3401 ـ اِنَّ مُواسَاةَ الرِّفاقِ مِنْ كَرَمِ الأَعْراقِ.

(المواساة) كما تكرر ذكره هو بذل المال أو بذله من مؤونته لا من الفائض عليه، أو مساواته مع نفسه في المال.

3402 ـ اِنَّ مَنْعَ المُقْتَصِدِ أَحْسَنُ مِنْ عَطَاءِ المُبَذِّرِ.

3403 ـ اِنَّ إمْساكَ الحَافِظِ أَجْمَلُ مِنْ بَذْلِ المُضَيِّعِ.

انّ امساك الحافظ أفضل من بذل المضيع أي من يضيّع ماله بالاسراف، وبذلك يكون بمعنى القول السابق ذاته، أو يعني من يبذل في غير محلّه كأن يعطي لمن يصرفه في مورد غير مشروع فيكون غير المضمون السابق.

3404 ـ اِنَّ رُواةَ العِلْمِ كَثْيرٌ وَرُعاتَهُ قَلِيلٌ.

«ورعاته قليل» أي العاملون به، أو رعاية صحة نقله من دون تغيير وتبديل وزيادة ونقص.

3405 ـ اِنَّ الصَّادِقَ لَمُكْرَمٌ جَلِيلٌ وَإِنَّ الكَاذِبَ لَمُهانٌ ذَلِيلٌ.

(الجليل) يعني الكبير وهو تأكيد، وهكذا (الذليل) يعني المهين وهو تأكيد.

3406 ـ اِنَّ للهَ سُبحانَهُ يُحِبُّ العَقْلَ القَوِيمَ وَالعَمَلَ المُسْتَقِيمَ.

(القويم) و (المستقيم) كلاهما بمعنى الاعتدال والاستقامة، والمراد من (العقل القويم) هو أن يدرك الأشياء كما هي عليه دون خطأ، ومن (استقامة العمل) هو أن يعمل وفق الشريعة المقدسة دون الخروج عنها.

3407 ـ اِنَّ بَطْنَ الأَرْضِ مَيِّتٌ وَظَهْرَهُ سَقِيمٌ.

الظاهر انّ المراد هو أنّ الدنيا ليست أهلا لأن يحرص عليها الإنسان، ويبادر لاعمارها، لأنّ «بطن الأرض ميّت» أي موضع الموتى، «وظهره سقيم» أي موطن المرضى أي الجماعة المشرفة على الموت، إذن لا يستحق مثل هذا المكان أن يتعلّق الإنسان به فينبغي على الإنسان أن يسعى لاعمار دار تكون موضع إقامته الخالدة. وقد يكون المراد من (بطن الأرض ميت) هي أنّها موات ولا عمران فيها، وليس بوسع الإنسان أن يعيش فيها، ومن (ظهره مريض) هو أنّ ظاهر الأرض وإن كان فيه عمران في الجملة، ولكنه يتصف بالنقصان التام كماً وكيفاً، ومشوب بالعيوب والعلل وكأنّه مريض، وعليه لا يستحق مثل هذا المكان لأن يشتغل الإنسان بإعماره فينبغي أن يكون السعي الأساس لهذا الإنسان من أجل تحصيل منزل في الجنة حيث يكون ظاهره وباطنه معموراً نظراً إِلى انّها طبقات بعضها فوق بعض، وكلّها معمورة ومحلا للإقامة والسكنى، وثمارها ونعمها خالية من شائبة النقص والعيب، وقد يكون الغرض هو انّ باطن الأرض ميت لأنّها لا علم بها ولا معرفة، وظاهرها سقيم لأنّها لا تتأتى منها طاعة وعبادة، ولا تكون منشأ لفعل يستدعي الشرف والفضيلة، وعليه كلّ من كان كذلك بأن يكون باطنه خالياً من العلم والمعرفة، وظاهره خالياً من الطاعات والعبادات فهو كالأرض الموات ولا يدخل في الحقيقة في نوع الإنسان، وهذا المعنى أكثر انسجاماً مع الأقوال التالية كما لا يخفى.

3408 ـ اِنَّ البَهائِمَ هَمُّها بُطُونُها.

انّ البهائم أي الماشية أو كلّ حيوان لا يميز ولا يشعر فانّ همها بطونها أي لا همّ لها سواها، وعليه فانّ الإنسان الّذي يكون كذلك، يتعلق اهتمامه بالأكل والشرب وليس اكتساب الفضائل والكمالات، يكون بمثابة البهائم ولا يعتبر من النوع الإنساني.

3409 ـ اِنَّ السِّبَاعَ هَمُّها العُدوانُ عَلى غَيْرِها.

فالإنسان الّذي يكون همّه العدوان أيضاً يكون بمثابتها.

3410 ـ اِنَّ النِّساءَ هَمَّهُنَّ زِينَةُ الحَياةِ الدُّنيا وَالفَسادُ فِيها.

وعليه فكلّ رجل كانت هذه سيرته كان في سلك النساء حقيقةً لا الرجال.

3411 ـ اِنَّ المُسْلِمِينَ(1) مُسْتَكِينُونَ.

«مستكينون» أي لله تعالى وللخلق أيضاً ويعني انّ المسلم الكامل كذلك أو ينبغي لكلّ مسلم أن يكون كذلك.

3412 ـ اِنَّ المُؤْمِنينَ مُشْفِقُونَ.

(مشفقون) أي رحماء بينهم وحريصون على اصلاح أحوالهم، والمراد أنّ المؤمنين الكمّل هكذا، أو ينبغي بكلّ مؤمن أن يكون كذلك.

3413 ـ اِنَّ المُؤْمِنينَ خَائِفُونَ.

«خائفون» أي يخافون عصيان الله تعالى، أو انّهم على خوف دائم من عدم إتيانهم بما هو حقّ الاطاعة فلا يكونون من المفلحين، وقد(2) يكون المراد انّ المؤمنين يجب أن يكونوا خائفين بأحد الوجهين المذكورين.

3414 ـ اِنَّ المُؤْمِنينَ وَجِلُونَ.

وهذا القول عين القول السابق في المضمون وفيه تغيير في اللفظ، وإن كان قد قالهما معاً كان تأكيداً.

3415 ـ اِنَّ لِسَانَكَ يَقْتَضِيكَ ما عَوَّدْتَهُ.

انّ لسانك يطلب منك ما عوّدته، فان عوّدته على الخير طلب منك ذلك دائماً ويكون سبباً لأن تقول الخير، وإنْ عوّدته الفحش والبذاءة وما شاكلهما دعاك إلى ذلك دائماً.

3416 ـ اِنَّ طِباعَكَ تَدْعُوكَ إِلَى ما أَلِفْتَهُ.

فعلى الإنسان أن يألف ويأنس من البداية بالطاعات والعبادات وأعمال الخير حتّى تدعوه سجاياه وطباعه إليها.

3417 ـ اِنَّ مِنَ العِبادَةِ لِينَ الكَلامِ وَإِفْشَاءَ السَّلامِ.

«افشاء السلام» أي التحية بالسلام على المؤمنين والابتداء بها وان لم تكن هناك علاقة ومعرفة سابقة بينهم.

