العتبة العلوية المقدسة - المستنكرين لمقتل الامام علي عليه السلام -
» » سيرة الإمام » استشهاد الامام علي عليه السلام » بعد شهادة الامام علي عليه السلام » المستنكرين لمقتل الامام علي عليه السلام

 

المستنكرين لمقتل الامام علي عليه السلام

 

 

1- السماء تؤبن أمير المؤمنين

وكان للعوالم العلوية رأي في إستشهاد أمير المؤمنين أعلنته على لسان أحد وسائطها في الأرض فجاء العزاء تسلية لآل البيت  عليهم السلام   والمؤمنين خاصة .

عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه واله  قال : لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين عليه السلام إرتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبي  صلى الله عليه واله  وجاء رجل باكيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة .

حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليه السلام فقال :

رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا وأخوفهم لله وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسول الله  صلى الله عليه واله  وآمنهم على أصحابه وأفضلهم مناقب وأكرمهم سوابق وأرفعهم درجة وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه واله  وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه واله  وعن المسلمين خيرا ، قويت حين ضعف أصحابه وبرزت حين استكانوا ونهظت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه واله  إذ هم أصحابه وكنت خليفته حقا لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاقدين وحقد الفاسقين فقمت بالأمر حين فشلوا ونطقت حين تعتعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا فاتبعوك فهدوا وكنت أخفظهم صوتا وأعلاهم قنوتا وأقلهم كلاما وأصدقهم نطقا وأبرهم رأيا وأشجعهم قلبا وأشدهم يقينا وأحسنهم عملا وأعرفهم بالأمور كنت والله يعسوبا للدين أولا وآخرا الأول حين تفرق الناس والآخر حين فشلوا كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا وحفضت ما أضاعوا ورعيت ما أهملوا وشمرت إذ اجتمعوا وعلوت إذ هلعوا وصبرت إذ أسرعوا وأدركت أوتار ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا كنت على الكافرين عذابا صبا ونهبا وللمؤمنين عمدا وحصنا فطرت والله بنعمائها وفزت بجنانها وأحرزت سوابقها وذهبت بفضائلها لم تقلك حجتك ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخر ، كنت كالجبل لا تحركه العواصف وكنت كما قال ، امن الناس في صحبتك وذات يدك وكنت كما قال ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله متواضعا في نفسك عظيما عند الله كبيرا في الأرض جليلا عند المؤمنين لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز ولا لأحد فيك مطمع ولا لأحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء ، شأنك الحق والصدق والرفق وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وعزم ورأيك علم وعزم فيما فعلت وقد نهج السبيل وسهل العسير وأطفأت النيران واعتدل بك الدين وقوي بك الإسلام والمؤمنون وسبقت سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك تعبا شديدا فجللت عن البكاء وعظمت رزيتك في السماء وهدت مصيبتك الأنام فإنا لله وإنا إليه راجعون رضينا عن الله قضاءه وسلمنا منه أمره فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا ، كنت للمؤمنين كهفا وحصنا وقنه راسيا وعلى الكافرين غلظة وعذابا فألحقك الله بنبيه ولا أحرمنا أجرك ولا أخلتا بعدك . وأمسك القوم حتى انقضى كلامه وبكى وبكى أصحاب رسول الله  صلى الله عليه واله  ثم طلبوه فلم يصادفوه (1)فصار هذا الكلام زيارة له عليه السلام عند مقتله .

2- الإمام الحسن عليه السلام يقف عند والده

وبعد وفاته عليه السلام وقتل اللعين إبن ملجم خرج بن عباس t إلى الناس فقال

إن أمير المؤمنين عليه السلام قد توفي وقد ترك لكم خلفا فإن أحببتم خرج إليكم وإن كرهتم فلا أحد على أحد . فبكى الناس وقالوا : بل يخرج إلينا .

فخرج الإمام عليه السلام وعليه ثوب أسود  وأعتلى المنبر فأراد الكلام فخنقته العبرة فقعد ساعة ثم قام فقال :

الحمد لله الذي كان في أوليته وحدانيا في أزليته متعظما بالهيبة متكبرا في كبريائه وصدقه ابتدأ ما ابتدأ وأنشأ ما خلق على غير مثال كان سبق بما خلق ، ربنا اللطيف ربوبيته ، وبعلم خبره فتق ، وبأحكام قدرته خلق جميع ما خلق فلا مدرك لخلقه ولا مغير لصنعه ولا معقب لحكمه ولا راد لأمره ولامستراح عن دعوته خلق جميع ما خلق ولا زوال لملكه ولا انقطاع لمدته فوق كل شيء علا ومن كل شيء دنا فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى  

