3101 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَحَلُمَ عَنْ قُدْرَة.

3102 ـ أَفْضَلُ الحِكْمَةِ مَعْرِفَةُ الإنْسانِ نَفْسَهُ وَوُقُوفُهُ عِنْدَ قَدْرِهِ.

أفضل الحكمة أي العلم الصحيح والسلوك القويم هو معرفة الإنسان نفسه ووقوفه عند قدره، الأفضلية الأولى هي العلم الصحيح، لأنّ معرفة النفس وأحوالها يستدعي العلم بكثير من أحوال المبدأ والمعاد، وهو الأساس للعلم الصحيح، أمّا الأفضلية الثانية هي السلوك الصحيح لأنّ المراد من وقوف الإنسان عند قدر نفسه هو أن لا يسلك مع الناس بما هو فوق قدره ورتبته، ولا يتوقع ذلك من الناس أيضاً، ولا يذلّ نفسه ولا يضعها دون رتبتها وقدرها، وهذا المعنى يستلزم تطبيق الكثير من الحكمة العلمية، بل انّه يستلزم اجتناب المعاصي أيضاً، إذ من الواضح انّها تسقط الإنسان من درجة الإنسانية وتذلّه، وتضعه في الآخرة بل في الدنيا أيضاً، وبناءً على هذا يظهر انّ ما ذكر هو أفضل الحكمة ] أي السلوك الصحيح[.

3103 ـ أَفْضَلُ مَعْرُوفِ اللَّئِيمِ مَنْعُ أذائِهِ.

أفضل إحسان اللئيم، وهو البخيل أو الخائن الّذي هو أن يكف أذاه عن غيره، لأنّه لا يتأتى منه إحسان آخر كما قيل: (لا أمل لي بخيرك فلا يصلني شرك) وعلى فرض صدور إحسان منه أحياناً فانّ ذلك المنع سيكون أفضل منه، وذلك لأنّ الغالب عليه هو ايذاؤه للناس، فالتوقف عن الأذى نفع عام والإحسان الّذي يصدر منه أحياناً هو نفع خاص، الأوّل أفضل منه يقيناً، بل إذا آذى أي شخص آخر كان أذى عظيماً، وإذا أحسن كان قليلا، وعليه يون عدم ايذائه أهم من إحسانه، وقد يكون المراد انّه (أفضل معروف) بحسب اعتقاده حيث لا يرى احساناً فوق هذا أو مثله، نظراً لحرصه التام في ايذاء الناس.

3104 ـ أَقْبَحُ أَفْعَالِ الكَرِيمِ مَنْعُ عَطَائِهِ.

أقبح أفعال الكريم أي ما يقابل اللئيم بأحد معنييه المذكورين هو منع عطائه، أي أن يكفّ عن العطاء، والمراد هو أنّه هذا الأمر من أقبح أفعال الكريم في الواقع، أو انّه أقبح الأفعال عند نفسه كما ذكر في القول السابق.

3105 ـ أَحْسَنُ العِلْمِ ما كَانَ مَعَ العَمَلِ.

3106 ـ أَحْسَنُ الصَّمْتِ ما كَانَ عَنِ الزَّلَلِ.

أي السكوت عن زلل الناس، أو عن الكلام الّذي يدفع نحو الزلل.

3107 ـ أَفْضَلُ عُدَّة الصَّبْرُ عَلَى الشِدَّةِ.

3108 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ مِنَّةً مَنْ بَدَأَ بِالمَوَدَّةِ.

أفضل الناس منّة، أي في أن يكون الإنسان ممنوناً له هو من يبتدئ بالمودة، إذ من الواضح انّ منّته تكون أكثر ممن يبتدئ بالمودّة بعد ابتدائك أوّلا بمودته، ولا يخفى انّ امتنان هذا الشخص لا ينافي قبح المنّ.

3109 ـ أَفْضَلُ الحَيَاءِ استِحْياؤُكَ مِنَ اللهِ.