3418 ـ اِنَّ الفُحْشَ والتَفَحُّشَ لَيْسا مِنْ خَلائِقِ الإسْلامِ.

«خلائق الإسلام» أي خلائق المسلمين، و (الفحش) هو القول البذيء الفاحش، والمراد من (التفحش) هو إلزام النفس بذلك، وعليه فانّ المراد من (الفحش) هو أن يكون الفحش من خلائقه وخصاله، ومن (التفّحش) هو أن لايكون كذلك طبعاً بل يقهر نفسه على ذلك، وقد يكون (التفحش) بمعنى سماع الفحش، سماع التفاحش بين الآخرين والسرور والفرح بذلك، أو لعدم المنع والزجر من ذلك مع القدرة عليه، أو سماع الفحش الموجه إليه أي عدم الاكتراث بذلك، وبالعمل الّذي يسبب ذلك، أو عدم منعه وزجره عن ذلك مع القدرة عليه.

3419 ـ اِنَّ الحَازِمَ مَنْ لا يَغْتَرُّ بِالْخُدَعِ.

بما يخدع الناس من المال والجاه وما شاكلهما، ويدعوهم للطغيان والظلم والعدوان.

3420 ـ اِنَّ العَاقِلَ لاَ يَنْخَدِعُ لِلطَّمَعِ(3).

أي انّ العاقل لا ينخدع من الطمع ولا يتورط به، أو انّه لا ينخدع بسبب الطمع ولا يرتكب من أجله ما يتعارض مع التقوى.

3421 ـ اِنَّ لِلْباقِينَ بِالماضِينَ مُعْتَبَراً.

للباقين عبرة بالماضين أو انّهم موضع الاعتبار، أي ينبغي أن يعتبروا بملاحظة أحوالهم ويعرفوا انّ الدنيا الّتي لم تقِ لهم فاستأصلت كلّ جماعة منهم في فترة وجيزة، ولم يبق منهم إلاّ الاسم سوف تفعل ذلك بهم، فينبغي أن لا يحرصوا على الدنيا فضلا عن أن يتورّطوا لأجلها بالظلم والطغيان والاستعلاء.

3422 ـ اِنَّ لِلآخِرِ بِالأَوَّلِ مُزْدَجَراً.

وهذا القول كمضمون القول السابق، والمراد انّه تكفي للآخر مشاهدة الأوّل وملاحظة أحواله وعاقبة أمره للازدجار من الحرص على الدنيا والظلم والطغيان وما شاكلهما.

3423 ـ اِنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ وَمُصاحَبَةَ الجاهِلِ شُؤْمٌ.

انّ كفران النعمة سبب للؤم في الدنيا والآخرة، وصحبة الجاهل شؤم أي لا يُمن فيها وعاقبتها سيئة، إذ قلّما لا يدفع الصاحب الجاهل الإنسان لأعمال فيها الضرر والخسران في دنياه أو آخرته أو كليهما.

3424 ـ اِنَّ الفَقْرَ مَذَلَّةٌ لِلنَّفْسِ مِدْهَشَةٌ لِلْعَقْلِ جَالِبٌ لِلْهُمُومِ.

كون الفقر سبب لذل النفس في الدنيا هو انّ أهل الدنيا يعتبرون الفقير المسكين ذليلا إلاّ انّه ليس سبباً للذل في الآخرة، بل للدرجة الرفيعة والأجر والثواب، إلاّ أن لا يصبر على ذلك ويرتكب أمراً غير مشروع بسبب ذلك، فيكون سبباً للذل في الآخرة أيضاً، وفي(4) بعض النسخ ورد (مذهلة) بدلا عن (مذلة) ومعناه انّه آلة لنسيان النفس أو غفلتها، أي نسيان الاُمور الأخروية والدنيوية الضرورية أو الغفلة عنها، والمراد ذم الفقير عن هذا الطريق والإشارة إِلى وجوب إعذار الفقير في بعض ما يقصّر فيه بسبب تغلب النسيان أو الغفلة عليه.

3425 ـ اِنَّ عُمْرَكَ مَهْرُ سَعَادَتِكَ إِنْ أَنْفَذْتَهُ فِي طَاعَةِ رَبِّكَ.

المراد انّ العمر الّذي يصرف في طاعة الله تعالى يكون سبباً لسعادة صاحبه، وقد شبهت السعادة بالمرأة الّتي يعقد عليها ومهرها ذلك العمر الّذي صرفه في الطاعة. وقد يكون (أنفذته) بالدال غير المنقوطة فيكون المعنى: إذا أفنيت العمر، أو أنهيته في طاعة ربّك.

3426 ـ اِنَّ أَنْفَاسَكَ أَجْزاءُ عُمْرِكَ فَلا تُفْنِيها إلاّ فِي طَاعَة تُزْلِفُكَ.

3427 ـ اِنَّ عُمْرَكَ وَقْتُكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ.

أي انّ العمر الّذي يمكن أن تعمل فيه ما ينفعك هو الزمان الّذي أنت فيه، لأنّ ما مضى فقد مضى ولا يمكن العمل فيه، والمستقبل مجهول فقد يُعدم وقد يوجد ولكن لا يتيسر فيه فعل الخير، إذن ينبغي في كلّ زمان اعتباره عمراً، واغتنام الفرصة الّتي يمكن فعل الخير فيها وعدم التأخير فيها.

3428 ـ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُجْرِي الأُمُورَ عَلى مَا يَقْضِيِهِ لا عَلى مَا تَرْتَضِيهِ.

وعليه ينبغي الرضا بقضائه ولا سبيل لرده، ويمكن قراءة (يرتضيه) بصيغة الغائب، فيكون المراد: انّ الله يجري الاُمور على ما يقدّره لا على ما يرتضيه أي انّه عز وجل كثيراً ما يقدر الاُمور ـ أي يعلم بوقوعها ـ ولكن لا يرتضيها، ومن هذا القبيل جميع أعمال الإنسان القبيحة، فلا يظننّ أحد بانّ ما يقع من الاُمور مرضيّ لله تعالى، نعم لا يمنع من وقوعه نظراً لبعض المصالح، وما ورد من انّ ما يقع من الاُمور إنّما هو بإذن الله، فالمراد شمول عدم المنع عنه فقط.

3429 ـ اِنَّ لِلْقُلُوبِ خَواطِرَ سَوْء وَالعُقُولُ تَزْجُرُ مِنْها.

إذاً يجب اطاعة العقل وترك هوى القلوب.

3430 ـ اِنَّ عُمْرَكَ عَدَدَ أَنْفَاسِكَ وَعَلَيْها رَقِيبٌ تُحْصِيها.

أي حينما ينتهي العدد المقدر لها حلّ الأجل فينبغي عدّ كلّ نفس من عمره وعدم تضييعه عبثاً.

3431 ـ اِنَّ ذِهابَ الذَّاهِبِينَ لَعِبْرَةٌ لِلْقَوْمِ المُتَخَلِّفِينَ.

