ولقد سر الله تعالى
*- عن رجل من أهل الري قال : ولي علينا بعض كتاب يحيى بن خالد ، و كان علي بقايا يطالبني بها ، وخفت من إلزامي إياها خروجا عن نعمتي ، وقيل لي : إنه منتحل هذا المذهب ، فخفت أن أمضي إليه فلا يكون كذلك فأقع فيما لا احب ، فاجتمع رأي على أني هربت إلى الله تعالى وحججت ولقيت مولاي الصابر يعني موسى بن جعفر عليه السلام فشكوت حالي إليه فأصحبني مكتوبا نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم اعلم أن الله تحت عرشه ظلالا يسكنه إلا من أسدى إلى أخيه معروفا أو نفس عنه كربة ، أو أدخل على قلبه سرورا ، وهذا أخوك والسلام . قال : فعدت من الحج إلى بلدي ، ومضيت إلى الرجل ليلا ، واستأذنت عليه وقلت : رسول الصابر عليه السلام فخرج إلي حافيا ماشيا ، ففتح لي بابه ، وقبلني وضمني إليه ، وجعل يقبل بين عيني ، ويكرر ذلك كلما سألني عن رؤيته عليه السلام وكلما أخبرته بسلامته ، وصلاح أحواله ، استبشر ، وشكر الله ، ثم أدخلني داره وصدرني في مجلسه وجلس بين يدي ، فأخرجت إليه كتابه عليه السلام فقبله قائما وقرأه ثم استدعى بماله وثيابه ، فقاسمني دينارا دينارا ، ودرهما درهما ، وثوبا ثوبا ، و أعطاني قيمة مالم يمكن قسمته ، وفي كل شئ من ذلك يقول : يا أخي هل سررتك ؟ فأقول : إي والله ، وزدت على السرور ، ثم استدعى العمل فأسقط ماكان باسمي وأعطاني براءة مما يتوجه علي منه ، وودعته ، وانصرفت عنه . فقلت : لا أقدر على مكافاة هذا الرجل إلا بأن أحج في قابل وأدعو له و ألقى الصابر عليه السلام واعرفه فعله ، ففعلت ولقيت مولاي الصابر عليه السلام وجعلت احدثه ووجهه يتهلل فرحا ، فقلت : يامولاي هل سرك ذلك ؟ فقال : إي والله لقد سرني وسر أمير المؤمنين ، والله لقد سر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولقد سر الله تعالى .