كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام في التقوى
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الأمثال ، ووَّقتَ الآجال ، وجعل لكم أسماعاً تعي ما عناها ، وأفئدة تفهم ما دهاها ، لم يخلقكم عبثاً ولم يضرب عنكم صفحاً ، بل أكرمكم بالنعم السوابغ ، و الآلاء الروافع ([1]) ، فاتقوا الله عباد الله ، وحثوا في الطلب ، وبادروا بالعمل قبل هادم اللذات ([2]) ومفرّق الجماعات، فان الدنيا لا يدوم نعيمها ، ولا تؤمن من فجائعها ، غرور حائل ، وسِنَاد مائل ، ونعيم زائل ، فاتعظوا بالعبر ، و ازدجروا بالنُذُر ، فكأن قد عَلِقتكم مخالبُ المنية ودهمتكم مفظعات الأمور ، بنفخ الصور ، وبَعثَرة القبور وبَرَز الخلائقُ للمُبديء المعيد ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد و أشرقت الأرض بنور ربها ووُضِع الكتاب ونادى المنادي من مكان قريب ، وحُشِرَت الوحوش ، وزُوِّجت النفوس ، وبرزت الجحيم ، قد تأجُج جحيمُها وغلا حَمِيمها ، فاتقوا الله تقية من وَجِلَ وحذِر ، و أبصر و ازدجر، فاحتّث طَلَباً ونجا هرباً ، وقدَّم للمعاد ، و استظهر من الزاد ، وكفى بالله منتقماً ، وبالكتاب خصيماً و بالجنة ثواباً ونعيماً ، وبالنار عقاباً و استغفر الله لي ولكم.
([2]) بالمهملة و المعجمة القاطع : كناية عن الموت .