في بعض النسخ ورد (السخاء) بدلا عن (الحياء) فيكون المعنى: أفضل السخاء هو الحياء من الله تعالى نظراً إِلى انّ من يستحيي من الله يؤدي جميع الحقوق الإلهية وحقوق الناس، ولا سخاء أفضل من ذلك بل يترك الكثير من الرغبات واللذائذ، وهذا سخاء معنوي أيضاً.

3110 ـ أَقْبَحُ الظُّلْمِ مَنْعُكَ حُقوقَ اللهِ.

أقبح الظلم هو منعك لحقوق الله وعدم أدائها، إذ من الواضح انّ ظلمك لمن أحسن إليك أقبح من ظلمك لمن لم يحسن إليك، وعليه يكون الظلم بحقّ الله تعالى رغم كلّ إحسانه أقبح من ظلم الآخرين قطعاً.

3111 ـ أَحْسَنُ الحَيَاءِ اسْتِحْياؤُكَ مِنْ نَفْسِكَ.

أفضل الحياء هو أن تستحيي من نفسك، لأنّ هذا الأمر يصدّ عن جميع المعاصي والذنوب سرّاً وعلانية عكس الحياء من الآخرين فانّه يصدّ عن المعاصي بحضورهم، ولا يخفى انّ الحياء من النفس هو الحياء من هوان النفس وذلّها عند الله تعالى، وهو في الحقيقة حياء من الله، وعليه فانّ ما ذكر في وجه كونه الأحسن لا ينتقض بالحياء من الله فانّه يصدّ عن المعاصي في السرّ والعلن أيضاً، كما لا يتنافى ما ذكر في القول السابق من ان (أفضل الحياء هو الحياء من الله تعالى) بناءً على نسخة ] الحياء[.

3112 ـ أَفْضَلُ الأَدَبِ مَا بَدَأْتَ بِهِ نَفْسَكَ.

أفضل الأدب هو ما بدأت به نفسك، أي بأن تعمل به أوّلا ثمّ تعلّمه غيرك، وليس بأن تأمر غيرك ولا تعمل به.

3113 ـ أَفْضَلُ المُرُوءَةِ احْتِمالُ جِناياتِ الإخْوانِ.

أفضل المروءة أي الفتوة أو الإنسانية هو تحمل ذنوب إخوتك، أي التغاضي عن تقصيراتهم وعدم الانتقام منهم.

3114 ـ أَشْرَفُ الْعِلْمِ ما ظَهَرَ في الجَوارِحِ وَالأَركانِ.

3115 ـ أَوْضَعُ العِلْمِ مَا وَقَفَ عَلَى اللِّسانِ.

أي العلم الّذي لم يعمل به ولم يظهر على الجوارح والأركان.

3116 ـ أَبْغَضُ الخَلائِقِ اِلى اللهِ الشَّيخُ الزّانِ.

3117 ـ أَحْسَنُ مِنِ اسْتِيفاءِ حَقِّكَ العَفْوُ عَنْهُ.

هذا يجري في الحقوق غير المالية، إذ من الواضح انّ العفو عن أذى الغير يكون أفضل من استيفائه بالانتقام، وهكذا في الحقوق المالية إذا كانت موجودة عند المؤهّل للعفو التنازل عنه ولا يضرّه التنازل ضرراً بالغاً، وإذا كان عاجزاً عن أدائها وجب العفو عنه أو الصبر ولا تجوز مطالبته، بل لا حقّ عليه في الحقيقة ما دام عاجزاً.

3118 ـ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللهِ سُبْحانَهُ أَخْوَفُهُمْ مِنْهُ.

إذ من الواضح انّ من كان أعرف بعظمة الله وكبريائه كان خوفه من عصيانه ومخالفته أشد، كما قال تعالى: (إنَّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ)(1) ويعني انّ حقيقة الخوف منه لا يملكها إلاّ العلماء، فمن اليقين إذن انّ من كان علمه أكثر كان خوفه أشد.

