كلماته عليه السلام في الأخلاق
1 - روى الصّدوق : عن أبي الحسن عليّ بن عبد الله الأسواري ، عن أحمد بن محمّد بن قيس ، عن عبد العزيز بن عليّ السّرخسيّ ، عن أحمد بن عمران البغداديّ قال : حدّثنا أبو الحسن قال : حدّثنا أبو الحسن قال : حدّثنا أبو الحسن قال : حدّثنا الحسن ، عن الحسن بن أبي الحسن البصريّ ، عن الحسن عليه السلام : أن أحسن الحسن الخلق الحسن . ثمّ قال الصّدوق : فأمّا أبو الحسن الأوّل : فمحمّد بن عبد الرّحيم التّستريّ . وأمّا أبو الحسن الثّاني : فعليّ بن أحمد البصريّ الّتمار . وأمّا أبو الحسن الثّالث : فعليّ بن محمّد الواقديّ . وأمّا الحسن الأوّل : فالحسن بن عرفة العبديّ . وأمّا الحسن الثّانيّ : فالحسن بن أبي الحسن البصريّ . وأمّا الحسن الثّالث : فالحسن بن عليّ بن أبي طالب ( عليهما السلام ) .
2 - قال ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم ابن السّمرقنديّ ، أنبأنا محمّد بن عليّ بن الحسين بن سكينة ، أنبأنا محمّد بن فارس بن محمّد الغوريّ ، أنبأنا محمّد بن جعفر بن أحمد العسكريّ ، أنبأنا عبد الله بن محمّد القرشيّ ، أنبأنا يوسف بن موسى ، أنبأنا أبو عثمان ، عن سهل ابن شعيب : عن قنّان النّهمي ، عن جعيد بن همدان أنّ الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) قال له : يا جعيد بن همدان إنّ النّاس أربعة : فمنهم من له خلاق وليس له خلق ، ومنهم من له خلق وليس له خلاق ، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق - فذاك أشرّ النّاس - ومنهم من له خلق وخلاق فذاك أفضل النّاس .
3 - قال السّبزواريّ : قال الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) : إنّ من أخلاق المؤمنين : قوّة في دين ، وكرماً في لين ، وحزماً في علم وعلماً في حلم ، وتوسعة في نفقة ، وقصداً في عبادة ، وتحرّجاً في طمع ، وبرّاً في استقامة ، لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحبّ ، ولا يدّعى ما ليس له ولا يجحد حقّاً هو عليه ، ولا يهمز ولا يلمز ولا يبغي ، متخشّع في الصّلاة ، متوسّع في الزّكاة ، شكورٌ في الرّخاء ، صابر عند البلاء ، قانع بالّذي له ، لا يطمح به الغيظ ولا يجمح به الشّح ، يخالط النّاس ليعلم ويسكت ليسلم ، يصبر إن بغي عليه ليكون إلهه الّذي يجزيه ينتقم له .
4 - روى الكلينيّ : عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن بعض أصحابه من العراقيّين رفعه قال : خطب النّاس الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) فقال : أيّها النّاس أنا أخبركم عن أخ لي كان من أعظم النّاس في عيني ، وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدّنيا في عينه ، كان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ولا يكثر إذا وجد ، كان خارجاً من سلطان فرجه فلا يستخفّ له عقله ولا رأيه ، كان خارجاً من سلطان الجهالة فلا يمدّ يده إلاّ على ثقة لمنفعة ، كان لا يتشهّى ولا يتسخّط ولا يتبرّم ، كان أكثر دهره صمّاتاً فإذا قال بذّ القائلين ، كان لا يدخل في مراء ولا يشارك في دعوى ولا يدلي بحجّة حتّى يرى قاضياً ، وكان لا يغفل عن إخوانه ولا يخصّ نفسه بشيء دونهم ، كان ضعيفاً مستضعفاً فإذا جاء الجدّ كان ليثاً عادياً ، كان لا يلوم أحداً فيما يقع العذر في مثله حتّى يرى اعتذاراً ، كان يفعل ما يقول ويفعل ما لا يقول ، كان إذا ابتزّه أمران لا يدرى أيّهما أفضل نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه ، كان لا يشكو وجعاً إلاّ عند من يرجو عنده البرء ولا يستشير إلاّ من يرجو عنده النصيحة ، كان لا يتبرّم ولا يتسخّط ولا يتشكّى ولا يتشهّى ولا ينتقم ولا يغفل عن العدوّ ، فعليكم بمثل هذه الأخلاق الكريمة إن أطقتموها فإن لم تطيقوها كلّها فأخذ القليل خير من ترك الكثير ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله .
5 - قال الإربليّ : ومن كلامه عليه السلام : يا بن آدم عفّ عن محارم الله تكن عابداً ، وارض بما قسم الله سبحانه تكن غنيّاً ، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً ، وصاحب النّاس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عدلاً ، إنّه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيراً ويبنون مشيّداً ويأملون بعيداً ، أصبح جمعهم بواراً وعملهم غروراً ومساكنهم قبوراً . يا بن آدم إنّك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك فخذ ممّا في يديك لما بين يديك فإنّ المؤمن يتزّود والكافر يتمتّع وكان عليه السلام يتلو بعد هذه الموعظة ( وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرِ الزَّادِ التَّقْوَى ) .
