العتبة العلوية المقدسة - من مواعظه صلى الله عليه واله -
» » سيرة الإمام » المناسبات » من سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله » من مواعظه صلى الله عليه واله

 من مواعظه صلى الله عليه واله

 

موعظته صلى الله عليه واله لقيس بن عاصم وقومه

*- عن قيس بن عاصم المنقري يقول : قدمت  على رسول الله صلى الله عليه وآله في وفد من جماعة من بني تميم فقال لي : اغتسل بماء وسدر ،  ففعلت ثم عدت إليه وقلت : يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها ، فقال : يا قيس إن  مع العز ذلا ، وإن مع الحياة موتا ، وإن مع الدنيا آخرة ، وإن لكل شئ  حسيبا ، وعلى كل شئ رقيبا ، وإن لكل حسنة ثوابا ، ولكل سيئة عقابا ، وإن  لكل أجل كتابا ، وإنه يا قيس لابد لك من قرين يدفن معك وهو حي ، وتدفن  معه وأنت ميت ، فان كان كريما أكرمك وإن كان لئيما أسلمك ، لا يحشر إلا معك  ولا تحشر إلا معه ولا تسأل إلا عنه ، ولا تبعث إلا معه ، فلا تجعله إلا صالحا ، فانه  إن كان صالحا لم تأنس إلا به ، وإن كان فاحشا لا تستوحش إلا منه وهو عملك .  فقال قيس : يا رسول الله لو نظم هذا شعر لا فتخرت به على من يلينا من العرب ،  فقال رجل من أصحابه يقال له الصلصال : قد حضر فيه شئ يا رسول الله أفتأذن لي  با نشاده ؟ فقال : نعم فأنشأ يقول : 

تخير قرينا من فعالك إنما 


 

قرين الفتى في القبر ما كان يفعل 

 

فلا بد للانسان من أن يعده 

 

ليوم ينادى المرء فيه فيقبل 



فان كنت مشغولا بشئ فلاتكن 

 

بغير الذي يرضى به الله تشغل 

 

فما يصحب الانسان من بعد موته 

 

ومن قبله إلا الذي كان يعمل 
ومن قبله إلا الذي كان يعمل 

 

ألا إنما الانسان ضيف لاهله 

 

يقيم قليلا عند هم ثم يرحل 

 

كلامه صلى الله عليه واله في الرزق

*- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أيها الناس إن  الرزق مقسوم لن يعدو امرء ما قسم له ، فأجملوا في الطلب وإن العمر محدود لن  يتجاوز أحد ما قدر له فبادروا قبل نفاد الاجل ، والاعمال المحصية

*- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال الله تعالى : يا  ابن آدم تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن ، وينقص كل يوم من عمرك وأنت  تفرح ، أنت فيما يكفيك وتطلب ما يطغيك لا بقليل تقنع ولا من كثير تشبع . 

*- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن من ضعف اليقين  أن ترضى الناس بسخط الله تعالى ، وأن تحمدهم على رزق الله تعالى ، وأن تذمهم  على ما لم يؤتك الله ، إن رزق الله لا يجره حرص حريص ، ولا يرده كراهة كاره  إن الله تبارك اسمه بحكمته جعل الروح والفرح في الرضا واليقين ، وجعل الهم والحزن  في الشك والسخط . إنك إن تدع شيئا لله إلا أتاك الله خيرا منه ، وإن تأتي شيئا تقربا  إلى الله تعالى إلا أجزل الله لك الثواب عنه فاجعلوا همتكم الاخرة لا ينفد فيها ثواب  المرضي عنه ، ولا ينقطع فيها عقاب المسخوط عليه . 

كلامه صلى الله عليه واله فيما للشيعة في الاخرة

* - قال صلى الله عليه وآله : إن في شيعتنا لمن يهب الله تعالى له في الجنان  من الدرجات والمنازل والخيرات ما لا تكون الدنيا وخيراتها في جنبها إلا كالرملة  في البادية الفضفاضة فما هو إلا أن يرى أخا له مؤمنا فقيرا فيتواضع له ويكرمه ويعينه  ويمونه ويصونه عن بذل وجهه له حتى يرى الملائكة الموكلين بتلك المنازل والقصور  وقد تضاعفت حتى صارت في الزيادة كما كان هذا الزايد في هذا البيت الصغير الذي  أريتموه فيما صار إليه من كبره وعظمه وسعته ، فيقول الملائكة : يا ربنا لا طاقة لنا  بالخدمة في هذه المنازل فأمددنا بملائكة يعاونوننا فيقول الله ، ما كنت لاحملكم  ما لا تطيقون ، فكم تريدون عددا ؟ فيقولون : ألف ضعفناء وفيهم من المؤمنين من تقول  الملائكة - تستزيد مددا - ألف ألف ضعفنا وأكثر من ذلك على قدر قوة إيمان  صاحبهم ، وزيادة إحسانه إلى أخيه المؤمن فيمدهم الله تعالى بتلك الاملاك وكلما  لقي هذا المؤمن أخاه فبره زاده الله في ممالكه وفي خدمه في الجنة كذلك . 