3119 ـ أَغْبَطُ النَّاسِ المُسارِعُ اِلى الخَيْراتِ.

3120 ـ أَبْلَغُ العِظَاتِ الإعْتِبارُ بِمَصارِعِ الأمْواتِ.

إذ من كانت له أدنى بصيرة إذا عرف انّ عاقبة حياة الإنسان في الدنيا بعد فترة وجيزة تؤول إِلى ذلك، عرف انّ الدنيا ليست جديرة بالرغبة فيها والاغترار بها، ومن الواجب أن يكون سعي الإنسان للآخرة الخالدة والباقية، ولا موعظة أبلغ من هذه الموعظة.

3121 ـ أَسْرَعُ المَوَّداتِ انْقِطاعاً مَوَدّاتُ الأشْرارِ.

إذ أنّهم يقطعون مودّتهم لاتفه شيء يتنافى مع رغباتهم، وإن كان ذلك المعنى مستحسناً شرعاً وعقلا.

3122 ـ أَكْبَرُ الأوْزَارِ تَزْكِيَةُ الأشْرارِ.

3123 ـ أَكْثَرُ النَّاسِ مَعْرِفَةً لِنَفْسِهِ أَخْوَفُهُمْ لِرَبِّهِ.

أي كلّما كان الإنسان أعرف بنفسه وأحوالها كان خوفه من الله أكثر; لأنّه كلّما كان أعرف بنفسه كانت عظمة الله وكبرياؤه ووجوب اطاعته والانقياد له عنده أوضح، وهذا الأمر يستدعي المزيد من خوف مخالفته وعصيانه، وهكذا كلّما كان أعرف بأحواله كانت ذنوبه ومعاصيه أظهر لنفسه، فيكون خوفه من الله أكثر.

3124 ـ أَنْصَحُ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ.

«أنصح الناس» أي أخلصهم أو أنصحهم...

3125 ـ أَبْغَضُ الخَلاَئِقِ اِلى اللهِ المُغْتَابُ.

3126 ـ أَكْثَرُ الصَّلاَحِ وَالصَّوابِ فِي صُحْبَةِ أُولِي النُّهى وَالأَلْبابِ.

3127 ـ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللهِ أَرْضَاهُمْ بِقَضائِهِ.

وذلك لأنّ من كان أعلم بالله كان عدله لديه أظهر فيعرف بنحو أفضل أنّ كلّ تقديره وقضائه مطابق للمصلحة ولا يتطرق له الظلم قيد شعرة، وسيكافأ هذا الإنسان أمام أي مصيبة يصاب بها أو أيّ ظلم يطاله بأحسن وجه فيكون أرضى الناس بتقدير الله وقضائه.

3128 ـ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ ذَنْبٌ أَصَرَّ عَلَيْهِ عَامِلُهُ.

والمراد من (الاصرار) كما ذكر مراراً هو تكرر ارتكاب الذنب، أو ارتكابه مرة واحدة مع قصد ارتكابه مرة اُخرى وإنْ لم يفعله.

3129 ـ أَوَّلُ اللَّهْوِ لَعْبٌ(2) وَآخِرُهُ حَرْبٌ.

وذلك لأنّه كثيراً ما يؤدّي إِلى الحرب كما قالوا: الرياح تأتي بالمطر واللهو ينتج الحرب.

3130 ـ أَوَّلُ الشَّهْوَةِ طَرَبٌ وَآخِرُهُا عَطَبٌ.

أوّل الشهوة أي الشهوة غير المحللة طرب، وآخرها عطب أي الهلاك الأخروي.

3131 ـ أَفْضَلُ الوَرَعِ تَجَنُّبُ الشَّهَواتِ.

إذ انّ من سدّ على نفسه طريق الأهواء قلّما يقع في المحرمات.