6 - قال الرّاونديّ : قال الحسن بن علىّ عليه السلام : عجب لمن يتفكّر في مأكوله كيف لا يتفكّر في معقوله فيجنّب بطنه ما يؤذيه ويودع صدره ما يرديه .
7 - قال الدّيلميّ : قال الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) : المصائب مفاتيح الأجر .
وقال عليه السلام : تجهل النّعم ما أقامت فإذا ولّت عرفت .
وقال عليه السلام : عليكم بالفكر فإنّه حياة قلب البصير ، ومفاتيح أبواب الحكمة .
وقال عليه السلام : أوسع ما يكون الكريم بالمغفرة إذا ضاقت بالمذنب المعذرة .
8 - قال اليعقوبيّ : دعا الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) بنيه وبني أخيه ، فقال : يا بنيّ وبني أخي ! إنّكم صغار قوم ، وتوشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم يرويه أو يحفظه ، فليكتبه وليجعله في بيته .
9 - قال الإربليّ : قال عليه السلام علّم النّاس وتعلّم علم غيرك ، فتكون قد أتقنت علمك وعلمت ما لم تعلم .
10 - وقال أيضاً : قال عليه السلام : حسن السؤال نصف العلم . حبّ الدّنيا
11 - قال الدّيلميّ : وقال الحسن عليه السلام : من أحب الدّنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه ، ومن ازداد حرصاً على الدّنيا لم يزدد منها إلاّ بعداً وازداد هو من الله بغضاً ، والحريص الجاهد ، والزّاهد القانع كلاهما مستوف أكله غير منقوص من رزقه شيئاً فعلام التّهافت في النّار والخير كلّه في صبر ساعة واحدة تورث راحة طويلة وسعادة كثيرة والنّاس طالبان : طالب يطلب الدّنيا حتّى إذا أدركها هلك وطالب يطلب الآخرة حتّى إذا أدركها فهو ناج فائز ، واعلم أيّها الرّجل أنّه لا يضرّك ما فاتك من الدّنيا وأصابك من شدائدها إذا ظفرت بالآخرة وما ينفعك ما أصبت من الدّنيا إذا حرمت الآخرة .
12 - قال المتّقيّ الهنديّ : روي عن الحسن بن عليّ عليهما السلام قال : من طلب الدّنيا قعدت به ، ومن زهد فيها لم يبال من أكلها ، الرّاغب فيها عبد لمن يملكها أدنى ما فيها يكفي ، وكلّها لا تغني ، من اعتدل يومه فيها فهو مغرور ، ومن كان يومه خيراً من غده فهو مغبون ، ومن لم يتفقّد النّقصان عن نفسه فانّه في نقصان ، ومن كان في نقصان فالموت خير له .
13 - روى الكلينيّ : عن أبي عبد الله الأشعريّ : عن بعض أصحابنا ، رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام في حديث : يا هشام . . . قال الحسن بن علىّ ( عليهما السلام ) : إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها قيل : يا بن رسول الله ومن أهلها ؟ قال : الّذين قصّ الله في كتابه وذكرهم فقال : ( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) قال : هم أولوا العقول .
14 - قال اليعقوبيّ : وقال الحسن : فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها ، وأشدّ من المصيبة سوء الخلق ، والعبادة انتظار الفرج . وقال الحسن : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا سأله أحد حاجة لم يردّه إلاّ بها وبميسور من القول . فضل قضاء حاجة المؤمن
15 - قال ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنبأنا أبو بكر البيهقيّ ، أنبأنا أبو بكر ابن شاذان ببغداد ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب بن سفيان ، أنبأنا عمرو بن خالد الأسديّ : أنبأنا أبو حمزة الثّمالي عن عليّ بن الحسين قال : خرج الحسن يطوف بالكعبة فقام إليه رجل فقال : يا أبا محمّد إذهب معي في حاجتي إلى فلان . فترك الطّواف وذهب معه ، فلمّا ذهب خرج إليه رجل حاسد للرّجل الّذي ذهب معه ، فقال : يا أبا محمّد تركت الطّواف وذهبت مع فلان إلى حاجته ؟ قال : فقال له الحسن عليه السلام : وكيف لا أذهب معه ؟ ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجّة وعمرة وإن لم تقض له كتبت له عمرة . فقد اكتسبت حجّة وعمرة ورجعت إلى طوافي .