كلامه صلى الله عليه واله  في ثواب المصلى

*- قال صلى الله عليه وآله : من صلى الخمس كفر الله عنه من الذنوب ما بين كل  صلاتين ، وكان كمن على بابه نهر جار يغتسل فيه خمس مرات لا يبقى عليه من  الذنوب شيئا إلا الموبقات التي هي جحد النبوة أو الامامة أو ظلم إخوانه المؤمنين  أو ترك التقية حتى يضر بنفسه وإخوانه المؤمنين ، ومن أدى الزكاة من ماله  طهر من ذنوبه ، ومن أدى الزكاة من بدنه في دفع ظلم قاهر عن أخيه أو معونته  على مركوب له قد سقط عليه متاع لا يأمن تلفه أو الضرر الشديد عليه به ، قيض الله  له في عرصات القيامة ملائكة يدفعون عنه نفخات النيران ، ويحيونه بتحيات أهل  الجنان ، ويزفونه إلى محل الرحمة والرضوان .  ومن أدى زكاة جاهه بحاجة يلتمسها لاخيه فقضيت ، أو كلب سفيه يظهر  يعيب فألقم ذلك الكلب بجاهه حجرا بعث الله عليه في عرصات القيامة ملائكة عددا  كثيرا وجما غفيرا لا يعلم عددهم إلا الله يحسن فيه بحضرة الملك الجبار الكريم  الغفار محاضرهم ، ويجمل فيه قولهم ، ويكثر عليه ثناؤهم ، وأوجب الله عزوجل له  بكل قول من ذلك ما هو أكثر من ملك الدنيا بحذافيرها مائة ألف مرة ، ومن  تواضع مع المتواضعين فاعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وولاية علي والطيبين من آلهم ثم  تواضع لاخوانه وبسطهم وآنسهم ، كلما ازداد بهم برا ازداد بهم استيناسا وتواضعا  باهى الله عزوجل به كرام ملائكته من حملة عرشه ، والطائفين به ، فقال لهم : أما  ترون عبدي هذا المتواضع لجلال عظمتي ؟ ساوى نفسه بأخيه المؤمن الفقير ، و  بسطه ؟ فهو لا يزداد به برا إلا ازداد تواضعا ؟ أشهدكم أني قد أوجبت له جناني ، و  من رحمتي ورضواني ما يقصر عنه أماني المتمني ، ولارزقنه من محمد سيد الورى  ومن علي المرتضى ومن خيار عترته مصابيح الدجى الايناس والبركة في جناني  وذلك أحب إليه من نعيم الجنان ، ولو يضاعف ألف ألف ضعفها ، جزاء على تواضعه  لاخيه المؤمن . 

كلامه صلى الله عليه واله في الصلوات والنوافل

*- قال صلى الله عليه وآله : عباد الله ! أطيعوا الله في أداء الصلوات المكتوبات ، و  الزكوات المفروضات ، وتقربوا بعد ذلك إلى الله بنوافل الطاعات ، فان الله عز  وجل يعظم به المثوبات ، والذي بعثني بالحق نبيا إن عبدا من عباد الله ليقف  يوم القيامة موقفا يخرج عليه من لهب النار أعظم من جميع جبال الدنيا ، حتى ما يكون  بينه وبينها حائل ، بينا هو كذلك قد تحير ، إذ تطاير من الهواء رغيف أو حبة فضة  قد واسى بها أخا مؤمنا على إضافته ، فتنزل حواليه ، فتصير كاعظم الجبال مستديرا  حواليه ، وتصد عنه ذلك اللهب ، فلا يصيبه من حرها ولا دخانها شئ ، إلى أن  يدخل الجنة .  قيل : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى هذا ينفع مواساته لاخيه المؤن ؟ فقال رسول  الله صلى الله عليه وآله [ إي ] والذي بعثني بالحق نبيا إنه لينتفع بعض المؤمنين بأعظم من هذا  وربما جاء يوم القيامة [ من ] تمثل له سيئاته وحسناته وإساءته إلى إخوانه المؤمنين  وهي التي تعظم وتتضاعف فتمتلئ بها صحائفه ، وتفرق حسناته على خصمائه المؤمنين  المظلمومين بيده ولسانه ، فيتحير ويحتاج إلى حسنات توازي سيئاته ، فيأتيه أخ له  مؤمن قد كان أحسن إليه في الدنيا فيقول له : قد وهبت لك جميع حسناتي بازاء ما كان  منك إلي في الدنيا ، فيغفر الله له بها ، ويقول لهذا المؤمن : فأنت بما ذا تدخل جنتي ؟  فيقول : برحتمك يارب ! فيقول الله : جدت عليه بجميع حسناتك ، ونحن أولى بالجود  منك والكرم ، وقد تقبلتها عن أخيك وقد رددتها عليك ، وأضعفتها لك ، فهو من  أفضل أهل الجنان