3132 ـ أَفْضَلُ الطَّاعاتِ العُزُوفُ عَنِ اللِّذَّاتِ.

«العزوف عن اللذات» أي اللذات الّتي لا تحلّ.

3133 ـ أَزْرى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ.

3134 ـ أَفْسَدَ دِينَهُ مَنْ تَعَرَّى عَنِ الوَرَعِ.

لا يخفى أنّ أفسد هنا ليس (أفعل التفضيل) بل انّه من الأفعال الماضية وعليه من غير المناسب ذكر هذا القول في هذا الباب، إلاّ أن يكون المراد من (أفعل) في عنوان الباب ما يعمّ (أفعل التفضيل) و (أفعل الأفعال الماضية) وأن لا يكون المراد بألف التعظيم خصوصه بل أيّ ألف يدلّ على المبالغة والزيادة، فيشمل همزة باب الإفعال أيضاً لكونه للمبالغة.

3135 ـ إدْمانُ تَحَمِلُّ المَغَارِمِ يُوجِبُ الجَلالَةَ.

المراد من (المغارم) هو ما يجب على الناس دفعه كالقروض ونفقة العيال وأمثال ذلك، والمراد هو انّ استمرار تحمل هذا القسم من مغارم الناس وتعهد أدائه يستدعي الجلالة والكرامة في الدنيا بل في الآخرة أيضاً لو كان في موضعه المناسب ومن المال الحلال، ولا يخفى انّ ذكر هذا القول في هذا الباب غير مناسب أيضاً، إلاّ أن يكون المراد من (ألف التعظيم) ما يشمل باب الإفعال أيضاً كما ذكر في القول السابق، والمراد من (صيغة أفعل) هو ما يعم صيغة الفعل أو صيغة مصدره.

3136 ـ اِغْبابُ الزِّيارَةِ أَمَانٌ مِنَ المَلاَلَةِ.

أي انّ الزيارة اليومية لشخص ما قد تستدعي شعوره بالملالة والضجر، وإذا كانت (غباً) فانّها أمان من ذلك ولا تستدعي الملالة، ومعنى «غبّ» الذهاب بين يوم ويوم كحمّى الغب، وقال بعض اللغويين انّ الغب في الزيارة هو أن تقع في الاسبوع مرة، والكلام في هذا القول وايراده في هذا الباب يتوافق مع الكلام في القول السابق كما لا يخفى.

3137 ـ أَشَدُّ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ سُبْحانَهُ ذَنْبٌ اسْتَهَانَ بِهِ رَاكِبُهُ.

3138 ـ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ سُبْحانَهُ ذَنْبٌ صَغُرَ عِنْدَ صَاحِبِهِ.

فعلى الإنسان إذن أن لا يستسهل أو يستصغر ذنباً فانّه أعظم عند الله تعالى.

3139 ـ أَحْلَى النَّوالِ بَذْلٌ بِغَيْرِ سُؤَال.

3140 ـ أَفْضَلُ العَطِيَّةِ ما كَانَ قَبْلَ مَذَلَّةِ السُّؤالِ.

3141 ـ أَزْكَى المَكَاسِبِ كَسْبُ الحَلاَلِ.

أي المال الّذي يكسب بطريقة محللة يكون أزكى من سائر الأموال، وقد يكون (أزكى) بمعنى أطهر، وعليه يكون المراد من (الحلال) هو الحلال النزيه عن الشبهة والشك ليكون أطهر من الأموال المشتبه بها، أو يكون المراد من «الكسب الثاني» هو المال الّذي حصل عليه الإنسان بطريقة محللة، وليس هدية من الغير وأمثال ذلك، والمراد من (الكسب الأول) أعم من ذلك، ويكون المراد: انّ أطهر ما يحصل عليه الإنسان هو أن يكون بكسب حلال.

3142 ـ أَفْضَلُ الأَمْوَالِ أَحْسَنُها أَثَراً عَلَيْكَ.