16 - قال الدّيلميّ : روى ابن عبّاس قال : كنت مع الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) في المسجد الحرام - وهو معتكف به ، وهو يطوف بالكعبة - فعرض له رجل من شيعته ، فقال : يا بن رسول الله ، إنّ عليَّ ديناً لفلان ، فإن رأيت أن تقضيه عنّي . فقال : " وربّ هذه البنية ، ما أصبح عندي شيء " فقال : إن رأيت أن تستمهله عنّي ، فقد تهدّدني بالحبس . قال ابن عبّاس : فقطع الطّواف وسعى معه ، فقلت : يا بن رسول الله أنسيت أنّك معتكف ؟ فقال : " لا ولكن سمعت أبي عليه السلام يقول : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : من قضى لأخيه المؤمن حاجة ، كان كمن عبد الله تسعة آلاف سنة ، صائماً نهاره قائماً ليله "
17 - قال الصّدوق : روى ، عن ميمون بن مهران قال : كنت جالساً عند الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) فأتاه رجل فقال له : يا بن رسول الله إنّ فلاناً له عليَّ مال ويريد أن يحبسني فقال : والله ما عندي مال فأقضي عنك قال فكلّمه قال : فلبس عليه السلام نعله فقلت له : يا بن رسول الله أنسيت اعتكافك ؟ فقال له : لم أنس ولكنّي سمعت أبي عليه السلام يحدّث عن جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إنّه قال : من سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنّما عبد الله عزّوجلّ تسعة آلاف سنة صائماً نهاره قائماً ليله .
18 - قال ابن أبي جمهور : روى عن مولانا الحسن عليه السلام إنّه قال : إذا تعارض الإعتكاف والاشتغال بقضاء حوائج الإخوان نرجّحها عليه .
19 - قال اليعقوبيّ : وقيل للحسن : من أحسن النّاس عيشاً ؟ قال : من أشرك النّاس في عيشه . وقيل من شرّ النّاس عيشاً ؟ قال : من لا يعيش في عيشه أحد .
20 - روى الحرّانيّ : . . . عن الحسن عليه السلام إنّه قال : إعلموا أنّ الله لم يخلقكم عبثاً وليس بتارككم سُدى كتب آجالكم وقاسم بينكم معائشكم ليعرف كلّ ذي لبّ منزلته وأنّ ما قدّر له أصابه ، وما صرف عنه فلن يصيبه ، قد كفاكم مؤونة الدّنيا وفرّغكم لعبادته ، وحثّكم على الشّكر وافترض عليكم الذّكر ، وأوصاكم بالتّقوى ، وجعل التّقوى منتهى رضاه ، والتّقوى باب كلّ توبة ورأس كلّ حكمة وشرف كلّ عمل ، بالتّقوى فاز من فاز من المتّقين . قال الله تبارك وتعالى : ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً ) وقال : ( وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) فاتّقوا الله عباد الله واعلموا أنّه من يتّق الله يجعل له مخرجاً من الفتن ويسدّده في أمره ويهيّئ له رشده ويفلجه بحجّته ويبيّض وجهه ويعطه رغبته ، مع الّذين أنعم الله عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقاً .
21 - وقال الحرّانيّ : وسأله [ الحسن عليه السلام ] رجل أن يخيله قال : إيّاك أن تمدحني فأنا أعلم بنفسي منك أو تكذّبني فإنّه لا رأي لمكذوب أو تغتاب عندي أحداً ، فقال له الرّجل : إئذن لي في الانصراف ، فقال عليه السلام : نعم إذا شئت . وقال عليه السلام : إنّ من طلب العبادة تزكّى لها . إذا أضرّت النّوافل بالفريضة فارفضوها ، اليقين معاذ للسّلامة ، من تذكّر بعد السّفر إعتدّ ، ولا يغشّ العاقل من إستنصحه ، بينكم وبين الموعظة حجاب العزّة ، قطع العلم عذر المتعلّمين ، كلّ معاجل يسأل النّظرة ، وكلّ مؤجّل يتعلّل بالتّسويف . وقال عليه السلام : اتّقوا الله عباد الله وجدّوا في الطّلب وتجاه الهرب ، وبادروا العمل قبل مقطّعات النّقمات وهادم اللّذّات فإنّ الدّنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجيعها ولا تتوقّى مساويها ، غرور حائلٌ ، وسنادٌ مائل ، فاتّعظوا عباد الله بالعبر ، واعتبروا بالأثر ، وازدجروا بالنعيم ، وانتفعوا بالمواعظ ، فكفى بالله معتصماً ونصيراً ، وكفى بالكتاب حجيجاً وخصيماً ، وكفى بالجنّة ثواباً ، وكفى بالنّار عقاباً ووبالاً .