أي ينبغي اعتبارهم بهذا ويعلموا انّ الدنيا لا تبقى لأحد، فلا ينبغي الحرص عليها، ويجب السعي قدر المستطاع للآخرة فانّها دار القرار الأبدي والاستقرار السرمدي.

3432 ـ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ كُلَّ سَمِحِ اليَدَيْنِ حَرِيزِ الدِّينِ.

أي من كانت يداه معطاة ودينه مستحكماً من دون خلل.

3433 ـ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَيُبْغِضُ الوَقِحَ المُتَجَرّئ عَلى المَعَاصِي.

المراد من «الوقح» الوقاحة الحاصلة من الجرأة على الذنوب والمعاصي.

3434 ـ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُحبُّ المُتَعَفِّفِ الحَييَّ التَقِيَّ الرَّاضِي.

(العفيف) كما تكرر ذكره هو من يجنّب نفسه من غير الحلال وذكر (التقي) بعده بمثابة التأكيد له، والمراد من (الراضي) هو الراضي بقضاء الله تعالى، والراضي بما قسمه وجعله نصيبه من الرزق وغيره.

3435 ـ اِنَّ أَفْضَلَ الإِيمانِ إِنْصَافُ الرَّجُلِ مِنْ نَفْسِهِ.

(الانصاف) كما تكرر ذكره يعني العدل، والمراد انّ أفضل الأعمال الّتي هي من الأجزاء الأصلية للإيمان أو من أجزاء أو شرائط الإيمان الكامل هو إنصاف الرجل من نفسه وأخذ حقّ الآخرين منها، وعدم الاهتمام بالنفس في دعوى الغير عليه.

3436 ـ اِنَّ أَفْضَلَ الجِهادِ مُجاهَدَةُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ.

أفضل الجهاد هو جهاد الرجل مع نفسه لإلزامها بالطاعات ومنعها من المعاصي.

3437 ـ اِنَّ مِنَ العَدِلِ أَنْ تُنْصِفُ فِي الحُكْمِ وَتَجْتَنِبَ الظُّلْمَ.

أي ليس العدل أن لا يظلم الإنسان غيره فقط بل من العدل أيضاً أن ينصف في الحكم ولا يظلم فيه، أي حينما يحكم بين شخصين فليكونا متساويين في نظره، ولا يرجّح أحدهما على الآخر أبداً، ولا يجوز في حكمه بينهما بسبب ميوله إِلى أحدهما للصداقة الّتي كانت بينهما أو للعداء مع الطرف الآخر، وما شاكل ذلك من الأسباب.

3438 ـ اِنَّ أَفْضَلَ العِلْمِ السَّكِينَةُ وَالحِلْمُ.

أي العلم الّذي يكون معهما أو يكون سبباً لهما، والمراد من السكينة هو الحلم وعدم الانفعال وكتمان الغضب.

3439 ـ اِنَّ القُبْحَ فِي الظُّلْمِ بِقَدْرِ الحُسْنِ فِي العَدْلِ.

أي إذا كان العدل في أعلى درجات الحسن كان الظلم في أعلى درجات القبح.

3440 ـ اِنَّ الزُّهْدَ فِي الجَهْلِ بِقَدْرِ الرَّغْبَةِ فِي العَقْلِ.

أي بمقدار ما تكون الرغبة في العقل حسنة كان الزهد في الجهل حسن أيضاً.

3441 ـ اِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسابَ وَغَدَاً حِسابٌ وَلا عَمَلَ.

إذن ما دمنا في وقت العمل يجب أن نعمل ما نتمكن من الاجابة عنه غداً، حيث لا يمكن الاستدراك حينذاك.

3442 ـ اِنَّ جِدَّ الدُّنيا هَزْلٌ وَعِزُّها ذُلٌّ وَعِلْوها سِفْلٌ.

(الجد) يقابل الهزل، والمراد انّ جد الدنيا هزل في الواقع والحقيقة، لأنّه لا بقاء له ويفسد في فترة وجيزة ويبطل، فهو إذن بمثابة العمل الّذي يعمله الإنسان هازلا، و (العلو) بكسر العين وضمها وفتحها وسكون اللام وتخفيف الواو يعني العالي، وبضم العين واللام وتشديد الواو يعني الارتفاع، و (السُِفل) بكسر السين وضمها جاء بمعنى الدنيء والدناءة كليهما. وعليه يمكن قراءة (علوّ) بالتشديد فيكون المعنى انّ علوها سفل، والمراد أنّ العزّ الدنيوي الّذي لا يتعدى لتحصيل الآخرة ذلّ وهكذا عاليها أو علوّها إذا كان في الدنيا فقط ولم يكن منشأً لآثار الخير في الآخرة يكون دانياً أو دناءة وهذا واضح.

3443 ـ اِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ عِنْدَ إضْمارِ كُلِّ مُضْمِر وَقَوْلِ كُلِّ قَائِل وَعَملِ كُلِّ عَامِل.

«الاضمار» أن ينوي ويقصد الإنسان شيئاً ويخفيه ولم يظهره، والمراد: انّ الله تعالى عالم بكلّ ما يختلج في بال هذا الإنسان وإن لم يظهره أبداً، وهكذا بكلّ ما يقول أو يعمل، وعليه ينبغي في جميع ذلك الالتفات إِلى انّ هذه الأعمال لا تكون ممّا قبحّه الله تعالى.

3444 ـ اِنَّ الزُّهْدَ فِي وِلايَةِ الظَّالِمِ بِقَدْرِ الرَّغْبَةِ فِي وِلايَةِ العَادِلِ.

أي انّ الناس بقدر ما لهم من رغبة في حكومة الحاكم العادل ويريدون ذلك ينفرون عن حكومة الحاكم الظالم ويفرّون منه، فعلى كلّ حاكم أراد جذب عواطف الناس نحوه، والرغبة في اطاعته والانقياد له أن يعمل بالعدل، وقد يكون المراد انّ رغبة الحاكم الظالم عن الحكومة يجب أن تكون بقدر الرغبة في الحكومة من قبل الحاكم العادل، وبقدر ما تكون حكومة العادل حسنة تكون الحكومة من قبل الظالم سيئة.

3445 ـ اِنَّ هَذِهِ القُلُوبِ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُها أَوْعاها لِلْخَيْرِ.

أي انّ الهدف من خلق القلوب هو أن تكون أوعية للعلوم والمعارف والأفكار، فأفضلها هو ما كان أوعاها لذلك، أي للعلوم والمعارف الحقة والنيات الخيّرة.

3446 ـ اِنَّ هَذِهِ الطَبائِعِ مُتَبايِنَةٌ وَخَيْرُها أَبْعَدُها مِنَ الشَّرِّ.

3447 ـ اِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله وسلم) مَنْ أَطَاعَ اللهَ وَإنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ.

أي بعدت لحمة نسبه عن لحمة نسب رسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولم تكن هناك قرابة معه.

3448 ـ اِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله وسلم) مَنْ عَصَى اللهَ وَإنْ قَرُبَتْ قَرابَتُهُ.

3449 ـ اِنَّ أَوْلى النَّاسِ بِالأَنْبِياءِ(عليهم السلام) أَعْلَمُهُمْ بِما جَاؤُوا بِهِ.