كلامه صلى الله عليه واله في اولياء الله

*- عن أنس بن مالك قال : قالوا : يا رسول الله من أولياء الله  الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؟ فقال : الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين  نظر الناس إلى ظاهرها ، فاهتموا بآجلها حين اهتم الناس بعاجلها ، فأماتوا منها  ما خشوا أن يميتهم ، وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم ، فما عرض لهم منها عارض  إلا رفضوه ، ولا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه ، خلقت الدنيا عند هم فما  يجد دونها ، وخربت بينها فما يعمرونها ، وماتت في صدورهم فما يحبونها ، بل  يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ، ويبيعونها فيشترون بها ما يبقى لهم ، نظروا إلى أهلها  صرعى قد حلت بهم المثلات ، فما يرون أمانا دون ما يرجون ، ولا خوفا دون  ما يحذرون . 

كلامه صلى الله عليه واله بعد منصرفه من احد

*- عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله  يقول عند منصرفه من احد والناس يحدقون به وقد أسند ظهره إلى طلحة : أيها  الناس أقبلوا على ما كلفتموه من إصلاح آخرتكم ، وأعرضوا عما ضمن لكم من  دنيا كم ، ولا تستعملوا جوارحا غذيت بنعمته في التعرض لسخطه بنقمته ، واجعلوا  شغلكم في التماس مغفرته ، واصرفوا همتكم بالتقرب إلى طاعته ، إنه من بد أبنصيبه  من الدنيا فإنه نصيبه من الاخرة ولم يدرك منها ما يريد ، ومن بدأ بنصيبه من الاخرة  وصل إليه من الدنيا . 

كلامه صلى الله عليه واله في قسوة القلوب

*- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إياكم  وفضول المطعم فإنه يسم القلب بالقسوة ، ويبطئ بالجوارح عن الطاعة ، ويصم  الهمم عن سماع الموعظة ، وإياكم وفضول النظر فإنه يبدر الهوى ويولد الغفلة  وإياكم واستعشار الطمع فإنه يشوب القلب شدة الحرص ، ويختم على القلوب  بطابع حب الدنيا ، وهو مفتاح كل سيئة ، ورأس كل خطيئة ، وسبب إحباط  كل حسنة . 

كلامه صلى الله عليه واله  في الطاعة

*- عن أبي أيوب الانصاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله  يقول : حلوا أنفسكم الطاعة ، وألبسوها قناع المخالفة فاجعوا آخرتكم لانفسكم  وسعيكم لمستقركم ، واعلموا أنكم عن قليل راحلون ، وإلى الله صائرون ، ولا   يغني عنكم هنالك إلا صالح عمل قد متموه ، وحسن ثواب أحرزتموه ، فإنكم إنما  تقدمون على ما قدمتم ، وتجازون على ما أسلفتم فلا تخد عنكم زخارف دنيا دنية  عن مراتب جنات علية ، فكان قد انكشف القناع وارتفع الارتياب ، ولا في كل  امرء مستقره ، وعرف مثواه ومنقلبه . 

  كلامه صلى الله عليه واله في الامل

*- عن عبدالله بن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :  أيها الناس بسط الامل متقدم حلول الاجل ، والمعاد مضمار العمل ، فمغتبط بما  احتقب غانم ، ومتيسر بما فاته نادم أيها الناس إن الطمع فقر ، واليأس غنى ،  والقناعة راحة ، والعزلة عبادة ، والعمل كنز ، والدنيا معدن ، والله ما يساوي ما من دنيا كم هذه بأهداب بردي هذا ، ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء  وكل إلى بقاء وشيك وزوال قريب ، فبادروا العمل وأنتم في مهل الانفاس ، وجدة  الاحلاس قبل أن تأخذوا بالكظم فلا ينفع الندم . 

كلامه صلى الله عليه واله في النار

*- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليس شئ  تباعدكم من النار إلا وقد ذكرته لكم ، ولا شئ يقربكم من الجنة إلا وقد دللتكم  عليه ، إن روح القدس نفث في روعي أنه لن يموت عبد منكم حتى يستكمل رزقه  فأجملوا في الطلب فلا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئا من فضل الله بمعصيته  فانه لن ينال ما عند الله إلا بطاعته ، ألا وإن لكل أمرء رزقا هو يأتيه لا محالة ، فمن  رضي به بورك له فيه ووسعه ، ومن لم يرض به لم يبارك له فيه ، ولم يسعه ، إن  الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه أجله .