22 - وقال أيضاً : أيّها النّاس إنّه من نصح لله وأخذ قوله دليلاً هدى للّتي هي أقوم ووفّقه الله للرّشاد وسدّده للحسنى فإنّ جار الله آمن محفوظ وعدوّه خائف مخذول ، فاحترسوا من الله بكثرة الذّكر ، واخشوا الله بالتّقوى ، وتقرّبوا إلى الله بالطّاعة فإنّه قريب مجيب ، قال الله تبارك وتعالى : ( وَإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) فاستجيبوا لله وآمنوا به فإنّه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم ، فإنّ رِفعة الّذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا و ( عزّ ) الّذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللّوا ( له ) ، وسلامة الّذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له ، ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة ، ولا يضلّوا بعد الهدى ، واعلموا علماً يقيناً أنّكم لن تعرفوا التّقى حتّى تعرفوا صفة الهدى ، ولن تمسّكوا بميثاق الكتاب حتّى تعرفوا الّذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حقّ تلاوته حتّى تعرفوا الّذي حرّفه ، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتّكلّف ورأيتم الفرية على الله والتّحريف ورأيتم كيف يهوى من يهوى ، ولا يجهلنّكم الّذين لا يعلمون ، والتمسوا ذلك عند أهله ، فإنّهم خاصة نورٌ يستضاء بهم وأئمّة يقتدى بهم ، بهم عيش العلم وموت الجهل ، وهم الّذين أخبركم حلمهم عن جهلهم وحكم منطقهم عن صمتهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه ، وقد خلت لهم من الله سنّة ومضى فيهم من الله حكم ، إنّ في ذلك لذكرى للذّاكرين واعقلوه إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية ، فإنّ رواة الكتاب كثيرٌ ورعاته قليلٌ والله المستعان .
23 - قال الإربليّ : قال الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) : لا أدب لمن لا عقل له ولا مروّة لمن لا همّة له ، ولا حياء لمن لا دين له ، ورأس العقل معاشرة النّاس بالجميل ، وبالعقل تدرك الدّاران جميعاً ، ومن حرم من العقل حرمهما جميعاً . وقال عليه السلام : علّم النّاس علمك وتعلّم علم غيرك فتكون قد أتقنت علمك وعلّمت ما لم تعلم . وسئل عليه السلام عن الصّمت فقال : هو ستر الغي ، وزين العرض وفاعله في راحة ، وجليسه آمن . وقال عليه السلام : هلاك النّاس في ثلاث : الكبر والحرص والحسد ، فالكبر هلاك الدّين وبه لعن إبليس ، والحرص عدوّ النّفس وبه أخرج آدم من الجنّة والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل . وقال عليه السلام : لا تأت رجلاً إلاّ أن ترجوا نواله وتخاف يده أو يستفيد من علمه أو ترجو بركة دعائه أو تصل رحماً بينك وبينه .
24 - وروى أيضاً : قال عليه السلام : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يجود بنفسه لمّا ضربه ابن ملجم فجزعت لذلك فقال لي : أتجزع ؟ فقلت وكيف لا أجزع وأنا أراك على حالك هذه ؟ فقال عليه السلام : ألا أعلّمك خصالاً أربع إن أنت حفظتهنّ نلت بهنّ النّجاة ، وإن أنت ضيّعتهنّ فاتك الدّاران ، يا بنيّ لا غنى أكبر من العقل ، ولا فقر مثل الجهل ، ولا وحشة أشدّ من العجب ، ولا عيش ألذّ من حسن الخلق فهذه سمعت عن الحسن يرويها عن أبيه عليه السلام فأروها إن شئت في مناقبه أو مناقب أبيه .
25 - وروى أيضاً : إنّه عليه السلام قال : ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من حاسد وقال عليه السلام : اجعل ما طلبت من الدّنيا فلن تظفر به بمنزلة ما لم يخطر ببالك ، واعلم أنّ مروّة القناعة والرّضا أكثر من مروّة الإعطاء وتمام الصّنيعة خير من إبتدائها . وسئل عن العقوق فقال : ان تحرمهما وتهجرهما .
26 - روى المجلسيّ : إنّه عليه السلام قال : العقل حفظ قلبك ما استودعته ، والحزم أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك ، والمجد حمل المغارم وإبتناء المكارم ، والسّماحة إجابة السّائل وبذل النّائل ، والرّقّة طلب اليسير ومنع الحقير ، والكلفة التمسّك لمن لا يؤاتيك والنّظر بما لا يعنيك ، والجهل سرعته الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها ، والامتناع عن الجواب ، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة ، وإن كنت فصيحا . وقال عليه السلام : ما فتح الله عزّوجلّ على أحد باب مسألة فخزن عنه باب الإجابة ولا فتح الرّجل باب عمل فخزن عنه باب القبول ولا فتح لعبد باب شكر فخزن عنه باب المزيد . وقيل له عليه السلام كيف أصبحت يا بن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : أصبحت ولي ربّ فوقي ، والنّار أمامي ، والموت يطلبني ، والحساب محدق بي ، وأنا مرتهن بعملي لا أجد ما أحبّ ، ولا أدفع ما أكره ، والأمور بيد غيري فإن شاء عذّبني وإن شاء عفا عنّي فأيّ فقير أفقر منّي . وقال عليه السلام المعروف ما لم يتقدّمه مطل ولا يتبعه منّ والإعطاء قبل السّؤال من أكبر السّؤدد . وسئل عليه السلام عن البخل فقال : هو أن يرى الرّجل ما أنفقه تلفاً وما أمسكه شرفاً . وقال عليه السلام : من عدّد نعمه محق كرمه . وقال عليه السلام : الوحشة من النّاس على قدر الفطنة بهم . وقال عليه السلام : الوعد مرض في الجود والإنجاز دواؤه . وقال عليه السلام : الإنجاز دواء الكرم . وقال عليه السلام : لا تعاجل الذّنب بالعقوبة ، واجعل بينهما للاعتذار طريقاً . وقال عليه السلام : المزاح يأكل الهيبة وقد أكثر من الهيبة الصّامت . وقال عليه السلام : المسؤول حرّ حتّى يعد ، ومسترق المسؤول حتّى ينجز . وقال عليه السلام : المصائب مفاتيح الأجر . وقال عليه السلام : النّعمة محنة فإن شكرت كانت نعمة ، فإن كفرت صارت نقمة . وقال عليه السلام : الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود . وقال عليه السلام : لا يعرف الرّأي إلاّ عند الغضب . وقال عليه السلام : من قلّ ذلّ وخير الغنى القنوع ، وشرّ الفقر الخضوع . وقال عليه السلام : كفاك من لسانك ما أوضح لك سبيل رشدك من غيّك .