وهو بالمنظر الأعلى احتجب بنوره وسما بعلوه فاستترعن خلقه وبعث إليهم شهيدا عليهم وبعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيى عن بينة ويعقل العباد عن ربهم ما جهلوه فيعرفوه بربوبيته بعدما أنكروه والحمد لله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت وعند الله نحتسب عزائنا في أميرالمؤمنين عليه السلام ولقد أصيب به الشرق والغرب،الحمد لله على ما أحببنا وكرهنا وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له وإني أحتسب عند الله عز وجل مصابي بأفضل الآباء رسول اللهصلى الله عليه واله القائل:من أصيب بمصيبة فليتسل بمصيبته في فإنها أعظم المصائب ، يا أيها الناس لقد فارقكم الليلة رجل ما سبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون ، لقد كان رسول الله صلى الله عليه واله  يعطيه الراية [ يبعثه في السرية ] [ يبعثه البعث ] يقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع [ فماينثني ] حتى يفتح الله عليه ، والله لقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها وصي موسى عليه السلام يوشع بن نون وعرج به في الليلة التي فيها رفع عيسى بن مريم عليه السلام وفي الليلة التي أنزل فيها القرآن والله ما ترك ذهبا ولا فضة[ صفراء ولا بيضاء ]إلا شيئا على سبي له ، والله ما ترك في بيت المال إلا سبعمائة وخمسين درهما فضلت عن عطاءه أراد أن يشتري بها خادما لأم كلثوم ، ثم قال : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد  صلى الله عليه واله  ثم تلا هذه الآية قول يوسفعليه السلام :[ واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ]([1]) ثم أخذ في كتاب الله عز وجل فقال : أنا إبن البشير أنا إبن النذير وأنا إبن الداعي إلى الله بإذنه وأنا إبن السراج المنير وأنا إبن الطهر الذي أرسل رحمة للعالمين وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأنا من أهل البيت الذين افترض الله تعالى ولا يتهم ومودتهم فقال فيما أنزل على محمد صلى الله عليه واله  : [ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا]([2]) واقتراف الحسنة مودتنا([3])

خطبة اخرى :

ان الناس اتوا الحسن بن علي بعد وفاة علي عليه السلام ليبايعوه فقال

الحمد لله على ماقضى من امر وخص من فضل وعم من امر وجلل من عافية ، حمدا يتم به علينا نعمة ونستوجب به رضوانا، أن الدنيا دار البلاء وفتنة وكل مافيها الى زوال ، وقد نبأنا الله عنها كيما نعتبر ، فقدم الينا بالوعيد كي لايكون لنا حجة بعد الانذار فازهدوا فيما يفنى ، وارغبوا فيما يبقى ، وخافوا الله في السر والعلانية ان عليا عليه السلام في المحيا والممات والمبعث عاش بقدر ومات باجل واني ابايعكم على ان تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت ، فبايعوه على ذلك([4]).

ثم إن الحسن عليه السلام لما قام بالأمر بعد أمير المؤمنين اجتمع إليه أكابر أهل الكوفة وطلبوا منه أن يريهم من العجائب مثل ما كان يريهم أمير المؤمنين عليه السلام فجاء بهم إلى الدار ثم أدخلهم وكشف الستر وقال : أنظروا فنظروا فإذا أمير المؤمنين عليه السلام جالسا هناك فقال القوم نشهد أنك خليفة الله وهذا والله أسرار أمير المؤمنين التي كنا نراها منه([5])

3- عبد الله بن عباس

عن سليمان بن يسار قال : رأيت بن عباس [ رضي الله عنه ] لما توفي أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة وقد قعد في المسجد ووضع مرفقه على ركبته واسند به تحت خده وقال : أيها الناس إني قائل فاسمعوا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، سمعت رسول الله  صلى الله عليه واله  يقول :

إذا مات علي عليه السلام وأخرج من الدنيا ظهرت في الدنيا خصال لا خير فيها فقلت : وما هي يا رسول الله ؟

