العتبة العلوية المقدسة - الكمباني في الانوارالقدسية -
» سيرة الإمام » » المناسبات » سيرة الامام علي بن الحسين السجاد » الامام السجاد في ضمير الشعراء » الكمباني في الانوارالقدسية

 الكمباني في الانوارالقدسية

قال في الإمام السجاد زين العابدين   صلوات الله عليه:

   سبحان من أبدع في الايجاد * بسره المودع في السجاد

  أبان سر الحق والحقيقة * بصورة بديعة أنيقة

تصورت في أعظم المجالي * حقيقة الجلال والجمال

  جل عن الثناء في جلاله * عز عن الأطراف في جماله

 بدر سماء عالم الأسماء * وزين أهل الأرض والسماء

  غرة وجه عالم الإمكان * قرة عين العلم والعرفان

 نور الهدى وبهجة اللاهوت * روح التقى ومهجة الناسوت

 قطب محيط الغيب والشهادة * وقبلة الأقطار في العبادة

وكعبة الأوتاد والأبدال * ومستجار الكل في الأهوال

  نتيجة الجواهر الزواهر * وصفوة الكل من القواهر

 مؤصل الأصول في البداية * وغاية الغايات في النهاية

  مبدأ كل طائل ونائل * ومنتهى الخيرات والفضائل

 ونفسه اللطيفة الزكية * صحيفة المكارم السنية 

بل هي أم الصحف المكرمة * جوامع الحكمة منها محكمة

  بل الحروف العاليات طرا * تحكي عن اسمه العلي قدرا

 هو الكتاب الناطق الربوبي * ومخزن الأسرار والغيوب

  يفصح عن مقام سر الذات * يعرب عن حقائق الصفات

  وفي الثناء والدعا لسانه * لسان باريه تعالى شأنه

 زبوره نور رواق العظمة * يفوق كل الزبر المعظمة  .

