خطبة له عليه السّلام يصف احوال النّاس قبل البعثة النّبويّة
اَيُّهَا النَّاسُ اِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ بِالْهُدى ، وَ اَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتابَ بِالْحَقِّ ، وَ اَنْتُمْ اُمِّيُّونَ عَنِ الْكِتابِ وَ مَنْ اَنْزَلَهُ ، وَ عَنِ الرَّسوُلِ وَ مَنْ اَرْسَلَهُ ، اَرْسَلَهُ عَلى حينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَ طوُلِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ ، وَ انْبِساطٍ مِنَ الْجَهْلِ وَ اعْتِراضٍ مِنَ الْفِتْنَةِ ، وَ انْتِقاضٍ مِنَ الْبَرَمِ ، وَ عَمىً عَنِ الْحَقِّ ، وَ اعْتِسافٍ مِنَ الْجوُرِ ، وَ امْتِحاقٍ مِنَ الدّينِ ، وَ تَلَظّى مِنَ الْحُروُب ، وَ عَلى حينِ اصْفِرارٍ مِنْ رِياضِ جَنَّاتِ الدُّنْيا ، وَ بُؤسٍ مِنْ اَغْصانِها وَ انْتِشارٍ مِنْ وَرَقِها ، وَ يَأْسٍ مِنْ ثَمَرِها ، وَ اغْوِرارٍ مِنْ مآئِها ، وَ قَدْ دَرَسَتْ اَعْلامُ الْهُدى ، وَ ظَهَرَتْ اَعْلامُ الرَّدى ، وَ الدُّنْيا مُتَهَجِّمَةٌ فى وُجوُهِ اَهْلِها ، مُكْفَهَرَّةٌ مُدْبِرَةٌ غَيْرُ مُقْبِلَةٍ ، ثَمَرَتُهَا الْفِتْنَةُ ، وَ طَعامُهَا الْجيفَةُ ، وَ شِعارُهَا الْخَوْفُ ، وَ دِثارُهَا السَّيْفُ ، قَدْ مَزَّقَهُمْ كُلُّ مُمَزِّقٍ ، فَقَدْ اَعْمَتْ عُيوُنُ اَهْلِها ، وَ اُظْلِمَتْ عَلَيْهِمْ اَيَّامُها ، قَدْ قَطَعُوا اَرْحامَهُمْ ، وَ سَفَكوُا دِمآئَهُمْ ، وَ دَفَنوُا فىِ التُّرابِ الْمَؤْؤُدَةَ بَيْنَهُمْ مِنْ اَوْلادِهِمْ ، يُخْتارُ دوُنَهُمْ طَيْبُ الْعَيْشِ ، وَ رِفاهِيَّتُهُ حُظوُظُ الدُّنْيا ، لا يَرْجوُنَ مِنَ اللَّهِ ثَواباً ، وَ لا يَخافوُنَ وَ اللَّهِ مِنْهُ عِقاباً ، حَيُّهُمْ اَعْمىً نَجَسٌ ، مَيِّتُهُمْ فىِ النَّارِ مُبْلَسٌ ، فَجآئَهُمْ نَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ بِنُسْخَةِ ما فىِ الصُّحُفِ الْأُولى ، وَ تَصْديقِ الَّذى بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَ تَفصيلِ الْحَلالِ مِنْ رَيْبِ الْحَرامِ ، ذلِكَ الْقُرْانُ فَاسْتَنْطِقوُهُ وَ لَمْ يَنْطِقْ لَكُمْ ، اُخْبِرُكُمْ عَنْهُ اَنَّ فيهِ عِلْمَ ما مَضى ، وَ عِلْمَ ما يَأْتى اِلى يَوْمِ الْقِيمَةِ ، وَ حَكَمٌ ما بَيْنَكُمْ ، وَ بَيانَ ما اَصْبَحْتُمْ فيهِ تَخْتَلِفُونَ ، فَلَوْ سَئَلْتُموُنى عَنْهُ لَاِنّى اُعْلِمُكُمْ .