أي الّتي تؤثر عليك وتدفعك نحو الشكر والخضوع والتواضع، دون الّتي لا تؤثر فيك أو الّتي تكون سبباً لطغيانك، وقد يكون المراد من «أحسنها أثراً عليك» أي ما تنفعك، وأن تصرف فيما يبقى أثره له دون أن يُصرف في المصارف السيّئة أو بأن يدّخره كي ينتقل إِلى غيره.

3143 ـ أَسْرَعُ المَعَاصِي عُقُوبَةً أَنْ تَبْغِيَ عَلى مَنْ لا يَبْغِي عَلَيْكَ.

... «تبغي على من لا يبغي عليك» أي تظلمه أو تستعلي عليه.

3144 ـ أَعْقَلُ النَّاسِ أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ.

3145 ـ أَعْظَمُ النَّاسِ عِلْمَاً أَشَدُّهُمْ خَوْفاً لِلَّهِ(3) سُبْحانَهُ.

أي كلّ من كان علمه أعظم كان خوفه من الله سبحانه أشد كما تكرر ذكره.

3146 ـ أَفْضَلُ العِبادَةِ سَهَرُ العُيُونِ بِذِكْرِ اللهِ سُبْحانَهُ.

3147 ـ أَقْوى النَّاسِ إيماناً أَكْثَرُهُمْ تَوَكُّلا عَلىَ الله سُبْحانَهُ.

أي انّ من كان إيمانه أرسخ كان توكله على الله سبحانه أكثر.

3148 ـ أَدَلُّ شَىْء عَلى غَزَارَةِ العَقْلِ حُسْنُ التَّدْبير.

أي حسن تدبيره في اُمور معاشه ومعاده، ولمن يستشيره في المهمات.

3149 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ رَأيْاً مَنْ لا يَسْتَغْنِي عَنْ رَأْي مُشِير.

أفضل الناس هو الّذي لا يستغني عن رأي المشير عليه، أي لا يرى نفسه غنياً عن رأي من يشير عليه بما فيه مصلحته، كما انّ بعض الناس يرون عقولهم وتدبيرهم أفضل من أي إنسان آخر ولا يستشيرون وكثيراً ما يخطؤون، فعلى كلّ إنسان أن يستشير العقلاء في الاُمور المهمة، ثمّ يعمل بالرأي الّذي يرجّحه.

3150 ـ أَفْضَلُ الجُودِ إيصالُ الحُقُوقِ اِلى أَهْلِها.

أي أداء حقوق الناس سواء أكانت حقوقهم الخاصة الّتي بذمته أو الحقوق الّتي فرضها الله تعالى لتؤدّى للآخرين كالزكاة والخمس، وكون أداء الحقوق أفضل من الجود أمر واضح لأنّ ترك أداء الحقوق يستدعي العذاب والعقاب بخلاف ترك هذه التبرعات.

3151 ـ أَقْبَحُ البُخْلِ مَنْعُ الأَمْوالِ مِنْ مُسْتَحِقِّها.

3152 ـ أَفْضَلُ المُروُءَةِ اسْتِقْبالُ(4) الرَّجُلِ مَاءَ وَجْهِهِ.

أفضل المروءة أي الفتوة أو الإنسانية استقبال الرجل ماء وجهه، أي ملاحظته والحفاظ عليه وعدم اهداءه لأحد.

3153 ـ أَشْقَى النَّاسِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيا غَيْرِهِ.

3154 ـ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللهِ أَكْثَرُهُمْ خَشْيَةً لَهُ.

3155 ـ أَحَبُّ العِبادِ اِلى اللهِ أَطْوَعُهُمْ لَهُ.

3156 ـ أَحَقُّ النَّاسِ بِالرَّحْمَةَ عَالِمٌ يَجْرِيَ عَلَيهِ حُكْمُ جَاهِل وَكَرِيمٌ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ لَئِيمٌ وَبَرٌّ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ فَاجِرٌ.

