العتبة العلوية المقدسة - ثمن الفرس والسيف سلمها إلى أبي الحسن الأسدي -
» سيرة الإمام » » المناسبات » حياة الامام المهدي والغيبتين والظهور » من معاجز الامام المهدي عليه السلام » ثمن الفرس والسيف سلمها إلى أبي الحسن الأسدي

 

ثمن الفرس والسيف سلمها إلى أبي الحسن الأسدي

 

* عن دلائل الطبري قال حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: اخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد المقري, قال: حدثنا أبو العباس محمد بن سابور قال: حدثني الحسن بن محمد بن حيزان السراج, قال: حدثني احمد الدينوري السراج المكنى بابي العباس الملقب باستاره قال: انصرفت من اردبيل إلى دينور أريد أن احج وذلك بعد مضى أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) بسنة او سنتين فكان الناس في حيرة, فاستبشر أهل دينور بموافاتي واجتمع الشيعة عندي فقالوا: قد اجتمع عندنا ستة عشر الف دينار من مال المولى ونحتاج أن تحملها معك وتسلمها بحيث يجب تسليمها.

 

قال: فقلت يا قوم هذه حيرة ولا نعرف الباب في هذا الوقت, قال فقالوا: إنما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك, فاعمل على أن لا تخرجه من يديك إلا بحجة.

 

قال: فحمل إليَّ ذلك المال في صرر باسم رجل رجل فحملت ذلك المال وخرجت, فلما وافيت قريتين كان احمد بن الحسن بن الحسن مقيما بها فصرت إليه مسلما, فلما لقيني استبشر بي ثم اعطاني الف دينار في كيس وتخوت ثياب من ألوان معكمة لم اعرف ما فيها, ثم قال لي: احمل هذا معك ولا تخرجه عن يدك إلا بحجة.

 

قال: فقبضت منه المال والتخوت بما فيها من الثياب فلما وردت بغداد لم يكن لي همة غير البحث عمن اشير إليه بالنيابة, فقيل لي إن ها هنا رجلا يعرف بالباقطاني يدعى بالنيابة واخر يعرف باسحاق الاحمر يدعي بالنيابة واخر يعرف بابي جعفر العمري يدعى بالنيابة، قال: فبدأت بالباقطاني فصرت إليه فوجدته شيخا بهيا له مروة ظاهرة وفرس عربي وغلمان كثير، ويجتمع الناس عنده ويتناظرون، قال: فدخلت إليه وسلمت عليه فرحّب وقرّب وسرّ وبرّ، قال: فاطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس قال: فسألني عن حاجتي فعرفته أني رجل من أهل دينور وافيت ومعي شيء من المال احتاج أن اسلمه، فقال لي: احمله.

 

قال: فقلت أريد حجة، قال: تعود اليّ في غد.

 

قال: فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجة وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجة، فصرت إلى أبي إسحاق الاحمر فوجدته شابا نظيفا منـزله اكبر من منـزل الباقطاني، وفرسه ولباسه ومروته أسرى وغلمانه اكثر من غلمانه، ويجتمع عنده الناس اكثر مما يجتمع عند الباقطاني، فدخلت وسلمت فرحب وقرب قال: فصبرت إلى أن خف الناس، قال: فسألني عن حاجتي.

 

فقلت له: كما قلت للباقطاني وعدت إليه ثلاثة أيام فلم يأت بحجة.

 

قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا عليه مبطنة بيضاء قاعدا على لبد في بيت صغير ليس له غلمان ولا له من المروة والفرس ما وجدت لغيره، قال: فسلمت فرد الجواب وأدناني وبسط مني ثم سألني عن حالي فعرفته أني وافيت من الجبل وحملت مالا، قال: فقال فان احببت أن يصل هذا الشيء إلى من تحب أن يصل إليه تخرج إلى سر من رأى وتسأل عن دار ابن الرضا، وعن فلان بن فلان الوكيل وكانت دار ابن الرضا عامرة باهلها فانك تجد هناك ما تريد.

 

قال: فخرجت من عنده ومضيت نحو سر من رأى وصرت إلى دار ابن الرضا وسألت عن الوكيل فذكر البواب أنه مشتغل في الدار وأنه يخرج آنفا، فقعدت على الباب انتظر خروجه فخرج بعد ساعة فقمت وسلمت عليه واخذ بيدي إلى بيت كان له وسألني عن حالي، وعما وردت له فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل واحتاج ان اسلمه بحجة.

 

قال: فقال نعم، ثم قدم إليّ طعاما، فقال لي: تغذّ بهذا واسترح فانك تعب وإن بيننا وبين صلاة الاولى ساعة فإني احمل إليك ما تريد.