إنّ أولى الناس بالأنبياء(عليهم السلام) هو من كان أكثر علماً بما جاؤوا به أي بشرائعهم وأديانهم، وفي بعض النسخ ورد (أعملهم) بدلا عن (أعلمهم) فيكون المعنى: هو أعملهم بما جاؤوا به، أي الأحكام والمراد من الأولى بهم هو الأولى بأن يعتبر من محبيهم وأتباعهم ومن المقربين والمنتخبين لديهم.

3450 ـ اِنَّ بِشْرَ المُؤْمِنْ فِي وَجْهِهِ وَقُوَّتَهُ فِي دِينهِ وَحُزْنَهُ فِي قَلْبِهِ.

أي بأن يواجه الناس بالبشر، ويكون دينه قوياً وراسخاً غير قابل للنفوذ، وقلبه حزيناً من الفكر في عاقبة أمره.

3451 ـ اِنَّ الله سُبْحانَهُ لَيُبْغِضُ الطَّويلَ الأَمَلِ السَّيء العَمَلِ.

3452 ـ وقال (عليه السلام) عندما أراد دفن رسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم):

اِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلٌ إِلاَّ عَنْكَ، وَإِنَّ الجَزَعَ لَقَبِيحٌ إلاّ عَلَيْكَ، وَاِنَّ المُصابَ بِكَ لَجَلِيلٌ وَإِنَّهُ قَبْلَكَ وَبَعْدَكَ لَجَلَلٌ.

وقد ورد(5) جلل بمعنى العظيم أيضاً، وعليه يمكن أن يكون المعنى: انّ المصيبة قبلك وبعدك عظيمة وكبيرة، و (قبلك) يعني قبل رحيلك في الوقت الّذي بدت علائمه، أو في ذلك الوقت الّذي كنّا نتصوّره ونتخيّله، والمعنى الأوّل هو الأظهر.

3453 ـ اِنَّ مَنْ مَشى عَلى ظَهُرِ الأَرْضِ لَصائِرٌ إِلى بَطْنِها.

المراد انّ كلّ من مشى على ظهر الأرض سيكون منزله في النهاية في بطنها، إذن ينبغي الاهتمام بالاستعداد، وعدم الغفلة عنه، وعدم الاستعلاء على من هم تحت يديه.

3454 ـ اِنَّ الاُمُورَ إِذا تَشابَهَتْ اُعْتُبِرَ آخِرُها بِأَوَّلِها.

أي ينبغي الاعتبار بأوّلها لآخرها، إذن إذا رأوا النفع في أيّ عمل فليرغبوا في مثله، وإذا رأوا في أيّ عمل الضرر فليجتنبوا من مثله.

3455 ـ اِنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ مُسْرِعانِ فِي هَدْمِ الأَعْمارِ.

المراد انّه لا يمكن الاعتماد على العمر إذ انّ الليل والنهار سيهدمه في فترة وجيزة وليعلم انّ عمر ينقضي بتعاقب الليل والنهار فلا ينبغي تضييعه.

3456 ـ اِنَّ فِي كُلِّ شَىْء مَوْعِظَةً وَعِبْرَةً لِذَوي اللُّبِّ وَالإِعْتِبارِ.

أي انّ كلّ ذي عقل واعتبار إذا تأمل وتفكر في كلّ شيء كان له في ذلك موعظة وعبرة، وبسببه تحصل له معرفة أو رغبة في الخيرات أو انجزار عن السيئات.

3457 ـ اِنَّ ماضِيَ يَوْمُكَ مُتَنَقِلٌ وَباقِيَهُ مُتَّهمٌ فَاغْتَنِمْ وَقْتَكَ بِالْعَمَلِ.

3458 ـ اِنَّ ماضِيَ عُمْرِكَ أَجَلٌ وَآتِيَهُ أَمَلٌ وَالوَقْتُ عَمَلٌ.

أي اعلم انّ زمان عمل الخير في أي وقت هو ذلك الزمان، لأنّ ما مضى قد حلّ أجله ولا يمكن القيام بأيّ عمل فيه، والمستقبل أمل قد لا يعمل فيه، اذن لا ينبغي التفريط بالوقت الحاضر.

3459 ـ اِنَّ المُؤْمِنَ لَيَسْتَحْيي إذا مَضَى لَهُ عَمَلٌ فِي غَيْرِ ما عُقِدَ عَلَيْهِ إِيمانُهُ.

أي إذا عمل عملا يتنافى مع إيمانه من ترك للواجب أو فعل للحرام، وفي بعض النسخ ورد (ينبغي أن يستحيي) بدلا عن (ليستحيي).

3460 ـ اِنَّ العَدْلَ مِيْزانُ اللهِ سُبْحَانَهُ الَّذي وَضَعَهُ فِي الخَلْقِ وَنَصَبَهُ لإِقامَةِ الحَقِّ فَلا تُخالِفْهُ فِي مِيزانِهِ وَلا تُعارِضْهُ فِي سُلْطانِهِ.

المراد من (العدل) امّا هو نفس العدل، أو العدالة بمعناها المشهور، وهو ترك الكبائر وترك الاصرار على الصغائر، أو الاعتدال في جميع الصفات والأفعال، كالوسط بين الجبن والتهور الّذي يطلق عليه (الشجاعة) والوسط بين الاسراف والبخل الّذي يطلق عليه (الجود) وهكذا في سائر الأمور، و (الميزان) يطلق على كلّ ما يقاس به الأشياء، والمراد انّ العدالة بإحدى المعاني المذكورة ميزان جعله الله تعالى بين عباده ليقاس به الحقّ ويظهر الباطل، وعليه لا تجوز مخالفته الّتي هي بمثابة التعارض معه في سلطانه.

3461 ـ اِنَّ مالَكَ لِحامِدِكِ فِي حَياتِكَ وَلِذامِّكَ بَعْدَ وَفاتِكَ.

المراد انّه إذا بذلت المال لأيّ إنسان في حياتك فانّه سيحمدك، وإن لم تبذله فانّه في الغالب إذا وصل بيد أي إنسان بعد موتك فانّه يتصرف به، ويذمّك بلسان حاله أو مقاله بأنّك تركت القليل أو لا عقل لك، إذ لم تصرفه وهكذا، إذاً لِمَ لايصرفه الإنسان على من يثني عليه دون يتركه لذامّه.

3462 ـ اِنَّ التَّقْوى عِصْمَةٌ لَكَ فِي حَياتِكَ وَزُلْفى لَكَ بَعْدَ مَماتِكَ.

انّ التقوى وتعني الورع أو الخوف من الله عز وجل عصمة لك في حياتك، وقربة بعد موتك، والمراد انّها غالباً ما تعصمك في الحياة من الكثير من الآفات الدنيوية، وتكون سبباً لقرب منزلتك لدى الله تعالى بعد موتك.

3463 ـ اِنَّ حِلْمَ اللهِ تَعَالى عَلَى المَعاصِي جرّأَكَ وَبِهَلَكَةِ نَفْسِكَ أَغْراكَ.

