اجوبته صلى الله عليه واله لمسائل اليهودي المتعددة
* عن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يامحمد أنت الذي تزعم أنك رسول الله وأنك الذي يوحى إليك كما اوحي إلى موسى بن عمران ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وآله ساعة ثم قال : نعم أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وأنا خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين ، قالوا : إلى من ؟ إلى العرب أم إلى العجم أم إلينا ؟
فأنزل الله تعالى هذه الآية قل يا محمد ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا قال اليهودي الذي كان أعلمهم : يا محمد إني أسألك عن عشر كلمات أعطى الله موسى بن عمران في البقعة المباركة حيث ناجاه لا يعلمها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب ،
قال النبي صلى الله عليه وآله : سلني قال : أخبرني يا محمد عن الكلمات التي اختارهن الله لابراهيم عليه السلام حيث بنى البيت ،
قال النبي صلى الله عليه وآله : نعم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
قال اليهودي : فبأي شئ بني هذه الكعبة مربعة ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : بالكلمات الاربع ،
قال : لاي شئ سميت الكعبة ؟
قال النبي : لانها وسط الدنيا ،
قال اليهودي : أخبرني عن تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال النبي صلى الله عليه وآله : علم الله عزوجل أن بني آدم يكذبون على الله فقال : سبحان الله تبريا مما يقولون ، وأما قوله : الحمد لله فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه قبل أى يحمدوه ، وهو أول الكلام ، لولا ذلك لما أنعم الله على أحد بنعمته ، فقوله : لا إله إلا الله يعني وحدانيته ، لا يقبل الله الاعمال إلا بها وهي كلمة التقوى يثقل الله بها الموازين يوم القيامة ، وأما قوله : الله أكبر فهي كلمة أعلى الكلمات وأحبها إلى الله عزوجل ، يعني أنه ليس شئ أكبر مني ، لا تفتتح الصلاة إلا بها لكرامتها على الله وهو الاسم الاعز الاكرم ،
قال اليهودي : صدقت يا محمد فما جزاء قائلها ؟
قال : إذا قال العبد : سبحان الله سبح معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها ، وإذا قال : الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة ، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها ، وينقطع الكلام الذي يقولون في الدنيا ما خلا الحمد لله وذلك قوله عزوجل : دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعويهم أن الحمد لله رب العالمين وأما قوله : لا إله إلا الله فالجنة جزاؤه وذلك قوله عزوجل : هل جزاء الاحسان إلا الاحسان يقول : هل جزاء من قال : لا إله إلا الله إلا الجنة ؟ .
فقال اليهودي : صدقت يا محمد ، قد أخبرت واحدة فتأذن لي أن أسألك الثانية .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : سلني عما شئت ، وجبرئيل عن يمين النبي صلى الله عليه وآله ، وميكائيل عن يساره يلقنانه .
فقال اليهودي : لاي شئ سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا و داعيا ؟
فقال النبي صلى الله عليه وآله : أما محمد فإني محمود في الارض ، وأما أحمد فإني محمود في السماء ، وأما أبوالقاسم فإن الله عزوجل يقسم يوم القيامة قسمة النار ، فمن كفر بي من الاولين والآخرين ففي النار ، ويقسم قسمة الجنة ، فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي الجنة ، وأما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين ربي ، وأما النذير فإني انذر بالنار من عصاني ، وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني .
قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن الله لاي شئ وقت هذه الخمس الصلوات في خمس مواقيت على امتك في ساعات الليل والنهار ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : إن الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها ، فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شئ دون العرش لوجه ربي ، وهي الساعة التي يصلي علي فيها ربي ، ففرض الله عزوجل علي وعلى امتي فيها الصلاة ، وقال : أقم الصلوة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة ، فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله عزوجل جسده على النار ، وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله تعالى من الجنة فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة ، واختارها لامتي ، فهي من أحب الصلوات إلى الله عزوجل ، وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات ، وأما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم عليه السلام ، وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله تعالى فيها عليه ثلاث مائة سنة من أيام الدنيا ، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء ، فصلى آدم ثلاث ركعات : ركعة لخطيئته ، وركعة لخطيئة حواء ، وركعة لتوبته ، فافترض الله عزوجل هذه الثلاث الركعات على امتي ، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء ، فوعدني ربي أن يستجيب لمن دعاه فيها ، وهذه الصلوات التي أمرني بها ربي عزوجل فقال : سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وأما صلاة العشاء الآخرة فإن للقبر ظلمة ، وليوم القيامة ظلمة ، أمرني الله وامتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت لتنور لهم القبور وليعطوا النور على الصراط ، وما من قدم مشت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله تعالى جسدها على النار ، وهي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي ، وأما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان فأمرني الله عزوجل أن اصلي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد لها الكافر فتسجد امتي لله ، وسرعتها أحب إلى الله ، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار .
قال : صدقت يا محمد فأخبرني لاي شئ توضأ هذه الجوارح الاربع وهي أنظف المواضع في الجسد ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : لما أن وسوس الشيطان إلى آدم ودنا آدم من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ، ثم قام وهو أول قدم مشت إلى الخطيئة ، ثم تناول بيده ، ثم مسها ، فأكل منها فطار الحلي والحلل عن جسده ، ثم وضع يده على ام رأسه وبكى ، فلما تاب الله عزوجل عليه فرض الله عزوجل عليه وعلى ذريته الوضوء على هذه الجوارح الاربع ، وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة ، وأمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها ، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه ، وأمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ثم سن على امتي المضمضة لتنقى القلب من الحرام ، والاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار ونتنها .
قال اليهودي : صدقت يا محمد فما جزاء عاملها ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان ، وإذا تمضمض نور الله قلبه ولسانه بالحكمة ، فإذا استنشق أمنه الله من النار ورزقه رائحة الجنة ، فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه ، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه أغلال النار ، وإذا مسح رأسه مسح الله عنه سيئاته ، وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم تزل فيه الاقدام .
قال : صدقت يا محمد فأخبرني عن الخامسة : لاي شئ أمر الله بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر من البول والغايط ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن آدم لما أكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره ، فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة ، فأوجب الله الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة ، و البول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الانسان ، والغايط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله ، فعليهم منهما الوضوء .
قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فأخبرني ما جزاء من اغتسل من الحلال ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : إن المؤمن إذا جامع أهله بسط سبعون ألف ملك جناحه وتنزل الرحمة فإذا اغتسل بنى الله له بكل قطرة بيتا في الجنة ، وهو سر فيما بين الله وبين خلقه ، يعني الاغتسال من الجنابة .
قال اليهودي صدقت يا محمد ، فأخبرني عن السادس : عن خمسة أشياء مكتوبات في التوراة أمر الله بني إسرائيل أن يقتدوا بموسى فيها من بعده .
قال النبي صلى الله عليه وآله : فأنشدتك بالله إن أنا أخبرتك تقر لي ؟
قال اليهودي : نعم يا محمد .
قال : فقال : النبي صلى الله عليه وآله : أول ما في التوراة مكتوب : محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وهي بالعبرانية طاب ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية : يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد وفي السطر الثاني اسم وصيي علي بن أبي طالب ، والثالث والرابع سبطي : الحسن والحسين ، وفي السطر الخامس امهما فاطمة سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها وفي التوراة اسم وصيي إليا واسم السبطين شبر وشبير وهما نورا فاطمة عليهم السلام .
قال اليهودي : صدقت يا محمد فأخبرني عن فضلكم أهل البيت . قال النبي صلى الله عليه وآله لي فضل على النبيين ، فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة وأنا أخرت دعوتي لامتي لاشفع لهم يوم القيامة ، وأما فضل أهل بيتي وذريتي على غيرهم كفضل الماء على كل شئ ، وبه حياة كل شئ ، وحب أهل بيتي وذريتي استكمال الدين ، وتلا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا إلى آخر الآية .
قال اليهودي : صدقت يا محمد فأخبرني بالسابع : ما فضل الرجال على النساء ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : كفضل السماء على الارض ، وكفضل الماء على الارض ، فبالماء يحيى الارض ، وبالرجال تحيى النساء ، لولا الرجال ما خلق النساء لقول الله عزوجل : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض. قال اليهودي : لاي شئ كان هكذا ؟ قال النبي صلى الله عليه وآله : خلق الله عزوجل آدم من طين ، ومن فضلته وبقيته خلقت حواء وأول من أطاع النساء آدم ، فأنزله الله من الجنة ، وقد بين فضل الرجال على النساء في الدنيا ، ألا ترى إلى النساء كيف يحضن ولا يمكنهن العبادة من القذارة ، والرجال لا يصيبهم شئ من الطمث .
قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فأخبرني لاي شئ فرض الله عزوجل الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما ، وفرض على الامم أكثر من ذلك ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : إن آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ، وفرض ( ففرض خ ل ) الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش ، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عزوجل عليهم ، وكذلك كان على آدم ، ففرض الله على امتي ذلك ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله : هذه الآية : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياما معدودات
قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فما جزاء من صامها ؟
فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله له سبع خصال :
أولها : يذوب الحرام في جسده .
والثانية : يقرب من رحمة الله .
والثالثة : يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم .
والرابعة : يهون الله عليه سكرات الموت .
والخامسة : أمان من الجوع والعطش يوم القيامة .
والسادسة : يعطيه الله براءة من النار .
والسابعة : يطعمه الله من ثمرات الجنة .
قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن التاسعة : لاي شئ أمر الله بالوقوف بعرفات بعد العصر ؟
قال النبي صلى الله عليه وآله : إن العصر هي الساعة التي عصى فيها آدم ربه ، وفرض الله عزوجل على امتي الوقوف والتضرع والدعاء في أحب المواضع إليه ، وتكفل لهم بالجنة والساعة التي ينصرف فيها الناس هي الساعة التي تلقى فيها آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ،
ثم قال النبي صلى الله عليه وآله : والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن لله بابا في السماء الدنيا يقال له باب الرحمة ، وباب التوبة ، وباب الحاجات ، وباب التفضل ، وباب الاحسان ، وباب الجود ، وباب الكرم ، وباب العفو ، ولا يجتمع بعرفات أحد إلا استأهل من الله في ذلك الوقت هذه الخصال ، وإن لله عزوجل مائة ألف ملك مع كل ملك مائة وعشرون ألف ملك ولله رحمة على أهل عرفات ينزلها على أهل عرفات ، فإذا انصرفوا أشهد الله ملائكته بعتق أهل عرفات من النار ، وأوجب الله عزوجل لهم الجنة ، ونادى مناد : انصرفوا مغفورين ، فقد أرضيتموني ورضيت عنكم .
قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن العاشرة : عن سبع خصال أعطاك الله تعالى من بين النبيين ، وأعطى امتك من بين الامم .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : أعطاني الله عزوجل فاتحة الكتاب ، والاذان ، والجماعة في المسجد ، ويوم الجمعة والاجهار في ثلاث صلوات ، والرخص لامتي عند الامراض والسفر ، والصلاة على الجنائز ، والشفاعة لاصحاب الكبائر من امتي ،
قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فما جزاء من قرء فاتحة الكتاب .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كل آية انزلت من السماء فيجزى بها ثوابها .
وأما الاذان فإنه يحشر المؤذنون من امتي مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
وأما الجماعة فإن صفوف امتي في الارض كصفوف الملائكة في السماء والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة ، كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة .
وأما يوم الجمعة فيجمع الله فيه الاولين والآخرين للحساب ، فما من مؤمن مشى إلى الجماعة ( الجمعة خ ل ) إلا خفف الله عزوجل عليه أهوال يوم القيامة ثم يأمر به إلى الجنة .
وأما الاجهار فإنه يتباعد منه لهب النار بقدر ما يبلغ صوته ، ويجوز على الصراط ويعطى السرور حتى يدخل الجنة .
وأما السادس فإن الله عزوجل يخفف أهوال يوم القيامة لامتي كما ذكر الله عزوجل في القرآن ، وما من مؤمن يصلي على الجنائز إلا أوجب الله له الجنة إ أن يكون منافقا أو عاقا . وأما شفاعتي فهي لاصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك والظلم .
قال : صدقت يا محمد ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك عبده ورسوله خاتم النبيين ، وإمام المتقين ، ورسول رب العالمين ، فلما أسلم وحسن إسلامه أخرج رقا أبيض فيه جميع ما قال النبي صلى الله عليه وآله ،
وقال : يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الالواح التي كتبها الله عزوجل لموسى بن عمران ، ولقد قرأت في التوراة فضلك حتى شككت فيها ، يا محمد ولقد كنت أمحو اسمك منذ أربعين سنة من التوراة كلما محوته وجدته مثبتا فيها ، ولقد قرأت في التوراة أن هذه المسائل لا يخرجها غيرك ، وأن في الساعة التي ترد عليك فيها هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك ووصيك بين يديك .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : صدقت ، هذا جبرئيل عن يميني ، وميكائيل عن يساري ووصيي علي بن أبي طالب عليه السلام بين يدي ، فآمن اليهودي وحسن إسلامه . ([1])