التشابه بين الانبياء وماجرى لهم
وبين مايجري في امر الامام المهدي
*- عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن صالحا عليه السلام غاب عن قومه زمانا وكان يوم غاب عنهم كهلا مبدح البطن ، حسن الجسم ، وافر اللحية ، خميص البطن ، خفيف العارضين ، مجتمعا ربعة من الرجال ، فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته فرجع إليهم وهم على ثلاث طبقات : طبقة جاحدة لاترجع أبدا واخرى شاكة فيه واخرى على يقين فبدأ عليه السلام حيث رجع بطبقة الشكاك ، فقال لهم : أنا صالح فكذبوه وشتموه و زجروه ، وقالوا برئ الله منك إن صالحا كان في غير صورتك ، قال : فأتى الجحاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشد النفور ثم انطلق إلى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم : أنا صالح فقالوا : أخبرنا خبرا لانشك فيك معه أنك صالح فانا لانمتري أن الله تبارك وتعالى الخالق ينقل ويحول في أي الصور شاء وقد اخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء ، وإنما صح عندنا إذا أتى الخبر من السماء فقال لهم صالح : أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة فقالوا صدقت وهي التي نتدارس فما علاماتها فقال : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم قالوا : آمنا بالله وبما جئتنا به فعند ذلك قال الله تبارك وتعالى : إن صالحا مرسل من ربه ، قال أهل اليقين : إنا بما ارسل به مؤمنون وقال الذين استكبروا وهم الشكاك والجحاد إنا بالذي آمنتم به كافرون .قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم ؟ قال : الله تعالى أعدل من أن يترك الارض بغير عالم يدل على الله تبارك وتعالى ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيام على فترة لايعرفون إماما غير أنهم على ما في أيديهم من دين الله عزوجل كلمتهم واحدة ، فلما ظهر صالح عليه السلام اجتمعوا عليه ، وإنما مثل ( علي و ) القائم مثل صالح عليه السلام .
*- عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : في القائم سنة من موسى بن عمران عليه السلام فقلت : وما سنة موسى بن عمران ؟ قال : خفاء مولده وغيبته عن قومه ، فقلت : وكم غاب موسى عن أهله وقومه ؟ قال : ثماني وعشرين سنة .
*- عن سليمان بن داود ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : في صاحب هذا الامر أربع سنين من أربعة أنبياء : سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد صلوات الله عليهم فأما من موسى فخائف يترقب وأما من يوسف فالسجن وأما من عيسى فيقال : إنه مات ولم يمت ، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالسيف .
*- عن سعيد بن جبير قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام يقول في القائم منا سنن من سنن الانبياء عليهم السلام سنة من آدم وسنة من نوح وسنة من إبراهيم وسنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من أيوب وسنة من محمد صلى الله عليه وآله فأما من آدم ومن نوح فطول العمر ، وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس وأما من موسى فالخوف والغيبة وأما من عيسى فاختلاف الناس فيه وأما من أيوب فالفرج بعد البلوى ، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالخروج بالسيف .
*- عن سعيد بن جبير قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام يقول : في القائم سنة من نوح وهو طول العمر .
*- عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا اريد أن أسأله عن القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله فقال لي مبتدئا : يامحمد بن مسلم إن في القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله شبها من خمسة من الرسل : يونس بن متى ، ويوسف بن يعقوب ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلوات الله عليهم ، فأما شبهه من يونس فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن وأما شبهه من يوسف بن يعقوب فالغيبة من خاصته وعامته ، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليه السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته ، وأما شبهه من موسى فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده بما لقوا من الاذى والهوان إلى أن أذن الله عزوجل في ظهوره ونصره وأيده على عدوه وأما شبهه من عيسى فاختلاف من اختلف فيه حتى قالت طائفة منهم ما ولد وقالت طائفة مات وقالت طائفة قتل وصلب .وأما شبهه من جده المصطفى صلى الله عليه وآله فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله والجبارين والطواغيت وأنه ينصر بالسيف والرعب وأنه لاترد له رأية وأن من علامات خروجه خروج السفياني من الشام وخروج اليماني وصيحة من السماء في شهر رمضان ومناد ينادي باسمه واسم أبيه .
*- عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : في صاحب الامر سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد صلى الله عليه وآله فأما من موسى فخائف يترقب ، وأما من عيسى فيقال فيه ماقيل في عيسى ، وأما من يوسف فالسجن والتقية ، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالقيام بسيرته وتبيين آثاره ثم يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر ولا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله قلت : وكيف يعلم أن الله عزوجل قد رضي قال : يلقي الله عزوجل في قلبه الرحمة .
*- عن ضريس الكناسي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن صاحب هذا الامر فيه سنة من يوسف : ابن أمة سوداء يصلح الله أمره في ليلة واحدة .
*- عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبوبصير وأبان بن تغلب ، على مولانا أبي عبدالله جعفر ابن محمد عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب مقصر الكمين وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير في عارضيه وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول : سيدي ! غيبتك نفت رقادي وضيقت علي مهادي وأسرت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الابد وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما احس بدمعة ترقى من عيني ، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل لعيني عن عواير أعظمها وأفظعها وتراقي أشدها وأنكرها ونوايب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك .قال سدير : فاستطارت عقولنا ولها وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ، وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة أو حلت به من الدهر بائقة فقلنا لا أبكى الله يابن خير الورى عينيك ، من أي حادثة تستنزف دمعتك ، و تستمطر عبرتك ، وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم .قال : فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتد منها خوفه ، وقال : يكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والائمة من بعده عليه وعليهم السلام ، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاؤه وطول عمره وبلوى المؤمنين ( به من بعده ) في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم ، التي قال الله تقدس ذكره : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " يعني الولاية ، فأخذتني الرقة ، واستولت علي الاحزان .فقلنا : يابن رسول الله كرمنا وشرفنا باشراكك إيانا في بعض ماأنت تعلمه من علم قال : إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام ، وقدر غيبته غيبة عيسى عليه السلام ، و قدر إبطاؤه تقدير إبطاء نوح عليه السلام وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر دليلا على عمره فقلت : اكشف لنا يابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني .قال : أما مولد موسى فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة ، فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من ( النساء ) بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى إياه .كذلك بنو امية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم والامراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلى أن يتم نوره ولو كره المشركون .وأما غيبة عيسى عليه السلام فان اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل وكذبهم الله عزوجل بقوله : " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " كذلك غيبة القائم عليه السلام فان الامة تنكرها ( لطولها ) فمن قائل بغير هدى بأنه لم يولد وقائل يقول : إنه ولد ومات وقائل يكفر بقوله إن حادي عشرنا كان عقيما وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا وقائل يعصي الله عزوجل بقوله : إن روح القائم عليه السلام ينطق في هيكل غيره .وأما إبطاء نوح عليه السلام فانه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله عزوجل جبرئيل الروح الامين بسبعة نويات فقال : يانبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك : إن هؤلاء خلائقي وعبادي ئلست ابيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فاني مثيبك عليه واغرس هذه النوى فان لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين .فلما نبتت الاشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزهى الثمر عليها بعد زمن طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الاشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكد الحجة على قومه فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاث مائة رجل وقالوا : لو كان مايدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف .ثم إن الله تبارك وتعال لم يزل يأمره عند كل مرة أن يغرسها تارة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرات فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفى ( الامر للايمان ) من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة .فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك ، و اعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الارض وامكن لهم دينهم وابدل خوفهم بالامن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم .وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالامن مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم ، وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة ، فلو أنهم تسنموا ( مني ) من الملك الذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم وتأبد حبال ضلالة قلوبهم وكاشفوا إخوانهم بالعداوة وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرد بالامر والنهي وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا " فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا " .قال الصادق عليه السلام وكذلك القائم عليه السلام تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائم عليه السلام .قال المفضل : فقلت : يابن رسول الله إن النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي قال : لا يهد الله قلوب الناصبة متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الامن في الامة وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشك من صدورها في عهد أحد من هؤلاء وفي عهد علي عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن التي كانت تثور في أيامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم ثم تلا الصادق عليه السلام " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " .وأما العبد الصالح الخضر عليه السلام فان الله تبارك وتعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له ولا لكتاب ينزله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبلها من الانبياء ، ولا لامامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم عليه السلام في أيام غيبته مايقدر وعلم مايكون من إنكاره عباده بمقدار ذلك العمر في الطول ، طول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام ، وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة .
*- عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن في صاحب هذا الامر سننا من الانبياء : سنة من موسى ابن عمران ، وسنة من عيسى ، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلى الله عليه وعليهم .فأما سنته من موسى فخائف يترقب .وأما سنته من عيسى فيقال فيه ماقيل في عيسى .وأما سنته من يوسف فالستر جعل الله بينه وبين الخلق حجابا يرونه ولا يعرفونه وأما سنته من محمد صلى الله عليه وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته .
*- عن الحسن بن محمد بن صالح البزاز قال : سمعت الحسن بن علي العسكري عليه السلام يقول : إن ابني هو القائم من بعدي وهو الذي يجري فيه سنن الانبياء عليهم السلام بالتعمير والغيبة حتى تقسو القلوب لطول الامد ولا يثبت على القول به إلا من كتب الله عزوجل في قلبه الايمان وأيده بروح منه .
*- روى أبوبصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : في القائم شبه من يوسف قلت : وماهو ؟ قال : الحيرة والغيبة .
*- عن أبي سعيد الخراساني قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : لاي شئ سمي القائم ؟ قال : لانه يقوم بعدما يموت إنه يقوم بأمر عظيم ، يقوم بأمر الله .
*- عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : مثل أمرنا في كتاب الله تعالى مثل صاحب الحمار أماته الله مأة عام ثم بعثه .
*- عن علي بن الخطاب ، عن مؤذن مسجد الاحمر قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام هل في كتاب الله مثل للقائم ؟ فقال : نعم ، آية صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه .
*- عن حماد ابن عبدالكريم قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن القائم إذا قام قال الناس : أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل .