كلام له عليه السّلام تكلّم به عند نكث طلحة و الزّبير بيعته
اَما بعد فَاِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ لِلنَّاسِ كآفَّةً ، وَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ، فَصَدَعَ بِاَمْرِهِ ، وَ بَلَّغَ رِسالاتِ رَبِّهِ ، فَلَمَّ بِهِ الصَّدْعَ ، وَ رَتَقَ بِهِ الْفَتْقَ ، وَ امَنَ بِهِ السُّبُلَ ، وَ حَقَنَ بِهِ الدِّمآءَ ، وَ اَلَّفَ بِهِ بَيْنَ ذَوِى الْأِحَنِ ، وَ الْعَداوَةِ الْواغِرَةِ فىِ الصُّدوُرِ ، وَ الضَّغآئِنِ الرَّاسِخَةِ فىِ الْقُلوُبِ ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ اِلَيْهِ حَميداً ، لَمْ يُقَصِّرْ فىِ الْغايَةِ الَّتى اِلَيْها اَدَّى الرِّسالَةَ ، وَ لا بَلَّغَ شَيْئاً كانَ فىِ التَّقْصيرِ عَنْهُ الْفَضْلُ ، وَ كانَ مِنْ بَعْدِهِ ما كانَ مِنَ التَّنازُع فىِ الْأَمْرِ ، فَتَوَلّى اَبوُ بَكْرٍ ، وَ بَعْدَهُ عُمَرُ ، ثُمَّ تَوَلّى عُثْمانُ ، فَلَمَّا كانَ مِنْ اَمْرِهِ ما عَرَفْتُموُهُ اَتَيْتُموُنى فَقُلْتُمْ : بايِعْنا ، فَقُلْتُ لا اَفْعَلُ ، فَقُلْتُمْ بَلى ، فَقُلْتُ لا ، وَ قَبَضْتُ يَدى فَبَسَطْتُمُوها ، وَ نازَعْتُكُمْ
فَجَذَبْتُموُها ، وَ تَداكَكْتُمْ عَلَىَّ تَدآكَّ الْإِبِلِ الْهيمِ عَلى حِياضِها يَوْمَ وُروُدِها ، حَتّى ظَنَنْتُ اَنَّكُمْ قاتِلى ، وَ اَنَّ بَعْضَكُمْ قاتِلٌ بَعْضاً لَدَىَّ ، فَبَسَطْتُ يَدِى فَبايَعْتُموُنى مُخْتارينَ ، وَ بايَعَنى فى اَوَّلِكُمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ طآئِعَيْنِ غَيْرِ مُكْرَهَيْنِ ، ثُمَّ لَمْ يَلْبِثا اَنِ اسْتَأْذَنانى فىِ الْعُمْرَةِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ اَنَّهُما اَرادَ الْغَدْرَةَ ، فَجَدَّدْتُ عَلَيْهِمَا الْعَهْدَ فىِ الطَّاعَةِ وَ اَنْ لا يَبْغِيَا الْأُمَّةَ الْغَوآئِلَ ، فَعاهَدا ثُمَّ لَمْ يَفِيا لى ، وَ نَكَثا بَيْعَتى وَ نَقَضا عَهْدى ، فَعَجَباً لَهُما مِنِ انْقِيادِهِما لِاَبى بَكْرٍ وَ عُمَرَ ، وَ خِلافِهِما لى ، وَ لَسْتُ بِدوُنِ اَحَدِ الرَّجُلَيْنِ ، وَ لَوْ شِئْتُ اَنْ اَقوُلَ لَقُلْتُ : اَللَّهُمَّ احْكُمْ عَلَيْهِما بما صَنَعا فى حَقّى ، وَ صَغَّرا مِنْ اَمْرى ، وَ ظَفِّرْنى بِهِما .