السيد عباس المدرسي
قال في رثاء الامام الكاظم ( عليه السلام ) :
في عميق السجون والظلمات * راح يتلو الصلاة تلو الصلاة
هو ابن الإيمان ليس يبالي * فالبلايا للأنفس الصالحات
علوي الإباء والرفض فيه * رفض إيمان كافر باللات
خشية الله أرهبت منه قلبا * أرهب الظالمين في الحجرات
من يجلجل في قلبه الله فردا * يحسب الكون أصغرا من نواة
فهو أقوى قلبا وأربط جأشا * في شديد البلاء والأزمات
هات يا قلب من مناجاتك الآن * فأحلى النجوى لدى الخلوات
رب شكرا لفرصة العمر إني * كم تمنيت هذه في حياتي
أعبد الله وحده لا سواه * ليس من دونه يرى حالاتي
وبعيدا عن أعين الناس وحدي * فارغا عن شواغل النيات
يأنس المؤمنون بالله مهما * حلت السجن عتمة الظلمات
ما ألذ الدعاء والقلب صاف * وأعز الدعاء في السهرات !
راح يدعو والليل رهن سكوت * وعيون العباد رهن السبات
ويناجي من لا تضيع لديه * دعوة في ضمائر الكائنات
رب زنزانتي أحب لنفسي * لن أجب طاغيا بشق نواة
يا إلهي وسيدي وحبيبي * يا رجاء المضطر في المشكلات
أنت أعلى من أن تنال بفكري * لن ينال الوادي ذرى الشاهقات
أنت أرشدتني إليك إلهي * فتفضل علي بالرحمات
يا مجيبا لو عز كل مجيب * ومغيثا لو غاب كل الحماة
يا إله اللطف الخفي أغثني * خلص الطير من لهاة البزاة
منقذ النبت من غلالة طين * ومياه محيطة بالنواة
منقذ الطفل بعد طول بقاء * من كهوف الأرحام والمشيمات
منقذ اللبن من دماء وفرث * جاريا في العروق والقنوات
رب خلص من سجن هارون نفسا * تتمنى الممات قبل الممات
ولقاء الرحمن في فسحة النور * طليقا من قيود العصاة
لك هارون ساعة ليس تنجو * من عذاب مسعورة الجمرات
المنتخب من الشعر الحسيني : 178 .