المراد انّ الله تعالى كان قادراً على أن يؤاخذك على المعاصي الّتي ارتكبتها في الدنيا، ويبتليك بابتلاءات فلا تتجرأ على ارتكاب المعصية بعدها، ومع ذلك حلم عليك ولم يعجل في الانتقام منك، ولكن تجرّأت على سائر المعاصي وعلى ما يهلك نفسك، ولو ملك أيّ شخص شيئاً من العقل أو الحياء لارتدع عن الذنوب واستحى من عمله ومن حلم الله تعالى.

3464 ـ اِنَّ أَمْرَاً لا تَعْلَمُ مَتى يَفْجَأُكَ يَنْبَغِي أَنْ تَسْتَعِدَّ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْشاكَ.

المراد من (أمراً) هو الموت الّذي يأتي بغتة، وبعد حلوله لا يمكن التهيّؤ له، فيجب التهيّؤ له قبل ذلك.

3465 ـ اِنَّ لله سُبْحانَهُ عِبادَاً يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنافِعِ العِبادِ يُقِرُّها فِي أَيْدِيهِمْ ما بَذَلُوها فَإِذا مَنَعْوها نَزَعَها مِنْهُمْ وَحَوَّلَها إِلى غَيْرِهِمْ.

3466 ـ اِنَّ أَحْسَنَ الزَّيِّ ما خَلَطَكَ بِالنَّاسِ وَجَمَّلَكَ بَيْنَهُمْ وَكَفَّ أَلْسِنَتَهُمْ عَنْكَ.

المراد انّ أفضل وضع وسلوك هو أن يخالط الإنسان الناس ولا يعتزلهم، وأن يكون على هيئة جميلة في منظارهم، ليكف ألسنتهم فيما إذا تزيّا بزيّ مناسب لحاله أو زيّ أمثاله، ولا يكون أقل من ذلك ولا يزيد عليه لأنّهما يكونان سبباً لذم الناس إيَّاه.

3467 ـ اِنَّ المَوَدَّةَ يُعَبِّرُ عَنْها اللِّسانُ وَعَنِ المَحَبَّةِ العَيْنانِ.

ورد في بعض النسخ (العيان) بدلا عن (العينان) فيكون المعنى: وعن المحبة الرؤية بالعين والمراد ـ والله تعالى يعلم ـ انّ المحبة من الاُمور الّتي يمكن اظهارها باللسان، أمّا المحبة يعني المحبة الواقعية ـ وهو التعاطف القلبي والّتي لا تكون بمجرد اللسان ـ تظهر على العينين أو هي الّتي تكون برؤية العين، بمعنى انّه يمكن معرفة المودة الحقيقية النابعة من القلب عن المحبة الظاهرية من خلال ملاحظة سلوك وأحوال مدعي المودّة، ويؤيده ما ورد عن بعض المفسرين من انّ المحبة هي التعاطف القلبي ومشتق من (الحَبَ)، ثمّ استعير لحبة القلب أي سويدائه، ثمّ اشتقوا منه (الحُب) نظراً إِلى انّه قد وصل إِلى حبة القلب واستقرّ فيه.

3468 ـ اِنَّ مَحَلَّ الإيمانِ الجِنانُ وَسَبِيلَهُ الاُذْنانِ.

كون القلب محلّ الإيمان ناشئ من أنّ أصل الإيمان هو الاعتقاد ومحلّه القلب، والأعمال ليست جزءاً للإيمان كما هو المشهور بين العلماء كما ذكر قبل هذا، وعلى تقدير كونها جزءاً من الإيمان فواضح انّ الاعتقاد أهم والعقاب على الإخلال به أشد من العقاب على الإخلال بالأعمال، وأمّا الاظهار باللسان فانّه في الحقيقة لثبوت الإيمان، وليس من أجزائه الأصلية، وعدم الانكار باللسان وإن وجب في الإيمان إلاّ انّه من الاُمور العدمية، والظاهر انّه من شرائط الإيمان وليس من أجزائه.

و (كون سبيله هو الأذنان) ناشئ من انّ الإيمان يحصل لدى أكثر الناس بسماع الأخبار والآثار فطريقه الأذنان، وكذلك من آمن بمشاهدة المعاجز من النبيّ أو الإمام فانّه مع ذلك بحاجة إِلى سماع دعوى النبوة أو الإمامة منه، ويتم ذلك عن طريق الاُذنين، فيكون الاُذنان طريقاً إليه أيضاً.

3469 ـ اِنَّ لاَِنْفُسِكُمْ أَثْمانَاً فَلا تَبِيعُوها إلاَّ بِالْجَنَّةِ.

المراد انّ الإنسان إذا أشغل نفسه بأيّ عمل، وصرف عمره في ذلك فما يحصل عليه بسبب ذلك هو بمنزلة الثمن والقيمة لنفسه وعمره، فيجب إذن أن لا يبيع لنفسه إلاّ بالجنّة، ولا يشغلها إلاّ بعمل يكون سبباً للدخول فيها، لأنّه إذا أمكن ببيعها بالجنة كما قال تعالى في القرآن الكريم: (إنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أنفُسَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ بِأنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ)(6) فلا قيمة لغيرها كي يكون ثمناً لعمره ونفسه، والمراد من (الجنّة) الجنّة وما يتوقف على استحقاقها والدخول فيها من رضا الله تعالى والقرب والمنزلة الروحية لديه، فلا يتوهّمنّ أحد انّ غيرها أرقى من الجنّة ونعمها فيكون بيع النفس بها أولى من بيعها بالجنّة.

3470 ـ اِنَّ مَنْ بَاعَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ الجَنَّةِ فَقَدْ عَظُمَتْ عَلَيْهِ المِحْنَةُ.

وذلك لأنّه يكون دائماً في مشقة ومحنة الحرمان منها ونعمها، والابتلاء بجهنم وألوان العذاب والعقاب فيها، فأية مشقة ومحنة تكون أعظم من ذلك؟!

3471 ـ اِنَّ بِذَوِي العُقُولِ مِنَ الحَاجَةِ إِلى الأَدَبِ كَما يَظْمَأُ الزَّرْعُ إِلى المَطَرِ.

أي كما انّ الزرع بحاجة إِلى المطر وبدونه يذبل وييبس، فانّ أصحاب العقول أيضاً بحاجة إِلى تعلم الآداب وتطبيقها، وبدونها يفسدون، والمراد الآداب الّتي قررتها الشرائع المقدسة في كلّ مجال، ويمكن أن تشمل الآداب الحسنة الشائعة بين الناس أيضاً.

3472 ـ اِنَّ اللهَ سُبْحانَهُ وَتَعَالىْ يُحِبُّ السَّهْلَ النَّفْسُ السَّمِحَ الخَلِيقَةُ القَرِيبَ الأَمْرُ.

أي من كانت نفسه سهلة ويتعامل مع الناس بسهولة ولين دون عنف وشدة، وخصلته وسجيته هي العطاء والجود، و (القريب الأمر) يعني خفيف المؤونة والّذي ينجز أعماله بسرعة ولا يلقي نفسه والآخرين في المشقة والتعب لأعمال صعبة، وليس لديه طول أمل، ولذلك لا يقوم بأعمال بعيدة وطويلة.