المراد من (كريم) كما تكرر ذكره هو السخي، أو كلّ إنسان عالي الشأن، و (اللئيم) يقابله بكلّ من المعنيين.

3157 ـ أَمْقَتُ العِبادِ اِلى اللهِ الفَقيرُ المَزْهُوَّ وَالشَّيْخُ الزَّانِ وَالعَالِمُ الفَاجِرُ.

3158 ـ أَفْضَلُ العُدَدِ أَخٌ وَفيٌّ وَشَقِيقٌ زَكِيٌّ.

أفضل ما يعدّ ليوم الخير والشرّ هو الأخ الوفي والشقيق الزكي، والشقيق يعني الأخ أيضاً، والمراد في الموضعين هو ما يعم الأخ النسبي ويعني مطلق الصديق، والمراد من «الزكي» هو الزكي من الخيانة وعدم الوفاء وما شاكلهما.

3159 ـ أَبْعَدُ الخَلائِقِ مِنَ اللهِ تَعَالى البَخيلُ الغَنِيُّ.

3160 ـ أَكْثَرُ النَّاسِ حُمْقَاً الفَقِيرُ المُتَكَبِّرُ.

3161 ـ أَبْغَضُ العِبادِ اِلى اللهِ سُبْحَانَهُ العَالِمُ المُتَجَبِّرُ.

3162 ـ أَحْسَنُ المَكَارِمِ عَفْوُ المُقْتَدِرِ وَجُودُ المُفْتَقِرِ.

أفضل المكارم أي الصفات الّتي تستدعي الكرامة وعلو الشأن هو عفو المقتدر أي القادر على الانتقام وجود الفقير.

3163 ـ أَكْبَرُ الكُلُفَةِ تَعَنّيكَ فِيما لا يَعْنِيكَ.

3164 ـ أَكثْرُ العَيْبِ أنْ تَعِيبَ غَيْرُكَ بِما هُوَ فِيكَ.

3165 ـ أَقَلُّ شَىْء الصِّدْقُ وَالأَمانَةُ.

3166 ـ أَكْثَرُ شَيْء الكِذْبُ وَالخِيانَةُ.

3167 ـ أَعْدَلُ السِّيَرةِ أَنْ تُعامِلَ النَّاسَ بِما تُحِبُّ أَنْ يُعامِلُوكَ بِهِ.

أي بأن تتعامل معهم بأسلوب تحب أن يعاملوك به.

3168 ـ أَجْوَرُ السِّيَرةِ أَنْ تَنْتَصِفَ مِنَ النَّاسِ وَلا تُعامِلَهُمْ بِهِ.

3169 ـ أَشْبَهُ النَّاسِ بِأنْبِياءِ اللهِ أَقْوَلُهُمْ لِلْحَقِّ وَأَصْبَرُهُمْ عَلى العَمَلِ بِهِ.

3170 ـ أَفْضَلُ النَّاسِ سَالِفَةً عِنْدَكَ مَنْ أَسْلَفَكَ حُسْنَ التَّأميلِ لَكَ.

أي أسلفك حُسْناً أحسن بسببه أمله فيك أي أمّل منك، ويكون بمثابة من اشترى منك حسن الأمل فيك. وهكذا إذا وعدته بأن يكون حسن أمله بك عن ذلك الطريق، وعليه يكون مثل هذا الإنسان مقدماً لديك على من لا يكون كذلك، أي ينبغي أن تقدّمه في الإحسان إليه.

3171 ـ أَسْرَعُ الأشياءِ عُقُوبَةً رَجُلٌ عَاهَدْتَهُ عَلى أَمْر وَكَانَ مِنْ نِيَّتِكَ الوَفَاءُ لَهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ الغَدْرُ بِكَ.

3172 ـ أَكْثَرُ مَصَارِعِ العُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ المَطَامِعِ.

