العتبة العلوية المقدسة - التمهيد لاعلان ولاية امير المؤمنين الغدير قبل يوم خم -
» » سيرة الإمام » اعلان الولاية يوم الغدير » التمهيد لاعلان ولاية امير المؤمنين الغدير قبل يوم خم

 التمهيد لاعلان ولاية امير المؤمنين الغدير قبل يوم خم

 

 

كان النبي صلى الله عليه واله ومنذ يوم الدار حيث جمع بني هاشم ودعاهم الى التوحيد معلنا لهم انه الرسول المبعوث من قبل الله تعالى ينوه بفضائل امير المؤمنين عليه السلام وكان صلى الله عليه واله يغتنم كل مناسبة ليشير الى مقام امير المؤمنين عليه السلام ففي المؤاخاة ( انت اخي في الدنيا والاخرة ) وفي  بدر (لا فتى الا علي ولا سيف الا ذوالفقار ) وفي احد ( انه اخي وانا اخوه) وفي الخندق( برز الايمان كل الى الكفر كله )وفي خيبر (كرار غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله )وفي تبوك( انت مني بمنزلة هارون من موسى )وفي تبليغ براءة( لا يؤدي عني الا علي) وغيرها من الاشارات والاحاديث يريد صلى الله عليه واله بكل ذلك ان يمهد اسماع المسلمين جميعا ليوم الغدير بتنصيب امير المؤمنين عليه السلام وليا مطلقا على كل مسلم الى يوم القيامة

بل انه  صلى الله عليه واله ربما اشار الى لفظ الولاية قبل يوالغدير كما تشير اليه بعض الروايات

*- في كتاب المناقب بإسناده إلى أنس قال: لما كان يوم المباهلة وآخى النبي صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والانصار وعلي واقف يراه ويعرف مكانه، لم يواخ بينه وبين أحد، فانصرف عليه السلام باكي العين، فافتقده النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما فعل أبوالحسن؟ قالوا: انصرف باكي العين يا رسول الله، قال: يا بلال اذهب فأتني به، فمضى بلال إلى علي عليه السلام وقد دخل إلى منزله باكي العين، فقالت فاطمة: ما يبكيك لا أبكى الله عينيك؟ قال: يا فاطمة آخى النبي صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والانصار وأنا واقف يراني ويعرف مكاني ولم يواخ بيني وبين أحد، قالت: لا يحزنك إنه لعله إنما ادخرك لنفسه، قال بلال: يا علي أجب النبي، فأتى علي النبي صلى الله عليه وآله، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا أبا الحسن؟ قال: آخيت بين المهاجرين والانصار يا رسول الله وأنا واقف تراني وتعرف مكاني ولم تواخ بيني وبين أحد، قال: إنما ادخرتك لنفسي، ألا يسرك أن تكون أخا نبيك؟ قال: بلى يا رسول الله أنى لي بذلك؟ فأخذ بيده وأرقاه المنبر وقال: اللهم هذا مني وأنا منه، ألا إنه مني بمنزلة هارون من موسى، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه([1]).

*- وعن  أحمد بن حنبل في مسنده والفقيه ابن المغازلي في كتابه بإسنادهما إلى عبدالله بن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن، فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله تنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وآله يتغير، فقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله: فمن كنت مولاه فعلي مولاه([2]).

*- أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده إلى زيد بن أرقم قال: قال ميمون ابن عبدالله قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله بواد يقال له وادي خم، فأمر بالصلاة فصلاها، قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وآله بثوب على شجرة من الشمس فقال النبي صلى الله عليه وآله: ألستم تعلمون أولستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه([3]).

*- أبي ليلى الكندي من مسند أحمد بن حنبل أنه سأله زيد بن أرقم عن قول النبي صلى الله عليه وآله: لعلي عليه السلام من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه فقال زيد: نعم قالها رسول الله صلى الله عليه وآله أربع مرات([4]) .

*- عن وكيع، عن الاعمش، عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه([5]) .

*- عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعمر: إن تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من صحابة رسول الله، قال: لانه مولاي، انتهى([6]).

*- وعن بريدة قال النبي صلى الله عليه وآله: يا بريدة إن عليا وليكم بعدي فأحب عليا فإنما يفعل ما يؤمر([7]) .

*- من مناقب الخوارزمي وقد أورده أحمد في مسنده عن ابن عباس عن بريدة الاسلمي قال: قد غزوت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وآله تغير، فقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه .

*-و من مسند أحمد بن حنبل عن بريدة قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله في سرية قال: فلما قدمنا قال: كيف رأيتم صحابة صاحبكم؟ قال: فإما شكوته أو شكاه غيري، قال: فرفعت رأسي وكنت رجلا مكبابا، قال: فإذا النبي قد احمر وجهه وهو يقول: من كنت وليه فعلي وليه([8]) .

*- عن بريدة من المسند المذكور قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن وليد، فقال: إذا التقيتم فعلي على الناس وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده، قال: فلقينا بني زبيد من أهل اليمن فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره بذلك، فلما أتيت النبي صلى الله عليه وآله دفعت الكتاب فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول الله هذا مكان العائذ بك، بعثتني مع رجل وأمرتني أن اطيعه ففعلت ما ارسلت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي([9]).

*-ومن صحيح الترمذي عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمشى في السرية وأصاب جارية، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفر بدؤوا برسول الله صلى الله عليه وآله فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وقام أحد الاربعة فقال: يا رسول الله ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فقام الثاني فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي([10]).

*- ومن صحيحه: من كنت مولاه فعلي مولاه([11]) .

*- عن بريدة قال: بعث رسول الله علي بن ابي طالب عليه السلام إلى اليمن وخالد على الخيل، وقال: إذا اجتمعتما فعلي على الناس، قال: فلما قدمنا إلى النبي صلى الله عليه وآله فتح على المسلمين وأصابوا من الغنائم غنائم كثيرة، وأخذ علي بن أبي طالب عليه السلام جارية من الخمس، قال: فقال خالد: يا بريدة اغتنمها إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره فإنه يسقط من عينيه ! فقال بريدة فقدمت المدينة ودخلت المسجد فأتيت منزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورسول الله في بيته وسفراء علي بن أبي طالب عليه السلام جلوس على بابه، فأتيت الناس فقالوا: يا بريدة ما الخبر؟ قلت: فتح الله عليه المسلمين فأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثلها، قالوا: فما أقدمك؟ قلت: بعثني خالد اخبر النبي صلى الله عليه وآله بجارية أخذها علي بن أبي طالب عليه السلام من الخمس، قال: فأخبره فإنه يسقط من عينيه ! قال: ورسول الله يسمع الكلام، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وآله مغضبا كأنما يفقامن وجهه حب الرمان، فقال: ما بال أقوام ينتقصون عليا؟ من تنقص عليا فقد تنقصني، ومن فارق عليا فقد فارقني، إن عليا مني وأنا منه، خلقه الله من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، وفضل إبراهيم لي فضل  ذرية بعضها من بعض  ويحك يا بريدة أما علمت أن لعلي بن أبي طالب في الخمس أفضل من الجارية التي أخذها وأنه وليكم من بعدي؟ قال: فلما رأيت شدة غضب رسول الله صلى الله عليه وآله قلت: يا رسول الله أسألك بحق الصحبة إلا بسطت لي يدك حتى ابايعك على الاسلام جديدا، قال: فما فارقت حتى بايعته على الاسلام جديدا([12]).

