْدِيِ النَّاسِ.
أساس الاخلاص وهو تنزيه الطاعات والعبادات لله تعالى وعدم شوبها بغرض آخر هو اليأس ممّا في أيدي الناس، فمن الواضح انّ من ييأس عمّا في أيدي الناس كانت أعماله خالصة لله تعالى.
3086 ـ أَحْمَقُ النَّاسِ مَنْ ظَنَّ أنَّهُ أَعْقَلُ النَّاسِ.
3087 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ شَغَلَتْهُ مَعايِبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ.
أي انّه لانشغاله بالتفكر في عيوب نفسه والسعي لاصلاحها يغفل نهائياً عن عيوب الآخرين والتفكر فيها.
3088 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ جَاهَدَ هَوَاهُ.
3089 ـ أَحْزَمُ النَّاسِ مَن اسْتَهَانَ بِأَمْرِ دُنياهُ.
3090 ـ أَصلُ العَقلِ الفِكْرُ وَثَمَرَتُهُ السَّلامَةُ.
أي السلامة من آفات الدنيا والآخرة.
3091 ـ أَصْلُ الشَّرَهِ الطَّمَعُ وَثَمَرَتُهُ المَلامَةُ.
3092 ـ أَصْلُ العَزْمِ الحَزْمُ وَثَمَرَتُهُ الظَّفَرُ.
المراد من (العزم) هو إرادة الشيء قطعاً وجزماً أو الجدية في العمل، والمراد من كونه أصل الحزم لأنّه الأساس في ذلك في العزم الّذي يأتي بعد الحزم وبعد ملاحظة مصالحه ومفاسده ثمّ العزم على العمل مع وجود المصلحة وفقدان المفسدة، ومن الواضح انّ الظفر بمصالح وخيرات الدنيا والآخرة من ثمرات هذه الرويّة.
3093 ـ أَوْلى النَّاسِ بِالْحَذَرِ أَسْلَمُهُمْ عَنِ الغِيَرِ.
«عن الغير» أي عن الحوادث والمصائب، وذلك خشية أن يكون هذا المعنى ] أي السلامة عن الغِيَر[ من طريق الاستدراج بأن يتركه الله تعالى لكي يؤاخذه مرة واحدة في الدنيا أو الآخرة، وعليه فانّ مثل هذا الإنسان أولى بالحذر الكامل من عصيان الله ومخالفته كي يأمن من هذا الاحتمال، ويشكر الله تعالى أيضاً على نعمائه الّتي أولاها إيّاه ولم يغيرها.
3094 ـ أَصْلُ الوَرَعِ تَجَنُّبُ الآثامِ وَالتَنَزُّهُ عَنِ الحَرامِ.
يظهر انّ المراد من الذنب والحرام هو ما يشمل ترك الواجبات أيضاً، ويكون المعنى انّه الأساس في الورع هو أن لا يرتكب ذنباً وحراماً، والعمل بالسنن واجتناب المكروهات يستدعيان علوّ قدره ودرجته، ولا يعتبران من أُصول الورع وأُسسه، وقد يكون المراد من الذنب والحرام هو ارتكاب المحرمات دون أن يشمل ترك الواجبات، وعليه فانّ اعتباره أساساً في الورع هو لكون اجتنابهما أصعب من اجتناب ترك الواجبات، وإذ قلّ من يجتنبهما ثمّ يترك الواجبات، بخلاف العكس.
3095 ـ أَصْلُ السَّلامَةِ مِنَ الزَّلَلِ الفِكْرُ قَبْلَ الفِعْلِ وَالرَّوِيَّةُ قَبْلَ الكَلامِ.
3096 ـ أَصْلُ الزُّهْدِ اليَقِينُ وَثَمَرَتُهُ السَّعَادَةُ.
وكون اليقين أصل الزهد إنّما هو باعتبار انّ المتيقن بأحوال المبدأ والمعاد يعلم انّ الدنيا لا قيمة لها أمام الآخرة، ويعلم أيضاً اّ قسماً منها يحصل له من دون سعي وطلب، وفي قسم آخر لا ينفع الحرص والسعي الكثير أبداً كما تكرّر تقريره، ومن الواضح انّ تحقق هذا المعنى يقتضي الزهد في الدنيا.
3097 ـ أَعْظَمُ النَّاسِ سَعَادَةً أكْثَرُهُمْ زَهَادَةً.
أي كلّ من كثر زهده في الدنيا كانت سعادته أكثر.
3098 ـ أَصْلُ المُرُوءَةِ الحَيَاءُ وَثَمَرَتُها العِفَّةُ.
أصل المروءة أي الفتوة أو الإنسانية الحياء وثمرتها العفة، إذ من الواضح انّ الحياء من الله تعالى يستدعي العفّة بل انّ الحياء من الناس أيضاً يستدعي ترك كثير من الذنوب ـ كما ذكر مراراً ـ .
3099 ـ أَشْرَفُ المُرُوءَةِ مِلكُ الغَضَبِ وَاِماتَةُ الشَّهْوَةِ.
3100 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ تَنَزَّهَتْ نَفْسُهُ وَزَهَدَ عَنْ غُنْيَة.
أي تنزّه عن الصفات والأخلاق الذميمة والأفعال القبيحة، و «زهد عن غنية» يعني تحمل الفقر ولا يرغب في الغنى، وقد يكون المعنى: انّه يزهد في الدنيا ولكن عن غناء، بأن يقنع ويستغني بها، وبذلك يكون راغباً عن الدنيا، أو يجد نفسه غنياً عنها مع القدرة على السعي فيها، لا أن يكون راغباً عنها لعجزه عن السعي فيها.
الهوامش:
(1) الكافي 2: 73 ح 3.
(2) الكافي 2: 61 ح 4.
(3) الكافي 2: 71 ح 2.
(4) في المتن هكذا: تنگترين بودن تنكى نزديكترين بودن كشايش است، يا معنى اين است كه: تنگترين آنچه مىباشد در آن تنگى نزديكترين آن است كه مىباشد در آن گشايش.
(5) كتب الشارح(رحمه الله) (معاً) على لفظ (المرام) أي تصح قراءة الوجهين: بكسر الميم وضمها، وأوضح ذلك في الهامش بقوله: إذا قرئ (مرام) بفتح الميم كان معناه الطلب وبضم الميم كأنّه معناه المطلب.
(6) هكذا ورد بخط الشارح(رحمه الله) صريحاً ويبدو انّ الصحيح (حُشي) بصيغة المجهول.