27 - قال ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم ، أنبأنا أبو الحسن رشاء بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، أنبأنا محمّد بن موسى ، أنبأنا محمّد ابن الحارث عن المدائنيّ : قال : قال معاوية للحسن بن عليّ بن أبي طالب ما المروءة يا أبا محمّد ؟ فقال : فقه الرّجل في دينه وإصلاح معيشته وحسن مخالقته . قال : فما النّجدة ؟ قال : الذّبّ عن الجار والإقدام على الكريهة ، والصّبر على النّائبة . قال : فما الجود ؟ قال : التّبرّع بالمعروف ، والإعطاء قبل السّؤال والإطعام في المحل .
28 - وقال أيضاً : أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، أنبأنا أبو محمّد الحسن بن عليّ ، أنبأنا أبو عمر بن حيويه ، أنبأنا محمّد بن خلف بن المرزبان ، أنبأنا أحمد بن منصور - وليس بالرماديّ - أنبأنا العتبيّ ، قال : سأل معاوية الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) عن الكرم والمروءة ؟ ! فقال الحسن عليه السلام : أمّا الكرم فالتّبرّع بالمعروف ، والإعطاء قبل السّؤال ، والإطعام في المحل ، وأمّا المروءة فحفظ الرّجل دينه وإحراز نفسه من الدّنس وقيامه بضيفه وأداء الحقوق وإفشاء السّلام .
29 - وقال أيضاً : أخبرنا أبو القاسم ابن السّمرقنديّ ، أنبأنا أبو الحسين ابن النّقور ، وأبو منصور ابن العطّار ، قالا : أنبأنا أبو طاهر المخلص ، أنبأنا أبو محمّد عبيد الله بن عبد الرّحمن ، أنبأنا أبو يعلى زكريّا بن يحيى ، أنبأنا الأصمعيّ ، أخبرني عيسى بن سليمان ، قال : سأل معاوية الحسن بن عليّ عن الكرم والنّجدة والمروءة ؟ فقال الحسن : الكرم : التّبرّع بالمعروف والعطاء قبل السّؤال ، وإطعام الطّعام في المحل . وأمّا النّجدة : فالذّبّ عن الجار والصّبر في المواطن ، والإقدام عند الكريهة . وأمّا المروءة : فحفظ الرّجل دينه وإحراز نفسه من الدّنس وقيامه بضيفه وأداء الحقوق وإفشاء السّلام .
30 - وقال الصّدوق : حدّثنا أبي ( رحمه الله ) قال حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن حفص الجوهريّ ولقبه القرشيّ ، عن رجل من الكوفيّين من أصحابنا يقال له : إبراهيم قال : سئل الحسن عليه السلام عن المروءة فقال : العفاف في الدّين ، وحسن التّقدير في المعيشة ، والصّبر على النّائبة .
31 - قال اليعقوبيّ : وقال معاوية للحسن عليه السلام : يا أبا محمّد ثلاث خصال ما وجدت من يخبرني عنهنّ . قال : وما هنّ ؟ قال : المروّة ، والكرم ، والنّجدة . قال أمّا المروّة فإصلاح الرّجل أمر دينه ، وحسن قيامه على ماله ، ولين الكفّ ، وإفشاء السّلام والتحبّب إلى النّاس ، والكرم العطيّة قبل السّؤال ، والتّبرّع بالمعروف ، والإطعام في المحل ، ثمّ النّجدة الذّبّ عن الجار ، والمحاماة في الكريهة ، والصّبر عند الشّدائد .
32 - وقال أيضاً : قال جابر : سمعت الحسن يقول : مكارم الأخلاق عشر : صدق اللّسان ، وصدق البأس ، وإعطاء السّائل ، وحسن الخلق ، والمكافأة بالصّنائع ، وصلة الرّحم ، والتّذمّم على الجار ، ومعرفة الحقّ للصّاحب ، وقرى الضّيف ، ورأسهنّ الحياء .