3473 ـ اِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ مَنْ حَلُمَ عَنْ قُدْرَة وَزَهَدَ عَنْ غُنْيَة وَأَنْصَفَ عَنْ قُوَّة.

«أنصف عن قوّة» أي يحلم مع قدرته على الانتقام، و (زهد عن غنية) أي لا يرغب في الدنيا والاهتمام بشؤونها ومهماتها مع غناه ومع القدرة على الاشتغال بها، أو لا يرغب في الغنى ولا يتمنّاه ولا يسعى لتحصيله و (أنصف عن قوّة) أي عدل مع نفسه ذلك إذا كان للغير حقّ عليه أدّاه مع قدرته على المنع وعدم احقاق حقّه.

3474 ـ اِنَّ كَرَمَ اللهِ سُبْحانَهُ لا يَنْقُضُ حِكْمَتَهُ فَلِذلِكَ لا يَقَعُ الإِجَابَةُ فِي كُلِّ دَعْوَة.

أي انّ الله تعالى في غاية الكرم، وقادر على استجابة كلّ ما يدعونه ويطلبون منه، إلاّ انّه في كلّ أمر يراعي الحكمة والمصلحة فلا يفعل ما ليس فيه حكمة، وعدم استجابة بعض الأدعية ناشئ من عدم المصلحة في إجابته، وليس لقصر في كرمه تعالى شأنه.

3475 ـ اِنَّ لِلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ شُرُوطاً وَإنِّي وَذُرِّيَّتَي مِنْ شُرُوطِها.

قد يكون المراد: انّ الشرط في قبول (لا إله إلاّ الله) وصحته هو الاعتقاد بإمامتي والأئمّة الطاهرين من أبنائي، فمن أخلّ في ذلك لا تقبل منه كلمة التوحيد وكان كافراً كما هو مذهب بعض علمائنا، أو انّها لاتنفعه ولا تؤدي إِلى خلاصه وانْ لم تجرِ بحقّه أحكام الكافر كالنجاسة وأمثالها. وقد يكون المراد انّ ما ورد من فضائل هذه الكلمة الطيبة وأجرها وثوابها من قبيل ما روي بطرق متعددة عن رسولالله(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: انّ الله سبحانه قال: (لا إله إلاّ الله حصني(7) فمن دخل حصني أمن من عذابي) وروي أيضاً عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال: «من مات يشهد أن لا إله إلاّ الله دخل الجنّة» وهو مشروط بعدة شروط ومنها الاعتقاد بإمامتي والأئمّة من ذرّيتي كما روي عن الإمام الثامن صلوات الله وسلامه عليه بعد نقله الحديث الأول: «بشروطها وأنا من شروطها».

3476 ـ اِنَّ الدُّنيا دَارُ خَبال وَوَبال وَزَوال وَانْتِقال لاَ تُساوي لَذَّاتُها تَنغِيصُها وَلا تَفِي سُعُودُها بِنُحُوسِها وَلا يَقُومُ صُعُوُدها بِهُبُوطِها.

(الخبال) يعني الخسارة والهلاك والتعب وكلّ منها يناسب المقام، و (الوبال) كما تكرر ذكره يعني الشدة والثقل، وكون الدنيا دار خبال ووبال وهكذا زوال وانتقال فواضح، وهكذا (لا تساوي لذاتها تنغيصها) لأنّه كلّ من لاحظ أحواله وإن كان في أعلى الدرجات من الرفاهية، يعمل انّ ما يواجهه من نغص يزيد على لذاتها، وهكذا يفوق شقاؤها والفشل فيها على سعادتها وتوفيقاتها.

و (ولا يقوم صعودها بهبوطها) يعني: لا تتساوى ترقياتها بهبوطها وسقوطها في المهالك والمشاق والأتعاب.

3477 ـ اِنَّ مِنْ فَضْلِ الرَّجُلِ أَنْ يُنْصِفَ مِنْ نَفْسِهِ وَيُحْسِنَ إِلى مَنْ أَساءَ إِلَيْهِ.

(أن ينصف من نفسه) يعني أن يراعي العدل مع الناس حتّى من نفسه أيضاً، ولو اُقيمت عليه دعوى وكان الحقّ مع غيره أقرّ بذلك وعمل على وفقه.

3478 ـ وقال(عليه السلام) في تعزيته لقوم مات أحدهم:

اِنَّ هذا الأَمْرَ لَيْسَ بِكُمْ بَدَا وَلا إِلَيْكُمُ انْتَهى وَقَدْ كَانَ صَاحِبُكُمْ هَذا يُسافِرُ فَعُدُّوهُ فِي بَعْضِ سَفَراتِهِ فَإِنْ قَدِمَ عَلَيْكُمْ وَإلاَّ قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ.

والغرض انّ هذا الأمر لا يختص بكم، بل نزل بمن كان قبلكم، وسينزل على الناس بعدكم أيضاً، وكلّ أمر كان كذلك ينبغي أن يكون مستساغاً، ولا يسبب الغم والحزن كما هو المشهور: (إذا عمّت البلية طابت) ثمّ أفرضوا انّه قد رحل إِلى إحدى أسفاره، فإذا لم يُقبل إليكم فانّكم سوف تقبلون عليه، فليس فراقه إلاّ كفراقه في بعض أسفاره، فكما كنتم تصبرون في تلك الأسفار ولم تكونوا تحزنون كثيراً فليكن حالكم في هذا السفر كذلك.

3479 ـ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ وَضَعَ العِقابَ عَلى مَعاصِيهِ زِيادَةً لِعِبادِهِ عَنْ نَقِمَتِهِ.

يظهر انّ المراد من (وضع العقاب) هنا سقوطه، والمراد انّه تعالى تفضّل بإسقاط العقاب على الذنوب زيادة عن نقمته، والهدف هو وقاحة العباد الّذين تصدر عنهم هذا الكم من الذنوب، فمع عفو الله تعالى عن أكثرها يبقى منها ما يستدعي خلق جهنم وألوان العذاب والعقاب من أجلها، وهذا المعنى يوافق الآية الكريمة: (مَا أصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير)(8) وروي عن الناطق بالحقّ جعفر الصادق صلوات الله وسلامه عليه في تفسير هذه الآية الكريمة: «ليس من التواء عرق، ولا نكبة حجر، ولا عثرة قدم، ولا خدش عود إلاّ بذنب ولما يعفو الله أكثر، فمن عجّل الله عقوبة ذنبه في الدنيا فانّ الله عز وجل أجلّ وأكرم وأعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة»(9).

