العتبة العلوية المقدسة - الحسين كتاب الله التكويني -
» سيرة الإمام » » اولاد الامام علي عليه السلام » سيرة الامام الحسين عليه السلام » الامام الحسين باقلام اعلام الامة » الحسين كتاب الله التكويني

 

 

 

 

الحسين كتاب الله التكويني

 

 

 

 

 

                                بقلم: الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

 

 

جرت عادة الصحف منذ سنوات أن تفرد عدداً خاصاً في الحسين سلام الله عليه عند رأس السنة مستهل محرم من كل عام فيستنهضون أقلام الكتاب ويشحذون عزائمهم لتحبير المقالات فيأخذ كل كاتب أو شاعر أو خطيب ناحية من نواحي واقعة الطف ويكتب فيها حسبما تملي عليه قريحته وثوابت قدرته. وكنا كتبنا في فواتح عدة من الصحف في مستهل السنوات الغابرة ما لو جمع لجاء مؤلفاً مستقلاً وكتاباً فذاً، أما لو جمع ما كتبه العلماء والأدباء والشعراء والخطباء في تلك الفاجعة نعم لو جمع كل ما قيل في تلك الفاجعة الدامية من بدء حدوثها الى اليوم لاستوعب الوف الكتب والمؤلفات وبرزت من دائرة معارف كبرى لم يأت لها الدهر بنظير، وليس هذا هو الغرض من كلمتي هذه وإنما المقصود بالبيان – أن نهضة الحسين عليه السلام على كثرة ما نظم فيها الشعراء مما يجمع مئات الدواوين وأكثر منها الخطب والمقالات والوف المؤلفات – هل ترى أن كل ذلك وجميع أولئك أحاطوا بكل مزاياها، وأحصوا جميع خصائصها وخفاياها، ووصلوا الى كنه اسرارها وعجائبها كلا فإن أسرار تلك الشهادة ومزاياها لا تزال تتجدد بتجدد الزمان وتطلع كل يوم على البشر طلوع الشمس والفجر لا ينتهي أمرها ولا ينطفئ نورها ولا يحد سورها، ولعل أقرب مثل يضرب للحسين (عليه السلام) هو كتاب الله المجيد فإن هذا الفرقان المحمدي على كثرة تفاسيره وشرح نكاته ودقائقه وغوامض حقايقه وأعجازه وبلاغته،، وباهر فصاحته وبراعته. لا يزال كنزاً مخفياً ولا تزال محاسنه تتجدد وأسراره تتجلى وفي كل عصر وزمان يظهر للمتأخر من إشاراته ومغازيه ما لم يظهر للمتقدم فكأنه يتجدد مع الدهر ويتطور بتطور الزمان نعم القرآن كتاب الله التدويني والحسين ( كتاب الله التكويني) وكل من الكتابين صنع ربوبي، ولكن الحسين والقرآن صنعهما الله للتحدي والاعجاز، وما تحدى الله بصنعه يعجز البشر عن الإحاطة به وإستيعاب مزاياه وأسراره وبدايع أحكامه وحكمته، القرآن يملي على البشر في كل زمان  اسرار الكون وخبايا الطبيعة ودقائق الفطرة، ونهضة الحسين (عليه السلام) في كل محرم من كل سنة بل في كل سنة تملي على الكائنات عجايب التضحية وغرايب الإقدام والثبات ومقاومة الظلم ومحاربة الظالم، تلقى على العالم دروس العزة والأباء والاستهانة بكل عزيز من نفس أو مال في سبيل نصرة الحق وقمع الباطل والدفاع عن المبدء والعقيدة يلقي على الواعين دروس الأخلاق الفاضلة، والانسانية الكاملة والسجايا العالية والملكات الزاكية وكل ما جاء به القرآن والسنة من الخلق العظيم والنهج القويم لكن جاء بها القرآن قولاً وطبقها الحسين(عليه السلام) عملاً وابرزها للناس يوم الطف عياناً، أتريد أن تتعرف بناحية مما صنع الحسين يوم الطف أنظر الى الكتاب الكريم فإن أقصى ما طلبه من العباد في باب الجهاد هو الجهاد بالنفس ) جاهدوا بأموالكم وأنفسكم ( والحسين سلام الله عليه لم يقنع بهذا حتى جاهد بماله ونفسه وأولاده وعياله وأطفاله والصفوة من صحبه وأسرته، صنع الحسين يوم الطف صنع العاشق الولهان فضحى في سبيل معشوقه كلما عزَّ وهان، كان الله أعز شيء عند الحسين فأعزه الله وصار ثار الله في الأرض والوتر الموتور.

 

 

نعم قلنا ولا نزال نقول إن نهضة الحسين (عليه السلام) لا تحصى أسرارها ولا تنطفئ أنوارها ولا تنتهي عجائبها.

 

 

وعلى افتتان الواصفين بوصفه      يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف

 

فصلوات الله عليك ( أبا عبد الله) وعى نهضتك المقدسة التي حيرت الافكار وأذهلت العقول، وأدهشت الألباب، وأعجزت عن الإحاطة بها كل كاتب وكتاب، على مر الدهور وتمادي الأحقاب