33 - قال الطّبرانيّ : حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرميّ ، حدّثنا عليّ بن المنذر الطريقيّ ، حدّثنا عثمان بن سعيد الزّيّات ، حدّثنا محمّد بن عبد الله أبو رجاء الحبطيّ التّستريّ ، حدّثنا شعبة بن الحجّاج ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث إن عليّاً ( عليه السلام ) سأل ابنه الحسن بن عليّ (عليه السلام) عن أشياء من أمر المروءة فقال : يا بنيّ ما السّداد ؟ قال : يا أبه السّداد دفع المنكر بالمعروف . قال : فما الشّرف ؟ قال : اصطناع العشيرة وحمل الجريرة وموافقة الإخوان وحفظ الجيران . قال : فما المروءة ؟ قال : العفاف وإصلاح المال . قال : فما الدّقّة ؟ قال : النّظر في اليسير ومنع الحقير . قال : فما اللّؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وبذله عرسه . قال : فما السّماحة ؟ قال : البذل من العسير واليسير . قال : فما الشُّحّ ؟ قال : أن ترى ما أنفقته تلفاً . قال : فما الإخاء ؟ قال : المواساة في الشّدة والرّخاء . قال : فما الجبن ؟ قال : الجرأة على الصّديق والنّكول عن العدوّ . قال : فما الغنيمة ؟ قال : الرّغبة في التّقوى ، والزهادة في الدّنيا هي الغنيمة الباردة . قال : فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ وملك النّفس . قال : فما الغنى ؟ قال : رضى النّفس بما قسم الله تعالى لها وإن قلّ ، وإنّما الغنى غنى النّفس . قال : فما الفقر ؟ قال : شّره النّفس في كلّ شيء . قال : فما المنعة ؟ قال : شدّة البأس ، ومنازعة أعزّاء النّاس . قال : فما الذّلّ ؟ قال : الفزع عند المصدوقة [ الصدمة ] . قال : فما العيّ ؟ قال : العبث باللّحية وكثرة البزق عند المخاطبة . قال : فما الجرأة ؟ قال : موافقة الأقران . قال : فما الكلفة ؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك . قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغرم وتعفو عن الجرم . قال : فما العقل ؟ قال : حفظ القلب كلّما استوعيته . قال : فما الخرق ؟ قال : معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك . قال : فما حسن الثّناء ؟ قال : إتيان الجميل وترك القبيح . قال : فما الحزم ؟ قال : طول الأناة والرّفق بالولاة . قال : فما السّفه ؟ قال : إتّباع الدناءة ومصاحبة الغواة . قال : فما الغفلة ؟ قال : تركك المسجد ، وطاعتك المفسد . قال : فما الحرمان ؟ قال : تركك حظّك وقد عرض عليك .
قال : فما المفسد ؟ قال : الأحمق في ماله المتهاون في عرضه .
34 - روى الكلينيّ : عن محمّد بن الحسن ؛ وعليّ بن محمّد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق النّهاونديّ ، عن عبد الرّحمن بن حمّاد ، عن أبي مريم الأنصاريّ رفعه قال : إنّ الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) خرج من الحمّام فلقيه إنسان فقال : طاب استحمامك فقال : يا لكع وما تصنع بالأست ههنا فقال : طاب حميمك فقال : أما تعلم أنّ الحميم العرق ؟ قال : فطاب حمامك ، قال : وإذا طاب حمامي فأيّ شيء لي ؟ ولكن قل : طهر ما طاب منك وطاب ما طهر منك .
35 - قال الإربليّ : وقال [ الحسن ] عليه السلام : التّبرّع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال من أكبر السّؤدد . وسئل عن البخل فقال : هو أن يرى الرّجل ما أنفقه تلفاً وما أمسكه شرفاً ؟ .
36 - روى المجلسيّ : عن الحسن بن عليّ عليه السلام قال : المعروف ما لم يتقدّمه مطل ولم يتعقّبه منّ ، والبخل أن يرى الرّجل ما أنفقه تلفاً وما أمسكه شرفاً وقال عليه السلام : من عدّد نعمه محق كرمه وقال عليه السلام : الإنجاز دوام الكرم .
37 - قال الصّدوق : قال أبي ( رحمه الله ) حدّثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، قال : حدّثني العونيّ الجوهريّ ، عن إبراهيم الكوفيّ ، عن رجل من أصحابنا رفعه ، قال : سئل الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) عن العقل فقال : التّجرّع للغصّة ومداهنة الأعداء .
38 - قال الحرّانيّ : وسئل عن المروءة ؟ فقال عليه السلام : شحّ الرّجل على دينه ، وإصلاحه ماله ، وقيامه بالحقوق . وقال عليه السلام : إنّ أبصر الأبصار ما نفذ في الخير مذهبه ، وأسمع الأسماع ما وعى التّذكير وانتفع به . وأسلم القلوب ما طهر من الشّبهات .