قد يكون (مصارع) بمعنى مواقع السقوط، و (مطامع) بمعنى مواضع الطمع وحاصلهما واحد، والمراد أنّ زلات العقول تكون في مواطن الطمع غالباً، حيث انّ ذلك الطمع يوقع العقل في الخطأ فيحكم طبقاً له فيخطأ، وفي الموقع الّذي لا طمع فيه تكون هفوات العقل قليلة، إذن في كلّ عمل يتأمل فيه الإنسان ينبغي أن يترك الطمع، حتّى يمكن الاستناد إِلى حكم العقل فيه.

3173 ـ أَزْرى بِنَفْسِهِ مَنْ مَلَكَتْهُ الشَّهْوَةُ وَاسْتَعْبَدَتْهُ المَطَامِعُ.

أي من تسلّط عليه هواه، وجعلته الأطماع بمثابة العبد لها حيث يسعى لها دائماً ويتعب من أجلها، أو أصبح عبداً لجماعة لطمعه فيهم. ولا(5) يخفى انّ ايراد هذا القول في هذا الباب مبني على انّ المراد من (أفعل) ما يشمل (أفعل فعل الماضي من باب الأفعال) أيضاً.

3174 ـ أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ قَدَرَ عَلى أَنْ يُزِيلَ النَّقْصَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ.

3175 ـ أَخْسَرُ النَّاسِ مَنْ قَدَرَ عَلى أَنْ يَقُولَ الحَقَّ وَلَمْ يَقُلْ.

3176 ـ أَعْظَمُ النَّاسِ رِفْعَةً مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ.

أرفع الناس مقاماً هو من تواضع في نفسه لله تعالى وعباده.

3177 ـ أَكْثَرُ النَّاسِ ضَعَةً مَنْ تَعَاظَمَ فِي نَفْسِهِ.

3178 ـ أَغْلَبُ النَّاسِ مَنْ غَلَبَ هَوَاهُ بِعِلْمِهِ.

3179 ـ أَقْوَى النَّاسِ مَنْ قَوِيَ عَلى غَضَبِهِ بِحِلْمِهِ.

3180 ـ أَفْضَلُ الحِلْمِ كَظْمُ الغَيْظِ وَمِلْكُ النَّفْسِ مَعَ القُدْرَةِ.

3181 ـ أَحْسَنُ العَفْوِ مَا كَانَ عَنْ قُدْرَة.

3182 ـ أَفْضَلُ الجُودِ ما كَانَ عَنْ عُسْرَة.

3183 ـ أَعْدَلُ النَّاسِ مَنْ أَنْصَفَ مِنْ ظُلْمِهِ.

أشد الناس عدالة هو من انتصف من ظلمه الّذي فعله.

3184 ـ أَجْوَرُ النَّاسِ مَنْ ظَلَمَ مَنْ أَنْصَفَهُ.

3185 ـ أَقْوَى النَّاسِ أَعْظَمُهُمْ سُلْطَاناً عَلى نَفْسِهِ.

أي من كان تسلطه على نفسه أشد من تسلط الآخرين على أنفسهم.

3186 ـ أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنْ إصْلاحِ نَفْسِهِ.

3187 ـ أَبْخَلُ النَّاسِ بِعَرَضِهِ أَسْخَاهُمْ بِعِرْضِهِ.

أي من كان أسخى بِعِرْضِهِ لأجل الحفاظ على الأموال.

3188 ـ أَعْوَنُ شَىْء عَلى صَلاَحِ النَّفْسِ القَنَاعَةُ.

3189 ـ أَجْدَرُ النَّاسِ بِرَحْمَةِ اللهِ أقْوَمُهُمْ بِالطَّاعَةِ.

3190 ـ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنَ اللهِ سُبْحانَهُ أَحْسَنُهُمْ إيماناً.

أي كلّ من كان إيمانه أفضل لقوّة علمه أو كثرة أعماله كان هو الأقرب إِلى الله قرباً معنوياً، أي كان أعلى منزلة ورتبة عند الله عز وجل .