 

ولما شعر النبي صلى الله عليه واله  بدنو الاجل سار الى مكة حاجا  وكانت حجته هذه تسمى حجة الوداع

فقدأجمع رسول الله صلى الله عليه وآله الخروج إلى الحج في سنة عشر من مهاجره وأذن في الناس بذلك فقدم المدينة خلق كثير يأتمون به في حجته تلك  التي يقال لها حجة الوداع وقد خرج معه في ذلك العام مائة ألف وعشرون ألفا

ولما انتهى ( صلى الله عليه واله  ) من مراسيم الحج ، وقف عند بئر ( زمزم ) وأمر ربيعة بن أمية بن خلف فوقف تحت صدر راحلته ، وكان صبيا فقال : يا ربيعة قل :  يا أيها الناس ان رسول الله يقول لكم : لعلكم لا تلقونني على مثل حالي هذه ، وعليكم هذا ، هل تدرون أي بلد هذا ؟ وهل تدرون أي شهر هذا ؟ وهل تدرون أي يوم هذا ؟  . فقال الناس : نعم هذا البلد الحرام ، والشهر الحرام ، واليوم الحرام وبعدما أقروا بذلك قال (صلى الله عليه واله  ) :  ان الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة بلدكم هذا ، وكحرمة  هركم هذا ، وكحرمة يومكم هذا ألا هل بلغت ؟  . قالوا : نعم . قال ( ص ) : اللهم اشهد ، واتقوا الله  ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين  فمن كانت عنده أمانة فليؤدها . ثم قال ( ص ) : الناس في الاسلام سواء الناس طف الصاع لآدم وحواء لا فضل لعربي على عجمي ، ولا عجمي على عربي إلا بتقوى الله ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال (صلى الله عليه واله  ) : اللهم اشهد ، ثم قال : لا تأتوني بأنسابكم ، وأتوني بأعمالكم ، فأقول للناس هكذا ولكم هكذا ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد : ثم قال (صلى الله عليه واله  ) : كل دم كان في الجاهلية موضوع تحت قدمي ، وأول دم أضعه دم آدم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال (صلى الله عليه واله  ) : اللهم اشهد ، وكل ربا كان في الجاهلية موضوع تحت قدمي ، وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال (صلى الله عليه واله  ) : اللهم اشهد ، أيها الناس انما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ، ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله ثم قال :  أوصيكم بالنساء خيرا فإنما هن عوار عندكم لا يملكن لأنفسهن شيئا  وانما أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكتاب الله ، ولكم عليهن حق ولهن عليكم حق كسوتهن ، ورزقهن بالمعروف ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم أحدا ، ولا يأذن في بيوتكم الا بعلمكم وإذنكم ، فان فعلن شيئا من ذلك فاهجروهن في المضاجع ، واضربوهن ضربا غير مبرح ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال (صلى الله عليه واله  ) : اللهم اشهد ، فأوصيكم بمن ملكت أيمانكم فأطعموهم مما تأكلون ، وألبسوهم مما تلبسون ، وان أذنبوا فكالوا عقوباتهم إلى شراركم ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال (صلى الله عليه واله  ) : اللهم اشهد ، ثم قال : ان المسلم أخو المسلم لا يغشه ولا يخونه ، ولا يغتابه ، ولا يحل له دمه ، ولا شئ من ماله الا بطيب نفسه ، الا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد . ويستمر (صلى الله عليه واله  ) في خطابه الحافل بما تضمنته الرسالة الاسلامية من البنود المشرقة في عالم التشريع ، ثم ختمه بقوله :  لا ترجعوا بعدي كفارا مضللين يملك بعضكم رقاب بعض ، اني خلفت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال (صلى الله عليه واله  ) : اللهم اشهد ، ثم التفت إليهم فطالبهم بالالتزام بما أعلنه وأذاعه فيهم قائلا : انكم مسؤولون فليبلغ الشاهد منكم الغائب ([13])

 



([1]) الطرائف/ 35.

([2]) الطرائف/ 35.

([3]) الطرائف/ 35.

([4]) الطرائف/ 35.

([5]) العمدة/ 47.

([6]) بحار الانوار 33/ 198.

([7]) بحار الانوار 33/ 201.

([8]) كشف الغمة/ 84.

([9]) كشف الغمة/ 85.

([10]) بحار الانوار 33/ 221.

([11]) كشف الغمة/ 85.

([12]) تفسير فرات/ 23.

([13])تاريخ اليعقوبي 2 / 90 - 92.