 

قال: فأكلت ونمت فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت وذهبت إلى المشرعة فاغتسلت وانصرفت إلى بيت الرجل، وسكنت إلى ان مضى من الليل ربعه فجاءني ومعه درج فيه بسم الله الرحمن الرحيم وإني احمد بن محمد الدينوري وحمل ستة عشر الف دينار في كذا وكذا صرة وفيها صرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا، وصرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا إلى أن عد الصرر كلها، وصرة فلان بن فلان الزراع ستة عشر دينارا.

 

قال: فوسوس إليّ الشيطان فقلت أن سيدي اعلم بهذا مني فمازلت اقرأ ذكر صرة صرة وذكر صاحبها حتى أتيت عليها عن آخرها، ثم ذكر قد حمل من قريتين من عند احمد بن الحسن المادراني اخي الصواف كيسا فيه الف دينار وكذا وكذا تختاً من الثياب فيها ثوب فلاني وثوب لونه كذا، حتى نسب الثياب إلى آخرها بانسابها وألوانها.

 

قال: فحمدت الله وشكرت على ما منّ به علي من إزالة الشك عن قلبي فأمر بتسليم جميع ما حملت إلى حيث ما يأمر أبو جعفر العمري.

 

قال: فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري، قال: وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيام.

 

قال: فلما بصر بي أبو جعفر قال لي: لمَ لَم تخرج؟

 

قلت: يا سيدي من سر من رأى انصرفت.

 

قال: فانا احدث أبا جعفر بهذا، إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمري من مولانا صاحب الأمر ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي، فيه ذكر المال والثياب وأمر أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن احمد بن جعفر القطان القمي.

 

فلبس أبو جعفر العمري ثيابه وقال لي احمل ما معك إلى منـزل محمد بن احمد بن جعفر القطان.

 

قال: فحملت الثياب والمال إلى منـزل محمد بن احمد بن جعفر القطان وسلمتها إليه وخرجت إلى الحج، فلما رجعت إلى دينور اجتمع عندي الناس فاخرجت الدرج الذي اخرجه وكيل مولانا صلوات الله عليه إليّ وقرأته على القوم، فلما سمع بعض القوم ذكر الصرة باسم الزراع سقط مغشيا عليه، فما زلنا نعلله حتى افاق فلما افاق سجد شكرا لله عز وجل، وقال: الحمد لله الذي منّ علينا بالهداية، الان علمت أن الأرض لا تخلو من حجة هذه الصرة دفعها والله إليّ هذا الزراع لم يقف على ذلك إلا الله عز وجل.

 

قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك بدهر أبا الحسن المادراني وعرفته الخبر وقرأت عليه الدرج، فقال: يا سبحان الله ما شككت في شيء فلا تشك في أن الله عز وجل لا يخلي ارضه من حجته، اعلم أنه لما عزا اذكوتكين يزيد بن عبد الله بشهزور وظفر ببلاده واحتوى على خزائنه، صار إلى رجل وذكر أن يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني والسيف الفلاني في باب مولانا (عليه السلام) قال: فجعلت انقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى اذ كوتكين أولاً فأول وكنت ادافع بالفرس والسيف إلى أن لم يبق شيء غيرهما، وكنت أرجو أن اخلص ذلك لمولانا (عليه السلام) فلما اشتدت مطالبة اذ كوتكين إياي ولم يمكنني مدافعته جعلت في السيف والفرس عندي الف دينار ووزنتها ودفعتها إلىالخازن وقلت له: ادفع هذه الدنانير في اوثق مكان، ولا تخرجن إليّ في حال من الاحوال، ولو اشتدت الحاجة إليها وسلمت الفرس والسيف.

 

قال: فانا قاعد في مجلسي بالرّي ابرم الامور واوفي القصص وآمر وانهي إذ دخل أبو الحسن الأسدي، وكان يتعاهدني الوقت بعد الوقت وكنت اقضي حوائجه، فلما طال جلوسه وعليّ بؤس كثير قلت له ما حاجتك؟

 

قال: احتاج منك إلى خلوة فأمرت الخازن أن يهيئ لنا مكانا من الخزانة فدخلنا الخزانة فاخرج إليّ رقعة صغيرة من مولانا (عليه السلام) فيها يا احمد بن الحسن الالف دينار التي لنا عندك ثمن الفرس والسيف سلمها إلى أبي الحسن الأسدي.

 

قال: فخررت لله ساجدا شكرا لما منّ به عليّ وعرفت أنه حجة الله حقا؛ لأنه لم يكن وقف على هذا أحد غيري، فاضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار اخرى سرورا بما منّ الله عليّ بهذا الأمر.