 زبوره في الحمد والتمجيد * زينة عرش ربه المجيد

  فيه من الاخلاص والتوحيد * ما لا ترى عليه من مزيد

 وحاله أبلغ من مقاله * جل عن الوصف لسان حاله

  فإنه معلم الضراعة * والاعتراف منه بالإضاعة

له لدى العجز والاستكانة * مكانة لا فوقها مكانة

 وفي العبودية والعبادة * في غاية السمو والسيادة

 مقامه الكريم في أقصى الفنا * تراثه من جده حين دنا

 وفوزه بمنتهى الشهود * من مبدء الايجاد والوجود

 وكيف لا وهو سليل الخيرة * حفيد لا أعبد ربا لم أره

 ونوره الباهرة في المحراب * يذهب بالأبصار والألباب

  والثفنات الغر في مساجده * أطواره السبعة في مشاهده

 بنورها استنارت السبع العلى * والملأ الأعلى بنورها علا

 وآية النور على جبينه * وشفة البدر على عرنينه

 كان كفيه لدى الدعاء * ميزان عدل الله في القضاء

 قيامه في ساعة الضراعة * يذكر الناس قيام الساعة

 وقوفه بين يدي معبوده * يذكر الموقف في رعوده

 لسانه في موقع التلاوة * عين الحياة معدن الحلاوة

  وكيف لا وإنما لسانه * مهبط وحي الله جل شأنه

 لا بل لسانه لدى التلاوة * لسان غيب الله في الطلاوة

 تلاوة تفطر القلوبا * بالرعب بل تكاد أن تذوبا

  تلاوة تهابها الأملاك * تكاد تندك بها الأفلاك

 وكيف وهي من سماء العظمة * ومصدر الصحائف المعظمة

  تمثل الواجب في آياته * بل ذاته الأقدس في صفاته

 تمثل الشعائر المعظمة * تمثلا بكل معنى الكلمة

 تمثل العروج في الصلاة * إلى سماوات المكاشفات

  تمثل الجحيم في حروره * والخلد في حريره وحوره

 ومكرماته بلا الحصاء * جلت عن المديح والثناء

 الصبر والحلم  

وصبره الجميل في المصائب * وحلمه من أعجب العجائب

  ونال من ذوي القلوب القاسية * ما لا تطيقه الجبال الراسية

  شاهد بالطف من الفظائع * ما لا أمض منه في الفجائع

 كيف وفي مصارع الكرام * مصارع العقول والأحلام

 وكاد أن تقضي على حياته * وهو على ما هو من ثباته

 الفجائع المشهودة  

 شاهد رض هيكل التوحيد * بعاديات الشرك والجحود

  وهو يضعضع السماوات العلى * فهل ترى أعظم من هذا البلا

 شاهد رأس المجد والمعالي * على العوالي في يد الأنذال

 وأنه من أعظم الرزايا * على النبي سيد البرايا

 كيف وهذا الرأس رأس الدين * وهو مدار عالم التكوين

 وقبلة العقول والنفوس * ومطلع الأقمار والشموس

  رأى اضطرام النار في الخباء * وهو خباء العز والإباء

  رأى هجوم الكفر والضلالة * على بنات الوحي والرسالة

 رأى فرارهن في البيداء * وهو عليه أعظم الأرزاء

  شاهد في عقائل النبوة * ما ليس في شريعة المروة 

من نهبها وسلبها وضربها * ولا مجير قط غير ربها

 لقد رأى رب الحفاظ والإباء * حرائر المختار في أسر السباء

 شاهد سوق الخفرات الطاهرة * سوافر الوجوه لابن العاهرة

وقد رأى من الدعي بن الدعي * هتك المصونات بقول موجع

 دمشق والفوادح 

 وما رآه في دمشق الشام * أدهى من الكل على الإمام

 ومنه من عظم البلا لأجزعا * يا ليت أمي لم تلدني سمعا

 أتضرب الدفوف والطبول * وابن النبي رأسه محمول

 واتخذوا يوم المصاب عيدا * بغيا لكي يرضوا به يزيدا

 شاهد ربات خدور العصمة * مهتوكة بين لئام الأمة

  كأنهن من سبايا الروم * فياله من منظر مشوم

  رأى وقوف الطاهرات الزاكية * قبالة الرجس يزيد الطاغية

 وهن في الوثاق والحبال * في محشد الأوغاد والأنذال

 وقد رأى من ذلك الكفور * ما دونه الموت على الغيور

  كيف وقد شاهد مرشف النبي * يقرع بالعود فيا للعجب

شلت يد مدت إليه مدا * كادت له الأرض تهد هدا

  تلك الثنايا نقطة التوحيد * ومركز التجريد والتفريد

  ثغر به نمت حدود المعرفة * غدت رسومها به منكشفة

 ثغر به سدت ثغور الدين * تنكثه مخصرة اللعين

 لا بدع من طاغية الإلحاد * من أمه آكلة الأكباد

  وما رأى في نفسه من البلا * من عظمة تندك أطواد العلا 

كيف وأضحى قائد العباد * مصفدا يقاد في الأصفاد

وباسط اليدين بالعطاء * أصبح مغلولا بلا خطاء 

غلت يد الضلال والفساد * غلت يد المعروف والأيادي

 أيسحب المطلق في القيود * وهو مجرد عن الحدود

  أصبح قطب حلقة التوحيد * في حلق القيود من حديد

 وسيق جوهر الوجود المطلق * إلى ابن مرجانة ذلك الشقي

 ولا نسل عما رأى من الأذى * يا حبذا الموت المريح حبذا

الإمام عليه السلام يبكي 

 وما انقضى بكاءه حتى قضى * حياته وهو حليف للرضا 

وكيف لا يبكي وقد شاهد ما * بكت له عين السماء بالدما

 وكيف لا تبكي دما السما * وقد بكت سحائب القدس دما

  وفي ذرى العوالم العلوية * أقيمت المآتم الشجية

 ناهيك في ذلك لطم الحور * في جنة الحبور والسرور

 فكيف تنسى هذه الرزية * والوتر وتر سيد البرية

 إن يكن الموتور سيد الورى * فهل ترى أعظم منه هل ترى

يا لثارات الحسين عليه السلام

   أم هل ترى يذهب ثار المصطفى * هدرا ولا يطلب من أهل الجفا

 فلا ورب العرش هذا الثار * يطلبه المنتقم القهار 

على يد الحجة خاتم الحجج * من يفتح الله به باب الفرج

 فكل قلب بالأسى شجى * حتى يقوم القائم المهدي

  فانصره يا رب وخذ بثاره * واجعلني اللهم من أنصاره