ويمكن أن يكون المراد من (وضع العقاب) هو إقراره، والمراد من (العقاب) هو العقاب في الدنيا، ومن (الانتقام) الانتقام في الآخرة، ويكون المعنى: انّ الله تعالى قد جعل العقوبات الدنيوية على عصيانه من قبل العباد زيادة على الانتقام الأخروي، أي انّه يكتفي في مجازاة أكثر الذنوب بالآلام الّتي تطال الإنسان في الدنيا، وما يلاقيه من انتقام في الآخرة هو أقل من ذلك، إلاّ انّه لا يخفى بناءً على الوجهين انّ وضع كلمة (لعباده) بعد (زيادة) لا يخلو من إشكال، وكان الأظهر أن يقع قبل ذلك، بل كان الأظهر بناءً على الوجه الأوّل انّه مع وجود التقديم المذكور أن يبدل (اللام) بـ (عن) حيث من الشائع القول: (كذا ساقط عن كذا) وليس ] لكذا[ إلاّ أن يكون المقصود هو التصريح بأنّ هذه الزيادة الساقطة أو المقرّرة هي لصالح العباد فقط، ويمكن أن تكون (زيادة) بالزاي سهواً من النسّاخ والصحيح هو بالذال، فيكون المعنى: لقد جعل الله تعالى العقاب الدنيوي على عصاينه أبعاداً أو دفعاً ومنعاً لعباده من انتقامه الأخروي، أي جعل الآلام الدنيوية لكي تنجو جماعة من الانتقام الأخروي والاكتفاء في جزائهم بالآلام الدنيوية، أو انّ جعل العقاب على العصيان يكون لابعاد العباد أو دفعهم ومنعهم ممّا يسبب انتقامه أي انّ الهدف هو هذا فقط بأن لا يرتكبوها لأنّ صلاح حالهم ليس في ارتكابها لما فيها من قبح، وليس مراعاة لمصلحة له في ذلك، هذه احتمالات خطرت ببالي لتفسير هذا القول الشريف، ولا يخلو أي وجه من الوجوه المذكورة من بعد، وبعد تسجيل هذه الاحتمالات المذكورة لاحظت هذه الفقرة المباركة في الكتاب المستطاب نهج البلاغة حيث ورد فيها (زيادة) بالذال كما احتمل أخيراً، وعبارة النهج هي «انّ الله سبحانه وضع الثواب على طاعته، والعقاب على معصيته ذيادة لعباده عن نقمته، وحياشة لهم إِلى جنته».

والظاهر انّ المراد هو المعنى الأخير المذكور، وهو انّ جعل الله تعالى الثواب والعقاب على طاعته وعصيانه ليس إلاّ لصدّ العباد عن الاُمور القبيحة الّتي تستدعي استحقاقهم العقوبة، ويقوموا بالطاعات الّتي تستدعي استحقاقهم دخول الجنة، دون أن يستهدف تعالى كسب منعة أو دفع ضرر لنفسه والعياذ بالله والله تعالى يعلم.

3480 ـ اِنَّ مَنْ بَاعَ جَنَّةَ المَأَوى لِعاجِلَةِ الدُّنْيا تَعِسَ جِدُّهُ وَخَسِرَتْ صَفْقَتُهُ.

يمكن قراءة (جدّه) بفتح الجيم، فيكون معنى (تعس جدّه): سقط حظّه و (مأوى) يعني المنزل و (جنة المأوى) اسم الجنّة لأنّها منزل المؤمنين وقد يكون اسماً لجنّة خاصة.

3481 ـ اِنَّ هَذِهِ النُّفُوسَ طُلْعَةٌ إِنْ تُطِيعُوها تَنْزِعْ بِكُمْ إِلى شَرِّ غَايَة.

أي انّها رقيبة لكم، وتستطلع أخباركم باستمرار فإن رأت انّكم تطيعونها قلعتكم بمقتضى شهواتكم ودفعتكم نحو الأعمال القبيحة وأوصلتكم إِلى أسوء نهاية، وإن رأت انّكم لا تطيعونها تركتكم فيمكنكم العمل بمقتضى عقولكم.

3482 ـ اِنَّ طَاَعَةَ النَّفْسِ وَمُتابَعَةَ أَهْوِيَتِها أُسُّ كُلِّ مِحْنَة وَرأْسُ كُلِّ غَوايَة.

3483 ـ اِنَّ النَّفْسَ أَبْعَدُ شَىْء مَنْزَعَاً وَإِنَّها لا تَزالُ تَنْزِعُ إِلى مَعْصِيَة فِي هَوى.

المراد ان قلع نفس هذا الإنسان من موضعها وسوقها إِلى الأهواء والشهوات أبعد من كلّ شيء، أي أكثر من أي شيء، تنزع الإنسان من مكانه دائماً، وتدفعه نحو معصية حول الهوى والشهوة.

3484 ـ اِنَّ مُجَاهَدَةَ النَّفْسِ لَتَزِمُّها عَنِ المَعاصِي وَتعْصِمُها عَنِ الرَّدى.

3485 ـ اِنَّ هَذِهِ النَّفْسُ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ فَمَنْ أَهْمَلَها جَمَحَتْ بِهِ إِلى المَآثِمِ.

المراد من (أهملها) أطاعها وترك مجاهدتها و (جمحت به) أي تغلبه وتسوقه نحو الذنوب، كالفرس الّذي يتغلب على راكبه، ويذهب به حيث يشاء.

3486 ـ اِنَّ نَفْسَكَ لَخَدُوعٌ إِنْ تَثِق بِها يَقْتَدْكَ الشَّيْطانُ إِلى ارتِكِابِ المَحَارِمِ.

3487 ـ اِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارةٌ بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ فَمَنِ ائْتَمَنهَا خَانَتْهُ وَمنِ اسْتَنَامَ إِلَيْهَا أَهْلَكَتْهُ وَمَنْ رَضِيَ عَنْها أَوْرَدَتْهُ شَرَّ المَوَارِدِ.

3488 ـ اِنَّ مُقَابَلَةَ الإسَاءَةِ بِالإِحْسَانِ وَتَغَمُدَ الجَرائِمِ بِالغُفْرانِ لِمَنْ أَحْسَنِ الفَضائِلِ وَأَفْضَلِ المَحَامِدِ.

3489 ـ اِنَّ المُؤْمِنَ لا يُمْسِي وَلا يُصْبِحُ إِلاَّ وَنَفْسُهُ ظَنُونٌ عِنْدَهُ فَلا يَزالُ زارِياً عَلَيْها وَمُسْتَزِيداً.

(الظنون) المظنون ومحل التهمة أو الضعيف وقليل الحياء، والمراد انّ المؤمن يجب أن يسيء الظنّ بنفسه دائماً، ويستنقصها ويعاتبها ويعيبها ويطلب الزيادة والفضيلة في مرتبتها، أو انّ المؤمن الكامل هكذا دائماً.

3490 ـ اِنَّ النَّفْسَ لَجَوْهَرَةٌ ثَمِينَةٌ مَنْ صَانَها رَفَعَها وَمَنِ ابْتَذَلَها وَضَعَها.

المراد من صونها هو تربيتها وإنشغالها في كسب الفضائل والكمالات وصدها عن اكتساب الصفات الذميمة والأفعال القبيحة.

3491 ـ اِنَّ الكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلالِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوالِ.

والغرض انّ الإنسان إذا كان في حيرة من أمره ولا يعرف الطريق الصحيح فعليه التوقف فيه وعدم السير في أيّ طريق، فهو أفضل من أن يسير في طريق بدون حجة وبرهان، ويعرّض نفسه للأهوال والفتن.