3191 ـ أَعْى مَا يَكُونُ الحَكِيمُ إِذَا خَاطَبَ سَفِيهَاً.

أعجز ما يكون الحكيم وهو العالم القويم حينما يتحدث مع السفيه، وهو الجاهل أو قليل العقل. وقد يكون المعنى: انّ أعجز ما يكون الحكيم هو حينما يتحدث مع السفيه، وكلاهما بمعنى واحد، أي لا يبلغ عيّه وعجزه في أيّ وقت كما يبلغه في ذلك الوقت ] أي حين مخاطبة السفيه[.

3192 ـ أَوَّلُ المُروُءَةِ طَاعَةُ اللهِ وَآخرُها التَنَزُّهُ عَنِ الدَّنايا.

أوّل المروءة أي الفتوة والإنسانية هو إطاعة الله، وآخرها هو الترفّع عن الدنايا، أي الصفات الّتي تستدعي الدناءة والخفة والذل.

3193 ـ أَهْلُ الدُّنيا عَرَضُ النَوَائِبِ وَذَرَّيةُ المَصَائِبِ وَنَهْبُ الرَّزايا.

3194 ـ أَعْظَمُ النَّاسِ وِزرَاً العُلَمَاءُ المُفَرِّطُونَ.

«المفرّطون» أي المقصّرون، ويمكن قراءة (المفرطون) بالتخفيف من باب الأفعال فيكون بمعنى (المتجاوزون للحد) ونتيجتهما واحدة.

3195 ـ أَشَدُّ النَّاسِ نَدَمَاً عِنْدَ المُوتِ العُلَماءُ غَيْرُ العَامِلِينَ(6).

3196 ـ أَسْفَهُ السُّفَهَاءِ المُتَبَجِّحُ بِفُحْشِ الكَلاَمِ.

أجهل الجهلاء أو الأضعف عقلابين ضعاف العقول هو من يفرح بالقول الفاحش، أي من يفحش في كلامه ويتبجّح بذلك.

3197 ـ أَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلاَمِ.

أبخل الناس من بخل بالسلام على الناس ابتداءاً أو جواباً، غاية الأمر انّ الابتداء به سنة وتركه ليس معصية، والجواب واجب وتركه معصية، وقد قال العلماء: انّ ثواب الابتداء به يفوق ثواب جوابه، وهذا من الاُمور الّتي يكون فيها ثواب السنة أكثر من ثواب الواجب.

3198 ـ أَغْنَى الأغنياءِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحِرصِ أَسِيرَاً.

3199 ـ أَجَلُّ الأُمَراءِ مَنْ لَمْ يَكُنْ الهَوَى عَلَيْهِ أَمِيَراً.

أي بأن يكون متسلطاً على هواه ولا يأتمر به.

3200 ـ أَحْسَنُ السَّنَاءِ الخُلْقُ السَّجِيحُ.

 

الهوامش:

(1) فاطر: 28.

(2) وضع الشارح(رحمه الله) سكوناً على عين (لعب) وعلى أسفلها كسرة وكتب عليها: (معاً) أي قراءة الوجهين صحيحة.

(3) هكذا بخط الشارح(رحمه الله) ولكن في نسخة صيدا ورد (من الله) وهو الأولى.

(4) في نسخة مكتبة مسجد سبهسالار ورد (استبقاء) وشرحه بقوله: ابقاء الرجل كرامته، وكأنّه في نهج البلاغة ورد مطابقاً لنسخة مكتبة سبهسالار، فراجع.

(5) عبارة (ولا يخفى.. الخ) موجودة في نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار فقط ولا توجد في النسخة الأصلية الّتي هي بخط الشارح(رحمه الله).

(6) في النسخة الأصلية ورد (غير عاملين) برفع ] غير[ وخلو ] عالمين[ من (الـ).