39 - قال الصّدوق : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق - ( رضي الله عنه ) - قال : حدّثنا محمّد بن سعيد بن يحيى البزوفريّ ، قال : حدّثنا إبراهيم بن الهيثم [ عن أميّة ] البلديّ ، قال : حدّثنا أبي ، عن المعافا بن عمران ، عن إسرائيل ، عن المقدام بن شريح بن هانىء ، عن أبيه شريح ، قال : سأل أمير المؤمنين عليه السلام ابنه الحسن بن عليّ فقال : يا بنيّ ما العقل ؟ قال : حفظ قلبك ما إستودعته . قال : فما الحزم ؟ قال : أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك . قال : فما المجد ؟ قال : حمل المغارم وإبتناء المكارم . قال : فما السّماحة ؟ قال : إجابة السّائل وبذل النّائل . قال : فما الشحّ ؟ قال : أن ترى القليل سرفاً وما أنفقت تلفاً . قال : فما الرّقّة ؟ قال : طلب اليسير ومنع الحقير . قال فما الكلفة ؟ قال الّتمسّك بمن لا يؤمنك والنّظر فيما لا يعنيك . قال : فما الجهل ؟ قال : سرعة الوثوب على الفرصة قبل الإستمكان منها والامتناع عن الجواب ، ونعم العون الصّمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحاً . . .
40 - قال الدّيلميّ : وروى أنّ الحسن بن علىّ ( عليهما السلام ) قال في خطبة له : إعلموا أنّ العقل حرز والحلم زينة والوفاء مروءة والعجلة سفه والسّفه ضعف ، ومجالسة أهل الدّنيا شين ، ومخالطة أهل الفسوق ريبة ، ومن استخف بإخوانه فسدت مروءته ولا يهلك إلاّ المرتابون وينجو المهتدون الّذين لم يتّهموا الله في آجالهم طرفة عين ولا في أرزاقهم فمروتهم كاملة وحياؤهم كامل يصبرون حتّى يأتي لهم الله برزق ولا يبيعون شيئاً من دينهم ومروءتهم بشيء من الدّنيا ، ولا يطلبون منه شيئاً منها بمعاصي الله ، ومن عقل المرء [ و ] مروءته أن يسرع إلى قضاء حوائج إخوانه ، وإن لم ينزلوها به والعقل أفضل ما وهبه الله تعالى للعبد إذ به نجاته في الدّنيا من آفاتها وسلامته في الآخرة من عذابها .
41 - قال المجلسيّ : قال الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) إذا سمعت أحداً يتناول أعراض النّاس فاجتهد أن لا يعرفك فإنّ أشقى الأعراض به معارفه .
42 - قال الحرّانيّ : قال [ الحسن ] : ما تشاور قوم إلاّ هدوا إلى رشدهم . وقال عليه السلام : اللّؤم أن لا تشكر النّعمة . وقال عليه السلام لبعض ولده : يا بنيّ لا تؤاخ أحداً حتّى تعرف موارده ومصادره فإذا استنبطت الخبرة ورضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة . وقال عليه السلام : لا تجاهد الطّلب جهاد الغالب ولا تتّكل على القدر إتّكال المستسلم فإنّ ابتغاء الفضل من السّنّة ، والإجمال في الطّلب من العفّة وليست العفّة بدافعة رزقاً ولا الحرص بجالب فضلاً ، فإنّ الرّزق مقسوم واستعمال الحرص استعمال المأثم .
43 - وقال أيضاً : قال عليه السلام : من اتّكل على حسن الاختيار من الله له لم يتمنّ أنّه في غير الحال الّتي اختارها الله له . وقال عليه السلام : العار أهون من النّار . وقال عليه السلام : الخير الّذي لا شرّ فيه : الشّكر مع النّعمة والصّبر على النّازلة . وقال عليه السلام لرجل أبلّ من علة : إنّ الله قد ذكرك فاذكره وأقالك فاشكره . وقال عليه السلام عند صلحه مع معاوية : إنّا والله ما ثنانا عن أهل الشّام [ شكّ ولا ندم إنّما كنّا نقاتل أهل الشّام ] بالسّلامة والصّبر ، فسلبت السّلامة بالعداوة والصّبر بالجزع وكنتم في منتدبكم إلى صفّين ودينكم أمام دنياكم ، وقد أصبحتم اليوم و دنياكم أمام دينكم . وقال عليه السلام : ما أعرف أحداً إلاّ وهو أحمق فيما بينه وبين ربّه .