3492 ـ اِنَّ قَدْرَ السُّؤالِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النَّوالِ فَلا تَسْتَكْثِرُوا ما أَعْطَيْتُمُوهُ فَإِنَّهُ لَنْ يُوازِيَ قَدْرَ السُّؤالِ.

المراد انّ السؤال وطلب الشيء وإذهاب ماء الوجه أمر صعب للغاية، وخفته وذلّته أكبر من العطاء، أي انّ العطاء لا يوازي ذلّ السؤال ولا يجبره، إذن لا تستكثروا ما تعطونه للطالب لأنّه مهما كان قدره فانّه لا يعادل بالخفة والذل الّذي يتحمله بسبب ذلك الطلب.

3493 ـ اِنَّ اليَسِيرَ مِنَ اللهِ سُبْحانَهُ لأَكْرَمُ مِنَ الكَثِيْرِ مِنْ خَلْقِهِ.

المراد انّه ينبغي للإنسان أداء فعل يعطي الله سبحانه أجره، وليس أداء فعل يعطي الناس أجره، لأنّ ما يعطيه الله تعالى وإن كان يسيراً يكون أكرم ممّا يعطيه الناس وإن كان كثيراً، لأنّ ما يعطيه الله عز وجل يخلو من شائبة الشبهة والمؤاخذة وما شاكلها ويخلو من الخفة والذل عكس ما يعطيه الناس، كما انّ أجر الله تعالى باق ودائم عكس أجر الآخرين.

3494 ـ اِنَّ دَعْوَةَ المَظْلُومِ مُجَابَةٌ عِنْدَ اللهِ سُبْحانَهُ لاَِنَّهُ يَطْلُبُ حَقَّهُ وَاللهُ تَعَالى أَعْدَلُ أَنْ يَمْنَعَ ذَا حَقٍّ حَقَّهُ.

3495 ـ اِنَّ غَايَةَ تَنْقُصُها اللَّحْظَةُ وَتَهْدِمُها السَّاعَةُ لَحَرِيَّةٌ بِقَصِرِ(10) المُدَّةِ.

المراد هو زمان العمر، أو زمان بقاء الدنيا كلّه، وانّه ينقص بكلّ غمضة عين وكلّ ساعة، إذن مهما كان قدره فانّه يزول ويضمحلّ في فترة وجيزة، فلا ينبغي إذن الحرص على الدنيا وينبغي الاهتمام لاصلاح أحوال الآخرة الدائمة الخالدة.

3496 ـ اِنَّ قَادِمَاً يَقْدَمُ بِالْفَوْزِ أَوْ الشَّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌ لاَِفْضَلِ العُدَّةِ.

المراد هو الموت المتيقن قدومه، وسيقبل بالفلاح والسعادة أو الشقاء، فلابدّ من الاستعداد له كي يقبل بالسعادة لا الشقاء.

3497 ـ اِنَّ غَائِبَاً يَحْدُوهُ الجَدِيدانِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ لَحَرِيٌّ بِسُرعَةِ الأَوْبَةِ.

المراد هو الموت أو القيامة فانّ كلّ منهما وإن كان غائباً عن الإنسان ـ كالليل والنهار حيث انّهما يتجددان بعد اذهاب ما قبلهما ـ ولكن سرعان ما سيصلان إِلى الإنسان كغائب يرجع فيجب اذن التهيؤ له ولا ينبغي الانخداع بسبب غيبته، وقد لا يكون (يحدوه) بمعنى يميتانه بل بمعنى الحدي وهو ما تقرؤه العرب للإبل كي تعدو سريعاً، وقد شبّه مجيء الليل والنهار بسرعة بسوق الإنسان الإبل وقراءته الحدي له كي يسرع في جريه.

3498 ـ اِنَّ الَمَغْبُونَ مَنْ غَبِنَ عُمْرَهُ وَإنَّ المَغْبُوطَ مَنْ أَنْفَذَ عُمْرَهُ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ.

(المغبون) كما تكرر ذكره هو الّذي يشتري شيئاً بثمن يزيد على قيمته زيادة فاحشة، أو يبيعه بسعر دون قيمته بنحو فاحش، و (المغبوط) يطلق على من يحسده الناس على حاله ويرجون حاله لأنفسهم دون التمني بزواله عنه، والمراد انّ الغبن الأكبر هو أن يكون الإنسان مغبوناً في عمره، أي أن يبيع عمره بثمن دون قيمته، وسائر أنواع الغبن تكون يسيرة. والمغبوط الّذي يستحق أن يتمنى الناس مثل حاله هو من صرف عمره في طاعة ربّه، ولا توجد نعمة يُحسد عليها كهذه النعمة، وقد لا يكون (أنفذ) بالذال المنقوطة بل بالدال غير المنقوطة، أي (أنفد) كما ورد في بعض النسخ فيكون المعنى انّ المغبوط هو من يفني وينجلي عمره في طاعة ربّه.

3499 ـ اِنَّ غَدَاً مِنَ اليَوْمِ قَرِيبٌ يَذْهَبُ اليَوْمُ بِما فِيهِ وَيَأْتِي الغَدُ لاحِقاً بِهِ.

المراد من (غداً) يوم الموت أو يوم القيامة، والمراد: انّ غداً وإن كان بعيداً فانّه قريب في الحقيقة، وفي مدة وجيزة يرحل اليوم مع ما فيه ويحل غد بعده دون فاصل، فلابدّ من التهيؤ والاستعداد له.

3500 ـ اِنَّ ما تُقَدِّمُ مِنْ خَيْر يَكُنْ لَكَ ذُخْرُهُ وَما تُؤَخِّرُهُ يَكُنْ لِغَيْرِكَ خَيْرُهُ.

المراد من (ذخره) ثوابه الّذي يدخّر له، وقد لا يكون (ذخر) بمعنى الشيء الّذي يدخر بل بمعنى الادخار، ويكون المعنى: سيكون لك ذخره، يعني بامكانك أن تجعله ذخيرة لك، و (ما تؤخره يكن لغيرك خيره) يعني إذا كان فيه خير بأن يصرف في مورد خير سيكون خيره لغيرك الّذي صرفه، وقد يكون المراد من (خير) مطلق التمتع والانتفاع به وإن كان خيراً أخروياً.

 

الهوامش:

(1) في نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار اضافة (المؤمنين) بعد (المسلمين).

(2) العبارة من (وقد يكون..الخ) موجودة في نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار فقط.

(3) في نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار كتب (بالطمع) بدلا عن (للطمع).

(4) عبارة (وفي بعض..الخ) موجودة في نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار ولا أثر لها في النسخة الأصلية.

(5) عبارة (وقد ورد..الخ) في نسخة مكتبة مسجد سبهسالار فقط.

(6) التوبة: 111.

(7) قال الشارح(رحمه الله) في الهامش: (يعني قلعتي المحصنة) وفي نسخة مكتبة مدرسة سبهسالار مع اضافة: منه سلّمه الله تعالى.

(8) الشورى: 30.

(9) الكافي 2: 445 ح 6.

(10) هكذا بخط الشارح(رحمه الله) وكأن (قصر) بكسر القاف وفتح الصاد أفضل.