فقال صلى الله عليه واله  : تقل الأمانه وتكثر الخيانه حتى يركب الرجل الفاحشة وأصحابه ينظرون إليه والله لتضايق الدنيا بعده بنكبة، ألا وإن الأرض لم تخلوا مني ما دام علي عليه السلام حيا في الدنيا ، بقية من بعدي علي عليه السلام ، عوض من بعدي علي عليه السلام كلحمي علي عليه السلام ، عظمي علي عليه السلام ، كدمي علي عليه السلام ،علي أخي ووصيي في أهلي وخليفتي في قومي ومنجز عداتي وقاضي ديني ، قد صحبني علي في ملمات أمري ، وقاتل معي أحزاب الكفار ، وشاهدني في الوحي ، وأكل معي طعام الأبرار ، وصافحه جبرائيل مرارا نهارا جهارا وقبل جبرائيل خد علي اليسار ، وشهد جبريل وأشهدني أن عليا من الطيبين الأخيار ، وأنا أشهدكم معاشر الناس لا تتسألون عن علم أمركم ما دام علي فيكم فإذا فقدتموه فعند ذلك تقوم الآية [ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حيي عن بينة وإن الله سميع عليم]([6]) صدق الله وصدق نبي الله([7]).

وعن أبي صالح قال : لما قتل علي بن أبي طالب قال إبن عباس : هذا اليوم نقص العلم والفقه من أرض المدينة .

ثم قال : إن نقصان الأرض نقصان علماءها وخيار أهلها إن الله لا يقبض هذا العلم إنتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس رؤساء جهالا فيسألوا فيفتوا بغير علم فيضلوا([8])

 4 - عبد الله بن عمر

عن تفسير وكيع السعدي إن عبد الله بن عمر قرأ قوله تعالى [  أو لم يروا إنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ]([9]) .

يوم قتل أمير المؤمنين عليه السلام وقال: ولقد كنت يا أمير المؤمنين الطرف الأكبر في العلم اليوم نقص علم الإسلام ومضى ركن الإيمان  .

5- صعصعة بن صوحان العبدي

وقد حضر تشييع جثمان أمير المؤمنين عليه السلام ليلا من الكوفة إلى النجف فوقف على القبر ووضع إحدى يديه على فؤاده والأخرى أخذ بها التراب وضرب به رأسه ثم قال : بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين هنيئا لك يا أبا الحسن فلقد طاب مولدك وقوي صبرك وعظم جهادك وضفرت برئيك وربحت تجارتك وقدمت على خالقك فتلقاك ببشارته وخصتك ملائكته وأستقررت بجوار المصطفى  صلى الله عليه واله  وشربت بكأسه الأوفى فأسأل الله أن يمن علينا باقتفاء أثرك والعمل بسيرتك والموالاة لأوليائك والمعاداة لأعدائك وأن يحشرنا في زمرة أوليائك فلقد نلت ما لم ينله أحد وأدركت ما لم يدركه أحد وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده وقمت بالدين حق القيام حتى أقمت السنن وأبدت الفتن واستقام الإسلام وانتظم الإيمان فعليك مني أفضل الصلاة والسلام بك اعتدل ظهر المؤمن واتضحت أعلام السبل وأقيمت السنن وما اجتمع لأحد من مناقبك وخصالك سبقت إلى إجابة  النبي صلى الله عليه واله  مقدما مؤثرا وسارعت إلى نصرته ووقيته بنفسك ورميت سيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر فقصم الله بك كل جبار عنيد وذل بك كل ذي بأس شديد وهدمت كل حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والردى وقتل بك أهل الضلال من العدى فهنيئا لك يا أمير المؤمنين كنت أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه واله  قربى وأولهم مسلما وأكرمهم علما وفهما فهنيئا لك يا أبا الحسن لقد شرف الله قرباك كنت أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه واله  نسبا وأولهم إسلاما وأوفاهم نفعا وأشدهم قلبا وأبذلهم لنفسه مجاهدا وأعظمهم في الخير يقينا فلا حرمنا الله أجرك ولا زلنا بعدك فو الله لقد كانت حياتك مفتاح للخير ومفالق للشر وإن يومك هذا مفتاح كل شر ومقلاق كل خير ولو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة ([10])



([1])يوسف 38

([2])الشورى 23

([3])بشارة المصطفى ص 237 ، مناقب إبن المغازي ص 13

([4])التوحيد  ص378

([5])البحار 42/311 ، مشارق أنوار اليقين ص 110

([6])الأنفال /42

([7])مناقب آل أبي طالب ص 92

([8])عن الضحاك بن مزاحم قال : ذكر علي عليه السلام عند بن عباس بعد وفاته فقال : وا أسفا على أبي الحسن مضى والله ما غير ولا بدل ولا قصر ولا جمع ولا منع ولا آثر إلا الله ، لله لقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله ليث في الوغى بحر في المجالس حكيم في الحكماء وهيهات قد مضى إلى الدرجات العلى        بحار الأنوار 41/103 عن آمالي الصدوق .

([9])الرعد /41

([10])بحار الأنوار 42/295