44 - قال الفتّال النّيسابوريّ : قال أبو ليلى : شيّعنا الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) فلمّا ذهبنا ننصرف قلنا له أوصنا قال : إتّقوا الله وإيّاكم والطّمع فإنّ الطّمع يصير طبعاً . السّلام قبل الكلام
45 - قال الإربليّ : قال عليه السلام : من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه . عون الظّالم
46 - قال الدّيلميّ : قال الحسن عليه السلام : لقد أصبحت أقوام كانوا ينظرون إلى الجنّة ونعيمها والنّار وجحيمها ، يحسبهم الجاهل مرضى وما بهم مرض ، أو قد خولطوا وإنّما خالطهم أمر عظيم خوف الله ومهابته في قلوبهم ، كانوا يقولون ليس لنا في الدّنيا من حاجة ، وليس لها خلقنا ولا بالسّعي لها أمرنا ، أنفقوا أموالهم وبذلوا دماءهم واشتروا بذلك رضى خالقهم ، علموا أن الله اشترى منهم أموالهم وأنفسهم بالجنّة فباعوه وربحت تجارتهم وعظمت سعادتهم وأفلحوا وأنجحوا ، فاقتفوا آثارهم - رحمكم الله - واقتدوا بهم ، فإنّ الله تعالى وصف لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) صفة آبائه إبراهيم وإسماعيل وذرّيّتهما وقال : فبهداهم إقتده ، واعلموا عباد الله أنّكم مأخوذون بالاقتداء بهم والإتّباع لهم فجدّوا واجتهدوا واحذروا أن تكونوا أعواناً للظّالم فإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : من مضى مع ظالم يعينه على ظلمه فقد خرج من ربقة الإسلام ، ومن حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله فقد حادّ الله ورسوله ، ومن أعان ظالماً ليبطل حقّاً لمسلم فقد برئ من ذمّة الإسلام وذمّة الله وذمّة رسوله ومن دعا لظالم بالبقاء فقد أحبّ أن يعصى الله ، ومن ظلم بحضرته مؤمن أو أغتيب وكان قادراً على نصره ولم ينصره فقد باء بغضب من الله ومن رسوله ، ومن نصره فقد استوجب الجنّة من الله تعالى ، وإنّ الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : قل لفلان الجبّار إنّي لم أبعثك لتجمع الدّنيا على الدّنيا ولكن لتردّ عنّي دعوة المظلوم وتنصره ، فإنّي آليت على نفسي أن أنصره وأنتصر له ممن ظلم بحضرته ولم ينصره .
47 - روى الكلينيّ : عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابه ، عن صالح بن عقبه ، عن سليمان بن زياد الّتميميّ ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) القريب من قرّبته المودّة وإن بعد نسبه ، والبعيد من بعّدته المودّة وإن قرب نسبه ، لا شيء أقرب إلى شيء من يد إلى جسد وإنّ اليد تغلّ فتقطع وتقطع فتحسم . ثواب عيادة المريض
48 - روى الطّوسيّ : عن أبيه ، عن حمويه بن عليّ البصريّ ، عن محمّد بن بكر ، عن الفضل بن حباب ، عن محمّد بن كثير ، عن شعبة ، عن الحكم بن عبد الله بن نافع أنّ أبا موسى عاد الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) فقال الحسن عليه السلام : أعائداً جئت أو زائراً ؟ فقال : عائداً ، فقال : ما من رجل يعود مريضاً ممسيا إلاّ خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتّى يصبح وكان له خريف في الجنّة .
49 - روى الكليني : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن بكر بن صالح عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال : هنّأ رجل رجلاً أصاب إبناً فقال يهنّئك الفارس فقال له الحسن عليه السلام : ما علمك يكون فارساً أو راجلاً ؟ قال : جعلت فداك فما أقول قال : تقول : شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب وبلغ أشدّه ورزقك برّه .
50 - وروى أيضاً : عن عليّ بن محمّد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حمّاد ، عن أبي مريم الأنصاريّ ، عن أبي برزة الأسلميّ قال : ولد للحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) مولود ، فأتته قريش فقالوا : يهنّئك الفارس فقال : وما هذا من الكلام ؟ قولوا : شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب وبلغ الله به أشدّه ورزقك برّه .
51 - روى الطّوسيّ : عن المفيد ، عن محمّد بن محمّد بن طاهر ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن الحسن بن محمّد ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : كتب إلى الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) قوم من أصحابه يعزّونه عن ابنة له ، فكتب إليهم : أمّا بعد : فقد بلغني كتابكم تعزّوني بفلانة ، فعند الله أحتسبها تسليماً لقضاءه ، وصبراً على بلاءه ، فإن أوجعتنا المصائب ، وفجّعتنا النوائب بالأحبّة المألوفة الّتي كانت بنا حفيّة ، والإخوان المحبّين الّذين كان يسرّ بهم النّاظرون وتقرّ بهم العيون . أضحوا قد اخترمتهم الأيّام ونزل بهم الحمام ، فخلّفوا الخلوف ، وأودت بهم الحتوف ، فهم صرعى في عساكر الموتى ، متجاورون في غير محلّة التّجاور ، ولا صلاة بينهم ولا تزاور ، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم ، أجسامهم نائية من أهلها خالية من أربابها ، قد أخشعها إخوانها فلم أر مثل دارها داراً ، ولا مثل قرارها قراراً في بيوت موحشة ، وحلول مضجعة ، قد صارت في تلك الدّيار الموحشة ، وخرجت عن الدّار المؤنسة ، ففارقتها من غير قلىً ، فاستودعتها للبلاء ، وكانت أمة مملوكة ، سلكت سبيلاً مسلوكة صار إليها الأوّلون ، وسيصير إليها الآخرون والسّلام .