سيرة الامام الحسن عليه السلام
في حسبه ونسبه و ولادته عليه السلام
هو الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن نضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن الياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان.
وأمه: فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه واله ، سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.
اسمه المبارك: الحسن.وكنيته الشريفة: أبو محمد.ومن ألقابه: المجتبى، والتقي، والزكي، والسيد، والسبط، والولي.
أصحّ ما قيل في ولادة الإمام الحسن عليه السلام : إنه عليه السلام ولد بالمدينة المنورة في النصف من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث من الهجرة النبوية الشريفة.
قال ابن الأثير في أسد الغابة([1]): أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي الأمين... أخبرنا أبو بشر الدولابي، قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحيم الزهري بقول: (ولد الحسن بن علي بن أبي طالب وأمه فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه واله في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة).
يقول المحب الطبري في صفة الإمام الحسن عليه السلام:(كان الحسن عليه السلام أبيض مشرباً بحمرة، أدعج العينين، سهل الخدين، دقيق المسربة، كث اللحية، ذا وفرة، كأن عنقه إبريق فضة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، من أحسن الناس وجهاً وكان يخضب بالسواد، وكان جعد الشعر حسن البدن). ذكره الدولابي([2]).
البخاري في فتح الباري بسنده عن ابن أبي مليكة قال: (كانت فاطمة u تقول: ابني شبيه بالنبي صلى الله عليه واله ليس شبيهاً بعلي عليه السلام)([3]).
وفي صحيح البخاري قال: (لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه واله من الحسن ابن علي عليه السلام)([4]).
بعض ما ورد في شأنه عليه السلام من الآيات القرآنية
قال تعالى: ]فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين[([5]).
وفي كتاب (نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار): إن آية المباهلة نزلت في فاطمة وعلي والحسن والحسين عليه السلام وقال بسنده: حين أراد رسول الله صلى الله عليه واله مباهلة وفد نجران في آية المباهلة وهي قوله تعالى: ]فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا..[ الآية، أراد بالأبناء: الحسن والحسين، وبالنساء: فاطمة، وبالنفس نفسه صلى الله عليه واله وعلياً عليه السلام، كذا في تفسير الخازن ]ثم نبتهل[ قال ابن عباس نتضرع في الدعاء، وقيل: معناه نجتهد ونبالغ في الدعاء، وقيل: معناه نلتعن، والابتهال والالتعان يقال عليه بهلة الله أي لعنة الله،]فنجعل لعنة الله على الكاذبين[ يعني منا ومنكم في أمر عيسى عليه السلام.
قال المفسرون: لما قرأ رسول الله صلى الله عليه واله هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة قالوا: حتى نرجع وننظر أمرنا ثم نأتيك غداً، فلما خلا بعضهم ببعض قالوا للعاقب وكان كبيرهم وصاحب رأيهم: ما ترى يا عبد المسيح؟
قال: لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمداً نبي مرسل ولئن فعلتم ذلك لنهلكن.
وفي رواية قال لهم: والله ما لاعن قوم قط نبياً إلا هلكوا عن آخرهم فإن أبيتم إلا الإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.
فأتوا رسول الله صلى الله عليه واله وقد احتضن الحسين وأخذ بين الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي يمشي خلفها والنبي صلى الله عليه واله يقول لهم: إذا دعوت فأمنوا.
فلما رآهم أسقف نجران قال: يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
فقالوا: يا أبا القاسم لقد رأينا أن لا نباهلك وأن نتركك على دينك وتتركنا على ديننا.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه واله : فإن أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم، فأبوا ذلك.
فقال صلى الله عليه واله : فإني أنابذكم.
فقالوا: ما لنا في حرب العرب طاقة، ولكنا نصالحك على أن لا تغزونا ولاتخيفنا ولا تردنا عن ديننا وأن نؤدي إليك في كل سنة ألفي حلة في صفر وألف في رجب، وزاد في رواية ثلاثة وثلاثين درعاً عادية، وثلاثة وثلاثين بعيراً، وأربعاً وثلاثين فرساً غازية.
فصالحهم رسول الله صلى الله عليه واله على ذلك، وقال: والذي نفسي بيده إن العذاب تدلّى على أهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولأضطرم عليهم الوادي ناراً ولأستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا. عن تفسير الخازن وغيره([6]).
قال تعالى: ]إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً[([7]).
أجمع عامة أهل التفسير والحديث والتاريخ على أن المقصود بـ (أهل البيت) هم الخمسة الطيبة: (محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين).
روى البلاذري قال: حدّثني أبو صالح الفراء (بالإسناد المذكور في كتابه) عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه واله كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر ـ هو منطلق إلى صلاة الصبح ـ فيقول: الصلاة أهل البيت، ]إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً[([8]).
مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام للحافظ ابن المغازلي الشافعي بإسناده عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس: سأل النبي صلى الله عليه واله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه فتاب عليه؟ وذلك في قوله تعالى : ]فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم[([9])، فقال صلى الله عليه واله : (سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا ما تبت عليّ، فتاب عليه)([10]).
وفي ينابيع المودة: في تفسير قوله تعالى: ]ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين[ أخرج أحمد بن حنبل في مسنده وابن المغازلي في المناقب بسنديهما عن الحسن بن علي عليه السلام قال: (فينا نزلت هذه الآية)([11]).
ينابيع المودة: في تفسير قوله تعالى: ]ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً[([12])، روى الحافظ جلال الدين الزرندي عن الحسن بن علي عليه السلام قال في خطبته: (اقتراف الحسنة مودتنا)([13]).
الشبلنجي الشافعي في كتابه نور الأبصار([14]) عن الإمام أبو الحسن البغوي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس قال: (لما نزلت هذه الآية: ]قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى[ ([15]) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم، قال: علي وفاطمة وابناهما ).
بعض ما ورد في شأنه عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه واله
ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الإمام الحسن عليه السلام تحت الرقم 128: بسنده عن هارون بن سعد: عن عطية: عن أبي سعد قال: (سألته من أهل البيت؟ فقال: النبي صلى الله عليه واله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين)([16]).
ومسلم في صحيحه([17]): بسنده عن نافع بن جبير، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال للحسن عليه السلام: (اللهم أحبه فأحبّه وأحبب من يحبه).
المحب الطبري في ذخائر العقبى([18]) قال: وعن عبد الله قال: (كان رسول الله صلى الله عليه واله يصلّي حتى إذا سجد وثب الحسن والحسين عليه السلام على ظهره، فإذا أرادوا أن يمنعوهما قال: دعوهما، فلمّا أن صلى وضعهما في حجره وقال: من أحبني فليحب هذين)، قال: خرجه الحافظ الدمشقي.
الهيثمي في مجمعه([19]) قال: وعن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله : (الحسن والحسين من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أبغضته ومن أبغضته، أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله جهنم وله عذاب مقيم). قال: رواه الطبراني.
أحمد بن حنبل في مسنده: عن رسول الله صلى الله عليه واله : (من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني)([20]).
محب الدين الطبري: عن علي عليه السلام: (ان رسول الله صلى الله عليه واله أخذ بيد حسن وحسين وقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة).
ابن عساكر في تاريخه تحت الرقم 98 ـ بسنده عن ابن أبي مليكة، عن عائشة (إن النبي صلى الله عليه واله كان يأخذ حسناً فيضمه إليه ثم يقول: اللهم إن هذا ابني وأنا أحبه فأحببه وأحب من يحبه)([21]).
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، حدثنا علي بن عابس: عن سالم بن أبي حفصة وكثير النواء، عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: (مر الحسن والحسين على رسول الله صلى الله عليه واله فقال: اللهم إني أحبهما فأحبهما وأبغض من أبغضهما).
إسعاف الراغبين: وروى أحمد والترمذي عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله : (من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي في الجنة)([22]).
ابن عساكر في تاريخ دمشق، ترجمة الإمام الحسن عليه السلام تحت الرقم: 106 بسنده عن زر بن حبيش عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله للحسن والحسين: (هذان ابناي من أحبهما فقد أحبني)([23]).
البيهقي في سننه([24]): بسنده عن زر بن حبيش قال: (كان رسول الله صلى الله عليه واله ذات يوم يصلّي بالناس فأقبل الحسن والحسين عليه السلام وهما غلامان فجعلا يتوثبان على ظهره إذا سجد، فأقبل الناس عليهما ينحونهما عن ذلك، قال: دعوهما بأبي وأمي، من أحبني فليحب هذين).
أحمد بن حنبل في مسنده([25]): بسنده عن عطاء، أن رجلاً أخبره (أنه رأى النبي صلى الله عليه واله يضم إليه حسناً وحسيناً ويقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما).
الحاكم في المستدرك على الصحيحين: روى بسنده عن فاطمة سلام الله عليها (إن رسول الله صلى الله عليه واله أتاها يوماً فقال: أين ابناي؟ فقالت: ذهب بهما عليعليه السلام، فتوجه رسول الله صلى الله عليه واله فوجدهما يلعبان في مشربة([26]) وبين أيديهما فضل تمر، فقال: يا علي ألا تقلب([27]) ابنيّ قبل الحر)([28]).
ذخائر العقبى: عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله : (كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم) خرجه أحمد في المناقب([29]).